تم انتقاد قانون الزواج الجديد في سويسرا، الذي يتطلب من الأجانب الحصول
على تأشيرة صالحة قبل الإقدام على الزواج في الكنفدرالية، على اعتبار أن
فيه انتهاكا لحقوق الإنسان.
هذا الزواج يعرف عند المسلمين بزواج المسيار ، لأنه يسهل لأحد طرفي الزواج
الحصول علي الإقامة ثم الجنسية فيما بعد . علي أن يتم الإنفصال في وقت لاحق
..
وكان حزب الشعب (يمين شعبوي)، هو الذي تقدم بمبادرة لسَـن هذا القانون
الهادف للحد مما يسمى بـ "الزواج الأبيض"، وهو الزواج الذي يقدُم عليه
أشخاص لتفادي إجراءات التأشيرة والذين يقدِّمون طلبات فيما بعد لجلب
عائلاتهم إلى سويسرا.
ويشير المكتب الفدرالي للإحصاء، إلى أن من بين حوالي 42 الف حالة زواج تم
عقدها في سويسرا في عام 2009، لم يشكل الزواج الذي يكون فيه أحد الطرفين
أجنبيا 20380 حالة، أي زهاء 50% من مجموع حالات الزواج.
وكان المكتب الفدرالي للأحوال الشخصية قد قدر في عام 2004 أن ما بين 500
و1000 حالة هي زيجات صورية، أي ما يمثل 3% من مجموع حالات الزواج.
وقال مارتين بالتيسر، أمين عام حزب الشعب السويسري في حديث لـ
swissinfo.ch: "إن الحزب شعر بأن هناك ضرورة لتعديل قانون الزواج للحد من
حالات التحايل وحالات الزواج الأبيض، الذي يقدُم عليه أشخاص فقط من أجل
الحصول على حق الإقامة".
عملية إقصاء
ويقول منتقدو قانون الزواج السويسري، إنه ينتهك قوانين حقوق الإنسان لأنه يعمل على إقصاء فئة من الناس من إمكانية التمتع بحق الزواج.
وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في حكم لها في شهر ديسمبر الماضي،
قد انتقدت القوانين البريطانية قائلة "إنها تمنع أشخاصا ينتمون إلى فئة
معيَّـنة من التمتع بحق الزواج، بغض النظر عما إذا كان الزواج المقترح،
زواجا أبيضا أم لا".
وقال فيليب ماير، أستاذ القانون بجامعة لوزان في حديث لـ swissinfo.ch: "إن
هذا الحكم يمكن أن يُطبَّـق على قانون الزواج السويسري: مضيفا أن "قانون
الزواج السويسري الجديد، يقوم على مبدإ أن كل الأجانب غير الحاصلين على
تأشيرة، هم بصدد الإقدام على زواج أبيض".
وتعتبر المحكمة الأوروبية أن "مثل هذا القانون (...) يفرض تمييزا ضد فئة بحالها من الأجانب، حتى ولو كانت ترغب فعلا في زواج حقيقي".
من جهته، قال ميشال مونتيني، الناطق باسم المكتب الفدرالي للأحوال الشخصية،
إن الحكم الصادر بخصوص القانون البريطاني، لا يمكن أن ينطبق على القانون
السويسري. وأشار بالخصوص الى أن الانتقاد الموجه لبريطانيا يعود إلى
قانونها الذي يشترط حصول الشخص الراغب في الزواج على "شهادة موافقة"، إنما
يعمل على فرض رسوم باهظة وأنه تمييزي، لأنه لا ينطبق على من يختار الزواج
في الكنيسة الأنجليكانية.
وقال السيد مونتيني في حديث لـ swissinfo.ch: "لقد درسنا هذا القرار بدقة،
ونعتقد بأن قانوننا مطابِـق لبنود المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان، وهذا
على الأقل فيما يتعلق ببنود القانون الذي يجب أن تطبقه السلطات".
تطبيق "ليبيرالي"
وقال السيد مونتيني "إن القانون السويسري الجديد لا يهدف لتأكيد أو عدم
تأكيد أن الزواج أبيض، بل لتأكيد ما إذا كان الشخص يتمتع بحق الإقامة في
سويسرا أم لا".
وأضاف السيد مونتيني "يُمنح الزوجان المعنيان فرصة تعديل الأمور بخصوص شروط
التأشيرة، قبل الفصل في مسألة قبول أو رفض عملية الزواج من قبل السلطات".
وبإمكان سلطات الهجرة أن تمنح المعني بالأمر رخصة تضفي الشرعية على إقامته
في سويسرا حتى موعد الزواج.
"كما يجب تطبيق هذه الإجراءات بطريقة ليبيرالية لضمان تجنب أن نصل الى
وضعية نكون فيها السبب في منع الزواج في حد ذاته، وهو ما قد يكون بمثابة
انتهاك للمعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان"، على حد تعبير السيد مونتيني.
وإذا كان السيد ماير يرى أن "هذا الفهم الليبرالي للقانون بإمكانه أن يجنب
انتهاك حقوق الإنسان"، فإنه يعتبر في نفس الوقت أن "الاستثناءات لا مكان
لها في القانون، الذي يُـعتبر أكثر دقة"، لذلك يجب تعديل القانون لإعطائه
الدقة المطلوبة.
اما السيد بالتيسر فلا يعتقد بأن "الإجراءات الجديدة تضع عدة تحديدات على
عملية الزواج، ولو أن هذه العملية أصبحت بكل تأكيد اليوم أكثر صعوبة".
الحق في الزواج
ويقول زوجان لهما تجربة مباشرة في محاولات الزواج في سويسرا، إن السلطات
وقفت في طريقهما لمنعهما من الاستمرار في إجراءات الزواج، إذ قالت سارة،
وهي سويسرية وجون من كوت ديفوار (إسمان مستعاران)، لقد كانا على علاقة منذ
18 شهرا قبل أن يقررا الزواج، ولكن تأشيرة جون كانت تقترب من انتهاء
صلاحيتها، بل كانت صالحة لما تقدما بطلب للسلطات في شهر أكتوبر من العام
الماضي.
وقالت سارة في حديث لـ swissinfo.ch: "لقد رفضوا في البداية حتى منحنا
موعدا، لأنهم كانوا يشككون في كوننا جادّين، ولكن المحامي تمكن من انتزاع
موعد في آخر يوم من صلاحية التأشيرة".
وقال الزوجان إن السلطات أصرت على تجريد جون من جواز سفره الذي لم تتم
إعادته قبل التوقيع على وثائق الزواج، ولكن بعد ذلك بقليل، تم طرد جون الى
فرنسا في شهر ديسمبر. وعندما طالبت سارة بإعادة وثائقها، قيل لها "بانهم لم
يكونوا ليصادقوا على زواجنا باي حال من الأحوال، نظرا لدخول قانون زواج
جديد حيز التنفيذ في شهر يناير". وترفض سارة ما يصفه البعض بالتطبيق
الليبيرالي، بل تصف ذلك بـ "الكذب من الدرجة الأولى"، إذ قالت "إنهم
يتلاعبون بالقوانين، فهم يقولون لكم شيئا بابتسامة، ولكنهم يقولون لك في
المرة القادمة شيئا مغايرا تماما".
تزوج جون وسارة في الشهر الماضي في فرنسا. ومثلما اوضح الزوجان، فإن
السلطات السويسرية طلبت من جون العودة الى كوت ديفوار من أجل طلب تأشيرة
هناك، لكن الزوجين قالا إن ذلك غير ممكن، نظرا للاضطرابات التي تعرفها
البلاد.
وقالت سارة "يخول لك القانون الحق في الزواج وأن تعيش مع من تختاره. وعندما
اقدمنا على الزواج، كان ذلك لكي نعيش مع بعض. فهل نحن فعلا نعيش مع بعض؟".
صوفي دويز- swissinfo.ch
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه محمد شريف)