الضريبة الحائرة بين مجلس الدولة والقضاء الإداري
المصدر: الأهرام اليومى
بقلم: راوية الصاوى
د. محمد فوزي نويجي
عندما تقدر مصلحة الضرائب أرباح الممول بنسبة معينة عن نشاطه التجاري فمن الطبيعي أن يرفض الممول هذه التقديرات إن كان تغير صحيحة أو جزافية هذا الرفض يجب أن يكون عن طريق القضاء حتي لايكون الممول متهربا من دفع الضرائب.
لكن السؤال هنا: لمن يلجأ هذا الممول؟. هل يلجأ لمجلس الدولة كما ينص القانون. أم يلجأ إلي المحاكم العادية كما ينص القانون أيضا؟!
الأمر أشبه بالفزورة. ومادمنا في شهر رمضان المبارك تعالوا نحاول حلها بالطرق القانونية حتي نفض هذا النزاع الضريبي المستحكم.
ما هو الوضع القانوني للنزاع الناشئ بين الممولين ومصلحة الضرائب؟ يقول الدكتور محمد فوزي نويجي أستاذ القانون: بالطبع يشمل هذا النزاع الضرائب والرسوم وحيث إن الواقع وما يتم عمليا الآن في الوضع الحالي هو طعن الممول صاحب النزاع أو أحد أطرافه أمام المحاكم العادية بدرجاتها للوصول الي الحقيقة التي تلائمه ويتمناها للوصول لصافي أرباحه الحقيقية حتي يقوم بسداد ضرائبه المستحقة عليه عن طيب خاطر وبرضا لا يشوبه عيب.
وأضاف ان البند السادس من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة ينص علي اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقا للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة ولقد نص علي هذا الاختصاص لأول مرة بالقانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن مجلس الدولة وذلك في الفترة السابقة بعد أن كان هذا الاختصاص من نصيب القضاء العادي وعدم النص عليه في القانون الأول والثاني لمجلس الدولة ومنذ عام 1955 وحتي الآن والقوانين المتتالية لمجلس الدولة سنوات 1959- 1972 تنص علي هذا الاختصاص.
وأضاف الدكتور محمد منصور استاذ القانون: أقرت محكمة القضاء الإداري باختصاص المحاكم العادية بالفصل في المنازعات الضريبية والرسوم تأسيسا علي أن القوانين الضريبية احتوت علي نصوص تشير إلي اختصاص المحاكم العادية للنظر في هذه المنازعات وأيضا اتجهت محكمة القضاء الإداري إلي التفرقة بين منازعات الضرائب التي نظم القانون لها طريقا خاصا للطعن فيها أمام القضاء وبين تلك التي لم ينظم القانون طريقا خاصا للطعن فيها ولكن استقر قضاء اختصاصها بنظر منازعات الضرائب والرسوم التي لم ينظم القانون طريقا خاصا للطعن فيها وذلك لأن القضاء الإداري هو صاحب الاختصاص الأصيل لنظر الطعون في القرارات الإدارية وهذا الوضع ظل معمولا به حتي صدر قانون مجلس الدولة الثالث 105 لسنة 66.
وأضاف انه بالرجوع لنص مجلس الدولة السابق الإشارة اليه الخاص باختصاصه بالنظر في الطعون في القرارات النهائية ومنها منازعات الضرائب والرسوم نجد ان هذا النص لم يوضع موضع التطبيق حتي الآن والسبب في ذلك ان المادة الثانية من قانون مجلس الدولة الحالي رقم 47لسنة 72 نصت علي ان يصدر قانون خاص ينظم كيفية نظر المنازعات الخاصة بالضرائب والرسوم أمام مجلس الدولة وبذلك يصبح البند السادس من المادة العاشرة والسابق الإشارة إليه معطلا لان اختصاص هذه الطعون يظل أمام القضاء العادي وذلك لحين صدور قانون ينظم هذه المنازعات أمام مجلس الدولة الذي لم يصدر حتي الآن وقد قيل إن السبب في عدم صدور هذا القانون يتعلق بالواقع المتمثل في تمركز مجلس الدولة بالقاهرة وعدد ضئيل من عواصم المحافظات. إلا أن هذا السبب من وجهة نظرنا يمكن دحضه الآن بعد زيادة عدد أعضاء المجلس بالتعيين والنقل إليه من الهيئات القضائية الأخري كما أصبحت له محاكم في معظم محافظات القاهرة.
- مجلس الدولة ينظر المنازعات والقضاء الإداري للطعون:
بالعودة للقضاء الإداري والذي أقر باختصاص المحاكم العادية بالفصل في المنازعات الضريبية والرسوم فقد فرق في المنازعات الضريبية التي نظم القانون لها طريقا خاصا للطعن فيها أمام القضاء العادي وبين المنازعات التي لم ينظم القانون طريقا خاصا للطعن فيها وقد استقر قضائيا علي اختصاص مجلس الدولة بنظر منازعات الضرائب والرسوم التي لم ينظم القانون طريقا خاصا للطعن فيها وذلك لان القضاء الإداري هو صاحب الاختصاص الأصيل بنظر الطعون في القرارات الإدارية ولذلك نجد علي سبيل المثال ان المنازعات الناشئة من الرسوم الجمركية علي السيارات مثلا أو القانون علي الضريبة العقارية المبنية وما ينشأ من منازعات ناتجة من نصوص وكذلك ضريبة الأطيان الزراعية كل ذلك ينظر في مجلس الدولة وليس في القضاء العادي.
ونحن الآن في ظل تطور قوانين الضرائب بمختلف انواعها سواء ضريبة عامة أو ضريبة علي المبيعات أو الرسوم الجمركية أو الضريبة علي العقارات المبنية والأراضي الزراعية يجب وضع نظام موحد لقانونية المنازعات التي تنشأ من هذه القوانين حتي يكون هناك نفس الطريق لإجراءات التقاضي لهذه المنازعات وفي الوقت نفسه محاولة ايجاد تخصص من جانب القضاء والاستعانة من الخبرات في هذا المجال.
وقد قام القانون الجديد 91 لسنة 2005 الصادر من وزارة المالية والخاص بالضريبة العامة بإنشاء لجان للطعن الضريبي مزودة بالقضاء سواء العادي أو قضاء مجلس الدولة وهذا النهج له صالح وفوائد ليست بسيطة للطرفين سواء لمصلحة الضرائب بصفتها أحد طرفي النزاع ولممولي الضرائب وهو الطرف الآخر لان قرار لجان الطعن المشار اليها سيكون صادرا من لجنة قضائية بحكم رئيسها وسوف يوفر هذا في كل النواحي سواء بالطعن في هذا القرار أمام المحاكم أو برفض من جانب الممولين وأيضا يطمئن عليه طرفا النزاع لخروجه من لجنة يرأسها القضاء والذي يسعي طرفا النزاع سابقا إلي الوصول إليه.
المصدر: الأهرام اليومى
بقلم: راوية الصاوى
د. محمد فوزي نويجي
عندما تقدر مصلحة الضرائب أرباح الممول بنسبة معينة عن نشاطه التجاري فمن الطبيعي أن يرفض الممول هذه التقديرات إن كان تغير صحيحة أو جزافية هذا الرفض يجب أن يكون عن طريق القضاء حتي لايكون الممول متهربا من دفع الضرائب.
لكن السؤال هنا: لمن يلجأ هذا الممول؟. هل يلجأ لمجلس الدولة كما ينص القانون. أم يلجأ إلي المحاكم العادية كما ينص القانون أيضا؟!
الأمر أشبه بالفزورة. ومادمنا في شهر رمضان المبارك تعالوا نحاول حلها بالطرق القانونية حتي نفض هذا النزاع الضريبي المستحكم.
ما هو الوضع القانوني للنزاع الناشئ بين الممولين ومصلحة الضرائب؟ يقول الدكتور محمد فوزي نويجي أستاذ القانون: بالطبع يشمل هذا النزاع الضرائب والرسوم وحيث إن الواقع وما يتم عمليا الآن في الوضع الحالي هو طعن الممول صاحب النزاع أو أحد أطرافه أمام المحاكم العادية بدرجاتها للوصول الي الحقيقة التي تلائمه ويتمناها للوصول لصافي أرباحه الحقيقية حتي يقوم بسداد ضرائبه المستحقة عليه عن طيب خاطر وبرضا لا يشوبه عيب.
وأضاف ان البند السادس من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة ينص علي اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقا للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة ولقد نص علي هذا الاختصاص لأول مرة بالقانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن مجلس الدولة وذلك في الفترة السابقة بعد أن كان هذا الاختصاص من نصيب القضاء العادي وعدم النص عليه في القانون الأول والثاني لمجلس الدولة ومنذ عام 1955 وحتي الآن والقوانين المتتالية لمجلس الدولة سنوات 1959- 1972 تنص علي هذا الاختصاص.
وأضاف الدكتور محمد منصور استاذ القانون: أقرت محكمة القضاء الإداري باختصاص المحاكم العادية بالفصل في المنازعات الضريبية والرسوم تأسيسا علي أن القوانين الضريبية احتوت علي نصوص تشير إلي اختصاص المحاكم العادية للنظر في هذه المنازعات وأيضا اتجهت محكمة القضاء الإداري إلي التفرقة بين منازعات الضرائب التي نظم القانون لها طريقا خاصا للطعن فيها أمام القضاء وبين تلك التي لم ينظم القانون طريقا خاصا للطعن فيها ولكن استقر قضاء اختصاصها بنظر منازعات الضرائب والرسوم التي لم ينظم القانون طريقا خاصا للطعن فيها وذلك لأن القضاء الإداري هو صاحب الاختصاص الأصيل لنظر الطعون في القرارات الإدارية وهذا الوضع ظل معمولا به حتي صدر قانون مجلس الدولة الثالث 105 لسنة 66.
وأضاف انه بالرجوع لنص مجلس الدولة السابق الإشارة اليه الخاص باختصاصه بالنظر في الطعون في القرارات النهائية ومنها منازعات الضرائب والرسوم نجد ان هذا النص لم يوضع موضع التطبيق حتي الآن والسبب في ذلك ان المادة الثانية من قانون مجلس الدولة الحالي رقم 47لسنة 72 نصت علي ان يصدر قانون خاص ينظم كيفية نظر المنازعات الخاصة بالضرائب والرسوم أمام مجلس الدولة وبذلك يصبح البند السادس من المادة العاشرة والسابق الإشارة إليه معطلا لان اختصاص هذه الطعون يظل أمام القضاء العادي وذلك لحين صدور قانون ينظم هذه المنازعات أمام مجلس الدولة الذي لم يصدر حتي الآن وقد قيل إن السبب في عدم صدور هذا القانون يتعلق بالواقع المتمثل في تمركز مجلس الدولة بالقاهرة وعدد ضئيل من عواصم المحافظات. إلا أن هذا السبب من وجهة نظرنا يمكن دحضه الآن بعد زيادة عدد أعضاء المجلس بالتعيين والنقل إليه من الهيئات القضائية الأخري كما أصبحت له محاكم في معظم محافظات القاهرة.
- مجلس الدولة ينظر المنازعات والقضاء الإداري للطعون:
بالعودة للقضاء الإداري والذي أقر باختصاص المحاكم العادية بالفصل في المنازعات الضريبية والرسوم فقد فرق في المنازعات الضريبية التي نظم القانون لها طريقا خاصا للطعن فيها أمام القضاء العادي وبين المنازعات التي لم ينظم القانون طريقا خاصا للطعن فيها وقد استقر قضائيا علي اختصاص مجلس الدولة بنظر منازعات الضرائب والرسوم التي لم ينظم القانون طريقا خاصا للطعن فيها وذلك لان القضاء الإداري هو صاحب الاختصاص الأصيل بنظر الطعون في القرارات الإدارية ولذلك نجد علي سبيل المثال ان المنازعات الناشئة من الرسوم الجمركية علي السيارات مثلا أو القانون علي الضريبة العقارية المبنية وما ينشأ من منازعات ناتجة من نصوص وكذلك ضريبة الأطيان الزراعية كل ذلك ينظر في مجلس الدولة وليس في القضاء العادي.
ونحن الآن في ظل تطور قوانين الضرائب بمختلف انواعها سواء ضريبة عامة أو ضريبة علي المبيعات أو الرسوم الجمركية أو الضريبة علي العقارات المبنية والأراضي الزراعية يجب وضع نظام موحد لقانونية المنازعات التي تنشأ من هذه القوانين حتي يكون هناك نفس الطريق لإجراءات التقاضي لهذه المنازعات وفي الوقت نفسه محاولة ايجاد تخصص من جانب القضاء والاستعانة من الخبرات في هذا المجال.
وقد قام القانون الجديد 91 لسنة 2005 الصادر من وزارة المالية والخاص بالضريبة العامة بإنشاء لجان للطعن الضريبي مزودة بالقضاء سواء العادي أو قضاء مجلس الدولة وهذا النهج له صالح وفوائد ليست بسيطة للطرفين سواء لمصلحة الضرائب بصفتها أحد طرفي النزاع ولممولي الضرائب وهو الطرف الآخر لان قرار لجان الطعن المشار اليها سيكون صادرا من لجنة قضائية بحكم رئيسها وسوف يوفر هذا في كل النواحي سواء بالطعن في هذا القرار أمام المحاكم أو برفض من جانب الممولين وأيضا يطمئن عليه طرفا النزاع لخروجه من لجنة يرأسها القضاء والذي يسعي طرفا النزاع سابقا إلي الوصول إليه.