في الوقت الذي يقوم فيه رئيس الوزراء المصرى عصام شرف بزيارة للخليج،
انتشرت أجزاء صغيرة من برنامج التوك شو الكويتى (مع الناس) وهو برنامج يومى
يقدمه المذيع "سعود الورع" على قناة سكوب الكويتية وأذيعت الاثنين حلقته
التى تكرم الرئيس السابق مبارك وتتحسر على قلة أصل المصريين الذين يهينون
رمزهم، يذاع البرنامج الذى يطالب فيه بعض المتصلون باستقالة الحكومة التي
يزورهم رئيسها!
لم يكف المذيع الكويتى أو المتصلين به طوال الحلقة عن سب الثورة المصرية
واتهام الثوار بالعمالة للجهات الاجنبية وبتنفيذ مخطط ماسوني بالاضافة الى
الخيانة وتخريب الوطن وتقسيمه، أضف الى ذلك اتهام المصريين بقلة الأصل
لانهم يذلون كبيرهم والد المصريين والزعيم العظيم الذى خدم بلده والعالم
العربى 30 عاماً بمحاكمته وسجنه، وطال السباب والتشكيك أيضاً تحقيقات
وقرارت النائب العام المصرى خاصة فيما يتعلق بقراره بحبس مبارك حيث قال أحد
المتصلين غاضباً كيف يسجن النائب العام الرئيس الذى عينه فى منصبه؟
كثير من الكلام الذى ورد فى البرنامج سواء من المصريين أو من غير
الكويتيين لا يخرج كثيراً عن الهرتلة والهراء الذى كان يقال فى التليفزيون
المصرى وقت الثورة قبل اقالة وزير الاعلام السابق أنس الفقى، وهو كلام يشبه
كثيراً الكلام الذى كانت يردده بالأمس أمام ماسبيرو عدد هزيل من الأشخاص
الذين خرجوا فى مظاهرات احنا أسفين ياريس.
لماذا تذكرت قناة كويتية فجأة حسنى مبارك بعد 3 شهور من خلعه؟ ولماذا تشن
الآن وهذه الأيام هذه الحملة المشبوهة التى تصور المصريين على انهم خونة
وعملاء يهينون والدهم ورمزهم؟ ومنذ متى تحتفل قناة عربية غير مصرية بعيد
تحرير سيناء وتذيع الأغانى الوطنية المصرية؟
من المؤكد انهم لا يوجهون هذا البرنامج للمصريين داخل حدود مصر لأن
البرنامج والقناة والمذيع لا يعلم كثيرون بوجودهم من الأساس، ولكن من
الواضح أن القناة موجهة للمصريين الموجودين فى الخليج، وللخليجيين أنفسهم
لخلق رأى عام مضاد للثورة المصرية عن طريق المزج بين قليل من الحقائق وكثير
من الأكاذيب والمغالطات، ويمكن تلمس أثر البرنامح السلبى فى رسائل
المشاهدين التى تظهر فى شريط الأخبار حيث كتب بعض المشاهدين الخليجيين
للمذيع مثلاً (ماذا تنتظر يا أخى ممن نسيوا فضل أبوهم ورئيسهم؟)، والمدهش
أن أحدهم كتب مستنكرا حبس مبارك: (هل أطلق مبارك الرصاص على شعبه مثل
القذافى وبن على؟)
ومثل تلك الأكاذيب الفاضحة كانت ترد فى أحاديث المتصلين البرنامج ولا
يصححها المذيع الذى كان يظهر دهشته وذهوله من حبس مبارك رغم انه لم يفعل
شىء يستحق عليه هذا على حد قوله.
واستمرت حالة الاستهبال والتلفيق طوال الحلقة منذ بدايتها الى نهايتها
وعلينا تخيل بعد مثل تلك النوعية من البرنامج كيف سيعامل أهل الخليج
الوافدين المصريين بعد أن حولهم مثل هذا الاعلام الغبى المتواطىء الى خونة
وعملاء وكفار كما يرد فى البرنامج، ويجب أن تحتج الحكومة المصرية والمجلس
العسكرى مثل هذا الهراء لان هذا التهييج والاثارة الاعلامية تزرع الفتنة
والكراهية ضد المصريين المقيمين فى الخليج.
حلقة الأثنين حسب وصف المذيع تدشن حملة يومية ستمتد طوال هذا الأسبوع
شعارها (لا لاهانة مبارك) الذى وصفه المذيع بعزيز مصر ورمزها وفخر الأمة
العربية،
وفى البرنامج يدعو المذيع المصريين الشرفاء الى فضح الثورة وديكتاتوريتها
بالحديث تليفونياً مع القناة وارسال الفيديوهات التى تؤكد ذلك، وقد تحول
البرنامج الى صالون عزاء وبكاء على الرئيس المخلوع كما لو كان أميراً
كويتياً، تذاع أغانى وطنية مثل أغنية اخترناه ومقتطفات من خطبه على خلفية
موسيقى حزينة وسلايد شو لصور متنوعة للرئيس تمثل مراحل مختلفة من حياته،
وتعمد المذيع الاشادة بأشخاص بعينهم فى البرنامج مثل الممثل طلعت زكريا
ومرتضى منصور، الأول وصفه بالفنان المسكين الذى يتعرض لحملة بلطجة وترهيب
لانه أعلن حبه وتأييده للرئيس، والثانى سجن لنفس السبب، بينما شن هجوماً
كبيراً على عمار الشريعى وبمن وصفهم بالفنانين المنافقين.
اما الاتصالات الهاتفية فهى نموذج من اتصالات أمن الدولة الملفقة المليئة
بالأكاذيب المتناقضة التى كانت تتم أيام الثورة مع قنوات مثل الجزيرة، ولأن
البرنامج يبدو انه تم الاعداد له على عجل فان الاتصالات تبدو مدبرة
ومعظمها يقوم بها شخص واحد مصرى الجنسية اسمه أحمد اتصل أكثر من مرة وتكلم
لفترات طويلة فى كل مرة.
نفس الشخص يؤكد انه شاهد عيان على الثورة ويطلق كمية كبيرة من المعلومات
الكاذبة والأراء المتناقضة التى تلاقى هوى المذيع الذى يؤمن عليها بالأيات
القرآنية أو الأحاديث النبوية، ووصلت الأمور بالمتصل الى تكفير كل من يتهم
حسنى مبارك بافقار المصريين، لان الفقر والغنى من عند الله، ويؤكد أن
الفساد المالى ليس مهماً والأهم هو الفساد الأخلاقى، ويؤكد المتصل للمذيع
أن مصر خرجت عن بكرة أبيها الاثنين لماسبيرو ومنعهم الجيش من التعبير عن
رأيهم، وظل المتصل يتحدث عن مؤامرة الثورة مؤكداً ان لديه جميع الوثائق
التى تؤكد ذلك.