كشف مسئول أمريكي بارز، أن الغارة على مخبأ زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن
لادن التي أدت إلى مقتله ليل الأحد جاءت بعد أربع سنوات من تمكن أجهزة
الاستخبارات من رصد مرسال شخصي له، فيما ذكرت تقارير إخبارية أن هذا
المرسال كويتي الجنسية ويدعى أبو أحمد.
وأكد مصدر دبلوماسي أخر لـCNN أن "المرسال" الموثوق به الذي قاد، دون قصد،
الاستخبارات الأمريكية إلى مخبأ بن لادن، بعد مراقبة طويلة استغرقت
أعواماً، هو كويتي يدعى "أبو أحمد."
ومن جانبها نقلت وكالة "فرانس برس" عن مسئول طلب عدم الكشف عن هويته، إن
أشخاصا مشتبه بانتمائهم إلى "القاعدة" قالوا أثناء التحقيق معهم، إن هذا
الرجل هو أحد مراسلي القاعدة القلائل الذين يثق بهم بن لادن. وأضاف "قالوا
إن هذا الشخص ربما يعيش مع بن لادن ويحميه، إلا أننا لم نتمكن لعدة سنوات
من التعرف على اسمه الحقيقي أو على موقعه".
وتابع: "قبل عامين ذكرت أجهزة الاستخبارات الأمريكية أنها "حددت مناطق يعمل
فيها هذا المرسال وشقيقه.. لكننا لم نستطع أن نحدد بالضبط مكان إقامته
نظرا للإجراءات الأمنية المشددة التي يتخذها وشقيقه". وأشار إلي أن حذرهما
الشديد عزز اعتقادنا بأننا نسير على الطريق الصحيح.
وكان مسؤولون أمريكيون قد أشاروا، في وقت سابق، إلى أن عملية تعقب المرسال،
دون تسميته، بدأت منذ عام 2007، عقب التعرف على هويته من اعترافات معتقلين
في القاعدة العسكرية بخليج "غوانتانامو" في كوبا.
ورصد المحللون أثناء تقييم المعتقلين المحتجزين في السجن العسكري، تكرار
اسم "أبو أحمد الكويتي"، ويعتقد أنه من المقربين إلى خالد شيخ محمد، وبدوره
يحمل الجنسية الكويتية، ويعتبر الأخير العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر 2001
على الولايات المتحدة الأمريكية. ووصف مسؤولون أمريكيون "أبو أحمد" بحامي
كبار قيادات القاعدة، مثل خالد شيخ محمد، وأبو فرج الليبي، المعتقل هو
الآخر في غوانتانامو ويعتقد أنه يحتل المرتبة الثالثة في سلم قيادات
التنظيم عند اعتقاله في مايو عام 2005.
وجاء في أحد التقييمات الواردة بوثائق وزارة الدفاع الأمريكية، التي نشرها
موقع "ويكيليكس" مؤخراً، ذكراً لـ"أبو أحمد" على أنه من كبار الذين يقدمون
تسهيلات للتنظيم وأحد مساعدي محمد، و "يعمل كمرسال وفي القسم الإعلامي
للقاعدة، الذي يشغل KU-10024 (في إشارة إلى محمد).
وأوردت الوثائق السرية أن "أبو أحمد الكويتي" من المقربين إلى بن لادن
وتنقل معه، وشوهد في "تورا بورا"، وأنه ربما الشخص الذي أشار عدد من
المعتقلين إلى كان برفقته هناك قبيل فراره، والتي اختفى أثر زعيم القاعدة
بعدها.
وجاء ذكر "أبو أحمد" على لسان الإندونيسي رضوان عصم الدين، وهو من أعضاء
القاعدة وقضي عامين في جبهات القتال في باكستان وأفغانستان في فترة
الثمانينيات.
وأوضح مصدر أمريكي لوكالة الصحافة الفرنسية أنه في اغسطس 2010 عثرت
المخابرات على مسكن الكويتي وشقيقه، وعلى الفور استرعى هذا المجمع الواقع
باحدى المناطق الفخمة في ابوت آباد على بعد نحو 50 كلم شمال غرب العاصمة
اسلام اباد، اهتمام المحللين الاستخباراتيين، حسب المسئول. وتابع المسئول
الأمريكي: "عندما شاهدنا المجمع الذي يعيش فيها الشقيقان، صدمنا لما
رأيناه"، فقد كان للمجمع بوابتان مؤمنتان، وكان أكبر بكثير من باقي المنازل
في المنطقة، ورغم أن قيمته تبلغ مليون دولار لكن لا يوجد فيه هاتف أو
انترنت.
وقال إن الاجراءات الأمنية التي كانت تحيط بالمجمع غير عادية. فقد كان يحيط
به 12 جدارا بارتفاع 18 قدم (نحو 5,4 متر) يعلوها سياج شائك. كما تقسم
جدران داخلية أجزاء من المجمع لتوفير مزيد من الخصوصية.
وأضاف "استخلص المحللون الاستخباراتيون إن هذا المجمع بني خصيصا لإخفاء شخص
مهم"، وما لبثت واشنطن أن تأكدت إنه إضافة إلى المرسال وشريكه، فإن عائلة
اخرى تعيش في المجمع تطابق مواصفتها مواصفات عائلة بن لادن بمن فيهم صغرى
زوجاته.
وحصلت الاجهزة الاستخباراتية على تأكيد من مصادر أخرى بأنه من المرجح أن
يكون بن لادن في ذلك المجمع، إلا أنها بذلت جهدا كبيرا في التاكد من
معلوماتها. وأضاف: "كانت كل المواصفات تنطبق على بن لادن".
وبحلول فبراير كانت اجهزة الاستخبارات مقتنعة بأنها عثرت على بن لادن، وبدأ
البيت الأبيض استعداداته لشن غارة داخل باكستان، حسب المسئولين. وعكف
مسئولون أمنيون بارزون على التخطيط للعملية "لمدة أشهر وأطلعوا الرئيس
الأمريكي على تطوراتها بشكل منتظم"، حسب مصدر آخر بالإدارة الأمريكية.
وذكر المسئول أن الجدران العالية والاجراءات الامنية التي تحيط بالمبنى
وموقعه وقربه من اسلام اباد، جعل من هذه المهمة خطرة بشكل خاص، وبدءا من
مارس شرع أوباما في عقد سلسلة من الاجتماعات مع فريقه الأمني لدراسة مختلف
الخيارات. ولم يكن على علم بهذه التطورات سوى عدد قليل من مسئولي الإدارة
الأمريكية، كما اختارت الإدارة الأمريكية عدم ابلاغ باكستان.
وقال مسئول ثالث طلب عدم الكشف عن هويته "لم نطلع أي بلد آخر حتى باكستان
على المعلومات الاستخباراتية التي حصلنا عليها. كان هذا لسبب واحد فقط هو
أننا اعتقدنا أن ذلك ضروري لأمن العملية ولأمن قواتنا".
وفي الساعة 8,20 دقيقة من الجمعة بتوقيت واشنطن أصدر أوباما قرار تنفيذ الغارة بواسطة مروحيات قبل أن يتوجه في رحلة إلى الاباما.