قضي الأمر الذي فيه تستفتيان، وتبين الخيط الأبيض من الأسود، فهذه ثورة،
شاء من شاء، وأبى من أبى، ولا أحد - مها كان - له شرعية في هذا البلد إلا
شرعية الثورة، فالشعب هو المعلم، وهو الثائر، والخالد أبد الآبدين، وهو من
يعطي الشرعية لمن يشاء، وينزعها ممن يشاء!
قام الشعب المصري العظيم، بثورته المجيدة، ودفع دم شهدائه الأبرار، لأنه
أراد أن يشعر بالكرامة، بالعدالة، أراد نصيبه من الثروة القومية، التي
نهبها النظام السابق، في عمليات تجريف واسعة على مدار ٣٠ سنة، شعب تسقط على
رأسه صخور الدويقة، بينما يسكن سارقيه في قصور، امتصوها هم وأبناؤهم من
دماء البلد، شعب يحرق في القطارات، ويغرق في العبارات، وقاتليه يتنقلون
بطائراتهم الخاصة، من القاهرة إل شرم الشيخ، ومن شرم الشيخ إلى مارينا، شعب
في تكوينه الجيني يكره إسرائيل، ويراها "العدو الاستراتيجي"، بينما كان
حاكمه "كنزها الاستراتيجي"!،
وحين انتصر الشعب، ولم تفلح هجمات بربر النظام البائد على ظهور جمالهم
وبغالهم، واستبسل الثوار حتى الموت، ودافعوا عن الثورة، والكرامة، لأنه
أخيرا، وفي ميدان التحرير، شعر المصري أنه إنسان، سيد مصيره، وتنحى
المخلوع، غير مأسوف عليه، تنحى وفي يديه دماء ألف شهيد، وصرخات الأمهات
المكلومة، تطلب العدل، تطلب القصاص، فأي أموال تلك التي تعوض أم عن
ولدها؟!، وتأخر القصاص، يوما بعد يوم، أسبوعا بعد الآخر، وبدا للثوار أننا
نسير في اتجاه ميدان مصطفى محمود، بدلا من ميدان التحرير، فكانت عظمة الشعب
في جمعة انقاذ الثورة ١ إبريل - وبمقاطعة الإخوان - ، فالشعب أخيرا قد
امتلك أمره، ولم يعد أحد يمنحه شيئا، هو من يمنح، وهو من يمنع، وكان
التساؤل ممزوجا بالحيرة، والغضب مصحوبا بالمرارة، لماذا لم تحاكموا
مبارك؟!، وهو القاتل، وهو السارق، وهو كنز الأعداء الإستراتيجي!
ولم يجب أحد، فكانت جمعة التطهير والمحاكمة ٨ إبريل، ثم الخطاب الهزلي
للمخلوع، مفتتحا كلامه "بالإخوة والأخوات"، عفوا يا مبارك، نحن لا إخوة ولا
أخوات، لقد قتلت إخوتنا وأخواتنا، وأخيرا جاء القرار، الحبس ١٥ يوما،
ودخلنا في دوامة مستشفى شرم الشيخ الفخيم، أم مستشفى سجن المزرعة، المهم أن
هناك قرارا بالحبس، ومسحت أم الشهيد دمعتها - مؤقتا - في انتظار حكم
الإعدام، نعم الإعدام، فالقاتل يقتل ولو بعد حين، ولكم في القصاص حياة يا
أولي الألباب، واقتربت لحظات الحسم، وزادت الضغوط على المجلس العسكري،
فأعداء الثورة في الداخل والخارج - ومنهم حكاما عرب - يجدون محاكمة المخلوع
وكبار عصابته، ستصبح عدوى لشعوب المنطقة، وفيضان لن يوقفه أحد، يهز عروشهم
جميعا، ويهدد مصالح الأمريكيين والإسرائيليين، وحينما كنا قاب قوسين أو
أدنى من العدالة، جرى التراجع والانقلاب، بعد أن كان قطار الوطن عدل من
مساره إلى ميدان التحرير، فإذا بيد في كابينة القيادة تأخذه مرة أخرى إلى
ميدان مصطفى محمود!
حين جاءت حكومة د. عصام شرف، استبشر بها الثوار ثم كان الأداء في الغالب
مخيبا للآمال، ولم تحقق إنجازا ملحوظا في أهم مجالين، الأمن والاقتصاد،
فالأمن حدث ولا حرج، مدير أمن القليوبية السابق أثناء الثورة، المتهم بقتل
المتظاهرين، يتم تعينه مديرا لأمن الجيزة، ويصله بلاغا من شيخ سلفي "أبو
يحي" بأحداث إمبابة قبل وقوعها، فلا يتحرك، وتشتعل الفتنة، لكن حين اقترب
مجموعة من الثوار من سفارة العدو الإسرائيلي، كان اللواء فاروق لاشين مدير
أمن الجيزة موجودا بنفسه، وانطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع، وانهمر
الرصاص المطاطي، وفورا تم اعتقال ١٨٦ شابا وتحويلهم للنيابة العسكرية!، أين
هذه السرعة، وهذا الحسم، في أحداث شارع عبدالعزيز، وقسم الساحل، واعتداء
البلطجية على متظاهري ماسبيرو، فرجال الأمن رحماء على البلطجية، أشداء على
الثوار!، وفي الاقتصاد، هرول سمير رضوان وزير المالية إلى البنك الدولي،
وإلى الأمريكان، دون أية نظرية اقتصادية للتنمية المستقلة والتصنيع،
فالاقتصاد المصري في العهد البائد، كان قائما - في الأساس - على معونات
السيد الأمريكي، وبعد الثورة، سمير رضوان يسير على نفس الخط لا يحيد عنه!،
أما الثوري - الوحيد تقريبا - في حكومة الثورة، د. نبيل العربي وزير
الخارجية، جرى نفيه في عملية درامية، بين دهاليز الجامعة العربية الميتة
إكلينيكيا منذ زمن!
وأخيرا تخرج جريدة الشروق المصرية، صباح الثلاثاء ١٧ مايو، بعنوان في صدر
صفحتها الأولى "مبارك يطلب العفو"، وأن هناك خطابا مسجلا، يجري إعداده،
يعتذر فيه المخلوع، ويتنازل عن الأموال، وكان الله بالسر عليم، ولتجف
الأقلام، وتطوى الصحف، ولم يعي هؤلاء أصحاب الخطاب المزعوم، أنه لا أحد -
حتى المجلس العسكري- يملك ان يصدر عفوا عن المخلوع، فإذا عادت الأموال، فمن
يعيد إلى الشهداء أرواحهم!، وفي رسالته رقم 54 عبر الفيس بوك نفى المجلس
العسكري أن هناك عفوا عن مبارك، لكن لم يوضح لماذا مبارك في المستشفى
الفخيم في شرم الشيخ، وليس في سجن مزرعة طرة، أو في مستشفى السجن كأي مسجون
آخر، ولا مجال للحديث الفارغ عن عدم جاهزية المستشفى لحالة المخلوع، فإن
كان هناك مسجونا وله نفس الحالة الطبية للمخلوع، هل ستسجنوه في شرم
الشيخ؟!، وبسرعة خاطفة، استكمل سيناريو العودة إلى ميدان مصطفى محمود، فتم
إخلاء سبيل فتحي سرور، ثم سوزان مبارك، وأخيرا زكريا عزمي، وقد تحمل
الساعات القادمة أسماءا أخرى، وبدا الغضب المصري يعود إلى ذروته، فهذا
الشعب لم يعد لأحد المقدرة على خداعه، ولا يملك أحد الانقلاب على شرعية
الثورة، فالثورة هي الأقوى، والشعب هو القائد!
إلى المجلس العسكري، الثورة مستمرة، ولا تنازل أو تصالح مع نظام القتلة،
ولا عودة لسياساته في التبعية السياسية والاقتصادية، فثورتنا كانت قطيعة
وخطا فاصلا بين عهدين، إنا قد رأينا النور، ولا عودة - مهما حدث - إلى
الظلام، ولو فقدنا أرواحنا، إنا عائدون إلى التحرير، حتى يحدث التغيير ..
صبرا جميلا والله المستعان على ما يصفون
رمضان الغندور
شاء من شاء، وأبى من أبى، ولا أحد - مها كان - له شرعية في هذا البلد إلا
شرعية الثورة، فالشعب هو المعلم، وهو الثائر، والخالد أبد الآبدين، وهو من
يعطي الشرعية لمن يشاء، وينزعها ممن يشاء!
قام الشعب المصري العظيم، بثورته المجيدة، ودفع دم شهدائه الأبرار، لأنه
أراد أن يشعر بالكرامة، بالعدالة، أراد نصيبه من الثروة القومية، التي
نهبها النظام السابق، في عمليات تجريف واسعة على مدار ٣٠ سنة، شعب تسقط على
رأسه صخور الدويقة، بينما يسكن سارقيه في قصور، امتصوها هم وأبناؤهم من
دماء البلد، شعب يحرق في القطارات، ويغرق في العبارات، وقاتليه يتنقلون
بطائراتهم الخاصة، من القاهرة إل شرم الشيخ، ومن شرم الشيخ إلى مارينا، شعب
في تكوينه الجيني يكره إسرائيل، ويراها "العدو الاستراتيجي"، بينما كان
حاكمه "كنزها الاستراتيجي"!،
وحين انتصر الشعب، ولم تفلح هجمات بربر النظام البائد على ظهور جمالهم
وبغالهم، واستبسل الثوار حتى الموت، ودافعوا عن الثورة، والكرامة، لأنه
أخيرا، وفي ميدان التحرير، شعر المصري أنه إنسان، سيد مصيره، وتنحى
المخلوع، غير مأسوف عليه، تنحى وفي يديه دماء ألف شهيد، وصرخات الأمهات
المكلومة، تطلب العدل، تطلب القصاص، فأي أموال تلك التي تعوض أم عن
ولدها؟!، وتأخر القصاص، يوما بعد يوم، أسبوعا بعد الآخر، وبدا للثوار أننا
نسير في اتجاه ميدان مصطفى محمود، بدلا من ميدان التحرير، فكانت عظمة الشعب
في جمعة انقاذ الثورة ١ إبريل - وبمقاطعة الإخوان - ، فالشعب أخيرا قد
امتلك أمره، ولم يعد أحد يمنحه شيئا، هو من يمنح، وهو من يمنع، وكان
التساؤل ممزوجا بالحيرة، والغضب مصحوبا بالمرارة، لماذا لم تحاكموا
مبارك؟!، وهو القاتل، وهو السارق، وهو كنز الأعداء الإستراتيجي!
ولم يجب أحد، فكانت جمعة التطهير والمحاكمة ٨ إبريل، ثم الخطاب الهزلي
للمخلوع، مفتتحا كلامه "بالإخوة والأخوات"، عفوا يا مبارك، نحن لا إخوة ولا
أخوات، لقد قتلت إخوتنا وأخواتنا، وأخيرا جاء القرار، الحبس ١٥ يوما،
ودخلنا في دوامة مستشفى شرم الشيخ الفخيم، أم مستشفى سجن المزرعة، المهم أن
هناك قرارا بالحبس، ومسحت أم الشهيد دمعتها - مؤقتا - في انتظار حكم
الإعدام، نعم الإعدام، فالقاتل يقتل ولو بعد حين، ولكم في القصاص حياة يا
أولي الألباب، واقتربت لحظات الحسم، وزادت الضغوط على المجلس العسكري،
فأعداء الثورة في الداخل والخارج - ومنهم حكاما عرب - يجدون محاكمة المخلوع
وكبار عصابته، ستصبح عدوى لشعوب المنطقة، وفيضان لن يوقفه أحد، يهز عروشهم
جميعا، ويهدد مصالح الأمريكيين والإسرائيليين، وحينما كنا قاب قوسين أو
أدنى من العدالة، جرى التراجع والانقلاب، بعد أن كان قطار الوطن عدل من
مساره إلى ميدان التحرير، فإذا بيد في كابينة القيادة تأخذه مرة أخرى إلى
ميدان مصطفى محمود!
حين جاءت حكومة د. عصام شرف، استبشر بها الثوار ثم كان الأداء في الغالب
مخيبا للآمال، ولم تحقق إنجازا ملحوظا في أهم مجالين، الأمن والاقتصاد،
فالأمن حدث ولا حرج، مدير أمن القليوبية السابق أثناء الثورة، المتهم بقتل
المتظاهرين، يتم تعينه مديرا لأمن الجيزة، ويصله بلاغا من شيخ سلفي "أبو
يحي" بأحداث إمبابة قبل وقوعها، فلا يتحرك، وتشتعل الفتنة، لكن حين اقترب
مجموعة من الثوار من سفارة العدو الإسرائيلي، كان اللواء فاروق لاشين مدير
أمن الجيزة موجودا بنفسه، وانطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع، وانهمر
الرصاص المطاطي، وفورا تم اعتقال ١٨٦ شابا وتحويلهم للنيابة العسكرية!، أين
هذه السرعة، وهذا الحسم، في أحداث شارع عبدالعزيز، وقسم الساحل، واعتداء
البلطجية على متظاهري ماسبيرو، فرجال الأمن رحماء على البلطجية، أشداء على
الثوار!، وفي الاقتصاد، هرول سمير رضوان وزير المالية إلى البنك الدولي،
وإلى الأمريكان، دون أية نظرية اقتصادية للتنمية المستقلة والتصنيع،
فالاقتصاد المصري في العهد البائد، كان قائما - في الأساس - على معونات
السيد الأمريكي، وبعد الثورة، سمير رضوان يسير على نفس الخط لا يحيد عنه!،
أما الثوري - الوحيد تقريبا - في حكومة الثورة، د. نبيل العربي وزير
الخارجية، جرى نفيه في عملية درامية، بين دهاليز الجامعة العربية الميتة
إكلينيكيا منذ زمن!
وأخيرا تخرج جريدة الشروق المصرية، صباح الثلاثاء ١٧ مايو، بعنوان في صدر
صفحتها الأولى "مبارك يطلب العفو"، وأن هناك خطابا مسجلا، يجري إعداده،
يعتذر فيه المخلوع، ويتنازل عن الأموال، وكان الله بالسر عليم، ولتجف
الأقلام، وتطوى الصحف، ولم يعي هؤلاء أصحاب الخطاب المزعوم، أنه لا أحد -
حتى المجلس العسكري- يملك ان يصدر عفوا عن المخلوع، فإذا عادت الأموال، فمن
يعيد إلى الشهداء أرواحهم!، وفي رسالته رقم 54 عبر الفيس بوك نفى المجلس
العسكري أن هناك عفوا عن مبارك، لكن لم يوضح لماذا مبارك في المستشفى
الفخيم في شرم الشيخ، وليس في سجن مزرعة طرة، أو في مستشفى السجن كأي مسجون
آخر، ولا مجال للحديث الفارغ عن عدم جاهزية المستشفى لحالة المخلوع، فإن
كان هناك مسجونا وله نفس الحالة الطبية للمخلوع، هل ستسجنوه في شرم
الشيخ؟!، وبسرعة خاطفة، استكمل سيناريو العودة إلى ميدان مصطفى محمود، فتم
إخلاء سبيل فتحي سرور، ثم سوزان مبارك، وأخيرا زكريا عزمي، وقد تحمل
الساعات القادمة أسماءا أخرى، وبدا الغضب المصري يعود إلى ذروته، فهذا
الشعب لم يعد لأحد المقدرة على خداعه، ولا يملك أحد الانقلاب على شرعية
الثورة، فالثورة هي الأقوى، والشعب هو القائد!
إلى المجلس العسكري، الثورة مستمرة، ولا تنازل أو تصالح مع نظام القتلة،
ولا عودة لسياساته في التبعية السياسية والاقتصادية، فثورتنا كانت قطيعة
وخطا فاصلا بين عهدين، إنا قد رأينا النور، ولا عودة - مهما حدث - إلى
الظلام، ولو فقدنا أرواحنا، إنا عائدون إلى التحرير، حتى يحدث التغيير ..
صبرا جميلا والله المستعان على ما يصفون
رمضان الغندور