1 - المعيار اللفظي والشكلي: أي التعرف على نوعي القاعدة من خلال اللفظ وشكل صياغة المادة القانونية، فقد تفرض القاعدة عقوبة على مخالفها كما هو الحال في قواعد قانون العقوبات، وقد تنص على بطلان كل اتفاق مخالف لها؛ ففي هذه الحالات تكون القاعدة آمرة، وقد تتضمن النص على عدم تطبيقها اذا وجد اتفاق مخالف؛ فتكون مكملة.
2 - المعيار الموضوعي او معيار النظام العام والآداب: المقصود من النظام العام (Public Order ): مجموع الاسس التي يقوم عليها بنيان المجتمع وكيانه المادي بحيث لا يتصور قيام هذا البنيان او الكيان واستمراره عند تخلفها، وهي تشمل الاسس السياسية التي تحدد نظام الحكم وسلطاته، ونظام المجتمع الاقتصادي من راسمالي او اشتراكي اواسلامي، والاسس الاجتماعية كنظام الاسرة ونظام العمل. وعلى هذا الاساس نرى ان قواعد القانون العام كالقانون الدستوري والاداري والعمل والجنائي تكون في اكثر الاحيان قواعد آمرة، وعلى عكس ذلك قواعد القانون الخاص حيث تكون في غالب الاحيان قواعد مكملة الا ما يتعلق بنظام حقوق العائلة وامثال ذلك. والمقصود من الاداب العامة (Public Manners ): مجموعة القواعد الاساسية للاخلاق والتي يقوم عليها بنيان المجتمع وكيانه المعنوي والتي يؤدي تخلفها الى انحلاله، كالقواعد الخاصة بمنع القمار أو الدعارة أو العلاقات الجنسية غير المشروعة مما يعتبرها المشرع أساسا لتنظيم القانون في الدولة.
الالزام والجزاء على مخالفة القاعدة القانونية:
اولا الفصل بين الالزام والجزاء:
الاعتقاد بوجود قواعد قانونية غير متوفر فيها جزاء مادي معين على نحو ما راينا بالنسبة لما يسمى بالقواعد المكملة من شانه ان يؤدي الى الفصل بين الزام قواعد القانون وبين الجزاء، وهذا ما توصلت اليه الدراسات الحديثة من ان الجزاءالمادي يعتبر امرا خارجا عن حقيقة القاعدة القانونية التي يتصل بها ومضافا اليها.
ثانيا - علاقة الجزاء بالتكليف:
والحق ان الجزاء ليس جزءا من القاعدة التكليفية ذاتها يدخل في تكوينها على نحو ما كان عليه التصور الكلاسيكي، بل انما هو اثر يترتب على مخالفتها ولا يدخل في تكوينها، والفقه الاسلامي قد فصل بين الجزاء والتكليف، واعتبران مخالفة القاعدة القانونية يستتبع جزاء معينا دنيويا او اخرويا وان كان الجزاء بحد ذاته حكما آخر، فمخالفة الحكم الاول يستتبع ايقاع الحكم الثاني على نحو يبدو النظام القانوني كسلسلة متتابعة ومتشابكة من الاحكام يرتبط بعضه بالبعض الآخر
. ثالثا - قصور الجزاء القانوني عن التنفيذ الالزامي لاحكام القانون:
المفروض ان الجزاء القانوني بما له من أثر فوري يكفل الاحترام الواجب لقواعد القانون، ولكن الحقيقة التي يكشف عنها علماء الاجتماع القانوني غير ذلك تماما، فهذا الجزاء لا يكفل الطاعة الواجبة لقواعد القانون؛ ذلك ان توقيع مثل هذا الجزاء منوط - على اي حال - بالبشر القاصرة قدراتهم عن اكتشاف ما يقع من مخالفات، وتحيد بهم اهواؤهم في كثير من الأحيان عن الإعلان عما يصلهم من مثل هذه المخالفات أو توقيع الجزاء بشانها. فالناس على حسب أطباعهم يسيرون عادة وفق أهوائهم ومصالحهم الذاتية الفردية وهم في مأمن من القانون وما يفرضه من الجزاء. ويكفي أن نضرب مثلا لذلك بما نلاحظه من شيوع ظاهرة التهرب من الضرائب أو ظاهرة السوق السوداء رغم ما تفرضه قوانين الضرائب أو قوانين التسعير الجبري من عقاب صارم. من اجل ذلك نجد علماء الاجتماع ينظرون إلى القانون كمجرد وسيلة من وسائل الضبط الاجتماعي تقف إلى جانب وسائل الضبط الأخرى كالدين والأخلاق والتربية والتعليم، ويقررون ان هذه الوسائل الأخرى للضغط الاجتماعي أهم بكثير من حيث الفاعلية إذا ما قورنت بالقانون الذي يعتمد الجزاء المادي الدنيوي وحده وسيلة لضمان تنفيذ أوامره ونواهيه. ومن هنا يبدو تفوق الشرائع ذات الأصل الديني بصفة عامة، فالجزاء الدنيوي فيها مجرد جزاء إضافي يقف إلى جانب الجزاء الآخروي . والإنسان الذي يدين بعقيدة يقبل طائعا مختارا على إطاعة ما تفرضه هذه العقيدة من إحكام؛ خوفا من العقاب أو طمعا في الثواب في الحياة الآخرة، بل إن مجرد الإيمان بالله وبإنه هو واضع هذه الإحكام لمصلحة البشر وأن خفيت هذه المصلحة عليهم، كثيرا ما يجعل الإنسان يقبل عليها دون تفكير في العقاب أو الثواب.
منقول