التكفير والهجرة، اغتيال السادات، توظيف الأموال، اللحوم الفاسدة، الرشوة الكبرى، ابن خلدون، الدم الملوث، الجاسوس عزام، هشام طلعت، ممدوح إسماعيل، حسام أبوالفتوح، عزت حنفى، المرأة الحديدية.. قضايا هزت المجتمع وشغلت الرأى العام.. فى كل قضية يلعب محامى الدفاع دور البطولة، وعادة يتم اختياره من الكبار الذين يتربعون على عرش مهنة المحاماة.. هؤلاء عددهم لايتجاوز الرقم عشرة.
المحامى هنا لايتحمل الإدانة ، وهو لا يدافع عن جريمة المتهم ، وإنما يدافع عن تطبيق القانون، وعلى الرغم من أن تلك قاعدة معروفة إلا أن الرأى العام لم يزل يتساءل حين يصادف محامياً شهيراً أو عادياً : كيف تدافع عن قاتل أو تاجر مخدرات ؟!
أغلب من وصلوا إلى القمة.. المليون هو بداية التفاوض لقبولهم قضايا محددة، بعضهم تجاوزت أتعابه 20 مليون جنيه، منهم من تلاحق ثروته سقف المليارات.. هذه القمة التى يتربع عليها المحامون الأكثر ثراء وشهرة، تبلورت فى منتصف الثمانينيات وبالتحديد فى أعقاب أكبر عملية نصب تعرض لها الشعب المصرى فى العصر الحديث، من خلال شركات توظيف الأموال.
فوق القمة
هناك تقسيمات نوعية لكل محام حسب تخصصه.. مثلا فى قضايا الرأى يقفز اسم الدكتور إبراهيم صالح، وفى قضايا الفساد والتعدى على المال العام يلمع اسم مأمون سلامة ورجائى عطية، وفى قضايا القتل بهاءالدين أبوشقة، وفى قضايا السياسة والتخابر فريد الديب، أما قضايا الفنانين والمشاهير فيبرز مرتضى منصور.. القضايا المدنية والتجارية يتصدر القائمة الدكتور شوقى السيد ،عضو مجلس الشورى الذى لا يثير جدلا بينما يعمل، والمستشار محمد دكرورى، وهناك أيضا الدكتور يحيى الجمل.. ود. عبدالأحد جمال الدين. القضايا الجنائية الدكتور حسنين عبيد والمستشار مرسى الشيخ.. أما القضايا الدولية والتعويضات فتذهب عادة إلى الدكتور أحمد كمال أبوالمجد وزير الإعلام الأسبق، بجانب عائلة الشلقانى، ومكتب طاهر حلمى رئيس غرفة التجارة الأمريكية فى مصر.
فريد الديب يتصدر القمة منذ ما يقرب من ربع قرن، بعد أن ترك القضاء وأصبح محامى القضايا المثيرة للجدل.. هذا المفهوم ترسخ بعمق عندما أعلن فى 1997 قبول الدفاع فى قضية تخابر الإسرائيلى عزام عزام، متحملا غضب الرأى العام على تلك الخطوة.
بعدها أصبح اسمه مقترنا بأغلب قضايا الرأى العام، أشهرها قضية رجل الأعمال الشهير حسام أبوالفتوح والتى تضمنت قصصاً وشائعات وأسطوانات جنسية والتى كانت بطلتها الأولى الراقصة الشهيرة دينا، كما تولى الدفاع فى قضية الفنانة هالة صدقى ضد زوجها رجل الأعمال مجدى وليم، ونجح فى حسمها لصالح الفنانة.. أحدث قضية يؤدى فيها دورا أساسيا هى الدفاع عن رجل الأعمال هشام طلعت المحكوم عليه بالإعدام فى قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم.
يقول الديب أن المهنية والتفانى فى العمل والجدية كانت هدفا شخصيا منذ اليوم الأول للعمل فى هذه المهنة لأن فارقا كبيرا بين أن تحب مهنتك وتخلص لها وتعطيها كل وقتك وجهدك وحياتك وبين أن تمارس عملك من أجل تحقيق الشهرة والثروة فحسب، فالشهرة وحدها ليست مقياسا على كفاءة المحامى والمتهم لاتهمه الشهرة، وإنما العثور على المحامى القادر على الدفاع عنه بأفضل الوسائل.
ويؤكد أنه بقدر ما ساهمت الصحافة فى تقديمه للرأى العام كانت تفتعل معه الأزمات فى بعض الأحيان دون مبرر، خاصة فيما يتعلق بالمبالغات فى الأتعاب أو فى قبول الدفاع عن بعض المتهمين فى قضايا معينة يصدر الرأى العام فيها أحكام مسبقة ويميل لحرمان المتهم أى متهم من حقه الطبيعى فى الدفاع عن نفسه.. المحاماة مثل أى مهنة لو أحبها من يمتهنها وأعد نفسه الإعداد الجيد ولم يتوقف عند دراسة القوانين والتشريعات، بل ثقف نفسه ووسع مداركه ودرس وتعلم من القضايا المهمة التى نظرتها المحاكم المصرية وترافع فيها عمالقة القانون، فضلا عن المقومات الشخصية من الصدق والأمانة بذلك يضمن أن يضع قدمه على أول سلم مهنة المحاماة بالطريق السليم.
اختيار هدى عبدالمنعم وقع على رجائى عطية ليكون محامى الدفاع بناء على تاريخه المهنى المعروف، فقد تولى الدفاع فى عشرات القضايا التى شغلت الرأى العام بدءا من قضية التكفير والهجرة 1977 ومرورا بقضية المهندس إبراهيم شكرى وجريدة الشعب مع وزير الداخلية 1979 وقضية اغتيال الرئيس السادات 1981 ونواب القروض 1997 كما دافع عن الكاتب محمد حسنين هيكل فى قضية كتابه الشهير خريف الغضب.
يتحفظ رجائى عطية على مصطلح المشاهير ويفصل بين عمل المحاماة الذى يراه مقدسا وبين الباحثين عن الشهرة، حيث لايجوز للمحامى أن يسعى إليها بل أن يمارس عمله فى هدوء بعيدا عن الأضواء والصخب.
ويصف عطية كل محام يسعى للشهرة بأنه أجوف ويستهلك وقته وجهده وراء سراب لأن النجاح الحقيقى يأتى من خلال ما لديه من رصيد أخلاقى ومهنى واحترام لنفسه ولموكله، فالشهرة المزيفة تنكشف فى المرافعات والمذكرات، حيث تظهر قدرة المحامى ومدى تمكنه من فهم القوانين والتشريعات.
أثناء تولى سامح عاشور منصب نقيب المحامين. انضم إلى نادى كبار المحامين المليونيرات فقد تولى الدفاع عن سيد السويركى فى قضيته تعدد زواج القاصرات قبل ثمانية أعوام.. كما تولى الدفاع عن سيدة الأعمال المثيرة للجدل ليلى الفار التى دخلت عالم البيزنس من خلال علاقتها بأحد الشخصيات النيابية المهمة، وتم القبض عليها بتهمة النصب على البنوك فى قضايا شيكات بدون رصيد.
عام 2000 تم القبض على الدكتور سعدالدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون وعدد من معاونيه، ورفض عدد من المحامين التقدم للدفاع عنه، بينما قبل الدكتور إبراهيم صالح هذه المهمة، رغم الخلاف الفكرى بينه وبين سعدالدين، مبررا قبوله المهمة بأنها قضية تتصل بالفكر والمفكرين والسياسيين، ود.صالح هو الذى ترافع فى السابق عن خالد جمال عبدالناصر فى قضية تنظيم ثورة مصر.
156 سنة سجناً
فى منتصف الثمانينيات نشب خلاف بين الفنان عادل إمام وأحد القضاة أثناء نظر دعوى عدد من المحامين ضد فيلمه "الأفوكاتو" ثم أدلى إمام بحديث لمجلة المصور اتهم فيه القاضى بعدم النزاهة.. هذا القاضى أصبح فيما بعد مرتضى منصور المحامى الذى استقال من سلك القضاء وافتتح مكتبا للمحاماة بعد نشر الحوار تقدم منصور بدعوى سب وقذف ضد عادل إمام وصدر الحكم فى القضية بسجن عادل إمام ستة أشهر، وبناء على حكم الإدانة طالب مرتضى منصور بتعويض مليون جنيه..
ثم لعبت المجريات دورها فى أن يصبح عادل إمام سببا فى شهرة المحامى مرتضى منصور.. هذه الشهرة ترسخت بعد تصالحهما، حيث نشر عادل إمام اعتذارا فى أغلب الصحف الصباحية، وقبل أن يتم إغلاق ملف أزمة عادل إمام تلقى مرتضى منصور طلبا من المنتج الأردنى إسماعيل كتكت للدفاع عنه فى قضية استيلاء مطلقته على شركة للإنتاج السينمائى بعد تزوير توكيلات وعقود الشركة، بعدها أصبح مرتضى منصور من أشهر المحامين.
فى مارس 2004 قررت وزارة الداخلية القضاء على إمبراطورية تاجر المخدرات عزت حنفى فى قرية النخيلة مركز أبوتيج بمحافظة أسيوط.
وبعد سقوط المتهم الرئيسى فى القضية لجأت أسرته إلى المستشار مرسى الشيخ للدفاع عنه، حيث كان مطلوبا لتنفيذ أحكام يبلغ مجموعها 156 سنة.
إلى جانب شهرة المستشار مرسى الشيخ فى القضايا الجنائية فقد اكتسب شهرة واسعة أخرى من منافسته للدكتور أحمد فتحى سرور فى دائرة السيدة زينب، حيث يقف أمام المحاكم منذ عام 1990 نتيجة للدعوى القضائية التى يطالب فيها بإسقاط عضوية الدكتور سرور عن دائرة السيدة زينب بالقاهرة.
أما بهاء الدين أبوشقة فيعتبر المحامى الوحيد الذى استمد شهرته من الإذاعة عبر برنامجه المثير "أغرب القضايا" الذى لاقى إقبالا واسعا بين الشباب قبل انتشار القنوات الفضائية. .ولكنه برغم ذلك واحد من أشهر وأكفأ محامى الجنايات .
فى 1961 التقى بالكاتب إحسان عبدالقدوس بعد فوز كتابه "البصمة المجهولة" بجائزة الدولة الثانية فى القصة.
فى 1975 استقال من النيابة واقتدى بعدد من أفراد أسرته الذين يعملون فى مجال المحاماة.. وتعد قضية اللحوم الفاسدة أهم القضايا التى ترافع فيها، وذاع صيته فى محافظات الوجه القبلى بعد أن حصل على البراءة فى العديد من قضايا الثأر فى محافظات أسيوط وقنا وسوهاج والمنيا والوجه البحرى.
وهناك مجموعة محددة اختارت العمل فى مجال القضاء الدولى وحولت مكاتبها إلى شركات لتتناسب مع طبيعة وحجم الأعمال ذات الطبيعة الدولية، فى مقدمتهم الدكتور أحمد كمال أبوالمجد وزير الإعلام الأسبق ونائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، يعمل من خلال مكتب ضخم ويتولى بنفسه المرافعة أمام المحاكم الدولية، وكانت قضية رجل الأعمال اللبنانى وجيه سياج، أحدث القضايا التى يتابعها بنفسه بعد أن كلفته الحكومة المصرية بالدفاع عنها نظرا للأبعاد السياسية التى ذهبت إليها القضية بعد وصولها إلى مرحلة التحكيم الدولى.
لاينازع أبوالمجد فى القضايا الدولية سوى مكتب الشلقانى الذى تخصص فى القضايا ذات البعد العربى وكانت أهم قضية تعامل تعويضات الضحايا المصريين الذين كانوا على متن طائرة الإيرباص التابعة لشركة طيران الخليج، والتى سقطت فى مياه البحرين فى أغسطس عام 2000 وراح ضحيتها 65 مصريا من العاملين فى الخليج خلال عودتهم للقاهرة، وحاولت الشركة تسديد تعويضات منقوصة للضحايا المصريين دون غيرهم مما أثار الرأى العام المصرى فى ذلك الوقت، وتطوع محامى بحرينى للدفاع عن حقوق الضحايا.
طاهر حلمى رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الأمريكية فى مصر هو أبرز المحامين فى قضايا التحكيم الدولى، فقد شارك إحدى شركات المحاماة العالمية ومقرها الولايات المتحدة ولها أفرع فى العديد من دول العالم.. هذه الشركات تتولى الحصول على نسبة من التعويض، بالإضافة إلى أتعاب أخرى يتم الاتفاق عليها مع العملاء الذين عادة ما يكونون دولا أو شركات تجارية ضخمة وبالتالى فإن حجم أعمالها السنوى يقدر بملايين الدولارات.
وتعتبر قضيتا هايدلينا وهشام طلعت من أهم القضايا التى جمعت أكبر عدد من كبار المحامين فى مصر على مائدة واحدة، خاصة أن أتعاب أحد هؤلاء الكبار فيها تجاوز العشرة ملايين جنيه.. واستقرت عائلة هشام طلعت بشكل نهائى على فريق الدفاع المكون من 7 من أكبر محامى الجنايات، هم بهاء أبوشقة ونجله محمد والدكتور مأمون سلامة وآمال عثمان وشوقى السيد وعبدالرءوف مهدى وحسنين عبيد، إضافة إلى فريد الديب وحافظ فرهود المحاميين الأصليين فى القضية.
الدكتور شوقى السيد يؤكد أن الشهرة وحدها لاتكفى، بل الكفاءة والخبرة والعمق والتعمق فى فهم القوانين والتشريعات هى الأساس الذى يبنى عليه أى محام رصيده المهنى. فالإعلام يلعب دورا فى تقديم المحامى الموهوب إلى الجمهور لكن رصيده الحقيقى عليه هو أن يستكمله من خلال الاطلاع والممارسة والفهم الجيد لدور المحامى أمام المحاكم بفهمه الجيد للقانون والمرافعات والقيام بواجباته الكاملة على أكمل وجه تجاه موكله باعتبار أن عقد الوكالة أمانة، ومن الضرورى أن يحترم المحامى الرأى العام كركن أساسى فى الفوز باحترام وثقة المجتمع.
وحول دور العمل السياسى والنقابى فى شهرة المحامى يرى شوقى السيد أن هذه المناصب لاتضيف للمحامى الكثير، لأنه يقف ويترافع أمام المحاكم بعلمه وخبرته وفهمه للقانون وأن القضاة لايلتفتون إلى ما لديه من مناصب وألقاب بقدر ما يهتمون بما يطرحه من أفكار وحجج.. كما أن هناك فئة من المحامين الباحثين عن الشهرة الجوفاء التى تؤدى بهم إلى الهاوية، من بين هؤلاء محامى الحسبة وملاحقة المشاهير بدعاوى قضائية، هذه النوعية عادة لاتحقق سوى ضجة بعيدة عن الشهرة الحقيقية.
وبخصوص الربط بين الشهرة والأتعاب يؤكد أن هناك ارتباطا وثيقا بين أتعاب المحامى وما لديه من رصيد وتاريخ مهنى باعتباره حصادا لمشواره ودأبه وتفانيه وإخلاصه لمهنته وعمله خاصة أن المحامى كلما حقق نجاحا جديدا ارتفع رصيد الثقة لدى الرأى العام ومن ثم تنهال عليه القضايا من كل اتجاه ويصبح مطلوبا فى أعقد القضايا.
فيما يرى شاهين أبوالفتوح محامى النجل الأوسط للعقيد الليبى معمر القذافى أن العلاقات، والاتصالات الشخصية يمكن أن تلعب دورها فى حصول المحامى على فرص الدفاع فى القضايا السياسية التى يكون أحد أطرافها سياسيين، وهذا ما حدث عندما تم ترشيحه للدفاع عن هانيبال القذافى فى إحدى قضايا الأحوال الشخصية.. كما يقول أنه تلقى اتصالا من رغد ابنة الرئيس العراقى الراحل صدام حسين للانضمام إلى فريق الدفاع عن والدها لكنه اعتذر عن العرض ونقله إلى محام مصرى آخر.
المستشار مرسى الشيخ يتفق مع أبوالفتوح فى أن العلاقات والاتصالات ومدى قرب المحامى وحبه للصحافة والإعلام كلها أمور تساهم فى تكوين هالة من الشهرة حوله وبالتدريج يتحول من محام عادى إلى نجم مشهور ويتم طرح اسمه فى كل القضايا الكبيرة.
وحول شروط الانضمام إلى نادى المحامين أصحاب الملايين يعتبر المستشار الشيخ أن مشاهير المحامين ينقسمون إلى فريقين: الأول صاحب موهبة حقيقية وتاريخ طويل ومشهود له بالكفاءة وعشق المهنة، والفريق الثانى حصل على شهرة مصطنعة عبر شائعات يطلقها حول نفسه، مستعينا بأعداد كبيرة من المعاونين تكون مهمتهم الترويج له فى سوق المحاماة.. هذا النوع عادة يكون محدود الموهبة فيلجأ للعمل النقابى أو السياسى لتعويض النقص المهنى.
ويطرح مرتضى منصور رؤية محددة حول نجوم المحاماة مؤكدا أن الذى يولد كبيرا فى مهنة المحاماة يستمر كبيرا طوال عمله فيها.
فتاريخ المحامى يقوم بناء على قدرته فى كتابة المذكرات والمرافعات المباشرة، ونادرا أن تجد من يجمع بين الاثنين حتى وسط نادى نجوم المهنة.
وفيما يتعلق بطريقة تحديد أتعاب المحامين الكبار، ابتسم مرتضى منصور وقال هناك عوامل كثيرة تحكم قيمة الأتعاب منها مدى خطورة الحكم فى القضية أو حجم الأموال محل النزاع، والأهم هو وزن وأهمية المتهم فى القضية.
المحامى هنا لايتحمل الإدانة ، وهو لا يدافع عن جريمة المتهم ، وإنما يدافع عن تطبيق القانون، وعلى الرغم من أن تلك قاعدة معروفة إلا أن الرأى العام لم يزل يتساءل حين يصادف محامياً شهيراً أو عادياً : كيف تدافع عن قاتل أو تاجر مخدرات ؟!
أغلب من وصلوا إلى القمة.. المليون هو بداية التفاوض لقبولهم قضايا محددة، بعضهم تجاوزت أتعابه 20 مليون جنيه، منهم من تلاحق ثروته سقف المليارات.. هذه القمة التى يتربع عليها المحامون الأكثر ثراء وشهرة، تبلورت فى منتصف الثمانينيات وبالتحديد فى أعقاب أكبر عملية نصب تعرض لها الشعب المصرى فى العصر الحديث، من خلال شركات توظيف الأموال.
فوق القمة
هناك تقسيمات نوعية لكل محام حسب تخصصه.. مثلا فى قضايا الرأى يقفز اسم الدكتور إبراهيم صالح، وفى قضايا الفساد والتعدى على المال العام يلمع اسم مأمون سلامة ورجائى عطية، وفى قضايا القتل بهاءالدين أبوشقة، وفى قضايا السياسة والتخابر فريد الديب، أما قضايا الفنانين والمشاهير فيبرز مرتضى منصور.. القضايا المدنية والتجارية يتصدر القائمة الدكتور شوقى السيد ،عضو مجلس الشورى الذى لا يثير جدلا بينما يعمل، والمستشار محمد دكرورى، وهناك أيضا الدكتور يحيى الجمل.. ود. عبدالأحد جمال الدين. القضايا الجنائية الدكتور حسنين عبيد والمستشار مرسى الشيخ.. أما القضايا الدولية والتعويضات فتذهب عادة إلى الدكتور أحمد كمال أبوالمجد وزير الإعلام الأسبق، بجانب عائلة الشلقانى، ومكتب طاهر حلمى رئيس غرفة التجارة الأمريكية فى مصر.
فريد الديب يتصدر القمة منذ ما يقرب من ربع قرن، بعد أن ترك القضاء وأصبح محامى القضايا المثيرة للجدل.. هذا المفهوم ترسخ بعمق عندما أعلن فى 1997 قبول الدفاع فى قضية تخابر الإسرائيلى عزام عزام، متحملا غضب الرأى العام على تلك الخطوة.
بعدها أصبح اسمه مقترنا بأغلب قضايا الرأى العام، أشهرها قضية رجل الأعمال الشهير حسام أبوالفتوح والتى تضمنت قصصاً وشائعات وأسطوانات جنسية والتى كانت بطلتها الأولى الراقصة الشهيرة دينا، كما تولى الدفاع فى قضية الفنانة هالة صدقى ضد زوجها رجل الأعمال مجدى وليم، ونجح فى حسمها لصالح الفنانة.. أحدث قضية يؤدى فيها دورا أساسيا هى الدفاع عن رجل الأعمال هشام طلعت المحكوم عليه بالإعدام فى قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم.
يقول الديب أن المهنية والتفانى فى العمل والجدية كانت هدفا شخصيا منذ اليوم الأول للعمل فى هذه المهنة لأن فارقا كبيرا بين أن تحب مهنتك وتخلص لها وتعطيها كل وقتك وجهدك وحياتك وبين أن تمارس عملك من أجل تحقيق الشهرة والثروة فحسب، فالشهرة وحدها ليست مقياسا على كفاءة المحامى والمتهم لاتهمه الشهرة، وإنما العثور على المحامى القادر على الدفاع عنه بأفضل الوسائل.
ويؤكد أنه بقدر ما ساهمت الصحافة فى تقديمه للرأى العام كانت تفتعل معه الأزمات فى بعض الأحيان دون مبرر، خاصة فيما يتعلق بالمبالغات فى الأتعاب أو فى قبول الدفاع عن بعض المتهمين فى قضايا معينة يصدر الرأى العام فيها أحكام مسبقة ويميل لحرمان المتهم أى متهم من حقه الطبيعى فى الدفاع عن نفسه.. المحاماة مثل أى مهنة لو أحبها من يمتهنها وأعد نفسه الإعداد الجيد ولم يتوقف عند دراسة القوانين والتشريعات، بل ثقف نفسه ووسع مداركه ودرس وتعلم من القضايا المهمة التى نظرتها المحاكم المصرية وترافع فيها عمالقة القانون، فضلا عن المقومات الشخصية من الصدق والأمانة بذلك يضمن أن يضع قدمه على أول سلم مهنة المحاماة بالطريق السليم.
اختيار هدى عبدالمنعم وقع على رجائى عطية ليكون محامى الدفاع بناء على تاريخه المهنى المعروف، فقد تولى الدفاع فى عشرات القضايا التى شغلت الرأى العام بدءا من قضية التكفير والهجرة 1977 ومرورا بقضية المهندس إبراهيم شكرى وجريدة الشعب مع وزير الداخلية 1979 وقضية اغتيال الرئيس السادات 1981 ونواب القروض 1997 كما دافع عن الكاتب محمد حسنين هيكل فى قضية كتابه الشهير خريف الغضب.
يتحفظ رجائى عطية على مصطلح المشاهير ويفصل بين عمل المحاماة الذى يراه مقدسا وبين الباحثين عن الشهرة، حيث لايجوز للمحامى أن يسعى إليها بل أن يمارس عمله فى هدوء بعيدا عن الأضواء والصخب.
ويصف عطية كل محام يسعى للشهرة بأنه أجوف ويستهلك وقته وجهده وراء سراب لأن النجاح الحقيقى يأتى من خلال ما لديه من رصيد أخلاقى ومهنى واحترام لنفسه ولموكله، فالشهرة المزيفة تنكشف فى المرافعات والمذكرات، حيث تظهر قدرة المحامى ومدى تمكنه من فهم القوانين والتشريعات.
أثناء تولى سامح عاشور منصب نقيب المحامين. انضم إلى نادى كبار المحامين المليونيرات فقد تولى الدفاع عن سيد السويركى فى قضيته تعدد زواج القاصرات قبل ثمانية أعوام.. كما تولى الدفاع عن سيدة الأعمال المثيرة للجدل ليلى الفار التى دخلت عالم البيزنس من خلال علاقتها بأحد الشخصيات النيابية المهمة، وتم القبض عليها بتهمة النصب على البنوك فى قضايا شيكات بدون رصيد.
عام 2000 تم القبض على الدكتور سعدالدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون وعدد من معاونيه، ورفض عدد من المحامين التقدم للدفاع عنه، بينما قبل الدكتور إبراهيم صالح هذه المهمة، رغم الخلاف الفكرى بينه وبين سعدالدين، مبررا قبوله المهمة بأنها قضية تتصل بالفكر والمفكرين والسياسيين، ود.صالح هو الذى ترافع فى السابق عن خالد جمال عبدالناصر فى قضية تنظيم ثورة مصر.
156 سنة سجناً
فى منتصف الثمانينيات نشب خلاف بين الفنان عادل إمام وأحد القضاة أثناء نظر دعوى عدد من المحامين ضد فيلمه "الأفوكاتو" ثم أدلى إمام بحديث لمجلة المصور اتهم فيه القاضى بعدم النزاهة.. هذا القاضى أصبح فيما بعد مرتضى منصور المحامى الذى استقال من سلك القضاء وافتتح مكتبا للمحاماة بعد نشر الحوار تقدم منصور بدعوى سب وقذف ضد عادل إمام وصدر الحكم فى القضية بسجن عادل إمام ستة أشهر، وبناء على حكم الإدانة طالب مرتضى منصور بتعويض مليون جنيه..
ثم لعبت المجريات دورها فى أن يصبح عادل إمام سببا فى شهرة المحامى مرتضى منصور.. هذه الشهرة ترسخت بعد تصالحهما، حيث نشر عادل إمام اعتذارا فى أغلب الصحف الصباحية، وقبل أن يتم إغلاق ملف أزمة عادل إمام تلقى مرتضى منصور طلبا من المنتج الأردنى إسماعيل كتكت للدفاع عنه فى قضية استيلاء مطلقته على شركة للإنتاج السينمائى بعد تزوير توكيلات وعقود الشركة، بعدها أصبح مرتضى منصور من أشهر المحامين.
فى مارس 2004 قررت وزارة الداخلية القضاء على إمبراطورية تاجر المخدرات عزت حنفى فى قرية النخيلة مركز أبوتيج بمحافظة أسيوط.
وبعد سقوط المتهم الرئيسى فى القضية لجأت أسرته إلى المستشار مرسى الشيخ للدفاع عنه، حيث كان مطلوبا لتنفيذ أحكام يبلغ مجموعها 156 سنة.
إلى جانب شهرة المستشار مرسى الشيخ فى القضايا الجنائية فقد اكتسب شهرة واسعة أخرى من منافسته للدكتور أحمد فتحى سرور فى دائرة السيدة زينب، حيث يقف أمام المحاكم منذ عام 1990 نتيجة للدعوى القضائية التى يطالب فيها بإسقاط عضوية الدكتور سرور عن دائرة السيدة زينب بالقاهرة.
أما بهاء الدين أبوشقة فيعتبر المحامى الوحيد الذى استمد شهرته من الإذاعة عبر برنامجه المثير "أغرب القضايا" الذى لاقى إقبالا واسعا بين الشباب قبل انتشار القنوات الفضائية. .ولكنه برغم ذلك واحد من أشهر وأكفأ محامى الجنايات .
فى 1961 التقى بالكاتب إحسان عبدالقدوس بعد فوز كتابه "البصمة المجهولة" بجائزة الدولة الثانية فى القصة.
فى 1975 استقال من النيابة واقتدى بعدد من أفراد أسرته الذين يعملون فى مجال المحاماة.. وتعد قضية اللحوم الفاسدة أهم القضايا التى ترافع فيها، وذاع صيته فى محافظات الوجه القبلى بعد أن حصل على البراءة فى العديد من قضايا الثأر فى محافظات أسيوط وقنا وسوهاج والمنيا والوجه البحرى.
وهناك مجموعة محددة اختارت العمل فى مجال القضاء الدولى وحولت مكاتبها إلى شركات لتتناسب مع طبيعة وحجم الأعمال ذات الطبيعة الدولية، فى مقدمتهم الدكتور أحمد كمال أبوالمجد وزير الإعلام الأسبق ونائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، يعمل من خلال مكتب ضخم ويتولى بنفسه المرافعة أمام المحاكم الدولية، وكانت قضية رجل الأعمال اللبنانى وجيه سياج، أحدث القضايا التى يتابعها بنفسه بعد أن كلفته الحكومة المصرية بالدفاع عنها نظرا للأبعاد السياسية التى ذهبت إليها القضية بعد وصولها إلى مرحلة التحكيم الدولى.
لاينازع أبوالمجد فى القضايا الدولية سوى مكتب الشلقانى الذى تخصص فى القضايا ذات البعد العربى وكانت أهم قضية تعامل تعويضات الضحايا المصريين الذين كانوا على متن طائرة الإيرباص التابعة لشركة طيران الخليج، والتى سقطت فى مياه البحرين فى أغسطس عام 2000 وراح ضحيتها 65 مصريا من العاملين فى الخليج خلال عودتهم للقاهرة، وحاولت الشركة تسديد تعويضات منقوصة للضحايا المصريين دون غيرهم مما أثار الرأى العام المصرى فى ذلك الوقت، وتطوع محامى بحرينى للدفاع عن حقوق الضحايا.
طاهر حلمى رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الأمريكية فى مصر هو أبرز المحامين فى قضايا التحكيم الدولى، فقد شارك إحدى شركات المحاماة العالمية ومقرها الولايات المتحدة ولها أفرع فى العديد من دول العالم.. هذه الشركات تتولى الحصول على نسبة من التعويض، بالإضافة إلى أتعاب أخرى يتم الاتفاق عليها مع العملاء الذين عادة ما يكونون دولا أو شركات تجارية ضخمة وبالتالى فإن حجم أعمالها السنوى يقدر بملايين الدولارات.
وتعتبر قضيتا هايدلينا وهشام طلعت من أهم القضايا التى جمعت أكبر عدد من كبار المحامين فى مصر على مائدة واحدة، خاصة أن أتعاب أحد هؤلاء الكبار فيها تجاوز العشرة ملايين جنيه.. واستقرت عائلة هشام طلعت بشكل نهائى على فريق الدفاع المكون من 7 من أكبر محامى الجنايات، هم بهاء أبوشقة ونجله محمد والدكتور مأمون سلامة وآمال عثمان وشوقى السيد وعبدالرءوف مهدى وحسنين عبيد، إضافة إلى فريد الديب وحافظ فرهود المحاميين الأصليين فى القضية.
الدكتور شوقى السيد يؤكد أن الشهرة وحدها لاتكفى، بل الكفاءة والخبرة والعمق والتعمق فى فهم القوانين والتشريعات هى الأساس الذى يبنى عليه أى محام رصيده المهنى. فالإعلام يلعب دورا فى تقديم المحامى الموهوب إلى الجمهور لكن رصيده الحقيقى عليه هو أن يستكمله من خلال الاطلاع والممارسة والفهم الجيد لدور المحامى أمام المحاكم بفهمه الجيد للقانون والمرافعات والقيام بواجباته الكاملة على أكمل وجه تجاه موكله باعتبار أن عقد الوكالة أمانة، ومن الضرورى أن يحترم المحامى الرأى العام كركن أساسى فى الفوز باحترام وثقة المجتمع.
وحول دور العمل السياسى والنقابى فى شهرة المحامى يرى شوقى السيد أن هذه المناصب لاتضيف للمحامى الكثير، لأنه يقف ويترافع أمام المحاكم بعلمه وخبرته وفهمه للقانون وأن القضاة لايلتفتون إلى ما لديه من مناصب وألقاب بقدر ما يهتمون بما يطرحه من أفكار وحجج.. كما أن هناك فئة من المحامين الباحثين عن الشهرة الجوفاء التى تؤدى بهم إلى الهاوية، من بين هؤلاء محامى الحسبة وملاحقة المشاهير بدعاوى قضائية، هذه النوعية عادة لاتحقق سوى ضجة بعيدة عن الشهرة الحقيقية.
وبخصوص الربط بين الشهرة والأتعاب يؤكد أن هناك ارتباطا وثيقا بين أتعاب المحامى وما لديه من رصيد وتاريخ مهنى باعتباره حصادا لمشواره ودأبه وتفانيه وإخلاصه لمهنته وعمله خاصة أن المحامى كلما حقق نجاحا جديدا ارتفع رصيد الثقة لدى الرأى العام ومن ثم تنهال عليه القضايا من كل اتجاه ويصبح مطلوبا فى أعقد القضايا.
فيما يرى شاهين أبوالفتوح محامى النجل الأوسط للعقيد الليبى معمر القذافى أن العلاقات، والاتصالات الشخصية يمكن أن تلعب دورها فى حصول المحامى على فرص الدفاع فى القضايا السياسية التى يكون أحد أطرافها سياسيين، وهذا ما حدث عندما تم ترشيحه للدفاع عن هانيبال القذافى فى إحدى قضايا الأحوال الشخصية.. كما يقول أنه تلقى اتصالا من رغد ابنة الرئيس العراقى الراحل صدام حسين للانضمام إلى فريق الدفاع عن والدها لكنه اعتذر عن العرض ونقله إلى محام مصرى آخر.
المستشار مرسى الشيخ يتفق مع أبوالفتوح فى أن العلاقات والاتصالات ومدى قرب المحامى وحبه للصحافة والإعلام كلها أمور تساهم فى تكوين هالة من الشهرة حوله وبالتدريج يتحول من محام عادى إلى نجم مشهور ويتم طرح اسمه فى كل القضايا الكبيرة.
وحول شروط الانضمام إلى نادى المحامين أصحاب الملايين يعتبر المستشار الشيخ أن مشاهير المحامين ينقسمون إلى فريقين: الأول صاحب موهبة حقيقية وتاريخ طويل ومشهود له بالكفاءة وعشق المهنة، والفريق الثانى حصل على شهرة مصطنعة عبر شائعات يطلقها حول نفسه، مستعينا بأعداد كبيرة من المعاونين تكون مهمتهم الترويج له فى سوق المحاماة.. هذا النوع عادة يكون محدود الموهبة فيلجأ للعمل النقابى أو السياسى لتعويض النقص المهنى.
ويطرح مرتضى منصور رؤية محددة حول نجوم المحاماة مؤكدا أن الذى يولد كبيرا فى مهنة المحاماة يستمر كبيرا طوال عمله فيها.
فتاريخ المحامى يقوم بناء على قدرته فى كتابة المذكرات والمرافعات المباشرة، ونادرا أن تجد من يجمع بين الاثنين حتى وسط نادى نجوم المهنة.
وفيما يتعلق بطريقة تحديد أتعاب المحامين الكبار، ابتسم مرتضى منصور وقال هناك عوامل كثيرة تحكم قيمة الأتعاب منها مدى خطورة الحكم فى القضية أو حجم الأموال محل النزاع، والأهم هو وزن وأهمية المتهم فى القضية.
عدل سابقا من قبل رمضان الغندور في الأحد يناير 02, 2011 1:01 pm عدل 1 مرات