من طرف 
تحت" بتلك الكلمات بدأ ثوار التحرير العمل على بناء مصر مرةً أخرى، بعد أن
دمَّرها الرئيس المخلوع مبارك ونظامه الفاسد خلال ثلاثين عامًا عانى فيها
الشعب المصري من فساده وطغيانه, متخذين في ذلك العديد من الشعارات الأخرى،
مثل: "اليوم هأبدأ أبني بلدي", بالإضافة إلى العديد من الشعارات الأخرى،
مثل: "لن ألقي قمامة بالشارع" و"لن أدفع رشوة"، وغير ذلك.
وبدأ الشباب في تنظيف ميدان التحرير بعد الاحتفالات التي استمرت
حتى الفجر؛ ليبدأ بعد ذلك الثوار في صلاة الفجر والعمل على تنظيف الميدان
مرةً أخرى ودهان الحوائط وأرصفة الشوارع, وإزالة الشعارات من على الجدران
وإصلاح الزجاج, وذلك حتى شارع مجلس الشعب والشورى، ومرورًا بمنطقة سعد
زغلول, في الوقت الذي بدأ فيه العمل على نظافة الشوارع في منطقة الهرم
والمهندسين والعديد من المناطق الأخرى.
تقول سلسبيل عفت (بكلية الآداب) إن اليوم هو بداية العمل لصالح
الوطن والحفاظ عليه, والمساعدة في حمايته ونظافته, كما أرادت اليوم أن تثبت
لجميع من قام بالتشكيك في المتظاهرين واتهامهم بالتخريب, أن ثورة الشباب
كانت في المقام الأول لصالح بلادنا، كما أنها كانت ولا تزال سلمية.
د. شادي طلعت (أحد المشاركين في نظافة الشوارع) قال إن الثورة
قامت بخلق حالة من الإيجابية الشديدة لدى المتظاهرين، كما قامت بتغيير
سلوكيات المشاركين فيها, بالإضافة إلى جمع المصريين تحت هدف واحد, لذلك لا
بد من استغلال تلك الإيجابيات التي أنتجتها الثورة ونبذ السلبية تمامًا
والعمل على إعادة بناء مصر مرةً أخرى.
وفي شارع مجلس الشعب بدأ وائل توفيق في تعبئة الأكياس السوداء
الخاصة بالقمامة، ووضعها بجانب الأسوار، في انتظار سيارات النقل التي سوف
تقوم بنقلها بعد أن تمَّ إبلاغها بذلك, ويقول: "البلد لازم ننضفها من كل
حاجة مش نضيفة فيها".
"إحنا لازم نبدأ بنفسنا أولاً" بتلك الكلمات بدأت هديل أحمد
(الطالبة بالفرقة الثالثة بكلية طب القاهرة) حديثها عن نظافة الشوارع
وكنسها, مضيفةً أن أحد مكاسب الثورة هي عملية التغيير التي حدثت في سلوكيات
المتظاهرين, مشيرةً إلى أن روح الانتماء وحب الوطن كانت موجودة منذ
البداية، إلا أننا لم نكن نشعر قبل ذلك بأننا تعيش في بلادنا.
ويضيف يوسف سيد (طالب بالفرقة الخامسة بكلية طب القاهرة)،
قائلاً: "الثورة طلعت فينا اللي الحاجات الكويسة اللي كانت جوانا"، كما أن
ميدان التحرير قد علَّمنا النظام على مدار الثلاثة أسابيع الماضية, موضحًا
أن الأمر كان بالنسبة لثوار التحرير تحديًا من نوع خاص؛ حتى نمحو الصورة
السيئة التي تسبَّب النظام في رسمها عن الشعب المصري الذي تحرَّك بناءً على
أجندة وطنية وكنتيجة لاتفاق تلقائي بين المصريين؛ نتج منه تلك الصورة
الجميلة, مؤكدًا أن الشعب المصري صبور جدًّا ولكنه لم ينسَ حقوقه وواجباته.
ويؤكد محمد عاصم (طالب بمودرن أكاديمي) أن المتظاهرين تجمعوا
على هدف واحد, وأن ما يحركهم اليوم نفس الهدف الذي تجمعوا من أجله، مضيفين
أنه لم توجد قبل يوم 25 يناير أي شيء يجمع المصريين معًا للعمل على خدمة
بلادهم حتى حققت الثورة ما عجزت عنه الوسائل والدعوات الأخرى عن أن تحققه,
مشددين على أنهم استطاعوا تغيير النظام, كما أنهم قادرون على إحداث نفس
التغيير على مستوى مصر، بداية من نظافة شوارعها وحتى تغيير جميع السلوكيات
الخاطثة.
ويوضح سعودى محمد عيد (خريج جامعي وأحد المشاركين في نظافة
الشوارع) أن مصر قبل 25 يناير مختلفة تمامًا عن ما بعد تلك الفترة؛ حيث إن
الشعب المصري كان يشعر دائمًا أن مصر ليست وطنه نتيجة المعاناة والظلم
الشديد وحجم الفساد الذي طال المؤسسات؛ الأمر الذي يدفعه للتفكير دائمًا:
لماذا يجهد نفسه لعمل شيء؟!