وقد اكتسبت هذه الاعتقادات رواجها بحكم العادات والتقاليد في ضرورة اقتناء السلاح عند أهالي قنا، وخاصة مواطني القرى المجاورة للجبل؛ لعدة أسباب موروثة منذ القدم، منها تصفية الخصوم في عادة الثأر، ولحماية أنفسهم من انتقامهم وحماية أنفسهم أيضا من الحيوانات المفترسة مثل الذئاب أو بهدف الاقتناء والتباهي بين العائلات ذات النفوذ القبلي؛ لأن كل عائلة أو قبيلة تعرف قوتها بالأسلحة التي تملكها، وغالبا ما يستخدمه كل مرشح إظهارا لقوته وقوة عائلته في العملية الانتخابية.
وكل مرشح له أنصاره من القبيلة التي ينتمي إليها مدججين بالأسلحة لتأمينه من أعدائه في دائرته الانتخابية، كما أن تهريب السلاح من ليبيا والسودان عبر الدروب الصحراوية عن طريق الجمال في المناطق الحدودية ضعيفة الحراسة أدى إلى ازدهار سوق السلاح بالمحافظة وخلق إقبالا كبيرا، وخاصة بعد ثورة 25 يناير، وخلال الانفلات الأمني تحديدا.
فخلال هذه الأحداث كان سهلا على المواطنين وضروريا أيضا مضاعفة اقتناء هذه السلعة، بل إن الرجل القنائي قد يبيع مواشيه أو أرضه لشراء قطعة سلاح، ما أدى إلى ظهور عائلات مسلحة بالكامل، وهو ما يتسبب في زيادة المشكلات بين القبائل وخاصة العرب والهوارى والأشراف في العملية الانتخابية، وفيها يحشد كل مرشح عائلته بالأسلحة كل دورة انتخابية.
وهناك حادثة في انتخابات 1995أدت إلى مصرع 11 شخصا من قبائل العرب والهوارة، وقد رصدت "محيط " لكم أكثر القرى التي يوجد بها جرائم وخصومات ثأرية، كما أنها الأكثر بيعا للسلاح أيضا، الشعانية وعزبة البوصة والحامدية وأولاد نجم وشرق بهجورة التابعين لمركز نجع حمادي، والسمطا وأبو مناع بمركز دشنا والحجرات والطويرات بقنا، والسلامات والكرنك التابعتين لمركز أبو تشت. وقرية اسمنت التابعة لمركز نقادة.
وهذه القرى لا يمكن للأمن دخولها إلا بتكثيف التحريات والتنسيق مع رجال كل قرية وبكامل القوات؛ لكي يتمكن من القبض على المطلوبين أمنيا والهاربين من أحكام قضائية أغلبها قضايا قتل وسرقات.
وقد أدى انتشار الأسلحة بهذه الطريقة الغير مشروعة إلى كثرة حوادث الثأر بمختلف قرى قنا.
وصرح مصدر أمني رفيع المستوي "لمحيط" بأن المشكلة ترجع إلى ترجيح الأهالي دائما كفة الثأر؛ حفاظاً على عرفهم السائد، وهو ما يدفعهم إلى إنكار عائلة المجني عليه معرفتهم بالجناة بهدف اصطيادهم بعيدا عن أيدي العدالة.
ورغم جهود المصالحات لإنهاء الخصومات الثأرية بقنا، والتي نجحت في إنهاء 10 خصومات في 4 أشهر إلا أن المحافظة مازالت تعاني من 13 صراعاً لم يتوصل فيها إلى صلح حتى الآن.
ففي مركز قوص توجد 3 خصومات بين عائلتي "الديك" و"الدحو" بقرية المسير، وأبناء العمومة من عائلة "العبايدة" في قرية خزام، وعائلتي العروات والقرنات بقرية حجازة.
كما تشتعل 3 خصومات أخرى بقرية الحجيرات التابعة لمركز قنا بين عائلتي شحات وعبد القادر، وكذلك العمارنة وعبد المطلب والثالثة بين عائلتي أبو جودة وعبد الباقي بقرية أبو حزام التابعة لمركز دشنا.
وقد امتدت خصومات عائلة "العبايدة" إلى قرية البراهمة في مركز قفط التابع لمحافظة قنا بعد ثأرها من أبناء عائلة "أبو عليقي"، بالإضافة إلى 4 صراعات في الآونة الأخيرة بين قبيلة "العرب" ممثلة في السمطا والحجيرات، وقبيلة والأشراف ممثلة في قرية الشويخات بسب خلافات مالية، حيث تم تبادل خطف الأشخاص والسيارات بين القبيلتين، وتبادل إطلاق الأعيرة النارية بين الطرفين، ما أدى إلى وفاة سائح كندي يدعي "جيف فرنسوا " يعمل أستاذا بالمعهد الكندي بالقاهرة عن طريق الخطاء.
وقد تدخلت على الفور الأجهزة الأمنية وكبار العائلات من الطرفين وتم إطلاق سراح الرهائن بين الطرفين، كما اشتعلت 3 خصومات أخرى ومنها الصراع الثأري الحدودي بين قرية "نجع البركة" التابعة لمحافظة الأقصر، وقرية "أسمنت" التابعة لمحافظة قنا حيث قام أفراد من قرية نجع البركة التابعة لمحافظة الأقصر بقتل شخص واختطاف 7 كرهائن من قرية اسمنت التابعة لمحافظة قنا؛ بسبب تعليق لافتات انتخابية.
وقد تدخل فضيلة شيخ الأزهر الدكتور "أحمد الطيب " وعدد من كبار العائلات وتم تهدئة الوضع بكلتا القريتين.
كما اشتعلت مؤخرا خصومة "العتامنة"، "وآل عبد القادر" وكلاهما من قبيلة واحدة وتدعى "هوارة" بقرية "المعيصرة" التابعة لمركز دشنا، وأدى هذا الصراع إلى مقتل شخص وإصابة 11 آخرين يوم عيد الأضحى الماضي.
وتجددت الاشتباكات بين الطرفين بالقرب من شريط السكة الحديدي واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة؛ ما أدى إلي توقف حركة القطارات لمدم يوم كامل، و ما زالت الأجهزة الأمنية تسعى إلى عودة الهدوء للقرية.