بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم
رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وحسن
حسنين على ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.
* إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 17 من أكتوبر سنة 1984 أودع الأستاذ منصف نجيب
سليمان المحامي والوكيل عن السيد/ محمد وسيم عبد السلام محيى الدين عن نفسه
وبصفته مديرا لشركة محمد وسيم عبد السلام محيى الدين وشركاه المالكة لفندق
وكازينو سان جيوفاني بالإسكندرية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير
طعن قيد بجدولها تحت رقم 30 لسنة 31 قضائية في الحكم الصادر بجلسة 30 من
أغسطس سنة 1983 من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى رقم 252
لسنة 38 قضائية والقاضي بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وإلزام
المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة في التقرير – الحكم بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه ثم بإلغائه وبقبول الدعوى من حيث الشكل وفي الموضوع بإلغاء
القرارات الصادرة بغلق محل الفندق المشار إليه مع جميع ما يترتب على ذلك من
آثار قانونية وإلزام المطعون دهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن
درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا في الطعن ارتأت فيه الحكم أصليا:
أولا : برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ثانيا : بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا.
ثالثا : إلزام الطاعن المصروفات.
واحتياطيا : في حالة قبول الدعوى شكلا الحكم برفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/12/1984 وتداول نظره
بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 4/3/1985
إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة
13/4/1985 . وفي الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/5/1985
ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على
أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قدم في الميعاد القانوني مستوفيا أوضاعه الشكلية فمن ثم فهو مقبول شكلا.
ومن حيث أنه عن الموضوع فإن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 30
من أكتوبر سنة 1983 أقام السيد/ محمد وسيم عبد السلام محيى الدين – عن نفسه
وبصفته مديرا لشركة محمد وسيم عبد السلام محيى الدين وشركاه شركة توصية
بسيطة مالكة لفندق وكازينو سان جيوفاني – الدعوى رقم 252 لسنة 38 قضائية
أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعريضة طلب في ختامها الحكم بوقف
تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة الإسكان بمحافظة الإسكندرية بغلق
ملحق الفندق المشار إليه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهم
بالمصاريف مقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعى ، شرحا لدعواه ، أن الفندق آنف الذكر صادر به ترخيص من
وزارة السياحة برقم 90 في 5/6/1977 ، وبتاريخ 19/7/1981 تقدمت إدارة الفندق
إلى مكتب الوزارة بالإسكندرية بطلب إضافة على الترخيص تتمثل في نشاط ملحق
لتحضير وإعداد مأكولات وحلويات بأنواعها بالعنوان 31 شارع عبد العزيز فهي
باستانلى رمل الإسكندرية وذلك باعتبار وزارة السياحة هي جهة الاختصاص
الوحيدة في إصدار مثل هذا الترخيص عملا بأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973
الخاص بالمنشآت الفندقية والسياحية . وبالفعل صدر قرار الوزارة بإضافة
النشاط المطلوب إلى الترخيص بتاريخ 30/10/1982 . وفي يوم 12/6/1983 فوجئ
الفندق بأن ثمة إشارة مبلغة من الإدارة العامة للرخص بمحافظة الإسكندرية
إلى مأمور قسم شرطة الرمل تفيد أن شارع عبد العزيز فهمي ، الذي يوجد به
المطبخ والمخبز التابع للفندق ، محظور الترخيص فيه بمثل هذا النشاط ومن ثم
طلبت الإشارة غلق المحل إداريا.
وأضاف المدعى أنه لدى إبلاغه بهذه الإشارة أبدى اعتراضه وتظلمه أمام
مأمور القسم وقدم الترخيص الصادر له من وزارة السياحة وتحرر عن ذلك المحضر
رقم 4186 إداري الرمل في 13/6/1983 كما قامت مراقبة التراخيص السياحية
بإخطار مدير عام الرخص المركزية بمحافظة الإسكندرية بخضوع الفندق وملحقاته
لأحكام قانون المنشآت السياحية والفندقية رقم 1 لسنة 1973 الذي ناط بوزارة
السياحة إصدار القرارات بغلق هذه المنشآت . غير أن إشارة أخرى وردت من
الإدارة المركزية للرخص بالمحافظة إلى مأمور القسم في 30/8/1983 تفيد
استمرار غلق المحل لأنه “مفتوح في منطقة محظورة ولأن مثل هذه المحلات تخضع
للقانون رقم 453 لسنة 1954 الخاص بالمحلات التجارية والصناعية ولا يعتبر من
المحلات السياحية وأن محافظة الإسكندرية – الإدارة العامة للرخص – هي
الجهة الوحيدة المختصة” وبناء على ذلك تظلمت إدارة الفندق إلى مدير عام
السياحة بالإسكندرية الذي أرسل كتابا إلى مأمور قسم الرمل بتاريخ 1/9/1983
يطلب فيه وقف قرار غلق المحل . وتأسيسا على ذلك أوقفت إجراءات الغلق
الإداري وأعيدت الأوراق إلى المحافظة فأرسلت بتاريخ 11/9/1983 إشارة إلى
قسم الشرطة بطلب الإفادة عن إتمام تنفيذ الغلق إداريا ، وبالفعل قامت
الشرطة بتنفيذ الغلق الإداري صباح يوم 12/9/1983 الأمر الذي دعا الفندق إلى
استصدار أمر من قاضي الأمور الوقتية بتاريخ 17/9/1983 بفض الأختام
الموضوعة على المخبز التابع للفندق وأعلن الأمر ومحضر تنفيذه إلى المحافظة
بتاريخ 29/9/1983 فوردت في ذات اليوم إلى مأمور القسم إشارة من مكتب وكيل
وزارة الإسكان مضمونها أن قرار الغلق مازال ساريا ولم يصدر قرار بفتح
المخبز وبالتالي يتعين وضع الأختام عليه . وبناء على ذلك تم تنفيذ الغلق في
9/10/1983 فاستصدر الفندق الأمر الولائي رقم 166 لسنة 1983 مدني كلي
الإسكندرية بتاريخ 12/10/1983 بإعادة رفع الأختام عن المخبز.
واستطرد المدعى أنه لما كانت الإشارة التليفونية الأخيرة بتاريخ
29/9/1983 تنبئ عن صدور قرار إداري من وكيل وزارة الإسكان بمحافظة
الإسكندرية بغلق المخبز فإنه يطعن في هذا القرار لصدوره من غير مختص
ولمخالفته لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 الذي نص صراحة على اختصاص وزير
السياحة وحده بغلق المنشأة السياحية أو الملحق التابع لها كما نصت المادة
15 من قرار وزير السياحة رقم 181 لسنة 1973 الصادر تنفيذا لأحكام هذا
القانون على أنه “يجوز أن يشمل الترخيص بالمنشأة الفندقية الترخيص بالمنشآت
السياحية الملحقة بها كما يجوز أن يشمل الترخيص أكثر من نوع من أنواع
المنشآت السياحية والمحال الصناعية والتجارية الملحقة بالمنشأة والمخصصة
أصلا لخدمة رواد المنشأة أو يستلزمها نشاطها الأصلي”.
وبجلسة 30 من أغسطس سنة 1983 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية
حكمها المطعون فيه القاضي بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وإلزام
المدعى المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر
بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن “ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما
يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه
في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان
صاحب الشأن به ، وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية
التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية . ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي
ستين يوما من تاريخ تقديمه ، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا .
ويعتبر مضي ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة
بمثابة رفضه ويكون ميعاد رفض الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين
يوما من تاريخ انقضاء الستين يوما المذكورة” . والثابت من الأوراق أن
القرار المطعون فيه – وهو قرار غلق محل الفندق – صدر من وكيل وزارة الإسكان
بمحافظة الإسكندرية بتاريخ 12/6/1983 ، وقد أثبت مدير الفندق تظلمه من
هذا القرار في محضر قسم شرطة الرمل رقم 4186 إداري ، كما أن الثابت من
الأوراق أن هذا التظلم اتصل بعلم الإدارة حيث أشر معاون قسم الرمل الذي حرر
المحضر بإعادته إلى جهة وروده وهي الإدارة العامة للرخص بمديرية الإسكان
بمحافظة الإسكندرية بتاريخ 13/6/1983 ، وإذ مضت ستون يوما على تظلمه دون أن
تجيب عنه جهة الإدارة فمن ثم يعتبر ذلك بمثابة رفض للتظلم وكان الواجب على
المدعى أن يقيم دعواه خلال الستين يوما التالية التي تنتهي في 11/10/1983 ،
أما وقد رفع هذه الدعوى بتاريخ 30/10/1983 أي بعد مرور ما يزيد على مائة
وعشرين يوما من تاريخ تظلمه ، فمن ثم تكون دعواه قد رفعت بعد الميعاد
المنصوص عليه في المادة 24 سالفة الذكر الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم
قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد.
واستطردت المحكمة أنهلا يغير مما تقدم ما يقول به المدعى من أن القرار
المطعون فيه هو قرار معدوم لصدوره من غير مختص وبالتالي لا يتقيد الطعن فيه
بميعاد دعوى الإلغاء ، وذلك أن المادة 1 من القانون رقم 1 لسنة 1973 في
شأن المنشآت الفندقية والسياحية تنص على أن تسري أحكام هذا القانون على
المنشآت الفندقية والسياحية وتعتبر منشأة فندقية في تطبيق أحكام هذا
القانون الفنادق والبنسيونات والقرى السياحية والفنادق العائمة والبواخر
السياحية وما إليها من الأماكن المعدة لإقامة السياح وكذا الاستراحات
والبيوت والشقق المفروشة التي يصدر بتحديدها قرار من وزير السياحة . ويعتبر
منشأة سياحية في تطبيق أحكام هذا القانون الأماكن المعدة أساسا لاستقبال
السياح لتقديم المأكولات والمشروبات إليهم لاستهلاكها في ذات المكان
كالملاهي والنوادي الليلية والكازينوهات والحانات والمطاعم والتي يصدر
بتحديدها قرار من وزير السياحة . كذلك تعتبر منشأة سياحية وسائل النقل
المخصصة لنقل السياح في رحلات برية أو نيلية أو بحرية والتي يصدر بتحديدها
قرار من وزير السياحة” ومن ثم فإنه طبقا لهذا النص لا يعتبر المخبز موضوع
الدعوى من المنشآت الفندقية أو السياحية مما يخت بالترخيص بفتحه أو بغلقه
وزير السياحة وإنما يعتبر من المحلات التجارية والصناعية التي تخضع لأحكام
القانون رقم 453 لسنة 1954 وبالتالي تكون مديرية الإسكان بمحافظة
الإسكندرية هي الجهة الوحيدة المختصة بالترخيص بفتحه أو بغلقه ، وإذ ثبت من
الأوراق أن القرار المطعون فيه قد صدر من وكيل وزارة الإسكان بمحافظة
الإسكندرية لذلك يكون هذا القرار قد صدر من مختص قانونا بإصداره.
كما استطرد الحكم أنه لا محاجة كذلك فيما ذهب إليه المدعى من أن جهة
الإدارة قد سلكت مسلكا إيجابيا لبحث تظلمه واتجهت إلى قبوله ثم عدلت عن
مسلكها هذا بتاريخ 11/9/1983 الأمر الذي تعتبر معه دعواه المرفوعة بتاريخ
30/10/1983 مرفوعة في الميعاد القانوني ، لا محاجة في ذلك لأن الأوراق لم
تكشف عن أن مديرية الإسكان بمحافظة الإسكندرية كانت بسبيلها إلى سحب قرارها
المطعون فيه في أي وقت من الأوقات ، بل العكس هو الصحيح فقد توالت
الإشارات إلى قسم شرطة الرمل الإشارة تلو الأخرى لتنفيذ الغلق الإداري
معلنة في إشارتها أن قرارها مازال ساري المفعول مما يعد تمسكا منها بقرارها
الذي أصدرته ، ولا يغير من موقفها هذا كون أن وزارة السياحة اعتنقت رأيا
آخر مؤداه أن المخبز المذكور من المنشآت الفندقية أو السياحية التي تسري
عليها أحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 لأن هذه الوزارة هي جهة إدارية أخرى
غير مصدرة القرار المطعون فيه ولا سلطان لها عليها.
وأضاف الحكم أنه لا مقنع أخيرا فيما ذهب إليه المدعى من أن الأمر
الولائي الصادر في 17/9/1983 بوقف تنفيذ قرار الغلق المطعون فيه جعله في
حالة من الزعزعة وعدم الاستقرار تحول بينه وبين التحصن من السحب والإلغاء
.. ذلك أن المادة 15 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية –
والواردة تحت عنوان الفصل الثاني من الباب الأول – الخاص بولاية المحاكم –
نصت على أنه “فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تختص
المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما أستثني بنص خاص ..” كما
نصت المادة 17 من ذات القانون على أنه “ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة
أو غير مباشرة في أعمال السيادة ولها دون أن تؤول الأمر الإداري أو توقف
تنفيذه أن تفصل :
1- في المنازعات المدنية والتجارية التي تقع بين الأفراد والحكومة أو
الهيئات العامة بشأن عقار أو منقول عدا الحالات التي ينص فيها القانون على
غير ذلك.
2- في كل المسائل الأخرى التي يخولها القانون حق النظر فيها.
ويبين من هاتين المادتين أن الاختصاص بنظر كافة المنازعات الإدارية ومن
بينها وقف تنفيذ القرارات الإدارية معقود لمجلس الدولة وحده دون غيره من
المحاكم العادة ، وإذا كان الثابت من الأوراق أن محكمة الإسكندرية
الابتدائية للأمور الوقتية تصدت بتاريخ 17/9/1983 بالقرار المطعون فيه
وأوقفت تنفيذه حيث أمر رئيس المحكمة المذكورة برفع الأختام الموضوعة على
المخبز موضوع النزاع فمن ثم يكون هذا الأمر معدوما باعتباره صادر ممن لا
ولاية له قانونا وبالتالي لا يعول عليه ولا يكون له أي أثر قانوني سواء في
وقف تنفيذ القرار أو في مد ميعاد دعوى الإلغاء.
ومن حيث أن مبنى الطعن في هذا الحكم أنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله كما شابه قصور في التسبيب وذلك لأسباب ثلاثة :
الأول : أن الطاعن تمسك فيما قدمه من مذكرات لمحكمة القضاء الإداري بأن
ملحق الفندق موضوع النزاع يعتبر من المنشآت السياحية التي تخضع لأحكام
القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية ولهذا فإن
وزارة السياحة هي المختصة دون غيرها بالترخيص بإنشائه وإدارته وبإلغاء هذا
الترخيص ومن ثم يتعين اعتبار قرار وكيل وزارة الإسكان بمحافظة الإسكندرية
بغلق هذا المحل قد صدر مشوبا بعيب عدم الاختصاص واغتصاب السلطة إلى حد
ينحدر به إلى درجة الانعدام فيجوز الطعن فيه دون التقيد بمواعيد الطعن في
القرارات الإدارية الباطلة . وأساس ذلك ما ورد في المادة الأولى من القانون
المذكور وفي المادة 15 من قرار وزير السياحة رقم 181 لسنة 1973 آنف الذكر
والتي أجازت أن يشمل الترخيص بالمنشأة الفندقية المحال التجارية والصناعية
الملحقة بها. ومن هنا فلا اختصاص لإدارة الرخص بمديرية الإسكان بالمحافظة
بأي شأن من شئون ملحق الفندق (المخبز) على الرغم من أنه يعتبر أصلا من
المحال التجارية والصناعية فهذه الإدارة لا تملك الترخيص به كما لا تملك
قانونا أن تأمر بغلقه.
الثاني : أنه على فرض اعتبار ما يشوب القرار الصادر بغلق ملحق الفندق هو
مجرد عيب مخالفة القانون دون أن ينحدر به ذلك إلى درجة الانعدام فإن
الدعوى أقيمت في الميعاد على أساس أنه تظل من القرار المذكور في الميعاد
المقرر قانونا وسلكت الجهات الإدارية مسلكا إيجابيا كان يدل على أنها في
سبيلها إلى إجابته إلى طلباته ، وإذا عادت وأصرت على قرارها فإنه قد أقام
دعواه خلال الميعاد القانوني المقرر ، وبيان ذلك أنه قد تظلم من قرار الغلق
مرتين الأولى أمام مأمور قسم الرمل في 12/6/1983 واتصل هذا التظلم بعلم
مصدر القرار والثانية إلى مدير عام السياحة بالإسكندرية وقد اتصل بدوره
بعلم مصدر القرار ، والتظلم الأول قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء وقد سلكت
الجهة الإدارية عقب تقديمه مسلكا إيجابيا لبحثه يدل على أنها في سبيلها إلى
إجابته إلى طلباته وآية ذلك أن مراقبة التراخيص السياحية أرسلت إلى مدير
عام الرخص بمحافظة الإسكندرية كتابين في 19/6/1983 ، 6/7/1983 يشير فيهما
إلى خضوع ملحق الفندق لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 . يضاف إلى ذلك أنه –
أي الطاعن – بعد أن تظلم في 13/6/1983 من القرار الصادر بالغلق طعن عليه
بأن تقدم في 15/9/1983 بطلب إلى رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية التمس
فيه وقف تنفيذ هذا القرار وفض الأختام التي وضعت على ملحق الفندق ، وقد صدر
أمر رئيس المحكمة رقم 141 لسنة 1983 في 17/9/1983 متضمنا إجابته إلى
طلباته ، وعندما لم تمتثل الجهة الإدارية لهذا الأمر الولائي اضطر إلى
استصدار أمر جديد في 12/10/1983 . وليس من شك في أن تقديمه لطلبات استصدار
هذه الأوامر الولائية يعتبر إجراء قاطعا لميعاد رفع دعوى الإلغاء حتى لو
كانت هذه الأوامر منعدمة حسبما ذهب إليه الحكم المطعون فيه لأنه إذا كان
رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة وحكمها فيها بعدم الاختصاص يقطع الميعاد
فإن رفع الدعوى أمام محكمة قضائية وحكمها فيها لصالح صاحب الشأن يعتبر من
باب أولى إجراء قاطعا للتقادم. كما أنه من ناحية أخرى إذا كان الاستشكال في
تنفيذ قرار إداري أمام القضاء المدني يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء إذا
أحيل الإشكال إلى القضاء الإداري وعدل صاحب الشأن طلباته وضمنها طلب
الإلغاء فإنه يسري على الأمر الولائي ما يسري على الإشكال في تنفيذ القرار
الإداري ويتعين الاعتداد به في مجال قطع الميعاد . هذا إلى أن صدور هذه
الأوامر الولائية جعل القرارات الإدارية التي تضمنتها الإشارات المبلغة إلى
قسم الشرطة في حالة من الزعزعة وعدم الاستقرار تحول بينها وبين التحصين من
الزعزعة وعدم الاستقرار.
الثالث : جاء الحكم مشوبا بقصور شديد في التسبيب إذ على الرغم مما أوضحه
الطاعن بعريضة دعواه من أنه يطعن في قرار وكيل وزارة الإسكان الذي استخلصه
من الإشارة التليفونية التي أبلغها مكتب وكيل الوزارة إلى مأمور قسم الرمل
في 29/9/1983 ، ثم عاد – أي الطاعن – وتمسك أمام محكمة القضاء الإداري بأن
كل إشارة من الإشارات التليفونية المبلغة إلى قسم الشرطة تضمنت قرارا
إداريا منفصلا .. على الرغم من ذلك اعتنق الحكم ما ارتآه السيد مفوض الدولة
أمام محكمة القضاء الإداري من أنه ما كان يجب أن يطعن عليه هو قرار الغلق
الصادر في 12/6/1983 دون أن يبرر الحكم أو يبين أسباب الأخذ بهذا الاتجاه
مع ما لهذه المسألة من أهمية جوهرية.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن وكيل وزارة الإسكان والمرافق بمحافظة
الإسكندرية أصدر قرارا في 12/6/1983 بغلق المخبز موضوع النزاع . وقد أقيمت
الدعوى رقم 252 لسنة 38 ق طعنا على هذا القرار الذي أبلغ مضمونه إلى قسم
الشرطة في التاريخ المذكور لتنفيذه ومتابعة هذا التنفيذ . فهذا القرار هو
الذي أثر بمجرد صدوره في المركز القانوني للطاعن . أما ما قامت به الإدارة
العامة للرخص بمديرية الإسكان بالمحافظة في تواريخ لاحقة من إبلاغ قسم شرطة
الرمل بالاستمرار في غلق المحل فلا يعدو أن يكون إجراء أو طلبا بتنفيذ
قرار الغلق والاستمرار في هذا التنفيذ . ومن هنا فليس من الصحيح ما أورده
الطاعن من أن كل إشارة من الإشارات التي أبلغتها الإدارة المذكورة إلى
القسم إنما تمثل قرارا إداريا بالغلق إذ واقع الحال أنه لم يصدر سوى قرار
واحد طالبت الجهة الإدارية في إشارتها بتنفيذه.
ومن حيث أنه ثمة نوعين من المحال صدر بتنظيم كل منهما قانون مستقل :
النوع الأول : هو المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة
للراحة والمضرة بالصحة العامة والتي ينظم أحكامها القانون رقم 354 لسنة
1954.
النوع الثاني : هو المحال العامة التي ينظمها القانون رقم 371 لسنة 1956.
ولكل من هذين القانونين مجال انطباق ونطاق أعمال خاص به بحيث يتعين عدم الخلط بينهما.
ومن حيث أن القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية
بعد أن عرف تلك المنشآت في المادة الأولى السابق إيراد نصها قضى في المادة
الثانية منه بأنه “لا يجوز إنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية أو
استغلالها أو إدارتها إلا بترخيص من وزارة السياحة . وتؤول إلى وزارة
السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن
المحال العامة” وواضح من ذلك أن وزارة السياحة آل إليها الاختصاص بالنسبة
إلى تراخيص المحال العامة وحدها ، أما المحال التجارية والصناعية – الخاضعة
للقانون رقم 354 لسنة 1954 – فلم يتعرض لها قانون المحال التجارية
والصناعية ولم ينص بنقل الاختصاص في شأنها إلى وزارة السياحة أسوة بما فعل
بالنسبة إلى المحال العامة ، وبذلك فقد بقى الوضع بالنسبة إليها على حاله
أي ظل الاختصاص بشأنها منوطا بأجهزة الإسكان والمرافق بالمجالس المحلية.
ومن حيث أنه بالرجوع إلى القانون رقم 354 لسنة 1954 يبين أنه أدرج
“المخابز” ضمن الجدول المرفق به “البند 54 من القسم الأول” ومن ثم فإن
أجهزة الإسكان تكون هي الجهة المختصة بمنح تراخيص إنشاء وإدارة هذا النوع
من المحال.
ومن حيث أنه لا خلاف بين الطاعن وبين جهة الإدارة في أن المحل موضوع
النزاع والذي أطلق عليه “ملحق الفندق” عبارة عن مخبز ، وبهذه المثابة فإنه
يخضع لأحكام القانون رقم 354 لسنة 1954 وبالتالي تكون مديرية الإسكان
بمحافظة الإسكندرية – دون وزارة السياحة – هي الجهة المختصة بمنح ترخيصه .
وإذ كان ذلك فمن ثم فلا وجه للقول بانعدام القرار الصادر من تلك المديرية
بالغلق تأسيسا على صدوره من جهة لا ولاية لها وانطوائه على غصب لسلطة الجهة
صاحبة الاختصاص وهي وزارة السياحة . ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه
المادة 15 من قرار وزير السياحة رقم 181 لسنة 1973 بشروط وإجراءات الترخيص
بالمنشآت الفندقية والسياحية من أنه “يجوز أن يشمل الترخيص بالمنشأة المحال
التجارية والصناعية الملحقة بها” ذلك أن القرار المذكور صدر تنفيذا
للقانون رقم 1 لسنة 1973 وهذا القانون حسبما سبق البيان – ناط بوزارة
السياحة الاختصاص فيما يتعلق بالمحال العامة دون المحال التجارية والصناعية
. ولا يسوغ للقرار الوزاري أن يخرج على مقتضى القانون أو يخالف أحكامه .
بل أن البادي من استعراض ديباجة القرار الوزاري أنها أشارت إلى القانون رقم
371 لسنة 1956 دون القانون رقم 354 لسنة 1954 الأمر الذي يستفاد منه أن
الحال المقصودة في المادة 15 من القرار هي المحال العامة وليس المحال
التجارية والصناعية ، وبهذا النظر في التفسير تتحقق للقرار مشروعيته
واتفاقه مع أحكام القانون وإلا كان مخالفا له وخارجا عليه ووجب عندئذ
الالتزام بتطبيق القانون دون أحكام القرار المخالفة له.
ومن حيث أنه يخلص مما تقدم أن القرار المطعون فيه والصادر بغلق المخبز
لا ينطوي على غصب لسلطة وزارة السياحة ، وبالتالي فلا وجه للقول بانعدام
هذا القرار حسبما ذهب الطاعن . وبناء على ذلك فإن الطعن عليه يتقيد بميعاد
ستين يوما المقرر للطعن على القرارات الإدارية طبقا لحكم المادة 24 من
قانون مجلس الدولة ويبدأ سريان هذا الميعاد من تاريخ تحقق علم الطاعن
بالقرار . ولا خلاف ولا جدال في أن الطاعن علم بالقرار يوم 13/6/1983 عند
تنفيذ قرار الغلق وأنه تظلم منه في ذات اليوم وأن هذا التظلم اتصل بعلم
الجهة الإدارية مصدرة القرار “مديرية الإسكان” وعلى مقتضى ذلك فإن هذا
التظلم هو فقط الذي يقطع ميعاد رفع الدعوى الذي بدأ من تاريخ العلم بالقرار
باعتبار أن التظلم الأول حسبما استقر على ذلك قضاء هذه المحكمة – هو
المعول عليه في حساب الميعاد وقطعه وأن تتابع التظلمات والاسترسال فيها
وتكرارها من جانب المدعى لا يجدي في إطالة ميعاد رفع الدعوى . وبالتطبيق
لحكم المادة 24 آنفة الذكر فإن مضى ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب
عنه السلطات المختصة يعتبر بمثابة رفض له ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن
على القرار هو ستون يوما تبدأ من تاريخ انقضاء الستين يوما الأولى ، وإذ
كان الثابت أن الطاعن لم يتلق ردا على تظلمه المقدم يوم 13/6/1983 وبذلك
تحقق القرار الحكمي برفض التظلم فمن ثم كان يتعين عليه إقامة الدعوى بطلب
إلغاء قرار الغلق في غضون الستين يوما التالية أي في ميعاد غايته
11/10/1983 ، وإذ أقيمت الدعوى في 30/10/1983 فإنها تكون قد أقيمت بعد
الميعاد القانوني المقرر للطعن بالإلغاء مما يستوجب الحكم بعدم قبولها شكلا
، وهو ما خلص إليه – بحق – الحكم المطعون فيه.
ومن حيث أنه لا وجه لما نعاه الطاعن على الحكم في السبب الثاني من أن
ميعاد الطعن في قرار الغلق يمتد – رغم مضي ستين يوما على تقديم التظلم دون
أية إجابة عليه استنادا إلى أن جهة الإدارة اتخذت مسلكا إيجابيا لبحث
التظلم ولم تعدل عن هذا المسلك إلا في 11/9/1983 … لا وجه لذلك لأن الأوراق
تكشف عن أن الجهة الإدارية مصدرة القرار المطعون فيه أفصحت منذ البداية عن
نيتها القاطعة والواضحة في عدم الاستجابة إلى التظلم وأبدت إصرارها على
تنفيذ القرار ، ولم يكن مسلكها في الفترة السابقة على 11/9/1983 ينبئ بشيء
خلاف ذلك إذ تتابعت إشاراتها إلى قسم الشرطة ، قبل التاريخ المذكور وبعده ،
إلى قسم الشرطة بطلب تنفيذ القرار الصادر بالغلق معلنة أن هذا القرار
“مازال ساري المفعول ولم يصدر قرار بإلغائه” ومن هنا فلا جدال في أن
الإشارة المبلغة من الجهة المذكورة إلى قسم الشرطة في 11/9/1983 لا تعدو أن
تكون إحدى الإشارات التي أرسلت تباعا إلى القسم لتنفيذ القرار وأنها لا
تفيد عدولا من جانب تلك الجهة عن مسلكها بل تشكل اتجاها إلى رفض التظلم
يجري منه ميعاد رفع دعوى الإلغاء الذي بدأ بالفعل منذ تحقق القرار الحكمي
برفض التظلم . ولا حجة في قيام وزارة السياحة بالكتابة إلى مديرية الإسكان –
مصدرة القرار موضوع الطعن – لإبلاغها بوجهة نظرها في الجهة المختصة بإصدار
الترخيص إذ المعول عليه هو مسلك الجهة الإدارية مصدرة القرار بحسبانها هي
التي تملك سحبه والعدول عنه.
ومن حيث أنه لا حجة كذلك فيما أثاره الطاعن بخصوص الأمرين الولائيين على
عرائض الصادرين لصالحه وقياسهما فيما يتعلق بقطع الميعاد على حالة رفع
الدعوى أمام محكمة غير مختصة أو الإشكال في التنفيذ .. ذلك أن موضوع هذين
الأمرين يختلف عن موضوع دعوى الإلغاء التي أقامها الطاعن أمام محكمة القضاء
الإداري بالإسكندرية إذ1 أنصب موضوع الأمرين على رفع الأختام أو فضها عن
المحل في حين أن موضوع دعوى الإلغاء هو الطعن على القرار الصادر بالغلق
وطلب وقف تنفيذه ثم إلغائه . وقد حرص مصدر القرار الولائي على إبراز عدم
وجود قرار بالغلق وأشار إلى ذلك في صراحة ووضوح في أسباب أمره . وإذ كان
ذلك كذلك فمن ثم فإن تلك الأوامر الولائية التي يختلف موضوعها عن موضوع
دعوى الإلغاء لا أثر لها في قطع ميعاد رفع هذه الدعوى أمام القضاء الإداري
وذلك أيا كان الرأي في طبيعتها ومدى حجيتها . كما أن هذا الأمر الولائي لا
يدخل قرار الغلق في مرحلة من الزعزعة وعدم الاستقرار – كما ذهب الطاعن –
لأنه لم يعرض للقرار أصلا ، بل ونفى وجوده.
ومن حيث أن السبب الثالث والأخير للطعن والذي ينعى على الحكم المطعون
فيه القصور في التسبيب مردود بأن الحكم انتهى إلى تحديد القرار محل الطعن
وموضوع دعوى الإلغاء بأنه قرار الغلق الصادر في 12/6/1983 وأشار ضمن أسبابه
إلى توالي الإشارات بطلب تنفيذ هذا القرار ، وهذا المسلك من جانب المحكمة
كاف لسلامة الحكم إذ استقر قضاء هذه المحكمة على أنه يكفي لسلامة الحكم أن
يكون مقاما على أسباب تستقيم معه ولا يلزم أن يتعقب حجج الخصوم في جميع
مناحي أقوالهم استقلالا ثم تفنيدها تفصيلا الواحدة تلو الأخرى . وإذ كان
ذلك كذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى تحديد القرار محل الطعن على
نحو ما أخذت به هذه المحكمة وقد تضمنت أسبابه ما يكفي لحمل النتيجة التي
انتهى إليها في هذا الصدد فمن ثم فليس ثمة قصور في التسبيب يعيب الحكم
ويعرضه للإبطال.
ومن حيث أنه ترتيبا على ما تقدم جميعه يكون الحكم المطعون فيه قد صادف
صحيح القانون مما يتعين معه الحكم برفض الطعن الماثل وإلزام الطاعن
المصروفات عملا بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم
رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وحسن
حسنين على ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.
* إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 17 من أكتوبر سنة 1984 أودع الأستاذ منصف نجيب
سليمان المحامي والوكيل عن السيد/ محمد وسيم عبد السلام محيى الدين عن نفسه
وبصفته مديرا لشركة محمد وسيم عبد السلام محيى الدين وشركاه المالكة لفندق
وكازينو سان جيوفاني بالإسكندرية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير
طعن قيد بجدولها تحت رقم 30 لسنة 31 قضائية في الحكم الصادر بجلسة 30 من
أغسطس سنة 1983 من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى رقم 252
لسنة 38 قضائية والقاضي بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وإلزام
المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة في التقرير – الحكم بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه ثم بإلغائه وبقبول الدعوى من حيث الشكل وفي الموضوع بإلغاء
القرارات الصادرة بغلق محل الفندق المشار إليه مع جميع ما يترتب على ذلك من
آثار قانونية وإلزام المطعون دهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن
درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا في الطعن ارتأت فيه الحكم أصليا:
أولا : برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ثانيا : بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا.
ثالثا : إلزام الطاعن المصروفات.
واحتياطيا : في حالة قبول الدعوى شكلا الحكم برفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/12/1984 وتداول نظره
بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 4/3/1985
إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة
13/4/1985 . وفي الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/5/1985
ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على
أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قدم في الميعاد القانوني مستوفيا أوضاعه الشكلية فمن ثم فهو مقبول شكلا.
ومن حيث أنه عن الموضوع فإن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 30
من أكتوبر سنة 1983 أقام السيد/ محمد وسيم عبد السلام محيى الدين – عن نفسه
وبصفته مديرا لشركة محمد وسيم عبد السلام محيى الدين وشركاه شركة توصية
بسيطة مالكة لفندق وكازينو سان جيوفاني – الدعوى رقم 252 لسنة 38 قضائية
أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعريضة طلب في ختامها الحكم بوقف
تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة الإسكان بمحافظة الإسكندرية بغلق
ملحق الفندق المشار إليه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهم
بالمصاريف مقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعى ، شرحا لدعواه ، أن الفندق آنف الذكر صادر به ترخيص من
وزارة السياحة برقم 90 في 5/6/1977 ، وبتاريخ 19/7/1981 تقدمت إدارة الفندق
إلى مكتب الوزارة بالإسكندرية بطلب إضافة على الترخيص تتمثل في نشاط ملحق
لتحضير وإعداد مأكولات وحلويات بأنواعها بالعنوان 31 شارع عبد العزيز فهي
باستانلى رمل الإسكندرية وذلك باعتبار وزارة السياحة هي جهة الاختصاص
الوحيدة في إصدار مثل هذا الترخيص عملا بأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973
الخاص بالمنشآت الفندقية والسياحية . وبالفعل صدر قرار الوزارة بإضافة
النشاط المطلوب إلى الترخيص بتاريخ 30/10/1982 . وفي يوم 12/6/1983 فوجئ
الفندق بأن ثمة إشارة مبلغة من الإدارة العامة للرخص بمحافظة الإسكندرية
إلى مأمور قسم شرطة الرمل تفيد أن شارع عبد العزيز فهمي ، الذي يوجد به
المطبخ والمخبز التابع للفندق ، محظور الترخيص فيه بمثل هذا النشاط ومن ثم
طلبت الإشارة غلق المحل إداريا.
وأضاف المدعى أنه لدى إبلاغه بهذه الإشارة أبدى اعتراضه وتظلمه أمام
مأمور القسم وقدم الترخيص الصادر له من وزارة السياحة وتحرر عن ذلك المحضر
رقم 4186 إداري الرمل في 13/6/1983 كما قامت مراقبة التراخيص السياحية
بإخطار مدير عام الرخص المركزية بمحافظة الإسكندرية بخضوع الفندق وملحقاته
لأحكام قانون المنشآت السياحية والفندقية رقم 1 لسنة 1973 الذي ناط بوزارة
السياحة إصدار القرارات بغلق هذه المنشآت . غير أن إشارة أخرى وردت من
الإدارة المركزية للرخص بالمحافظة إلى مأمور القسم في 30/8/1983 تفيد
استمرار غلق المحل لأنه “مفتوح في منطقة محظورة ولأن مثل هذه المحلات تخضع
للقانون رقم 453 لسنة 1954 الخاص بالمحلات التجارية والصناعية ولا يعتبر من
المحلات السياحية وأن محافظة الإسكندرية – الإدارة العامة للرخص – هي
الجهة الوحيدة المختصة” وبناء على ذلك تظلمت إدارة الفندق إلى مدير عام
السياحة بالإسكندرية الذي أرسل كتابا إلى مأمور قسم الرمل بتاريخ 1/9/1983
يطلب فيه وقف قرار غلق المحل . وتأسيسا على ذلك أوقفت إجراءات الغلق
الإداري وأعيدت الأوراق إلى المحافظة فأرسلت بتاريخ 11/9/1983 إشارة إلى
قسم الشرطة بطلب الإفادة عن إتمام تنفيذ الغلق إداريا ، وبالفعل قامت
الشرطة بتنفيذ الغلق الإداري صباح يوم 12/9/1983 الأمر الذي دعا الفندق إلى
استصدار أمر من قاضي الأمور الوقتية بتاريخ 17/9/1983 بفض الأختام
الموضوعة على المخبز التابع للفندق وأعلن الأمر ومحضر تنفيذه إلى المحافظة
بتاريخ 29/9/1983 فوردت في ذات اليوم إلى مأمور القسم إشارة من مكتب وكيل
وزارة الإسكان مضمونها أن قرار الغلق مازال ساريا ولم يصدر قرار بفتح
المخبز وبالتالي يتعين وضع الأختام عليه . وبناء على ذلك تم تنفيذ الغلق في
9/10/1983 فاستصدر الفندق الأمر الولائي رقم 166 لسنة 1983 مدني كلي
الإسكندرية بتاريخ 12/10/1983 بإعادة رفع الأختام عن المخبز.
واستطرد المدعى أنه لما كانت الإشارة التليفونية الأخيرة بتاريخ
29/9/1983 تنبئ عن صدور قرار إداري من وكيل وزارة الإسكان بمحافظة
الإسكندرية بغلق المخبز فإنه يطعن في هذا القرار لصدوره من غير مختص
ولمخالفته لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 الذي نص صراحة على اختصاص وزير
السياحة وحده بغلق المنشأة السياحية أو الملحق التابع لها كما نصت المادة
15 من قرار وزير السياحة رقم 181 لسنة 1973 الصادر تنفيذا لأحكام هذا
القانون على أنه “يجوز أن يشمل الترخيص بالمنشأة الفندقية الترخيص بالمنشآت
السياحية الملحقة بها كما يجوز أن يشمل الترخيص أكثر من نوع من أنواع
المنشآت السياحية والمحال الصناعية والتجارية الملحقة بالمنشأة والمخصصة
أصلا لخدمة رواد المنشأة أو يستلزمها نشاطها الأصلي”.
وبجلسة 30 من أغسطس سنة 1983 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية
حكمها المطعون فيه القاضي بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وإلزام
المدعى المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر
بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن “ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما
يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه
في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان
صاحب الشأن به ، وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية
التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية . ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي
ستين يوما من تاريخ تقديمه ، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا .
ويعتبر مضي ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة
بمثابة رفضه ويكون ميعاد رفض الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين
يوما من تاريخ انقضاء الستين يوما المذكورة” . والثابت من الأوراق أن
القرار المطعون فيه – وهو قرار غلق محل الفندق – صدر من وكيل وزارة الإسكان
بمحافظة الإسكندرية بتاريخ 12/6/1983 ، وقد أثبت مدير الفندق تظلمه من
هذا القرار في محضر قسم شرطة الرمل رقم 4186 إداري ، كما أن الثابت من
الأوراق أن هذا التظلم اتصل بعلم الإدارة حيث أشر معاون قسم الرمل الذي حرر
المحضر بإعادته إلى جهة وروده وهي الإدارة العامة للرخص بمديرية الإسكان
بمحافظة الإسكندرية بتاريخ 13/6/1983 ، وإذ مضت ستون يوما على تظلمه دون أن
تجيب عنه جهة الإدارة فمن ثم يعتبر ذلك بمثابة رفض للتظلم وكان الواجب على
المدعى أن يقيم دعواه خلال الستين يوما التالية التي تنتهي في 11/10/1983 ،
أما وقد رفع هذه الدعوى بتاريخ 30/10/1983 أي بعد مرور ما يزيد على مائة
وعشرين يوما من تاريخ تظلمه ، فمن ثم تكون دعواه قد رفعت بعد الميعاد
المنصوص عليه في المادة 24 سالفة الذكر الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم
قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد.
واستطردت المحكمة أنهلا يغير مما تقدم ما يقول به المدعى من أن القرار
المطعون فيه هو قرار معدوم لصدوره من غير مختص وبالتالي لا يتقيد الطعن فيه
بميعاد دعوى الإلغاء ، وذلك أن المادة 1 من القانون رقم 1 لسنة 1973 في
شأن المنشآت الفندقية والسياحية تنص على أن تسري أحكام هذا القانون على
المنشآت الفندقية والسياحية وتعتبر منشأة فندقية في تطبيق أحكام هذا
القانون الفنادق والبنسيونات والقرى السياحية والفنادق العائمة والبواخر
السياحية وما إليها من الأماكن المعدة لإقامة السياح وكذا الاستراحات
والبيوت والشقق المفروشة التي يصدر بتحديدها قرار من وزير السياحة . ويعتبر
منشأة سياحية في تطبيق أحكام هذا القانون الأماكن المعدة أساسا لاستقبال
السياح لتقديم المأكولات والمشروبات إليهم لاستهلاكها في ذات المكان
كالملاهي والنوادي الليلية والكازينوهات والحانات والمطاعم والتي يصدر
بتحديدها قرار من وزير السياحة . كذلك تعتبر منشأة سياحية وسائل النقل
المخصصة لنقل السياح في رحلات برية أو نيلية أو بحرية والتي يصدر بتحديدها
قرار من وزير السياحة” ومن ثم فإنه طبقا لهذا النص لا يعتبر المخبز موضوع
الدعوى من المنشآت الفندقية أو السياحية مما يخت بالترخيص بفتحه أو بغلقه
وزير السياحة وإنما يعتبر من المحلات التجارية والصناعية التي تخضع لأحكام
القانون رقم 453 لسنة 1954 وبالتالي تكون مديرية الإسكان بمحافظة
الإسكندرية هي الجهة الوحيدة المختصة بالترخيص بفتحه أو بغلقه ، وإذ ثبت من
الأوراق أن القرار المطعون فيه قد صدر من وكيل وزارة الإسكان بمحافظة
الإسكندرية لذلك يكون هذا القرار قد صدر من مختص قانونا بإصداره.
كما استطرد الحكم أنه لا محاجة كذلك فيما ذهب إليه المدعى من أن جهة
الإدارة قد سلكت مسلكا إيجابيا لبحث تظلمه واتجهت إلى قبوله ثم عدلت عن
مسلكها هذا بتاريخ 11/9/1983 الأمر الذي تعتبر معه دعواه المرفوعة بتاريخ
30/10/1983 مرفوعة في الميعاد القانوني ، لا محاجة في ذلك لأن الأوراق لم
تكشف عن أن مديرية الإسكان بمحافظة الإسكندرية كانت بسبيلها إلى سحب قرارها
المطعون فيه في أي وقت من الأوقات ، بل العكس هو الصحيح فقد توالت
الإشارات إلى قسم شرطة الرمل الإشارة تلو الأخرى لتنفيذ الغلق الإداري
معلنة في إشارتها أن قرارها مازال ساري المفعول مما يعد تمسكا منها بقرارها
الذي أصدرته ، ولا يغير من موقفها هذا كون أن وزارة السياحة اعتنقت رأيا
آخر مؤداه أن المخبز المذكور من المنشآت الفندقية أو السياحية التي تسري
عليها أحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 لأن هذه الوزارة هي جهة إدارية أخرى
غير مصدرة القرار المطعون فيه ولا سلطان لها عليها.
وأضاف الحكم أنه لا مقنع أخيرا فيما ذهب إليه المدعى من أن الأمر
الولائي الصادر في 17/9/1983 بوقف تنفيذ قرار الغلق المطعون فيه جعله في
حالة من الزعزعة وعدم الاستقرار تحول بينه وبين التحصن من السحب والإلغاء
.. ذلك أن المادة 15 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية –
والواردة تحت عنوان الفصل الثاني من الباب الأول – الخاص بولاية المحاكم –
نصت على أنه “فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تختص
المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما أستثني بنص خاص ..” كما
نصت المادة 17 من ذات القانون على أنه “ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة
أو غير مباشرة في أعمال السيادة ولها دون أن تؤول الأمر الإداري أو توقف
تنفيذه أن تفصل :
1- في المنازعات المدنية والتجارية التي تقع بين الأفراد والحكومة أو
الهيئات العامة بشأن عقار أو منقول عدا الحالات التي ينص فيها القانون على
غير ذلك.
2- في كل المسائل الأخرى التي يخولها القانون حق النظر فيها.
ويبين من هاتين المادتين أن الاختصاص بنظر كافة المنازعات الإدارية ومن
بينها وقف تنفيذ القرارات الإدارية معقود لمجلس الدولة وحده دون غيره من
المحاكم العادة ، وإذا كان الثابت من الأوراق أن محكمة الإسكندرية
الابتدائية للأمور الوقتية تصدت بتاريخ 17/9/1983 بالقرار المطعون فيه
وأوقفت تنفيذه حيث أمر رئيس المحكمة المذكورة برفع الأختام الموضوعة على
المخبز موضوع النزاع فمن ثم يكون هذا الأمر معدوما باعتباره صادر ممن لا
ولاية له قانونا وبالتالي لا يعول عليه ولا يكون له أي أثر قانوني سواء في
وقف تنفيذ القرار أو في مد ميعاد دعوى الإلغاء.
ومن حيث أن مبنى الطعن في هذا الحكم أنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله كما شابه قصور في التسبيب وذلك لأسباب ثلاثة :
الأول : أن الطاعن تمسك فيما قدمه من مذكرات لمحكمة القضاء الإداري بأن
ملحق الفندق موضوع النزاع يعتبر من المنشآت السياحية التي تخضع لأحكام
القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية ولهذا فإن
وزارة السياحة هي المختصة دون غيرها بالترخيص بإنشائه وإدارته وبإلغاء هذا
الترخيص ومن ثم يتعين اعتبار قرار وكيل وزارة الإسكان بمحافظة الإسكندرية
بغلق هذا المحل قد صدر مشوبا بعيب عدم الاختصاص واغتصاب السلطة إلى حد
ينحدر به إلى درجة الانعدام فيجوز الطعن فيه دون التقيد بمواعيد الطعن في
القرارات الإدارية الباطلة . وأساس ذلك ما ورد في المادة الأولى من القانون
المذكور وفي المادة 15 من قرار وزير السياحة رقم 181 لسنة 1973 آنف الذكر
والتي أجازت أن يشمل الترخيص بالمنشأة الفندقية المحال التجارية والصناعية
الملحقة بها. ومن هنا فلا اختصاص لإدارة الرخص بمديرية الإسكان بالمحافظة
بأي شأن من شئون ملحق الفندق (المخبز) على الرغم من أنه يعتبر أصلا من
المحال التجارية والصناعية فهذه الإدارة لا تملك الترخيص به كما لا تملك
قانونا أن تأمر بغلقه.
الثاني : أنه على فرض اعتبار ما يشوب القرار الصادر بغلق ملحق الفندق هو
مجرد عيب مخالفة القانون دون أن ينحدر به ذلك إلى درجة الانعدام فإن
الدعوى أقيمت في الميعاد على أساس أنه تظل من القرار المذكور في الميعاد
المقرر قانونا وسلكت الجهات الإدارية مسلكا إيجابيا كان يدل على أنها في
سبيلها إلى إجابته إلى طلباته ، وإذا عادت وأصرت على قرارها فإنه قد أقام
دعواه خلال الميعاد القانوني المقرر ، وبيان ذلك أنه قد تظلم من قرار الغلق
مرتين الأولى أمام مأمور قسم الرمل في 12/6/1983 واتصل هذا التظلم بعلم
مصدر القرار والثانية إلى مدير عام السياحة بالإسكندرية وقد اتصل بدوره
بعلم مصدر القرار ، والتظلم الأول قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء وقد سلكت
الجهة الإدارية عقب تقديمه مسلكا إيجابيا لبحثه يدل على أنها في سبيلها إلى
إجابته إلى طلباته وآية ذلك أن مراقبة التراخيص السياحية أرسلت إلى مدير
عام الرخص بمحافظة الإسكندرية كتابين في 19/6/1983 ، 6/7/1983 يشير فيهما
إلى خضوع ملحق الفندق لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 . يضاف إلى ذلك أنه –
أي الطاعن – بعد أن تظلم في 13/6/1983 من القرار الصادر بالغلق طعن عليه
بأن تقدم في 15/9/1983 بطلب إلى رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية التمس
فيه وقف تنفيذ هذا القرار وفض الأختام التي وضعت على ملحق الفندق ، وقد صدر
أمر رئيس المحكمة رقم 141 لسنة 1983 في 17/9/1983 متضمنا إجابته إلى
طلباته ، وعندما لم تمتثل الجهة الإدارية لهذا الأمر الولائي اضطر إلى
استصدار أمر جديد في 12/10/1983 . وليس من شك في أن تقديمه لطلبات استصدار
هذه الأوامر الولائية يعتبر إجراء قاطعا لميعاد رفع دعوى الإلغاء حتى لو
كانت هذه الأوامر منعدمة حسبما ذهب إليه الحكم المطعون فيه لأنه إذا كان
رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة وحكمها فيها بعدم الاختصاص يقطع الميعاد
فإن رفع الدعوى أمام محكمة قضائية وحكمها فيها لصالح صاحب الشأن يعتبر من
باب أولى إجراء قاطعا للتقادم. كما أنه من ناحية أخرى إذا كان الاستشكال في
تنفيذ قرار إداري أمام القضاء المدني يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء إذا
أحيل الإشكال إلى القضاء الإداري وعدل صاحب الشأن طلباته وضمنها طلب
الإلغاء فإنه يسري على الأمر الولائي ما يسري على الإشكال في تنفيذ القرار
الإداري ويتعين الاعتداد به في مجال قطع الميعاد . هذا إلى أن صدور هذه
الأوامر الولائية جعل القرارات الإدارية التي تضمنتها الإشارات المبلغة إلى
قسم الشرطة في حالة من الزعزعة وعدم الاستقرار تحول بينها وبين التحصين من
الزعزعة وعدم الاستقرار.
الثالث : جاء الحكم مشوبا بقصور شديد في التسبيب إذ على الرغم مما أوضحه
الطاعن بعريضة دعواه من أنه يطعن في قرار وكيل وزارة الإسكان الذي استخلصه
من الإشارة التليفونية التي أبلغها مكتب وكيل الوزارة إلى مأمور قسم الرمل
في 29/9/1983 ، ثم عاد – أي الطاعن – وتمسك أمام محكمة القضاء الإداري بأن
كل إشارة من الإشارات التليفونية المبلغة إلى قسم الشرطة تضمنت قرارا
إداريا منفصلا .. على الرغم من ذلك اعتنق الحكم ما ارتآه السيد مفوض الدولة
أمام محكمة القضاء الإداري من أنه ما كان يجب أن يطعن عليه هو قرار الغلق
الصادر في 12/6/1983 دون أن يبرر الحكم أو يبين أسباب الأخذ بهذا الاتجاه
مع ما لهذه المسألة من أهمية جوهرية.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن وكيل وزارة الإسكان والمرافق بمحافظة
الإسكندرية أصدر قرارا في 12/6/1983 بغلق المخبز موضوع النزاع . وقد أقيمت
الدعوى رقم 252 لسنة 38 ق طعنا على هذا القرار الذي أبلغ مضمونه إلى قسم
الشرطة في التاريخ المذكور لتنفيذه ومتابعة هذا التنفيذ . فهذا القرار هو
الذي أثر بمجرد صدوره في المركز القانوني للطاعن . أما ما قامت به الإدارة
العامة للرخص بمديرية الإسكان بالمحافظة في تواريخ لاحقة من إبلاغ قسم شرطة
الرمل بالاستمرار في غلق المحل فلا يعدو أن يكون إجراء أو طلبا بتنفيذ
قرار الغلق والاستمرار في هذا التنفيذ . ومن هنا فليس من الصحيح ما أورده
الطاعن من أن كل إشارة من الإشارات التي أبلغتها الإدارة المذكورة إلى
القسم إنما تمثل قرارا إداريا بالغلق إذ واقع الحال أنه لم يصدر سوى قرار
واحد طالبت الجهة الإدارية في إشارتها بتنفيذه.
ومن حيث أنه ثمة نوعين من المحال صدر بتنظيم كل منهما قانون مستقل :
النوع الأول : هو المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة
للراحة والمضرة بالصحة العامة والتي ينظم أحكامها القانون رقم 354 لسنة
1954.
النوع الثاني : هو المحال العامة التي ينظمها القانون رقم 371 لسنة 1956.
ولكل من هذين القانونين مجال انطباق ونطاق أعمال خاص به بحيث يتعين عدم الخلط بينهما.
ومن حيث أن القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية
بعد أن عرف تلك المنشآت في المادة الأولى السابق إيراد نصها قضى في المادة
الثانية منه بأنه “لا يجوز إنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية أو
استغلالها أو إدارتها إلا بترخيص من وزارة السياحة . وتؤول إلى وزارة
السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن
المحال العامة” وواضح من ذلك أن وزارة السياحة آل إليها الاختصاص بالنسبة
إلى تراخيص المحال العامة وحدها ، أما المحال التجارية والصناعية – الخاضعة
للقانون رقم 354 لسنة 1954 – فلم يتعرض لها قانون المحال التجارية
والصناعية ولم ينص بنقل الاختصاص في شأنها إلى وزارة السياحة أسوة بما فعل
بالنسبة إلى المحال العامة ، وبذلك فقد بقى الوضع بالنسبة إليها على حاله
أي ظل الاختصاص بشأنها منوطا بأجهزة الإسكان والمرافق بالمجالس المحلية.
ومن حيث أنه بالرجوع إلى القانون رقم 354 لسنة 1954 يبين أنه أدرج
“المخابز” ضمن الجدول المرفق به “البند 54 من القسم الأول” ومن ثم فإن
أجهزة الإسكان تكون هي الجهة المختصة بمنح تراخيص إنشاء وإدارة هذا النوع
من المحال.
ومن حيث أنه لا خلاف بين الطاعن وبين جهة الإدارة في أن المحل موضوع
النزاع والذي أطلق عليه “ملحق الفندق” عبارة عن مخبز ، وبهذه المثابة فإنه
يخضع لأحكام القانون رقم 354 لسنة 1954 وبالتالي تكون مديرية الإسكان
بمحافظة الإسكندرية – دون وزارة السياحة – هي الجهة المختصة بمنح ترخيصه .
وإذ كان ذلك فمن ثم فلا وجه للقول بانعدام القرار الصادر من تلك المديرية
بالغلق تأسيسا على صدوره من جهة لا ولاية لها وانطوائه على غصب لسلطة الجهة
صاحبة الاختصاص وهي وزارة السياحة . ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه
المادة 15 من قرار وزير السياحة رقم 181 لسنة 1973 بشروط وإجراءات الترخيص
بالمنشآت الفندقية والسياحية من أنه “يجوز أن يشمل الترخيص بالمنشأة المحال
التجارية والصناعية الملحقة بها” ذلك أن القرار المذكور صدر تنفيذا
للقانون رقم 1 لسنة 1973 وهذا القانون حسبما سبق البيان – ناط بوزارة
السياحة الاختصاص فيما يتعلق بالمحال العامة دون المحال التجارية والصناعية
. ولا يسوغ للقرار الوزاري أن يخرج على مقتضى القانون أو يخالف أحكامه .
بل أن البادي من استعراض ديباجة القرار الوزاري أنها أشارت إلى القانون رقم
371 لسنة 1956 دون القانون رقم 354 لسنة 1954 الأمر الذي يستفاد منه أن
الحال المقصودة في المادة 15 من القرار هي المحال العامة وليس المحال
التجارية والصناعية ، وبهذا النظر في التفسير تتحقق للقرار مشروعيته
واتفاقه مع أحكام القانون وإلا كان مخالفا له وخارجا عليه ووجب عندئذ
الالتزام بتطبيق القانون دون أحكام القرار المخالفة له.
ومن حيث أنه يخلص مما تقدم أن القرار المطعون فيه والصادر بغلق المخبز
لا ينطوي على غصب لسلطة وزارة السياحة ، وبالتالي فلا وجه للقول بانعدام
هذا القرار حسبما ذهب الطاعن . وبناء على ذلك فإن الطعن عليه يتقيد بميعاد
ستين يوما المقرر للطعن على القرارات الإدارية طبقا لحكم المادة 24 من
قانون مجلس الدولة ويبدأ سريان هذا الميعاد من تاريخ تحقق علم الطاعن
بالقرار . ولا خلاف ولا جدال في أن الطاعن علم بالقرار يوم 13/6/1983 عند
تنفيذ قرار الغلق وأنه تظلم منه في ذات اليوم وأن هذا التظلم اتصل بعلم
الجهة الإدارية مصدرة القرار “مديرية الإسكان” وعلى مقتضى ذلك فإن هذا
التظلم هو فقط الذي يقطع ميعاد رفع الدعوى الذي بدأ من تاريخ العلم بالقرار
باعتبار أن التظلم الأول حسبما استقر على ذلك قضاء هذه المحكمة – هو
المعول عليه في حساب الميعاد وقطعه وأن تتابع التظلمات والاسترسال فيها
وتكرارها من جانب المدعى لا يجدي في إطالة ميعاد رفع الدعوى . وبالتطبيق
لحكم المادة 24 آنفة الذكر فإن مضى ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب
عنه السلطات المختصة يعتبر بمثابة رفض له ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن
على القرار هو ستون يوما تبدأ من تاريخ انقضاء الستين يوما الأولى ، وإذ
كان الثابت أن الطاعن لم يتلق ردا على تظلمه المقدم يوم 13/6/1983 وبذلك
تحقق القرار الحكمي برفض التظلم فمن ثم كان يتعين عليه إقامة الدعوى بطلب
إلغاء قرار الغلق في غضون الستين يوما التالية أي في ميعاد غايته
11/10/1983 ، وإذ أقيمت الدعوى في 30/10/1983 فإنها تكون قد أقيمت بعد
الميعاد القانوني المقرر للطعن بالإلغاء مما يستوجب الحكم بعدم قبولها شكلا
، وهو ما خلص إليه – بحق – الحكم المطعون فيه.
ومن حيث أنه لا وجه لما نعاه الطاعن على الحكم في السبب الثاني من أن
ميعاد الطعن في قرار الغلق يمتد – رغم مضي ستين يوما على تقديم التظلم دون
أية إجابة عليه استنادا إلى أن جهة الإدارة اتخذت مسلكا إيجابيا لبحث
التظلم ولم تعدل عن هذا المسلك إلا في 11/9/1983 … لا وجه لذلك لأن الأوراق
تكشف عن أن الجهة الإدارية مصدرة القرار المطعون فيه أفصحت منذ البداية عن
نيتها القاطعة والواضحة في عدم الاستجابة إلى التظلم وأبدت إصرارها على
تنفيذ القرار ، ولم يكن مسلكها في الفترة السابقة على 11/9/1983 ينبئ بشيء
خلاف ذلك إذ تتابعت إشاراتها إلى قسم الشرطة ، قبل التاريخ المذكور وبعده ،
إلى قسم الشرطة بطلب تنفيذ القرار الصادر بالغلق معلنة أن هذا القرار
“مازال ساري المفعول ولم يصدر قرار بإلغائه” ومن هنا فلا جدال في أن
الإشارة المبلغة من الجهة المذكورة إلى قسم الشرطة في 11/9/1983 لا تعدو أن
تكون إحدى الإشارات التي أرسلت تباعا إلى القسم لتنفيذ القرار وأنها لا
تفيد عدولا من جانب تلك الجهة عن مسلكها بل تشكل اتجاها إلى رفض التظلم
يجري منه ميعاد رفع دعوى الإلغاء الذي بدأ بالفعل منذ تحقق القرار الحكمي
برفض التظلم . ولا حجة في قيام وزارة السياحة بالكتابة إلى مديرية الإسكان –
مصدرة القرار موضوع الطعن – لإبلاغها بوجهة نظرها في الجهة المختصة بإصدار
الترخيص إذ المعول عليه هو مسلك الجهة الإدارية مصدرة القرار بحسبانها هي
التي تملك سحبه والعدول عنه.
ومن حيث أنه لا حجة كذلك فيما أثاره الطاعن بخصوص الأمرين الولائيين على
عرائض الصادرين لصالحه وقياسهما فيما يتعلق بقطع الميعاد على حالة رفع
الدعوى أمام محكمة غير مختصة أو الإشكال في التنفيذ .. ذلك أن موضوع هذين
الأمرين يختلف عن موضوع دعوى الإلغاء التي أقامها الطاعن أمام محكمة القضاء
الإداري بالإسكندرية إذ1 أنصب موضوع الأمرين على رفع الأختام أو فضها عن
المحل في حين أن موضوع دعوى الإلغاء هو الطعن على القرار الصادر بالغلق
وطلب وقف تنفيذه ثم إلغائه . وقد حرص مصدر القرار الولائي على إبراز عدم
وجود قرار بالغلق وأشار إلى ذلك في صراحة ووضوح في أسباب أمره . وإذ كان
ذلك كذلك فمن ثم فإن تلك الأوامر الولائية التي يختلف موضوعها عن موضوع
دعوى الإلغاء لا أثر لها في قطع ميعاد رفع هذه الدعوى أمام القضاء الإداري
وذلك أيا كان الرأي في طبيعتها ومدى حجيتها . كما أن هذا الأمر الولائي لا
يدخل قرار الغلق في مرحلة من الزعزعة وعدم الاستقرار – كما ذهب الطاعن –
لأنه لم يعرض للقرار أصلا ، بل ونفى وجوده.
ومن حيث أن السبب الثالث والأخير للطعن والذي ينعى على الحكم المطعون
فيه القصور في التسبيب مردود بأن الحكم انتهى إلى تحديد القرار محل الطعن
وموضوع دعوى الإلغاء بأنه قرار الغلق الصادر في 12/6/1983 وأشار ضمن أسبابه
إلى توالي الإشارات بطلب تنفيذ هذا القرار ، وهذا المسلك من جانب المحكمة
كاف لسلامة الحكم إذ استقر قضاء هذه المحكمة على أنه يكفي لسلامة الحكم أن
يكون مقاما على أسباب تستقيم معه ولا يلزم أن يتعقب حجج الخصوم في جميع
مناحي أقوالهم استقلالا ثم تفنيدها تفصيلا الواحدة تلو الأخرى . وإذ كان
ذلك كذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى تحديد القرار محل الطعن على
نحو ما أخذت به هذه المحكمة وقد تضمنت أسبابه ما يكفي لحمل النتيجة التي
انتهى إليها في هذا الصدد فمن ثم فليس ثمة قصور في التسبيب يعيب الحكم
ويعرضه للإبطال.
ومن حيث أنه ترتيبا على ما تقدم جميعه يكون الحكم المطعون فيه قد صادف
صحيح القانون مما يتعين معه الحكم برفض الطعن الماثل وإلزام الطاعن
المصروفات عملا بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.