بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد أمين
المهدى.رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/
د. فاروق عبد البر واحمد عبد الفتاح حسن ومصطفى سعيد حنفى وأحمد عبد
الحميد عبود نواب رئيس مجلس الدولة.
* الإجراءات
فى يوم الاثنين الموافق 13 من يونية سنة 1994 أودع الأستاذ/ عبد الحليم
رمضان المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا
تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 2941 لسنة 40 القضائية عليا فى
الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 2330 لسنة 41القضائية
بجلسة 16/4/1994 والقاضى منطوقه برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعى
المصروفات وطلب الطاعن- للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن
شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وقبول طلباته التى احتكم لمحكمة القضاء
الإدارى بدعواه ابتدائيا فيها وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ثم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى
الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام
الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/5/1998 وبجلسة
18/1/1999 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بالجلسات حتى قضت بجلسة
22/8/1999 وقبل الفصل فى شكل الطعن أو فى موضوعه بإحالته إلى مكتب خبراء
وزارة العدل ليندب بدوره أحد خبرائه المختصمين ليقوم بالمهمة المحددة فى
منطوق الحكم. وبعد إيداع تقرير الخبير تدول الطعن بالجلسات على النحو
المبين بمحاضرها حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة 20/1/2001 ثم أرجئ النطق به
إلى جلسة اليوم لا تمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت المسودة المشتملة
على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة- أخذا بما جاء بالأوراق والمستندات
المقدمة- تتحصل فى أن الطاعن أقام دعواه ابتداء أمام محكمة الأمور
المستعجلة بالقاهرة حيث قيدت لديها تحت رقم 3211 لسنة 85 مستعجل طلب فى
ختامها الحكم أولا: بإثبات حالة مسجد النور التابع للجمعية التى يرأسها
لبيان ما به من منقولات وحالتها وكذا حالة العقارات به. ثانيا: بطرد
العاملين التابعين للمدعى عليهم من موقع المسجد وتسليمه له مع إلزام المدعى
عليهم المصروفات بحكم مشمول بالنفاذ المعجل مع تنفيذه بموجب مسودته وبدون
إعلان. وقال شرحا لدعواه: أن الجمعية التى يرأسها يتبعها مصلى كبير يسمى
مسجد النور، وقد قام عمال المدعى عليهم باقتحام المسجد بحجة إتمام الأبنية
الملحقة به واستولوا على جميع المنقولات والمهمات التى تخص الجمعية مما يعد
انتهاكا للمادة (34) من الدستور، الأمر الذى دعاه إلى إقامة دعواه؛ للحكم
له بطلباته. وبجلسة 30/9/1985 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى
لرفعها على غير ذى صفة وبقبولها وبعدم اختصاصها بنظر الطلب الثانى من طلبات
المدعى وبندب خبير لمعاينة المنقولات المملوكة للجمعية المذكورة وذلك
بفناء المسجد وإثبات حالتها وكذلك حالة الأبنية، وقد استأنف المدعى هذا
الحكم فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطلب الثانى وذلك
بالاستئناف رقم 1262 لسنة 1985. وبجلسة 24/11/1986 أصدرت محكمة جنوب
القاهرة الابتدائية حكمها فى الاستئناف والقاضى بتعديل الحكم المستأنف فيما
قضى به بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب الثانى من طلبات المدعى إلى القضاء
بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء
الإدارى للاختصاص حيث قيدت برقم 2330 لسنة 41القضائية، أمام محكمة القضاء
الإدارى أثناء نظرها الشق المستعجل، وبجلسة 5/5/1987، قدم المدعى صورة من
صحيفة تعديل الطلبات والمتضمنة الحكم له بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار
الصادر بالاستيلاء ووضع اليد وغصب ممتلكات جمعية الهداية الإسلامية
والمعروفة بمسجد النور والمتضمن أبنية ومشروعات ومدارس ومشغلا ومستشفى
ومستوصف الجمعية والحكم تبعا لذلك بطرد المدعى عليهم وتابعيهم وعمالهم من
جميع اماكن الموقع والتحفظ فيه على جميع مشتملاته وتمكين المدعى من ممتلكات
الجمعية، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن شاملا كافة
آثاره مع إلزام المدعى عليهم أن يؤدوا للمدعى متضامنين مبلغ خمسين مليون
جنيه عوضا عن تعطيل الشعائر الدينية ومنافع مشروعات الجمعية والأضرار
الأدبية وجميع المصروفات. وبجلسة 19/1/1988 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى
لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهم الأول والثالث والرابع وبعدم
جواز نظر الطلب المستعجل من الدعوى لسابقة الفصل فيه وألزمت المدعى مصروفات
هذا الطلب. وبجلسة 18/12/1993- وبعد تحضير الدعوى وإعداد تقرير فيها من
قبل هيئة مفوضى الدولة- قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لضم الدعوى رقم
5264 لسنة 39 القضائية، ليحدد عناصر التعويض المطالب به. وبجلسة 16/4/1994
صدر الحكم المطعون فيه وقضى برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعى المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن مسجد النور بالعباسية
من المساجد الهلية وقد صدر قرار وزر الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 المطعون فيه
بضم ثلاثة وأربعين مسجدا وزاوية أهلية من بينها المسجد المذكور إلى وزارة
الأوقاف استنادا إلى أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 تحقيقا للمصلحة
العامة، ومن ثم يكون القرار قد صدر مشروعا قائما على سببه المبرر له فى
الواقع والقانون، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض طلب إلغائه، وعن طلب
التعويض فغن مناط المسئولية افدارية هو قيام خطأ من جانب الجهة الإدارية
وان يلحق صاحب الشان ضرر من جراء هذا الخطأ، وإذ ثبت مشروعية القرار
المطعون فيه فمن ثم يكون قد انتفى ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية
وبالتالى انتفت المسئولية الإدارية؛ المر الذى يتعين معه القضاء برفض طلب
التعويض.
وإذا لم يرتض الطاعن هذا الحكم فقد طعن عليه بالطعن الماثل الذى يبنى
على مخالفة الحكم المطعون فيه الدستور، إذ أن الجمعية التى يرأسها الطاعن
شخصية اعتبارية من وظائفها الاجتماعية نشر الدعوى الإسلامية وبناء المساجد
وإداراتها وهو ما يلتقى مع أحكام المادة (2) من الدستور التى نصت على أن
“دين الدولة الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع”.
كما يحق للجمعية امتلاك مساجدها الخاصة ومشروعاتها الملحقة بها المتمثلة فى
المدارس والمعاهد الخاصة بتدريس القرآن وأحكام الشريعة الإسلامية،
والمشاغل للتدريب على الحرف، والمستشفيات والعيادات، تحت مظلة حصانات
المادة (34) من الدستور التى تصون الملكية الخاصة، والمادة (35) التى تقضى
بعدم جواز التأميم، والمادة (36) التى تنص على عدم جواز المصادرة، ولا
يجوز أن تخل أحكام أى قانون بأحكام الدستور، وعليه فإن ضم وزارة الأوقاف
للمسجد والمشروعات الملحقة به قد أصاب الجمعية الطاعنة بأشد الأضرار واعتى
الخسائر المادية والأدبية التى توجب الحكم لها بالتعويض الجابر لهذه
الأضرار. وبجلسة 16/5/1999 أبدى الطاعن فى مواجهة الخصوم أنه يقصر طلباته
على طلب إلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار وذلك فيما تضمنه
من ضم ملحقات مسجد النور (عدا ساحة الصلاة ودورة المياه) مما لا تلزم
لإقامة الشعائر، وان ضم هذه الملحقات واستغلالها مع حرمان الجمعية صاحبة
الحق من عائد استغلالها (كذا المناسبات والمستشفى ودار الحضانة والمعهد
الدينى…) هو من قبيل الضرر المحقق الوقوع مما يجعل طلب التعويض فى محله
ويترك لهيئة المحكمة تقدير التعويض الجابر للضرر. وبجلسة 27/6/1999 حكمت
المحكمة تمهيديا، وقبل الفصل فى شكل الطعن أو فى موضوعه بإحالته إلى مكتب
خبراء وزارة العدل بالعباسية ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين للإطلاع على
أوراق الطعن والانتقال إلى موقع مسجد النور بنهاية شارع رمسيس قرب ميدان
العباسية بمحافظة القاهرة لبيان حدود ومساحة وحالة المسجد المذكور وقت
تسليم وزارة الأوقاف له عقب صدور قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضمه
إليها، وحدود ومساحة وحالة ساحة الصلاة ودورات المياه وكذا بيان ملحقات
المسجد المذكور كدار المناسبات والمستشفى ودار الحضانة والمعهد الدينى
ومشاغل التدريب على الحرف ودور تحفيظ القرآن وحدود ومساحة وحالة هذه
الملحقات وقت تسليم وزارة الأوقاف لها، وبيان ما إذا كانت مستكملة البناء
وتؤدى عملها وقت تسليم وزارة الأوقاف لها من عدمه وتحديد من قيام بالبناء
وتحمل بنفقاته وحالة المسجد وسائر الملحقات والأعيان المشار إليها ومن يقوم
بإدارتها، وصرحت للخبير فى سبيل أداء مأموريته الإطلاع على كافة الأوراق
والمستندات والبيانات التى يريد الإطلاع عليها وعلى الجهات المسئولة تيسير
أدانه لهذه المأمورية بتقديم الوراق والمستندات التى تساعده على أدائها.
وقد قدم الخبير تقريره الذى بين فيه حالة المسجد وحدوده ومساحته وقت تسليم
وزارة الأوقاف له عقب صدور قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضمه إلى
الوزارة كما يبين حدود ومساحة وحالة الصلاة (صحن المسجد) وكذلك دورات
المياه. ثم أوضح ملحقات المسجد وحدود ومساحة وحالة كل جناح كما يلى:
أ- الجناح الشرقى وهو بارتفاع أربعة طوابق ومساحته 518.50م ومحدد من
بحرى شارع لطفى السد ومن شرقى ميدان العباسية ومن قبلى شارع رمسيس ومن غربى
ساحة الصلاة وهو مصمم أصلا ليكون دار للحضانة ومركز تدريب إسلاميا وقاعة
مؤتمرات وترجمة فورية ودار ضيافة وصالة عقد قران وكانت مستكملة وقت تسليم
وزارة الأوقاف لها.
ب- الجناح الغربى وهو مكون من أربعة طوابق ومساحته 270م ومحدد من بحرى
فناء المسجد ثم شارع لطفى السيد ومن شرقى ساحة الصلاة أى صحن المسجد ومن
قبلى فناء المسجد ثم شارع رمسيس ومن غربى مبنى كلية الطب جامعة عين شمس
وكان مصمما أصلا ليكون الدور الأراضى منعزلا عن باقى الطوابق وملحقا بصحن
المسجد أى ساحة الصلاة بموجب سلم كبير ومستخدم دورات مياه لخدمة المصليين
وباقى الطوابق مدرسة تعليم بنات ومدرسة تعليم بنين تعليم أساسى، وكان
الجناح مستكمل البناء وقت تسليم وزارة الأوقاف له.
ج- الجناح البحرى وهو بارتفاع أربعة طوابق ومساحته 270م ومحدد بحرى شارع
لطفى السيد ومن شرقى ميدان العباسية ومن قبلى صحن المسجد ومن غربى فناء
المشروع ثم كلية الطب جامعة شمس وكان مستكمل البناء وقت تسليم وزارة
الأوقاف له وهو مصمم أصلا ليكون مكتبة عامة ومستشفى تخصصيا.
د- الدور الأرضى بقية المساحة صحن المسجد ومساحتها 1170م مصممه لتكون دار مناسبات ولها مدخل من الجناح البحرى.
وأوضح التقرير أن جميع هذه المخلفات لها مداخل مستقلة وسلم مستقل
والجناحان البحرى والشرقى مستقلان تماما عن ساحة الصلاة بمداخل وسلالم
خاصة، والدور الأرضى بالجناح الغربى يتبع صحن المسجد، وباقى الطوابق مستقلة
تماما عن المسجد بمدخل خاص وسلم خاص. ثم أوضح التقرير أن الجمعية التى
يمثلها المدعى هى التى قامت ببناء هذه الملحقات و50% من المسجد من أموالها
وان وزارة الأوقاف تحملت باقى أعمال صحن المسجد والوجهات والمآذن والمدخل
أى الملحق القبلى وانتهى التقرير إلى أن وزارة الأوقاف تقوم بإدارة هذه
المخالفات.
ومن حيث انه صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل
بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة
إجراءاتها ناصا فى المادة (1) منه على أن “يضاف إلى المادة (1) من القانون
رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه فقرة أخيرة نصها الآتى: “كما تتولى وزارة
الأوقاف إدارة المساجد سواء بوقفها إشهار أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه
المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون،
ويكون للوزارة الإشراف على إدارة هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها، وتتولى
أيضا الإشراف على دائرة الزوايا التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الأوقاف
وتوجيه القائمين عليها لتؤدى رسالتها الدينية على الوجه الصحيح” ومفاد ما
تقدم أن الدولة إدراكا منها لرسالتها فى دعم التوجيه الدينى فى البلاد
وتأكيدا لمسئولياتها فى التعليم والإرشاد. وما يتطلبه ذلك من وضع سياسة
عامة لجميع المساجد والزوايا فى المدن والقرى، تستهدف نقاء المادة الفقهية
العلمية وسلامة الوجهة التى يوجه إليها عمل الخطباء والمدرسين بما يحفظ
للتوجيه الدينى أثره، ويبقى للساجد الثقة فى رسالتها ويكفل حماية النشء من
كل تفكير دخيل، ارتأت أن تتولى- وزارة الأوقاف- دارة جميع المساجد سواء صدر
بوقفها إشهادا أو لم يصدر، وأيا كان تاريخ إنشاء هذه المساجد أو الجهة
التى أنشأتها فقد صحبت منوطة بوزارة الأوقاف وتدخل ضمن مسئولياتها
وواجباتها سواء فى ذلك ما كان قائما منها فى تاريخ العمل بالقانون رقم
157لسنة 1960 المشار إليه. أو ما يقام منها بعد ذلك، بحسبان أن المسجد متى
أقيم وأذن للناس بالصلاة فيه يخرج عن ملك البشر ويصبح فى حكم ملك الله
سبحانه وتعالى، ويقوم بالإشراف عليه الحاكم الشرعى للبلاد، وإذ كان مقتضى
تنفيذ وزارة الأوقاف للمهمة الملقاة على عاتقها بموجب القانون المشار إليه
أن تبادر الوزارة بتسليم جميع المساجد القائمة وكان تنفيذ هذه المهمة-
حسبما أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليه-
يقتضى توافر المال اللازم لذلك وأن جل هذه المساجد أن لم يكن كلها ليس له
موارد ينفق منها، وأن الصرف عليها سيكون مما يمنح لوزارة الأوقاف، ومن ثم
فقد راعى القانون النص على أن يتم تسليم المساجد خلال عشرة سنوات، وهذا
الميعاد هو ميعاد تنظيمى قصد به إفساح المجال حتى تتمكن الوزارة من توفير
المال اللازم الذى يتطلبه القانون، وعلى ذلك فلا تثريب على وزارة الأوقاف
فى القيام فى أى وقت بتسليم أى عدد من المساجد سواء ما كان منها قائما وقت
العمل بالقانون وما يقام منها بعد ذلك طبقا لما يتوافر لديها من اعتمادات
مالية لإداراتها حسبما يمليه عليها القانون.
ومن حيث أن إشراف وزارة الأوقاف على المساجد وإداراتها رهن بثبوت
المسجدية للمكان بحيث يكون مخصصا لأداء الصلاة، أو من الملحقات المرصودة
لخدمة أداء الشعائر الدينية، ويشترط فيه- على أرجح الأقوال فى مذهب أبى
حنيفة- خلوصة لله تعالى وانقطاع حق العبد عنه، وعلى ذلك فإنه تخرج عن هذا
المفهوم- وتنأى بالتالى عن إشراف وزارة الأوقاف- المبانى الملحقة بالمساجد
التى تقيمها الجمعيات الأهلية وتخصصا لأداء بعض الخدمات الاجتماعية والصحية
والتنفيذية.
ومن حيث انه لما كان ما تقدم وكان القرار الوزارى رقم 134 لسنة 1981 قد
صدر بضم مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف، ونصت المادة (3) منه على
أن تضع الوزارة يدها على ما يكون ملحقا بهذه المساجد من أعيان؛ فلا يصح
القرار فيما نص عليه فى هذا الشأن إلا أن يكون المفهوم والمقصود بالأعيان
الملحقة للمساجد والتى يشملها قرار الإشراف المقرر لولى الأمر، بأنها تلك
اللازمة لأداء الفرئض فتحلقها صفة المسجدية التى تستقطب كل ما يلزم لتحقيق
الغرض من إقامة المسجد فإذا كان وكان الثابت من تقرير الخبير المودع فى ملف
الطعن- والذى تطمئن إليه المحكمة وتأخذ بنتيجته- أن ملحقات مسجد النور
مستقلة عن المسجد، وقد إقامتها جمعية الهداية الإسلامية وخصصتها لما تقوم
عليه من أغراض اجتماعية فأنشأت بها دار حضانة، ومركز تدريب إسلاميا وقاعة
مؤتمرات، وترجمة فورية، ودار ضيافة، وصالة عقد قران، ومدرسة تعليم بنات
ومدرسة تعليم بنين، ومكتبه عامة ومستشفى تخصصيا وأد مناسبات الأمر الذى
ينحسر معه وصف المسجدية عن هذه الملحقات لكونها غير مخصصه لأداء الصلاة،
وليست لازمه لها، وقد تعلق حق الجمعية بها، فيكون فى ضمها إلى وزارة
الأوقاف- بغير سند من أحكام القانون- تغول على حق جمعية تستمد أصل وجودها
ونشأتها من نص المادة (55) من الدستور، وعدوان على الملكية الخاصة ومصادرة
لها بالمخالفة لحكم كل من المادة (34) من الدستور التى تنص على أن الملكية
الخاصة مصونه، والمادة (36) منه التى تحظر المصادرة العامة، ولا تجيز
المصادرة من ضم هذه الملحقات إلى وزارة الأوقاف موصوما بعدم المشروعية.
ومن حيث أنه عن طلب التعويض فقد استقرت هذه المحكمة على أن مناط مسئولية
الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها، بأن
يكون القرار الإدارى غير مشروع، ويلحق بصاحب الشأن ضررا، وأن تقوم علاقة
السببية بين الخطأ والضرر. ولما كان القرار المطعون فيه قد شابه- على نحو
ما تقدم- عيب انحدار به إلى درك عدم المشروعية، فإنه يحق للجمعية أن تعوض
عن الأضرار التى حاقت بها من جراء حرمانها من تحقيق الأغراض التى قامت من
أجلها، والتقى أعضاء الجمعية حولها يبتغون فى ضوء تلك الأغراض، فضلا من
الله ورضوانا، كما يكون للجمعية أن تعوض عن الأضرار التى أصابتها من جراء
عدم الانتفاع بملحقات المسجد طيلة عشرين عام، وحرمانه طوال هذه المدة من
حصيلة تعيد استخدامها فى أوجه البر والخير التى تسعى إليها.
ومن حيث أنه عن مقدار التعويض فإن المحكمة تقدره بمبلغ عشرين ألف جنيه
مراعية فى ذلك أن الجمعية الطاعنة من الجمعيات الأهلية التى تقدم خدماتها
غير مستهدفة الربح أو الكسب.
ومن حيث أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد غاير هذا النظر، وقضى برفض
الدعوى بشقيها، فإنه مستوجب الإلغاء، مع القضاء مجددا بإلغاء القرار
المطعون فيبه فيما تضمنه من ضم ملحقات مسجد النور بالعباسية إلى وزارة
الأوقاف وما يترتب على ذلك من آثار أخصها أن تعود هذه الملحقات إلى جمعية
الهداية الإسلامية التى إقامتها فتتولى شئونها وتقوم بإدارتها على النحو
الذى يحقق أهدافها المنصوص عليها فى نظامها الأساسى، مع إلزام جهة الإدارة
بأن تؤدى إلى الجمعية مبلغ عشرين ألف جنيه جبرا للأضرار التى أصابتها من
جراء القرار المطعون فيه.
ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع وبإلغاء الحكم المطعون فيه
والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من ضم ملحقات مسجد
النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف وما يترتب على ذلك من آثار على النحو
المبين بالأسباب مع إلزام جهة الإدارة بأداء مبلغ عشرين ألف جنيه إلى
الجمعية الطاعنة وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطعن.
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد أمين
المهدى.رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/
د. فاروق عبد البر واحمد عبد الفتاح حسن ومصطفى سعيد حنفى وأحمد عبد
الحميد عبود نواب رئيس مجلس الدولة.
* الإجراءات
فى يوم الاثنين الموافق 13 من يونية سنة 1994 أودع الأستاذ/ عبد الحليم
رمضان المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا
تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 2941 لسنة 40 القضائية عليا فى
الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 2330 لسنة 41القضائية
بجلسة 16/4/1994 والقاضى منطوقه برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعى
المصروفات وطلب الطاعن- للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن
شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وقبول طلباته التى احتكم لمحكمة القضاء
الإدارى بدعواه ابتدائيا فيها وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ثم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى
الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام
الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/5/1998 وبجلسة
18/1/1999 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بالجلسات حتى قضت بجلسة
22/8/1999 وقبل الفصل فى شكل الطعن أو فى موضوعه بإحالته إلى مكتب خبراء
وزارة العدل ليندب بدوره أحد خبرائه المختصمين ليقوم بالمهمة المحددة فى
منطوق الحكم. وبعد إيداع تقرير الخبير تدول الطعن بالجلسات على النحو
المبين بمحاضرها حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة 20/1/2001 ثم أرجئ النطق به
إلى جلسة اليوم لا تمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت المسودة المشتملة
على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة- أخذا بما جاء بالأوراق والمستندات
المقدمة- تتحصل فى أن الطاعن أقام دعواه ابتداء أمام محكمة الأمور
المستعجلة بالقاهرة حيث قيدت لديها تحت رقم 3211 لسنة 85 مستعجل طلب فى
ختامها الحكم أولا: بإثبات حالة مسجد النور التابع للجمعية التى يرأسها
لبيان ما به من منقولات وحالتها وكذا حالة العقارات به. ثانيا: بطرد
العاملين التابعين للمدعى عليهم من موقع المسجد وتسليمه له مع إلزام المدعى
عليهم المصروفات بحكم مشمول بالنفاذ المعجل مع تنفيذه بموجب مسودته وبدون
إعلان. وقال شرحا لدعواه: أن الجمعية التى يرأسها يتبعها مصلى كبير يسمى
مسجد النور، وقد قام عمال المدعى عليهم باقتحام المسجد بحجة إتمام الأبنية
الملحقة به واستولوا على جميع المنقولات والمهمات التى تخص الجمعية مما يعد
انتهاكا للمادة (34) من الدستور، الأمر الذى دعاه إلى إقامة دعواه؛ للحكم
له بطلباته. وبجلسة 30/9/1985 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى
لرفعها على غير ذى صفة وبقبولها وبعدم اختصاصها بنظر الطلب الثانى من طلبات
المدعى وبندب خبير لمعاينة المنقولات المملوكة للجمعية المذكورة وذلك
بفناء المسجد وإثبات حالتها وكذلك حالة الأبنية، وقد استأنف المدعى هذا
الحكم فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطلب الثانى وذلك
بالاستئناف رقم 1262 لسنة 1985. وبجلسة 24/11/1986 أصدرت محكمة جنوب
القاهرة الابتدائية حكمها فى الاستئناف والقاضى بتعديل الحكم المستأنف فيما
قضى به بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب الثانى من طلبات المدعى إلى القضاء
بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء
الإدارى للاختصاص حيث قيدت برقم 2330 لسنة 41القضائية، أمام محكمة القضاء
الإدارى أثناء نظرها الشق المستعجل، وبجلسة 5/5/1987، قدم المدعى صورة من
صحيفة تعديل الطلبات والمتضمنة الحكم له بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار
الصادر بالاستيلاء ووضع اليد وغصب ممتلكات جمعية الهداية الإسلامية
والمعروفة بمسجد النور والمتضمن أبنية ومشروعات ومدارس ومشغلا ومستشفى
ومستوصف الجمعية والحكم تبعا لذلك بطرد المدعى عليهم وتابعيهم وعمالهم من
جميع اماكن الموقع والتحفظ فيه على جميع مشتملاته وتمكين المدعى من ممتلكات
الجمعية، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن شاملا كافة
آثاره مع إلزام المدعى عليهم أن يؤدوا للمدعى متضامنين مبلغ خمسين مليون
جنيه عوضا عن تعطيل الشعائر الدينية ومنافع مشروعات الجمعية والأضرار
الأدبية وجميع المصروفات. وبجلسة 19/1/1988 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى
لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهم الأول والثالث والرابع وبعدم
جواز نظر الطلب المستعجل من الدعوى لسابقة الفصل فيه وألزمت المدعى مصروفات
هذا الطلب. وبجلسة 18/12/1993- وبعد تحضير الدعوى وإعداد تقرير فيها من
قبل هيئة مفوضى الدولة- قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لضم الدعوى رقم
5264 لسنة 39 القضائية، ليحدد عناصر التعويض المطالب به. وبجلسة 16/4/1994
صدر الحكم المطعون فيه وقضى برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعى المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن مسجد النور بالعباسية
من المساجد الهلية وقد صدر قرار وزر الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 المطعون فيه
بضم ثلاثة وأربعين مسجدا وزاوية أهلية من بينها المسجد المذكور إلى وزارة
الأوقاف استنادا إلى أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 تحقيقا للمصلحة
العامة، ومن ثم يكون القرار قد صدر مشروعا قائما على سببه المبرر له فى
الواقع والقانون، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض طلب إلغائه، وعن طلب
التعويض فغن مناط المسئولية افدارية هو قيام خطأ من جانب الجهة الإدارية
وان يلحق صاحب الشان ضرر من جراء هذا الخطأ، وإذ ثبت مشروعية القرار
المطعون فيه فمن ثم يكون قد انتفى ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية
وبالتالى انتفت المسئولية الإدارية؛ المر الذى يتعين معه القضاء برفض طلب
التعويض.
وإذا لم يرتض الطاعن هذا الحكم فقد طعن عليه بالطعن الماثل الذى يبنى
على مخالفة الحكم المطعون فيه الدستور، إذ أن الجمعية التى يرأسها الطاعن
شخصية اعتبارية من وظائفها الاجتماعية نشر الدعوى الإسلامية وبناء المساجد
وإداراتها وهو ما يلتقى مع أحكام المادة (2) من الدستور التى نصت على أن
“دين الدولة الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع”.
كما يحق للجمعية امتلاك مساجدها الخاصة ومشروعاتها الملحقة بها المتمثلة فى
المدارس والمعاهد الخاصة بتدريس القرآن وأحكام الشريعة الإسلامية،
والمشاغل للتدريب على الحرف، والمستشفيات والعيادات، تحت مظلة حصانات
المادة (34) من الدستور التى تصون الملكية الخاصة، والمادة (35) التى تقضى
بعدم جواز التأميم، والمادة (36) التى تنص على عدم جواز المصادرة، ولا
يجوز أن تخل أحكام أى قانون بأحكام الدستور، وعليه فإن ضم وزارة الأوقاف
للمسجد والمشروعات الملحقة به قد أصاب الجمعية الطاعنة بأشد الأضرار واعتى
الخسائر المادية والأدبية التى توجب الحكم لها بالتعويض الجابر لهذه
الأضرار. وبجلسة 16/5/1999 أبدى الطاعن فى مواجهة الخصوم أنه يقصر طلباته
على طلب إلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار وذلك فيما تضمنه
من ضم ملحقات مسجد النور (عدا ساحة الصلاة ودورة المياه) مما لا تلزم
لإقامة الشعائر، وان ضم هذه الملحقات واستغلالها مع حرمان الجمعية صاحبة
الحق من عائد استغلالها (كذا المناسبات والمستشفى ودار الحضانة والمعهد
الدينى…) هو من قبيل الضرر المحقق الوقوع مما يجعل طلب التعويض فى محله
ويترك لهيئة المحكمة تقدير التعويض الجابر للضرر. وبجلسة 27/6/1999 حكمت
المحكمة تمهيديا، وقبل الفصل فى شكل الطعن أو فى موضوعه بإحالته إلى مكتب
خبراء وزارة العدل بالعباسية ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين للإطلاع على
أوراق الطعن والانتقال إلى موقع مسجد النور بنهاية شارع رمسيس قرب ميدان
العباسية بمحافظة القاهرة لبيان حدود ومساحة وحالة المسجد المذكور وقت
تسليم وزارة الأوقاف له عقب صدور قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضمه
إليها، وحدود ومساحة وحالة ساحة الصلاة ودورات المياه وكذا بيان ملحقات
المسجد المذكور كدار المناسبات والمستشفى ودار الحضانة والمعهد الدينى
ومشاغل التدريب على الحرف ودور تحفيظ القرآن وحدود ومساحة وحالة هذه
الملحقات وقت تسليم وزارة الأوقاف لها، وبيان ما إذا كانت مستكملة البناء
وتؤدى عملها وقت تسليم وزارة الأوقاف لها من عدمه وتحديد من قيام بالبناء
وتحمل بنفقاته وحالة المسجد وسائر الملحقات والأعيان المشار إليها ومن يقوم
بإدارتها، وصرحت للخبير فى سبيل أداء مأموريته الإطلاع على كافة الأوراق
والمستندات والبيانات التى يريد الإطلاع عليها وعلى الجهات المسئولة تيسير
أدانه لهذه المأمورية بتقديم الوراق والمستندات التى تساعده على أدائها.
وقد قدم الخبير تقريره الذى بين فيه حالة المسجد وحدوده ومساحته وقت تسليم
وزارة الأوقاف له عقب صدور قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضمه إلى
الوزارة كما يبين حدود ومساحة وحالة الصلاة (صحن المسجد) وكذلك دورات
المياه. ثم أوضح ملحقات المسجد وحدود ومساحة وحالة كل جناح كما يلى:
أ- الجناح الشرقى وهو بارتفاع أربعة طوابق ومساحته 518.50م ومحدد من
بحرى شارع لطفى السد ومن شرقى ميدان العباسية ومن قبلى شارع رمسيس ومن غربى
ساحة الصلاة وهو مصمم أصلا ليكون دار للحضانة ومركز تدريب إسلاميا وقاعة
مؤتمرات وترجمة فورية ودار ضيافة وصالة عقد قران وكانت مستكملة وقت تسليم
وزارة الأوقاف لها.
ب- الجناح الغربى وهو مكون من أربعة طوابق ومساحته 270م ومحدد من بحرى
فناء المسجد ثم شارع لطفى السيد ومن شرقى ساحة الصلاة أى صحن المسجد ومن
قبلى فناء المسجد ثم شارع رمسيس ومن غربى مبنى كلية الطب جامعة عين شمس
وكان مصمما أصلا ليكون الدور الأراضى منعزلا عن باقى الطوابق وملحقا بصحن
المسجد أى ساحة الصلاة بموجب سلم كبير ومستخدم دورات مياه لخدمة المصليين
وباقى الطوابق مدرسة تعليم بنات ومدرسة تعليم بنين تعليم أساسى، وكان
الجناح مستكمل البناء وقت تسليم وزارة الأوقاف له.
ج- الجناح البحرى وهو بارتفاع أربعة طوابق ومساحته 270م ومحدد بحرى شارع
لطفى السيد ومن شرقى ميدان العباسية ومن قبلى صحن المسجد ومن غربى فناء
المشروع ثم كلية الطب جامعة شمس وكان مستكمل البناء وقت تسليم وزارة
الأوقاف له وهو مصمم أصلا ليكون مكتبة عامة ومستشفى تخصصيا.
د- الدور الأرضى بقية المساحة صحن المسجد ومساحتها 1170م مصممه لتكون دار مناسبات ولها مدخل من الجناح البحرى.
وأوضح التقرير أن جميع هذه المخلفات لها مداخل مستقلة وسلم مستقل
والجناحان البحرى والشرقى مستقلان تماما عن ساحة الصلاة بمداخل وسلالم
خاصة، والدور الأرضى بالجناح الغربى يتبع صحن المسجد، وباقى الطوابق مستقلة
تماما عن المسجد بمدخل خاص وسلم خاص. ثم أوضح التقرير أن الجمعية التى
يمثلها المدعى هى التى قامت ببناء هذه الملحقات و50% من المسجد من أموالها
وان وزارة الأوقاف تحملت باقى أعمال صحن المسجد والوجهات والمآذن والمدخل
أى الملحق القبلى وانتهى التقرير إلى أن وزارة الأوقاف تقوم بإدارة هذه
المخالفات.
ومن حيث انه صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل
بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة
إجراءاتها ناصا فى المادة (1) منه على أن “يضاف إلى المادة (1) من القانون
رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه فقرة أخيرة نصها الآتى: “كما تتولى وزارة
الأوقاف إدارة المساجد سواء بوقفها إشهار أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه
المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون،
ويكون للوزارة الإشراف على إدارة هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها، وتتولى
أيضا الإشراف على دائرة الزوايا التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الأوقاف
وتوجيه القائمين عليها لتؤدى رسالتها الدينية على الوجه الصحيح” ومفاد ما
تقدم أن الدولة إدراكا منها لرسالتها فى دعم التوجيه الدينى فى البلاد
وتأكيدا لمسئولياتها فى التعليم والإرشاد. وما يتطلبه ذلك من وضع سياسة
عامة لجميع المساجد والزوايا فى المدن والقرى، تستهدف نقاء المادة الفقهية
العلمية وسلامة الوجهة التى يوجه إليها عمل الخطباء والمدرسين بما يحفظ
للتوجيه الدينى أثره، ويبقى للساجد الثقة فى رسالتها ويكفل حماية النشء من
كل تفكير دخيل، ارتأت أن تتولى- وزارة الأوقاف- دارة جميع المساجد سواء صدر
بوقفها إشهادا أو لم يصدر، وأيا كان تاريخ إنشاء هذه المساجد أو الجهة
التى أنشأتها فقد صحبت منوطة بوزارة الأوقاف وتدخل ضمن مسئولياتها
وواجباتها سواء فى ذلك ما كان قائما منها فى تاريخ العمل بالقانون رقم
157لسنة 1960 المشار إليه. أو ما يقام منها بعد ذلك، بحسبان أن المسجد متى
أقيم وأذن للناس بالصلاة فيه يخرج عن ملك البشر ويصبح فى حكم ملك الله
سبحانه وتعالى، ويقوم بالإشراف عليه الحاكم الشرعى للبلاد، وإذ كان مقتضى
تنفيذ وزارة الأوقاف للمهمة الملقاة على عاتقها بموجب القانون المشار إليه
أن تبادر الوزارة بتسليم جميع المساجد القائمة وكان تنفيذ هذه المهمة-
حسبما أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليه-
يقتضى توافر المال اللازم لذلك وأن جل هذه المساجد أن لم يكن كلها ليس له
موارد ينفق منها، وأن الصرف عليها سيكون مما يمنح لوزارة الأوقاف، ومن ثم
فقد راعى القانون النص على أن يتم تسليم المساجد خلال عشرة سنوات، وهذا
الميعاد هو ميعاد تنظيمى قصد به إفساح المجال حتى تتمكن الوزارة من توفير
المال اللازم الذى يتطلبه القانون، وعلى ذلك فلا تثريب على وزارة الأوقاف
فى القيام فى أى وقت بتسليم أى عدد من المساجد سواء ما كان منها قائما وقت
العمل بالقانون وما يقام منها بعد ذلك طبقا لما يتوافر لديها من اعتمادات
مالية لإداراتها حسبما يمليه عليها القانون.
ومن حيث أن إشراف وزارة الأوقاف على المساجد وإداراتها رهن بثبوت
المسجدية للمكان بحيث يكون مخصصا لأداء الصلاة، أو من الملحقات المرصودة
لخدمة أداء الشعائر الدينية، ويشترط فيه- على أرجح الأقوال فى مذهب أبى
حنيفة- خلوصة لله تعالى وانقطاع حق العبد عنه، وعلى ذلك فإنه تخرج عن هذا
المفهوم- وتنأى بالتالى عن إشراف وزارة الأوقاف- المبانى الملحقة بالمساجد
التى تقيمها الجمعيات الأهلية وتخصصا لأداء بعض الخدمات الاجتماعية والصحية
والتنفيذية.
ومن حيث انه لما كان ما تقدم وكان القرار الوزارى رقم 134 لسنة 1981 قد
صدر بضم مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف، ونصت المادة (3) منه على
أن تضع الوزارة يدها على ما يكون ملحقا بهذه المساجد من أعيان؛ فلا يصح
القرار فيما نص عليه فى هذا الشأن إلا أن يكون المفهوم والمقصود بالأعيان
الملحقة للمساجد والتى يشملها قرار الإشراف المقرر لولى الأمر، بأنها تلك
اللازمة لأداء الفرئض فتحلقها صفة المسجدية التى تستقطب كل ما يلزم لتحقيق
الغرض من إقامة المسجد فإذا كان وكان الثابت من تقرير الخبير المودع فى ملف
الطعن- والذى تطمئن إليه المحكمة وتأخذ بنتيجته- أن ملحقات مسجد النور
مستقلة عن المسجد، وقد إقامتها جمعية الهداية الإسلامية وخصصتها لما تقوم
عليه من أغراض اجتماعية فأنشأت بها دار حضانة، ومركز تدريب إسلاميا وقاعة
مؤتمرات، وترجمة فورية، ودار ضيافة، وصالة عقد قران، ومدرسة تعليم بنات
ومدرسة تعليم بنين، ومكتبه عامة ومستشفى تخصصيا وأد مناسبات الأمر الذى
ينحسر معه وصف المسجدية عن هذه الملحقات لكونها غير مخصصه لأداء الصلاة،
وليست لازمه لها، وقد تعلق حق الجمعية بها، فيكون فى ضمها إلى وزارة
الأوقاف- بغير سند من أحكام القانون- تغول على حق جمعية تستمد أصل وجودها
ونشأتها من نص المادة (55) من الدستور، وعدوان على الملكية الخاصة ومصادرة
لها بالمخالفة لحكم كل من المادة (34) من الدستور التى تنص على أن الملكية
الخاصة مصونه، والمادة (36) منه التى تحظر المصادرة العامة، ولا تجيز
المصادرة من ضم هذه الملحقات إلى وزارة الأوقاف موصوما بعدم المشروعية.
ومن حيث أنه عن طلب التعويض فقد استقرت هذه المحكمة على أن مناط مسئولية
الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها، بأن
يكون القرار الإدارى غير مشروع، ويلحق بصاحب الشأن ضررا، وأن تقوم علاقة
السببية بين الخطأ والضرر. ولما كان القرار المطعون فيه قد شابه- على نحو
ما تقدم- عيب انحدار به إلى درك عدم المشروعية، فإنه يحق للجمعية أن تعوض
عن الأضرار التى حاقت بها من جراء حرمانها من تحقيق الأغراض التى قامت من
أجلها، والتقى أعضاء الجمعية حولها يبتغون فى ضوء تلك الأغراض، فضلا من
الله ورضوانا، كما يكون للجمعية أن تعوض عن الأضرار التى أصابتها من جراء
عدم الانتفاع بملحقات المسجد طيلة عشرين عام، وحرمانه طوال هذه المدة من
حصيلة تعيد استخدامها فى أوجه البر والخير التى تسعى إليها.
ومن حيث أنه عن مقدار التعويض فإن المحكمة تقدره بمبلغ عشرين ألف جنيه
مراعية فى ذلك أن الجمعية الطاعنة من الجمعيات الأهلية التى تقدم خدماتها
غير مستهدفة الربح أو الكسب.
ومن حيث أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد غاير هذا النظر، وقضى برفض
الدعوى بشقيها، فإنه مستوجب الإلغاء، مع القضاء مجددا بإلغاء القرار
المطعون فيبه فيما تضمنه من ضم ملحقات مسجد النور بالعباسية إلى وزارة
الأوقاف وما يترتب على ذلك من آثار أخصها أن تعود هذه الملحقات إلى جمعية
الهداية الإسلامية التى إقامتها فتتولى شئونها وتقوم بإدارتها على النحو
الذى يحقق أهدافها المنصوص عليها فى نظامها الأساسى، مع إلزام جهة الإدارة
بأن تؤدى إلى الجمعية مبلغ عشرين ألف جنيه جبرا للأضرار التى أصابتها من
جراء القرار المطعون فيه.
ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع وبإلغاء الحكم المطعون فيه
والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من ضم ملحقات مسجد
النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف وما يترتب على ذلك من آثار على النحو
المبين بالأسباب مع إلزام جهة الإدارة بأداء مبلغ عشرين ألف جنيه إلى
الجمعية الطاعنة وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطعن.