بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبدالمقصود
فرحات نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد
الطحان وسامى أحمد محمد الصباغ ومصطفى محمد عبدالمعطى وأحمد حلمى محمد أحمد
نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 17/12/1995 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن
الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم
735 لسنة 42 ق.ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالأسكندرية في
الدعوى رقم 102 لسنة 49 ق بجلسة 26/10/1995 والقاضى بوقف تنفيذ القرار
المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة في تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم بصفة
مستعجلة، وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار
المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه قبول الطعن
شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار
المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وتحددت بجلسة 20/12/1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة
الإدارية العليا، وقد قررت بجلسة 15/5/2000 إحالته إلى الدائرة الأولى
(موضوع) لنظره بجلسة 30/7/2000 حيث نظرته بتلك الجلسة. وبمناسبة إعادة
توزيع الاختصاص بين دوائر المحكمة الإدارية العليا تولت نظره الدائرة
السادسة (موضوع) بجلسة 15/11/2000 وبجلسة 13/12/2000 قررت حجزه ليصدر فيه
الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند
النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون
ضدها أقامت الدعوى رقم 102 لسنة 49 ق أمام محكمة القضاء الإدارى
بالأسكندرية بتاريخ 9/10/1994 طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الغلق
الصادر من حى الجمرك بغلق محلها الكائن 44 شارع رأس التين قسم الجمرك
بالأسكندرية حيث نعت على القرار مخالفته للقانون وتعسف الإدارة في استخدام
سلطتها لأنها حاصلة على ترخيص بمزاولة النشاط من الجهة المعنية “ألعاب
الكمبيوتر والأتارى وألعاب الفيديو جيم” ولم يصدر من الحى قرار بإلغاء
الترخيص حتى يكون له مبرراً في اتخاذ إجراء الغلق، واختتمت عريضة دعواها
بطلبها السابق.
وبتاريخ 26/10/1995 أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها تأسيساً على ما ارتأته من تكييف لحقيقة الدعوى
بأنها طعن على القرار الصادر من حى الجمرك بإلغاء الترخيص الصادر للمدعية
بممارسة النشاط ووقف تنفيذ القرار بصفة مستعجلة وأنه متى كان ذلك وكانت
الجهة الإدارية قد أقرت بوجود ترخيص سابق للمحل إلا أن المجلس الشعبى
المحلى لمحافظة الأسكندرية قد أوصى بجلسته المنعقدة في 18/7/1994 بحظر
استخراج أية تراخيص لمحلات بممارسة نشاط الفيديو جيم، وعلى ذلك قامت
الأجهزة المختصة بإعلان المحلات التى كانت تمارس هذا النشاط، وأصدر حى
الجمرك قراره المطعون فيه استجابة لتوصية المجلس الشعبى المحلى المبررة
بوجود إقبال من الشباب على هذه اللعبة بما فيها من ضياع للمال والوقت وأن
هذه العبارة من العموم والإطلاق لا تشكل بذاتها حالة واقعية أو قانونية
تكون بذاتها ركن السبب في إصدار القرار الإدارى، كما أنه لم يرد بالأوراق
من الوقائع ما يمكن الاستناد إليه للقول بوجود خطر داهم يبرر صدور مثل هذا
القرار خاصة وأن من حصل على ترخيص وفقاً لأحكام القانون يكون في مركز
قانونى ذاتى لا يجوز المساس به على أى وجه من الوجوه سحباً أو إلغاء إلا
طبقاً للقانون، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد خالف بحكم الظاهر أحكامه
ومرجح الإلغاء عند بحث موضوعه إلى جانب تحقق ركن الاستعجال المتمثل في وقف
ممارسة نشاط فيه حرمان من استغلال المال وموارد الرزق.
وخلصت المحكمة من ذلك لقضائها المذكور.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً من جانب الجهة الإدارية فقد أقامت طعنها
الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه
وتأويله لأسباب حاصلها:
أولاً: أن التكييف القانونى الصحيح لحقيقة الدعوى وإن كان من سلطات
المحكمة إلا أن هذا التكييف ينبغى ألا يخرج الدعوى عن حقيقة ما قصدته
المدعية من طلب صريح بوقف تنفيذ وإلغاء قرار القلق إلى تناول الترخيص الذى
لم يصدر قرار من الجهة الإدارية بإلغائه، ومن ثم يكون الحكم خرج عن موضوع
الدعوى وحقيقة طلبات المدعية.
ثانياً: أن القانون رقم 453 لسنة 1954 أجاز للجهة الإدارية غلق وإيقاف
المحلات التى يثبت أن في إدارتها خطر داهم على الصحة العامة والآداب
العامة، ومن ثم يكون هذا القانون هو الشريعة العامة لإدارة كافة المحلات
طالما خلت القوانين الأخرى المنظمة لممارسة النشاط على حكم خاص.
ثالثاً: أن حماية الشباب والحرص على مستقبله والحيلولة دون سبل انحرافه
هو في حد ذاته سبباً كافياً لحمل القرار المطعون فيه على صحة الحالة
الواقعية والقانونية المبررة لإصدار القرار ومن ثم يكون الحكم الطعين خالف
في ذلك صحيح حكم القانون مما يستوجب القضاء بإلغائه.
واختتمت الجهة الإدارية تقرير طعنها بطلباتها السابقة.
ومن حيث إنه وفقاً لحكم المادة (9) من قانون مجلس الدولة فإن مناط الحكم
بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالإلغاء توافر ركنى الجدية والاستعجال،
وفى مجال بحث ركن الجدية فإن المادة 29 من القانون رقم 371 لسنة 1956 في
شأن المحال العامة تنص على أنه “يغلق المحل إدارياً أو يضبط إذا تعذر
إغلاقه في الأحوال الآتية:
1- مخالفة أحكام المواد 3، 17، 19 (فتح محال عامة بدون ترخيص – تقديم
مشروبات روحية بدون ترخيص، لعب القمار أو أية لعبة من الألعاب ذات الخطر
على مصالح الجمهور ….).
2- ……………..
3- في حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام نتيجة إدارة المحل.
………………..
ويصدر بالغلق الإدارى أو الضبط قرار مسبب من الإدارة العامة للوائح والرخص أو فروعها فيما عدا ……………….
كما تنص المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال
الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة
والخطرة تنص على أنه “فى حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن
العام نتيجة لإدارة محل من المحال التى تسرى عليها أحكام هذا القانون يجوز
لمدير عام إدارة الرخص بناء على اقتراح فرع الإدارة الذى يقع في دائرته
المحل إصدار قرار مسبب بإيقاف إدارة المحل كلياً أو جزئياً ويكون هذا
القرار واجب النفاذ بالطريق الإدارى.
ومن حيث إن مقتضى ذلك أنه وإن كان من حق صاحب المحل أن يداوم على مزاولة
نشاطه تأميناً لمصدر رزقه إلا أنه ما خرج عن الحدود المشروعة في مباشرة
النشاط كان من حق جهة الإدارة الأمينة على الصالح العام أن توقف هذا النشاط
بقرار إدارى بشرط أن يكون هذا الخروج بأفعال يتحقق في شأنها الأوصاف التى
حددها نص القانون وهى وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام
نتيجة لإدارة المحل وذلك حماية للمجتمع من هذا الخطر المترتب على مباشرة أى
مواطن لنشاطه في استغلال محل عام ووقاية الأفراد من الاعتداء على صحتهم أو
أمنهم أو استقرارهم بسبب مباشرة أى فرد لهذا النشاط الأمر الذى يتعين معه
تحديد قصد المشرع بالخطر الداهم حيث أن للزمان والمكان دور في تحديده، كما
أنه لا يقف عند حد الأمن الخاص وإنما يتعداه إلى الأمن بمعناه الواسع دون
الوقوف عند حد حماية الفرد من الاعتداء التقليدى غير المشروع على ملكه أو
حريته وإنما يتجاوز ذلك إلى كل ما يتصل بحياة الإنسان الاقتصادية
والاجتماعية في ظل الظروف المحيطة.
ومن حيث إن المحكمة وهى تزن الحكم والقرار الطعين بميزان الشرعية وسيادة
القانون ترى أن هذا القرار وقد وجد سنداً له في كل من القانونين رقمى 453
لسنة 1954، 371 لسنة 1956 إلا أنه في حقيقة الأمر لا يعد عقوبة جنائية
أصلية أو تبعية أو تكميلية وإنما هو إجراء ضبطى مصدره وسنده أحكام المادتين
السابقتين وهذا القرار بحسب طبيعته والأسباب المبررة لصدوره والغاية منه
ليس إلغاء للترخيص بصفة نهائية وإنما هو إجراء ضبطى مؤقت بإيقاف إدارة
النشاط بالمحل كلياً أو جزئياً لحين زوال الخطر الذى يهدد الصحة العامة أو
الأمن العام أو كليهما إذ ترتبط شرعية القرار ووجوده وزواله بوجود الحالة
الواقعية التى يتحقق معها توقع هذا الخطر الداهم وفقاً للتقدير الموضوعى
والمنطقى للأمور، ولاشك أن هذا القرار بوقف إدارة النشاط بالمحل يفقد
شرعيته بزوال التهديد بالخطر الداهم للصحة العامة أو الأمن العام نتيجة
لتغير الظروف التى باشر خلالها النشاط بحيث يتحقق لدى الجهة الإدارية أن
تغير الظروف يترتب عليه العودة إلى مباشرة النشاط بالمحل في الحدود
المشروعة، إذ كما أنه من الواجب على الإدارة إعمالاً للمشروعية وإعلاء
للصالح العام أن تتدخل لوقف أى نشاط مرخص به لتهديد الأمن العام والصحة
العامة فإن عليها أيضاً أن تتدخل لإزالة هذا الوقف فور أن تزول الأسباب
احتراماً للملكية ولحرية الأفراد وحق كل مواطن في العمل المشروع.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن المطعون ضدها حصلت على الترخيص رقم
10738 بتاريخ 10/11/1993 من حى الجمرك بالأسكندرية بتشغيل المحل 44 شارع
رأس التين بألعاب الأتارى والكمبيوتر، كما حصلت على الترخيص رقم 975 من
الإدارة العامة للتراخيص الفنية بالمجلس الأعلى للثقافة في 14/7/1994
بممارسة نشاط العرض بذات المحل إلا أن المجلس الشعبى المحلى للمحافظة وافق
في 18/7/1994 على حظر استخراج أى تراخيص بممارسة هذا النشاط وقامت الأجهزة
المختصة بإغلاق المحال التى تزاول هذا النشاط لما له من آثار سيئة على
الشباب ومن ثم كان قرار رئيس حى الجمرك المطعون فيه بغلق محل المطعون ضدها
إدارياً وهو في حقيقته لم يكن إلغاء للترخيص وإنما كان إجراء من إجراءات
الضبط الإدارى لمواجهة حالة خطر قدرتها السلطة المختصة من وجهة نظرها آنذاك
وبررتها بما لهذا النشاط من آثار سلبية على الوقت والمال إلا أنها عادت
وقامت بتنظيم ممارسة هذا النشاط ثم أجازت الترخيص به وذلك بمقتضى قرار
محافظ الأسكندرية رقم 601 لسنة 1997 الذى قضى في مادته الأولى بصرف تراخيص
محال ألعاب الكمبيوتر والأتارى والفيديو جيم بجميع أنواعها طبقاً لأحكام
القانون وبمراعاة الشروط والضوابط الواردة بالقرار وهذا في حد ذاته دليلاً
على عدم وجود حالة الخطر الداهم الذى يهدد الأمن العام والصحة العامة
بالمفهوم الذى قصده القانون، ومن ثم تكون الحالة الواقعية أو القانونية
التى تكون ركن السبب قد انتفت في حالة صدور القرار المطعون فيه مما يجعل
أمر إلغائه مرجحاً، ويتحقق بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار إلى
جانب تحقق ركن الاستعجال لما يترتب على التنفيذ من مساس بالأموال وحرمان من
موارد الرزق.
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذه النتيجة فإنه يكون أصاب صحيح حكم
القانون ويكون الطعن عليه غير قائم على سند مما يتعين معه القضاء برفضه.
ومن حيث إنه من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبدالمقصود
فرحات نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد
الطحان وسامى أحمد محمد الصباغ ومصطفى محمد عبدالمعطى وأحمد حلمى محمد أحمد
نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 17/12/1995 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن
الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم
735 لسنة 42 ق.ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالأسكندرية في
الدعوى رقم 102 لسنة 49 ق بجلسة 26/10/1995 والقاضى بوقف تنفيذ القرار
المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة في تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم بصفة
مستعجلة، وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار
المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه قبول الطعن
شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار
المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وتحددت بجلسة 20/12/1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة
الإدارية العليا، وقد قررت بجلسة 15/5/2000 إحالته إلى الدائرة الأولى
(موضوع) لنظره بجلسة 30/7/2000 حيث نظرته بتلك الجلسة. وبمناسبة إعادة
توزيع الاختصاص بين دوائر المحكمة الإدارية العليا تولت نظره الدائرة
السادسة (موضوع) بجلسة 15/11/2000 وبجلسة 13/12/2000 قررت حجزه ليصدر فيه
الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند
النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون
ضدها أقامت الدعوى رقم 102 لسنة 49 ق أمام محكمة القضاء الإدارى
بالأسكندرية بتاريخ 9/10/1994 طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الغلق
الصادر من حى الجمرك بغلق محلها الكائن 44 شارع رأس التين قسم الجمرك
بالأسكندرية حيث نعت على القرار مخالفته للقانون وتعسف الإدارة في استخدام
سلطتها لأنها حاصلة على ترخيص بمزاولة النشاط من الجهة المعنية “ألعاب
الكمبيوتر والأتارى وألعاب الفيديو جيم” ولم يصدر من الحى قرار بإلغاء
الترخيص حتى يكون له مبرراً في اتخاذ إجراء الغلق، واختتمت عريضة دعواها
بطلبها السابق.
وبتاريخ 26/10/1995 أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها تأسيساً على ما ارتأته من تكييف لحقيقة الدعوى
بأنها طعن على القرار الصادر من حى الجمرك بإلغاء الترخيص الصادر للمدعية
بممارسة النشاط ووقف تنفيذ القرار بصفة مستعجلة وأنه متى كان ذلك وكانت
الجهة الإدارية قد أقرت بوجود ترخيص سابق للمحل إلا أن المجلس الشعبى
المحلى لمحافظة الأسكندرية قد أوصى بجلسته المنعقدة في 18/7/1994 بحظر
استخراج أية تراخيص لمحلات بممارسة نشاط الفيديو جيم، وعلى ذلك قامت
الأجهزة المختصة بإعلان المحلات التى كانت تمارس هذا النشاط، وأصدر حى
الجمرك قراره المطعون فيه استجابة لتوصية المجلس الشعبى المحلى المبررة
بوجود إقبال من الشباب على هذه اللعبة بما فيها من ضياع للمال والوقت وأن
هذه العبارة من العموم والإطلاق لا تشكل بذاتها حالة واقعية أو قانونية
تكون بذاتها ركن السبب في إصدار القرار الإدارى، كما أنه لم يرد بالأوراق
من الوقائع ما يمكن الاستناد إليه للقول بوجود خطر داهم يبرر صدور مثل هذا
القرار خاصة وأن من حصل على ترخيص وفقاً لأحكام القانون يكون في مركز
قانونى ذاتى لا يجوز المساس به على أى وجه من الوجوه سحباً أو إلغاء إلا
طبقاً للقانون، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد خالف بحكم الظاهر أحكامه
ومرجح الإلغاء عند بحث موضوعه إلى جانب تحقق ركن الاستعجال المتمثل في وقف
ممارسة نشاط فيه حرمان من استغلال المال وموارد الرزق.
وخلصت المحكمة من ذلك لقضائها المذكور.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً من جانب الجهة الإدارية فقد أقامت طعنها
الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه
وتأويله لأسباب حاصلها:
أولاً: أن التكييف القانونى الصحيح لحقيقة الدعوى وإن كان من سلطات
المحكمة إلا أن هذا التكييف ينبغى ألا يخرج الدعوى عن حقيقة ما قصدته
المدعية من طلب صريح بوقف تنفيذ وإلغاء قرار القلق إلى تناول الترخيص الذى
لم يصدر قرار من الجهة الإدارية بإلغائه، ومن ثم يكون الحكم خرج عن موضوع
الدعوى وحقيقة طلبات المدعية.
ثانياً: أن القانون رقم 453 لسنة 1954 أجاز للجهة الإدارية غلق وإيقاف
المحلات التى يثبت أن في إدارتها خطر داهم على الصحة العامة والآداب
العامة، ومن ثم يكون هذا القانون هو الشريعة العامة لإدارة كافة المحلات
طالما خلت القوانين الأخرى المنظمة لممارسة النشاط على حكم خاص.
ثالثاً: أن حماية الشباب والحرص على مستقبله والحيلولة دون سبل انحرافه
هو في حد ذاته سبباً كافياً لحمل القرار المطعون فيه على صحة الحالة
الواقعية والقانونية المبررة لإصدار القرار ومن ثم يكون الحكم الطعين خالف
في ذلك صحيح حكم القانون مما يستوجب القضاء بإلغائه.
واختتمت الجهة الإدارية تقرير طعنها بطلباتها السابقة.
ومن حيث إنه وفقاً لحكم المادة (9) من قانون مجلس الدولة فإن مناط الحكم
بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالإلغاء توافر ركنى الجدية والاستعجال،
وفى مجال بحث ركن الجدية فإن المادة 29 من القانون رقم 371 لسنة 1956 في
شأن المحال العامة تنص على أنه “يغلق المحل إدارياً أو يضبط إذا تعذر
إغلاقه في الأحوال الآتية:
1- مخالفة أحكام المواد 3، 17، 19 (فتح محال عامة بدون ترخيص – تقديم
مشروبات روحية بدون ترخيص، لعب القمار أو أية لعبة من الألعاب ذات الخطر
على مصالح الجمهور ….).
2- ……………..
3- في حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام نتيجة إدارة المحل.
………………..
ويصدر بالغلق الإدارى أو الضبط قرار مسبب من الإدارة العامة للوائح والرخص أو فروعها فيما عدا ……………….
كما تنص المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال
الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة
والخطرة تنص على أنه “فى حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن
العام نتيجة لإدارة محل من المحال التى تسرى عليها أحكام هذا القانون يجوز
لمدير عام إدارة الرخص بناء على اقتراح فرع الإدارة الذى يقع في دائرته
المحل إصدار قرار مسبب بإيقاف إدارة المحل كلياً أو جزئياً ويكون هذا
القرار واجب النفاذ بالطريق الإدارى.
ومن حيث إن مقتضى ذلك أنه وإن كان من حق صاحب المحل أن يداوم على مزاولة
نشاطه تأميناً لمصدر رزقه إلا أنه ما خرج عن الحدود المشروعة في مباشرة
النشاط كان من حق جهة الإدارة الأمينة على الصالح العام أن توقف هذا النشاط
بقرار إدارى بشرط أن يكون هذا الخروج بأفعال يتحقق في شأنها الأوصاف التى
حددها نص القانون وهى وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام
نتيجة لإدارة المحل وذلك حماية للمجتمع من هذا الخطر المترتب على مباشرة أى
مواطن لنشاطه في استغلال محل عام ووقاية الأفراد من الاعتداء على صحتهم أو
أمنهم أو استقرارهم بسبب مباشرة أى فرد لهذا النشاط الأمر الذى يتعين معه
تحديد قصد المشرع بالخطر الداهم حيث أن للزمان والمكان دور في تحديده، كما
أنه لا يقف عند حد الأمن الخاص وإنما يتعداه إلى الأمن بمعناه الواسع دون
الوقوف عند حد حماية الفرد من الاعتداء التقليدى غير المشروع على ملكه أو
حريته وإنما يتجاوز ذلك إلى كل ما يتصل بحياة الإنسان الاقتصادية
والاجتماعية في ظل الظروف المحيطة.
ومن حيث إن المحكمة وهى تزن الحكم والقرار الطعين بميزان الشرعية وسيادة
القانون ترى أن هذا القرار وقد وجد سنداً له في كل من القانونين رقمى 453
لسنة 1954، 371 لسنة 1956 إلا أنه في حقيقة الأمر لا يعد عقوبة جنائية
أصلية أو تبعية أو تكميلية وإنما هو إجراء ضبطى مصدره وسنده أحكام المادتين
السابقتين وهذا القرار بحسب طبيعته والأسباب المبررة لصدوره والغاية منه
ليس إلغاء للترخيص بصفة نهائية وإنما هو إجراء ضبطى مؤقت بإيقاف إدارة
النشاط بالمحل كلياً أو جزئياً لحين زوال الخطر الذى يهدد الصحة العامة أو
الأمن العام أو كليهما إذ ترتبط شرعية القرار ووجوده وزواله بوجود الحالة
الواقعية التى يتحقق معها توقع هذا الخطر الداهم وفقاً للتقدير الموضوعى
والمنطقى للأمور، ولاشك أن هذا القرار بوقف إدارة النشاط بالمحل يفقد
شرعيته بزوال التهديد بالخطر الداهم للصحة العامة أو الأمن العام نتيجة
لتغير الظروف التى باشر خلالها النشاط بحيث يتحقق لدى الجهة الإدارية أن
تغير الظروف يترتب عليه العودة إلى مباشرة النشاط بالمحل في الحدود
المشروعة، إذ كما أنه من الواجب على الإدارة إعمالاً للمشروعية وإعلاء
للصالح العام أن تتدخل لوقف أى نشاط مرخص به لتهديد الأمن العام والصحة
العامة فإن عليها أيضاً أن تتدخل لإزالة هذا الوقف فور أن تزول الأسباب
احتراماً للملكية ولحرية الأفراد وحق كل مواطن في العمل المشروع.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن المطعون ضدها حصلت على الترخيص رقم
10738 بتاريخ 10/11/1993 من حى الجمرك بالأسكندرية بتشغيل المحل 44 شارع
رأس التين بألعاب الأتارى والكمبيوتر، كما حصلت على الترخيص رقم 975 من
الإدارة العامة للتراخيص الفنية بالمجلس الأعلى للثقافة في 14/7/1994
بممارسة نشاط العرض بذات المحل إلا أن المجلس الشعبى المحلى للمحافظة وافق
في 18/7/1994 على حظر استخراج أى تراخيص بممارسة هذا النشاط وقامت الأجهزة
المختصة بإغلاق المحال التى تزاول هذا النشاط لما له من آثار سيئة على
الشباب ومن ثم كان قرار رئيس حى الجمرك المطعون فيه بغلق محل المطعون ضدها
إدارياً وهو في حقيقته لم يكن إلغاء للترخيص وإنما كان إجراء من إجراءات
الضبط الإدارى لمواجهة حالة خطر قدرتها السلطة المختصة من وجهة نظرها آنذاك
وبررتها بما لهذا النشاط من آثار سلبية على الوقت والمال إلا أنها عادت
وقامت بتنظيم ممارسة هذا النشاط ثم أجازت الترخيص به وذلك بمقتضى قرار
محافظ الأسكندرية رقم 601 لسنة 1997 الذى قضى في مادته الأولى بصرف تراخيص
محال ألعاب الكمبيوتر والأتارى والفيديو جيم بجميع أنواعها طبقاً لأحكام
القانون وبمراعاة الشروط والضوابط الواردة بالقرار وهذا في حد ذاته دليلاً
على عدم وجود حالة الخطر الداهم الذى يهدد الأمن العام والصحة العامة
بالمفهوم الذى قصده القانون، ومن ثم تكون الحالة الواقعية أو القانونية
التى تكون ركن السبب قد انتفت في حالة صدور القرار المطعون فيه مما يجعل
أمر إلغائه مرجحاً، ويتحقق بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار إلى
جانب تحقق ركن الاستعجال لما يترتب على التنفيذ من مساس بالأموال وحرمان من
موارد الرزق.
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذه النتيجة فإنه يكون أصاب صحيح حكم
القانون ويكون الطعن عليه غير قائم على سند مما يتعين معه القضاء برفضه.
ومن حيث إنه من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.