السيد الأستاذ المستشار/ نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم القضاء الإدارى
تحية طيبة وبعد,,,
مقدمه لسيادتكم الأستاذ الدكتور/ جابر جاد نصار – المحامى بالنقض والإدارية العليا عن نفسه وبصفته وكيلا عن كل من 1- الدكتور/ عبد الجليل مصطفى البسيونى 2- الدكتور/ محمود محمد كبيش 3- الأستاذ/ محمد حمدى عمر محمد قنديل 4- الدكتور/ أسامة الغزالى حرب 5- الأستاذة/ سكينة جمال فؤاد 6- الأستاذ/ عصام الاسلامبولى 7- الدكتور/ جمال على زهران 8- الأستاذ/ جلال عارف9- الأستاذ/ احمد سليمان طه النقر 10- الدكتور/ كمال الهلباوى 11- الدكتور/ مصطفى كامل السيد 12- الدكتور/ محمد نور فرحات 13- الدكتور/ يحيى عبدالعزيز الجمل 14- الاستاذة / منى صلاح الدين ذو الفقار 15- الدكتور / نبيل صمويل ابادير مسعد 16 – الأستاذ/ محمد سمير محمد صفوت عليش، ومحلهم المختار مكتب الدكتور/ جابر جاد نصار المحامى بالنقض والإدارية العليا والكائن بـ 32 ب شارع مراد الجيزة
ضد
1) السيد / رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته
2) السيد / رئيس مجلس الشعب بصفته رئيس هيئة المجمع الانتخابى لانتخابات لجنة المائة .
3) السيد / رئيس مجلس الشورى بصفته
الموضــوع..
بتاريخ 17 - 3- 2012 اجتمع الأعضاء المنتخبون من مجلسى الشعب والشورى وذلك لتحديد معايير اختيار الجمعية التأسيسية وخلص الاجتماع فيما خلص إليه بعد التصويت من جانب الحاضرين على عدة معايير لاختيار اللجنة التأسيسية (لجنة المائة) على أن يكون نصفهم من داخل البرلمان ونصفهم من خارج البرلمان.
وهو القرار المخالف للمادة 60 من الإعلان الدستورى وللأعراف الدستورية فى صناعة الدساتير بل لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى هذا الصدد، وهو القرار الذى يطعن عليه المدعون أمام عدالة المحكمة طالبين وقف تنفيذه وإلغاءه وذلك للأسباب الآتية:-
أولاً : القرار المطعون فيه قرار إدارى يختص به قضاء مجلس الدولة.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه قرار إدارى نهائى صادر عن الجمعية المشكلة من الأعضاء المنتخبين من مجلسى الشعب والشورى لانتخاب لجنة المائة .
ومن ثم فإنه بحسب المعيار الشكلى لا يعتبر صادراً عن البرلمان ويعد من الأعمال البرلمانية التى لا يجوز الطعن فيها أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى وذلك أن الأعمال البرلمانية هى التى يصدرها البرلمان سواء تمثلت فى قانون أو أى عمل برلمانى آخر. فالهيئة المشكلة من الأعضاء المنتخبين لا تعتبر برلماناً حتى يكون عملها بمنأى عن الرقابة القضائية وفقاً لما أستقر عليه قضاء مجلس الدولة حيث ذهبت محكمة القضاء الإدارى فى بواكير أحكامها إلى أن :-
" وترى المحكمة الأخذ بالمعيار الذى يأخذ بالمعيار الشكلى ومقتضى ذلك ولازمه أن يكون لقانون ربط الميزانية حصانات القوانين العادية".
( محكمة القضاء الإدارى فى 27/4/1953 فى الدعوى رقم 371 – س6 – المجموعة س7 ص 1000)
ذلك أن اعتبار العمل أو القرار عملاً برلمانياً ينأى به عن رقابة القضاء الإدارى هو أن يكون صادراً عن البرلمان أو إحدى اللجان المشكلة وفقاً للائحة الخاصة به.
ولا ريب فى أن التكليف الوادر فى المادة 60 من الإعلان الدستورى لا يعتبر تكليفاً للبرلمان فى ذاته وإنما تشكيل هيئة ناخبين – فى انتخاب غير مباشر وعلى دورين ومن ثم فإن قرارات هذه الهيئة تكون قرارات إدارية يجوز الطعن فيها بالإلغاء ووقف التنفيذ إن هى جاوزت حدود القانون والمشروعية.
نص الإعلان الدستورى فى مادته رقم (60) على أنه:-
" يجتمع الأعضاء المنتخبون من مجلسى الشعب والشورى وذلك لانتخاب لجنة المائة ولم يتحدث النص عن برلمان ولا يمكن أن يكون اجتماع هؤلاء الأعضاء امتدادا للبرلمان فى تشكيله أو فى ممارسة اختصاصه وإنما هو تشكيل لهيئة ناخبين تقوم بانتخاب لجنة لوضع الدستور الجديد، ومن ثم فإن ما يصدر عنها يعتبر قرارات إدارية تخضع للرقابة القضائية ولا تنفلت منها ذلك أنها ليست من أعمال البرلمان فى ذاته أو من أعمال لجانه".
وترتيباً على ما سبق فإن المدعيين يحق لهم طلب إلغاء ووقف تنفيذ هذا القرار وتختص بنظر مشروعيته محاكم مجلس الدولة
ثانياً : مخالفة القرار المطعون فيه للإعلان الدستوري.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه يخالف نصوص الإعلان الدستورى بصورة فجة وواضحة وذلك من وجوه عدة كما يلي:-
الوجه الأول: مخالفة القرار الطعين لمبدأ المساواة.
ومن حيث أن المادة 7 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 تنص على أن :
" المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة".
وكذلك نصت المادة 60 من ذات الإعلان على أن
" يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلس شعب وشورى فى اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو......".
والشاهد وفقاً لهذا النص أن المجتمعين – والذين يمثلون – الهيئة الناخبة وكل من خول لهم انتخاب لجنة المائة، ولكنهم قاموا بتقسيم هذه المائة قسمة ضيزى وغير عادلة حيث استأثروا بنصف المائة أى خمسين عضواً من داخل البرلمان وتركوا للشعب كله خمسين عضواً وهو ما يخل بمبدأ المساواة وتكافؤا الفرص. وهو الأمر الذى يخالف نص المادة 7 من الإعلان الدستورى وقد أستقر قضاء المحكمة الدستورية على أن:- " لا يجوز أن تؤدى القواعد التى يضعها المشرع تنظيما للحقوق العامة ومنها الحقوق السياسية الى مصادرتها أو الانتقاص منها ويشترط ألا تخل القيود التى يفرضها فى مجال هذا التنظيم بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة اللذين تضمنهما الدستور بما نص عليه فى المادة 8 من أن " تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين وفى المادة 40 من أن " المواطنون لدى القانون سواء وهو متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة "
ثالثاً : مخالفة الثابت فى قضاء المحكمة الدستورية العليا من خلو الدستور وسموه وتأسيسه لسلطات الحكم فى الدولة بما يعنى أن سلطة منها لا يجوز لها أن تنشئه.
ومن حيث أن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد أستقر على ما يلي:-
" إن سيادة الدستور – بمعنى تصدره القواعد القانونية جميعاً – ليس مناطها عناصر مادية قوامها مضمون الأحكام التى أحتواها، والتى تنظم بوجه خاص تبادل السلطة وتوزيعها والرقابة عليها، بما فى ذلك العلائق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكيفية مباشرتهما لوظائفهما، ونطاق الحقوق التى يمارسها المواطنون، وكذلك الحريات التى يتمتعون بها، ذلك أن الدستور –محدداً بالمعنى السابق على ضوء القواعد التى انتظمها – هو الدستور منظوراً اليه من زاوية مادية بحته La Constitution au sensmateriel وهى زاوية لا شأن لها بعلو القواعد الدستورية وإخضاع غيرها من القواعد القانونية لمقتضاه، وإنما تكون للدستور السيادة ن حين تهيمن قواعده على التنظيم القانونى فى الدولة لتحتل ذراه، ولا يكون ذلك إلا إذا نظرنا إليه من زاوية شكلية LaConstitution au sens formal لا تتقيد بمضمون القواعد التى فصلها، وإنما يكون الاعتبار الأول فيها عائداً أولاً إلى تدوينها، وثانياً إلى صدورها عن الجهة التى أنعقد لها زمام تأسيسهاL"ORGANE Constituant والتى تعلو بحكم موقعها من السلطتين التشريعية والتنفيذية –عليهما معاً، إذ هما من خلقها وينبثقان بالتالى عنها، ويلتزمان دوماً بالقيود التى فرضتها، وبمراعاة أن القواعد التى صاغتها هذه الجهة – وأفرغتها فى الوثيقة الدستورية – لا يجوز تعديلها أو إلغاؤها إلا وفق الأشكال والأنماط الإجرائية التى حددتها، بشرط أن تكون فى مجموعها أكثر تعقيداً من تلك التى تنزل عليها السلطة التشريعية إذا عن لها تعديل أو إلغاء القوانين التى أقرتها .
ودون ذلك تفقد الوثيقة الدستورية أولوياتها التى تمنحها على الإطلاق الموقع الأسمى Primaute Absolue والتى لا تنفصم الشرعية الدستورية عنها فى مختلف تطبيقاتها، باعتبار أن التدرج فى القواعد القانونية يعكس لزوماً ترتيباً تصاعديا فيما بين الهيئات التى أقرتها أو أصدارتها".
( حكم المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 13 لسنة 15 ق – جلسة 17/12/1994 – مجموعة أحكام المحكمة – الجزء السادس صـ 408)
وعلى ذلك فإن إقحام الأعضاء المنتخبين على تشكيل لجنة المائة بهذه الصورة والكثافة غير المعهودة فى صناعة الدساتير إنما يخالف المنطق القانونى وأحكام المحكمة الدستورية العليا فيكون جديراً بوقف تنفيذه وإلغائه.
رابعاً : مخالفة القرار المطعون فيه للمعنى الصحيح والتفسير السليم للمادة 60 من الإعلان الدستورى :-
حيث تنص المادة 60 على أن " يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى فى اجتماع مشترك، بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو، تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد فى موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض المشروع، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده، على الشعب لاستفتائه فى شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء".
وباستقراء متأن لهذا النص فإن مفاده ان الإعلان الدستورى إذ أستبق خطوة وضع الدستور بتشكيل البرلمان بغرفتيه أولاً: فإنه استهدف خلق مجمع انتخابى من ممثلى الشعب لتلقى ترشيحات أعضاء الجمعية التأسيسية ثم قيامهم هم بتبويب هذه الترشيحات وتعليق المعايير الموضوعية لانتخاب المائة عضو من الذين تطرح اسماؤهم ليتم الانتقاء منهم انتقاءا يعبر عن الكفاءة فى كل متنوعات المجتمع ليضمن الانتخاب الذى يجريه البرلمان من بين المرشحين تمثيلاً معبراً عن متنوعات المجتمع من عمال وفلاحين ومثقفين وعلماء . صناعاً ومهنيين. فنانين وأدباء وشعراء وقانونيين، مسلمين ومسيحيين، رجالاً ونساءاً . ويراعى فيها التمثيل الجغرافى بطول نيل مصر وعرض صحرواتها، وكذلك الأطياف السياسية
ومفاد عبارة النص " يجتمع ..... خلال ستة أشهر من انتخابهم جمعية تأسيسية ..............ألخ" يفيد المغايرة، أى مغايرة المنتخب عن الذى ينتخب، مغايرة من يختار عمن يتم اختياره ومن يحكم عمن يحكم عليه .. فهدف النص من إسناد مهمة انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية بواسطة المجمع الانتخابى أنه ينوب عن الشعب فى تنقية وتبويب المرشحين لديه وإعمال معايير موضوعية فى الانتقاء استغناء عن أسلوب اختيار جمعية تأسيسية تعرض على الشعب فى استفتاء لطمأنينة المشرع الدستورى وبإسناد هذه المهمة لبرلمان منتخب من الشعب ليس ممثلاً بداهة فى هذه اللجنة فيضمن التجرد والحيادية، وهو أمر لا شأن له بأغلبية ولا بأقلية . فالبرلمان وفق تصور النص أياً كانت مكوناته هو ممثل عن الشعب لمجمع انتخابى للمرشحين لعضوية الجمعية التأسيسية متى كان البديهى ألا يمثل فيه بما يضمن الحيادية والتجرد.
ويضاف إلى كل ما سلف أن كلمة انتخاب التى نصت عليها المادة 60 من الإعلان الدستورى – طبقاً لما جاء فى صفحة 908 من الجزء الثانى من المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية تعنى الاختيار والانتقاء وانتخبه أى اختاره بإعطائه صوته فى الانتخاب، وبهذا يتبين أن الفعل انتخب متعد لغير ذات الفاعل كما أنه لم يرد انتخب فلان نفسه، وهو ما يؤكد صواب ما تذهبنا إليه من ضرورة انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية منخ غير أعضاء البرلمان بمجلسيه.
وهو ما يكون معه القرار المطعون فيه قد جاء مخالفاً لنص المادة 60 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011.
خامساً: اعتبارات الملاءمة تقضى بضرورة عدم دخول أعضاء البرلمان فى عضوية اللجنة وذلك من وجهين.
الوجه الأول:
ومن حيث أن هذا البرلمان سواء مجلس الشعب أو مجلس الشورى مطعون فى شرعية انتخابه بشبهات جدية ومحالة إلى المحكمة الدستورية العليا بأحكام محكمة القضاء الإدارى وكذلك أحكام الإدارية العليا.
وحيث ذهبت المحكمة الإدارية العليا فى حكمها بتاريخ 20/2/ 2012 الى ما يلى بعد أن استعرضت النصوص القانونية التى تم انتخاب مجلس الشعب والشورى والتى قررت " وحيث إنه وإذ تراءى للمحكمة عدم توافر الشرعية الدستورية للنصوص الآنف ذكرها وعلى نحو ما سلف بيانه، وكانت هذه النصوص لازمة بل هى مرجع الفصل فى النزاع الماثل، وكانت المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن " تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالى : (أ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى أثناء نظر احدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع، اوقفت الدعوى واحالت الاوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية فإن المحكمة توقف نظر الطعن وتحيل الأوراق الى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى توافر الشرعية الدستورية للمواد الثالثة فقرة أولى والسادسة فقرة أولى والتاسعة مكرر (أ) من قانون مجلس الشعب فيما تضمنته أولى هذه المواد من عدم قصر التمثيل بمجلس الشعب بنظام الانتخاب الفردى على المرشحين المستقلين وما تضمنته ثانيها من عدم تقييد اطلاق مصطلح طالبى الترشيح ليقتصر على طالبى الترشيح من المستقلين وما تضمنته ثالثها من النص على إثبات الحزب الذى ينتمى إليه المرشح بالكشف النهائى بأسماء المرشحين بالنظام الفردى .
وحيث إن هذا الحكم غير مسند للخصومة، فمن ثم تعين إبقاء الفصل فى المصروفات عملا بالمفهوم المخالف بالمادة 184 مرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بإجماع الآراء بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا ...
وهو القضاء الذى يؤكد أن شبهات عدم الدستورية تلاحق انتخاب هذا المجلس وهو ما سوف يترتب عليه بطلانه وإعادة الانتخابات مرة أخرى ومع التسليم بالفرض القانونى الذى يؤكد صحة أعماله فى الفترة السابقة على بطلانه إلا أن الأمر هنا يتعلق بصناعة دستور لأمة وشعب المفترض أن يستمر عقوداً طويلة ينظم سلطاتها ويحدد إطار نظامها السياسى وهو ما يجعل مشاركة هذا المجلس المشكوك فى دستوريته أمرا جارحا لشرعية هذا الدستور.
لقد كان ذلك الامر كافيا وحده حتى يتبين أعضاء البرلمان خطورة اشتراكهم فى هذه اللجنة بهذه الكثافة التى تضع هذا الدستور فى مهب عدم المشروعية التى سوف تلاحقه وتؤثر فيه.
الوجه الثاني:
أن اشتراك أعضاء البرلمان المنتخبين من مجلسى الشعب والشورى فى اللجنة بهذه الكثافة سوف يؤدى إلى إنتاج النظام السابق بكل إشكالياته وبكل أمراضه الدستورية، فهل يتصور أن يوافق هؤلاء على إلغاء نسبة العمال والفلاحين ذلك المرض العضال الذى أصاب المؤسسة التشريعية فى مقتل وجعلها تابعة للحكومة ولم تحسن التشريع يوماً ولم تمارس الرقابة!!!
هل يتصور أن يوافق أعضاء مجلس الشورى على إلغائه وهو زائدة تنظيمية فى النظام الدستورى المصرى أراد منها من أوجدها بالتعديل الدستورى فى 15 مايو 1980 أن يكون عصا الحكومة – والحزب الحاكم - الغليظة على المؤسسات الصحفية القومية فمارس عليها أقصى ضغوط الاستبداد والتحكم والإفساد ثم أضيف له عصا أخرى تتمثل فى قمع التجربة الحزبية حيث كان يصنع أحزاباً للزينة ويقمع الأحزاب الحقيقية ويعيث فى النظام السياسى فساداً وإفساداً وهو ما بدا ظاهراً للكثيرين
هل يتصور مع تشكيل اللجنة بهذا الشكل أن توجد هذه الإشكاليات وهى المنتمية إليها والمتسببه فيها والمنتفعة من وجودها.
إن تشكيل اللجنة بهذا الشكل إنما يؤدى إلى إنتاج النظام السابق بقليل من الماكياج الفاسد والمسمم.
الوجه الثالث:
أن سيطرة البرلمان على صناعة الدستور بهذا الشكل ضد منطق صنع الدساتير فى كل التجارب الديمقراطية.
ومن حيث أن صناعة الدستور إنما هو عمل وطنى جامع وليس مرتعاً للتجاذبات السياسية والمغانم الحزبية، فالمغانم السياسية مكانها الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة وتداول السلطة على أن يكون ذلك تحت مظلة دستور ينظم حركة السلطات فى الدولة ويمنع استبدادها ويؤدى إلى صحة دوران عجلة هذه السلطات وهو ما يستوجب صناعته بعيداً عن التجاذبات السياسية والحزبية . وهو ما لا يمكن توافره فى الطريقة التى حددها القرار المطعون فيه ومن ثم فيكون طلب إلغائه ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
سادساً: فى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه
ومن حيث أن قضاء مجلس الدولة مستقر على أن يلزم للقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه توافر ركنى الجدية والاستعجال.
ويتوافر ركن الجدية إذا صدر القرار بحسب الظاهر من الأوراق غير مشروع وهو ما تزخر به هذه الدعوى حيث صدر هذا القرار مخالفا للإعلان الدستورى ولأحكام المحكمة الدستورية العليا والمقتضى تفسير نص المادة 60 ذاته ومن ثم فهو غير مشروع مرجح الإلغاء حين نظر الموضوع.
كما أن ركن الاستعجال يتوافر حيث أن تنفيذه يرتب أضراراً يتعذر تداركها، ومن ثم فإن طلب وقف التنفيذ يكون قد توافر له شرطاه ويكون القضاء به قد صادف صحيح القانون.
بناء عليه
فإن المدعين يلتمسون من عدالة المحكمة التكرم وتحديد أقرب جلسة لنظر الدعوى والحكم :
أولاً : بقبول الدعوى شكلاً .
ثانياً : بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما قرره من تشكيل لجنة المائة – وفقاً للمادة 60 من الإعلان الدستورى من خمسين عضواً من داخل البرلمان وخمسين عضواً من خارجه ،وما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان .
وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
المدعى عن نفسه ووكيل المدعين
أ.د/ جابر جاد نصار
المحامى بالنقض والإدارية العليا
تحية طيبة وبعد,,,
مقدمه لسيادتكم الأستاذ الدكتور/ جابر جاد نصار – المحامى بالنقض والإدارية العليا عن نفسه وبصفته وكيلا عن كل من 1- الدكتور/ عبد الجليل مصطفى البسيونى 2- الدكتور/ محمود محمد كبيش 3- الأستاذ/ محمد حمدى عمر محمد قنديل 4- الدكتور/ أسامة الغزالى حرب 5- الأستاذة/ سكينة جمال فؤاد 6- الأستاذ/ عصام الاسلامبولى 7- الدكتور/ جمال على زهران 8- الأستاذ/ جلال عارف9- الأستاذ/ احمد سليمان طه النقر 10- الدكتور/ كمال الهلباوى 11- الدكتور/ مصطفى كامل السيد 12- الدكتور/ محمد نور فرحات 13- الدكتور/ يحيى عبدالعزيز الجمل 14- الاستاذة / منى صلاح الدين ذو الفقار 15- الدكتور / نبيل صمويل ابادير مسعد 16 – الأستاذ/ محمد سمير محمد صفوت عليش، ومحلهم المختار مكتب الدكتور/ جابر جاد نصار المحامى بالنقض والإدارية العليا والكائن بـ 32 ب شارع مراد الجيزة
ضد
1) السيد / رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته
2) السيد / رئيس مجلس الشعب بصفته رئيس هيئة المجمع الانتخابى لانتخابات لجنة المائة .
3) السيد / رئيس مجلس الشورى بصفته
الموضــوع..
بتاريخ 17 - 3- 2012 اجتمع الأعضاء المنتخبون من مجلسى الشعب والشورى وذلك لتحديد معايير اختيار الجمعية التأسيسية وخلص الاجتماع فيما خلص إليه بعد التصويت من جانب الحاضرين على عدة معايير لاختيار اللجنة التأسيسية (لجنة المائة) على أن يكون نصفهم من داخل البرلمان ونصفهم من خارج البرلمان.
وهو القرار المخالف للمادة 60 من الإعلان الدستورى وللأعراف الدستورية فى صناعة الدساتير بل لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى هذا الصدد، وهو القرار الذى يطعن عليه المدعون أمام عدالة المحكمة طالبين وقف تنفيذه وإلغاءه وذلك للأسباب الآتية:-
أولاً : القرار المطعون فيه قرار إدارى يختص به قضاء مجلس الدولة.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه قرار إدارى نهائى صادر عن الجمعية المشكلة من الأعضاء المنتخبين من مجلسى الشعب والشورى لانتخاب لجنة المائة .
ومن ثم فإنه بحسب المعيار الشكلى لا يعتبر صادراً عن البرلمان ويعد من الأعمال البرلمانية التى لا يجوز الطعن فيها أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى وذلك أن الأعمال البرلمانية هى التى يصدرها البرلمان سواء تمثلت فى قانون أو أى عمل برلمانى آخر. فالهيئة المشكلة من الأعضاء المنتخبين لا تعتبر برلماناً حتى يكون عملها بمنأى عن الرقابة القضائية وفقاً لما أستقر عليه قضاء مجلس الدولة حيث ذهبت محكمة القضاء الإدارى فى بواكير أحكامها إلى أن :-
" وترى المحكمة الأخذ بالمعيار الذى يأخذ بالمعيار الشكلى ومقتضى ذلك ولازمه أن يكون لقانون ربط الميزانية حصانات القوانين العادية".
( محكمة القضاء الإدارى فى 27/4/1953 فى الدعوى رقم 371 – س6 – المجموعة س7 ص 1000)
ذلك أن اعتبار العمل أو القرار عملاً برلمانياً ينأى به عن رقابة القضاء الإدارى هو أن يكون صادراً عن البرلمان أو إحدى اللجان المشكلة وفقاً للائحة الخاصة به.
ولا ريب فى أن التكليف الوادر فى المادة 60 من الإعلان الدستورى لا يعتبر تكليفاً للبرلمان فى ذاته وإنما تشكيل هيئة ناخبين – فى انتخاب غير مباشر وعلى دورين ومن ثم فإن قرارات هذه الهيئة تكون قرارات إدارية يجوز الطعن فيها بالإلغاء ووقف التنفيذ إن هى جاوزت حدود القانون والمشروعية.
نص الإعلان الدستورى فى مادته رقم (60) على أنه:-
" يجتمع الأعضاء المنتخبون من مجلسى الشعب والشورى وذلك لانتخاب لجنة المائة ولم يتحدث النص عن برلمان ولا يمكن أن يكون اجتماع هؤلاء الأعضاء امتدادا للبرلمان فى تشكيله أو فى ممارسة اختصاصه وإنما هو تشكيل لهيئة ناخبين تقوم بانتخاب لجنة لوضع الدستور الجديد، ومن ثم فإن ما يصدر عنها يعتبر قرارات إدارية تخضع للرقابة القضائية ولا تنفلت منها ذلك أنها ليست من أعمال البرلمان فى ذاته أو من أعمال لجانه".
وترتيباً على ما سبق فإن المدعيين يحق لهم طلب إلغاء ووقف تنفيذ هذا القرار وتختص بنظر مشروعيته محاكم مجلس الدولة
ثانياً : مخالفة القرار المطعون فيه للإعلان الدستوري.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه يخالف نصوص الإعلان الدستورى بصورة فجة وواضحة وذلك من وجوه عدة كما يلي:-
الوجه الأول: مخالفة القرار الطعين لمبدأ المساواة.
ومن حيث أن المادة 7 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 تنص على أن :
" المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة".
وكذلك نصت المادة 60 من ذات الإعلان على أن
" يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلس شعب وشورى فى اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو......".
والشاهد وفقاً لهذا النص أن المجتمعين – والذين يمثلون – الهيئة الناخبة وكل من خول لهم انتخاب لجنة المائة، ولكنهم قاموا بتقسيم هذه المائة قسمة ضيزى وغير عادلة حيث استأثروا بنصف المائة أى خمسين عضواً من داخل البرلمان وتركوا للشعب كله خمسين عضواً وهو ما يخل بمبدأ المساواة وتكافؤا الفرص. وهو الأمر الذى يخالف نص المادة 7 من الإعلان الدستورى وقد أستقر قضاء المحكمة الدستورية على أن:- " لا يجوز أن تؤدى القواعد التى يضعها المشرع تنظيما للحقوق العامة ومنها الحقوق السياسية الى مصادرتها أو الانتقاص منها ويشترط ألا تخل القيود التى يفرضها فى مجال هذا التنظيم بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة اللذين تضمنهما الدستور بما نص عليه فى المادة 8 من أن " تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين وفى المادة 40 من أن " المواطنون لدى القانون سواء وهو متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة "
ثالثاً : مخالفة الثابت فى قضاء المحكمة الدستورية العليا من خلو الدستور وسموه وتأسيسه لسلطات الحكم فى الدولة بما يعنى أن سلطة منها لا يجوز لها أن تنشئه.
ومن حيث أن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد أستقر على ما يلي:-
" إن سيادة الدستور – بمعنى تصدره القواعد القانونية جميعاً – ليس مناطها عناصر مادية قوامها مضمون الأحكام التى أحتواها، والتى تنظم بوجه خاص تبادل السلطة وتوزيعها والرقابة عليها، بما فى ذلك العلائق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكيفية مباشرتهما لوظائفهما، ونطاق الحقوق التى يمارسها المواطنون، وكذلك الحريات التى يتمتعون بها، ذلك أن الدستور –محدداً بالمعنى السابق على ضوء القواعد التى انتظمها – هو الدستور منظوراً اليه من زاوية مادية بحته La Constitution au sensmateriel وهى زاوية لا شأن لها بعلو القواعد الدستورية وإخضاع غيرها من القواعد القانونية لمقتضاه، وإنما تكون للدستور السيادة ن حين تهيمن قواعده على التنظيم القانونى فى الدولة لتحتل ذراه، ولا يكون ذلك إلا إذا نظرنا إليه من زاوية شكلية LaConstitution au sens formal لا تتقيد بمضمون القواعد التى فصلها، وإنما يكون الاعتبار الأول فيها عائداً أولاً إلى تدوينها، وثانياً إلى صدورها عن الجهة التى أنعقد لها زمام تأسيسهاL"ORGANE Constituant والتى تعلو بحكم موقعها من السلطتين التشريعية والتنفيذية –عليهما معاً، إذ هما من خلقها وينبثقان بالتالى عنها، ويلتزمان دوماً بالقيود التى فرضتها، وبمراعاة أن القواعد التى صاغتها هذه الجهة – وأفرغتها فى الوثيقة الدستورية – لا يجوز تعديلها أو إلغاؤها إلا وفق الأشكال والأنماط الإجرائية التى حددتها، بشرط أن تكون فى مجموعها أكثر تعقيداً من تلك التى تنزل عليها السلطة التشريعية إذا عن لها تعديل أو إلغاء القوانين التى أقرتها .
ودون ذلك تفقد الوثيقة الدستورية أولوياتها التى تمنحها على الإطلاق الموقع الأسمى Primaute Absolue والتى لا تنفصم الشرعية الدستورية عنها فى مختلف تطبيقاتها، باعتبار أن التدرج فى القواعد القانونية يعكس لزوماً ترتيباً تصاعديا فيما بين الهيئات التى أقرتها أو أصدارتها".
( حكم المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 13 لسنة 15 ق – جلسة 17/12/1994 – مجموعة أحكام المحكمة – الجزء السادس صـ 408)
وعلى ذلك فإن إقحام الأعضاء المنتخبين على تشكيل لجنة المائة بهذه الصورة والكثافة غير المعهودة فى صناعة الدساتير إنما يخالف المنطق القانونى وأحكام المحكمة الدستورية العليا فيكون جديراً بوقف تنفيذه وإلغائه.
رابعاً : مخالفة القرار المطعون فيه للمعنى الصحيح والتفسير السليم للمادة 60 من الإعلان الدستورى :-
حيث تنص المادة 60 على أن " يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى فى اجتماع مشترك، بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو، تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد فى موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض المشروع، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده، على الشعب لاستفتائه فى شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء".
وباستقراء متأن لهذا النص فإن مفاده ان الإعلان الدستورى إذ أستبق خطوة وضع الدستور بتشكيل البرلمان بغرفتيه أولاً: فإنه استهدف خلق مجمع انتخابى من ممثلى الشعب لتلقى ترشيحات أعضاء الجمعية التأسيسية ثم قيامهم هم بتبويب هذه الترشيحات وتعليق المعايير الموضوعية لانتخاب المائة عضو من الذين تطرح اسماؤهم ليتم الانتقاء منهم انتقاءا يعبر عن الكفاءة فى كل متنوعات المجتمع ليضمن الانتخاب الذى يجريه البرلمان من بين المرشحين تمثيلاً معبراً عن متنوعات المجتمع من عمال وفلاحين ومثقفين وعلماء . صناعاً ومهنيين. فنانين وأدباء وشعراء وقانونيين، مسلمين ومسيحيين، رجالاً ونساءاً . ويراعى فيها التمثيل الجغرافى بطول نيل مصر وعرض صحرواتها، وكذلك الأطياف السياسية
ومفاد عبارة النص " يجتمع ..... خلال ستة أشهر من انتخابهم جمعية تأسيسية ..............ألخ" يفيد المغايرة، أى مغايرة المنتخب عن الذى ينتخب، مغايرة من يختار عمن يتم اختياره ومن يحكم عمن يحكم عليه .. فهدف النص من إسناد مهمة انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية بواسطة المجمع الانتخابى أنه ينوب عن الشعب فى تنقية وتبويب المرشحين لديه وإعمال معايير موضوعية فى الانتقاء استغناء عن أسلوب اختيار جمعية تأسيسية تعرض على الشعب فى استفتاء لطمأنينة المشرع الدستورى وبإسناد هذه المهمة لبرلمان منتخب من الشعب ليس ممثلاً بداهة فى هذه اللجنة فيضمن التجرد والحيادية، وهو أمر لا شأن له بأغلبية ولا بأقلية . فالبرلمان وفق تصور النص أياً كانت مكوناته هو ممثل عن الشعب لمجمع انتخابى للمرشحين لعضوية الجمعية التأسيسية متى كان البديهى ألا يمثل فيه بما يضمن الحيادية والتجرد.
ويضاف إلى كل ما سلف أن كلمة انتخاب التى نصت عليها المادة 60 من الإعلان الدستورى – طبقاً لما جاء فى صفحة 908 من الجزء الثانى من المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية تعنى الاختيار والانتقاء وانتخبه أى اختاره بإعطائه صوته فى الانتخاب، وبهذا يتبين أن الفعل انتخب متعد لغير ذات الفاعل كما أنه لم يرد انتخب فلان نفسه، وهو ما يؤكد صواب ما تذهبنا إليه من ضرورة انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية منخ غير أعضاء البرلمان بمجلسيه.
وهو ما يكون معه القرار المطعون فيه قد جاء مخالفاً لنص المادة 60 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011.
خامساً: اعتبارات الملاءمة تقضى بضرورة عدم دخول أعضاء البرلمان فى عضوية اللجنة وذلك من وجهين.
الوجه الأول:
ومن حيث أن هذا البرلمان سواء مجلس الشعب أو مجلس الشورى مطعون فى شرعية انتخابه بشبهات جدية ومحالة إلى المحكمة الدستورية العليا بأحكام محكمة القضاء الإدارى وكذلك أحكام الإدارية العليا.
وحيث ذهبت المحكمة الإدارية العليا فى حكمها بتاريخ 20/2/ 2012 الى ما يلى بعد أن استعرضت النصوص القانونية التى تم انتخاب مجلس الشعب والشورى والتى قررت " وحيث إنه وإذ تراءى للمحكمة عدم توافر الشرعية الدستورية للنصوص الآنف ذكرها وعلى نحو ما سلف بيانه، وكانت هذه النصوص لازمة بل هى مرجع الفصل فى النزاع الماثل، وكانت المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن " تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالى : (أ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى أثناء نظر احدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع، اوقفت الدعوى واحالت الاوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية فإن المحكمة توقف نظر الطعن وتحيل الأوراق الى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى توافر الشرعية الدستورية للمواد الثالثة فقرة أولى والسادسة فقرة أولى والتاسعة مكرر (أ) من قانون مجلس الشعب فيما تضمنته أولى هذه المواد من عدم قصر التمثيل بمجلس الشعب بنظام الانتخاب الفردى على المرشحين المستقلين وما تضمنته ثانيها من عدم تقييد اطلاق مصطلح طالبى الترشيح ليقتصر على طالبى الترشيح من المستقلين وما تضمنته ثالثها من النص على إثبات الحزب الذى ينتمى إليه المرشح بالكشف النهائى بأسماء المرشحين بالنظام الفردى .
وحيث إن هذا الحكم غير مسند للخصومة، فمن ثم تعين إبقاء الفصل فى المصروفات عملا بالمفهوم المخالف بالمادة 184 مرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بإجماع الآراء بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا ...
وهو القضاء الذى يؤكد أن شبهات عدم الدستورية تلاحق انتخاب هذا المجلس وهو ما سوف يترتب عليه بطلانه وإعادة الانتخابات مرة أخرى ومع التسليم بالفرض القانونى الذى يؤكد صحة أعماله فى الفترة السابقة على بطلانه إلا أن الأمر هنا يتعلق بصناعة دستور لأمة وشعب المفترض أن يستمر عقوداً طويلة ينظم سلطاتها ويحدد إطار نظامها السياسى وهو ما يجعل مشاركة هذا المجلس المشكوك فى دستوريته أمرا جارحا لشرعية هذا الدستور.
لقد كان ذلك الامر كافيا وحده حتى يتبين أعضاء البرلمان خطورة اشتراكهم فى هذه اللجنة بهذه الكثافة التى تضع هذا الدستور فى مهب عدم المشروعية التى سوف تلاحقه وتؤثر فيه.
الوجه الثاني:
أن اشتراك أعضاء البرلمان المنتخبين من مجلسى الشعب والشورى فى اللجنة بهذه الكثافة سوف يؤدى إلى إنتاج النظام السابق بكل إشكالياته وبكل أمراضه الدستورية، فهل يتصور أن يوافق هؤلاء على إلغاء نسبة العمال والفلاحين ذلك المرض العضال الذى أصاب المؤسسة التشريعية فى مقتل وجعلها تابعة للحكومة ولم تحسن التشريع يوماً ولم تمارس الرقابة!!!
هل يتصور أن يوافق أعضاء مجلس الشورى على إلغائه وهو زائدة تنظيمية فى النظام الدستورى المصرى أراد منها من أوجدها بالتعديل الدستورى فى 15 مايو 1980 أن يكون عصا الحكومة – والحزب الحاكم - الغليظة على المؤسسات الصحفية القومية فمارس عليها أقصى ضغوط الاستبداد والتحكم والإفساد ثم أضيف له عصا أخرى تتمثل فى قمع التجربة الحزبية حيث كان يصنع أحزاباً للزينة ويقمع الأحزاب الحقيقية ويعيث فى النظام السياسى فساداً وإفساداً وهو ما بدا ظاهراً للكثيرين
هل يتصور مع تشكيل اللجنة بهذا الشكل أن توجد هذه الإشكاليات وهى المنتمية إليها والمتسببه فيها والمنتفعة من وجودها.
إن تشكيل اللجنة بهذا الشكل إنما يؤدى إلى إنتاج النظام السابق بقليل من الماكياج الفاسد والمسمم.
الوجه الثالث:
أن سيطرة البرلمان على صناعة الدستور بهذا الشكل ضد منطق صنع الدساتير فى كل التجارب الديمقراطية.
ومن حيث أن صناعة الدستور إنما هو عمل وطنى جامع وليس مرتعاً للتجاذبات السياسية والمغانم الحزبية، فالمغانم السياسية مكانها الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة وتداول السلطة على أن يكون ذلك تحت مظلة دستور ينظم حركة السلطات فى الدولة ويمنع استبدادها ويؤدى إلى صحة دوران عجلة هذه السلطات وهو ما يستوجب صناعته بعيداً عن التجاذبات السياسية والحزبية . وهو ما لا يمكن توافره فى الطريقة التى حددها القرار المطعون فيه ومن ثم فيكون طلب إلغائه ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
سادساً: فى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه
ومن حيث أن قضاء مجلس الدولة مستقر على أن يلزم للقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه توافر ركنى الجدية والاستعجال.
ويتوافر ركن الجدية إذا صدر القرار بحسب الظاهر من الأوراق غير مشروع وهو ما تزخر به هذه الدعوى حيث صدر هذا القرار مخالفا للإعلان الدستورى ولأحكام المحكمة الدستورية العليا والمقتضى تفسير نص المادة 60 ذاته ومن ثم فهو غير مشروع مرجح الإلغاء حين نظر الموضوع.
كما أن ركن الاستعجال يتوافر حيث أن تنفيذه يرتب أضراراً يتعذر تداركها، ومن ثم فإن طلب وقف التنفيذ يكون قد توافر له شرطاه ويكون القضاء به قد صادف صحيح القانون.
بناء عليه
فإن المدعين يلتمسون من عدالة المحكمة التكرم وتحديد أقرب جلسة لنظر الدعوى والحكم :
أولاً : بقبول الدعوى شكلاً .
ثانياً : بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما قرره من تشكيل لجنة المائة – وفقاً للمادة 60 من الإعلان الدستورى من خمسين عضواً من داخل البرلمان وخمسين عضواً من خارجه ،وما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان .
وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
المدعى عن نفسه ووكيل المدعين
أ.د/ جابر جاد نصار
المحامى بالنقض والإدارية العليا