كانت مصر وادعة بأمان الله، ولكن هم الإسلاميون وراء كل مصيبة وخالقو كل
فتنة، هم الذين ألبوا الشعب المصري حتى تجمهر غاضبا ثائرا في ميدان
التحرير، هم الذين تآمروا مع الإيرانيين ونسقوا مع الإسرائيليين ورتبوا مع
الأميركيين، هم الذين أدخلوا المطاوي والسكاكين وقنابل المولوتوف، هم الذين
جلبوا الخيل والبغال والحمير ليركبوها وفتنة.. قائمة لا تنتهي من
الاتهامات حفظ بعض المسؤولين المصريين شيئا من الحياء في سردها وإلا
لاتهموا الإسلاميين بثقب الأوزون والاحتباس الحراري وسوسة النخيل الحمراء
وإنفلونزا الطيور والخنازير.
كلمات ثلاث بالغة الأهمية عن موقع الإخوان المسلمين في الساحة السياسية
المصرية الجديدة، لكنها تاهت في ضجيج وصخب التظاهرة المليونية الضخمة في
ميدان التحرير، تفوه بها وزير الدفاع المصري طنطاوي، عندما ترجل من سيارته
المصفحة، طالبا من المعتصمين في الميدان أن يقنعوا مرشد الإخوان بالتحاور
مع النظام، هكذا ما بين طرفة عين وانتباهتها تتحول الحكومة المصرية من
رافضة للتحاور مع الإخوان، ولعقود طويلة، إلى متوسلة للحوار معهم.
لقد غالطت الحكومة المصرية نفسها قبل أن تغالط شعبها والحكومات الغربية حين
أقصت قوة سياسية فاعلة ومؤثرة في الساحة السياسية المصرية مثل حركة
الإخوان، وهي تدرك أن هذه الحركة مسالمة وأظهرت صبرا وتحملا لافتين لكل
استفزازات الحكومة من إقصاء وتضييق واعتقالات تعسفية طالت كوادرها
وقواعدها، ومع ذلك لم تلجأ الحركة للعنف، وهذا ما لم تقدره الحكومة للحركة،
ولو أن الحكومة المصرية أبقت مع الإخوان شعرة معاوية، على الأقل، كما تفعل
الحكومة الأردنية مع فرع الحركة في عمان لما وصلت إلى هذا التوسل من أجل
الحوار.
ومع الاعتراف الإقليمي والدولي بوجود حركة الإخوان كرقم مهم في المعادلة
السياسية المصرية، إلا أن الحركة ليست بمنأى عن الترهل الذي أصاب الحكومة
المصرية في مواكبة المستجدات، وكانت مثل بقية التيارات السياسية المصرية
المترهلة منقادة للزلزال الشبابي المصري، لا قائدة له ولا فاعلة فيه بل
متأثرة بارتداداته، ولهذا كان من الطبيعي أن يواجه الإخوان قبل سنوات حركة
احتجاج في «ميدان تحرير» مصغر داخل الحركة قاده تيار الشباب الذي تبلور في
حزب الوسط، وكما تقاوم الحكومة المصرية هذه الأيام حركة الاحتجاج الشعبية
المطالبة بالتغيير، قاومت قيادة الإخوان حركة التغيير الشبابية وكتمت صوتها
وبقيت على نمطها التقليدي من دون تغيير يذكر.
ولو أن حركة الإخوان استجابت لحركة التغيير الداخلية لربما خرجت بثوب جديد
وبتأثير أقوى على الساحة كما فعلت حركة التجديد الشبابية التركية بقيادة
أردوغان ضد التيار المترهل داخل حزب الرفاه بقيادة أربكان الذي قاوم تيار
التجديد بضراوة، لكنه فشل، وكان هذا الفشل هو بداية الانطلاق والنهوض
الحقيقي، ليس للتيار الإسلامي هناك بل للبلاد كلها، باختصار: ليس ثمة
اختلاف كبير بين بعض الحكومات العربية وحركات المعارضة في ضعف القابلية
للتطور والتغيير.
من الطبيعي أن يكون هناك توجس إقليمي ودولي من دور حركة الإخوان في مرحلة
ما بعد الزلزال، ولهذا قد يكون في صالح حركة الإخوان وصالح مصر كلها أن
تنزع فتيل هذا التوجس بالاكتفاء بتركيز الحملة على الاعتراف بها والابتعاد
عن الدخول في المنافسة على الانتخابات الرئاسية تماما كما فعلت حركة
النهضة، عليها أن تزج بكوادرها «التكنوقراط» ممن يتصفون بدرجة عالية من
النزاهة المالية والإدارية للمساهمة في تنمية البلاد تماما كما فعل التيار
الإسلامي في تركيا الذي قدم أردوغان رئيسا لبلدية إسطنبول ليكون نموذجا
مميزا في الاحترافية المهنية والنزاهة المالية، مما جعل الشعب التركي كله
يضعه زعيما مستحقا ومشرفا للبلاد.
رمضان الغندور
فتنة، هم الذين ألبوا الشعب المصري حتى تجمهر غاضبا ثائرا في ميدان
التحرير، هم الذين تآمروا مع الإيرانيين ونسقوا مع الإسرائيليين ورتبوا مع
الأميركيين، هم الذين أدخلوا المطاوي والسكاكين وقنابل المولوتوف، هم الذين
جلبوا الخيل والبغال والحمير ليركبوها وفتنة.. قائمة لا تنتهي من
الاتهامات حفظ بعض المسؤولين المصريين شيئا من الحياء في سردها وإلا
لاتهموا الإسلاميين بثقب الأوزون والاحتباس الحراري وسوسة النخيل الحمراء
وإنفلونزا الطيور والخنازير.
كلمات ثلاث بالغة الأهمية عن موقع الإخوان المسلمين في الساحة السياسية
المصرية الجديدة، لكنها تاهت في ضجيج وصخب التظاهرة المليونية الضخمة في
ميدان التحرير، تفوه بها وزير الدفاع المصري طنطاوي، عندما ترجل من سيارته
المصفحة، طالبا من المعتصمين في الميدان أن يقنعوا مرشد الإخوان بالتحاور
مع النظام، هكذا ما بين طرفة عين وانتباهتها تتحول الحكومة المصرية من
رافضة للتحاور مع الإخوان، ولعقود طويلة، إلى متوسلة للحوار معهم.
لقد غالطت الحكومة المصرية نفسها قبل أن تغالط شعبها والحكومات الغربية حين
أقصت قوة سياسية فاعلة ومؤثرة في الساحة السياسية المصرية مثل حركة
الإخوان، وهي تدرك أن هذه الحركة مسالمة وأظهرت صبرا وتحملا لافتين لكل
استفزازات الحكومة من إقصاء وتضييق واعتقالات تعسفية طالت كوادرها
وقواعدها، ومع ذلك لم تلجأ الحركة للعنف، وهذا ما لم تقدره الحكومة للحركة،
ولو أن الحكومة المصرية أبقت مع الإخوان شعرة معاوية، على الأقل، كما تفعل
الحكومة الأردنية مع فرع الحركة في عمان لما وصلت إلى هذا التوسل من أجل
الحوار.
ومع الاعتراف الإقليمي والدولي بوجود حركة الإخوان كرقم مهم في المعادلة
السياسية المصرية، إلا أن الحركة ليست بمنأى عن الترهل الذي أصاب الحكومة
المصرية في مواكبة المستجدات، وكانت مثل بقية التيارات السياسية المصرية
المترهلة منقادة للزلزال الشبابي المصري، لا قائدة له ولا فاعلة فيه بل
متأثرة بارتداداته، ولهذا كان من الطبيعي أن يواجه الإخوان قبل سنوات حركة
احتجاج في «ميدان تحرير» مصغر داخل الحركة قاده تيار الشباب الذي تبلور في
حزب الوسط، وكما تقاوم الحكومة المصرية هذه الأيام حركة الاحتجاج الشعبية
المطالبة بالتغيير، قاومت قيادة الإخوان حركة التغيير الشبابية وكتمت صوتها
وبقيت على نمطها التقليدي من دون تغيير يذكر.
ولو أن حركة الإخوان استجابت لحركة التغيير الداخلية لربما خرجت بثوب جديد
وبتأثير أقوى على الساحة كما فعلت حركة التجديد الشبابية التركية بقيادة
أردوغان ضد التيار المترهل داخل حزب الرفاه بقيادة أربكان الذي قاوم تيار
التجديد بضراوة، لكنه فشل، وكان هذا الفشل هو بداية الانطلاق والنهوض
الحقيقي، ليس للتيار الإسلامي هناك بل للبلاد كلها، باختصار: ليس ثمة
اختلاف كبير بين بعض الحكومات العربية وحركات المعارضة في ضعف القابلية
للتطور والتغيير.
من الطبيعي أن يكون هناك توجس إقليمي ودولي من دور حركة الإخوان في مرحلة
ما بعد الزلزال، ولهذا قد يكون في صالح حركة الإخوان وصالح مصر كلها أن
تنزع فتيل هذا التوجس بالاكتفاء بتركيز الحملة على الاعتراف بها والابتعاد
عن الدخول في المنافسة على الانتخابات الرئاسية تماما كما فعلت حركة
النهضة، عليها أن تزج بكوادرها «التكنوقراط» ممن يتصفون بدرجة عالية من
النزاهة المالية والإدارية للمساهمة في تنمية البلاد تماما كما فعل التيار
الإسلامي في تركيا الذي قدم أردوغان رئيسا لبلدية إسطنبول ليكون نموذجا
مميزا في الاحترافية المهنية والنزاهة المالية، مما جعل الشعب التركي كله
يضعه زعيما مستحقا ومشرفا للبلاد.
رمضان الغندور