قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن الرئيس السابق حسني مبارك كان مجرد
الرأس الجلية للفساد. وإنه بعد مرور شهرين على نجاح الثورة المصرية التي
أطاحت بمبارك، مازال المصريون خائفين من ظهور بقايا نظامه الفاسد في أي
وقت.
وأضافت إن المصريين على دراية كاملة بأن "مباركستان" أو الصرح الواقعي الذي
أسسه مبارك و"شلته" لضمان استمرار السيطرة على دائرة مغلقة من السياسيين
ورجال الأعمال، لم يسقط بعد على الرغم من سقوط رأسه وحاميه.
إن "مباركستان" هي في حقيقة الأمر دولة كاملة وقوة استعمارية بكل ما تحمله
الكلمة من معاني. دولة لها مسارها ونظامها الاستعماري الخاص وآلية الدعاية
الخاصة وميشليشياتها الوحشية. حتى إنها لها عاصمة مستقلة – شرم الشيخ، حيث
يتناول علية القوم ونخبة الحكام وجبات عشائهم الفاخرة المستوردة من الخارج
ويسترخون على الشواطئ الرملية الباذخة. دون الاهتمام بمن هم دون خط الفقر
من المصريين ويشكلون حوالي 40% من السكان.
واسست "مباركستان" بنكها الخاص أيضًا – المصرف العربي – الذي يقف على أرض
مصرية. البنك الذي يعتبر مؤسسة تجارية خارجية تخرج تمامًا عن اختصاص
الحكومة المصرية. هذا البنك حيث أودع المليارديرات المصريون غنائمهم دون
إمكانية الكشف ورائها. كيف ومتى تم تأسيس هذا البنك؟ ولماذا ماذا زال يعمل؟
هذه أسئلة لم يجب أي شخص عليها حتى الآن؟ ويدعي المجلس الأعلى للقوات
المسلحة إن التغيير المطلوب قيد التنفيذ، كيف هذا ولم تتم محاكمة مبارك
وأسرته حتى الآن.
نعم تم القبض على بعض الشخصيات البارزة، بما فيهم، وزير الداخلية السابق
حبيب العادلي الذي اتهم بأعطاء أوامر بإطلاق النيران على المتظاهرين وقت
الثورة المصرية. ولكن، مازال الأشخاص القريبيين من مبارك والذين شاركوا في
التجاوزات الصارخة في النظام السياسي ولديهم ثروات هائلة مكدسة ومازالوا
طلقاء.
بالإضافة إلى إن القنوات التليفزيونية والصحف مازال يرأسها الفريق الموالي
لمبارك ذاته. الفريق الذي زور وأخفى الحقائق عن الشعب وقت الثورة. لم ينس
الشعب المصري الإدعاءات التي كان يروجها التليفزيون المصري عن متظاهري
التحرير واتهامهم بإنهم جواسيس وعملاء أجانب.
كيف مازال هؤلاء المسؤولين في مراكزهم؟ وقالت الصحيفة إن ما يقلق في الأمر،
هو إن المجلس العسكري والحكومة الجديدة التي يرأسها عصام شرف – الذي حصل
على تأييد ودعم هائل في التحرير – يبدون وكأنهم يتبعون الاستراتيجية ذاتها
التي كان يتسخدمها مبارك وأعوانه في النظام الفاسد.
وأشار موقع الدستور نقلا عن الصحيفة إلى ظاهرة أخرى، وهي الموقف الأمني في
مصر. وما يسمع يوميًا عن فتح السجون وإطلاق النيران، إشعال النيران في بعض
المؤسسات ومنها وزارة الداخلية والبنك المركزي، إلخ. ويتم التعتيم على ذلك
كله دون توفير معلومات مؤكدة.
كما ذكرت ما قام به الإسلاميين الأيام السابقة للاستفتاء القومي، الذي تحول
إلى حرب مقدسة. وكيف إنه تم الإفراج على بعض الإسلاميين المتطرفين من
السجون بما فيهم عبود الزمر المتورط في اغتيال الرئيس الراحل السادات. وكيف
تم التعامل معه كبطل عبر وسائل الإعلام المصرية. وانتقدت ما قاله في أحد
المقابلات مثل قوله إن شرعية قتل الأشخاص جائزة في حال أذن علماء الدين به.
وقالت إن ما يحدث يبدو وكأنه رسالة تحذير إلى الشعب المصري والعالم بأسره.
ومفاد هذه الرسالة هو محاولة إقناع المصريين بإنه إن لم يتم قبول شروط
مبارك للاستقرار، سيتم إطلاق صراح الوحوش من الأقفاص.
وعبرت الصحيفة عن أملها في تحقيق المجلس العسكري لوعوده بتنفيذ مطالب الشعب
المصري، ليس فقط من أجل إثبات مصداقية القوات المسلحة، ولكن أيضًا من أجل
إنقاذ هذا البلد. وأضافت إن نظام مبارك سيحارب ويصارع بكل طاقته وجهده من
أجل التمسك بالسلطة وقد ينجح في إحراز بعض النقاط. ولكن، في النهاية لن
يتمكن أي شئ من سلب شعور المصريين الذي نتج عن أول تعاون جماعي بينهم.