مرافعة الأستاذ نبيل الهلالي في قضية حريق قطار الصعيد
مرافعة الأستاذ نبيل الهلالي في قضية حريق قطار الصعيد 2002
قضية السكة الحديد(قطار الصعيد المحترق)
الجناية رقم 2816 لسنة 2002
محكمة جنايات الجيزة (دائرة 20 جنايات)
مرافعة
الأستاذ/ أحمد نبيل الهلالي
المحامى
مدخل
الآن وقد أصبحنا على مشارف نهايات القضية
يكاد لا يبقى فى الحديث بقية
فكل أبواب الدفاع قد طرقت
واوجه الدفاع قـد طرحت
• وقتل زملائي الاتهامات بحثا وتفنيدا
حتى تحولت إلى جثث متفحمة.
ومن غير الجائز فى اعتقادي أن أواصل التفنيد
لان مواصلة الضرب فى الميت حرام.
• ولذلك استأذن حضراتكم فى أن
أطرح بضعة ملاحظات ختامية.
تتضمن
قدرا من الاسترسال دون إطالة
وبعض الاستكمال دون تكرار
وبعض الاجتهاد فى تقديم إجابات على تساؤلات طرحتها الهيئة الموقرة على الشهود واستيضاحات طلبتها من الدفاع، ملتزما ومتعهدا بعدم إساءة استغلال سعة صدر الهيئة الموقرة.
سيدي الرئيس ... حضرات المستشارين
• يوم وقعت الكارثة المشئومة أمطرتنا الحكومة بوابل معتاد ومعاد من الوعود والعهود لتؤكد أن المسئولية عن الحادثة/ الكارثة ستتحدد بكل الوضوح، ولن يسمح أبدا بأية محاولة لإخفاء الحقائق،ولن يفلت أبدا مقصر أو مهمل من الحساب والعقاب.
• ثم مضت الأيام وصدر قرار الاتهام فإذا بالتحقيقات تتمخض لتلد فأرا بل جنين فأر غير مكتمل التكوين. (مع الاعتذار للزميل العزيز سعيد الفار).
• ورغم أن النيابة العامة فى مذكرتها الممتازة بشأن نتائج التحقيق التى تستحق كل التحية والتقدير قد أشارت بأصابع الاتهام العشر الى كبار كبار المسئولين فان نظرة واحدة الى القفص والى أهل القفص تكفى للتدليل على أن الميه فى مصر يستحيل أن تجرى فى العالي. وعلى أن المآسي فى مصر يعملوها الكبار ويحاكم بسببها الصغار.
الأمر الذي يكشف بكل الجلاء. كيف يفهم ويطبق حكم الدستور القائل (المواطنون أمام القانون سواء)
• صحيح أن هناك وزير قد استقال أو استقيل،
• صحيح أن هناك مسئول أو اكثـر قد أقيـل
* لكن هذه الإجراءات الشكلية الهادفة لاحتواء النقمة الشعبية لا تشفى الغليل.
لان السوابق وما اكثر السوابق تشهد بان كل مسئول سابق ضحى به لتهدئة الخواطر لم يكسر له خاطر وسرعان ما شق طريقه الى منصب مرموق فى هيئة دولية أو شركة استثمارية.
ولا أخفى على حضراتكم أيها السادة المستشارين.
أنه قد هالني أن تدير مرافعة النيابة ظهرها كاملا لمذكرتها الممتازة الرائعة. فتحصر المسئولية الجنائية حصرا فى هذا النفر من المواطنين الأبرياء التعساء الذين صورتهم النيابة على انهم محور الشر فى القضية والفساد والإهمال.
ووجه الخطورة فى توجه النيابة العامة أن حصر المسئولية الجنائية فى هؤلاء المتهمين الأبرياء سوف يستغل كستار دخان يخفى وراءه القتلة الحقيقيين والجناة الحقيقيين.
الدولة هي المتهم الأول
أرجو الا يفهم من كلامي عن الرؤوس الكبيرة الغائبة عن قفص الاتهام، إنني ألقى بعبء المسئولية عن الكارثة على مديري الإدارات أو على رؤساء الهيئات الحاليين والسابقين أو حتى على الوزراء المتقاعدين. إطلاقا فالمتهم الأول فى قضيتنا الغائب عن القفص هو الدولة بالتحديد. الدولة بسياستها الاقتصادية. الدولة بفلسفتها الاجتماعية.
السياسة الاقتصادية للدولة تحددها خطابات النوايا التى تقدمها الحكومة لصندوق النقد الدولي بين الحين والحين لتعلن ألتزامها بتنفيذ وصفة الصندوق المدمرة.
والسياسة الاقتصادية التى نسميها بأسماء الاضداد (الإصلاح الاقتصادي) تقوم على معالجة العجز فى ميزانية الدولة عن طريق تقليص الأنفاق الحكومي على الخدمات، وانسحاب الدولة من ميدان الخدمات لذلك يلغى التعليم المجاني، يتبخر العلاج المجاني فى المستشفيات الحكومية تتخلى الحكومة عن تمويل ودعم المرافق العامة توطئة لترك ميدان الخدمات ساحة مستباحة للقطاع الخاص.
لذلك أشفقت كل الإشفاق على الوزير السابق الدكتور/ الدميرى وهو يروى لحضراتكم مخططاته وطموحاته لإصلاح ما أفسده الدهر فى وزارة النقل والهيئة. وكيف طالب بتدبير 146 مليار جنيه وكيف خرج من المولد بمليار يتيم. وغاب على الوزير السابق أن أحلامه تصطدم بجوهر سياسة الإصلاح الاقتصادي. وبان طلباته تتعارض مع تعهدات الحكومة فى خطابات النوايا.
لقد قال الزميل الفاضل الأستاذ أحمد يسرى فى مرافعته أن المتهم الأول فى دعوانا هو (الإمكانات)، وأنا اتفق معه فى ذلك بقدر ما اختلف. الإمكانات غير متاحة هذه حقيقية لا تحتمل الجدال. لكن يظل السؤال:
ـ هل هناك قصور فى الإمكانات.
ـ أم هناك تقصير فى توفير الإمكانات.
وتلك هي القضية.
سيدي الرئيس
خير بلدنا طول عمره كتير.
لكن المشكلة إن بلدنا خيرها لغيرها أو بتعبير أدق خيرها لناهبي خيرها. ومن قبيل العلم العام انه منذ فترة ليست بالبعيدة اعتمدت دولتنا الرشيدة 40 مليون دولار لتغطية تكاليف إذاعة مباريات كاس العالم. يا ترى
الـ40 مليون دولار دول كانوا جابو كام طفاية حريق من احدث طراز؟
لكن صرف 40 مليون دولار على الكورة إنفاق يسمح به الصندوق. لان الكورة تسمح بالهاء الشعوب فيصبح من السهل انه يتلعب بها الكورة.
أما الإنفاق على الخدمات فهو فى نظر صندوق النقد الدولي من المحرمات ولذلك يمارس الصندوق ضده حق الفيتو.
ولهذا السبب أدت اتفاقيات الحكومة المصرية مع الصندوق الى التردى المتواصل فى أوضاع المرافق.
ويعترف تقرير لجنة تقصى الحقائق بمجلس الشعب صـ2:
بان الاستثمارات المتاحة للهيئة قلت (فأخذت تعانى من التخلف فى مجالات الصيانة والتجديد والإصلاح). وبان مرفق السكك الحديد (يحتاج الى الاستمرار فى توفير الإمكانيات المالية لتنفيذ كافة المشروعات فى مختلف مكوناته حيث أن إي تقصير فيها يؤدى الى تراكم ومضاعفة التخلف).
ولان السيد مستشار وزير النقل الدكتور/ محمد عرفه عليم ببواطن الأمور كشف لنا فى شهادته أمام حضراتكم (أن الوزير عرض عليه تولى رئاسة هيئة السكك الحديد فاعتذر فى البداية).
وسألته هيئتكم الموقرة:
س:- لماذا كان سبب اعتذارك؟
ج:- لهموم السكك الحديد ومشاكلها، والشاهد يعلم علم اليقين إنها هموم غير مسموح للحكومة
المصرية بمعالجتها.
وفى لقاء عقده د/ عرفه مع محافظ الفيوم والقيادات الشعبية فى المحافظة كان الدكتور/ عرفه اكثر صراحة. فقال: والكلام منشور فى جريدة الحقيقة:
(اعترف المهندس/ محمد عرفه رئيس هيئة السكك الحديد انه لا أمل فى إصلاح الحالة المتردية لمرفق السكك الحديد بسبب عدم وجود اعتمادات مالية كافية مشيرا الى إن الحكومة تستولي على الإيرادات الخاصة بها ولا يتبقى فى الميزانية الا مبالغ بسيطة لا تفي باحتياجاتها وقال ... إن المرفق فى حاله يرثى لها ويحتاج الى مبالغ طائلة لإصلاحه والنهوض به).
ولان حكومتنا الرشيدة متمسكة بثوابت سياساتها الرشيدة فان هول الكارثة لم يبدل موقفها من الهيئة وخرجت علينا جريدة حكومية (الجمهورية) بتحقيق صحفي عنوانه بالغ الدلالة:
(بعد شهر كامل من تولى قيادات النقل الجديدة المسئولية...السكك الحديد...محلك سر)
والفلسفة الاجتماعية للحكومة أيضا تتحمل المسئولية الكبرى فى قضيتنا.
فحتى الاعتمادات المحدودة المعدودة التى تخصص للتطوير يتحكم فيها هاجس تحقيق مصالح رجال المال والأعمال الأكابر وتغلبها على مصالح سكان الأرصفة والمقابر.
فالاعتمادات توجه لتحقيق المزيد من الرفاهية والأمان لأهل التوربينى والأسباني ...
رغم أن المادة 8 من الدستور تلزم الدولة بكافلة تكافؤ الفرص لجمهور المواطنين.
حتى إن صحيفة الأخبار الحكومية فى عدد 26/2/2002 هاجمت هيئة السكك الحديد. قائله :
" لم يكن حادثا عارضا نتج عن تجمع صدف غير سعيدة وانما كانت نتاجا طبيعيا لمنظومة وضعت البشر فى مرتبة آدني من مرتبه الإنسانية هذه المنظومة التى تفرد 350 مليون جنيه فى تجهيز قطارات للنوم 7 نجوم لا يركبها أحد بينما لا تخصص لقطع الغيار المطلوبة بصورة عاجلة سوى نصف مليون جنيه".
(منظومة يتحول فيها حاميها الى حرميها).
وهذا النقد اللاذع الذي وجهته الجريدة الحكومية لم يأتي من فراغ ... فجريدة العربي أشارت الى إن بيان السيد رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب أقر بان الحكومة وجهت معظم الاعتمادات الخاصة بالتجديد الى الدرجتين الأولى والثانية وقال:
(لم يتم التجديد الا لعدد محدود من العربات بدأ بعدد 200 عربة بالدرجة الأولى والثانية من اصل 600 عربه. و200 عربه درجة ثالثة من اصل 2422 عربه).
يعنى الفلسفة الاجتماعية للحكومة جعلتها تجدد 5ر33% من عربات أهل الصفوة.
بينما انحصر التجديد فى 5ر8% من عربات المواطنتين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
كل ذلك فى حين قول لنا المهندس/ محمد عرفه صـ24 من محاضر الجلسات.
(معلوماتي الأكيدة إن 11% هم ركاب الدرجة الأولى).
سيدي الرئيس ... حضرات المستشارين
معذرة ... لو إن مدخل مرافعتي قد طال بعض الشئ ... لكن هذه المقدمة من قبيل الشيء لزوم الشيء.
إذ لا يمكن إن يتناول الدفاع القضية الماثلة وكأنها مجرد حادثة قتل خطأ عادية دون إن يتطرق الى الملابسات والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحيطة بها والتى لها تأثيرها المباشر على أركان الجرائم المنسوبة الى المتهمين.
انتقل بعد ذلك على الفور لمناقشة التهم المنسوبة للمتهمين بادئا بالحديث عن التهم العامة.
وهى القتل والإصابة الخطأ.
والإضرار غير العمدي بأموال الهيئة.
منتهيا بالتهم الخاصة التى تخص النيابة بها بعض المتهمين مثل التزوير والإهمال.
فى شأن جريمتي القتل والإصابة الخطأ
أود إضافة النقاط الاتية:-
1- انتفاء الدليل على إن الوفيات والإصابات وليدة الأخطاء المنسوبة للمتهمين.
قضاء النقض فى جرائم القتل والإصابة الخطأ مستقر على أن خطأ الجاني يجب أن يكون سبب الحادث. ويجب أن تكون النتيجة الإجرامية (أي القتل أو الإصابة) وليدة هذا
الخط
النيابة مطالبة بإقامة الدليل على إن الوفيات والإصابات لم تحدث فى توقيت سابق على النشاط المؤثم المنسوب للمتهمين لأنه لو أن الوفاة أو الإصابة سابقة على صدور أفعال الإهمال من المتهمين لا يمكن اعتبار النتيجة الإجرامية وليدة خطأ المتهمين.
وأوراق الدعوى بين أيدي حضراتكم خاليه من أي دليل فني ... أو غير فني على إن وفاة أو إصابة الضحايا وقعت بعد فترة زمنية من اندلاع الحريق تكفى للقول بارتكاب المتهمين أفعال الإهمال والقعود.
وعلى العكس ففي الأوراق شواهد عديدة ترجح أن الوفيات والإصابات وقعت للضحايا ... فور اندلاع الحريق ومن قبل انطلاق صيحات الاستغاثة ومن قبل أن تطرق هذه الصيحات مسامع طاقم القطار.
ومن قبل أن يفيق الطاقم من هول المفاجأة.
ومن قبل إن يتمكن الطاقم من التوجه نحو فرامل الطوارئ لاستعمالها.
الأوراق تشير الى أن الوفيات حدثت فور اندلاع الحريق ... بسبب الرعب والهلع ... والاختناق بالدخان... واستنشاق الغازات السامة ونقص الأكسجين.
وشواهدي على ذلك الآتي:-
1- شهادة الدكتور/ ثروت وزير أبو عرب أمام حضراتكم صـ57
" هو فى الحوادث النسبة العليا تموت من الرعب ونسبة تموت من الأدخنة، أما الذي يموت من النار حوالي 10% فقط إي إن هذه الجثث معظمها مات قبل الحريق وبعد ذلك احترقت".
2- شهادة مدير إدارة الدفاع المدني محمد حسن حسين صـ100
وهو أول من صعد الى عربات القطار وتفقدها من الداخل. يقول لنا الشاهد واصفا وضع الجثث
س:- أين وجدت الجثث تحديدا ؟
ج:- كان هناك جثث على كراسي العربة.
يعنى الناس دى ماتت فى التو واللحظة من قبل ما تلحق تحرك ساكنا أو تحاول حتى الوقوف وشق طريقها نحو الأبواب أو الشبابيك.
3- محضر المعاينة التى أجرتها المحكمة الموقرة صـ15 ثابت به:
(أوردت اللجنة الفنية للمحكمة إن بعض الكراسي الخشبية لم تحترق نتيجة تكدس الركاب فوقها).
4- شهادة العميد محمد أحمد عامر عضو اللجنةصـ825 تحقيقات النيابة:
(زيادة الركاب بالعربات المحترقة بالإضافة الى الحريق يؤدى الى استهلاك الأوكسجين وخنقهم نتيجة لتكدس الركاب والأمتعة معظمها من المواد الصناعية قابلة للاشتعال وينتج عنها غازات سامه).
وكل ما تقدم مؤداه انه من الوارد بل من الوارد جدا أن وفاة الضحايا حدثت بعد ثوانى معدودات من اشتعال الحريق.
وهذا احتمال لم ينفيه نائب كبير الأطباء الشرعيين فى شهادته أمام حضراتكم صـ54: وقد سألته الهيئة الموقرة :
س:- اليس من الجائز أن تكون وفاة الضحايا أو بعضهم من استنشاق غازات سامه ناتجة عن الحريق قبل أن تصل إليهم النيران؟
وفى أجابته على السؤال لم ينفى الشاهد هذا الاحتمال.
وانما تهرب من الإجابة المباشرة متعلل بأن التفحم غط كل شئ والاحتراق الكامل غط على إي احتمالات أخرى غير الحريق يمكن كشفها بالفحص.
على ضوء ما تقدم ادفع بان النيابة العامة قد عجزت عن إثبات إن الوفيات والإصابات وليدة الخطأ الذي تنسبه للمتهمين.
وحتى لو استعمل المتهمون فرامل الطوارئ وأجهزت الإطفاء فان ذلك لم يكن من شأنه تغير النتيجة لأنه ليس فى مقدور المتهمين أحياء الموتى.
ولذلك فإن الإهمال المنسوب للمتهمين لا يبرر أدانتهم بجريمة القتل الخطأ.
لان قضاء النقض مستقر على أن :
(القانون يسلتزم لتوقيع العقاب فى جرائم الإصابات غير العمدية أن تكون هناك صلة مباشرة بين الخطأ الذي وقع من المتهم والإصابة التى حدثت بالمجني علية). ـ1/11/1943.
وطالما إن الأفعال التى قعد المتهمون عن القيام بها على حدي قول النيابة غير منتجة ولا مجدية فى حماية أرواح شهداء الحادث.
تنتفي رابطة السببية بين أخطأ المتهمين والنتيجة الإجرامية، ذلك لان لرابطة السببية معيار محدد لدى القضاء المصري عرفه الدكتور/ محمود نجيب حسنى فى شرح قانون العقوبات صـ301 بقوله:
(تتوافر علاقة السببية بين فعل الجاني والنتيجة الإجرامية اذا ثبت انه لولا الفعل ما حدثت النتيجة على النحو التى حدثت به).
وتقول محكمة النقض فى حكمها الصادر فى 17/5/1981:
(من المقرر إن رابطة السببية كركن فى جريمة القتل الخطأ يقضي بان يكون الخطأ متصلا بالقتل اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير قيام هذا الخطأ).
كما قضت فى حكم أخر:
(اذا أمكن تصور حدوث النتيجة ولو لم يرتكب الفعل فعلاقة السببية مقطوعة).
26/12/1979 س30 صـ980
كلامي هذا لا ينصرف فقط الى طاقم القطار بل ينصرف حتى الى المتهم الأول والثاني ... والى المتهمين من الثامن الى الحادي عشر.
فحتى لو أن المتهم الأول والثاني رفضا التوقيع فى دفتر استعداد القطارات الا بعد تزويد القطار بمائة طفاية.
وحتى لو إن المتهمين من الثامن الى الأخير زودوا القطار فعلا بمائة طافية صالحة للاستعمال من الصنف الذي تتعاطاه هيئة السكك الحديد.
دفع باكتفاء عناصر الجريمة السلبية فى حق المتهمين:
5- دفع باكتفاء عناصر الجريمة السلبية فى حق المتهمين:
النيابة العامة تتهم المتهمين بارتكاب العديد من أفعال التقاعس والقعود.
وبالتالي فالجرائم المنسوبة للمتهمين من قبيل الجرائم السلبية.
ويعرف الدكتور/ محمود نجيب حسنى ـ شرح قانون العقوبات صـ269 الامتناع المؤثم بأنه:
(إحجام شخص عن إتيان فعل إيجابي معين كان الشارع ينتظره منه فى ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزم بهذا الفعل وأن يكون فى استطاعة الممتنع عنه أدائه).
ويستخلص الدكتور/ محمود نجيب حسنى من هذا التعريف أن الامتناع المؤثم ليس عدما وفراغا وانما هو كيان قانوني له وجوده وعناصره التى يقوم عليها.
ثم يخلص الى القول بان الامتناع المؤثم يقوم على عناصر ثلاثة :-
1- الأحجام عن إتيان فعل إيجابي معين.
2- وجود واجب قانوني يلزم بهذا الفعل.
3- استطاعة أداء هذا الفعل.
وأنا أدفع بانتفاء هذه العناصر فى حق المتهمين وبالتالي فأن أفعال الامتناع المنسوبة إليهم ارتكابها لا تصلح سببا لمحاكمتهم ولا سند لإدانتهم.
فلكي يدان المتهمين يجب أن تقيم النيابة الدليل على انهم اختاروا بإرادتهم الحرة الامتناع عن أداء واجباتهم القانونية الأمر الذي لم تفعله النيابة لأنه كم يقول الدكتور/ حسنى صـ 271 :
(الامتناع كالفعل الإيجابي سلوك إرادي، ويقتضي ذلك أن تكون الإرادة مصدره أى أن تتوافر علاقة السببية بين الإرادة والمسلك السلبي الذي اتخذه الممتنع، فأن ثبت أن الإحجام قد تجرد من الصفة الإرادية فلا يوصف بأنه امتناع فى المعنى القانوني).
وفى هامش 3 من صـ271 يقول:
(غنى عن البيان أنه اذا اعتبر الواجب القانوني عنصرا فى الامتناع يتعين أن يستخلص من ذلك اشتراط أن يكون فى وسع الممتنع القيام بالفعل الإيجابي الذي ينسب إليه الأحجام عنه وذلك تطبيقا لقاعدة "الالتزام المستحيل"). وفى تحديده للمعيار الذي يجب الاحتكام إليه ليتبين مدى توافر الخطأ الغير العمدي فى حق المتهم.
يقول لنا دكتور/ محمود نجيب صـ617:
(أن جوهر الخطأ غير العمدي هو الإخلال بالتزام عام يفرضه الشارع ... ويفترض هذا الالتزام ... استطاعة الوفاء به فلا التزام الا بمستطاع ... فالقانون لا يفرض من أساليب الاحتياط والحذر الا ما كان مستطاعا ولا يفرض التبصر بآثار الفعل والحيلولة دونها الا اذا كان ذلك فى وسع الفاعل).
ويضرب دكتور/ حسنى مثلا فيقول :
( اذا أصيب عامل الإشارات بالسكك الحديد بإغماء فى الوقت الذي كان يتعين عليه فيه إعطاء إشارة تحذير الى قطار على وشك الدخول الى المحطة أو تعرض لإكراه ... شخص حبسه فى حجرة خلال هذا الوقت فلم يقم بالفعل الإيجابي المفروض عليه فلا يقال عنه أنه ممتنع فى لغة القانون).
فما بال حضراتكم وطاقم القطار ... لحظة اشتعال الحريق كان حبيسا ... كان رهين محابس متعددة وكانت قدرته على التحرك فى اتجاه فرامل الطوارئ أو أجهزة الإطفاء معطلة بفعل:ـ
• التكدس الرهيب
• التدفق الرهيب للركاب المذعورين
• الظلام الدامس
• الدخان الخانق الذي يعطل حتى القدرة على الغلب .
يؤكد ذلك ما شهد به عضو اللجنة دكتور/ بدران محمد بدران صـ844 ما الذي قاله؟
س- ما الذي حال دون استخدام فرامل الطوارئ؟
ج -هناك عدة عوامل حالت دون استخدام فرامل الطوارئ منها: انقطاع التيار الكهربائي والوقت كان ليلا، الدخان الكثيف الذي نتج من الطريق وأدي الى صعوبة الرؤيا، الزحام الشديد الذي أعاق الحركة وحالة الذعر التى سادت بين الركاب.
ثم هناك ما شهد به الدكتور/ محمد عبد الرحيم بدر ردا على نفس السؤال:
س - ما الذي حال دون استخدام فرامل الطوارئ؟
ج - تزاحم الركاب الشديد والهلع من منظر النيران.
س- ما قولك فى ما جاء بأقوال شعبان متولي وهو من خدم القطار بأنه لم يتمكن من استخدام فرامل الطوارئ بسبب صعوبة الوصول إليها نتيجة تكدس العربات بالركاب؟
ج - ده يؤكد صحة ما انتهت إليه اللجنة .
والمهندسة/ الهام الزناتى عضو اللجنة صـ 794 تضع شرطا مهما لإمكانية استخدام فرامل الطوارئ
( ممكن استخدام فرامل الطوارئ بالنسبة للراكب الواعي استخدمها وفى ظل إضاءة جيدة بالقطار).
إقرار شاهد الإثبات اللواء محمد حسن حسين مدير الدفاع المدني فى تحقيقات النيابة 1360 بإن : (الزحام الشديد بالعربات اثر فى صعوبة استخدام الفرامل)هو أبلغ دليل على أنه من غير الجائز محاسبة طاقم القطار على عدم استعمال فرامل الطوارئ وأجهزة الإطفاء التى سادت عربات القطار لم تكن تسمح بممارسة الطرف واحد من أفراد نقطة شرطة النقل المعينة بالخدمة فى القطار استطاع أن يشد فرامل أو يطلق جهاز إطفاء عندما سؤال الرقيب عبد العال عبد الرحمن 1213 أحنا معملناش حاجة علشان كان صعب جدا نوصل لمكان الحريق من الزحمة والناس كانت عماله تيجه نحيتنا والنيابة ذاتها مشكورة سلمت باستحالة استخدام الطاقم للفرامل أو الطفايات فى أمر إحالة وقالت بالحرف الواحد :
حال تكدس الركاب دون استخدام أي من المتهمين لفرامل الطوارئ
والنيابة تضيف فى مذكرتها بشأن نتائج التحقيقات صـ1623:
(ثبت من معاينة النيابة العامة أن نزع الاسطوانة من موضعها يستغرق وقتا طويلا فى مثل تلك الحالات التى تلعب السرعة فيها دورا حاسما...).
وسجلت النيابة فى مذكرتها على الهيئة تعمدها تصعيب استعمال أجهزة الإطفاء قائلة " وقد قرر المهندس/ عبد القادر متولي:
(انه قد تم تعديل مواضع تثبيت الطفايات ... بجعلها فى مواضع يصعب الوصول إليها بسهولة للحيلولة دون سرقتها متجاهلا الغاية الحقيقة من وجودها) .
طيب هذا عن طاقم القطار.
فماذا عن مجموعة الورشة المتهم الأول والثاني.
تسلم النيابة العامة فى مذكرتها بنتائج التحقيقات صـ1617 أيضا بأن المتهم الأول والثاني لم يختار بإرادتهما الحرة ارتكاب الجريمة السلبية المنسوبة إليهم بقولها:
(البداهة ذاتها تفرض أن تجرى عمليات الصيانة قبل أن يسمح لركاب القطار باستغلاله وإلا فكيف تجرى على سبيل المثال:
عمليات صيانة صندوق العربات وهى جميعها عمليات تنصب على المكونات الداخلية للعربات بما يستحيل معه أن تجرى بينما القطار محمل بالركاب).
ولا يجوز سيدي الرئيس.
لا يجوز للنيابة أن تفصل الخطأ غير العمدي الذي تنسبه للمتهمين عن الظروف الواقعية والملابسات التى وقع فى ظلها سلوك المتهمين.
فكما يقول الدكتور/ محمود نجيب حسنى عقوبات صـ621:
(الضابط الموضعي لا يطبق فى صورة مطلقة وانما يتعين أن يراعى فى تطبيقه الظروف التى صدر فيها التصرف، ونعنى بذلك افتراض أن الشخص المعتاد قد أحاطت به نفس الظروف التى أحاطت بالمتهم حينما آتى تصرفه).
لذلك حرصت المحكمة الموقرة على أعمال هذا الضابط الموضعي عندما وجهت للشهود سؤال فاصلا عندما سألت المحكمة السيد عيد عبد القادر صـ41:
س:- لو أنت راكب هذا القطار وأيا كان موقعك فما هي المدة التى تستغرقها للوصول من أول عربة حتى مكان فرامل اليد والطفاية فى نهاية العربة فى ظل هذا الزحام الشديد؟
ج مش ممكن أوصل.
حدود مسئولية المتهمين فى حالة تعدد أسباب القتل والإصابة:
النيابة العامة فى مذكرتها الممتازة استعرضت الأخطاء التى سببت الحادث فى 9 بنود من بينها:
البند سابعا المعنون: غيبة الفهم الصحيح لدور إدارة الشرطة.
البند ثامنا المعنون: سواء إدارة مرفق السكك الحديدية.
البند تاسعا المعنون: سلوكيات الأفراد.
ثم خلصت من هذا العرض الى القول 1631:
( بأن الحادث حدث نتيجة تضافر الأخطاء السابق استعراضها تفصيلا، وساهمت جميعها فى وقوعه ابتداء وتفاقم الخسائر الناجمة عنه).
وفهمي لمذكرة النيابة إن الأخطاء المشتركة التى تقصدها المذكرة لا تعنى فقط أخطاء المتهمين الأحد عشر مجموعة الورش + طاقم القطار + مجموعة المسئولين عن الطفايات.
لا دى النيابة هنا تتحدث عن الأخطاء المشتركة للمتهمين + الهيئة + الشرطة + الركاب اللي كلهم (الأفراد).
وبالتالي النيابة تسلم بأننا بصدد حالة من حالات تعدد الأخطاء المؤدية الى النتيجة الإجرامية.
ثم تورد النيابة فى البند السابع عشر من ملاحظاتها الواردة فى قائمة أدلة الثبوت ملاحظة نصها:
(تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث ... توجب مسائله كل من اسهم فيها أيا كان قدر الخطأ المنسوب إليه ويستوى فى ذلك أن يكون سببا مباشرا أو غير مباشر فى حصوله).
وهذا القول ... ابعد ما يكون ... عن صحيح حكم القانون كما قضت به أحكام القضاء ... وكما شرحه الفقهاء فصحيح حكم القانون يخلص فى انه اذا ما كان الخطأ المنسوب للمتهم هو السبب الوحيد لوقوع الحادث والنتيجة الإجرامية.
فمسئولية المتهم الجنائية ليست محل جدل ولا صعوبة على الإطلاق فى تحديد المسئولية الجناية اذا كان نشاط الجاني هو العامل الوحيد فى وقوع النتيجة أما اذا تعددت الأسباب فالأمر يختلف.
وحالات التعدد هي:
أ ـ حالة تداخل عوامل أجنبية فى تحقيق النتيجة الإجرامية.
ب ـ حالات الخطأ المشترك سواء بين الجاني والمجني عليه أو الجاني والغير.
أولا :- حالة تدخل العامل الاجنبى
وقضاء النقض يرتب على هذا التدخل انقطاع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة .
وفى ذلك تقول محكمة النقض بكل الوضوح والحسم:
(الأصل إن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي مالم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة).
وأوراق الدعوى بين أيدي حضراتكم تكشف بجلاء عن وجود عامل أجنبي خطير قد تدخل فى مجرى الأحداث وأدى تدخله الى انقطاع رابطة السببية بين خطأ المتهمين والنتيجة الإجرامية هذا العامل الاجنبى هو فعل إجرامي تخريبي.
فالحريق الذي نشب فى القطار المنكوب ... كان وليد ونتاج جريمة عمدية هي جريمة الحريق العمدي المعاقب عليها بموجب المادة 252 عقوبات التى تنص على معاقبة.
(كل من وضع عمدا نارا فى عربات السكك الحديدية...).
والجاني أو الجناة الذين ارتكبوا هذه الجريمة العمدية يتحمل أو يتحملون كامل المسئولية عن جميع نتائج هذه الجريمة بما فى ذلك النتائج الاحتمالية.
وسأدلل لحضراتكم ... من واقع الأوراق.
بالأدلة ... والقرائن والشواهد ... على إن الحريق بفعل فاعل عامد متعمد.
فإذا أفلحت فى إقناع المحكمة الموقرة بصحة هذا الاحتمال ... لم يعد هناك مجال ... للبحث والتنقيب عن مسئولية المتهمين عن إهمال هنا أو إغفال هناك.
ولا تملك النيابة العامة لكي تسد على الطريق أن تشهر فى وجهي تقرير اللجنة الفنية.
ذلك أن هذا التقرير للأسف الشديد مشوب بالقصور الشديد اذا كان يتعين على هذه اللجنة أن تبحث كل احتمالات ومسببات الحريق.
لكن اللجنة حصرت نفسها فى احتمال يتيم هو موقد البوتاجاز ولم يورد التقرير إن اللجنة بحثت من بين الاحتمالات إن يكون الحريق بفعل فاعل.
ولم يورد التقرير الحجج العلمية لاستبعاد هذا الاحتمال واكتفى بعض أعضاء اللجنة فى شهاداتهم بالقول بأنهم استبعدوا حدوث الحريق نتيجة تفجير قنبلة لأنهم لم يجدوا داخل العربات أثار للانفجار ولا شظايا.
وأغفلت اللجنة أن القنبلة ليست الصورة الوحيدة من صور العمل التخريبي الذي يمكن أن يكون وراء حريق القطار.
فمن بين هذه القصور أيضا ... البودرة الحارقة النابالم أو المواد الكيماوية سريعة الاشتعال وقد سبق للجيش الأحمر الياباني أن استخدام مثل هذه المواد فى ارتكاب جريمة إحراق مترو الأنفاق فى طوكيو منذ سنوات.
وللآسف أن تقرير اللجنة يبدو وكأنه استهدف تحديدا تقديم الحيثيات الفنية المؤيدة لنبؤه رئيس الوزراء الذي كان بعد سويعات من وقوع الحادث قد أطلق تصريحه الشاذ النشاذ الذي اتهم فيها ركاب القطار بأنهم المسئولين عن الكارثة.
وقال للأهرام المسائي فى 21/2/2002:
(أن السبب وراء الحادث هو انفجار إحدى المواد القابلة للاشتعال التى كانت بحوزة بعض المسافرين وأن أحد الركاب قام بإشعال أنبوبة بوتاجاز).
وهكذا استبق رئيس الوزراء جهات التحقيق واللجان الفنية ليفرض مسارا محددا للتحقيق ... يستهدف تعليق المسئولية على شماعة موقد بوتاجاز.وأكد رئيس الوزراء فى تصريحاته أنه لا علاقة للحادث بأى عمل إرهابي أو تخريبي.
على أية حال فاللجنة الفنية رغم انحيازها الشديد لحدوتة البوتاجاز.
لم تقطع باستبعاد احتمال حدوث الحريق بفعل فاعل.
ودليلي على ذلك ما قرره الدكتور/ بولس رئيس اللجنة أمام حضراتكم عندما سئل:
س:- هل توصلت اللجنة الى سبب الحادث على سبيل الجزم واليقين؟
ج:- لا .
ثم أضاف
(آنا لا أستطيع أن اجزم اذا كان الكيروسين أو البوتاجاز هو مصدر الحريق لأنه لابد أن يكون أمامي شاهد عاصر الحريق).
لكن يا دكتور بولس نجيبلك شاهد عاصر الحريق منين اذا كان المثل يقول " الموتى لا يتكلمون "
سيدي الرئيس ... حضرات المستشارين
هنا فى ساحة العدالة ... لا يجوز إلقاء الكلام على عواهنه ... ولا تجدي مجرد التخمينات لذلك فأنا مطالب بان أقيم الدليل ... على ما أقول ... بشأن وجود جريمة الحريق العمد.
فاسمحوا لي أن أتقدم لحضراتكم من واقع الأوراق بعشرة شواهد أدلل بها على أن الحادث وليد جريمة حريق عمد.
1ـ القوة الشاذة غير العادية للنيران.
كل الأوراق تقطع بان الحريق لم يكن عاديا.
وأن قوة النيران كانت شاذة وغير طبيعية والواقعة محل المحاكمة ... لم تكن لا أول ولا آخر حريق يحدث لقطارات السكك الحديد.... لكن عمر ما الحريق بلغ هذا المستوى من الخطورة برغم أنه فى كل حريق فان عربات القطارات هي ذات العربات ومواصفاتها هي ذات المواصفات والتكدس والزحام هو ذات التكدس والزحام ... وملابس وأمتعة الركاب ... المصنوعة من مواد فاتحة الشهية للنيران ... هي ذات الملابس والأمتعة فى كل حادث حريق.
لذلك نجد المهندس/ احمد شريف الشيخ رئيس هيئة السكك الحديدية السابق الذي حدث فى عهده اكثر من حريق وانتقل فى كل مرة بالطبع الى موقع الأحداث يقول فى شهادته أمام حضراتكم صـ46:
(اللي أدهشني حجم الحريق الكبير).
ورئيس اللجنة الفنية د/ بواس سلامة عندما استفسرت منه المحكمة عن انطباعه الأول عن الحادث
قال صـ60
ج:- فى الحقيقة أنا شعرت أنها حادثة غير عادية نظرا لحالة الاحتراق التى وصلت إليها العربات وأجسام العربات السبعة وواضح أن النيران كانت غير عادية.
مع ذلك يريدون منا أن نصدق أن موقد بوتاجاز قد الكف ممكن يحرق مائة وألف.
والله جايز ... سبحانه قادر أنه يوضع سره فى اضعف خلقه.
والدكتورة/ الهام الزناتى تقدر درجة حرارة النيران بأنها بلغت من 1000 الى 1200 درجة، يعنى حاجة مهولة ... وأحد المصابين فرج زكى فرج صـ853 يصف لنا النيران فيقول:
" بابص ورايا أشوف فيه آيه لقيت نار جاية تجرى زي موج البحر" .
ثم وتشير لنا الأوراق أن شدة النيران أدت الى إن محاولة إطفاءها استغرقت ساعات وساعات من حوالي 1صباحا حتى 9 صباحا فى إحدى الروايات وان المطافئ اضطرت لاستخدام ما نسميه قاذفات المياه.
هذا الحريق الهائل الهائج مؤشر ممكن يكون أشعله مجرد مصدر حراري ذو لهب كأحد مواقد الكيروسين أو الغاز.
2ـ حجج اللجنة الفنية لا تبرر قوة الحريق:
لا يمكن أن تكون السنة النيران قد قفزت من عربه الى أخرى بفعل قوة الريح وشدتها كما قالت اللجنة ولا يمكن تفسير الأمر بان أمتعة وملابس الركاب المصنوعة من ملابس سريعة الاشتعال هي التى أدت الى سرعة اشتعال السبع عربات ودليلي على ذلك.
(أن 5 عربات من سبعة ... احترقت بعد توقف القطار ... وبالتالي بعد توقف الرياح ... وبعد نزول الركاب من هذه العربات ... أي بعد إخلاء العربات من أمتعة الركاب وملابسهم المصنوعة من مادة سريعة الاشتعال.
3ـ أقوال الركاب ذات دلالة:
تشير مذكرة النيابة 1609 الى أقوال للركاب كان يجب أن تحظر باهتمام النيابة.
قرر سعودي سيد حسن مجند بالقوات المسلحة انه سمع من بعض الركاب أن الحريق بفعل فاعل ولا يعلم من هو الفاعل، ومع ذلك لم تكترث النيابة بهذه الأقوال رغم أن هذه الأقوال قد تمثل خيطا يوصلنا الى الجناة الحقيقيين، ولم يتحر الأمر.
فلم تبحث عن هؤلاء الركاب ولم تحرص على سؤال المصابين عن احتمال وقوع الحادث بفعل فاعل ... وانما اكتفت بتوجيه أسئلة روتينية لا تودي ولا تجيب.
4ـ سهولة تسلل أي مخرب الى الورشة:
الصعود للقطار منذ الفجر ورش المادة الكيماوية فى العربات ثم الهبوط والهرب ... أمر متاح.
لان الورش ساحة مستباحة والورش سداح مداح.
يقول لنا المهندس/ محمد عبد المجيد رمضان مدير عام ورش أبى غاطس
فى تصريحه للأهالي فى 6/3/2002:
(عربات الدرجة الثالثة يتم تخزينها فى أحواش غالبا ما تكون الحراسة فيها ضعيفة).
الأوراق تكشف عن........؟
5ـ وجود مصاب ... فص ملح وداب.
تشير الأوراق الى شخصية خفية بين المصابين اختفت بقدرة قادر.
وهو من يدعى معوض محمود إسماعيل الذي استدعته النيابة واستعجلت فى طلبه دون جدوى.
صـ862 يستعجل طلب معوض محمود إسماعيل ثم نجد محضر تحريات 26/2/2002 بمعرفة الرائد على صبري بخصوص طلب المذكور والمصاب فى حادث احتراق قطار الصعيد والمحرر بشأنه المحضر 586 لسنة 2002 إداري العياط.
(بالبحث عن المذكور بدائرة المركز لم يستدل عليه حتى الآن، وبالبحث عنه فى ملفات سجل مدني المركز لم يستدل عليه).
أقوال الضابط الرائد على صبري صـ864
(بسؤال مشايخ الناحية والمركز وكذا بالبحث بدفاتر السجل المدني لم يستدل على المدعو معوض وفى حالة الاستدلال عليه سوف نخطركم بذلك).
أذن هذا المصاب أدلى باسم وهمي للتستر على حقيقة هويته.
6ـ انقطاع التيار الكهربائي:
وأنا أتسأل أليس هذا الانقطاع بفعل فاعل لأحداث اكبر قدر من الخسائر البشرية، وليس هذا الانقطاع حلقه من حلقات العمل التخريبي وإذا كانت اللجنة الفنية استبعدت بشكل حاسم الماس الكهربائي. " أمال آيه اللي قطع التيار الكهربائي ".؟
وقد استوقفتني فقرة فى التقرير الفني لإدارة الدفاع المدني تثير علامات استفهام وتقول صـ4:
(تبين شدة تدمير مفاتيح أناره تلك العربة بحالة يتعذر معها فحصها فحصا فنيا لتحديد ما اذا كانت قد تم فصلها يدويا أو كهربائيا)
7ـ لغز الألغاز...اسطوانة البوتاجاز:
وقضية اسطوانة البوتاجاز فى الأوراق تثير ألف علامة استفهام وتعجب وتشكك.
يقول لنا تقرير المعمل الجنائي بوزارة الداخلية فى تقريره صـ2
(قرر رجال الإطفاء انهم عثروا على اسطوانة بوتاجاز من النوعية المعتاد استخدامها فى المنازل حيث قاموا بالتخلص منها أثناء الإطفاء ولم نتمكن من العثور عليها).
ورجال الإطفاء الأفاضل لم يحددوا فى أي عربه، ولم يفسروا لنا لماذا تركوا أنابيب أخرى ولم يخلصوا منها،
واهتموا بالتخلص من هذه الأنبوبة بالذات.
ولتعزيز الاتجاه الى تحميل المسئولية لهذه الأنبوبة العجوبة التى ليست طاقية الإخفاء.
يأتي لنا السيد عيد عبد القادر صـ40 محضر الجلسة ليردد ويؤكد وجود الأنبوبة التى ليس لها وجود فيقول:
(تقابلت مع إحدى الركاب الناجين فقال أن هناك أنبوبة كانت مشتعلة وتم إلقائها فى الترعة).
ثم يقول لنا العميد محمد أحمد عامر عضو اللجنة صـ82:
(عرفنا من رجال الإطفاء أن هناك اسطوانة بوتاجاز عادية من النوع المعتاد استعماله كانت موجودة وحاولوا تبريدها ولم تعثر عليها اللجنة).
أذن هناك يد عابثة طليقة ... عبثت بمسرح الأحداث وبماديات الدعوى، منذ اللحظة الأول توجه التحقيق فى اتجاه محدد لتحميل مسئولية إشعال الحريق على موقد جاز أو أنبوبة بوتاجاز.