من طرف 
مدينة شرم الشيخ الساحرة اشتهرت طوال السنوات الماضية بأنها المنتجع المفضل
للرئيس المخلوع.. لا يدخلها إلا المصطفون الأخيار ورجال الأعمال أو نجوم
البلوتيكا إلي جانب الزيارات الحساسة التي لا تلقي قبولاً لدي الرأي العام
مثل المسئولين السياسيين الإسرائيليين.
المخلوع لم يقع اختياره علي «شرم» من فراغ، فالمدينة محكمة الغلق والتأمين
وتم إعداد بنيتها التحتية والفوقية علي أحدث الطرازات الأوروبية بجانب أن
المتواجدين في شرم الشيخ ينقسمون إلي نوعين.. الأول هم الشباب المكافح الذي
جاء من جميع أرجاء مصر بحثاً عن لقمة العيش في هذه المدينة الساحرة التي
لا تعترف سوي بالعملات الصعبة.
أما الفريق الثاني فهم «الجيست» أو الضيوف وغالبيتهم من الطبقات الراقية،
كلٌ يجلس في خلوته برفقة جهاز «لاب توب» شاشته تطل ليل نهار علي البورصات
العالمية أي أن هؤلاء لا يعرفون إلا لغة البيزنس ولا شيء غير البيزنس.. من
هنا كانت «شرم» الملاذ الآمن لمبارك سواء في عنفوانه أو بعد خلعه.
المهم أن المدينة كانت ومازالت خزينة أسرار وشاهدة علي أحداث فارقة في حياة
مصر والمصريين فرغم حالة الخلط في المعلومات والتزييف في بعض الأحيان إلا
أن أهل ورواد «شرم» كانوا بمثابة النافذة الكبيرة التي تطل علي الحقيقة
وترصد الأحداث عن قرب، لذلك قررنا أن نخترق حصون المدينة ونقرأ ما بين
السطور فربما ترسم أسرار «شرم» خريطة مصر المستقبلية مثلما رسمتها طوال
السنوات الماضية.
كانت البداية من أمام مستشفي شرم الشيخ الدولي الذي يعالج فيه المخلوع، حيث
أكدت مصادر قريبة داخل هذا المكان المحصن أن الرئيس السابق يتمتع الآن
بحالة صحية جيدة بل يحرص علي مداعبة المقربين إليه إلا أنه قليل الحركة
خارج المكان المتواجد به وهو عبارة عن جناح كبير.
وأضافت المصادر أن مبارك كان حريصاً علي إجراء جميع اتصالاته بأصدقائه
ورجاله من خلال الاتصال المباشر أو «المراسيل» حرصاً علي السرية التامة
لهذه الحوارات وأنه لا يستخدم التليفون إلا في المكالمات الدولية ببعض
الرؤساء والملوك العرب وأن مكالماته تتم بحرص شديد دون التورط في أي
معلومات قد تُصعب من موقفه في حالة مراقبة هذه المكالمات..
وكل هذه الإجراءات بتعليمات من محاميه الخاص الذي يراهن علي تمرير هذه
المدة الزمنية التي تضمن للرئيس السابق الإفلات من المحاسبة، وهذا ما نصح
به سوزان التي أكد الشهود أنها تتردد علي المستشفي يومياً وقد تم تخصيص
قاعة كبيرة للاجتماعات داخل المستشفي لإجراء المقابلات والاجتماعات الخاصة
بها والتي يحرص علي حضورها عدد من الهوانم ينتمين إلي عائلات الجمال
والمغربي ورشيد وبعض الصديقات اللاتي أكدت إحداهن أن سوزان بدت واثقة في
الآونة الأخيرة واستعادت كثيراً من لياقتها الاجتماعية والأخطر من ذلك أن
سوزان ثابت قررت العودة للملعب السياسي من جديد ولكن من خلف الستار - حسب
وصف مصادر قريبة - وأنها تتابع عن قرب المشهد في ميدان التحرير وكيفية
تعامل المجلس العسكري مع الأمر
والاغرب انها اجتمعت ببعض الثقات لتحويل ميدان التحرير إلي خيام رمضانية
للثوار والتصعيد ضد الجيش ودعم بعض المطالب السياسية الأخري بعيداً عن
المحاكمات للفت نظر الثوار لاتجاه آخر، وتضييع الفرصة علي المجلس العسكري
للتفرغ لمحاكمة الكبار
وكل ذلك سيتم بواسطة مندسين بين شباب الثورة بعد أن فشلت ذيول الثورة
المضادة، كما أن الهانم تواصل ضغطها من خلال علاقاتها الدولية لإنهاء
الموقف وعودة الأمور لطبيعتها قبل انتخابات الرئاسة باعتبار أن التسليم
الآمن للسلطة في مصر يحسب لزوجها بخلاف ما يحدث في ليبيا وسوريا واليمن..
وهذه هي وجهة النظر الجديدة التي تروج لها سوزان ثابت.
صديقات الهانم والمدعوات دائماً علي شرف اجتماعاتها داخل المستشفي أكدن
لمصادر مقربة أن الهانم لم تخضع لأي تحقيقات طوال الشهور الماضية وأن ما
أشيع حول مثولها للتحقيق وبراءتها كان مجرد مسرحية لتهدئة الرأي العام
وامتصاص غضب الثوار.
الغريب أن الهوانم المحيطات بسوزان حاولن مراراً وتكراراً توصيل رسالة
تطمين لها حول الموقف السياسي الذي سرعان ما سيهدأ فور دوران عجلة
الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية التي ستنشغل فيها جميع القوي السياسية
المطالبة بمحاكمة مبارك ونجليه.
رسائل التطمين لم تأت من فراغ ولكن جاءت بعد عدة أسابيع من الهلع قضتها
سوزان بجوار مبارك داخل جناحه في المستشفي والشك يساورها في كل لحظة خشية
تعرض الرئيس السابق لأي عملية اغتيال أو قتل بالسم علي حد بعض التحذيرات
التي تلقتها سوزان فور دخول مبارك لمستشفي شرم الشيخ الدولي.. دوائر الشك
بدأت أولاً من جهة العلاج الذي يتلقاه الرئيس السابق فطالبت سوزان علي
الفور باستدعاء فريق طبي مصري من الثقات الذين كان الرئيس يتعامل معهم
وبعدها طالبت باستقدام فريق طبي من الخارج.