على الشخصيات العامة والنخبة فقط، بل دخل إليه أفراد ومهنيون ليس لهم علاقة
من قبل بالعمل السياسى، فمنهم رؤساء نيابة وأساتذة جامعيين، وعسكريين
سابقين، وحتى الفنانين دخلوا فى السباق، ليتجاوز الحالمين بمقعد الرئيس عدد
الـ17، أغلبهم مستقلون، فيما لم تعلن الأحزاب القديمة، ما عدا الناصرى، عن
مرشحها بعد.
كذلك أعلنت غالبية الأحزاب الصغيرة القائمة عن نية رؤسائها الترشيح
للرئاسة، مما يمهد لعشرات المرشحين المحتملين، وهو ما جعل البعض يتهكم على
فتح الباب على مصراعيه، للترشيح رغم عدد التوقيعات التى يتطلبها الترشيح
كما ورد فى المادة 76 من الدستور، بواقع 30 ألفا للمرشح المستقل، خلافا
لمرشحى الأحزاب أصحاب المقاعد فى البرلمان المقبل، الأمر الذى يدفع للتساؤل
عن المعايير والمؤهلات الشخصية لمرشح رئيس الجمهورية القادم، وهل كثرة
العدد تتطلب إجراء الانتخابات على أكثر من مرحلة وتعديل قانون انتخابات
الرئاسة على هذا الأساس، وهل يمكن فى ظل هذا العدد الوصول كما دعا البعض
لأن يكون هناك مرشحا توافقيا واحدا تجمع عليه القوى السياسية لدعمه.
السؤال يطرح نفسه بقوة خاصة مع إعلان بعض الشخصيات بعيدة الصلة عن العمل
السياسى خوضها المعركة الرئاسية، وما وصفها البعض بأنها "هوجة الانتخابات
الرئاسية"، حيث أعلن كل من المستشار أسامه الحلوانى رئيس نيابة شبرا
الخيمة، ودكتور حامد الحامد العالم المصرى بوكالة ناسا الأمريكية والذى مكث
18 بأمريكا، ودكتور ماهر هاشم، خبير الدراسات الإدارية والاقتصادية ونظم
المعلومات، وغيرهم ترشحهم.
فما مدى فرص نجاحهم مقابل الشخصيات السياسية البارزة مثل الدكتور محمد
البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعمرو موسى الأمين
العام لجامعة الدول العربية، والدكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد، والنائب
السابق حمدين صباحى، والمستشار هشام البسطويسى نائب رئيس محكمة النقض،
والتى أطلق لها العديد من ناشطى الفيس بوك صفحات، بل وأجرى البعض استطلاعات
رأى أبرزها على موقع "أصوات مصر"، حول مرشحى الرئاسة والتى حصل فيها
"البرادعى" على المرتبة الأولى بنسبة 59%، متغلبا على عمرو موسى الذى حصل
على المرتبة الثانية فى السباق بنسبة 12% متعادلا مع كمال الجنزورى، أما
المرتبة الثالثة تشارك فيها حمدين صباحى، وهشام البسطويسى بنسبة 7 % و أيمن
نور فى الرابعة بنسبة 4 % وأخيرا مجدى حتاتة الذى لم يحصل على أى من
الأصوات.
يرجع الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع سبب هوجة الترشح لرئاسة
الجمهورية، إلى نص المادة 76 الخاصة بمعايير الترشح لمنصب الرئاسة، حيث
أبدى اعتراضه على نص المادة، ووصفها بأنها ليست مانعة، وبالتالى أصبح فى
استطاعة الكثيرين التقدم بأوراق الترشح للمنصب، والسبب أنه أصبح من السهل
جمع 30 ألف توقيع وتسجيلها بالشهر العقارى، ولذلك سنرى فى الفترة المقبلة
وجوها كثيرة بعضها جاد فى الأمر، والكثير سيأخذ الأمر بدافع الشهرة أو
محاولة المنافسة ليس أكثر.
أما سكينة فؤاد الكاتبة الصحفية فأكدت أن الحرية التى تعيشها مصر ولم تشهد
مثلها منذ 30 عاما، جعلت الكثير من الشخصيات المشهورة والمغمورة أيضا يعلن
ترشحه للرئاسة، وهذا طبيعى بسبب إطلاق الحريات بشكل غير متوقع، وأضافت:
علينا أن نستغل تلك الحرية لصالح مصر، فلابد أن تكون هذه الحرية مسئولة
وليست انفلاتا، وناشدت سكينة فؤاد الذين يعلنون ترشحهم التزام الجدية فى
الأمر وليس الاعتماد فقط على ما يحققه الإعلان للترشح من شهرة لذلك الشخص،
وأضافت: يجب ألا يعتمد على تاريخه فقط وأن يعتمد على برنامجه أكثر فأنا
يهمنى ما يقدمه أكثر مما قدمه فى السابق، داعية "الإعلام" للتعريف
بالمرشحين وبرامجهم والتعريف بمدى جدية المرشح، ولابد من التزام الإعلام
بالحيادية فى عرض التصريحات وإعداد المناظرات وتقديم الرؤى المختلفة كما هو
متعارف فى معظم الدول المتقدمة.
يشاركها الرأى مجدى حسين أمين عام حزب العمل والمرشح للانتخابات الرئاسية
المقبلة، حيث يرى أن تعددية مرشحى الانتخابات الرئاسية بعدما شهدته البلاد
من قمع على مدار الـ 30 عاما الماضية أمر إيجابى، خاصة وأن الشعب المصرى
سيكون الحاكم النهائى فى تلك المعركة، معربا عن استعداده للاتفاق مع القوى
السياسية على مرشح واحد يمثل برنامجا متكاملا يسعى لنهضة البلاد وخلق مناخ
ديمقراطى يشارك فيه كل طوائف الشعب المصرى.
السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق، والمرشح لانتخابات
الرئاسة المقبلة، يتوقع ارتفاع عدد مرشحى الرئاسة إلى ما يزيد عن 50 مرشحا،
بعضهم مؤهل والبعض غير مؤهل نتيجة لعدة عوامل أبرزها استهانة الشعب المصرى
بمنصب رئيس الجمهورية والاعتقاد بسبب نظام "مبارك" أنه منصب للتربح، مما
دفع البعض ممن لا يملكون المواصفات الحقيقية الترشح لذلك المنصب بخلاف حب
الظهور الإعلامى لدى البعض ورغبة البعض الآخر فى الحصول على الدعم المالى
خاصة مع سهولة الترشح للمستقلين وفقا للتعديل الأخير مطالبا بتعديل المادة
(76) والتى يرى أنها تحولت من إغلاق باب الترشح لفتح الباب على مصراعيه
أمام أى شخص دون الأخذ فى الاعتبار بمؤهلاته.
وعن مواصفات المرشح لرئاسة الجمهورية من وجهة نظر الأشعل، والتى يطالب
بإقرارها فى الإعلان الدستورى، يقول: أن يكون يجيد اللغة الإنجليزية
للتعامل مع العالم الخارجى، مع ضرورة أن يكون لديه خبرة فى إدارة شئون
الدولة، وأن يكون تلقى تعليما ذا طابع سياسى أو إدارى، ومن غير رموز النظام
السابق وحذر من ترشح العسكريين.
ودعا الأشعل إلى بحث إمكانية تصفية المرشحين وفقا للمعايير السابقة، مقترحا
أن تجرى الانتخابات الرئاسية على 3 مراحل مع وقف الدعم المالى المقدم
للمرشحين ووضع حد أقصى لمصاريف الدعاية الانتخابية.
بدورة يرى محمد الخولي- باحث سياسى- إن كثرة الشخصيات المرشحة لانتخابات
الرئاسة راجع إلى مطامع فى الحصول على مردود شخصى من المنصب وبهدف الشهرة
والمال عند معظم المرشحين، فهناك أشخاص كثيرة أعلنت عن ترشحها وليس لديها
رصيد تاريخى أو برامج تؤهلها إلى هذا المنصب وهؤلاء لم نسمع عنهم من قبل.
وأشار إلى أن القضية تكمن فى كيفية الاختيار من بين عدد كبير من المرشحين
أثناء الانتخابات، فلابد أن تتم عملية الانتخابات على عدة مراحل حتى نضمن
نزاهتها ونضمن وجود قاضى على كل صندوق ووجود أمن كافى على اللجان.
واقترح الخولى أن يقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإنشاء معهد يتم من
خلاله إعداد المرشحين لمنصب الرئاسة إعدادا جيدا، كما يفعل فى مراكز إعداد
القادة بالجامعات ذلك لأن منصب رئيس الجمهورية تتوقف عليه كل مصالح البلد.