في إطار ثورة 25 يناير وما كشفت من خصال متأصلة في الشعب المصرى و نمو
الحاجة إلى فهم السلوك الثوري ، استضاف اتحاد الطلاب بكلية الهندسة – جامعة
المنصورة عالم الآثار و عضو اتحاد الكتاب ( بسام الشماع ) لتقديم ندوة عن
أول ثورة في التاريخ و التي قام بها الإنسان المصرى القديم عام 1155 ق.م .
دارت أحداث هذه الثورة في عهد رمسيس الثاني بقيام عمال الدير بالإضراب عن
العمل على اثر عدم حصولهم على مخصصاتهم من الحبوب " حيث لم تكن النقود قد
اخترعت بعد " و انتشار المجاعة بمصر وقتها و حينها قام المعبد و هو رمز
السلطة بمصر القديمة بتوزيع بعض الفطائر عيهم و قبلوا بها إتباعا لمبدأ "
مالا يؤخذ كله لا يترك كله "..
و لكنهم عادوا للمطالبة بحقهم من الحبوب و عند توالى هذه الاحتجاجات قام
رئيس شرطة مدينة الأقصر " يشبه وزير الداخلية اليوم " بتوزيع الحلوى على
المتظاهرين بل و دعاهم للذهاب لبيوتهم و إحضار زوجاتهم وأولادهم للجلوس
داخل المعبد والذي يمنع دخوله على عامة الشعب و بذلك الإجراء الذكي تمكن من
توجيه الثورة بدلا من مواجهتها و جمع المتظاهرين بمكان واحد مما حد من
انتشار الأخبار بين طوائف الشعب و لم تصل أخبارها حتى إلى مسامع الملك
نفسه.
استمرت هذه الثورة لمدة عامين و انتهت قبل 15 يوم من وفاة رمسيس الثاني
بشكل طبيعي بعد مرور ما يقرب من "30 عاما على حكمه لمصر !" و انتهت الثورة
بتحقيق هدفها بقيام عمدة مدينة الأقصر بتوزيع الحبوب على العمال
ونقص الحبوب بهذه الفترة كان عائد إلى جمعها لاحتفال بالقصر الملكي " يشبه
القصر الرئاسي حاليا" يسمى ( احتفال ست ) يقام مع مرور 30 عاما على حكم احد
الملوك.
يلاحظ من هذه الثورة الطابع السلمي المتأصل بالشخصية المصرية و توقيره
لمقدساته مع مطالبته بحقوقه فكما تذكر البرديات لم تشمل هذه الثورة حادثة
عنف واحدة أو محاولة للهجوم على المعبد و مخازن الحبوب به بخلاف حادثة
فردية واحدة حيث لعن احد العمال الملك فتم عقابه بشكل فردى ثم أعادته
الشرطة ثانية لصفوف المتظاهرين!
دارت هذه الندوة لمدة أربعة ساعات و ركزت على ذكر المفارقات بين هذه
الثورة الفرعونية و ثورة أحفادهم شباب 25 يناير 2011 و ركزت على التأكيد
على تفرد حضارتنا القديمة و تميزها عن سواها بالتاريخ الانسانى و أهمية
استعادة كل ما يخصها من آثار تم تهريبها إلى دول العالم المختلفة و اتخاذ
إجراءات حاسمة ضد الدول التي ترفض إعادتها لمصر.
يذكر أن عالم الآثار ( بسام الشماع ) نوه إلى عزمه إعداد مشروع للسياحة
بمدينة المنصورة لما تحتويه من أماكن أثرية و واجهة طبيعية مميزة لنهر
النيل لا يوجد مثيلها سوى بمدينة الأقصرا.