قالت "الدعوة السلفية" في الإسكندرية أنها اتخذت قراراً بـ"المشاركة
الايجابية في العملية السياسية"، وأضافت في بيان رسمي لها الثلاثاء 22 مارس
2011 أنها "بصدد تحديد الخيار المناسب لصورة هذه المشاركة".
جاء هذا القرار غير المسبوق في تاريخ أكبر الجماعات السلفية في مصر، في ضوء
"المتغيرات الجديدة" التي أوجدتها ثورة الـ 25 من يناير، وكان للدعوة
السلفية قبل الثورة موقف قاطع من الانخراط في العملية السياسية في البلاد
متمثل في الرفض التام لأي مشاركة من قبلهم، بسبب الموقف العدائي للإسلاميين
الذي اتخذه نظام الرئيس مبارك، ورفض السلفيين لدخول المعترك السياسي في
ضوء هيمنة "الديمقراطية" كنظرية غربية حاكمة لآليات العمل السياسي في مصر.
وجاء القرار الجديد على ما يبدو بعد مخاض عسير وفي ظل مشاورات ومحاورات طويلة دارت بين شيوخ الدعوة السلفية.
لكن لم يحدد البيان المقتضب الوجهة التي سيسلكها السلفيون للعمل السياسي،
وما إن كانوا سيطرحون أسماء تنافس على بعض مقاعد البرلمان القادم أم لا،
وما إن كانوا سيخوضون السياسة من خلال تشكيلهم لأحد الأحزاب المنتظر خروجها
الفترة القادمة، كما لم يُعرف بعد موقفهم من التحالف مع بعض القوى
الإسلامية الموجودة على الساحة.. وإن كان السلفيون يعطون مساحات كبيرة من
توجهاتهم الدعوية للتوافق والتعاطي بايجابية مع باقي جماعات وأطياف العمل
الإسلامي في البلاد.
والسلفيون قوة كبيرة في الشارع المصري، كان عملهم منصبًا بالأساس في
الجوانب الدعوية والفكرية والخيرية من منطلقات سلمية، إذ لم ينسب لهم أي من
أعمال العنف التي شهدتها مصر في حقب مختلفة، بل كان لهم موقف صريح من رفض
العنف وإدانة مرتكبيه في الداخل والخارج.
وكانت "الدعوة السلفية" قد أعلنت في (13مارس2011 ) وقبل أيام من الاستفتاء
على التعديلات الدستورية "إعادة تشكيل مجلس إداراتها" الذي كان قد حُل بأمر
من جهاز أمن الدولة عام 1994 وهو المجلس الذي كان يدير الدعوة في المدن
والمحافظات المصرية المختلفة، وكان للسلفية قبل حله لجنة إغاثة كبيرة كانت
تمارس عملها في أنحاء عديدة من البلاد.
وقالت السلفية إن إعادة تشكيل مجلس إدارتها جاء حرصا على تحقيق أهدافها
المعلنة؛ والتي على رأسها: "نشر هذا الدين العظيم بمفهوم سلفنا الصالح".
وتشكل المجلس "المؤقت" لإدارة الدعوة على النحو التالي: مجلس رئاسي يتكون
مِن كلٍ مِن: الشيخ محمد إسماعيل المقدم، والشيخ محمد عبد الفتاح "أبو
إدريس"، والشيخ ياسر برهامي. وذلك حتى يتم اختيار رئيسٍ للدعوة السلفية بعد
انعقاد الجمعية العمومية لها "في وقت لاحق" حسبما ذكر البيان.
ثانيًا: مجلس إدارة الدعوة: ويتكون مِن أعضاء المجلس الرئاسي المذكورين؛
بالإضافة إلى كلٍ من: الشيخ سعيد عبد العظيم، والشيخ أحمد فريد، والشيخ
أحمد حطيبة، والشيخ علي حاتم، والشيخ سعيد حماد، والشيخ سعيد السواح،
والشيخ محمود عبد الحميد، والشيخ أشرف ثابت، والشيخ شريف الهواري، والشيخ
جلال مرة، والشيخ يونس مخيون، والشيخ عبد المنعم الشحات، والأخير هو الناطق
الإعلامي الرسمي للجماعة.
وكانت "الدعوة السلفية" قد دعت إلى المشاركة والتصويت بالموافقة على
التعديلاتِ الدستورية، لأنها تضمنت العديد من الايجابيات منها "عدم التعرض
للمادة الثانية مِن الدُّستور" التي تَنُصُّ على أنَّ دين الدولة هو
الإسلام، وعلى مرجعية الشريعة الإسلامية "رغم وجود أصواتٍ عِدَّةٍ منذ
بداية الثورة لتعديلها"، كما جاء في بيان، واعتبرت أن في المشاركة "إعمالًا
لما تقرر في الشرع الشريف من السعي في تحصيلِ المصالحِ وتقليلِ المفاسدِ
قدرَ الإمكان". مؤكدة في الوقت نفسه على ما تعتقده من أن "الإصلاحَ
الحقيقيَّ هو في الالتزام الكامل بشرع الله".
إقرأ مقال كتبة الأستاذ أحمد الخطيب رئيس قسم الدراسات الدينية بالمصري اليوم . ونشره يوم ٢٤ مارس الحالي .
المقال بعنوان
المركز العام لأنصار السنة.. والثورة
أسكن أمام المركز العام لجماعة أنصار السنة مباشرة فى حى عابدين العتيق،
وبحكم متابعتى واهتمامى بملف الإسلام السياسى، فإن المركز يقع فى دائرة
اهتمامى من حيث «التوجه الفقهى» الذى أعرفه جيداً نظراً لأدائى شبه الدائم
صلاة الجمعة فى المركز.. ولأن فقه جماعة أنصار السنة أقرب لفقه ما يعرف
بـ«فقه الدولة»، بمعنى أنهم من التيار السلفى الذى يؤمن بطاعة ولى الأمر
العمياء حتى و«إن جلدك أو ضربك أو أخذ مالك..» وهو فقه أسسته إحدى الدول
الإسلامية الكبيرة التى عانق فيها أحد الأئمة الثائرين أحد القادة لتأسيس
ملكه الذى تمت تسمية البلاد على اسمه فى حادثة هى الأولى من نوعها فى
العالم العربى وهى أن تتم تسمية دولة على اسم قائدها.
الإمام الجليل الثائر أسس فقهاً جديداً من نوعه استند ببعض الاجتهادات التى
تحفظ للحاكم ملكه ودولته مهما فعل بالرعية مادام لم يمنع «الصلاة أو
الزكاة...» ومع الأيام صار للإمام تلاميذ وأتباع وحوارى فى كل مكان أسسوا
خلالها «دولة الخوف الفقهية» من الحاكم وطاعته الواجبة العمياء حتى وإن فعل
الأفاعيل.
وبالطبع يسند هؤلاء آراءهم الفقهية إلى الأحاديث والآيات القرآنية حمالة
الأوجه، إضافة إلى تقديس كتب بعض الأولين والاستشهاد بها على أنها نصوص
مقدسة، كما نصوص القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية.. وهو أمر لا أنكره،
ولكن هؤلاء يأخذون من هذا الفقه ما يريدونه ويقدسونه لتعضيد ملك الدولة
للحاكم.
وكان علماء مسجد أنصار السنة - وهم من العلماء الكرام الذين أجلهم إجلالاً
كبيراً ولا يجوز لمثلى أن يتعرض لهم بسوء - كانوا أثناء الثورة لا يوجد لهم
موضوع سوى «الخروج على الحاكم».. وأن ذلك لا يجوز مطلقاً، وأن ما يحدث فى
البلاد - بعد نجاح الثورة - هو فتنة كبرى يجب أن يلتزم فيها المؤمنون
بيوتهم، وكانت فلسفة هؤلاء كما هى فلسفة الإمام الثائر «سلطة غشوم ولا فتنة
تدوم».
وكنت بطبيعة الحال أعرف أن جهاز مباحث أمن الدولة له مجموعة من ضباط ما
يعرف بالنشاط الدينى يتابعون المركز وجميع مساجده وعلمائه، وكان هؤلاء
يخضعون لأمر «مخبر» من أمن الدولة.. كان يمثل لهم «ولى الأمر».. وكان إذا
قال فلان لا يخطب ولا يلق درساً كان أمره طاعة ولا أحد يستطيع أن يرد له
قولاً على الرغم من أن مَن يأمرهم علماء كبار وأجلاء.. فكانوا يرون أن هذا
«المخبر الحقير» هو الذى يمثل ولى الأمر وكان قادة المركز ينظرون إلى
أوامره على أنها أوامر مقدسة لأنها صادرة من «ولى الأمر» وكانوا يهمسون
فيما بينهم إذا ما جاءهم أمر من هذا المخبر أن «أوامر سيادية» جاءت إليهم
بمنع كذا أو كذا.
كان لا يستطيع أن يتحرك أحد من هؤلاء إلا بمشورة من هذا المخبر «ولى
الأمر».. ويبدو أنهم كانوا يستلذون هذه «العبادة» لأن طاعة ولى الأمر فى
فقههم «عبادة».
وطبعاً لا يفوتك هنا أن تعرف أن فقه هؤلاء كان يحرم الانتخابات
والديمقراطية، باعتبارها دعوى من دعاوى «الكفار» الذين يجوز الاستنان
بسنتهم وقد سمعت كلاماً من علماء المركز الأجلاء طوال أيام الثورة يندى له
جبين أى «حر» يرفض الذل والمهانة، وبالطبع كان الخطيب إذا صعد المنبر يصدر
لك قبل أن يتفوه بالقول إن العوام سيرفضون كلامه لكى يصادر على رأيك قبل أن
يبتدئ ثم يظل يتحدث عن ترهاته فى الخروج عن الحاكم وتأثيم الثورة وتوصيفها
بأنها خروج على الحاكم ومعصية كبيرة.
هؤلاء الذين ظلوا يهاجمون الثورة مهاجمة الكفار الآن يخرجون ليتحدثوا عن
الاستفتاء ويصفوه بأنه غزوة فى سبيل الله وأن الدولة عادت لهم وأنهم
أسيادها، وأنهم وأنهم....
لقد وصف ذات مرة أحد علماء مركز أنصار السنة فى إحدى خطبه شباب الثورة من الملتزمين الذين شاركوا فيها بأنهم شباب «مخنث».
هذه مجرد ملاحظات يجب ألا يفهمها أحد على أنى أسىء لهؤلاء العلماء الأجلاء.