بادئ ذي بدئ نطلب من المحكمة اعتبار الواقعة مجرد شروع في قتل. لأن الوفاة لم تنشأ عن الإصابات التي أحدثها به المتهم (والمثبتة في تقرير الطب الشرعي على هذه الصورة الآتية: رصاصتان في رقبته والثالثة في كتبه اليسرى والرابعة في جنبه الأيمن). ونستند في ذلك إلى تقرير اللجنة الطبية المنتدبة الذي لم يجزم بأن الاحتياطات الواجبة فنيا في إجراء العملية قد اتخذت فعلا. ورأي الدكتور "سرج فورونوف" الذي أشار على أطباء مستشفى الدكتور "ملتون" بعدم إجراء العملية والذي دهش بعد تمام إجرائها لما وجد المجني عليه على مائدة العمليات وبطنه مفتوح. إضافة إلى رأي الطبيب الشرعي النمساوي المنتدب "هوفمان" الذي قرر أنه من المؤكد أنه مثبت في علم الجراحة بوجود أحوال أصيب فيها القلب بإصابات نارية لم تحدث عنها وفاة.
وإننا نطلب إحالة الورداني إلى طبيب اختصاصي لفحصه وتقدير مسئوليته عن الجريمة التي تثبت عليه.
يا حضرات القضاة ، أنظروا إلى هذه القضية كما ينظر إلى أي قضية أخرى ولا تقيموا اعتبارا إلى أن المتهم هو إبراهيم الورداني وإلى أن المقتول هو رئيس النظار بطرس غالي.
أما أنت أيها الورداني فلقد همت بحب بلادك حتى أنساك ذلك الهيام كل شئ حولك أنساك واجبا مقدسا هو الرأفة بأختك الصغيرة وأمك الحزينة فتركتهما تبكيان هذا الشاب الغض ، تركتهما تتقلبان على جمر الغضا. تركتهما تقلبان الطرف حولهما فلا تجدان غير منزل مقفر غاب عنه عائله. تركتهما على ألا تعود إليهما وأنت تعلم أنهما لا تطيقان صبرا على فراقك لحظة واحدة فأنت أملهما ورجاؤهما.
دفعك حب بلادك إلى نسيان هذا الواجب ، وحجب عنك كل شئ غير وطنك وأمتك ، فلم تعد تفكر في تلك الوالدة البائسة وهذه الزهرة اليانعة ، ولا فيما سينزل بهما من الحزن والشقاء بسبب ما أقدمت عليه.
ونسيت كل أملك في الحياة ، وقلت إن السعادة في حب الوطن وخدمة البلاد ، واعتقدت أن الوسيلة الوحيدة للقيام بهذه الخدمة هي تضحية حياتك ، أي أعز شئ لديك ولدى أختك ووالدتك. فأقدمت على ما أقدمت راضيا بالموت لا مكرها ولا حبا في الظهور. أقدمت وأنت عالم أن أقل ما يصيبك هو فقدان حريتك ، ففي سبيل حرية أمتك بعت حريتك بثمن غال.
فاعلم إذن أيها الشاب أنه إذا تشدد معك قضاتك – ولا أخالهم إلا راحميك – فذلك لأنهم خدمة القانون ، وهذا هو السلاح المسلول في يد العدالة والحرية ، وإذا لم ينصفوك – ولا أظنهم إلا منصفيك – فقد أنصفك ذلك العالم الذي يرى أنك لم ترتكب ما ارتكبته بغية الإجرام ولكن باعتقاد أنك تخدم بلادك ، وسواء وافق اعتقادك أنك تخدم بلادك ، وسواء وافق اعتقادك الحقيقة أو خالها فتلك مسألة سيحكم التاريخ فيها. وإن هنالك حقيقة عرفها قضاتك وشهد بها الناس وهي أنك لست مجرما سفاكا للدماء ولا فوضويا من مبادئه الفتك ببني جنسه. ولا متعصبا دينيا خلته كراهية من يدين بغير دينه ن إنما أنت مغرم ببلدك هائم بوطنك ، فليكن مصيرك أعماق السجن أو جدران المستشفى فإن صورتك في البعد والقرب مرسومة على قلوب أهلك وأصدقائك ن وتقبل حكم قضاتك باطمئنان ، وأذهب ‘لى مقرك بأمان.
أحمد لطفي السيد المحامي
منسوخ من أشهر قضايا الاغتيالات السياسية – وثائق أشهر قضايا مصر الكاتب محمود كامل العروسي ، الناشر الزهراء للإعلام العربي
وإننا نطلب إحالة الورداني إلى طبيب اختصاصي لفحصه وتقدير مسئوليته عن الجريمة التي تثبت عليه.
يا حضرات القضاة ، أنظروا إلى هذه القضية كما ينظر إلى أي قضية أخرى ولا تقيموا اعتبارا إلى أن المتهم هو إبراهيم الورداني وإلى أن المقتول هو رئيس النظار بطرس غالي.
أما أنت أيها الورداني فلقد همت بحب بلادك حتى أنساك ذلك الهيام كل شئ حولك أنساك واجبا مقدسا هو الرأفة بأختك الصغيرة وأمك الحزينة فتركتهما تبكيان هذا الشاب الغض ، تركتهما تتقلبان على جمر الغضا. تركتهما تقلبان الطرف حولهما فلا تجدان غير منزل مقفر غاب عنه عائله. تركتهما على ألا تعود إليهما وأنت تعلم أنهما لا تطيقان صبرا على فراقك لحظة واحدة فأنت أملهما ورجاؤهما.
دفعك حب بلادك إلى نسيان هذا الواجب ، وحجب عنك كل شئ غير وطنك وأمتك ، فلم تعد تفكر في تلك الوالدة البائسة وهذه الزهرة اليانعة ، ولا فيما سينزل بهما من الحزن والشقاء بسبب ما أقدمت عليه.
ونسيت كل أملك في الحياة ، وقلت إن السعادة في حب الوطن وخدمة البلاد ، واعتقدت أن الوسيلة الوحيدة للقيام بهذه الخدمة هي تضحية حياتك ، أي أعز شئ لديك ولدى أختك ووالدتك. فأقدمت على ما أقدمت راضيا بالموت لا مكرها ولا حبا في الظهور. أقدمت وأنت عالم أن أقل ما يصيبك هو فقدان حريتك ، ففي سبيل حرية أمتك بعت حريتك بثمن غال.
فاعلم إذن أيها الشاب أنه إذا تشدد معك قضاتك – ولا أخالهم إلا راحميك – فذلك لأنهم خدمة القانون ، وهذا هو السلاح المسلول في يد العدالة والحرية ، وإذا لم ينصفوك – ولا أظنهم إلا منصفيك – فقد أنصفك ذلك العالم الذي يرى أنك لم ترتكب ما ارتكبته بغية الإجرام ولكن باعتقاد أنك تخدم بلادك ، وسواء وافق اعتقادك أنك تخدم بلادك ، وسواء وافق اعتقادك الحقيقة أو خالها فتلك مسألة سيحكم التاريخ فيها. وإن هنالك حقيقة عرفها قضاتك وشهد بها الناس وهي أنك لست مجرما سفاكا للدماء ولا فوضويا من مبادئه الفتك ببني جنسه. ولا متعصبا دينيا خلته كراهية من يدين بغير دينه ن إنما أنت مغرم ببلدك هائم بوطنك ، فليكن مصيرك أعماق السجن أو جدران المستشفى فإن صورتك في البعد والقرب مرسومة على قلوب أهلك وأصدقائك ن وتقبل حكم قضاتك باطمئنان ، وأذهب ‘لى مقرك بأمان.
أحمد لطفي السيد المحامي
منسوخ من أشهر قضايا الاغتيالات السياسية – وثائق أشهر قضايا مصر الكاتب محمود كامل العروسي ، الناشر الزهراء للإعلام العربي