الفوضى المجتمعية فى الشارع , أحسب أنها مخطط لها , بل وأرى ملامح الفوضى
الخلاقة التى تحدثت عنها كونداليزا رايس وزير الخارجية الأمريكية السابقة ,
والتى روج لها جورج بوش ( الأبن ) الرئيس الأمريكى السابق, والتى تحدث
عنها مؤخراً مدير مركز أبن خلدون فى ندوة عقدت بالأسكندرية .
الفوضى الخلاقة أفرزت ( إيلان شتايم ) الجاسوس الإسرائيلى , وأتوقع أن تكون
هناك مفاجآت أخرى , الجاسوس يحمل الجنسية الأمريكية وما يتردد اليوم بأن
هناك إتفاقاً لإستبدال ثلاثة مصريين فى مقابل تسليم ضابط الجيش الإسرائيلى
لا أساس له من الصحة .
الفوضى الخلاقة التى يروجون لها ويمولوها بمنتهى السخاء تتطلب منا التدقيق
, وفى هذا الإطار سبق أن رفضت من هذا المنبر , تصريحات وزير
السياحة , عندما إقترح إلغاء تأشيرة دخول السائحين للبلاد , ورفضت أيضاً
إلغاء الإستعلام الأمنى على أى إستثمارات قادمة كما أعلن رئيس الهيئة
العامة للإستثمار والمناطق الحرة ..
وها أنا أعاود هذا الرفض من جديد , لأننى أرصد بعض الظواهر التى تؤكد أن
هناك أموالاً كثيرة تنفق الآن داخل مصر المحروسة , أموالاً كثيرة تنفق بين
أوساط الإئتلافات الشبابية والتجمعات المطالبة بالتغيير , التمويل من
الخارج بما لا يدع أدنى مجال للشك واللاعبون بيننا ومنا !! وتلك كارثة .
أؤكد أن ما أكتبه هنا ليس من قبيل العصف الذهنى , أو مجرد إرهاصات فكرية ,
ما أكتبه يتردد بين أوساط كثيرة من الشباب المخلصين فى الميدان !! بل وأزيد
على هذا لأقرر أن البعض منهم طلب منى صراحة أن أنبه لما يحدث , والتمويل
أمريكى وخليجى ولكل هدف يسعى إليه !!
البعض لازال يراهن على إستمرار الفوضى المجتمعية , والبعض الآخر يدعوا
لتوحيد الإئتلافات والحركات , إلا أن الخلافات هى السمة السائدة , الأحاديث
موضوعية وعندما نصل لنقطة تحت أى راية يتم التوحيد يثور الخلاف ونتأكد أن
هناك أيد تعبث من الخلف !!
فى إعتقادى أن هناك ضرورة ملحة اليوم تفرض تشابك الأيدى لمصلحة هذا الوطن
حتى لا يذهب دم الشباب هباءاً , لا أود أن نصل إلى مرحلة( لطم الخدود )
لأننا إنقسمنا بفعل فاعل يجلس بيننا ويتحدث إلينا , نحسبه حملاً وديعاً ,
فى حين أن الذئاب تتوارى خلفه !!
ترى هل تتابعون معى ما يعرف ببرامج ( التوك شو ) ؟ التى تستضيف أشخاصاً
يشار لها بالبنان , هل تدققون كما أدقق فى التفاصيل التى يختفى الشيطان بين
ثناياها , كما يقول المثل الألمانى !! ما يحدث من البعض أراه يندرج تحت
بند ( العيب ) خاصةً عندما يتطرق الحديث للحوارات الدائرة والتى لا تستهدف
إلا مصلحة الوطن , تجد البعض منهم يسفه كل ما يحدث , لا لسبب إلا
لأنه لم يدع للمشاركة فى الحوار , أو لأنه إستشعر أنه لن يكون
مميزاً , والأهم أنه إستشعر انه لن يكون أذكى من المتحاورين فينكشف
أمره , فآثر عدم المشاركة مكتفياً بتسفيه ما يحدث !!
لا أكون مبالغاً إن قررت هنا , أننى على المستوى الشخصى صدمت من تصريح
لواحد من أؤلئك الكبار , إذ أعلن صراحةً أنه يرفض ( النظام البرلمانى ) ,
ويرى أنه من الأنسب أن نختار ( النظام الرئاسى ) مع تقليم أظافر الرئيس ,
وعندما سئل هل توافق أن تكون رئيساً فى ظل نظام برلمانى ؟ كانت إجابته
بمنتهى الوضوح , لا , أرفض أن أكون بلا صلاحيات !!
هذه عينة من الكبار الذين يحتلون مساحات كبيرة من الإعلام اليوم , والبعض
الآخر تراه فتحسبه يبشر بالمدنية الفاضلة , يتحدث عن ( اليوتوبيا ) !!
إذا ما أختير وعندما يتحدث واحداً بواقعية توجه إليه السهام لأنه
كان مشاركاً فى العمل العام خلال فترة ما قبل يناير , وهنا أستأذن فى
كلمات أعرف أنها قد لا تلقى قبولاً , وصعبة , إلا أننى مطالب بها لتكون
الأمور واضحة .. يا سادة يا محترمين من لم يشارك فى العمل العام طيلة ما
يزيد عن ربع قرن من الزمان , من المؤكد أنه لا ينتمى لهذا الوطن ولا يعرف
شيئاً عن إحتياجات الشارع المصرى !!
كلماتى تلك لا تعنى بحال من الأحوال أننى أرفض مبدأ العزل أو الإقصاء , بل
أؤيد هذا وذاك على الذين أثروا على حساب هذا الوطن , وأؤيد هذا وذاك على
أؤلئك الذين أفسدوا الحياة السياسية , حتى لو لم يكن هناك ما يعرف بالفساد
السياسى فى القوانين المعمول بها , أؤيد العزل والإقصاء على أؤلئك الذين
سيصدر فى شأنهم أحكاماً نهائية , وهنا ساكون صريحاً وواقعياً عدد أؤلئك ليس
بكثير كما يتوقع البعض , اللهم إلا كنا سنعتبر كل من مارس عملاً عاماً قبل
الثورة يناير فاسداً , وهذا فى إعتقادى ما يجب أن لا يكون مطروحاً , حتى
وإن كانت بعض مناقشات الوفاق القومى قد طالبت به , التعميم فى الإتهام
بالفساد أمر مرفوض شكلاً وموضوعاً خاصةً ونحن نتحدث عن إستهداف إصلاحات
جوهرية .. وسأكون صريحاً أكثر , الفساد السابق يتحمل مسئوليته المباشرة
مفسدون لا يتجاوزون أصابع اليدين أو أكثر بقليل والباقى كومبارس بما فى ذلك
أمانة السياسات !!
مقاليد الأمور والقرارات والسياسات كانت حكراً على قلة قليلة كما أوضحت ,
حتى المجالس المحلية التى أتفق على ضرورة حلها , لا صلاحيات لها بالمعنى
الدقيق , الصلاحيات كانت ( مركزية ) والباقى كومبارس !! صدقونى هذه حقيقة
وما كان يجرى وكل ما كان يردد عن حجم العضوية لا أساس له من الصحة , وإلا
أين هذه العضوية التى تتعدى الثلاثة ملايين والنصف ؟!
وما ينطبق على الحزب الوطنى كان ينطبق على الأحزاب الأخرى التى إكتفت ببعض
المناصب الشرفية فى أى من المجلسين التشريعيين وأعتقد أن هذه الأحزاب كانت
تعمل فى إطار خطة التوريث التى كان يشرف عليها جهاز مباحث أمن الدولة (
المنحل ) , وللأسف البعض من هؤلاء المتعاونين لازال يتحدث ويقول : أحسن من
الشرف ما فيش !!
إننى أطالب كل القوى الوطنية أن تتصدى وترفض محاولات الإغداق التى ليست
بخافية على أحد وأطالب المعنيين بالأمن القومى المصرى بالمزيد من التدقيق
ورصد ما يجرى فى الميدان تحديداً وما يلى وقفات الميدان , لأن بعضاً من
القوى فى الداخل والخارج لازال يعلق الآمال على نتائج الفوضى الخلاقة التى
نسهم فيها جميعاً وإن إختلفت الأسباب !!
اللهم إنى قد حذرت .. اللهم فأشهد
بقلم ـ معتصم راشد