روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    شرح اليمين الحاسمه

    عماد محمود خليل
    عماد محمود خليل
    مشرف مميز
    مشرف مميز


    عدد المساهمات : 212
    نقاط : 585
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 01/06/2010
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    شرح اليمين الحاسمه  Empty شرح اليمين الحاسمه

    مُساهمة من طرف عماد محمود خليل الجمعة يونيو 24, 2011 2:39 pm

    يعتبر معظم الفقهاء اليمين الحاسمة من أقوى الأدلة في الإثبات فبها يحسم النزاع نهائيا بغض النظر عن الأدلة الأخرى سواء المقدمة أو التي ستقدم لكن يرى اتجاه فقهي آخر – وبحق – أن اليمين الحاسمة ليست من أدلة الإثبات بالمعنى الصحيح للكلمة فهي طريق للإعفاء من الإثبات لذلك تعتبر من أدلة الإثبات تجاوزا كما أن الخصوم لا يلجؤون إلى هذا النوع من الأدلة إلا بشكل استثنائي لذلك تعتبر من الأدلة الاحتياطية وسوف أقوم بشرحها معتمدا أولا على ثقافتي القانونية المتواضعة وبعض المراجع الأخرى مثل كتاب شرح أصول المحاكمات المدنية للدكتور محمد حاج طالب ورسالة الإثبات للدكتور أحمد نشأت وكتاب الوسيط للدكتور السنهوري وغيره كما سوف نستدل على كلامنا ببعض المواد القانونية الواردة في قانون البينات باعتباره القانون الخاص في الإثبات وعلى بركة الله نبدأ

    اليمين هو إشهاد الإله على صدق القول ومن هذا الإشهاد تستمد اليمين قوتها الثبوتية فالحالف يعتقد أن الإله سينزل به عقابا إذا كذب في حلفه كما أن المشرع في قانون العقوبات اعتبر أن حلف اليمين كذبا يشكل جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات

    واليمين على نوعين يمين حاسمة ويمين متممة وسوف نقتصر على اليمين الحاسمة نظرا لخطورتها على أن أقوم بتفصيل اليمين المتممة في موضوع لاحق على أن أذكر هنا بعض الفروق المهمة بينهما

    اليمين الحاسمة هي اليمين التي يوجهها أحد الخصوم إلى الآخر ليحسم بها النزاع وكما هو واضح فإن اسمها يوضح معناها فهي تحسم النزاع فيتوقف مصير الدعوى والحكم بها على نتيجة هذه اليمين بغض النظر عن باقي الأدلة وبذلك تفترق عن اليمين المتممة في إحدى جوانبها فاليمين المتممة تكون حجة تقديرية للقاضي فيمكنه أن لا يأخذ بها رغم حلفها أو أن يحكم ضد من حلفها على عكس اليمين الحاسمة
    وكما ذكرت أن اليمين الحاسمة يوجهها أحد الخصوم فلا توجه إلا بين الخصوم فلا توجه إلا من خصم في الدعوى ولا توجه إلا إلى خص م آخر فيها أيا كانت صفة هذا الخصم المهم أن يكون خصم فيها
    ولا يجوز أن يوجهها القاضي من تلقاء نفسه ولا يجوز للخصم أن يبدي استعداده لحلفها إذا لم يطلب الخصم الآخر منه ذلك لأنه يكون بذلك قد اصطنع لنفسه دليلا ضد غيره وهذا غير جائز طبقا للقواعد العامة في الإثبات
    ويجوز توجيه اليمين الحاسمة في كل نزاع وفي أية حالة كانت عليها الدعوى سواء أما محاكم الدرجة الأولى أو الثانية وحتى ولو أمام محكمة النقض بشرط أن تكون محكمة النقض تنظر في الدعوى على أنها محكمة موضوع وليس محكمة قانون وكما نعلم أن محكمة النقض حسب الأصل هي محكمة قانون لكنها تعتبر محكمة موضوع استثناء وفي حالة واحدة فقط وهي عندما تنقض نفس الدعوى مرة ثانية فلا تقوم بإعادتها إلى محكمة الأساس وإنما تقوم بالفصل بها بنفسها فتكون بذلك قد أصبحت محكمة موضوع
    أما إذا كانت محكمة النقض تنظر بالدعوى على أنها محكمة قانون فلا يجوز توجيه اليمين الحاسمة أمامها لأنه لا تقبل وقتها أدلة جديدة أمامها
    ولكن إذا كان لا يجوز للقاضي توجيه اليمين من تلقاء ذاته فإن هذا لا يعني أن يكون موقفه منها سلبيا فهي لا توجه إلا بإذنه لكي يفرض رقابته عليها ويمنع توجيهها إذا كان في توجيهها مخالفة للنظام العام كما لو طلب الدائن توجيه اليمين إلى خصمه ليحلف أن معدل الفائدة الاتفاقية بينهما هو 10 % فهذه الواقعة مخالفة لقاعدة من النظام العام التي تحدد المعدل الأقصى لسعر الفائدة الاتفاقية بـ 9 % فيمنع القاضي بالتالي توجيهها
    وكذلك إذا لاحظت المحكمة أن الخصم لم يقصد من توجيه اليمين إلا الكيد لخصمه فإنها تمنع توجيهها لكن اعتبار اليمين الحاسمة يمينا كيدية ومنع الخصوم من توجيهها أمر لا يخلو من خطورة فقد تحرم الخصم من الاستعانة بدليل هام من أدلة الإثبات
    ويجب على من يوجه اليمين أن يبين بدقة الوقائع التي يريد استحلاف الخصم عليها وأن يذكر صيغتها بعبارة واضحة ويجوز للمحكمة أن تعدل هذه الصيغة بشرط أن تتجه على الواقعة المطلوب الحلف عليها وألا يكون في التعديل انصراف ال يمين إلى واقعة أخرى
    واليمين الحاسمة من الأدلة المطلقة فهي تصلح لإثبات كافة الوقائع القانونية سواء كانت تصرفات قانونية ( عقد – تصرفات بإرادة منفردة ) أو وقائع مادية ( كل واقعة أخرى ماعدا العقد والتصرفات بالإرادة المنفردة )
    وهي من الأدلة الملزمة للقاضي ليس له عليها أي سلطة تقديرية إذا ما أمر بحلفها بناء على طلب أحد الخصوم فعليه أن يفصل في الواقعة وفق آثار الحلف أو النكول ولو كانت مخالفة لقناعته أو للأدلة الأخرى المبرزة في الدعوى
    وحتى تكون لليمين الحاسمة هذه الحجية يجب أن يكون الحلف أو النكول قد تم أمام المحكمة حيث تنص المادة 117 من قانون البينات على أنه " لا تكون اليمين إلا أمام المحكمة ولا اعتبار بالنكول عن اليمين خارجها "

    آثار اليمين الحاسمة :
    يجوز لمن وجه اليمين الحاسمة أن يرجع عن توجيهها إذا لم يقبل خصمه الحلف بعد أما إذا قبل خ صمه الحلف فلا يجوز لمن وجهها أن يرجع عنها أما إذا طلب الخصم الذي وجهت إليه اليمين مهلة للتفكير واستجماع معلوماته فإن القانون لم ينص على ذلك فيرى اتجاه فقهي أن طلب المهلة يعتبر قبولا لحلف اليمين فلا يمكن لمن وجهها أن يرجع عنها بعد ذلك . في حين يرى الاتجاه الراجح إلى أن طلب المهلة لا يعتبر قبولا فهو بمثابة فترة الذهول التي تنتاب الخصم الذي وجهت إليه اليمين قبل أن يبين موقفه منها فيجوز بالتالي الرجوع عن اليمين خلال المهلة

    وإذا وجهت اليمين الحاسمة إلى الخصم فإن هذا الخصم بالخيار بين أن يحلفها أو ينكل عن حلفها أو أن يردها على من وجهها فإذا حلفها كسب الدعوى ولا يجوز إثبات كذبها بعد ذلك بأي وسيلة كانت
    أما إذا نكل ( امتنع ) عن حلفها فقد خسر الدعوى وهذا الموقف يفسر منه على أنه يعترف بصحة الواقعة التي يدعيها موجه اليمين
    ويجوز لمن وجهت إليه اليمين الحاسمة أن يردها على من وجهها ليحلف على صحة الواقعة التي يدعيها ( قال له أحلف على أنك لست مدين ا لي فردها عليه قائلا أنت إحلف بأنك دائن لي ) وبهذا تختلف اليمين المتممة في أحد جوانبها عن اليمين الحاسمة فاليمين المتممة توجه من القاضي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الخصوم ليكمل بها دليلا ناقصا وبما أن اليمين المتممة توجه من القاضي فلا يجوز ردها عليه
    فإذا رد الخصم اليمين الحاسمة على خصمه الذي وجهها فإنه يجوز له أن يرجع عن ردها قبل أن يحلف خصمه بنفس الأحكام التي أوردناها أعلاه بخصوص الرجوع عن توجيه اليمين
    فالحق في الرجوع عن توجيه اليمين وكذلك ردها يسقط بمجرد قبول الحلف ولو لم يتم الحلف الفعلي
    والخصم الذي ردت عليه اليمين بالخيار بين أن يحلفها أو أن ينكل عن حلفها فإذا حلفها كسب الدعوى وإن نكل خسرها
    ولكن لا يجوز للخصم الذي ردت عليه اليمين أن يردها مرة أخرى حتى لا تدور اليمين في حلقة مفرغة فاليمين الحاسمة لا ترد إلا مرة واحدة من الخصم الذي وجهت إليه على الخصم الذي وجهها

    وإذا فصلت الدعوى بالاستناد إلى اليمين الحاسمة فيمكن للمحكوم عليه أن يطعن في هذا الحكم إذا كان يقبل الطعن لكن محكمة الطعن تتقيد بآثار اليمين فلا يجوز أمامها إثبات كذبها أو إثبات صحة الواقعة التي كانت سترد عليها اليمين رغم النكول عنها فهذا غير جائز لكن يمكن أن ينصب الطعن مثلا على عدم توافر الأهلية في الخصم لتوجيه اليمين أو حلفها أو النكول عنها أو ردها أو عدم سلامة إرادته أو عدم اختصاص المحكمة النوعي
    فإذا تحققت المحكمة الناظرة في الطعن من صحة هذه الأسباب تفسخ الحكم المطعون فيه ولا تكون لهذه اليمين حجية اليمين الحاسمة في الإثبات

    لكن قد تحرك النيابة العامة الدعوى العامة ضد من حلف اليمين بجرم حلف اليمين الكاذبة ويثبت كذب هذه اليمين بموجب الحكم الجزائي الصادر بالدعوى العامة لكنه لا ينال من حجية اليمين الحاسمة أمام المحاكم المدنية التي يجب أن تلتزم بآثارها في الحلف أو النكول
    لكن يحق للخصم المتضرر من حلف اليمين الحاسمة كذبا أن يستند على الحكم الجزائي ليطالب الخصم الذي حلفها كذبا بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من جرم حلفها فيكون الجرم هو مصدر التعويض وليس الحكم الجزائي الذي قلنا بأنه لا يهدم حجيتها أمام المحاكم المدنية

    تدعو المحكمة الخصم لحلف اليمين ويجب عليه أن يحدد موقفه منها في الحلف أو النكول أو الرد فإن لم يحلفها اعتبر ناكلا ويعتبر كذلك ناكلا إذا تغيب إذا عن حضور جلسة الحلف بغير عذر ويبدو أنه يعتبر نكولا إذا امتنع الخصم عن الحلف بحجة نسيانه تفصيلات الواقعة التي ترد عليها صيغة اليمين ولو أبدى استعداده لحلف اليمين على هذا النسيان لأن هذا الموقف ليس من المواقف التي أجاز المشرع للخصم أن يسلكها
    وتكون تأدية اليمين بأن يقول الحالف " والله " ثم يذكر الصيغة التي أقرتها المحكمة فإذا كان الحالف لا يدين بالألوهية لله عز وجل فيجوز له أن يؤديها طبقا للأوضاع المقررة في ديانته إذا طلب ذلك ( كأن يحلف بزرادشت إن كان يؤمن به على سبيل المثال )
    وإذا كان الحالف أخرسا يكون حلفه ونكوله بالكتابة إذا كان يعرفها ويكون بإشارته المعهودة إذا كان أميا
    كما أنه لا يؤثر – كما يتوهم البعض – عدم وضع الحالف يده على كتاب ديني وقت الحلف أو عدم وجود الكتاب في مكان حلف اليمين لكن الهيئات القضائية اعتادت على طلب وضع الخصم يده على كتاب ديني وقت الحلف

    بقي أن أشير إلى أن الأهلية التي يجب أن تتوافر في الخصم الذي يوجه اليمين أو يحلفها أو ينكل عنها أو يردها فهي أهلية التصرف في الحق المتعلق بالواقعة التي ترد عليها اليمين رغم عدم النص على ذلك فقد يفقد هذا الحق نتيجة الحلف أو النكول لذلك يجب مراعاة قواعد الأهلية المتعلقة بالتصرفات في هذا الخصوص
    عماد محمود خليل المحامى بسوهاج


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 4:08 am