روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    عرفت الآن لماذا تحتضر مصر

    رمضان الغندور
    رمضان الغندور
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني


    عدد المساهمات : 7758
    نقاط : 21567
    السٌّمعَة : 16
    تاريخ التسجيل : 31/05/2009
    العمر : 67
    العمل/الترفيه : محامي حر

    ددؤءءئ عرفت الآن لماذا تحتضر مصر

    مُساهمة من طرف رمضان الغندور الأربعاء يوليو 27, 2011 1:38 am


    عرفت الآن لماذا تحتضر مصر Untitled-1
    على هدير أصوات السيارات التي اخترقت شارع الشيخ علي يوسف الموازي لأخيه
    التوأم شارع قصر العيني دفن وجهه بين راحتيه، قبل أن أفيقه من غيبوبته
    الإرادية، مشفقا عليه: ماذا بك يا صديقي الحزين؟
    فأجابني بصوت يائس:
    أقرأ الفاتحة على روح مصر، إنها تحتضر في كل مكان، في التحرير وفي
    العباسية وفي الإسكندرية في يوم أضرب فيه جراحو السياسة عن إسعافها وارتضوا
    لها الموت البطيء.
    أجبته بنبرة تفاؤل: جراحوها لم يُضربوا عن
    إنقاذها، ولكنهم مشغولون فحسب في مستشفياتهم السياسية الاستثمارية؛ حيث
    يسعى كل فرد وراء المكسب ولا شيء غيره.
    قال بصوت داهش: كفّ عن سرد الألغاز، كفانا اللغز الأكبر، كان لديّ أمل كبير في 6 إبريل.
    قلت
    له مشفقا من سذاجته الوطنية: أنا لا أقول ألغازا، 6 إبريل أحد جراحي مصر
    الذي هجروها طريحة الفراش في غرفة العناية المركزة، كان ينتظر جائزة الثورة
    التي وعده إياه المجلس العسكري ولكنه لم يجدها.
    ازداد اندهاشا: حتى المجلس العسكري لم يسلم من لسانك؟
    قلت:
    معاذ الله أن أسبّ المجلس، ولكني أقرأ موقفه؛ فالمجلس يمارس السياسة، وفي
    تعريفها التاريخي معروف أن السياسة من الخباثة، وفنّ اللعب على جميع
    الأطراف، و 6 إبريل كانت طرفا من ضمن أطراف عديدة لعب معها المجلس لفترة من
    الفترات وانتهى دورها، فخرجت من مولد الثورة بلا حمص.
    قال غاضبا: 6 إبريل شاركت في الثورة، ودفعت أرواح شبابها ثمنا لحياتك وحياة غيرك.
    قلت:
    هذا حقيقي ولا جدال، ولكنّ هناك فارقا كبيرا بين من مات وبين من جنى ثمار
    الأرواح الطاهرة التي قتلت في ميادين مصر المختلفة، أتحدث هنا عن شريحة
    رفيعة من الحركة التي لاعبت المجلس، فظنت أن بإمكانها أن تأخذ أكثر مما
    تستطيع، ولكنها كانت مخطئة فانتابتها حالة هذيان.
    قال: وماذا تقصد بالهذيان؟
    قلت:
    أقصد بالهذيان الرغبة غير المحسوبة في الانتقام، وكان الانتقام في استعراض
    عضلاتها وقدرتها على الحشد من خلال الدعوة لمسيرة من الميدان وحتى مقر
    المجلس العسكري في العباسية، هي لغة تهديد واضحة لا جدال فيها، وقد استجاب
    لها المجلس داخل الغرف المغلقة ووعد 6 إبريل بما طلبت، واستجابت الحركة هي
    الأخرى، وأعلنت عدم اشتراكها في المسيرة قبل انطلاقها بساعتين.
    قال: ولكن المسيرة تحركت فعلا يوم الجمعة، واشتبكت مع قوات الجيش، وكان مشهدا محزنا ومؤسفا.
    قلت:
    نعم حدث، وذلك لأن قطار التحرير هو قطار بلا فرامل يتحرك ولا يقف، ولم
    تدرك 6 إبريل ذلك وكذلك المجلس العسكري، الذي فقد صوابه واستشاط غضبا، وجاء
    بيانه رقم 69 الذي خُصص تحديدا لسب ولعن 6 إبريل، ورجمها بكل أنواع السباب
    السياسي المباح، في رغبة أصيلة لتأليب فئات الشعب على هذه الفئة، واللعب
    على وتر الخيانة والعمالة للولايات المتحدة والغرب بصفة عامة، والبيان 69
    وإن كان ينمّ عن مراهقة سياسية لم تحسب حسابا للتخوف الموجود أصلا لدى فئة
    عريضة من المسيسين من انقلاب المجلس على حلفائه، إلا أنه انفعال مبرر؛ لأن
    وزارة الدفاع تمثل شرف وكرامة القوات المسلحة، وحصارها يعني حصار شرف
    العسكرية المصرية، وأنا شخصيا أتفق معهم في ذلك، ولهذا أرادت الحركة أن ترد
    صاع البيان 69 بصاع المسيرة الثانية يوم السبت.
    قال: ولكن اشتباكات
    يوم السبت لم تكن بين الجيش وبين المتظاهرين، وإنما كانت بين المتظاهرين
    والأهالي، لماذا نقحم المجلس في مصائبنا الخاصة؟
    قلت: هذه قراءة
    سليمة ظاهريا، ولكن بشيء من التنظير سوف نعرف أن المجلس قد حفّز الفئة غير
    المسيسة من خلال بيانه رقم 70 والذي أكد فيه مرارا وتكرارا على محاولة
    الحركة الوقيعة بين الجيش والشعب، واستدرّ عاطفتهم في الوقت نفسه بمدحه
    وثنائه على الدروع البشرية التي أقامها أهالي العباسية بينهم وبين
    المتظاهرين، فكانت النتيجة أن استعد أهالي المنطقة "للخونة والعملاء الذين
    يريدون إهانة المجلس"، وقابلوهم بالمولوتوف والطوب والحجارة وخلافه، وكانت
    المجزرة، وهكذا خسرت 6 إبريل نقاطا إضافية في عراكها السياسي مع المجلس.
    قال:
    أنت صديقي ولكن عليك اللعنة! لماذا تحاول تصوير الأمر وكأنه لعبة سياسية
    قذرة؟ الحركة على ما يبدو حادت عن طريقها الوطني الذي ارتضته لنفسها منذ 25
    يناير، فاستحقت ما نالت، ولا لوم في ذلك على المجلس، وكما ترى الإخوان
    والمجلس كما السمن المخلوط عسلا، وكذلك الحال بين المجلس وبين القوى
    الليبرالية.
    قلت: أنا لا أحاول أن أصوّر، ولكني أحاول أن أقرأ
    مفردات الواقع، وهناك شواهد كثيرة تثبت أن المجلس وكافة الأطراف السياسية
    تتفاوض من أجل الكراسي، وعلاقة الإخوان والمجلس هي الأخرى علاقة أساسها
    المصالح في سبيل احتكار الحقيبة البرلمانية، حيث الدستور، حيث الهوية
    الإسلامية للدولة الجديدة، وحتى هذا السمن المخلوط عسلا أحيانا ما يفترق،
    والدليل على ذلك إدانة الإخوان القوية للإعلان الدستوري الخاص بالمواد
    الحاكمة للصياغة الدستورية.
    قال: أوَتعتقد أنه لهذا السبب تراجعت الجماعة عن قراراها بعدم خوض الانتخابات الرئاسية؟
    قلت:
    بالضبط، ولكن هذا ليس تهديدا حقيقيا، ولكنه كارت ضغط على المجلس حتى
    يتراجع عن المفرادات الحاكمة للدستور التي ستقوض من الشكل الذي سيرتضيه
    البرلماني الإخواني الجديد للدستور، بحيث ترسل رسالة للمجلس بأننا سوف نهدد
    الحقيبة الرئاسية التي طلبت منا عدم الاقتراب منها.
    قال: ها قد
    اعترف لسانك، إذن لا صفقات في الأمر، المجلس يفعل ما فيه الصالح العام حتى
    لو تعارض مع مصالح الإخوان، فالأساس هو مصلحة مصر فحسب، والدليل كما قلت في
    الإعلان الدستوري الخاص بالمبادئ الحاكمة.
    قلت: الإعلان الدستوري
    في حد ذاته كان مغازلة لأطراف أخرى ليبرالية ارتعبت من تهديد سيطرة التيار
    الإسلامي على مجريات الأمور في مصر ما بعد الثورة، وبالمناسبة انتظر تراجعا
    من الجماعة عن قراراها بخوض الانتخابات الرئاسية أو نفيا منها على أسوأ
    تقدير، وذلك عندما يتوصل الطرفان لحل وسط يرضي طموحات كليهما.
    قال:
    كلامك غير مقنع بالمرة، المجلس قال مرارا وتكرارا إنه لا يسعى لمنصب أو
    سلطة، ولكن يريد أن يعود لثكناته في أسرع وقت بعد أن يسلم البلاد لسلطة
    مدنية منتخبة، فكيف تقول أنت الآن إنه يسعى للاحتفاظ بالحقيبة الرئاسية
    لنفسه.
    قلت: أنا لم أقل ذلك إطلاقا، وإنما إعلان المجلس بعدم خوض أي
    من رجاله الانتخابات الرئاسية لا يعني بالضرورة أنه لا يدعم مرشحا بعينه،
    ويريد أن يؤمّن له الدعم الكامل من كافة التيارات والقوى السياسية التي لها
    أثر في الشارع المصري كالإخوان التي تسيطر بدورها على التيارات السلفية،
    وكذلك القوى الليبرالية وجمهور فيس بوك.
    قال بنبرة حزن مشابهة لتلك التي بدأ بها حديثه: عرفت الآن لماذا تحتضر مصر. ثم صمت وأعاد وضع وجهه بين راحتيه.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 6:28 pm