انقضاء الدعوى الجنائيه وسقوط العقوبه فــى ضوء الفقـه والقضاء..
الفرع الرابع
التقادم فى مواد الجنح
تمهيد:
تقادم الدعوى الجنائيه فى مواد الجنح هو ذلك التقادم الذى تسرى مدته بشأن جريمة لم يصدر فيها بعد حكم جنائى نهائى غير قابل للطعن فيه ينسبها الى شخص معين وينزل بهذا الشخص من أجلها جزاءا معينا ، مهما اتخذ فيها من الإجراءات ولو كان كان قد صدر فيها حكم إبتدائى غيابى ترك بدون اعلان لشخص المحكوم عليه كى يعارض فيه هذا الأخير ،اذ أنه بإنقضاء مدة التقادم منذ اليوم التالى للجريمه أو منذ اليوم التالى لأخر إجراء أتخذ فيها ، يضيع على الدوله نهائيا حقها فى إتخاذ الإجراءات الجنائيه الكفيله بملاحقة كل من أقترف الجريمه والسعى وراء مجازاته من أجلها .،
النص القانونى:
جاءت الماده (15) اجراءات جنائيه فى فقرتها الأولى وقررت‘‘ تنقضى الدعوى الجنائيه فى مواد ......................... وفى مواد الجنح بمضى 3 سنوات وفى مواد المخالفات بمضى سنه مالم ينص القانون على حلاف ذلك .‘‘
التعليـــــــــق:هذه الفقره بينت المده التى تنقضى بها الدعوى الجنائيه بمضى المده فى مواد الجنح وهى ثلاث سنوات تبدأ من اليوم التالى للجريمه أو منذ اليوم التالى لأخر إجراء أتخذ فيها . وهنا يثور التساؤل عن كيفية أثارة هذا الأنقضاء أو المطالبه بتطبيقه ؟
فهناك طرق عدة رسمها القانون لأثارة هذا الأنقضاء والمطالبه بتطبيقه على جنحة ما ..
1- فأنه فى حالة صدور حكم غيابى فى جنحة ما فى يوم ما .. فأن يبدأ إحتساب مدة الثلاث سنوات من اليوم التالى للحكم الغيابى وبعدها بيوم يقوم المتهم بالتقرير بالمعارضه فى الحكم الغيابى .، ويقوم بأثارة الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائيه أمام المحكمه التى تنظر الجنحه ولما أن هذا الدفع من الدفوع الجوهريه المتعلقه بالنظام العام التى يجوز أثارته فى أية حاله تكون عليها الدعوىولو لأول مره أمام محكمة النقض ، ويشترط أن يكون فى الحكم مايفيد صحة هذا الدفع . ولكونه من الدفوع الجوهريه فأن يستوجب على المحكمه أن تعرض له إيرادا وردا ، كما يجب أن تتعرض له المحكمه من تلقاء نفسها حتى ولو لم يدفع به الخصوم.العوائق التى تعترض الحكم بالأنقضاء:وهذه أحدى الحالات التى يثار فيها الدفع بالأنقضاء ، ولكن هناك بعض العوائق التى تعترض تطبيق نص الماده 15 من قانون الأجراءات وهذا العائق هو نص الماده 398 من قانون الأجراءات الجنائيه التى نصت على أنه
‘‘ تقبل المعارضه فى الأحكام الغيابيه الصادره فى المخالفات والجنح وذلك من المتهم أو من المسئول عن الحقوق المدنيه فى خلال العشرة أيام التاليه لإعلانه بالحكم الغيابى خلاف ميعاد المسافه القانونيه ، ويجوز أن يكون هذا الإعلان بملخص على نموزج يصدر به قرار من وزير العدل ، وفى جميع الأحوال لايعتد بالأعلان لجهة الأداره . (1)
ومع ذلك أذا كان إعلان الحكم لم يحصل لشخص المتهم فإن ميعاد المعارضه بالنسبه اليه فيما يختص بالعقوبه المحكوم بها يبدأ من يوم علمه بحصول الإعلان، وإلاكانت المعارضه جائزه حتى تسقط الدعوى بمضى المده .
ويجوز أن يكون إعلان الأجكام الغيابيه والأحكام المعتبره حضوريا طبقا للمواد ( 238) الى (241) بواسطة أحد رجال السلطه العامه وذلك فى الحالات المنصوص عليها فى الفقره الثانيه من الماده(234) ‘‘
فهذا الماده أوضحت وبينت الميعاد المنصوص عليه قانونا للمعارضه فى الأحكام الغيابيه ، وهذا الميعاد هو عشرة أيام من تاريخ اعلان الحكم الغيابى وليس من تاريح الحكم ، وجاءت وأوجبت أن يكون الأعلان لشخص المتهم وأكدت أنه لايعتد بالأعلان لجهة الأداره .
فلوأفترضنا أن الحكم الغيابى إعلن للمتهم مع أحد رجال الأداره فأن هذا الأعلان لايعتد به ويظل ميعاد التقرير بالمعارضه مفتوح للمتهم ، الى أن تنقضى الدعوى الجنائيه بمضى المده .
ولذا يلجأ بعض القضاه الى طلب شهاده من قلم تنفيذ الأحكام فى حالة قيام المتهم بأبداء الدفع بانقضاء الدعوى الجنائيه وذلك لبيان عما اذا كان المتهم إعلن بالحكم الغيابى من عدمه .
وهذا بالفعل مايتطلبه القانون . فاذا كان هناك إعلان .. فهل هذا ألاعلان لشخص المتهم أم مع جهة الأداره فأن كانت الأولى أنقطع التقادم وإن كانت الثانيه فأنه لاتثريب على هذا الأعلان ويقضى القاضى بإنقضاء الدعوى الجنائيه .
وهناك بعض القضاه يقعون فى خطأ فى تطبيق نص الماده 15 من قانون الإجراءات الجنائيه ويخلطون بينها وبين الماده 532 من ذات القانون ويطلبون من المتهم شهادة تحركات لبيان عما اذا كان المتهم كان متواجدا خلال هذه المده داخل القطر المصرى من عدمه فأن كان خارج القطر فيعتبر وجوده خارج البلاد قطع للتقادم وهذا خطأ .
لأن القانون تطلب ذلك فى حالة سقوط العقوبه وليس إنقضاء الدعوى الجنائيه . وهذا ماسوف نبينه فى الجزء الخاص بسقوط العقوبه .
2- إنقضاء الدعوى العموميه فى الأحكام الحضوريه أو المعتبره حضوريه .
يثور التساؤل هنا ايضا هل يجوز اثارة الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائيه فى الأحكام الحضوريه والمعتبره حضوريا ؟؟
نعم يجوز إبداء هذا الدفع لأن القانون تطلب بعضا من الشروط لتطبيق هذا النص على هذه الأحكام .
فالحكم الصادر حضوريا فى جنحة ما .. فأن القانون أعطى الحق للمتهم للطعن على هذا الحكم بطريق الأستئناف وقد حدد القانون ميعادا للإستئناف هو عشرة أيام ( مادة 406 ) إجراءات جنائيه . فقد لايقوم المتهم بإستئناف الحكم فى الميعاد المقرر قانونا ويظل أكثر من ثلاث سنوات ثم يقوم بالتقرير بالإستئناف على الحكم الصادر ضده ن فهنا يكون التقرير بالأستئناف بعد الميعاد ولذا يلزم أن يقدم المتهم دليل عذر للقاضى ليكون سببا لعدم إستئنافه الحكم .
وفى هذه الحاله إذا قبل القاضى دليل العذر وأطمئن له فأن الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائيه يكون مقبولا وبالتالى يحكم القاضى بإنقضاء الدعوى الجنائيه بمضى المده .
ولكن فى معظم الأحوال يلجأ الغالبيه من القضاه وبصفه خاصه فى الجنح التى تتعلق بمعاملات ماليه الحكم بعدم قبول الإستئناف للتقرير به بعد الميعاد ولعدم الأطمئنان لدليل العذر . والأطمئنان وعدم الأطمئنان لدليل العذر سلطة تقديريه للقاضى لارقابه عليه فى ذلك من محكمة النقض .
3-إنقضاء الدعوى الجنائيه فى الأحكام الغيابيه فى الجنح المستأنفه :
سبق وأن نوهنا أنه يجب للحكم بانقضاء الدعوى الجنائيه فى الأحكام الحضوريه أو المعتبره حضوريا والذى مر عليها أكثر من ثلاث سنوات أن يكون هناك دليلا للعذر الذى منع المتهم من التقرير بالأستئناف فى الميعاد وأن تطمئن اليه المحكمه فأن إطمئنت أليه قبل الدفع وإن لم تطمئن رفض الدفع .
فأن كان الحكم الصادر غيابيا من محكمة الجنح المستأنفه فأن يجب البحث عما اذا كان الأستئناف تم التقرير به فى الميعاد أم لا ... معرفة عما اذا كان المتهم أعلن بالحكم الغيابى خلال عشرة أيام من صدوره وأن يكون الأعلان لشخصه أم لا طبقا للمادتين 398 ، 418 من قانون الأجراءات الجنائيه. ، فأن كان التقرير فى الميعاد وأن المتهم لم يعلن بالحكم الغيابى خلال الثلاث سنوات فأن الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائيه يكون فى محله وعلى المحكمه أن تحكم به من تلقاء نفسها . وأن كان التقرير بالأستئناف ليس فى الميعاد فأنه يلزم تقديم دليل عذر خلال الفتره مابين الحكم الصادر من محكمة أول درجه والتقرير بالاستئناف وأن تطمئن اليه المحكمه وفى كل الأحوال لايلزم تقديم دليل عذر مابين الفتره التى صدر فيه الحكم الغيابى ومابين التقرير بالمعارضه . لأنه فى هذا يكون مجال التطبيق هو نص المادتين 398 ، 418 من قانو الأجراءات التى تطلبت الأعلان فقط دون سواه .
4- هناك حالة اخرى تنقضى فيها الدعوى الجنائيه بمضى المده
وهذه الحاله تكون من يوم وقوع الجريمه ويمر أكثر من ثلاث سنوات دون إتخاذ إجراء ما بخصوص هذه الواقعه( الجنحه) وبها تنقضى الدعوى الجنائيه ، وهناك حالة اخرى كما لو قضى بأنه اذا اعلن الحكم الأستئنافى الغيابى لشخص المتهم فى 25/11/1967 فعارض فيه فى اليوم ذاته وتحدد لنظر معارضته جلسة 31/12/1967 وفيها اجلت الدعوى اداريا فى غيبته لجلسة 3/3/1968 لاعلانه شخصيا ، ثم توالى تأجيلها بعد ذلك فى غيبته أيضا لاعلانه فى شخصه أو فى محل اقامته ، غير أنه أعلن كل هذه المرات لجهة الأداره تبعا لعدم الأستدلال على محل أقامته بشارع ريحان رقم 71 مع أن هذا المحل كان فى رقم 70 من ذات الشارع , وبحجة تركه مسكنه وعدم الأستدلال عليه أعلن للنيابه لآخر جلسه نظرت فيها القضيه بتاريخ 3/1/1971 ، فحكم فى هذه الجلسه بإنقضاء الدعوى الجنائيه بمضى المده ، فان هذا الحكم يكون فى محله لأن كل الاعلانات التى وجهت الى المنتهم وقعت باطله لعدم إجرائها فى محل اقامته الكائن برقم 70 لابرقم71 فى شارع ريحان ، فكانت كلها غير مجديه فى قطع مدة التقادم التى أنقضت كلها دون أن يتخللها اعلان صحيح قاطع لها (*)
سنوالى فى الأيام القادمه باقى البحث والتعليق باحكام النقض
مع تحيات
علاء السيد النفيلى المحامى