الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية :"إن إصلاح الإنسان من الداخل أهم من
إصلاحه من الخارج .. وإصلاح الداخل يكون بإصلاح تفكيره ومعتقداته ومدى
مراعاته للالتزاماته الداخلية" ، مشيرا إلى أن كل إنسان يتصرف وفق فكرة من
جهة ووفق عواطفه ونزواته من جهة أخرى ، فإذا صلح من الداخل فكرا وعاطفة
وصلح من جهة الرغبات والنزوات فإن سلوكه من الخارج يكون سلوكا طبيعيا سويا
بدون حاجة إلى أن يضبطه العقوبات.
وأضاف - في حوار له مع جريدة "الإسبوع"
المستقلة تنشره غدا الاثنين - "أن العقوبات نفسها لا تكفى لردع الإنسان
بدليل أن البعض وهم فى السجون يرتكبون جرائم داخل السجن أو يخرجون من السجن
ليرتكبوا جريمة أخرى" . مؤكدا "أن العقوبة فى حد ذاتها لا تردع الشخص نفسه
بل قد تحمى منه إلى حين ويبقى الشر فى داخله .. وعلينا إذن غرس القيم منذ
الطفولة المبكرة جدا وهذا يحتاج إلى وجود المعلمين والمرشدين الذين يمكن
إئتمانهم على هذه التوعية وهذا الإرشاد وتنشئة الأطفال على القيم السليمة".
وفى رده على سؤال كيف يمكننا مجابهة
ظاهرة خرق القانون التى قد يلجأ إليها كل إنسان ؟ أكد قداسة البابا شنودة
أن ذلك يأتى بالتربية السليمة وتعويد الإنسان منذ طفولته على إطاعة القانون
والنظام العام .. بالإضافة إلى نقطة في غاية الأهمية توجد فى المجتمعات
وهى العقوبة الصارمة جدا على مخالفة القانون وعدم تمييز أى إنسان فى تطبيق
القانون عليه مهما علت مكانته ، مثال ذلك قد يصل الأمر أحيانا إلى سحب رخصة
السائق فى حالات كسر قواعد القانون وليس مجرد الغرامة.
وفى رده على سؤال حوال : ما الركيزة فى
مواصفات الإنسان لصياغة النسيج التلقائى لسلوك الفرد الإيجابى فى المجتمع ؟
قال أكد قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة
المرقسية :"إن تنقية القلب وإتساع الفكر والثقافة والحكمة فى التصرف ،
ونتيجة لهذا كله يمكن للانسان أن يكون منتجا وبناء فى المجتمع الذى يعيش
فيه إثارة الشائعات هى إحدى الجرائم النفسية التى يقودها بعض العابثين ضد
أناس أبرياء .
ليس العجيب فى صدور الشائعة إنما العجيب
فى تصديقها ، والعجيب أن كثيرا من الناس فى سذاجة إلى الحد الذى يمكن لهم
معه تصديق كل مايقال ، التمركز حول الذاتية أحد الأسباب التى قد تقود
المرء إلى إستغلال الظروف والأشخاص لإعلاء نفسه والوصول إلى أهداف وهو أيضا
واحد من الطرق التى قد تقود المرء إلى إمتطاء العنف والسطوة والجريمة
لتحقيق غاياته".
وأضاف أنه لا يوجد مرض روحى أشد فتكا
بالإنسان من الذاتية التى يحاول فيها الإنسان أن يتمركز حول ذاته ناسيا
مصلحة المجموع كله أو مضحيا بمصلحة المجموع كله.
وفى رده على سؤال عن ما السبيل إلى
إنكار الذات فى ساحة تتنازع فيها الأهواء ؟ قال :"إن أول خطوة فى طريق
الفضيلة تعتمد على مبدأ إنكار الذات حيث تتحول حياة الإنسان إلى سلسلة من
العطاء والبذل يتعب فيها من أجل الآخرين ويضحى من أجلهم ويبذل ذاته من
أجلهم.
وأشار إلى أننا نريد أن نفرق بين
الإنقياد إلى الحق الخالص وكلمته على أفواه صفوة من الناس ، يقدمون المثل
العليا للآخرين وبين الإنقياد الخاطىء وراء زيف يصوره الوهم حقيقة ، والوضع
السليم هو أن ينقاد الإنسان إلى الحق الخالص بفهم حقيقى وإقتناع داخلى ،
وقد ناقش الأمور مع نفسه وميز بين ما يجب إتباعه وما يجب إقتلاعه