حجية تقرير الخبير من حيث الإثبات
يكون لتقرير الخبير المعين من طرف المحكمة في حدود الاختصاصات التي أوكلت إليه قوة الإثبات التي تكون للأوراق الرسمية، ما دام الخبير يقوم بمهمته في إطار وظيفته، حيث يُعتبر تقريره بمثابة ورقة رسمية لا يمكن إثبات عكسها إلا عن طريق الطعن بالتزوير، خاصة أن الخبير لا يُباشر مهمته إلا بعد تأدية اليمين القانونية.
وبعبارة أخرى تثبت صفة الرسمية لما أثبته الخبير في محضر أعماله وتقريره من أمور قام بها في حدود مأموريته أو وقعت من الخصوم أو العارفين أمامه كدعوته للخصوم وتاريخ اجتماعاته بهم وحضورهم أو غيابهم وأقوالهم وملاحظاتهم وطلباتهم منه وكذلك أقوال الغير الذين سمعهم، فلا يجوز تكذيبه في شيء من ذلك إلا بطرق الإدعاء بالتزوير…(1). وبالتالي من غير المنطقي قبول شهادة الشهود للتدليل على خلاف البيانات التي جاءت في تقرير الخبير، لأن هذه البيانات لها الصفة الرسمية في الإثبات.
أما فيما يخص أقوال أو ملاحظات أو اعتراضات الخصوم المثبتة في تقرير الخبير، فالراجح أن لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية في تكوين اعتقادها. وهكذا الشأن بخصوص جميع المسائل التي تخرج عن نطاق اختصاص الخبير ولا تتصل أبدا بمأموريته، حيث يمكن إثبات عكسها بكافة وسائل الإثبات.
إن ما تجب الإشارة إليه هو أن ما يتوصل إليه الخبير من نتائج مُضمنة في تقريره، ليست لها قوة مطلقة، حيث يحق لأطراف النزاع دائما إثبات خطأ الخبير أو سهوه أو عدم مطابقته للواقع، ولهم أن يستعملوا في ذلك كافة وسائل الإثبات المتاحة أمامهم. (2)
في الأخير نشير إلى أن المتقاضون كثيرا ما يطلبون إجراء خبرة مضادة، وذلك محاولة منهم لكشف خلاف ما قرره الخبير، أو على الأقل إبراز مختلف الثغرات التي جاءت في تقريره. بل الأكثر من هذا أن ليس هناك ما يمنع قاضي الموضوع نفسه من اللجوء إلى خبرة جديدة إذا لم يقتنع بالخبرة.
خلاصة القول أن تقرير الخبير في الأمور التي تدخل في نطاق اختصاصه تكون له القوة الرسمية، حيث لا يمكن الطعن فيها. أما الأمور التي لا تدخل في نطاق اختصاصاته – مثل أقوال الخصوم- فللقاضي كامل السلطة في الأخذ بها. وعموما يمكن دائما سواء للخصوم أو قاضي الموضوع نقض تقرير الخبير القضائي بالطعن فيه.
(1) محمد جمال الدين زكي. " الخبرة في المواد المدنية والتجارية" مطبعة جامعة القاهرة 1990. الصفحات 151 و152.
(2) حيث جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية: " الطعن في تقرير الخبير بأنه ما انتهى إليه من نتائج على أسباب لا أصل لها في الأوراق لا يعد تزويرا. وسبيل الطعن في إثبات ذلك هو مناقشة تقرير الخبير وإبداء اعتراضاته عليه، لا الطعن فيه بالتزوير …"
نقض مدني صادر في جلسة 13 أبريل 1967 في الطعن رقم 213 لسنة 33 ق.
أ