بَكَارة
البكارة ( Virginity ) : العَذارة ، والبِكْرُ أوَّلُ كلِّ شيءٍ ، وكلُّ فعلةٍ لم يتقدَّمها مثلُها . والمرأة البكر أو العذراء ( Virgin ) في الاصطلاحِ هي المرأةُ التي لم تُجامَع بنكاحٍ ولا غيره ، وعلامتها غشاءُ البكارة الذي يكون في القُبُل ، ومَنْ زالتْ بكارتُها بغير جماعٍ كالوَثْبِ أو الجراحةِ فهي بكرٌ حقيقةً وحكماً ، ومَنْ زالتْ بكارتُها بجماعٍ سُمِّيَتْ ثـَيِّباً ، ويقال للرجل بِكْرٌ إذا لم يَقْرَب النساءَ بعدُ .
أحكام البكارة
1ـ عناية الإسلام بمفهوم البكارة : لقد عُني الإسلام بمفهوم البكارة عناية خاصة ، لأنها دليل مادّي يُعبِّر في الغالب عن عِفَّةِ البنتِ التي لم تتزوج بعد ، وقد أدت هذه العناية إلى الحدِّ من حالات الزنى بين الأبكار في المجتمعات المسلمة عامة ، على النقيض مما يجري اليوم في المجتمعات غير المسلمة التي لا تقيم وزناً لمفهوم البكارة ، بل إن بعض تلك المجتمعات باتت تنظر إلى البنت البكر نظرة احتقار ، وقد يعيِّرونها بأن بقاءها على بكارتها دليل على نقصٍ عندها ، أو ضعف في شخصيتها ، أو عدم رغبة الرجال بها ، أو غير ذلك من الحجج الواهية ، وهذا ما جعل البنات هناك ـ حتى القاصرات منهنَّ ـ يتجرَّأنَ على الزنى ، وجعل تلك المجتمعات تغصُّ بأولاد الزنى ! ( انظر : زنى )
2ـ زوال البكارة بالجماع : إن زوال البكارة ليس دوماً دليلاً على الجماع ، فقد تزول البكارة بغير الجماع وبخاصة بسبب الرضوض التي تصيب الفرج كما أن بعض البنات يولدنَ دون غشـاء بكارة مثلما يولد بعض الصبيان دون قلفة ( انظر : ختان ) وفي بعض البنات تكون فتحة غشاء البكارة واسعة خِلْقَةً فيظن الأهل أن البنت غير عذراء ! وكثيراً ما أدَّى الجهل بهذه الحقائق إلى مآسٍ مفجعة ، وليس من النادر أن تُقتل البنت من قبل أهلها أو ذويها ( غَسلاً للعار ! ) ظناً منهم بأنها قد زَنَتْ ، وما هي بزانية ، ولهذا يحسن بالأهل الترويّ والالتزام بالقواعد الشرعية في هذا الأمر ، وحتى لو ثبت فعلاً أن البنت قد زنت فليس من حقِّ أهلها أن يقيموا عليها الحدَّ ، لأن الحدَّ منوط بوليِّ أمر المسلمين وليس بوليِّ أمر البنت ( انظر : حدّ ) وقد فصَّل الفقهاء كثيراً في زوال البكارة لما له من اعتبارات شرعية وأخلاقية هامَّة وننقل هنا خلاصة مذاهبهم في هذه المسألة(1) :
* مذهب الحنفية : إذا تزوج الرجلُ امرأةً على أنَّها بكرٌ ، ثم تبين بعد الدخول بها أنها ليست بكراً ، وجب عليه دفعُ المهر كاملاً ، لأن المهر شُرع لمجرد الاستمتاع دون البكارة ، وحملاً لأمر المرأة على الصلاح بأن زالت بكارتها بوثبة أو ما شابه من الأسباب العارضة ، فإن كان قد تزوجها بأَزيدَ من مهر مثيلاتها على أنها بكرٌ فوجدها غير بكر ، سقط عنه دفع الزيادة ، والعقد صحيح .
* مذهب المالكية : إذا تزوج الرجلُ امرأةً ظانّاً أنَّها بكرٌ ، ثمَّ تبيَّن أنَّها ثيِّب ، فلا ردّ للزوج بذلك ، أمَّا إذا اشْتَرَطَ البكارةَ ثمَّ وجدها قد ثيبت بنكاح فله أن يردَّها .
* مذهب الشافعية : إذا تزوَّج الرجلُ امرأةً بشرط بكارتها ثمَّ تبيَّن أنَّها ليست بكراً صحَّ النكاحُ في الأظهر ، وقال بعضهم ببطلانه .
* مذهب الحنابلة : إذا اشترط الزوجُ أن تكون بكراً ثمَّ وجدها ثيباً بالزِّنى فله فَسْخُ العقدِ ، أما إذا وجدها ثيباً بنكاح ففيه قولان أحدهما لا خيار له ، والآخر له الخيار .
3ـ إزالة البكارة بغير جماع : إذا تعمَّد الزوج إزالةَ بكارة زوجته بغير الجماع ، كأن يزيلها بالإصبع أو نحوها فلا شيء عليه عند الجمهور ، لأنه لا فرق بين وسيلة ووسيلة في هذه الإزالة ، أما المالكية فيرون حرمة ذلك بل يؤدَّبُ الزوجُ عليه .. ويرى الحنفية أنَّ الزوج إذا أزال بكارةِ زوجته بغير جماع ثم طلَّقها قبلَ أن يمسَّها فقد وجب لها جميع مهرها ، وقال المالكية : يلزمه أرش(2) البكارة مع نصف الصَّداق ، وعند الشافعية والحنابلة يحكم لها بنصف الصداق
4ـ البكارة الحُكمية : قد تزول البكارة بغير الوطء كما يحصل أحياناً بسبب الرضوض ونحوها ، وقد أجمع الفقهاء على أن البنت في هذه الحال تعد بكراً حكماً وحقيقة ، ولا أثر لزوال بكارتها لأنها لم تمارس الرجال بالوطء في محل البكارة(3) .
5 ـ رتق غشاء البكارة : بما أن تمزق غشاء البكارة يحصل من أسباب مختلفة ، فقد اختلف الحكم في رتقه ، على التفصيل الآتي :
* إذا كان سببُ التمزق حادثةً أو فعلاً لا يعدُّ في الشرع معصيةً ، ولا هو جِماعٌ في عقد نكاح ، ينظر : فإن غلب على الظنِّ أنَّ الفتاة ستلاقي عَنَتاً وظلماً بسبب الأعراف والتقاليد السائدة ، كان إجراءُ الرَّتْق واجباً ، لما فيه من دفع مفاسد يغلب على الظنِّ وقوعها ، فإنَّ المفسدة المتوقعة بأغلبية الظن تعتبر في حكم الناجزة المحققة ، فإنْ غلب وقوع المفسدة ولو في المآل جُعلتْ كالمفسدة الواقعة فعلاً ، وإذا لم يغلب ذلك على الظَّنِّ كان إصلاحُ الغشاء مندوباً غير واجب ، لما فيه من دفع مفاسد محتملة ، والذي يحدد ما تقدَّم هو طبيعة المجتمع الذي تعيش فيه الفتاة .
* إذا كان التمزُّقُ قد حصل بفعل وطءٍ من عقدِ نكاحٍ صحيحٍ حَرُمَ رتقُه ، سواء كانت المرأة متزوجة أم مطلَّقة أم أرملة ، لأنه لا مصلحة فيه ، بل هو عندئذ نوع من العبث الذي لا يُقرُّه الشرع .
* إذا كان سبب التمزق زنى اشتهر بين الناس سواء كان اشتهاره نتيجة صدور حكم قضائي على الفتاة بالزنى ، أم كان نتيجة تكرار الزنى من الفتاة وإعلانها لذلك واشتهارها بالبغاء ، ففي هذه الحالة يحرم على الطبيب رتق غشاء البكارة لعدم وجود مصلحة ، ولأن فعله هذا لا يخلو من المفسدة .
* إذا كان سبب التمزق زنى لم يشتهر بين الناس بالمعنى السابق ، كان الطبيب مخيَّراً في إجراء عملية الرتق أو عدم إجرائها ، لأنَّ فعله هذا من باب السَّتْر كما تقدَّم ، علماً بأن السَّتْر على العُصاة تتناوبه أحكام عدة : فقد يكون حراماً إذا ترتب عليه تضييع حقٍّ من حقوق العباد .. وقد يكون واجباً إذا ترتَّب على الإظهار وقوع مفسدة أو معصية ، كما لو كان الشخص وحيداً عندما رأى حادثة الزنى ، فإن بلَّغ ولم يُقِرَّ المتَّهمُ كان ذلك منه قذفاً ، وقد يكون الستر مندوباً إذا تبين أن الذي وقع في المعصية قد ندم عليها ولم يكررها ، وقد يكون الرتق مكروهاً إذا تبين من العاصي الإصرار وعدم التوبة ( ونحن نرى أنه حرام وليس مكروهاً في هذه الحال لأنه يشجع على تمادي المرأة بالمعصية ) فإذا جهلنا حال العاصي من حيث التوبة وعدمها فمقتضى ما تقدَّم أن يكون السترُ عليه جائزاً وبناء على هذا ينبغي للطبيب إذا جاءته فتاةٌ تطلب رتق بكارتها المتمزقة أن يحمل أمرها على الصلاح ، وأنْ يفترض أن ما وقعت فيه كان بسببٍ ليس فيه معصيةٌ لله عزَّ وجلَّ ولا يحقِّق بالموضوع بأكثر مما ذكرنا من الأمارات الظاهرة ، ولا يجوز أن يبني موقفَهُ على سوء الظَّنِّ بها(4) .
* إذا تمزق غشاء البكارة نتيجة الاغتصاب ( Rape ) جازَ رَتْقهُ دفعاً للمفسدة عن البنت التي اغتصبت كُرهاً عنها ، وقد صدرت فتوى بهذا الشأن عن مفتى مصر العربية ، يوم 26 جمادى الثانية 1419هـ ( 16 تشرين الأول / أكتوبر 1998م ) جاء فيها : (( إنه لا مانع شرعاً من العمليات الجراحية التي تجرى للأنثى التي اختُطفتْ وأكرهَتْ على مواقعتها جنسياً لإعادة بكارتها )) وقد طالَبَ الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وغيره من أهل العلم وأهل القضاء بوضع الضوابط اللازمة لسدِّ الباب أمام المُنْحَرِفات لعدم استغلال هذه الفتوى للغشِّ والخداع ، وطالب أيضاً أنْ يُجَرَّم الطبيبُ الذي يُقْدِم على إجراء مثل هذه العمليات للسيدات غير المغتصَبات(5) ، هذا مع مراعاة ما قدمناه من أحكام .
6ـ الشهادة في البكارة : بما أنَّ البكارة جزء من العورة المغلَّظة فقد أجاز الفقهاء فيها شهادة النساء دون الرجال ، على غير القاعدة في الشهادات عامَّةً والتي تشترط شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ، لأنَّ اطِّلاعَ النساء على عورات النساء أقلُّ حرجاً من اطِّلاع الرجال ، وذهب بعض الفقهاء إلى مدى أبعد في الحيطة فقالوا يكفي في البكارة شهادةُ امرأةٍ واحدةٍ ثِقَةٍ صيانةً للعورات ( انظر : عورة )
7ـ استئذان البكر في النكاح : ذهب جمهور الفقهاء إلى أن البكر لا يجوز لها أن تُزوِّج نفسها ، بل يزوجها وليُّها ، سواء كانت صغيرة أم كبيرة ، ولكن على وليها أن يستأذنها كما أشار النبي e حيث قال : ( .. البكرُ تُسْتأْذنُ في نَفْسِها ، وإِذْنُها صماتُها )(6) ، وذهب نفرٌ من الفقهاء إلى أن الكبيرة لها أن تزوج نفسها ، لكننا نرى أنَّ الأولى ما ذهب إليه الجمهور في هذه المسألة من اشتراط رأي الولي مع استئذان البنت ، سواء كانت صغيرة أم كبيرة ، بكراً أم ثيِّباً ، لأنَّه يَدْرَأ مفاسدَ عظيمةً ، فإنَّ تزويج البنت لنفسها من غير اعتبار لرأي وليّها فيه إضعافٌ للرابطة الأسرية وتحريض للبنت ضد وليّها ، وامتهان لرأيه ، وفيه أيضاً إتاحة الفرصة للتغرير بالبنت وإيقاعها في حبائل الغواية والشهوة ، ولكي ندرك الحكمة من اشتراط رأي الولي في هذه المسألة يكفي أن نلقي نظرة على ما يحصل اليوم من تفكك الأُسر وشيوع الفاحشة والجريمة في البلدان التي تجاوزت هذا العُرْف ( Convention ) ولم تعد تحفل برأي الولي في هذه المسألة ولا في مثيلاتها من المسائل الاجتماعية الحساسة !
البكارة ( Virginity ) : العَذارة ، والبِكْرُ أوَّلُ كلِّ شيءٍ ، وكلُّ فعلةٍ لم يتقدَّمها مثلُها . والمرأة البكر أو العذراء ( Virgin ) في الاصطلاحِ هي المرأةُ التي لم تُجامَع بنكاحٍ ولا غيره ، وعلامتها غشاءُ البكارة الذي يكون في القُبُل ، ومَنْ زالتْ بكارتُها بغير جماعٍ كالوَثْبِ أو الجراحةِ فهي بكرٌ حقيقةً وحكماً ، ومَنْ زالتْ بكارتُها بجماعٍ سُمِّيَتْ ثـَيِّباً ، ويقال للرجل بِكْرٌ إذا لم يَقْرَب النساءَ بعدُ .
أحكام البكارة
1ـ عناية الإسلام بمفهوم البكارة : لقد عُني الإسلام بمفهوم البكارة عناية خاصة ، لأنها دليل مادّي يُعبِّر في الغالب عن عِفَّةِ البنتِ التي لم تتزوج بعد ، وقد أدت هذه العناية إلى الحدِّ من حالات الزنى بين الأبكار في المجتمعات المسلمة عامة ، على النقيض مما يجري اليوم في المجتمعات غير المسلمة التي لا تقيم وزناً لمفهوم البكارة ، بل إن بعض تلك المجتمعات باتت تنظر إلى البنت البكر نظرة احتقار ، وقد يعيِّرونها بأن بقاءها على بكارتها دليل على نقصٍ عندها ، أو ضعف في شخصيتها ، أو عدم رغبة الرجال بها ، أو غير ذلك من الحجج الواهية ، وهذا ما جعل البنات هناك ـ حتى القاصرات منهنَّ ـ يتجرَّأنَ على الزنى ، وجعل تلك المجتمعات تغصُّ بأولاد الزنى ! ( انظر : زنى )
2ـ زوال البكارة بالجماع : إن زوال البكارة ليس دوماً دليلاً على الجماع ، فقد تزول البكارة بغير الجماع وبخاصة بسبب الرضوض التي تصيب الفرج كما أن بعض البنات يولدنَ دون غشـاء بكارة مثلما يولد بعض الصبيان دون قلفة ( انظر : ختان ) وفي بعض البنات تكون فتحة غشاء البكارة واسعة خِلْقَةً فيظن الأهل أن البنت غير عذراء ! وكثيراً ما أدَّى الجهل بهذه الحقائق إلى مآسٍ مفجعة ، وليس من النادر أن تُقتل البنت من قبل أهلها أو ذويها ( غَسلاً للعار ! ) ظناً منهم بأنها قد زَنَتْ ، وما هي بزانية ، ولهذا يحسن بالأهل الترويّ والالتزام بالقواعد الشرعية في هذا الأمر ، وحتى لو ثبت فعلاً أن البنت قد زنت فليس من حقِّ أهلها أن يقيموا عليها الحدَّ ، لأن الحدَّ منوط بوليِّ أمر المسلمين وليس بوليِّ أمر البنت ( انظر : حدّ ) وقد فصَّل الفقهاء كثيراً في زوال البكارة لما له من اعتبارات شرعية وأخلاقية هامَّة وننقل هنا خلاصة مذاهبهم في هذه المسألة(1) :
* مذهب الحنفية : إذا تزوج الرجلُ امرأةً على أنَّها بكرٌ ، ثم تبين بعد الدخول بها أنها ليست بكراً ، وجب عليه دفعُ المهر كاملاً ، لأن المهر شُرع لمجرد الاستمتاع دون البكارة ، وحملاً لأمر المرأة على الصلاح بأن زالت بكارتها بوثبة أو ما شابه من الأسباب العارضة ، فإن كان قد تزوجها بأَزيدَ من مهر مثيلاتها على أنها بكرٌ فوجدها غير بكر ، سقط عنه دفع الزيادة ، والعقد صحيح .
* مذهب المالكية : إذا تزوج الرجلُ امرأةً ظانّاً أنَّها بكرٌ ، ثمَّ تبيَّن أنَّها ثيِّب ، فلا ردّ للزوج بذلك ، أمَّا إذا اشْتَرَطَ البكارةَ ثمَّ وجدها قد ثيبت بنكاح فله أن يردَّها .
* مذهب الشافعية : إذا تزوَّج الرجلُ امرأةً بشرط بكارتها ثمَّ تبيَّن أنَّها ليست بكراً صحَّ النكاحُ في الأظهر ، وقال بعضهم ببطلانه .
* مذهب الحنابلة : إذا اشترط الزوجُ أن تكون بكراً ثمَّ وجدها ثيباً بالزِّنى فله فَسْخُ العقدِ ، أما إذا وجدها ثيباً بنكاح ففيه قولان أحدهما لا خيار له ، والآخر له الخيار .
3ـ إزالة البكارة بغير جماع : إذا تعمَّد الزوج إزالةَ بكارة زوجته بغير الجماع ، كأن يزيلها بالإصبع أو نحوها فلا شيء عليه عند الجمهور ، لأنه لا فرق بين وسيلة ووسيلة في هذه الإزالة ، أما المالكية فيرون حرمة ذلك بل يؤدَّبُ الزوجُ عليه .. ويرى الحنفية أنَّ الزوج إذا أزال بكارةِ زوجته بغير جماع ثم طلَّقها قبلَ أن يمسَّها فقد وجب لها جميع مهرها ، وقال المالكية : يلزمه أرش(2) البكارة مع نصف الصَّداق ، وعند الشافعية والحنابلة يحكم لها بنصف الصداق
4ـ البكارة الحُكمية : قد تزول البكارة بغير الوطء كما يحصل أحياناً بسبب الرضوض ونحوها ، وقد أجمع الفقهاء على أن البنت في هذه الحال تعد بكراً حكماً وحقيقة ، ولا أثر لزوال بكارتها لأنها لم تمارس الرجال بالوطء في محل البكارة(3) .
5 ـ رتق غشاء البكارة : بما أن تمزق غشاء البكارة يحصل من أسباب مختلفة ، فقد اختلف الحكم في رتقه ، على التفصيل الآتي :
* إذا كان سببُ التمزق حادثةً أو فعلاً لا يعدُّ في الشرع معصيةً ، ولا هو جِماعٌ في عقد نكاح ، ينظر : فإن غلب على الظنِّ أنَّ الفتاة ستلاقي عَنَتاً وظلماً بسبب الأعراف والتقاليد السائدة ، كان إجراءُ الرَّتْق واجباً ، لما فيه من دفع مفاسد يغلب على الظنِّ وقوعها ، فإنَّ المفسدة المتوقعة بأغلبية الظن تعتبر في حكم الناجزة المحققة ، فإنْ غلب وقوع المفسدة ولو في المآل جُعلتْ كالمفسدة الواقعة فعلاً ، وإذا لم يغلب ذلك على الظَّنِّ كان إصلاحُ الغشاء مندوباً غير واجب ، لما فيه من دفع مفاسد محتملة ، والذي يحدد ما تقدَّم هو طبيعة المجتمع الذي تعيش فيه الفتاة .
* إذا كان التمزُّقُ قد حصل بفعل وطءٍ من عقدِ نكاحٍ صحيحٍ حَرُمَ رتقُه ، سواء كانت المرأة متزوجة أم مطلَّقة أم أرملة ، لأنه لا مصلحة فيه ، بل هو عندئذ نوع من العبث الذي لا يُقرُّه الشرع .
* إذا كان سبب التمزق زنى اشتهر بين الناس سواء كان اشتهاره نتيجة صدور حكم قضائي على الفتاة بالزنى ، أم كان نتيجة تكرار الزنى من الفتاة وإعلانها لذلك واشتهارها بالبغاء ، ففي هذه الحالة يحرم على الطبيب رتق غشاء البكارة لعدم وجود مصلحة ، ولأن فعله هذا لا يخلو من المفسدة .
* إذا كان سبب التمزق زنى لم يشتهر بين الناس بالمعنى السابق ، كان الطبيب مخيَّراً في إجراء عملية الرتق أو عدم إجرائها ، لأنَّ فعله هذا من باب السَّتْر كما تقدَّم ، علماً بأن السَّتْر على العُصاة تتناوبه أحكام عدة : فقد يكون حراماً إذا ترتب عليه تضييع حقٍّ من حقوق العباد .. وقد يكون واجباً إذا ترتَّب على الإظهار وقوع مفسدة أو معصية ، كما لو كان الشخص وحيداً عندما رأى حادثة الزنى ، فإن بلَّغ ولم يُقِرَّ المتَّهمُ كان ذلك منه قذفاً ، وقد يكون الستر مندوباً إذا تبين أن الذي وقع في المعصية قد ندم عليها ولم يكررها ، وقد يكون الرتق مكروهاً إذا تبين من العاصي الإصرار وعدم التوبة ( ونحن نرى أنه حرام وليس مكروهاً في هذه الحال لأنه يشجع على تمادي المرأة بالمعصية ) فإذا جهلنا حال العاصي من حيث التوبة وعدمها فمقتضى ما تقدَّم أن يكون السترُ عليه جائزاً وبناء على هذا ينبغي للطبيب إذا جاءته فتاةٌ تطلب رتق بكارتها المتمزقة أن يحمل أمرها على الصلاح ، وأنْ يفترض أن ما وقعت فيه كان بسببٍ ليس فيه معصيةٌ لله عزَّ وجلَّ ولا يحقِّق بالموضوع بأكثر مما ذكرنا من الأمارات الظاهرة ، ولا يجوز أن يبني موقفَهُ على سوء الظَّنِّ بها(4) .
* إذا تمزق غشاء البكارة نتيجة الاغتصاب ( Rape ) جازَ رَتْقهُ دفعاً للمفسدة عن البنت التي اغتصبت كُرهاً عنها ، وقد صدرت فتوى بهذا الشأن عن مفتى مصر العربية ، يوم 26 جمادى الثانية 1419هـ ( 16 تشرين الأول / أكتوبر 1998م ) جاء فيها : (( إنه لا مانع شرعاً من العمليات الجراحية التي تجرى للأنثى التي اختُطفتْ وأكرهَتْ على مواقعتها جنسياً لإعادة بكارتها )) وقد طالَبَ الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وغيره من أهل العلم وأهل القضاء بوضع الضوابط اللازمة لسدِّ الباب أمام المُنْحَرِفات لعدم استغلال هذه الفتوى للغشِّ والخداع ، وطالب أيضاً أنْ يُجَرَّم الطبيبُ الذي يُقْدِم على إجراء مثل هذه العمليات للسيدات غير المغتصَبات(5) ، هذا مع مراعاة ما قدمناه من أحكام .
6ـ الشهادة في البكارة : بما أنَّ البكارة جزء من العورة المغلَّظة فقد أجاز الفقهاء فيها شهادة النساء دون الرجال ، على غير القاعدة في الشهادات عامَّةً والتي تشترط شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ، لأنَّ اطِّلاعَ النساء على عورات النساء أقلُّ حرجاً من اطِّلاع الرجال ، وذهب بعض الفقهاء إلى مدى أبعد في الحيطة فقالوا يكفي في البكارة شهادةُ امرأةٍ واحدةٍ ثِقَةٍ صيانةً للعورات ( انظر : عورة )
7ـ استئذان البكر في النكاح : ذهب جمهور الفقهاء إلى أن البكر لا يجوز لها أن تُزوِّج نفسها ، بل يزوجها وليُّها ، سواء كانت صغيرة أم كبيرة ، ولكن على وليها أن يستأذنها كما أشار النبي e حيث قال : ( .. البكرُ تُسْتأْذنُ في نَفْسِها ، وإِذْنُها صماتُها )(6) ، وذهب نفرٌ من الفقهاء إلى أن الكبيرة لها أن تزوج نفسها ، لكننا نرى أنَّ الأولى ما ذهب إليه الجمهور في هذه المسألة من اشتراط رأي الولي مع استئذان البنت ، سواء كانت صغيرة أم كبيرة ، بكراً أم ثيِّباً ، لأنَّه يَدْرَأ مفاسدَ عظيمةً ، فإنَّ تزويج البنت لنفسها من غير اعتبار لرأي وليّها فيه إضعافٌ للرابطة الأسرية وتحريض للبنت ضد وليّها ، وامتهان لرأيه ، وفيه أيضاً إتاحة الفرصة للتغرير بالبنت وإيقاعها في حبائل الغواية والشهوة ، ولكي ندرك الحكمة من اشتراط رأي الولي في هذه المسألة يكفي أن نلقي نظرة على ما يحصل اليوم من تفكك الأُسر وشيوع الفاحشة والجريمة في البلدان التي تجاوزت هذا العُرْف ( Convention ) ولم تعد تحفل برأي الولي في هذه المسألة ولا في مثيلاتها من المسائل الاجتماعية الحساسة !