عيب الشكل
إذا كانت القاعدة العامة أن القرارات الإدارية لا تتقيد بشكل معين تصدر فيه إلا أن القوانين واللوائح قد تحدد شكلا يجب أن يصدر القرار الإداري فيه وفي هذه الحالة فإن عد احترام القواعد الإجرائية أو الشكلية المحددة لإصدار القرارات الإدارية في القوانين واللوائح هو ما يمثل عيب الشكل .
وتعد هذه الشكليات - التي قد تتمثل في إجراء تحقيق أو استشارة هيئة خاصة قبل إصدار القرار ، أو أن يكون القرار مسببا - وفي المقابل يجب عليها أن تلتزم بقواعد الشكل والإجراءات التي تحددها القوانين واللوائح في إصدار الأعمال الإدارية حيث أن هذه القواعد مقررة لحماية المصلحة العامة ، ومصلحة الأفراد على السواء وذلك يتجنب الإدارة مواطن الزلل والتسرع .
على ذلك إذا تجاهلت الإدارة الشكل أو الإجراءات التي يتطلبها القانون لبعض القرارات الإدارية كان مشوبة بعيب الشكل وحق لصاحب الشأن الطعن فيها بالإلغاء .
أوضاع الشكل والإجراءات
الشكل الخارجي للقرار
أي تلك الصورة التي تلزم القوانين واللوائح أن يفرغ فيها القرار ، وإذا كان الأصل - كما قرر مجلس الدولة المصري - أنه لا يشترط في القرار أن يصدر في صيغة معينة أو بشكل معين ، كما يقرر أن القانون لم يرسم شكلا معينا أو صيغة محددة أو طريقا معلوما يتعين إفراغ هذه الموافقة الإدارية فيه ومن ثم يسوغ استخلاص هذه الموافقة من الظروف والملابسات وواقع الحال ، ومن الأشكال أن يكون القرار في صورة قرار جمهوري أو قرار وزاري وهذا الشكل لازم للقول بقيام القرار .
تسبيب القرارات الإدارية
قد يشترط القانون تسبيب القرارات الإدارية ، وفي هذه الحلة يعد التسبيب شرطا شكليا جوهريا يترتب على إغفاله بطلان القرار الإداري أما إذا لم ينص القانون على هذا التسبيب فليس على الإدارة التزم به ومن حقها أن تخفي تلك الأسباب .
الإجراءات التمهيدية
قد يفرض المشرع على الإدارة قبل إصدار قرار معين القيام بإجراءات تمهيدية كإعلان ذي الشأن لتسمع أقواله أو إجراء تحقيق قبل البت في طلب الترخيص .
الاستشارة
ونقصد بها تلك الإستشارة القانونية التي يفرضها المشرع على الإدارة قبل إصدار القرار ، سواء أكانت استشارة إلزامية في شقيها أي في اللجؤ إليها والالتزام بما انتهت إليه ، أم ملزمة في شقها الأول فقط ، أو اللجؤ إليها .
اشترط أن يقوم مجلس الدولة بصياغة اللوائح الوزارية ومراجعتها ، يكون بذلك قد وضع شرطا شكليا لصحة هذه اللوائح ، وأن عدم استيفاء اللائحة لهذا الشرط يستوجب البطلان ولم يضع القانون هذا الشرط عبثا بل أراد أن يجنب اللوائح الإدارية مواطن الخطأ ، وقد تحققت الحكمة التي توخاها القانون في شأن القرار المطعون فيه بالذات " .
الحالات التي لا يؤدي فيها عيب الشكل إلى بطلان القرار
إن مخالفة الشكل أو الاجراءات تؤدي إلى بطلان القرار الإداري دون حاجة إلى نص ، فإن مجلس الدولة سواء في مصر أو في فرنسا لم يطبق تلك القاعدة على إطلاقها ، حيث لم يجعل من مخالفة الشكل والاجراءات المطلوبة لصدور قرار إداري معين سبب دائما يؤدي إلى إلغائه ، وإنما يميز القضاء الإداري في هذا المجال بين نوعين من المخالفات :
النوع الأول : مخالفة الشكليات الجوهرية .
النوعي الثاني : مخالفة شكليات غير جوهرية أو ثانوية .
وجعل من الأولى فقط هي التي تعيب القرار الإداري ، وتؤدي إلى عدم مشروعيته وإلغائه ، أما الثانية فلا تبطل القرار الإداري ولا تجعله مستحقا للإلغاء ، ولم يعن مجلس الدولة الفرنسي بوضع معيار للتفرقة بين الشكليات الجوهرية والشكليات غير جوهرية ، وهذا هو دأب مجلس الدولة الفرنسي دائما الذي لا يعني بوضع قواعد عامة ، وإنما يعني بالبحث عن الحق عن الحل المناسب للمنازعة المعروضة أمامه دون أن يهتم بربطها بمعيار أو قاعدة عامة ، وأدى ذلك إلى أن الشكل الجوهري لا تكون له هذه الصفة باستمرار ، وإنما اختلف صفته باختلاف الظروف والأوضاع .
الشكليات المقرر لصالح الإدارة
ذهب مجلس الدولة الفرنسي إلى أن هناك من الشكليات التي يحددها القانون ما يكون الصالح الإدارة ، ولم يسمح للأفراد أن يستندوا إليها للتوصل إلى إلغاء القرارات الإدارية ، فقد اعتبر أن هذه الشكليات لا تعد من قبيل الأمور الجوهرية حتى ولو ترتب على اتباعها صدور قرار مغير للقرار الذي لم يتبعها كالما كان هذا القرار الأخير لم ينل من حقوق الأفراد أو يؤثر في مصالحهم .
الشكليات الثانوية التي لا تؤثر على سلامة القرار
يذهب مجلس الدولة إلى التغاضي عن الشكليات والإجراءات التي لتم تؤثر في القرار من حيث الموضوع ولم تنقص من ضمانات الأفراد ، فإذا تطلب القانون إعلان المتهم بأسماء أعضاء مجلس التأديب ، فتم إعلانه بالأعضاء المنتخبين فقط دون الأعضاء بحكم وظائفهم ، فلا تثريب عليها في ذلك فإن المتهم لا يستطيع أن يرد إلا أولئك الأعضاء المنتخبين ، وهذا هو السبب الذي من أجل شرع هذا الإجراء .
إغفال الشكل لا يرجع للإدارة
فقد يكون تجاهل الشكل الجوهري بمعرفة الإدارة راجعا إلى ظروف استثنائية تحيط بها ، وفي هذه الحلة لا يعتبر تجاهل الشكل الجوهري من العيوب التي تشوب القرار الإداري الذي يعد في ضوء تلك الظروف قرارا مشروعا .
وذلك لأن معاملته للقرار الإداري تختلف في الظروف الاستثنائية التي يعتبرها سبب لحجب أوجه عدم المشروعية التي شابت القرار ، في حين أنه في الظروف العادية يوجب على الإدارة مراعاة الاشكال والاجراءات التي تفرضها القوانين فيما تتخذه من قرارات ، فإذا لم تتبع هذه الشكليات في قرار أصدرته فإنه يكون معيبا مستوجبا إلغاءه .
استحالة إتمام الشكليات
إذا كان يتعين على الإدارة من حيث الأصل أن تلتزم الأشكال التي يفرضها القانون ، ولكنها قد تضطر لأسباب خارجة عن إرادتها أن تتخلى عن تلك الشكليات ، لأسباب عدة كاستحالة إتمام الشكليات والتي تعتبر تطبيقا لفكرة القوة القاهرة ، التي يستحيل فيها على الإدارة أن تتبع الشكليات التي يتطلبها القانون عند صدور القرار ، أي أن الاستحالة الناتجة عن القوة القاهرة تعطي عيب الشكل ، ولا يجوز الاعتداد بها توصلا إلى إلغاء القرار الإداري .
قبول ذوي المصلحة بالقرار
الأصل أن الشكليات والإجراءات مقررة للصالح العام ، وبالتالي لا يؤدي قبول ذي المصلحة إلى تصحيح العيب وينطبق هذا الأصل على حالة الشكل الجوهري أما في حالة الشكل الثانوي فإن قبول صاحب الشأن لعيب الشكل يكون جائزا ، ولا يكون له أن يتمسك بالبطلان في هذه الحالة ، إ ذ أن الرضا الصحيح معيب الشكل غير الجوهري ينفي الاحتجاج والتمسك بالبطلان
مخالفـــة القـانـــــون
عيب مخالفة القانون هو العيب المتصل بمحل القرار فهو الذي يستهدف التحقق من مطابقة محل القرار للقانون ، ورقابة القضاء الإداري فيما يعلق بعيب مخالفة القانون هي رقابة موضوعية تستهدف مطابقة محل القرار لأحكام القانون .
ومحل القرار هي الأثر القانوني الذي يحدثه هذا التصرف مباشرة في الحالة القانونية القائمة ذلك بإنشاء مركز قانوني جديد أو تعديل مركز قانوني قديم أو إلغائه .
ويجب أن يكون محل القرار الإداري ممكنا وجائزا قانونا ، فإذا كان القرار مستحيل التنفيذ أو غير جائز فإنه يعد باطلا ومخالفا للقانون ، لعدم إمكان الحل ، وعيب المحل غير الممكن أو غير الجائز هو هيب تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها لأنه متعلق بوجود القرار ذاته أو عدم وجوده .
المقصود بالقانون في هذا المجال
لا تقتصر كلمة القانون التي تلتزم الإدارة بالخضوع لأحكامه على القواعد التي تضعها السلطة التشريعية وإنما تشمل كافة قواعد القانون الوضعي ، سواء أكانت مكتوبة مثل الدستور والتشريع واللوائح ، أم كانت عرفية أم مبادئ القانون العام .
القانون المكتوب
تلتزم الإدارة بداية باحترام النصوص المكتوبة الموجودة في القانون الوضعي وقت صدور القرار الإداري ، والنصوص المكتوبة هي : الدستور ، القانون ، و اللائحة .
فالدستور : هو القانون الأساسي في الدولة الحديثة والتي يجب على كافة سلطات الدولة احترام نصوصه ، والسلطة الإدارية من السلطات التي ينظمها الدستور ويحكمها ويجب أن تراعى فيما تصدره من قرارات نصوص الدستور ,إذا كان في القرار الإداري أي مخالفة لنص الدستور فإن ذلك يؤدي إلى بطلان هذا القرار الإداري سواء أكان قرارا فرديا أم لائحيا .
القانون : يقصد به النصوص الصادرة عن السلطة التي ناط بها الدستور مهمة التشريع - سواء أكان البرلمان أم السلطة التنفيذية أثناء غياب البرلمان إذا كان هناك مقتضى دستوري يسمح بذلك .
اللوائح : هي قواعد عامة مجردة تصدر من السلطة التنفيذية في الحدود التي يرسمها الدستور .
وتلتزم الإدارة باحترام ومراعاة تلك اللوائح بأنواعها المختلفة وهي تصدر قراراتها الإدارية .
العرف : يعتبر مصدرا قانونيا ملزما للهيئات العامة وتعتبر مخالفته مخالفة للقانون وما يعنينا في هذا الصدد هو العرف الإداري ، وهي ما درجت عليه الإدارة من قواعد معينة في مباشرة نشاطها بهدف تسيير المرافق العامة لفترات متكررة ولمدة طويلة دون أن تستند في ذلك إلى أساس تشريعي فتعتبر هذه المبادئ أعرافا ملزمة للإدارة في مواجهة الأفراد ، وتؤدي مخالفتها إلى الحكم بإلغاء القرار الإداري الذي صدر بالمخالفة لها .
المبادئ العامة للقانون : أو مبادئ القانون العام
يقوم التشريع في الدولة الحديثة على عدد من القواعد الأساسية ، التي تتضمنها الدساتير وإعلانات الحقوق ، وترسخ في الضمير القانوني للمجتمع ، فتعد الأساس الذي تقوم عليه التشريعات والقواعد القانونية المختلفة ،وقد جرى مجلس الدولة الفرنسي على الرجوع إلى تلك القواعد واعتبارها من الأسس التي تقوم عليها رقابته لمشروعية أعمال الإدارة ، ما دام المشرع لم تظهر نيته الصريحة في الخروج عليها .
ومن هذه القواعد أن هناك من الحريات الفردية مالا يملك أن يقيدها إلا المشرع ، ومبدأ المساواة بين المواطنين وكفالة حقوق الدفاع وعدم رجعية القوانين والأصل في الأشياء الإباحية وفي الإنسان البراءة ومنع الجمع بين العقوبات .
صور مخالفة القانون
أولا : المخالفة الصريحة للقاعدة القانونية
وتتمثل هذه المخالفة إذا قامت الإدارة بعمل يحرمه القانون ، أو أحجمت عن إتيان عمل يوجبه القانون ، متجاهلة القانون تجاهلا كليا أو جزئيا كأن ترفض الإدارة تعيين الأول في مسابقة أجرتها وتعين غيره في حين أن قانون التوظيف يوجب عليها التعيين بترتيب النجاح في المسابقة ، وكذلك حالة رفض الإدارة منح شخص ترخيصا استوفى الشروط المقررة لمنحه إذا كان القانون يحتم منح الترخيص في هذه الحالة .
ثانيا : الخطأ في تفسير القانون
وفي الصورة لا تتنكر الإدارة للقاعدة القانونية إنما تطبقها ولكنها تعطيها معنى يختلف عن المعنى المقصود منها ، أي أننا نكون أمام تفسيرين لنفس القاعدة القانونية تفسير تعتقده الإدارة وطبقته ، وتفسير مختلف يتمسك به الطاعن في القرار الإداري .
وغالبا ما يكون خطأ الإدارة في التفسير - إذا كانت القاعدة القانونية واضحة يهدف إلى الخروج على أحكام القاعدة القانونية كأن تحاول إضافة أحكام جديدة لم ترد في القانون ، أو التغلب على قاعدة عدم الرجعية .
ثالثا: الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية على الوقائع
إذا كان تطبيق القاعدة القانونية مرهونا بتحقق حالة واقعية على نحو معين ، فإن تخلف الوقائع التي يقوم عليها القرار ، أو عدم استيفائها للشروط التي يتطلبها المشرع ، يؤدي إلى بطلان القرار الصادر على أساسها ، وبذلك تكون الإدارة قد باشرت السلطة التي منحها إياها القانون بالنسبة لغير الحالات التي نص عليها أو دون أن تتوافر الشروط التي حددها القانون لمباشرتها .
ولمجلس الدولة أن يراقب الوقائع ويتحقق من سلامتها حتى يتوصل إلى القول بمشروعية القرار أو عدم مشروعيته .
إذا كانت القاعدة العامة أن القرارات الإدارية لا تتقيد بشكل معين تصدر فيه إلا أن القوانين واللوائح قد تحدد شكلا يجب أن يصدر القرار الإداري فيه وفي هذه الحالة فإن عد احترام القواعد الإجرائية أو الشكلية المحددة لإصدار القرارات الإدارية في القوانين واللوائح هو ما يمثل عيب الشكل .
وتعد هذه الشكليات - التي قد تتمثل في إجراء تحقيق أو استشارة هيئة خاصة قبل إصدار القرار ، أو أن يكون القرار مسببا - وفي المقابل يجب عليها أن تلتزم بقواعد الشكل والإجراءات التي تحددها القوانين واللوائح في إصدار الأعمال الإدارية حيث أن هذه القواعد مقررة لحماية المصلحة العامة ، ومصلحة الأفراد على السواء وذلك يتجنب الإدارة مواطن الزلل والتسرع .
على ذلك إذا تجاهلت الإدارة الشكل أو الإجراءات التي يتطلبها القانون لبعض القرارات الإدارية كان مشوبة بعيب الشكل وحق لصاحب الشأن الطعن فيها بالإلغاء .
أوضاع الشكل والإجراءات
الشكل الخارجي للقرار
أي تلك الصورة التي تلزم القوانين واللوائح أن يفرغ فيها القرار ، وإذا كان الأصل - كما قرر مجلس الدولة المصري - أنه لا يشترط في القرار أن يصدر في صيغة معينة أو بشكل معين ، كما يقرر أن القانون لم يرسم شكلا معينا أو صيغة محددة أو طريقا معلوما يتعين إفراغ هذه الموافقة الإدارية فيه ومن ثم يسوغ استخلاص هذه الموافقة من الظروف والملابسات وواقع الحال ، ومن الأشكال أن يكون القرار في صورة قرار جمهوري أو قرار وزاري وهذا الشكل لازم للقول بقيام القرار .
تسبيب القرارات الإدارية
قد يشترط القانون تسبيب القرارات الإدارية ، وفي هذه الحلة يعد التسبيب شرطا شكليا جوهريا يترتب على إغفاله بطلان القرار الإداري أما إذا لم ينص القانون على هذا التسبيب فليس على الإدارة التزم به ومن حقها أن تخفي تلك الأسباب .
الإجراءات التمهيدية
قد يفرض المشرع على الإدارة قبل إصدار قرار معين القيام بإجراءات تمهيدية كإعلان ذي الشأن لتسمع أقواله أو إجراء تحقيق قبل البت في طلب الترخيص .
الاستشارة
ونقصد بها تلك الإستشارة القانونية التي يفرضها المشرع على الإدارة قبل إصدار القرار ، سواء أكانت استشارة إلزامية في شقيها أي في اللجؤ إليها والالتزام بما انتهت إليه ، أم ملزمة في شقها الأول فقط ، أو اللجؤ إليها .
اشترط أن يقوم مجلس الدولة بصياغة اللوائح الوزارية ومراجعتها ، يكون بذلك قد وضع شرطا شكليا لصحة هذه اللوائح ، وأن عدم استيفاء اللائحة لهذا الشرط يستوجب البطلان ولم يضع القانون هذا الشرط عبثا بل أراد أن يجنب اللوائح الإدارية مواطن الخطأ ، وقد تحققت الحكمة التي توخاها القانون في شأن القرار المطعون فيه بالذات " .
الحالات التي لا يؤدي فيها عيب الشكل إلى بطلان القرار
إن مخالفة الشكل أو الاجراءات تؤدي إلى بطلان القرار الإداري دون حاجة إلى نص ، فإن مجلس الدولة سواء في مصر أو في فرنسا لم يطبق تلك القاعدة على إطلاقها ، حيث لم يجعل من مخالفة الشكل والاجراءات المطلوبة لصدور قرار إداري معين سبب دائما يؤدي إلى إلغائه ، وإنما يميز القضاء الإداري في هذا المجال بين نوعين من المخالفات :
النوع الأول : مخالفة الشكليات الجوهرية .
النوعي الثاني : مخالفة شكليات غير جوهرية أو ثانوية .
وجعل من الأولى فقط هي التي تعيب القرار الإداري ، وتؤدي إلى عدم مشروعيته وإلغائه ، أما الثانية فلا تبطل القرار الإداري ولا تجعله مستحقا للإلغاء ، ولم يعن مجلس الدولة الفرنسي بوضع معيار للتفرقة بين الشكليات الجوهرية والشكليات غير جوهرية ، وهذا هو دأب مجلس الدولة الفرنسي دائما الذي لا يعني بوضع قواعد عامة ، وإنما يعني بالبحث عن الحق عن الحل المناسب للمنازعة المعروضة أمامه دون أن يهتم بربطها بمعيار أو قاعدة عامة ، وأدى ذلك إلى أن الشكل الجوهري لا تكون له هذه الصفة باستمرار ، وإنما اختلف صفته باختلاف الظروف والأوضاع .
الشكليات المقرر لصالح الإدارة
ذهب مجلس الدولة الفرنسي إلى أن هناك من الشكليات التي يحددها القانون ما يكون الصالح الإدارة ، ولم يسمح للأفراد أن يستندوا إليها للتوصل إلى إلغاء القرارات الإدارية ، فقد اعتبر أن هذه الشكليات لا تعد من قبيل الأمور الجوهرية حتى ولو ترتب على اتباعها صدور قرار مغير للقرار الذي لم يتبعها كالما كان هذا القرار الأخير لم ينل من حقوق الأفراد أو يؤثر في مصالحهم .
الشكليات الثانوية التي لا تؤثر على سلامة القرار
يذهب مجلس الدولة إلى التغاضي عن الشكليات والإجراءات التي لتم تؤثر في القرار من حيث الموضوع ولم تنقص من ضمانات الأفراد ، فإذا تطلب القانون إعلان المتهم بأسماء أعضاء مجلس التأديب ، فتم إعلانه بالأعضاء المنتخبين فقط دون الأعضاء بحكم وظائفهم ، فلا تثريب عليها في ذلك فإن المتهم لا يستطيع أن يرد إلا أولئك الأعضاء المنتخبين ، وهذا هو السبب الذي من أجل شرع هذا الإجراء .
إغفال الشكل لا يرجع للإدارة
فقد يكون تجاهل الشكل الجوهري بمعرفة الإدارة راجعا إلى ظروف استثنائية تحيط بها ، وفي هذه الحلة لا يعتبر تجاهل الشكل الجوهري من العيوب التي تشوب القرار الإداري الذي يعد في ضوء تلك الظروف قرارا مشروعا .
وذلك لأن معاملته للقرار الإداري تختلف في الظروف الاستثنائية التي يعتبرها سبب لحجب أوجه عدم المشروعية التي شابت القرار ، في حين أنه في الظروف العادية يوجب على الإدارة مراعاة الاشكال والاجراءات التي تفرضها القوانين فيما تتخذه من قرارات ، فإذا لم تتبع هذه الشكليات في قرار أصدرته فإنه يكون معيبا مستوجبا إلغاءه .
استحالة إتمام الشكليات
إذا كان يتعين على الإدارة من حيث الأصل أن تلتزم الأشكال التي يفرضها القانون ، ولكنها قد تضطر لأسباب خارجة عن إرادتها أن تتخلى عن تلك الشكليات ، لأسباب عدة كاستحالة إتمام الشكليات والتي تعتبر تطبيقا لفكرة القوة القاهرة ، التي يستحيل فيها على الإدارة أن تتبع الشكليات التي يتطلبها القانون عند صدور القرار ، أي أن الاستحالة الناتجة عن القوة القاهرة تعطي عيب الشكل ، ولا يجوز الاعتداد بها توصلا إلى إلغاء القرار الإداري .
قبول ذوي المصلحة بالقرار
الأصل أن الشكليات والإجراءات مقررة للصالح العام ، وبالتالي لا يؤدي قبول ذي المصلحة إلى تصحيح العيب وينطبق هذا الأصل على حالة الشكل الجوهري أما في حالة الشكل الثانوي فإن قبول صاحب الشأن لعيب الشكل يكون جائزا ، ولا يكون له أن يتمسك بالبطلان في هذه الحالة ، إ ذ أن الرضا الصحيح معيب الشكل غير الجوهري ينفي الاحتجاج والتمسك بالبطلان
مخالفـــة القـانـــــون
عيب مخالفة القانون هو العيب المتصل بمحل القرار فهو الذي يستهدف التحقق من مطابقة محل القرار للقانون ، ورقابة القضاء الإداري فيما يعلق بعيب مخالفة القانون هي رقابة موضوعية تستهدف مطابقة محل القرار لأحكام القانون .
ومحل القرار هي الأثر القانوني الذي يحدثه هذا التصرف مباشرة في الحالة القانونية القائمة ذلك بإنشاء مركز قانوني جديد أو تعديل مركز قانوني قديم أو إلغائه .
ويجب أن يكون محل القرار الإداري ممكنا وجائزا قانونا ، فإذا كان القرار مستحيل التنفيذ أو غير جائز فإنه يعد باطلا ومخالفا للقانون ، لعدم إمكان الحل ، وعيب المحل غير الممكن أو غير الجائز هو هيب تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها لأنه متعلق بوجود القرار ذاته أو عدم وجوده .
المقصود بالقانون في هذا المجال
لا تقتصر كلمة القانون التي تلتزم الإدارة بالخضوع لأحكامه على القواعد التي تضعها السلطة التشريعية وإنما تشمل كافة قواعد القانون الوضعي ، سواء أكانت مكتوبة مثل الدستور والتشريع واللوائح ، أم كانت عرفية أم مبادئ القانون العام .
القانون المكتوب
تلتزم الإدارة بداية باحترام النصوص المكتوبة الموجودة في القانون الوضعي وقت صدور القرار الإداري ، والنصوص المكتوبة هي : الدستور ، القانون ، و اللائحة .
فالدستور : هو القانون الأساسي في الدولة الحديثة والتي يجب على كافة سلطات الدولة احترام نصوصه ، والسلطة الإدارية من السلطات التي ينظمها الدستور ويحكمها ويجب أن تراعى فيما تصدره من قرارات نصوص الدستور ,إذا كان في القرار الإداري أي مخالفة لنص الدستور فإن ذلك يؤدي إلى بطلان هذا القرار الإداري سواء أكان قرارا فرديا أم لائحيا .
القانون : يقصد به النصوص الصادرة عن السلطة التي ناط بها الدستور مهمة التشريع - سواء أكان البرلمان أم السلطة التنفيذية أثناء غياب البرلمان إذا كان هناك مقتضى دستوري يسمح بذلك .
اللوائح : هي قواعد عامة مجردة تصدر من السلطة التنفيذية في الحدود التي يرسمها الدستور .
وتلتزم الإدارة باحترام ومراعاة تلك اللوائح بأنواعها المختلفة وهي تصدر قراراتها الإدارية .
العرف : يعتبر مصدرا قانونيا ملزما للهيئات العامة وتعتبر مخالفته مخالفة للقانون وما يعنينا في هذا الصدد هو العرف الإداري ، وهي ما درجت عليه الإدارة من قواعد معينة في مباشرة نشاطها بهدف تسيير المرافق العامة لفترات متكررة ولمدة طويلة دون أن تستند في ذلك إلى أساس تشريعي فتعتبر هذه المبادئ أعرافا ملزمة للإدارة في مواجهة الأفراد ، وتؤدي مخالفتها إلى الحكم بإلغاء القرار الإداري الذي صدر بالمخالفة لها .
المبادئ العامة للقانون : أو مبادئ القانون العام
يقوم التشريع في الدولة الحديثة على عدد من القواعد الأساسية ، التي تتضمنها الدساتير وإعلانات الحقوق ، وترسخ في الضمير القانوني للمجتمع ، فتعد الأساس الذي تقوم عليه التشريعات والقواعد القانونية المختلفة ،وقد جرى مجلس الدولة الفرنسي على الرجوع إلى تلك القواعد واعتبارها من الأسس التي تقوم عليها رقابته لمشروعية أعمال الإدارة ، ما دام المشرع لم تظهر نيته الصريحة في الخروج عليها .
ومن هذه القواعد أن هناك من الحريات الفردية مالا يملك أن يقيدها إلا المشرع ، ومبدأ المساواة بين المواطنين وكفالة حقوق الدفاع وعدم رجعية القوانين والأصل في الأشياء الإباحية وفي الإنسان البراءة ومنع الجمع بين العقوبات .
صور مخالفة القانون
أولا : المخالفة الصريحة للقاعدة القانونية
وتتمثل هذه المخالفة إذا قامت الإدارة بعمل يحرمه القانون ، أو أحجمت عن إتيان عمل يوجبه القانون ، متجاهلة القانون تجاهلا كليا أو جزئيا كأن ترفض الإدارة تعيين الأول في مسابقة أجرتها وتعين غيره في حين أن قانون التوظيف يوجب عليها التعيين بترتيب النجاح في المسابقة ، وكذلك حالة رفض الإدارة منح شخص ترخيصا استوفى الشروط المقررة لمنحه إذا كان القانون يحتم منح الترخيص في هذه الحالة .
ثانيا : الخطأ في تفسير القانون
وفي الصورة لا تتنكر الإدارة للقاعدة القانونية إنما تطبقها ولكنها تعطيها معنى يختلف عن المعنى المقصود منها ، أي أننا نكون أمام تفسيرين لنفس القاعدة القانونية تفسير تعتقده الإدارة وطبقته ، وتفسير مختلف يتمسك به الطاعن في القرار الإداري .
وغالبا ما يكون خطأ الإدارة في التفسير - إذا كانت القاعدة القانونية واضحة يهدف إلى الخروج على أحكام القاعدة القانونية كأن تحاول إضافة أحكام جديدة لم ترد في القانون ، أو التغلب على قاعدة عدم الرجعية .
ثالثا: الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية على الوقائع
إذا كان تطبيق القاعدة القانونية مرهونا بتحقق حالة واقعية على نحو معين ، فإن تخلف الوقائع التي يقوم عليها القرار ، أو عدم استيفائها للشروط التي يتطلبها المشرع ، يؤدي إلى بطلان القرار الصادر على أساسها ، وبذلك تكون الإدارة قد باشرت السلطة التي منحها إياها القانون بالنسبة لغير الحالات التي نص عليها أو دون أن تتوافر الشروط التي حددها القانون لمباشرتها .
ولمجلس الدولة أن يراقب الوقائع ويتحقق من سلامتها حتى يتوصل إلى القول بمشروعية القرار أو عدم مشروعيته .