- " إنه يشترط ألا تخلو قرارات التعيين من وجود ضوابط لاختيار المتقدمين , ومن تحديد العناصر اللازمة لتحقيق أهلية شغل الوظائف القضائية , والمعايير الموضوعية للاختيار بما يكفل مفاضلة حقيقية وجادة بين المرشحين غير تحكمية , ولا تخضع لهوى ..... " .
- وأن الاعتماد على المقابلة الشخصية يعد – في حد ذاته – إخلالا بمبدأ المساواة , لا سيما وأنه : مما يثير ظلالا من الشك حول مدى صحة ما ورد من بيانات بالصورة الضوئية لمحضر المقابلة الشخصية المودع بملف الطعن , بمراعاة ما قدر للطاعن من درجات بذلك المحضر لا يتناسب عقلاَ ومنطقا مع القدرات التي كشف عنها حصوله على تقدير عام جيد في شهادة الليسانس . إذا ما قورنت بقدرات زملائه ممن حصلوا على إجازة الليسانس بتقدير مقبول , ونجحوا في المقابلة الشخصية وعينوا بالقرار المطعون فيه .
- وذلك أن مرحلة الليسانس وهى مرحلة تستغرق مدة طويلة يمكن من خلالها الكشف عن حقيقة المستوى العلمي والعقلي للمتقدم لشغل الوظيفة , وبحكم تعدد وتنوع المواد الدراسية التي يؤدى فيها الامتحان والكفيلة بإظهار قدراته العلمية والعقلية والحقيقية وذلك على عكس الاختبار الشفهي الذي لا يستغرق سوى دقائق لا تكشف بأي حال من الأحوال عن المستوى العلمي والعقلي الحقيقي للمتقدم وكل ما سبق يقيم قرينة على أنه لم تجر مفاضلة حقيقية وجادة بين الطاعن وزملائه " .
(حكم المحكمة الإدارية العليا – الصادر بجلسة 29/6/2002- في الطعن رقم 9975 لسنة 46ق)
_ وإذا كانت تلك الصفات والقدرات الخاصة هي التي تؤهل المرشح لممارسة العمل القضائي إلا انه يجب ألا يتم إغفال الكفاءة العلمية المتسمة بالنبوغ التي تنهض بمرفق القضاء وتعينه على تحقيق العدالة المنشودة , ومن ثم لا يجوز قانونا تخطى المرشح إلا إذا ثبت – عند المفاضلة بينه وبين باقي المرشحين – أنه يقل عنهم في الدرجات العلمية أو يدنوهم في مستوى الكفاءة الثابتة ثبوتاَ يقينيَا بمقتضى الشهادات العلمية , ولا يسوغ الادعاء بأن المفاضلة المشار إليها تتم عبر المقابلة الشخصية التي تجريها اللجنة حسب الدرجات التي تضعها لكل مرشح , فذلك – في عين الحق خطأ عظيم – يجعل من حكم دائرة توحيد المبادىء – كلمة حق وسدت لباطل – يهدف إلى جذب العدالة الإدارية – معصوبة العينين – إلى نفق مظلم تنعدم فيه الرقابة القضائية , وتتحول فيه السلطة التقديرية إلى سلطة تحكمية تدعم الظلم وترسخ المحسوبية , وتبيع بلحظات اللقاء المشفوهه عذاب السنين التي قضاها المرشح يقطع الأزمان والأبعاد أملاَ في التفوق للوصول إلى الوظيفة التي يحلم بها .
- وإذا كان حكم دائرة توحيد المبادىء قد منح اللجنة المشار إليها سلطة تقديرية – لا مناص منها – في التعرف على شخصية المرشح والتأكد من مدى أهليته لتولى الوظيفة القضائية بما لها من طابع خاص , فإن مهمة اللجنة تظل منحصرة في تلك الأصول دون أن تجاوزها على استئناف النظر من جديد في مدى كفاءة المرشح العلمية وقدراته القانونية ومستوى هذه القدرات التي سبق أن حددتها الجامعة – بصفتها الجهة المختصة – خلال سني الدراسة وحتى تاريخ تخرجه في الجامعة , بل تظل منحصرة في تحديد مدى لياقته لشغل الوظيفة طبقاَ للعناصر المشار إليها أنفا والتي تضاف إلى الكفاءة العلمية وتستقل عنها بحيث يضحى عمل اللجنة هو السبيل للالتحاق بالوظيفة القضائية على أساس الكفاءة العلمية الثابتة بموجب الشهادات الجامعية , فإذا اقتحم العقبة بحصوله على المؤهلات العلمية بأعلى الدرجات ما جاز للجنة المقابلة الشخصية إعادة التقدير والمفاضلة العلمية بين المرشحين , بل يكون من المتعين الرجوع إلى هذه المؤهلات عند المفاضلة بين المرشحين بحسبانه الأصل الذي لا يجوز المساس به عند التعيين تحقيقاَ لمبدأ المساواة أمام الوظائف العامة , ومن ثم فلكي نكون أمام قاعدة قانونية بالمعنى الدقيق فيتعين أن تنحصر مهمة اللجنة في حدود الاختصاص الذي أسند إليها بحسبانها تحقق شرط تعليق لا شرط تقييم , فإذا ما تحققت من توافر شرط الأهلية بغض النظر عن مستوياته ودرجاته انتقلت إلى شرط التقييم العلمي للمرشح , والذي ثبت بوضوح في الشهادات المؤيدة لذلك من الجامعة المختصة بتقييمه علمياَ دون أي معقب عليها في ذلك , لتقيم المفاضلة بين المرشحين الصالحين فتلحق الأعلى درجة , وتترك الأدنى إن لم تكف الدرجات لاحتوائهم جميعاَ .
(حكم المحكمة الإدارية العليا – الصادر بجلسة 4/3/2007- في الطعن رقم 7575 لسنة 48ق . عليا)