روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    الثورة مستمرة و ضرورة مواجهة أعدائها

    فاطمة سعد
    فاطمة سعد
    المراقبه العامه
    المراقبه العامه


    عدد المساهمات : 875
    نقاط : 2615
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 20/03/2011

    الثورة مستمرة و ضرورة مواجهة أعدائها Empty الثورة مستمرة و ضرورة مواجهة أعدائها

    مُساهمة من طرف فاطمة سعد الخميس مايو 05, 2011 12:02 pm

    عندما
    يقوم المؤرخون فيما بعد بدراسة الثورة المصرية التي اندلعت شرارتها في 25
    يناير 2011 سوف يكتشفون أنها نتيجة منطقية تماما لما سبقها من أحداث جرت
    على مدى أربع أو عشر سنوات سابقة. سوف تكون تحليلاتهم سليمة وصادقة لا مراء
    فيها، بل وربما يندهش بعضهم كيف لم تتوقع الطبقة الحاكمة المصرية أو القوى
    السياسية اندلاع الثورة في هذه الفترة بالتحديد. ومع ذلك تبقى هذه الثورة
    زلزالا عظيما فاجأ كل من شارك فيها ومن راقبها عن كثب بل والجماهير التي
    كانت وقودها والشباب الذين أطلقوا شرارتها والطغمة الحاكمة ورموزها الذين
    كانوا هدفا لانتقام التاريخ فيها.
    ذلك
    أن الثورة حالة استثنائية في تاريخ المجتمعات، وتجربة فريدها تخوضها
    الجماهير عادة دون أن تدرك أنها في غمار هذه التجربة تصنع تاريخا جديدا
    للمجتمع، بل إن ملايين البشر الذين خرجوا إلى شوارع مصر وميادينها يطالبون
    بإسقاط النظام لم يكونوا على وعي كامل بالضرورة بمغزى شعار إسقاط النظام.
    وكان هذا الشعار بالنسبة للغالبية الكاسحة منهم مجرد صرخة احتجاج على
    المعاناة والقهر والاستغلال والفساد والفقر والتهميش. أغلبهم لم يكن يعرف
    تحديدا ماذا يريد وإن كان يدرك بشكل غامض لماذا خرج.
    عملت
    تجربة الانتفاضة في 25 يناير على تكثيف وتركيز الغضب والعناد، وانضم
    الملايين إلى موجة الغضب والعناد فكانت "جمعة الغضب" بكل كثافتها وزخمها
    التي لم يستطع أحد توقع أحداثها، خرجت الجماهير تعلن عن هذا الغضب ولأنها
    تدرك أن أعمدة النظام الكريه لا يريدون خروجها ويخشون من هذا الخروج.
    أطلق
    المراقبون على هذا الخروج العظيم انتفاضة عفوية، لا رأس لها ولا قيادة،
    وهو ما يعد صحيحا طالما نتحدث عن غياب أي قيادة مركزية ذات أذرع وكوادر
    متعددة في مختلف أطراف الحركة الجماهيرية ومفاصلها سواء كانت تنتمي إلى حزب
    أو تنظيم واحد أو عدة أحزاب أو تنظيمات مؤتلفة. ولكن ذلك لا يعد دقيقا
    بشكل مطلق لأن شبابا ينتمون إلى مشارب سياسية شتى، ليبرالية واشتراكية
    وإخوانية وقومية، وضعوا أسماء وعناوين أيام الثورة وبرامج عملها بطريقة
    ارتجالية باهرة وملهمة في إبداعها علاوة على عدد لا يحصى من القيادات
    الاعتباطية التي لا رابط فيما بينها لكنها قادرة على حشد وتعبئة هذا القطاع
    أو ذاك من الجماهير في غمرة الأحداث، وعند المواجهات مع الشرطة في الشوارع
    والميادين، وهي القيادات التي أبدعت في خوض وتنظيم المعارك ولا يعرفها
    أحد.
    هذه
    الحالة الاستثنائية أذهلت جميع السياسيين الذين طالما انخرطوا في أشكال
    متعددة من النضال ضد النظام ودفع بعضهم أثمانا باهظة نتيجة لطموحاتهم
    وأحلامهم الثورية، وكانوا يتوقعون أن المظاهرة الاحتجاجية في 25 يناير لن
    تتجاوز المظاهرات المعتادة لبضع مئات من الناشطين تحاصرها الشرطة قليلا
    ويهتفون داخل كردون أمني مغلق حتى يصيبهم التعب والإنهاك ثم ينصرفون بهذا
    القدر أو ذاك من الاعتقالات والهراوات.
    حقا
    إن الثوريين يؤمنون بالطاقة الهائلة للجماهير وبقدرتها المذهلة على
    الإبداع والمفاجأة، وإلا لما آمنوا بالثورة ولا كانت حلما يراودهم، لكن
    الطبيعة الاستثنائية للثورة تجعل أكثر الانبياء شفافية وتجاوزا للحجب عاجزا
    عن التنبوء بها أو توقع مسارها على نحو دقيق. بل لا يمكن حتى توقع الأحداث
    في مسارها العام إلا بقدر المشاركة في صناعتها والقدرة على تحريكها في
    غمار الثورة.
    ورغم
    أن كثيرا من القوى المؤمنة بالثورة وذات الخلفية السياسية الثورية شاركت
    في أحداث ثورة 25 يناير، فإن أحدا منها لا يستطيع الادعاء بأنه صانعها أو
    أنه شكل القيادة الحاسمة فيها، بل انطلقت الثورة وتواصلت تفاعلاتها بقوة
    دفع ذاتية وطاقة غضب هائلة كلما اصطدمت إرادة الجماهير بعقبة تواجه تحقيق
    أهدافها، وكلما واجهتها رموز السلطة الغاشمة بصلفها وغرورها واعتدت على
    متظاهرين وأسقطت بعضهم بين قتيل وجريح، وقد ساهم أيضا في دفع الحركة
    الجماهيرية وزيادة زخمها الثقة التي اكتسبتها كلما ظهرت شروخ في بنية
    النظام الديكتاتوري الصخرية وبدأ تراجع الديكتاتورية يعزز الأمل يوما بعد
    يوم في اقتراب الحلم – حلم إسقاط النظام.
    على
    أن النظام لم يسقط بعد، رغم تحطيم جانب كبير من قدراته القمعية وجهازه
    السياسي ورغم الإطاحة برأس النظام نفسه وأبرز رموزه. وقد تدخل المجلس
    العسكري للحفاظ على بقية المؤسسات وإعادة بناء ما تحطم منها، خاصة جهاز
    الشرطة ومباحث أمن الدولة البغيضة، مع التضحية ببعض القيادات التي انصب
    عليها غضب الجماهير. والنظام حاليا يحاول أن يبحث عن وسائل جديدة لحكم
    الجماهير التي لم تعد تقبل أن تحكم بنفس الوسائل القديمة التي عجزت الطبقة
    الحاكمة أن تفرضها عليها.
    وهنا
    بدأت تظهر جوانب الضعف الخطيرة في الثورة المصرية. للجماهير طاقة هائلة
    على التغيير، لكن هذه الطاقة يمكن أن تتبدد في اتجاهات شتى طالما غاب عنها
    التنظيم الثوري الذي يمثل ذاكرة حركتها ومخزون وعيها التاريخي والذي يقترب
    منها ومن همومها ويخوض معها نضالاتها اليومية ويستطيع تنظيمها وتوجيه
    حركتها بأفضل السبل لتحقيق أهدافها التي خرجت وضحت من أجلها. لم تخرج
    الجماهير ليأتي المجلس العسكري ويعيد بناء النظام، بل خرجت لإسقاط هذا
    النظام. ولم تخرج الجماهير تهتف بإسلامية الدولة وتطبيق الحدود كما يريد
    الإخوان المسلمون والسلفيون، ويروجون لذلك عبر كافة المنابر وباللعب على
    وتر المشاعر الدينية. بل خرجت مطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية، لكنها
    لم تجد قوة منظمة تستطيع ترجمة شعاراتها هذه في برامج واضحة وسياسات تفرضها
    في الواقع ولا تستجديها من السلطة، مما دفع البعض لطرح التساؤل: هل تطالب
    الثورة بتحقيق أهدافها، أم تفرضها على أرض الواقع؟ تساؤل يعيد التأكيد على
    حقيقة أن السلطة حتى الآن ليست سلطة الثوريين ولا تأتمر بأوامرها، حتى وإن
    رضخت لبعض المطالب لاحتواء حركة الجماهير.
    إن
    تمجيد العفوية وارتجالية القيادة إعلاميا لا يخلو من الخبث، فرغم كل ما في
    هذه العفوية من مزايا فتحت مساحات الإبداع الحر للفعل الجماهيري تظل نقطة
    ضعف خطيرة في الحركة لأنها أتاحت الفرصة للقوى التي تتمتع بتنظيمات كبيرة
    واسعة الانتشار للسطو على الثورة وعلى أحلام الجماهير الثائرة، وجعلت
    الطبقة الحاكمة من خلال مؤسساتها التي مازالت مؤثرة تحول بين هذه الجماهير
    وبين تحقيق إرادتها بوسائلها وبما يحقق أهدافها. واستخدم في ذلك الخطاب
    الديني تارة والخداع والمناورة تارة والقمع تارة أخرى. هكذا يتحدث الإخوان
    المسلمون، الذين اتبعت قيادتهم نهجا انتهازيا منذ بداية الثورة وفي كل
    منعطف يواجه الحركة الجماهيرية، عن إسلامية الدولة وتطبيق الحدود.
    والسلفيون الذين طالما تعاونوا مع أبشع أجهزة الدولة في عصر مبارك، وهو
    جهاز مباحث أمن الدولة، يتحدثون الآن عن الغزوات وعن تطبيق الشريعة!
    لكن
    الثورة المصرية لم تصل بعد محطة النهاية، ولا بلغت الحركة الجماهيرية
    ذروتها وبدأت في الانحسار. مازال في مصر زخم ثوري هائل ومظالم لم تنته بعد،
    والحركة الجماهيرية سوف تظل بين صعود وهبوط وهجوم وتردد ومد وانحسار
    مادامت أهدافها لم تتحقق بعد ومادامت ثقتها في قدرتها على الفعل لم تتبدد
    بعد. وعلى الثوريين أن يتوقفوا الآن عن تمجيد العفوية والارتباك والارتجال
    التنظيمي، وعن العمل تحت رايات شتى تساهم في تمييع المواقف حفاظا على
    ائتلافات فوقية لا تحقق إلا مصالح القوى الأكثر تنظيما والأقدر على التفاعل
    مع الجماهير في مواقعها. بل عليهم أن ينظموا أنفسهم ويميزوا برامجهم
    وشعاراتهم ومواقفهم وأن يلتصقوا بالجماهير وأن يساعدوها في تنظيم حركتها
    وتركيز طاقتها في الدفاع عن مصالحها الحقيقية.
    الجماهير
    هي التي تصنع الثورة، وهي الأقدر على تغيير المجتمع والنظام السياسي
    والاجتماعي القائم على الاستغلال والقهر، لكنها لن تستطيع أن تفعل ذلك بدون
    التنظيم، لأن أعداء وانتهازيين كثر يريدون تبديد طاقة الجماهير أو حرفها
    نحو مسارات أخرى تنتهي إلى الحفاظ على النظام الذي ثارت الجماهير ضده
    وإعادة بناء قدراته على القمع والاستغلال .

    الثورة مستمرة و ضرورة مواجهة أعدائها 1-20
    رمضان الغندور

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 7:11 pm