ختتم مع الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، المصريون، وبالأخص
الصوفيون، الاحتفالات بذكرى استقرار رأس الحسين، التى شهدت تواجد ما يقرب
من مليون شخص جاءوا من محافظات الجمهورية منذ أسبوع للاحتفال، حيث نظمت
الطرق الصوفية وقفة مليونية بميدان الحسين والمسجد للتنديد بهدم الأضرحة،
متهمين السلفيين بالوقوف خلف هدم العديد من الأضرحة، حيث قام المحتفلون
بالتنديد بعد صلاة العصر وحتى صلاة المغرب، مرددين هتافات "صوفية صوفية..
مصر دولة إسلامية"، "الصحافة فين أهل البيت أهم"، "الإعلام فين الصوفيون
أهم"، "صوفية صوفية فى حب خير البرية"، "لا لهدم أضرحة آل البيت وإحنا جنود
الله للدفاع عنها"، "الحسن والحسين إحنا إحنا المصريين".
قامت الطرق الصوفية برفع أعلامها، خاصة الطريقة الرفاعية، حيث تسيدت الموقف
نظراً لكثرة مريديها، بينما انتشر الباعة الجائلون فى كل شبر من الميدان،
مما أدى إلى إعاقة الحركة فى الميدان وسط مشادات بينهم وبين المريدين،
بينما شهد جامع الحسين ازدحاماً شديداً بداخله، مما أدى إلى تدهور حالة
النظافة داخل المسجد، خاصة مع تناول المريدين الأطعمة بداخله.
الصوفيون القادمون من صعيد مصر لم يفتهم لعب العصا، حيث شهدت ساحة "الحسين"
لعب العصا وانتشار الطبل والمزمار البلدى، كما قام المنشد الصوفى الشهير
ياسين التهامى بالإنشاد من الساعة العاشرة حتى الساعة الثانية صباحاً وسط
تواجد ما يقرب من مليون شخص يرقصون ويتمايلون على إنشاده وسط ترديد "لبيك
يا حسين"، وكان أحد الحاضرين قد قام بقص رواية مقتل الحسين صاحبه هجوم على
الشيعة، مختتماً قوله "عظم الله الأجر فى مصاب أبى عبد الله الحسين"، وسط
هتافات "يا حسين".
الدكتور عبد الهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، نظم مؤتمراً أمام باب
"الحسين" بحضور مشايخ الطرق الصوفية ألقى خلاله بياناً ندد فيه بهدم
الأضرحة، مؤكداً تأييده للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر،
وعُلقت لافتات كبرى كتب عليها "الأزهر مرجعيتنا.. الأزهر حصن الإسلام
والطيب شيخ الإسلام.. الأزهر والتصوف جسد وروح.. نؤيد شيخ الأزهر فى مسيرته
الإصلاحية".
شيخ مشايخ الطرق الصوفية قال فى بيانه "إن الصوفية هم القوة الوحيدة
المتغلغلة والمتأصلة فى كل شارع، وفى كل حى، وفى كل قرية، وفى كل مدينة، بل
وفى كل بيت من بيوت مصر، إن هذه القوة العظيمة وهذا الجيش الصوفى موجود،
موجود بقياداته، موجود بجنوده وكتائبه، موجود بعدته وعتاده الروحى العظيم،
موجود بقيمه وأخلاقه ليس فى مصر وحدها بل فى كل بقاع الأرض من المحيط إلى
الخليج".
وأضاف القصبى "أن التصوف وظيفة تربوية ومنهج علمى ورسالة روحية ودعوة
ربانية يعمل أصحابها فى المجتمع لله وفى الله وبالله، لا ينتظرون من أحد
جزاء ولا شكوراً، لذلك فإننا نعلن أننا نحافظ على التصوف نقياً قوياً
ربانياً، ولم ولن نزج به فى دهاليز السياسية، ولن نسمح باستغلاله فى تكوين
أحزاب سياسية".
وأكد القصبى "إن ما تمخضت عنه الأحداث من مواجهات حادة بين اتجاهات متباينة
دينية وغير دينية، وما كشفت عنه الثورة من حجم الفساد والانحراف، تؤكد
حاجة الأمة الملحة والماسة إلى التصوف بوصفه المنهج الوسطى القائم على الحب
والتسامح والسلام والصدق والوفاء وقبول الآخر، بوصفه منهجاً تربوياً
روحياً، ناقلا شكره لرجال القوات المسلحة لما بذلوه من جهد خلال الفترة
السابقة".
كما أعلن القصبى تأييده لشيخ الأزهر: "نعلن أن أبناء التصوف يقفون جميعا
خلف الإمام الأكبر شيخ الأزهر باعتباره رمز الإسلام والوسطية، وندعم مسيرته
الإصلاحية لاستعادة مكانة الأزهر العلمية ودوره الحضارى عالميا واستقلاله
باعتباره المرجعية الوحيدة للإسلام والمسلمين، وكذا التصدى لمحاولات النيل
منه، فلن تستعيد مصر دورها العالمى إلا إذا استعاد الأزهر دوره المحورى".
الشيخ جابر قاسم وكيل مشيخة الطرق الصوفية بالإسكندرية، قال إنه سيتم تنظيم
مسيرة مليونية للصوفيين وشباب الثورة والأحزاب السياسية يوم الجمعة
القادمة بالإسكندرية تخرج من المسجد العباسى وحتى مسجد القائد إبراهيم
للتأكيد على مطالب الثورة ومحاكمة الرئيس السابق، مؤكداً أن التاريخ يسجل
للصوفية مواقف لا تنقصها الشجاعة إزاء نصح الحاكم ورده عن ظلمه فى عزة
مدهشة قل أن توجد فى هذا العصر، مشيراً إلى أن للصوفية أهمية بالغة فى
الإسلام، وذلك لأنها تمثل الجانب العملى من التصوف، وهو جانب ارتبط بحياة
المجتمعات الإسلامية وجماهير الناس فيها عبر عصور التاريخ ارتباطاً مباشراً
من أجل هدف معين هو تحقيق الكمال الأخلاقى الذى دعا له الإسلام.
من جانبه قال محمد الدرينى رئيس المجلس الأعلى لآل البيت لـ "اليوم السابع"
إنه تقرر تفعيل اللجان الشعبية لحماية مراقد آل البيت عليهم السلام التى
كان قد دعا إليها المجلس الأعلى لآل البيت، مؤكداً أنه يتم العمل على إعادة
مصر إلى دورها وكونها ملتقى للسنة والشيعة لترسيخ مفاهيم الشراكة فى
الإنسانية التى ينبغى أن تكون رسالة الأزهر الرسمية المعبر عن مصر، واتهم
الدرينى السلفيين بتكفير الصوفيين والشيعة، كما أنهم فرضوا الجزية على
الأقباط ويسعون لإقامة الحدود فى تحدٍ واضح للقانون والمجتمع والقيم.