من طرف 
رغم أننى أتحفظ كثيراً على الوقفات الإحتجاجية للدرجة التى تجعلنى أرفضها
وأطالب بأن ننصرف للعمل , مع التأكيد على ضرورة الإستجابة للمطالب الفئوية
إن كانت تعبر عن حقوق ضائعة , إلا إننى ـ اليوم ـ قررت أن أعيد النظر فيما
كنت إتحفظ عليه وأرفضه , ولا أرى ثمة حرج فى ذلك .
ما يحدث يوجب علينا جميعاً , أكثر من وقفة , أين إجراءات محاكمة
الكبار , وتحديداً أسرة المخلوع ورئيس ديوانه وهذا الأخير أحمله مسئولية كل
ما كان يحدث فى البلاد والعالمون ببواطن الأمور فى بلدى المحروسة يعرفون
هذا تماماً .
لكن كيف يحاكم الأخير وقد قضى ما قضى داخل مكتبه يمارس مهام
( فرم وحرق ) كل ما يتعلق بإدانته ( أولاً ) وبالتالى كل ما يتعلق بفساد
النظام وإدانته ( ثانياً ) , وهنا أشير إلى أن هذا الترتيب مقصوداً وليس
من قبيل الصدفةً !!
ما يحدث أراه غير مبرراً على الإطلاق , والشعب لن يهدأ إلا بالقصاص العادل ,
اللهم إلا إن كان هناك مخططاً لم يعلن , وبالتالى فنحن على أبواب حالة
عصيان مدنى شاملة تضرب أنحاء البلاد , ولا أحسب أن هذا مطلوباً إن كنا
نستهدف حالة من الإستقرار , لإنه ( دون هذا الإستقرار ومعالجة اللا أمن )
لا حديث عن أى معدلات للتنمية ولا أقول ( نمواً ) , لأن أحداً لن
يستثمر من الداخل ولن يأتى من الخارج ( ليغامر ) بالإستثمار .
هنا أنبه إلى أن الإستثمار الأجنبى المباشر الوافد إلينا , لابد أن يكون
متفقاً وأولوياتنا فى المرحلة القادمة خاصةً إذا كان من الولايات المتحدة
الأمريكية , أو دولة قطر تحديداً التى إستقبلت وتستقبل يومياً وفوداً من
أولاد العم يحملون جوازات سفر ( مزورة ) بجنسيات مختلفة , هؤلاء يمكن أن
نجدهم بيننا مستثمرون , وأعتقد أن حادث الجاسوس الأخير ( الأمريكى الجنسية )
يأتى فى إطار هذا السيناريو !! ولازالت أى أن هناك توابع قادمة .
أنا لست متشائماً , ولكنى أتعامل مع واقع الأحداث وفى ذات الوقت أهمس فى
أذن كثيرين ممن حولى وأقول لهم : السياسة هى فن الممكن أقصى
الممكن ) !! وأزيد قائلاً ( ما لا يدرك كله لا يترك كله ) , على أن يسبق كل
هذا لابد أن ( نحدد سقف مطالبنا , لنعرف أين كنا وكيف أصبحنا .
إننى من هنا , أتسآل عن معنى الخطاب الذى نشره الصحفى (
أرنولد بورشجراف ) الذى كان يعمل من قبل مراسلاً لوكالة يونايتد
إنترناشيونال برس الأمريكية ؟! وكيف وصل إليه هذا الخطاب , وما قيمته أن
يرسل أبناء الرئيس المخلوع رسالة من محبسهما إلى عمر الزواوى رجل الأعمال
العمانى ومستشار السلطان قابوس سلطان عمان خاصةً وإن البعض يؤكد أنهما قاما
بتسليم الخطاب إليه ( باليد ) وطلبا منه إستخدام مركزه المرموق لإلقاء
الضوء على ما أسميناه المعاناة التى يتعرضان لها على يد السلطات المصرية .
سبحان الله , أبناء الرئيس المخلوع يعلنان من محبسهما أنهما يعانيان
من معاملة السلطات المصرية , ولم يفصحا عن مضمون الخطاب , الذى نشره
( أرنولد بورشجراف ) , الأمر الذى يدعونى هنا , أن أتوجه بالسؤال
لوزير الداخلية , منذ متى يسمح للمحبوسين حبساً إحتياطياً أن يحولا السجن
إلى صالون وملتقى للأصدقاء خاصةً من غير المصريين ؟! وهل هذا الذى يحدث
أمر طبيعى وحق مكفول للجميع كحق العلاج والرعاية الطبية الفائقة للرئيس
المخلوع , وبالمناسبة ما هى آخر أخبار تجهيزات مستشفى السجن ؟! خاصةً
وأن الشهر الذى كان مطلوباً لإنهاء التجهيزات إنتهى !!
أسئلة كثيرة , تزداد يوماً بعد يوم ولا إجابة تشفى غليل هذا الشعب الغلبان ,
ونتسآل بعد هذا عن تبريراً للوقفات الإحتجاجية , وهنا لابد أن أكون صريحاً
, ما من يوم أذهب فيه للمشاركة فى جلسات حوار ( الوفاق القومى ) إلا
وأرى لافتات ونداءات للحكومة , ولا أجد إستجابة , وهنا أتسآل : ماذا فعل
رئيس مجلس الوزراء بإعتباره الوزير المسئول عن شئون الأزهر فى أزمة أوائل
جامعة الأزهر ؟ لم يفعل شيئاً حتى الآن رغم أن ما يطالب به الأوائل حق
مشروع لهم , وقد تعرضوا لممارسات فاسدة توجب المسآلة الجنائية لكل من أسهم
فيها . إلا أن مجلس الوزراء المصرى له رأى آخر لأنه لازال يرفع
شعار ( ليس فى الإمكان أحسن مما هو عليه الحال ) !!
ترى هل تكشف الأيام القادمة عن مفاجآت فى علاقة الزواوى وغيره من الضيوف
الأكابر الذى يحلّون بصالون أنجال الرئيس المخلوع ( ببورتو طرة ) , ودورهم
فى إختفاء ثروات العائلة ( المالكة ) !!
اللافت للنظر هنا , أنه بعد مرور ما يقرب من 150يوماً على الثورة
إلا أن الشعب قد فشل فى إسقاط النظام !! لدرجة أن البعض يرى أن الحكومة
الحالية إمتداداً للحكومات السابقة بمعظم جوانبها , بما يعنى أنها ( نيولوك
للنظام القديم ) !! والأمن مازال يحاول أن يتعافى , بخلاف
الإعلام النمطى الذى يجامل الحكومة ويحسن وجهها ليل نهار .
إننى أطرح هنا عدداً من الحلول أراها قد تسهم فى تحسين أحوالنا خلال الفترة
القادمة , يأتى فى مقدمتها إعادة بناء وزارة الداخلية بشكل عاجل , ووضع
برنامج زمنى محدد لحل المشاكل الإقتصادية وفقاً لأولوياتها , والدعوة
لإجراء الإنتخابات وبصفة خاصة العمالية تجنباً للإحتجاجات الفئوية بإختيار
ممثلين جدد بدلاً من التصدى للمظاهرات الفئوية وحل المجالس المحلية المعطلة
وتغييرها لنتفادى أى تأثير لهم فى الإنتخابات البرلمانية القادمة ولا ننسى
القيادات الجامعية شريطة أن يكون هناك إتفاقاً بين هؤلاء القيادات والذين
يعبرون عن إتجاهات مختلفة , على الأسلوب الأمثل لإختيار القيادات .
نحن مطالبون بتغييرات حقيقية , شكونا فى الماضى من الحزب الوطنى واليوم
أفسحنا المجال للتيار الدينى , فبدأت حالة من ترويع المواطنين نتيجة
للتصريحات التى يطلقها قادة التيار الدينى المتطرف .
المواطن المصرى كان ينتظر تغييراً فى السياسات فإذا به يواجه حالة إنفلات
أمنى فى الشارع , وإنفلات سعرى فى الأسواق , الأمر الذى يقتضى وعلى الفور
تدخل الدولة لضبط الأسواق خاصةً وأننا على أبواب شهر رمضان وكل التوقعات من
جانب التجار تؤكد أن هناك إرتفاعاً فى الأسعار , فماذا أعدت المجمعات
الإستهلاكية , وماذا أعدت الحكومة ؟ مصالح الجماهير فى علم الغيب .
بعد هذا نتسآل لماذا الوقفات ولماذا المظاهرات المليونية , ياسادة إننى
أحذر مما هو قادم لأنه سيكون هو الأسوأ إذا لم تتخل حكومة ( شرف ) عن
سياساتها البطيئة التى لا يدركها أحداً , والتى لا تصب فى صالح الفئات التى
قادت الثورة .
لابد من التغيير الجذرى ياسادة وبسرعة .
اللهم إنى قد بلغت .. اللهم فأشهد .
معتصم راشد