كان نهب آثار مصر موزعا بين حكام مصر الناهبين للثروة المصرية فوق الأرض وتحتها ـ ومن أموال سائلة الى عقارات وآثار ، الى جانب العصابات المحترفة للتهريب . وأثناء وبعد ثورة 25 يناير استمرت بعض هذه العصابات فى عملها تنهب المتحف المصرى و مواقع الكشف عن الآثار منتهزة فرصة الفراغ الأمنى وعنق الزجاجة التى تجتازه مصر.
الأمر يستدعى وقفة من أولى الأمر فى مصر الآن . فآثار مصر ملك للبشرية و لا تقدّر بثمن مهما بلغ . يكفى ما حدث ويحدث لمجوهرات أسرة محمد على التى تملأ صناديق جعلوها عهدة فى يد موظفى وزارة الثقافة ليسهل نهبها. واشتعل الحديث عن سرقة مجوهرات أسرة محمد على ، ثم تناسيناها بينما لم ينسها اللصوص من كبار الموظفين والرئيس الأكبر للعصابة صاحب مقولة ( الكفن ليس له جيوب ) والذى تفرغ لخدمة اسرائيل و السعودية وأمريكا فى وقت الفراغ بينما ركّز وقته الرسمى فى نهب مصر وتدمير بنيتها الاقتصادية وتجريف قيمها الأخلاقية .
الآن قضية الآثار المصرية لا يصلح أن تستمر فى عهدة زاهى حوّاس الذى تمت السرقات فى عهده ، حتى لو جعلوه وزير دولة للآثار . الآن لا بد من أن تتكون وزارة سيادية للآثار، تتبعها مؤسسة أمنية خاصة بها تحمى المتاحف ومواقع الآثار وعمليات التنقيب، ومراكز بحثية تتابع التنقيب بالتسجيل والتوثيق ومؤسسات متخصصة تقيم المتاحف وتشرف عليها، وجهاز إعلامى يتابع كل ما يحدث من تنقيب واكتشافات وما يتم كشفه من جرائم التهريب و التنقيب غير المرخص به .وأن تخضع هذه الوزارة السيادية للمساءلة أمام مجلس الشعب وأمام الرأى العام المصرى و الدولى لو ظهر فيها تقصير.
ما يحدث الآن من إهمال فى الآثار ونهب لها هو استمرار لما كان يحدث فى العصور الوسطى . ونعطى لمحة تاريخية عنه هنا .
ترقد مصر على كنوزها القديمة ، والبحث عنها كان ولا يزال الشغل الشاغل للمصريين وغيرهم ، وقد لفتت الكنوز والآثار المصرية نظر العرب المسلمين منذ عهد عمرو بن العاص . ويذكر المقريزي أن عمرو بن العاص عثر على كنز وجد فيه اثنين وخمسين إردبا من الذهب المضروب نقدا ، وهذا عدا كنوز أخرى لم يذكر قيمتها . وقيل إن رجلا جاء إلى عبد العزيز بن مروان – والي مصر _ فأخبره أنه تاه في صحراء مصر الشرقية فوصل إلى مدينة أثرية خربة لا تزال فيها البساتين والثمار ، فقال رجل مصري لعبد العزيز : إنها مدينة هرمس وفيها كنوز كثيرة ، فأرسل إليها عبدالعزيز بن مروان حملة استكشافية ظلت تطوف بالصحراء الشرقية شهرا فلم تعثر عليها .
وقد أحاط المصريون تراثهم المدفون بالأساطير التي تهدد من يقترب منه ، وقد ذكر بعض هذه الأساطير البيروني والمسعودي والمقريزي ، وهي تؤكد على وجود طلسمات تحرس تلك الكنوز وتهلك من يقترب منها ، وكانت تلك الأساطير مسئولة – إلى حد ما – عن نجاة الكثير من الآثار المدفونة وبقائها حتى الآن في جوف الأرض برغم أن البحث عنها كان مسموحا لكل من المصريين والأجانب في العصور الماضية .
وبعض الولاة لم يعط اهتماما لتلك الأساطير فاهتم بالبحث عن الكنوز واستغلال الآثار استغلالا اقتصاديا ، وكان منهم الوالي الأموي على مصر أسامة بن زيد في خلافة عبدالملك بن مروان ، وقد استشار الخليفة أثناء أزمة حدثت في معدن النحاس بأن يحصل على النحاس من مجسم (أى تمثال) مشهور في الإسكندرية يشرف على الميناء يشير ناحية القسطنطينية ، وكان ذلك التمثال من النحاس الخالص ، وعيناه من الياقوت وحجمه ضخم إلى درجة أن حجم قدمه يساوي حجم الرجل العادي. وقد اشترط الخليفة عبدالملك على الوالي أسامة ألا ينزل ذلك التمثال وألا يضربه فلوسا إلا بحضور أمناء وشهود يبعثهم إليه من دمشق . ونجح ذلك المجسم ( التمثال ) في أن تجتاز الدولة أزمة النحاس والفلوس المضروبة منه .
والدول التي حكمت مصر قبل الفتح الإسلامي كانت حريصة على الوصول إلي الكنوز والدفائن المصرية ، وكما تفنن المصريون القدماء في إخفائها وفي إشاعة الأساطير التي تهدد من يقترب منها فإن أولئك تفننوا أيضا في طرق الوصول إليها ، ولا شك أنهم نجحوا في الحصول على بعض تلك الكنوز ، ولا شك أن الروم البيزنطيين حملوا معهم تلك الكنوز إلي عاصمتهم القسطنطينية، وحملوا أيضا تجاربهم في الوصول لتلك الدفائن.
ونشأ فنّ جديد اسمه " المطالب " تخصص في معرفة الكنوز الفرعونية وفك الطلسمات السحرية ، ومن الطبيعي انه يقوم على الادعاء والتحايل ، وإن كان يتمتع بتصديق الناس في العصر المملوكي بالذات، ولا يزال بعض البسطاء يعتقد بإمكانية العثور على الكنوز باستخدام علم المطالب ، والمثل الشعبي المصري يقول " أجرب ولقي مطلب ..!!".
ويقول المسعودي في القرن الرابع الهجري في كتابه " مروج الذهب " " ولمصر أخبار عجيبة من الدفائن والبنيان وما يوجد من ذخائر الملوك التي استودعوها الأرض وتدعى بالمطالب ..".
وقد ذكر المسعودي الاعتقاد في وجود " مطلب" أو كنز عظيم بالقرب من الأهرام ، واهتمام أصحاب المطالب بالكشف عليه ، وقد اخبروا حاكم مصر محمد بن طغج الإخشيد بذلك ، وكان المسعودي يعيش هذا العصر، ويقول إنه أمرهم بالحفر، فحفروا إلى أن انتهوا إلى صخر مجوف منقور فيه مجسمات مطلية ولها صور مختلفة لأطفال وشباب وشيوخ وفي أعينهم أنواع من الجواهر وفي وجهها ذهب وفضة ، ويقول إنهم كسروا بعض تلك المجسمات فوجدوا في أجوافها جثثا أدمية – أي موميات – وقد طليت بنفس الطلاء – أي التحنيط – وعندما وضعوا مواد التحنيط على النار فاحت منها روائح طيبة ، وقال أن تلك المجسمات كانت مرتبة على حسب العمر ، وحول كل مجسم مجسم آخر من المرمر أو الرخام الأخضر وعليه أنواع من الكتابات التي لم يستطع أحد قراءتها، ويقول المسعودي إن تلك اللغة المكتوبة انتهى العمل بها منذ أربعة آلاف سنة !!وكان ذلك الحادث سنة 328هـ ، وكتب المسعودي ذلك الخبر في كتابه سنة 332هـ .
وقبل الدولة الإخشيدية أسس أحمد بن طولون دولته في مصر وكانت له مع الآثار والكنوز الفرعونية قصة طريفة .
يذكر البلوى مؤلف " سيرة أحمد بن طولون " أن ابن طولون كان يسير في الصحراء فعثر الفرس في الرمل وساخت قدمه فيه ، ونزل ابن طولون ونظر في موضع القدم فإذا بفتق مفتوح في الرمل ، ففتحوه فإذا بداخله كنز كان مقداره ألف ألف دينار ، وشاع الخبر ، وأرسل ابن طولون إلى الخليفة العباسي (المعتمد على الله ) يستأذنه في صرفه في وجوه البر فوافق فبنى منه المستشفي الطولوني المشهور أو البيمارستان بلغة ذلك العصر . وعثر ابن طولون على كنز آخر في جبل المقطم فبنى منه جامعه المشهور والذي لا يزال في القاهرة حتى الآن متميزا بفنه المعماري.
واعتاد ابن طولون البحث عن تلك الكنوز ، وأثناء تجواله في منطقة الأهرامات عثر حراسه على قوم يلبسون الصوف وفي أيديهم المعاول وأدوات الحفر ، فجاءوا بهم إليه، فسألهم فقالوا : نحن قوم نطلب المطالب فأمرهم ألا يبحثوا إلا بتصريح ، وعين رجلا من عنده يكون مشرفا عليهم ، وقد أخبروه أن هناك مطلبا في الهرم قد أعجزهم العثور عليه لأنهم يحتاجون إلى أموال ورجال ، فأمر ابن طولون بتوفير احتياجاتهم ، وأقام القوم على الحفر ومعهم الرافقي مندوب ابن طولون ، ثم أخبروا ابن طولون بأنهم وصلوا إلى علامات مشجعة ، فجاء ابن طولون فوجدهم قد كشفوا عن حوض كبير مملوء بالذهب وعليه غطاء مكتوب عليه باللغة القديمة .
ويقول مؤلف سيرة ابن طولون أنهم أحضروا شخصا ليقرأ المكتوب فقرأ الآتي " أنا فلان ابن فلان ، الملك الذي ميز الذهب ونقاه من الغش والدنس ، فمن أراد أن يعلم فضل ملكي على ملكه فلينظر إلى فضل عيار ديناري على عيار ديناره ، فإن مخلص الذهب من الغش مخلص في حياته وبعد وفاته.."
وحيث أن اللغة المصرية القديمة لم تكن معروفة للعرب والناطقين بها في ذلك الوقت فإن الأرجح أن المصري القبطى الذي ادعى أنه يفهم الكتابة المصرية القديمة قد ترجم للأمير أحمد بن طولون "
المطلب " الخاص به وبالمصريين في إصلاح العملة الطولونية، بالإضافة إلى أنه أعطاه درسا آخر في أن أسلافه من الفراعنة كانوا أعظم وأقوى وأشد ثراء وأكثر اهتماما بتنقية العملة الذهبية.
وجدير بالذكر أن ابن طولون تأثر بما سمعه من المترجم المصري فعمل الدينار الطولوني المشهور بعياره وباسمه " الأحمدي" وقد تشدد في دقة العيار وجودة الطلاء . ويذكر المقريزي في كتابة " شذرات العقود عن النقود " أن ابن طولون ضرب بمصر دنانير عرفت بالأحمدية وكان سبب ضربها تلك الحادثة السابقة . وقد قال ابن طولون عندما قرئت عليه الترجمة " الحمد لله، أن ما نبهتني عليه هذه الكتابة على الكنز أحب إلى من المال " .
وانقرضت الدولة الطولونية بمصر سنة 292 وعادت مصر للسلطة العباسية المباشرة تحت ولاية الوزير ابن الجراح ، إلا أن البحث عن الكنوز الفرعونية لم ينته ، إذ يذكر ابن الجوزي في أخبار الدولة العباسية سنة 299 في خلافة المقتدر بالله أنه وردت إليه أربعة أحمال من مصر تحتوي على كنز قديم وكان معه مومياء طولها أربعة عشر شبرا ، وكان مبلغ المال خمسمائة ألف دينار .
هذا النهب للآثار المصرية طيلة أكثر من عشرين قرنا من الزمان يؤكد حاجة مصر الآن الى وزارة سيادية للآثار. ( سنة 595 هـ زار مصر الطبيب الفيلسوف عبد اللطيف البغدادي وكتب عن رحلته كتابه " الإفادة والاعتبار" وكان أروع ما فيه وصفه الدقيق للآثار الفرعونية في ذلك الوقت وما كان يحدث فيها من تخريب يومئذٍ, وحين نقرأ هذا الوصف في كتابه ونقارنه بما لدينا من آثار نتعجب من ذلك التدمير الذي لحق بآثارنا من عهد عبد اللطيف البغدادي وحتى الآن ..
وطبقاً لما ذكره عبد اللطيف البغدادي كان للأهرام ومنطقة الأهرام وضع مختلف عنها اليوم كانت هناك مدينة كاملة للآثار بازاء الضفة الشرقية للآهرام الثلاثة . وقد امتلأت هذه المدينة بمغارات كثيرة العدد عميقة ومتداخلة الأغوار, وبعضها يرتفع إلى ثلاث طبقات ويمكن أن يسير فيها الانسان يوماً كاملاً ولا يراها كلها , وعلى أحجارها الكتابات الفرعونية التي تغطي أيضاً الأهرام الثلاثة. ويقول عبد اللطيف البغدادي إن هذه الكتابات كثيرة جداً حتى لو تم نقل ما على الهرمين فقط إلى صحف لكانت زهاء عشرة آلاف صفحة, ويقول عن هرم خوفو وهرم خفرع أنهما مبنيان بالحجارة البيضاء ، أما الثالث فهو مبني بحجارة الصوان الأحمر شديد الصلابة .
ويتحدث عن أبي الهول ونعرف منه أن جسد أبي الهول كان مدفونا في الأرض ولا يظهر منه إلا الرأس والعينان فقط وقد غطاهما دهان أحمر لامع . ومعنى ذلك أن التدمير الذي حدث بعد عصر عبد اللطيف البغدادي قد كشط سطح الأرض وأظهر المدفون من جسد أبي الهول وأظهر إلى جانبه آثار كثيرة تم نهبها و ضياعها .. !!
وقد شهد عبد اللطيف البغدادي في رحلته جانباً من ذلك التدمير, إذ أن ملك مصر وقتها العزيز عثمان الأيوبي حاول هدم الأهرام ، وبدأ بالهرم الأصغر فحشر جيشاً من العمال والمهندسين والآلات وظلوا ثمانية أشهر يهدمون كل يوم حجراً واحداً, ثم وهنت قواهم فتركوا العمل يأساً ولكن بعد أن قاموا بتشويه جانب من الهرم الأصغر .
ولكن التدمير لحق بعشرات الأهرام الأخرى , إذ كانت هناك كثير من الأهرام تبدأ من الجيزة وتمتد مسافة يومين سيراً على الأقدام, وكان معظمها صغير الحجم , وقد هدمها قراقوش وبنى منها سور القاهرة والقلعة وقناطر الجيزة وقد بقى من أنقاضها ردم كثير وصفه عبد اللطيف البغدادي الذي وصف ايضاً أهراماً كثيرة في منطقة أبي صير, وبعضها كان انهدم وكانت بقاياه تؤكد أنه كان في حجم الهرم الأكبر في الجيزة, وما بقى من أهرام أبي صير كان مختلف الأحجام والأشكال منه المدرج ومنه المخروطي .
وذلك الفيلسوف الحكيم وصف آثار مدينة منف وصفاً يبعث فينا الحسرة حين نقارنه بالآثار الهزيلة الباقية في البدرشين, لقد أثارت مدينة منف القديمة وآثارها إعجاب ذلك الفيلسوف وجعلته ينسى أسلوبه العلمي الرصين المتزن الهاديء فانطلق يشيد بتلك الآثار في انبهار وحماس وكيف بقيت شامخة بعد آلاف السنين, وما كان يعلم أن التدمير سيفنيها بعد بضع مئات من السنين !!
وقد وصف من تلك الاثار ما أطلق عليه الناس وقتها بالبيت الأخضر، وهو حجر ضخم قد حفر في وسطه بيت , وقد وصف تفصيلاته و ما لحقه من تدمير , ووصف التماثيل الضخمة في تلك المدينة وتوازنها وتصميمها ونقوشها ودقائقها, ووصف تمثالين لأسدين, ووصف سور المدينة وما لحقه من تدمير , وأسهمت في أعمال التخريب للبحث عن الكنوز والمطالب واستخراج الموميات وبعثرة أحشائها للعثور على ما قد يكون فيها من كنوز مخبأة .
في تلك القرون الوسطى نظر الحكام والأجانب إلى الآثار على أنها أصنام لا
مانع من إزالتها , وكان الذهب هو المقصود الأعظم من البحث والتدمير لتلك
الآثار, وتلك مهمة تركها الحكام لكل من شاء وبدون رقيب .وصحيح أن المعابد
الوثنية كانت تشكل الجزء الأكبر من الآثار الفرعونية إلا أنها أصبحت مهجورة
وزالت عنها القداسة بعد أن انصرف عنها المصريون إلى المسيحية, والغريب أن
العصور الوسطى كانت عصور تقديس الأضرحة والقبور المقدسة والأولياء الأحياء
والأموات ومع ذلك احتقروا التماثيل والتصاوير الفرعونية التي لم تعد مقدسة
ولم يعد أحد يحج إليها على سبيل التبرك , وفيما عدا عبد اللطيف البغدادي
فإننا لا نشهد مؤرخاً اهتم بالآثار المصرية اهتماماً علمياً , والمقريزي –
أعظم المؤرخين المصريين – تحدث عن الآثار المصرية بما يشبه قصص المصاطب
وحكاوي القهاوي , مما يعكس إهمال المثقفين لتلك الحضارة الخالدة .
* إن تاريخ الانسانية مدفون في أرضنا , ونحن نعيش فوق متحف طبيعي لتطور
الحضارة الانسانية , ولا يخلو مقرر دراسي في العالم كله من البدء بالحضارة
الفرعونية, ولا يتحدث إثنان في أي مكان في العالم عن الآثار القديمة إلا و
كانت آثارنا الفرعونية هىّ بيت القصيد. ومع ذلك فقد توارثنا عن القرون
الوسطى تلك العادة السيئة في عدم الإهتمام بالآثار الفرعونية التي تنال
حظها من اهتمام الدنيا كلها إلا نحن فقط .. !!
* إن التدمير الذي لحق بالآثار المصرية في القرون الوسطى تبدو بعض ملامحه
فيما نعثر عليه من أحجار فرعونية في العمائر الفاطمية والأيوبية والمملوكية
ومن عملات ذهبية فرعونية في الكنوز التي ترجع للقرون الوسطى ، ثم حين
فتحت مصر أبوابها للأجانب تركتهم ينهبون أهم الآثار والتحف إلى بلادهم ,
ولا تزال سرقات الآثار تجارة رابحة لها عصابات متخصصة في الداخل والخارج,
ونخشى أن يأتي أحفادنا في المستقبل يعيبون علينا ما نعيبه الآن على أجدادنا
في العصور الوسطى .. !!
* إن حكومتنا مشغولة بتوفير احتاجات الانسان المصري وبمشاكل داخلية وخارجية
تحجب عنها مشكلة الحفاظ على التراث الفرعوني , وربما اعتبرته ترفاً
ثقافياً ليس هذا أوانه . وأخشى أن أقول أن الحفاظ على آثارنا مسئولية
انسانية عالمية ينبغي أن يقوم بها اليونسكو نيابة عن الضمير الانساني
والحضارة الانسانية .. وهذا اقتراح ثقيل على القلب فمصر التي أبدعت تلك
الحضارة ينبغي أن تقوم هىّ على رعايتها وحمايتها .. وليس اليونسكو أو غيره
..
* إن من المضحكات المبكيات أن كانت تقوم على رعاية الآثار المصرية ( الفرعونية
,القبطية , الإسلامية ) مجرد إدارة تابعة لوزارة الثقافة تعاني نقصاً في
الإمكانات والخبراء والموظفين استغلت من خلال وزير الثقافه السابق طيله 25 عاما تولي فيها الوزاره وهي سابقه لم تكن لوزير من قبله , ومطلوب منهم أن يدافعوا بإمكاناتهم الهزيلة
عن تراث تم تشييده خلال سبعة آلاف عام ... !!
الى متى نظل نستجدى معونات من العالم ونحن ننام فوق أعظم كنوز للعالم ؟
إن وزارة سيادية للآثار كفيلة بأن تجذب لمصر ضعف عددها من السيّاح ..ومن
المؤسف أن مصر وهى أكبر موقع أثرى للعالم لا يأتى اليها من السياح ربع أو
خمس أو سدس ما يأتى لأسبانيا أو إيطاليا ..
علينا انشأ جمهوريه بسجن طره تجمع المنحرفين الذين يتلاعبون بكنوز البلاد
والتي هي ثروه قوميه لو استغلت الاستغلال الجيد وحافظ عليها الجميع ووظفت
التوظيف العلمي الصحيح لمكانتها المهمه .!!
الأمر يستدعى وقفة من أولى الأمر فى مصر الآن . فآثار مصر ملك للبشرية و لا تقدّر بثمن مهما بلغ . يكفى ما حدث ويحدث لمجوهرات أسرة محمد على التى تملأ صناديق جعلوها عهدة فى يد موظفى وزارة الثقافة ليسهل نهبها. واشتعل الحديث عن سرقة مجوهرات أسرة محمد على ، ثم تناسيناها بينما لم ينسها اللصوص من كبار الموظفين والرئيس الأكبر للعصابة صاحب مقولة ( الكفن ليس له جيوب ) والذى تفرغ لخدمة اسرائيل و السعودية وأمريكا فى وقت الفراغ بينما ركّز وقته الرسمى فى نهب مصر وتدمير بنيتها الاقتصادية وتجريف قيمها الأخلاقية .
الآن قضية الآثار المصرية لا يصلح أن تستمر فى عهدة زاهى حوّاس الذى تمت السرقات فى عهده ، حتى لو جعلوه وزير دولة للآثار . الآن لا بد من أن تتكون وزارة سيادية للآثار، تتبعها مؤسسة أمنية خاصة بها تحمى المتاحف ومواقع الآثار وعمليات التنقيب، ومراكز بحثية تتابع التنقيب بالتسجيل والتوثيق ومؤسسات متخصصة تقيم المتاحف وتشرف عليها، وجهاز إعلامى يتابع كل ما يحدث من تنقيب واكتشافات وما يتم كشفه من جرائم التهريب و التنقيب غير المرخص به .وأن تخضع هذه الوزارة السيادية للمساءلة أمام مجلس الشعب وأمام الرأى العام المصرى و الدولى لو ظهر فيها تقصير.
ما يحدث الآن من إهمال فى الآثار ونهب لها هو استمرار لما كان يحدث فى العصور الوسطى . ونعطى لمحة تاريخية عنه هنا .
ترقد مصر على كنوزها القديمة ، والبحث عنها كان ولا يزال الشغل الشاغل للمصريين وغيرهم ، وقد لفتت الكنوز والآثار المصرية نظر العرب المسلمين منذ عهد عمرو بن العاص . ويذكر المقريزي أن عمرو بن العاص عثر على كنز وجد فيه اثنين وخمسين إردبا من الذهب المضروب نقدا ، وهذا عدا كنوز أخرى لم يذكر قيمتها . وقيل إن رجلا جاء إلى عبد العزيز بن مروان – والي مصر _ فأخبره أنه تاه في صحراء مصر الشرقية فوصل إلى مدينة أثرية خربة لا تزال فيها البساتين والثمار ، فقال رجل مصري لعبد العزيز : إنها مدينة هرمس وفيها كنوز كثيرة ، فأرسل إليها عبدالعزيز بن مروان حملة استكشافية ظلت تطوف بالصحراء الشرقية شهرا فلم تعثر عليها .
وقد أحاط المصريون تراثهم المدفون بالأساطير التي تهدد من يقترب منه ، وقد ذكر بعض هذه الأساطير البيروني والمسعودي والمقريزي ، وهي تؤكد على وجود طلسمات تحرس تلك الكنوز وتهلك من يقترب منها ، وكانت تلك الأساطير مسئولة – إلى حد ما – عن نجاة الكثير من الآثار المدفونة وبقائها حتى الآن في جوف الأرض برغم أن البحث عنها كان مسموحا لكل من المصريين والأجانب في العصور الماضية .
وبعض الولاة لم يعط اهتماما لتلك الأساطير فاهتم بالبحث عن الكنوز واستغلال الآثار استغلالا اقتصاديا ، وكان منهم الوالي الأموي على مصر أسامة بن زيد في خلافة عبدالملك بن مروان ، وقد استشار الخليفة أثناء أزمة حدثت في معدن النحاس بأن يحصل على النحاس من مجسم (أى تمثال) مشهور في الإسكندرية يشرف على الميناء يشير ناحية القسطنطينية ، وكان ذلك التمثال من النحاس الخالص ، وعيناه من الياقوت وحجمه ضخم إلى درجة أن حجم قدمه يساوي حجم الرجل العادي. وقد اشترط الخليفة عبدالملك على الوالي أسامة ألا ينزل ذلك التمثال وألا يضربه فلوسا إلا بحضور أمناء وشهود يبعثهم إليه من دمشق . ونجح ذلك المجسم ( التمثال ) في أن تجتاز الدولة أزمة النحاس والفلوس المضروبة منه .
والدول التي حكمت مصر قبل الفتح الإسلامي كانت حريصة على الوصول إلي الكنوز والدفائن المصرية ، وكما تفنن المصريون القدماء في إخفائها وفي إشاعة الأساطير التي تهدد من يقترب منها فإن أولئك تفننوا أيضا في طرق الوصول إليها ، ولا شك أنهم نجحوا في الحصول على بعض تلك الكنوز ، ولا شك أن الروم البيزنطيين حملوا معهم تلك الكنوز إلي عاصمتهم القسطنطينية، وحملوا أيضا تجاربهم في الوصول لتلك الدفائن.
ونشأ فنّ جديد اسمه " المطالب " تخصص في معرفة الكنوز الفرعونية وفك الطلسمات السحرية ، ومن الطبيعي انه يقوم على الادعاء والتحايل ، وإن كان يتمتع بتصديق الناس في العصر المملوكي بالذات، ولا يزال بعض البسطاء يعتقد بإمكانية العثور على الكنوز باستخدام علم المطالب ، والمثل الشعبي المصري يقول " أجرب ولقي مطلب ..!!".
ويقول المسعودي في القرن الرابع الهجري في كتابه " مروج الذهب " " ولمصر أخبار عجيبة من الدفائن والبنيان وما يوجد من ذخائر الملوك التي استودعوها الأرض وتدعى بالمطالب ..".
وقد ذكر المسعودي الاعتقاد في وجود " مطلب" أو كنز عظيم بالقرب من الأهرام ، واهتمام أصحاب المطالب بالكشف عليه ، وقد اخبروا حاكم مصر محمد بن طغج الإخشيد بذلك ، وكان المسعودي يعيش هذا العصر، ويقول إنه أمرهم بالحفر، فحفروا إلى أن انتهوا إلى صخر مجوف منقور فيه مجسمات مطلية ولها صور مختلفة لأطفال وشباب وشيوخ وفي أعينهم أنواع من الجواهر وفي وجهها ذهب وفضة ، ويقول إنهم كسروا بعض تلك المجسمات فوجدوا في أجوافها جثثا أدمية – أي موميات – وقد طليت بنفس الطلاء – أي التحنيط – وعندما وضعوا مواد التحنيط على النار فاحت منها روائح طيبة ، وقال أن تلك المجسمات كانت مرتبة على حسب العمر ، وحول كل مجسم مجسم آخر من المرمر أو الرخام الأخضر وعليه أنواع من الكتابات التي لم يستطع أحد قراءتها، ويقول المسعودي إن تلك اللغة المكتوبة انتهى العمل بها منذ أربعة آلاف سنة !!وكان ذلك الحادث سنة 328هـ ، وكتب المسعودي ذلك الخبر في كتابه سنة 332هـ .
وقبل الدولة الإخشيدية أسس أحمد بن طولون دولته في مصر وكانت له مع الآثار والكنوز الفرعونية قصة طريفة .
يذكر البلوى مؤلف " سيرة أحمد بن طولون " أن ابن طولون كان يسير في الصحراء فعثر الفرس في الرمل وساخت قدمه فيه ، ونزل ابن طولون ونظر في موضع القدم فإذا بفتق مفتوح في الرمل ، ففتحوه فإذا بداخله كنز كان مقداره ألف ألف دينار ، وشاع الخبر ، وأرسل ابن طولون إلى الخليفة العباسي (المعتمد على الله ) يستأذنه في صرفه في وجوه البر فوافق فبنى منه المستشفي الطولوني المشهور أو البيمارستان بلغة ذلك العصر . وعثر ابن طولون على كنز آخر في جبل المقطم فبنى منه جامعه المشهور والذي لا يزال في القاهرة حتى الآن متميزا بفنه المعماري.
واعتاد ابن طولون البحث عن تلك الكنوز ، وأثناء تجواله في منطقة الأهرامات عثر حراسه على قوم يلبسون الصوف وفي أيديهم المعاول وأدوات الحفر ، فجاءوا بهم إليه، فسألهم فقالوا : نحن قوم نطلب المطالب فأمرهم ألا يبحثوا إلا بتصريح ، وعين رجلا من عنده يكون مشرفا عليهم ، وقد أخبروه أن هناك مطلبا في الهرم قد أعجزهم العثور عليه لأنهم يحتاجون إلى أموال ورجال ، فأمر ابن طولون بتوفير احتياجاتهم ، وأقام القوم على الحفر ومعهم الرافقي مندوب ابن طولون ، ثم أخبروا ابن طولون بأنهم وصلوا إلى علامات مشجعة ، فجاء ابن طولون فوجدهم قد كشفوا عن حوض كبير مملوء بالذهب وعليه غطاء مكتوب عليه باللغة القديمة .
ويقول مؤلف سيرة ابن طولون أنهم أحضروا شخصا ليقرأ المكتوب فقرأ الآتي " أنا فلان ابن فلان ، الملك الذي ميز الذهب ونقاه من الغش والدنس ، فمن أراد أن يعلم فضل ملكي على ملكه فلينظر إلى فضل عيار ديناري على عيار ديناره ، فإن مخلص الذهب من الغش مخلص في حياته وبعد وفاته.."
وحيث أن اللغة المصرية القديمة لم تكن معروفة للعرب والناطقين بها في ذلك الوقت فإن الأرجح أن المصري القبطى الذي ادعى أنه يفهم الكتابة المصرية القديمة قد ترجم للأمير أحمد بن طولون "
المطلب " الخاص به وبالمصريين في إصلاح العملة الطولونية، بالإضافة إلى أنه أعطاه درسا آخر في أن أسلافه من الفراعنة كانوا أعظم وأقوى وأشد ثراء وأكثر اهتماما بتنقية العملة الذهبية.
وجدير بالذكر أن ابن طولون تأثر بما سمعه من المترجم المصري فعمل الدينار الطولوني المشهور بعياره وباسمه " الأحمدي" وقد تشدد في دقة العيار وجودة الطلاء . ويذكر المقريزي في كتابة " شذرات العقود عن النقود " أن ابن طولون ضرب بمصر دنانير عرفت بالأحمدية وكان سبب ضربها تلك الحادثة السابقة . وقد قال ابن طولون عندما قرئت عليه الترجمة " الحمد لله، أن ما نبهتني عليه هذه الكتابة على الكنز أحب إلى من المال " .
وانقرضت الدولة الطولونية بمصر سنة 292 وعادت مصر للسلطة العباسية المباشرة تحت ولاية الوزير ابن الجراح ، إلا أن البحث عن الكنوز الفرعونية لم ينته ، إذ يذكر ابن الجوزي في أخبار الدولة العباسية سنة 299 في خلافة المقتدر بالله أنه وردت إليه أربعة أحمال من مصر تحتوي على كنز قديم وكان معه مومياء طولها أربعة عشر شبرا ، وكان مبلغ المال خمسمائة ألف دينار .
هذا النهب للآثار المصرية طيلة أكثر من عشرين قرنا من الزمان يؤكد حاجة مصر الآن الى وزارة سيادية للآثار. ( سنة 595 هـ زار مصر الطبيب الفيلسوف عبد اللطيف البغدادي وكتب عن رحلته كتابه " الإفادة والاعتبار" وكان أروع ما فيه وصفه الدقيق للآثار الفرعونية في ذلك الوقت وما كان يحدث فيها من تخريب يومئذٍ, وحين نقرأ هذا الوصف في كتابه ونقارنه بما لدينا من آثار نتعجب من ذلك التدمير الذي لحق بآثارنا من عهد عبد اللطيف البغدادي وحتى الآن ..
وطبقاً لما ذكره عبد اللطيف البغدادي كان للأهرام ومنطقة الأهرام وضع مختلف عنها اليوم كانت هناك مدينة كاملة للآثار بازاء الضفة الشرقية للآهرام الثلاثة . وقد امتلأت هذه المدينة بمغارات كثيرة العدد عميقة ومتداخلة الأغوار, وبعضها يرتفع إلى ثلاث طبقات ويمكن أن يسير فيها الانسان يوماً كاملاً ولا يراها كلها , وعلى أحجارها الكتابات الفرعونية التي تغطي أيضاً الأهرام الثلاثة. ويقول عبد اللطيف البغدادي إن هذه الكتابات كثيرة جداً حتى لو تم نقل ما على الهرمين فقط إلى صحف لكانت زهاء عشرة آلاف صفحة, ويقول عن هرم خوفو وهرم خفرع أنهما مبنيان بالحجارة البيضاء ، أما الثالث فهو مبني بحجارة الصوان الأحمر شديد الصلابة .
ويتحدث عن أبي الهول ونعرف منه أن جسد أبي الهول كان مدفونا في الأرض ولا يظهر منه إلا الرأس والعينان فقط وقد غطاهما دهان أحمر لامع . ومعنى ذلك أن التدمير الذي حدث بعد عصر عبد اللطيف البغدادي قد كشط سطح الأرض وأظهر المدفون من جسد أبي الهول وأظهر إلى جانبه آثار كثيرة تم نهبها و ضياعها .. !!
وقد شهد عبد اللطيف البغدادي في رحلته جانباً من ذلك التدمير, إذ أن ملك مصر وقتها العزيز عثمان الأيوبي حاول هدم الأهرام ، وبدأ بالهرم الأصغر فحشر جيشاً من العمال والمهندسين والآلات وظلوا ثمانية أشهر يهدمون كل يوم حجراً واحداً, ثم وهنت قواهم فتركوا العمل يأساً ولكن بعد أن قاموا بتشويه جانب من الهرم الأصغر .
ولكن التدمير لحق بعشرات الأهرام الأخرى , إذ كانت هناك كثير من الأهرام تبدأ من الجيزة وتمتد مسافة يومين سيراً على الأقدام, وكان معظمها صغير الحجم , وقد هدمها قراقوش وبنى منها سور القاهرة والقلعة وقناطر الجيزة وقد بقى من أنقاضها ردم كثير وصفه عبد اللطيف البغدادي الذي وصف ايضاً أهراماً كثيرة في منطقة أبي صير, وبعضها كان انهدم وكانت بقاياه تؤكد أنه كان في حجم الهرم الأكبر في الجيزة, وما بقى من أهرام أبي صير كان مختلف الأحجام والأشكال منه المدرج ومنه المخروطي .
وذلك الفيلسوف الحكيم وصف آثار مدينة منف وصفاً يبعث فينا الحسرة حين نقارنه بالآثار الهزيلة الباقية في البدرشين, لقد أثارت مدينة منف القديمة وآثارها إعجاب ذلك الفيلسوف وجعلته ينسى أسلوبه العلمي الرصين المتزن الهاديء فانطلق يشيد بتلك الآثار في انبهار وحماس وكيف بقيت شامخة بعد آلاف السنين, وما كان يعلم أن التدمير سيفنيها بعد بضع مئات من السنين !!
وقد وصف من تلك الاثار ما أطلق عليه الناس وقتها بالبيت الأخضر، وهو حجر ضخم قد حفر في وسطه بيت , وقد وصف تفصيلاته و ما لحقه من تدمير , ووصف التماثيل الضخمة في تلك المدينة وتوازنها وتصميمها ونقوشها ودقائقها, ووصف تمثالين لأسدين, ووصف سور المدينة وما لحقه من تدمير , وأسهمت في أعمال التخريب للبحث عن الكنوز والمطالب واستخراج الموميات وبعثرة أحشائها للعثور على ما قد يكون فيها من كنوز مخبأة .
في تلك القرون الوسطى نظر الحكام والأجانب إلى الآثار على أنها أصنام لا
مانع من إزالتها , وكان الذهب هو المقصود الأعظم من البحث والتدمير لتلك
الآثار, وتلك مهمة تركها الحكام لكل من شاء وبدون رقيب .وصحيح أن المعابد
الوثنية كانت تشكل الجزء الأكبر من الآثار الفرعونية إلا أنها أصبحت مهجورة
وزالت عنها القداسة بعد أن انصرف عنها المصريون إلى المسيحية, والغريب أن
العصور الوسطى كانت عصور تقديس الأضرحة والقبور المقدسة والأولياء الأحياء
والأموات ومع ذلك احتقروا التماثيل والتصاوير الفرعونية التي لم تعد مقدسة
ولم يعد أحد يحج إليها على سبيل التبرك , وفيما عدا عبد اللطيف البغدادي
فإننا لا نشهد مؤرخاً اهتم بالآثار المصرية اهتماماً علمياً , والمقريزي –
أعظم المؤرخين المصريين – تحدث عن الآثار المصرية بما يشبه قصص المصاطب
وحكاوي القهاوي , مما يعكس إهمال المثقفين لتلك الحضارة الخالدة .
* إن تاريخ الانسانية مدفون في أرضنا , ونحن نعيش فوق متحف طبيعي لتطور
الحضارة الانسانية , ولا يخلو مقرر دراسي في العالم كله من البدء بالحضارة
الفرعونية, ولا يتحدث إثنان في أي مكان في العالم عن الآثار القديمة إلا و
كانت آثارنا الفرعونية هىّ بيت القصيد. ومع ذلك فقد توارثنا عن القرون
الوسطى تلك العادة السيئة في عدم الإهتمام بالآثار الفرعونية التي تنال
حظها من اهتمام الدنيا كلها إلا نحن فقط .. !!
* إن التدمير الذي لحق بالآثار المصرية في القرون الوسطى تبدو بعض ملامحه
فيما نعثر عليه من أحجار فرعونية في العمائر الفاطمية والأيوبية والمملوكية
ومن عملات ذهبية فرعونية في الكنوز التي ترجع للقرون الوسطى ، ثم حين
فتحت مصر أبوابها للأجانب تركتهم ينهبون أهم الآثار والتحف إلى بلادهم ,
ولا تزال سرقات الآثار تجارة رابحة لها عصابات متخصصة في الداخل والخارج,
ونخشى أن يأتي أحفادنا في المستقبل يعيبون علينا ما نعيبه الآن على أجدادنا
في العصور الوسطى .. !!
* إن حكومتنا مشغولة بتوفير احتاجات الانسان المصري وبمشاكل داخلية وخارجية
تحجب عنها مشكلة الحفاظ على التراث الفرعوني , وربما اعتبرته ترفاً
ثقافياً ليس هذا أوانه . وأخشى أن أقول أن الحفاظ على آثارنا مسئولية
انسانية عالمية ينبغي أن يقوم بها اليونسكو نيابة عن الضمير الانساني
والحضارة الانسانية .. وهذا اقتراح ثقيل على القلب فمصر التي أبدعت تلك
الحضارة ينبغي أن تقوم هىّ على رعايتها وحمايتها .. وليس اليونسكو أو غيره
..
* إن من المضحكات المبكيات أن كانت تقوم على رعاية الآثار المصرية ( الفرعونية
,القبطية , الإسلامية ) مجرد إدارة تابعة لوزارة الثقافة تعاني نقصاً في
الإمكانات والخبراء والموظفين استغلت من خلال وزير الثقافه السابق طيله 25 عاما تولي فيها الوزاره وهي سابقه لم تكن لوزير من قبله , ومطلوب منهم أن يدافعوا بإمكاناتهم الهزيلة
عن تراث تم تشييده خلال سبعة آلاف عام ... !!
الى متى نظل نستجدى معونات من العالم ونحن ننام فوق أعظم كنوز للعالم ؟
إن وزارة سيادية للآثار كفيلة بأن تجذب لمصر ضعف عددها من السيّاح ..ومن
المؤسف أن مصر وهى أكبر موقع أثرى للعالم لا يأتى اليها من السياح ربع أو
خمس أو سدس ما يأتى لأسبانيا أو إيطاليا ..
علينا انشأ جمهوريه بسجن طره تجمع المنحرفين الذين يتلاعبون بكنوز البلاد
والتي هي ثروه قوميه لو استغلت الاستغلال الجيد وحافظ عليها الجميع ووظفت
التوظيف العلمي الصحيح لمكانتها المهمه .!!