رد الدكتور محمود أحمد أبو زيد المشرف على النشاط الطلابي في جماعة الإخوان
المسلمين،على الجدل الذي دار حول المؤتمر الذي دعا إليه بعض الشباب من
الإخوان ...
كشف ابوزيد كل ملابسات المؤتمر في حوار مطول مع اخوان اونلاين ..هذا نص الحوار :
كيف بدأت قصة مؤتمر فندق سفير الذي نظَّمه شباب من الإخوان؟
القصة بدأت بأن ثلاثة من شباب الإخوان جاءوا إلى مكتب الإرشاد، وقالوا
لدينا أفكار خاصة بمستقبل الجماعة، وأنهم يُعَبِّرُون عن مجموعةٍ كبيرةٍ من
الشباب، وأنهم راغبون في توصيل هذه الأفكار إلى المكتب؛ حتى تصل إلى صاحب
القرار في وضع رؤية الجماعة، والتقيت بهم مع د. محمد سعد الكتاتني، ود.
محيي حامد عضوي مكتب الإرشاد في إطار تشجيعنا للمبادرات والأفكار،
وبالتحديد في شريحة الشباب، ورحبنا بهم، ووصلنا إلى تصور بأن يعدوا مجموعةً
من الورش التحضيرية يتم فيها بلورة الأفكار المطروحة ثم بعد ذلك يُعقد
مؤتمر ينظمه الشباب، ويحضره بعض أعضاء مكتب الإرشاد، سوف يتم تحديدهم بناءً
على الموضوعات المطروحة في المؤتمر.
وطلبنا منهم أن تجد كل الرؤى المطروحة في الورش التحضيرية طريقها للطرح في
المؤتمر، وليس فقط رؤية واحدة ما دام هناك تعدد في الرؤى داخل الورش؛ وذلك
لإتاحة الفرصة لكلِّ صاحب رأي.
وبعد ورشتين تحضيرتين تمَّ تقديم المنتج الخاص بهما إلى مكتب الإرشاد،
باعتباره المنتج الذي ستتم مناقشته في المؤتمر، وكان خاصًّا بعلاقة الجماعة
بالحزب.
* وماذا حدث حتى تتغير الأمور بهذا الشكل، ويعلن مكتب الإرشاد عن عدم مسئوليته عن المؤتمر، وأنه لن يشارك فيه أحد من أعضاء المكتب؟
** بعد تقديم الورقة بخمسة أيام، اتصل بي أحد الشباب، وأخبرني بأنهم حددوا
موعد المؤتمر في السبت 26 مارس 2011م، وأنهم حجزوا في الفندق، فأخبرتهم أن
هذا الموعد غير مناسب لي، ولا أعرف إن كان مناسبًا للدكتور محيي حامد أم
لا، خاصةً أن حضورنا نحن الاثنين كان مهمًّا للغاية، وبالفعل أخبرني د.
محيي أن الموعد لا يناسبه لارتباطه بمواعيد سابقة في هذا اليوم، وهو ما
دفعني إلى مطالبة الشباب بضرورة تغيير الموعد؛ لعدم مناسبته لأيٍّ منا،
فقالوا إن عملية التأجيل قد تكون محبطة للشباب، بعد أن عرفوا الموعد،
فأخبرتهم أن خبر التأجيل لن ينزل إلا بتحديد موعد جديد للمؤتمر يكون
مناسبًا لنا، ولمَن سيُدعى أيضًا من مكتب الإرشاد، وطلبتُ من أحدهم
الالتقاء بي في اليوم التالي للاتفاق على الموعد التالي، وبذلك كان تأجيل
السبت سببه الوحيد عدم مناسبة هذا الموعد لنا.
* ولكن البعض روَّج أن السبب كان بسبب دعوة بعض أعضاء مجلس الشورى؟
** حتى ذلك اليوم، وحتى إبلاغ الشباب بضرورة تأجيل موعد السبت، لم نعلم
شيئًا عن اتصال الشباب ببعض أعضاء مجلس الشورى ودعوتهم، ولا عن اتصالهم
ببعض أعضاء ما أَطْلَقَ عليه الإعلام "جبهة المعارضة"، وهو ما عاتبنا عليه
الشباب؛ حيث وصلتنا أخبار هذه الدعوة من أحد أعضاء مجلس الشورى الذي اتصل
يسأل عن هذا الموضوع، فضلاً عن معلومات أخرى وصلت إلينا عن دعوة آخرين،
وَوَجْهُ العتاب هنا أن أيَّ شيء مرتبط بالمؤتمر يجب إخطار أعضاء مكتب
الإرشاد الذين بدءوا الموضوع مع الشباب به قبل تنفيذه، وعلى الأخص أننا كنا
على تواصل دائم، بالإضافة إلى ذلك فقد اختلفوا في عدد المدعوين من مجلس
الشورى، حتى إن أحدهم قال إنهم اتصلوا بـ30 عضوًا فليس من المقبول أن يُدعى
ما يقرب من ربع أعضاء مجلس الشورى العام بهذه الصورة، فالمقبول لائحيًّا
أن يدعوهم فضيلة المرشد العام، والأولى من باب اللياقة أن يتصل بهم أعضاء
مكتب الإرشاد لدعوتهم.
والأمر الآخر أنه إذا دعونا أعضاء مجلس الشورى، فالموضوعات المطروحة ساعتها
يجب أن تكون أكثر اتساعًا، وأحسن إعدادًا، وأكثر مناسبةً لحضور أعضاء مجلس
الشورى، هذا فضلاً عن أن هذا المؤتمر كان هدفه الأصلي هو توصيل تصور
الشباب إلى مكتب الإرشاد، وبالتالي سألناهم عن الهدف من هذه الدعوات
الواسعة، وماهية العلاقة بين هذه الدعوة والهدف الأصلي من المؤتمر.
* الجماعة أعلنت على (إخوان أون لاين) فجر الجمعة الماضية عدم رعايتها للمؤتمر، فما تفاصيل اللحظات الأخيرة لهذا القرار؟
** تقابلت مع مجموعة الشباب مرةً أخرى يوم الخميس 24 مارس، بحضور د. محمد
مرسي عضو مكتب الإرشاد، وطلبنا منهم تأجيل المؤتمر إلى موعد محدد هو
الإثنين 4 أبريل، فأعرب الشباب عن تخوفهم أن يكون هذا الموعد تاليًا لموعد
مجلس الشورى العام، وبالتالي فقد لا يتم إيصال أفكارهم إليه، قلنا لهم إنه
لن يعقد مجلس الشورى قبل هذا الموعد، نظرًا لعدم الانتهاء من تجهيز كل
الموضوعات الأساسية التي ستعرض على مجلس الشورى، وخاصةً برنامج الحزب
ولائحته.
واستمر هذا اللقاء لمدة ساعتين في محاولةٍ لإقناعهم بالتأجيل لهذه الفترة
القصيرة، وأخبرناهم أن المؤتمر إذا عُقد في موعد يوم الإثنين 4 أبريل
فسيكون فيه حضور من المكتب، وسيكون تحت رعايته، وأخبرناهم بعدم الموافقة
على عقده يوم السبت لذات السبب الذي ذكرناه سابقًا، وكان عليهم أن يختاروا
بين الأمرين وانصرفوا على وعدٍ بإخبارنا بقرارهم ثم اختاروا أن يعقدوه في
نفس اليوم السبت.
ومن المؤسف أنهم عندما نشروه على صفحتهم على موقع "الفيس بوك" عن قصة طلب
التأجيل لم يذكروا السبب الفعلي للتأجيل ولا أن التأجيل كان مرتبطًا في
إعلانه بإعلان الموعد الجديد للمؤتمر وهو الإثنين 4 أبريل، ولم يذكروا هذا
التاريخ على الإطلاق، وكأنَّ مكتب الإرشاد رافضٌ للمؤتمر من حيث المبدأ،
وليس رافضًا لموعد انعقاده.
ومن المؤسف أيضًا أن الشباب الذي حضروا المؤتمر بعضهم لا يعرف بهذا الأمر،
وقد اتصل بي أحد الشباب من جامعة عين شمس بعد المؤتمر مستوضحًا الأمر،
ووجدت أنه لا يعلم أن مكتب الإرشاد كان مقترحًا موعدًا بديلاً ليوم السبت
26 مارس.
* ولكن هؤلاء الشباب يرون أن سبب رفضكم المؤتمر هو رفض الجماعة طرح قضية التطوير على الرأي العام؛ ما يفقد الجماعة من خصوصيتها؟
** لقد دار حوار بيننا وبين الشباب في هذا الشأن فهم كانوا راغبين في تغطية
تفاصيل المؤتمر إعلاميًّا باعتبار أن الجماعة أصبحت شأنًا عامًّا، ومن
حقِّ الناس أن يطلعوا على ما يدور فيها داخليًّا، وكان رأيي في ذلك أن كون
جماعة الإخوان أصبحت شأنًا عامًّا فهذه حقيقة، ولكن أي مؤسسة تكون متصلة
بالشأن العام ليس مطلوبًا منها أن تُطلع الرأي العام على ما يدور داخلها من
حوارات وآليات بلورة الأفكار، فحق المجتمع أن يعرف رسالتها وأهدافها
الكلية والمرحلية ووسائل عملها ورموزها وأشخاصها وأفكارها، أما ماذا دار من
حوارٍ داخلي بين الإخوان حتى تخرج هذه الأفكار النهائية إلى النور، فلا
يندرج هذا تحت اسم الشفافية، ولسنا في هذا بدعًا من المؤسسات، فلا توجد
مؤسسة في العالم سواء رسمية أو أهلية، حزبًا أو جمعية، أو وزارة أو حكومة،
يتحاور أفرادها عبر الإعلام أو تسجل مجالسها الداخلية لعرضها على الإعلام.
* الشباب أعلنوا في دعوتهم أن هذا المؤتمر هو المؤتمر الأول لشباب الإخوان، فما مدى صحة ذلك؟
** بالطبع لا، فتحديدًا منذ شهر ونصف الشهر وبعد إعلان تنحي الرئيس مبارك،
تمَّ عقد لقاءات عديدة مع شباب الإخوان، وكانت كلها تهدف إلى نفس هدف
المؤتمر الأخير، وهي جمع آراء ومقترحات الشباب ورؤية الشباب للمستقبل،
والبحث في دورهم في المرحلة المقبلة، منها مؤتمر لطلاب الجامعات لوضع رؤية
العمل الطلابي في المرحلة المقبلة، ومؤتمر لطالبات الجامعات لنفس الهدف،
وقد عقدت ثلاثة مؤتمرات أخرى لمسئولي العمل في الجامعات والمشرفين وأساتذة
الجامعات لنفس الهدف من أجل بلورة رؤية نهائية، وبالفعل كان المنتج النهائي
لمؤتمرات الطلاب في مجملها هي الأفضل، وكان هو المكون الرئيسي لرؤية العمل
الطلابي.
فضلاً عن أن هناك مؤتمرات حضرها فضيلة المرشد العام بنفسه، ومعه عدد من
أعضاء مكتب الإرشاد، ومنها مؤتمران حضرهما المرشد العام وصاحبه فيهما اثنان
من المكتب، وهناك عدة لقاءات في محافظة الشرقية حضرها 2000 شاب، وملتقى
لشباب جامعة حلوان حضره 3 من أعضاء مكتب الإرشاد، وملتقى لشباب جامعة
المنوفية حضره المرشد العام السابق، وملتقى لشباب بمدينة المنصورة حضره
حوالي 600 شاب وغيرهم الكثير.
* بعض التعليقات من الشباب تتساءل لماذا تتكبد الجماعة تكلفة المؤتمر في هذا الفندق بعد عدم موافقتها على عقده؟
** عندما أخبرني الشباب أنهم ينوون عمل المؤتمر في الفندق، أخبرتهم بأن
هناك أماكن كثيرة أقل تكلفة، وقد عقدنا فيها مؤتمرات عديدة للشباب ولغير
الشباب تكاد تصل إلى ثلث تكلفة الفندق، ولكنهم أصروا على الحجز في الفندق،
وأخبروني أن الذي سيتحمل تكلفة الحجز هم الشباب أنفسهم.
* في ظل الزخم الحالي، ما رؤية الجماعة لشبابها في الفترة المقبلة؟
** لا شك أن الجماعة تعتبر الشباب ذخر ورصيد الجماعة الحقيقي، ونحسب شباب
الإخوان من خيرة شباب المجتمع، وهم كنوز نقدرها، ونعتقد أنهم ليسوا فقط
مستقبل الجماعة، بل سيكونون إن شاء الله جزءًا من مستقبل الأمة كلها.
وكما أن النظرة للشباب ولطاقاته وإمكانياته وابتكاراته تغيرت في المجتمع
بعد ثورة 25 يناير، فكانت هناك أيضًا مثل هذه النظرة في الجماعة، وترتب على
ذلك وضع رؤية لدور الشباب في الجماعة، وكيفية التعامل معهم، وإطلاق
طاقاتهم في المرحلة المقبلة.
* ولكن مَن يتابع المشهد الإعلامي يرى أن الإعلام يصرُّ على تأزيم الوضع داخل الشباب، كيف ترى هذا المشهد؟
** وسائل الإعلام حريصة دائمًا على الحصول على الفرقعات الإعلامية،
وبالتالي هي حريصة على البحث عما تعتقده أنه آراء مغايرة للخطِّ العام
وتُبرز أصحابها، وهي أيضًا حريصة على تضخيم أي اختلافٍ طبيعي في الرأي يسير
في طريقه الطبيعي في الحسم عبر مؤسسات الجماعة الشورية والإدارية، وتصويره
على أنه انقسامٌ في صفِّ الجماعة يُهددها بدلاً من أن يكون خلافًا
يُثريها، ولو أن هناك خلافًا حقيقيًّا في الرأي، وأن أشخاصًا يتخذون موقفًا
يتجاوز الاختلاف إلى الخلاف فهذا أمرٌ محتملٌ حدوثه في جماعةٍ بحجم جماعة
الإخوان المسلمين، ولكن على الإعلام أن يكون منصفًا، وأن يضع هذا الاختلاف
في حجمه وقدره الصحيحينِ، وهو بالتأكيد قدرٌ ضئيلٌ جدًّا.
* ولكن الشباب تحدثوا عن الجماعة بصورةٍ طيبة، فلماذا إذن لم يحضر أحدٌ من أعضاء مكتب الإرشاد لقطع الطريق على الصيد في الماء العكر؟
** بالفعل حضور أحد من أعضاء المكتب كان سيُحجِّم من الحملة الإعلامية
المتوقعة، والتي ظهرت اليوم من خلال وصف المؤتمر في إحدى الصحف بأنه تمردٌ
من شباب الجماعة، ولكن عدم الحضور كان الخيار الصائب لأنه يُرسِّخ لمبدأ
الوضوح وضرورة الالتزام بنظام وآداب عمل الجماعة والحفاظ على آليات الحركة
فيها.
ومرةً أخرى نحن لسنا في هذا الأمر بدعًا من أية مؤسسةٍ أو عمل جماعي،
فالانضباط بنظامِ المؤسسة والالتزام بقراراتِ مستوياتها الإدارية هو من
المعلوم بالضرورة في أي عمل جماعي، وأعتقد أن أية جماعة بحجم جماعة الإخوان
وتنوع أفرادها واتساعها الجغرافي تحتاج حتى تؤدي رسالتها إلى مثل هذا
النظام، وهذا السلوك الإسلامي الحضاري.
* في النهاية.. ما رسالتك إلى شباب الإخوان؟
** أقول للشباب: قِيَم الجماعة وأدبياتها وأركان بيعتها وروح الحب والأخوة
التي تحيا بها هي التي حافظت على الجماعة، بتماسكها وتميزها، وجعلت لها بعد
فضل الله تعالى المكانة التي تتبوأها الآن في المجتمع.
ونحن ندعو الشباب إلى المبادرة والمبادأة والانطلاق والإبداع والابتكار مع
التزامهم بهذه الصبغة التي تميَّزت بها جماعة الإخوان، ورسالتي الأهم لهم
أنهم أصحاب دعوة وليسوا أصحاب نشاط، وهناك فرقٌ كبير.