مجلس الدولة
هيئة مفوضي الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى (حقوق وحريات)
تقرير مفوض الدولة
في الطعن رقم 42619 لسنة 63 ق.ع
المقام من
نقيب المحامين بصفته
ضــــــــــــــــد
أحمد عبد الله محمد ناجي
رانيا سعيد صلاح سيف النصر
طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية)
في الدعوى رقم 12937 لسنة 71 ق بجلسة 28/2/2017
الإجــــــراءات
بتاريخ 4/3/2017 أودع وكيل الطاعن المحامي بالنقض قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن الماثل قيد بجدولها بالرقم المبين بصدر هذا التقرير ، طعناً في الحكم المشار إليه بعاليه والقاضي منطوقه " بقبول الدعوى شكلاً ، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وما يترتب على ذلك من آثار ، وألزمت النقابة المدعى عليها مصروفات الشق العاجل ، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع " .
وطلبت النقابة الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وتحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة أصلياً : بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ريثما يتم الفصل في الموضوع والإحالة إلى دائرة الموضوع ، وإحتياطياً : بوقف تنفيذ الحكم ووقف الطعن تعليقاً وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر في دستورية المواد 13 ، 33 خاصة أن هناك عدة طعون على المواد 19 ، 36 ، 44 وجميعها متعلقة بذات الموضوع .
ومن حيث إنه لم يتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المقرر قانوناً .
الوقــــــائع
وتتحصل في أنه بتاريخ 27/11/2016 أقام المطعون ضدهما دعواهما بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة وطلبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً ، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه باشتراط شروط لمنح بطاقة العضوية ، وما يترتب على ذلك من آثار أبرزها المنع من مزاولة المهنة ، وفي الموضوع بإلغاء ذلك القرار ، وذكرا شرحاً لدعواهما أن نقيب المحامين في إطار ضبطه لجداول النقابة وتأكيد الخدمة النقابية فقط للمحامين المشتغلين فعلياً قرر ضرورة استيفاء دليل الاشتغال لجميع المحامين عند تجديد بطاقة العضوية السنوية أو عند تعديل القيد بتقديم ما يلي : (1) بالنسبة للسادة المحامين الذين استخرجوا بطاقة علاج عن عام 2016 وقدموا دليل الاشتغال فيها يكتفي بتقديم توكيلين وما يفيد استخدامهما عن عامي (2015/2016) . (2) بالنسبة للسادة المحامين الذين لم يقدموا دليل الاشتغال في عام 2016 ضرورة تقديم أربعة توكيلات مرفق بها دليل استخدام هذه التوكيلات فعلياً عن أعوام (2013/2014/2015/2016) . (3) يطبق عند تعديل القيد حكم أي من الفقرتين السابقتين حسب الأحوال . (4) يسري هذا القرار اعتباراً من السبت 12/11/2016 على جميع الحالات سالفة البيان . (5) تستقبل النقابة طلبات استخراج بطاقة العضوية عن عام 2017 اعتباراً من السبت 12/11/2016 ولا تسلم البطاقة إلا اعتباراً من عام 2017 (6) يتمتع صاحب التجديد المستوفي للشروط السابقة بحق الاشتراك في العلاج وفي كافة الخدمات التي تقدمها النقابة مع احتساب تلك السنوات للمعاشات أول بأول . وأضافا أن استمرار القيد بجدول المحامين المشتغلين وعدم الاستبعاد منه رهين باستمرار أداء الاشتراكات السنوية وعدم صدور قرار بمجازاة المحامي بمحو اسمه من الجدول أو منعه من مزاولة العمل لإخلاله بواجباته المهنية ، وليس لعدم مزاولة المهنة لأن عدم المزاولة لا يبرر نقل المحامي إلى جدول غير المشتغلين ما لم يطلب المحامي نفسه ذلك – وفقاً لحكم المادة 63 من قانون المحاماة ، فضلاً عن أن القرار المطعون فيه لم يراعي المراكز القانونية المتباينة للمحامين المقيدين بالجداول المختلفة ، بالإضافة إلى عدم قيامه على سببه الصحيح من القانون وصدوره مشوباً بعيب الانحراف في استعمال السلطة ، مما حدا بهما إلى إقامة الدعوى محل الطعن الماثل بُغية القضاء لهما بالطلبات سـالفة البيـان .
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسات المحكمة على النحو المبين بمحاضرها ، وقدم خلالها الحاضر عن المدعين حافظتي مستندات وثلاث مذكرات دفاع ، كما قدم الحاضر عن نقابة المحامين ثلاث حوافظ مستندات ، وبجلسة 28/2/2017 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه .
وشيدت المحكمة قضاءها – بعد رفضها الدفوع المبداة أمامها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبعدم قبولها لانتفاء القرار الإداري ولانتفاء المصلحة ، وبعد استعراضها لنصوص المواد 76 ، 77 ، 98 ، 198 من الدستور والمواد 1 ، 2 ، 3 ، 10 ، 12 ، 13 ، 16 ، 30 ، 31 ، 35 ، 39 من قانون المحاماة رقم 17 لسنه 1983 – على أن البادي من ظاهر الأوراق أن النقابة المدعى عليها أفصحت في صدر قرارها المطعون فيه أنه صدر بناء على المادة الثالثة عشر من قانون المحاماة بغرض تنقية جدول المحامين ، والتي بينت الشروط المتطلبة لقيد المحامي بالجدول العام للنقابة ، وهي شروط عامة سنها القانون على نحو منضبط لا يجوز للنقابة تعدي تخومها بدعوى إعادة تنظيمها ، وإذ خلت تلك الشروط من شرط الاشتغال الفعلي للمحامي على النحو الذي صدر به القرار المطعون فيه ، كما أن صدور القرار المطعون فيه من نقيب المحامين بإلزام طالبي تجديد الاشتراك السنوي بتقديم ما يفيد الاشتغال الفعلي يمثل تدخلاً منه في أعمال كل من لجنة القبول ومجلس النقابة وهو ما يجعل القرار المطعون فيه صادراً من غير مختص بإصداره ، كما أن البند الأول والثاني من هذا القرار تضمن إلزام كل المحامين بتقديم عدد من التوكيلات يصل إلى أربعة توكيلات وحصر أعمال المحاماة في طائفة واحدة هي الأعمال النيابية عن ذوي الشأن أمام المحاكم وغيرها من الجهات التي يستلزم الحضور أمامها صدور وكالة موثقة من ذوي الشأن للمحامي ، وذلك بالمخالفة لنص المادة الثالثة من قانون المحاماة والتي لم تحصر أعمال المحاماة في الأعمال النيابية عن ذوي الشأن إنما تمتد كذلك إلى الاستشارات القانونية وصياغة العقود ، وهي في الأهمية ذاتها وتأخذ حكمها ولا تستلزم لمباشرتها تحرير توكيل لمباشرتها ، كما يخالف هذان البندان ما نصت عليه المادة السادسة من قانون المحاماة من أن المحامي الذي يلتحق بمكتب محام ولو لم يكن شريكاً له فيه ممارساً لمهنة حرة ، ويعتبر ما يحصل عليه أتعاباً عن عمله ، وكذلك ما توجبه القوانين في نصوص أخرى متفرقة من قيام المحكمة بندب محام من الجدول لمباشرة دعوى مدنية أو جنائية دون صدور توكيل له ، بالإضافة إلى أن هناك محامون يعملون لحساب شركات خاصة ويمثلونها وليس لهم سوى وكالة واحدة صادره عن الشركة طوال مدة عملهم بالشركة ، ففي جميع الأحوال السابقة وغيرها يتم مباشرة أعمال المحاماة مباشرة فعلياً بدون شرط حصول المحامي على توكيل من ذوي الشأن ، ومن ثم يغدو حصر أعمال المحاماة فيما يصدر في التوكيلات الصادرة من ذوي الشأن دون غير ذلك من الأعمال آنفة الذكر حصراً في غير محله ومخالفاً للقانون ، كما أن البند الثالث من القرار المطعون فيه ألزم تقديم هذه التوكيلات عند تعديل القيد بجدول المحامين بالرغم من أن المشرع لم يفرض نمطاً واحداً لمفهوم الاشتغال عند طلب تعديل القيد ولم يستلزم دائماً صدور توكيل من ذوي الشأن لإثبات هذا الاشتغال ، فالمحامي إذا لم يتقدم بطلب لتعديل قيده في الجدول فإنه يظل مقيداً في الجدول بدرجة قيده ويجدد اشتراكه بهذا الحال ذاته ويستمر قيده في درجته حتى المعاش ، ولو أراد المشرع أن يحدد الاشتغال في أعمال المحاماة والتدرج في القيد والانتقال بجداولها من درجة إلى الدرجة الأعلى بنمط واحد من الأعمال وجعله بالاشتغال الفعلي - على النحو المقرر في القيد أمام محاكم الاستئناف - لما أعوزه النص على ذلك ، بل إنه حتى في أعمال الاستئناف كان قانون المحاماة أكثر تحوطاً من ذلك وأجاز إثبات الاشتغال بأن يقيد المحامي حضوره بالجلسات إذا لزم الأمر دون أن يتطلب صدور توكيل له باسمه طالما أجازت نصوص قانون المحاماة نيابة المحامين عن بعضهم في مباشرة الدعاوى ، كما أن المشرع حدد طريقة أداء الاشتراكات بالنقابة وميعاد تجديدها السنوي وجزاء التأخر أو التخلف عن سدادها وألزم المحامي بأدائها وألزم النقابة بتحصيلها منه دون اشتراط شروط أخرى عند التقدم لسدادها ، فدفع الاشتراك آثر من آثار القيد بجداول النقابة ولا يجوز الامتناع عن تجديد الاشتراك سواء بالنسبة للمحامي أو للنقابة ، فيكفي ثبوت القيد في أحد جداول المشتغلين حتى يقوم المحامي بتجديد الاشتراك بالجدول ذاته والحفاظ على الأقدمية والمعاش دون تطلب شروط أخرى عند التجديد طالما لم يثبت اعتزال المحامي لمهنة المحاماة أو اشتغاله بعمل آخر غير المحاماة أو صدور قرار بمجازاته بمحو اسمه من الجدول ومنعه من مزاولة العمل وذلك لإخلاله بواجبات مهنته ، بالإضافة إلى أن المشرع أورد في تنظيمه القانوني لصندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للمحامين دعماً مالياً لهذه الصندوق وأجاز فرض رسوم ودمغات تحصل لصالحه وجعلها إحدى موارده بهدف حماية المصالح الاجتماعية والأغراض التي يحرص المشرع ويستهدفها منه ، وهو ما يستلزم من القائمين على شئون النقابة والصندوق عدم إصدار قرار يمس هذه الحقوق أو يؤثر على استحقاقها إلا في إطار النصوص التي حددت كيفية استحقاقها وأحوال انتقاصها وليس من بين هذه الحالات إلزام المحامي تقديم توكيلات دالة على اشتغاله بمهنة المحاماة على النحو السابق بيانه ، وإلا كان ذلك إهداراً للتنظيم القانوني الذي أورده المشرع في هذا الشأن ، ولا سيما أن عدم تجديد الاشتراك للمحامي المقيد بجدول المشتغلين في ميعاده ودون أن يقوم به سبب من أسباب الانتقال إلى جدول غير المشتغلين يكون حائلاً دون ممارسة مهنة المحاماة وهي أساساً مهنة حرة لا يجوز تعطيل ممارستها إلا أن يقوم سند للنقابة في محامي معين يفقده الحق في ممارسته أو أن يصدر قراراً تأديبياً بمنعه منها ، مما يضحى القرار المطعون فيه - بحسب الظاهر من الأوراق - صادراً من غير مختص ومخالفاً للقانون ، مرجح الإلغاء عند نظر الموضوع ، الأمر الذي يتوافر معه ركن الجدية المبرر لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال ، فإن عدم تجديد الاشتراك في النقابة يمس الحق في العمل ومزاولة مهنة المحاماة وهو من الحقوق الدستورية والمساس بها يلحق أضرار بأصحابها يتعذر تداركها إذا ما قضى بإلغاء القرار المطعون فيه عند نظر الموضوع ، الأمر الذي يتوافر معه ركن الاستعجال المبرر لطلب وقف القرار المطعون فيه ، وإذ استقام طلب وقف التنفيذ على ركني الجدية والاستعجال ، فمن ثم تقضي المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار ، وخلصت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه .
ومن حيث أن مبنى الطعن المطروح يقوم علي مخالفة الحكم المطعون فيه للدستور والقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية :
أولاً : أخطأت محكمة أول درجة في تكييف طلبات المطعون ضدهما على نحو مغاير لطلباتهم وأضافت إليها ما لم يطلبوه من استحقاقهم الخدمة العلاجية والمعاش كآثر من آثار القرار الخاص بتجديد القيد بالرغم من أن حقيقة طلباتهم تكمن في الطعن على نصوص المواد 3 ، 12 ، 13 ، 16 من قانون المحاماة ، وهي بهذا المعنى ليست طعناً على قرار إداري صادر من مجلس النقابة وإنما هي طعن على نصوص قانونية تختص بنظر الطعن عليها المحكمة الدستورية العليا حال وجود شبهة تتعلق بإتفاقها مع أحكام الدستور .
ثانياً : أخطأت محكمة أول درجة في الرد على الدفعين بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبانتفاء شرط المصلحة لدى المطعون ضدهما ، فالضوابط التي حواها القرار المطعون فيه للتوكيلات الدالة على الاشتغال الفعلي بمهنة المحاماة ليست واحدة بالنسبة للمحامين على النحو الذي ذكره الحكم المطعون فيه ولكنها متباينة باختلاف عمل المحامي ودرجة قيده ، كما أن إدعاء المحكمة بأن هذا القرار يمس جموع المحامين فيه مخالفة للحقيقة والواقع ولا سند له من الأوراق ؛ فالمحامي الجزئي أو الابتدائي أو المحامي الذي قبل الضوابط آنفة الذكر والتزم بها وقام بسداد اشتراكه ليس من المخاطبين بهذا القرار ، بالإضافة إلى أن الهدف من صدور هذا القرار التثبت من بيانات المحامي وعدم فقدانه شرط من شروط ممارسة مهنة المحاماة عند تجديد قيده بالنقابة ، وهو ما تختص به محكمة استئناف القاهرة على النحو الثابت بالمواد 19 ، 33 ، 36 من قانون المحاماة .
ثالثاً : شاب الحكم المطعون فيه فساد في الاستدلال وخطأ في التسبيب استناداً إلى أن لجنة القبول بالنقابة التي يرأسها نقيب المحامين والمنصوص عليها في المادة السادسة عشر من قانون المحاماة قامت بحصر وبحث أعمال المحاماة الواردة بالمادة الثالثة وذلك بهدف ضبط ومراجعة الجداول سنوياً للثبت من مطابقة البيانات الواردة بها لقراراتها وقامت أيضاً ببحث حالات المقيدين بها الذين تقتضي حالاتهم نقل أسمائهم إلى جدول غير المشتغلين وإصدار القرارات اللازمة في هذا الشأن وقد عرضت هذه الأعمال بعد ذلك على مجلس النقابة العامة الذي يرأسه النقيب العام والذي قام باعتمادها وإقرارها إلا أن الحكم خالف ذلك وشيد قضائه على أن النقابة لم تراعي هذه الأعمال وقامت بحصرها في تقديم توكيلات كدليل على ممارسة المهنة وذلك لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالرغم من أن النقابة تعتد بأي عمل يندرج تحت وصف المادة الثالثة من قانون المحاماة يقدم إليها كدليل على ممارسة المحامي للمهنة ولكن النقابة رغبة منها في التسهيل على المحامين ارتأت أن أسرع وسيلة يمكن تقديمها كدليل على ممارسة المهنة هي سندات الوكالة رغبة منها في تحقيق غاية أن يكون المحامي ممارساً فعلياً لمهنة المحاماة لكون المحامون الممارسون للمهنة هم الذين يقوموا بتمويل صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية على النحو الذي نص عليه قانون المحاماة بجعل الاشتغال وممارسة المهنة شرطاً أساسياً في القيد والترشح للانتخابات النقابية ، كما أنه شرط أساسي لاستحقاق المحامي للمعاش على النحو الوارد بالمواد 31 ، 35 ، 132 ، 133 ، 152 ، 181 ، 196 منه .
رابعاً : أخطأت محكمة أول درجة في تطبيق القانون استناداً إلى أن أي طلب يتعلق بمعاش المحامين أو علاجهم يختص به صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية والذي يمثله قانوناً أمام القضاء نقيب المحامين ، وهو ما كان يتعين معه على المطعون ضدهما اختصام نقيب المحامين بصفته الممثل القانوني للصندوق في الدعوى المطعون في حكمها لما لهذا الصندوق من شخصية الاعتبارية مستقلة عن نقابة المحامين دون أن ينال من ذلك قيامهما باختصام نقيب المحامين في تلك الدعوى لان اختصامه كان بصفته نقيباً للمحامين وليس بصفته الممثل القانوني للصندوق ، بالإضافة إلى أن استحقاق المحامي للمعاش والعلاج وإن كان من الحقوق المقررة قانوناً له إلا أن اعتبارات العدالة توجب أن يكون استحقاقه للمحامي الممارس للمهنة ممارسة فعلية وليس للمنتسب اليها ، ولا سيما أن القانون أناط باللجنة التي تدير الصندوق سنوياً أن تعد موازنة تقديرية للسنة القادمة من حيث استحقاق المعاش المقرر صرفة في الميعاد ، وكان يتعين على الحكم المطعون فيه إعداد تنظيم دقيق لحق المحامي في استحقاق المعاش وحقه في العلاج بإلزام وزارة المالية بتحمل تكاليف المعاش والعلاج مع الصندوق ؛ خاصة وأن موارد الصندوق من دمغات وأتعاب محاماة يمولها المحامون الممارسين لمهنة المحاماة ممارسة فعلية فقط ، كما أخطأت المحكمة عند تشييد قضاءها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لصدوره من غير مختص (نقيب المحامين) وانعقاد الاختصاص بإصداره للجنة القبول ومجلس نقابة المحامين متناسياً أن تشكيل لجنة القبول ومجلس النقابة يكون برئاسة نقيب المحامين وأنهما كي يباشرا عملها ويصدرا قراراتهما التي أوكلها إياهما القانون إنما تصدر وتوقع برئاسة النقيب .
خامساً : أن الأحكام الصادرة من القضاء الإداري متضاربة حول الجهة القضائية المختصة بالطعن على القرار المطعون فيه ، الأمر الذي كان يتعين معه على محكمة أول درجة أن توقف الفصل في الدعوى وتحيلها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المادتين 13 ، 33 من قانون المحاماة ، وخلصت النقابة الطاعنة إلى طلب الحكم بطلباتها سالفة البيان .
الــرأي الـقـانـوني
من حيث إن النقابة الطاعنة تطلب الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أصلياً : برفض طلب وقف التنفيذ القرار المطعون فيه ، واحتياطياً : بوقف نظر الطعن وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر في مدى دستورية نص المادتين رقمي 13 ، 33 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 ، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات عن درجتي التقاضي .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الحاضر عن النقابة الطاعنة بتقرير الطعن بشأن عدم دستورية نص المادتين رقمي 13 ، 33 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 ، فإن المحكمة الدستورية العليا قد تواتر قضاؤها على أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع ، فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون عليه قد طبق أصلاً على المدعي ، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه ، أو كان قد أفاد من مزاياه ، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه ، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية ، ذلك أن إبطال النص في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية ، عما كان عليه عند رفعها .
(يراجع كمثال لذلك : حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 45 لسنة 28 قضائية . دستورية - جلسة 7/6/2009 ، وحكمها كذلك في القضية رقم 96 لسنة 28 قضائية . دستورية - جلسة 2/3/2008)
ومن حيث إن الثابت من مطالعة تقرير الطعن أن النقابة الطاعنة لم توجه أي مطاعن إلى نص المادة (13) من القانون المشار إليها – أحد المادتين محل الدفع بعدم الدستورية ، إذ أوردتها بختام طلباتها بتقرير الطعن دون أن تبين ما يثور حولها من شبهات بشأن عدم دستوريتها ، وإزاء ذلك وفي ضوء عدم اشتمال ذلك الشق من المادة المشار إليها والمطبق على النزاع الماثل على أية عيوب تتعلق بدستوريته ، مما لا مناص معه من رفض الدفع المثار في شأن نص المادة (13) المشار إليها ، وأما بشأن ما أثارته النقابة الطاعنة بتقرير الطعن بخصوص عدم دستورية نص المادة (33) من قانون المحاماة فيما تضمنته من تخويل محكمة استئناف القاهرة الاختصاص بالفصل في طعن صاحب الشأن على قرار لجنة قبول المحامين برفض طلب قيده بجدول المحامين أمام المحاكم الابتدائية ، فإنه – وبغض النظر عما يثور حول ذلك النص من شبهة تتعلق بمدى دستوريته – يلزم التحقق ابتداءً من أن النص المشار إليه في شقه المتعلق بإسناد أمر الفصل في قرارات لجنة قبول المحامين برفض القيد بجدول المحامين أمام المحاكم الابتدائية لمحكمة استئناف القاهرة لازم للفصل في الدعوى محل الطعن من عدمه ، ولما كان موضوع الدعوى متعلق بقرار تنظيمي صادر عن نقابة المحامين بإضافة شروط للقيد بجداول النقابة ، مما يخرج عن اختصاص محكمة استئناف القاهرة الوارد بالمادة (33) المشار إليها ، وفي ضوء ذلك وفي ظل خلو قانون المحاماة من أي نص آخر يخول الاختصاص بنظر الدعوى محل الطعن لجهة قضائية أخرى خلاف محاكم مجلس الدولة ، وبالتالي فلا يكون ما تضمنته المادة (33) المشار إليها بشأن اختصاص محكمة استئناف القاهرة بحائل دون الفصل في النزاع الماثل ، ومن ثم يتعين رفض الدفع المثار بشأن عدم دستورية المادتين (13 ، 33) من قانون المحاماة المشار إليهما ، مع الإكتفاء بذكر ذلك في الأسباب دون المنطوق ، وهو ما نرى التقرير به .
ومن حيث إنه عن شكل الطعن ، فإن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 28/2/2017 ، وأودع تقرير الطعن فيه بتاريخ 4/3/2017 ، وبالتالي فإن الطعن يكون قد تم خلال الميعاد المقرر بموجب نص المادة (44) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 ، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى المقررة قانوناً ، فمن ثم يتعين التقرير بقبوله شكلاً .
ومن حيث إن بحث موضوع الطعن يغني عن نظر طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه .
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن ، فإن النقابة الطاعنة أقامت ضمن أسباب طعنها أن محكمة أول درجة خرجت عن مقصود المطعون ضدهما من طلباتهما أمام محكمة أول درجة ، إذ جاوزت تلك الطلبات إلى القضاء بما لم يطلبه الخصوم .
ومن حيث إن المقرر بقضاء المحكمة الإدارية العليا أن تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها هو من تصريف محكمة الموضوع تجريه وفقاً لما هو مقرر من أن القاضي الإداري يهيمن على الدعوى الإدارية وله فيها دور إيجابي يحقق من خلاله مبدأ المشروعية وسيادة القانون ، ولذلك فإنه يستخلص مما يطرح عليه من أوراق ومستندات ودفاع طلبات الخصوم فيها وما يستهدفونه من إقامة الدعوى دون توقف على حرفية الألفاظ التي تستخدم في إبداء تلك الطلبات ودون تحريف لها أو قضاء بما لم يطلبوا أو يهدفون إلى تحقيقه والعبرة دائماً بالمقاصد والمعاني وليست بالألفاظ والمباني .
(يراجع : حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 4011 لسنة 50 ق.ع - جلسة 5/12/2006)
ومن حيث إن طلبات المطعون ضدهما أمام محكمة أول درجة قد انصبت على الطعن في القرار الصادر عن نقابة المحامين بإضافة شرط الاشتغال الفعلي بالمحاماة لاستمرار القيد بجداول النقابة ولتعديله وتقييد إثبات ذلك الشرط بكيفية معينة ، وإذ قامت محكمة أول درجة بتكييف طلبات المطعون ضدهما على أنها تستهدف وقف تنفيذ القرار الصادر من نقابة المحامين بعدم تجديد بطاقة العضوية إلا بعد تقديم عدد معين من التوكيلات كدليل اشتغال فعلي بالمحاماة لاستمرار القيد أو تعديله ، كما ربطت المحكمة بين وقف تنفيذ ذلك القرار وبين الحق في الاستفادة من الخدمات النقابية ومنها الرعاية الصحية والمعاش ، بحسبان أن القرار المطعون فيه ذاته – في بنده السادس – هو من ربط بين إثبات شرط الاشتغال بالمحاماة بالكيفية السابقة وبين الاستفادة من الخدمات النقابية ، وبالتالي تكون محكمة أول درجة قد أعملت صحيح حكم القانون حين أسقطت ذلك الربط كآثر من آثار وقف تنفيذ القرار الصادر بإضافة شرط الاشتغال الفعلي بالمحاماة لاستمرار القيد بجداول النقابة ولتعديله وتقييد إثبات ذلك الشرط بكيفية معينة ، وبالتالي يكون ما تضمنه تقرير الطعن في هذا الشأن في غير محله من القانون ، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه في هذا الصدد .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من الحاضر عن النقابة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى ، فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن القرار الذي لا يستظل بنص قانوني خاص ينيط الاختصاص بنظر الطعن فيه إلى جهة قضائية معينة ، فإن الاختصاص يرتد - والحال كلك - إلى محاكم مجلس الدولة صاحبة الاختصاص العام والأصيل في نظر المنازعات الإدارية والقاضي الطبيعي لها .
(يراجع : حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 778 لسنة 37 ق.ع - جلسة 24/3/1996)
ومن حيث إن قانون المحاماة أناط بمحكمة استئناف القاهرة الاختصاص بنظر الطعون المقامة من ذوي الشأن على قرارات لجنة قبول المحامين في شأن القيد بالجدول العام للمحامين وجدول المحامين أمام المحاكم الابتدائية وجدول المحامين أمام محاكم الاستئناف – وذلك على النحو الذي نظمه المشرع بالمواد (19 ، 33 ، 36) من قانون المحاماة ، كما منح الاختصاص كذلك لمحكمة استئناف القاهرة في منازعات أخرى أوردها حصراً بالمادتين (115 ، 134) من القانون المشار إليه ، كما أناط المشرع بعض المنازعات الأخرى الواردة بالقانون بالدائرة الجنائية بمحكمة النقض ، إذ أوسد إليها الاختصاص بنظر الطعون على قرارات النقل إلى جدول غير المشتغلين أو على إسقاط العضوية عن أي من أعضاء مجلس النقابة – على النحو الوارد بالمادتين (44 ، 141) من قانون المحاماة المشار إليه ، كما جعل محكمة النقض هي المختصة بالمنازعات الواردة بالمادتين (115 ، 135 مكرر) من قانون المحاماة ، ولما كانت نقابة المحامين وهي إحدى النقابات المهنية تعد من أشخاص القانون العام ، وعلى ذلك فإن ما تصدره مجالس إدارات هذه النقابات هي في الأصل قرارات إدارية يختص بنظر الطعن عليها والتعويض عنها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بحسبانه صاحب الولاية العامة بنظر الطعون في القرارات الإدارية وسائر المنازعات الإدارية باستثناء الحالات التي أفردها المشرع بنص خاص أناط به نوع معين من هذه القرارات أو المنازعات لجهة قضائية أخرى – على النحو المشار إليه ، ومن ثم فإن القرار الصادر من مجلس إدارة النقابة غير مستظل بنص خاص ينيط الاختصاص به لجهة قضائية معينة على النحو سالف البيان ، فيُرجع في شأنه إلى الأصل العام وهو اختصاص محاكم مجلس الدولة صاحبة الولاية العامة في المنازعات الإدارية ، ولما كان موضوع الدعوى محل الطعن الماثل لم يرد به نص خاص يوسد الاختصاص بالفصل فيه إلى جهة قضائية أخرى ، فيكون الفصل فيه داخلاً في اختصاص محكمة القضاء الإداري ، وإذ قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى ، فإنها تكون قد أصابت صحيح حكم القانون فيما قضت به ، ويتعين بالتالي رفض ذلك الوجه من أوجه الطعن .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من النقابة الطاعنة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري ، فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن القرار الإداري النهائي الذي يدخل في ولاية محاكم مجلس الدولة هو القرار الذي يستكمل مقومات القرار الإداري بمفهومه المستقر عليه والذي يصدر إفصاحاً من جهة الإدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرداتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً ، مستهدفاً تحقيق المصلحة العامة ، ومن ثم فإن من أركان القرار الإداري أن يكون له محل وهو المركز القانوني الذي تتجه إرادة مصدر القرار إلى إحداثه ، والآثر القانوني الذي يترتب عليه يقوم مباشرة وفي الحال وهذا الآثر هو إنشاء حالة قانونية جديدة أو تعديل في مركز قانوني قائم أو إلغاؤه .
(يراجع : حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4358 لسنة 37 ق.ع جلسة 3/5/1992 ، مشار إليه بكتاب تطور قضاء الإلغاء ودور القاضي الإداري في حماية الحقوق والحريات العامة وحقوق الإنسان للمستشار الدكتور / محمد ماهر أبو العينين - الجزء الأول - صـ 185)
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد تضمن إفصاح من نقابة المحامين بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح بإضافة شروط لاستمرار القيد بجداول النقابة المختلفة وتعديله – على النحو الذي سيرد تفصيلاً ، بما يمس المراكز القانونية لكافة المحامين ، ومن ثم يتوافر في القرار المطعون فيه كافة الشروط التي تطلبها القانون في شأن القرارات الإدارية ، ويكون ما قامت به محكمة أول درجة حين قضت برفض الدفع المشار إليه قد أصابت صحيح حكم القانون ، وهو ما يلزم معه الالتفات عن ذلك الوجه من أوجه الطعن .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من الحاضر عن النقابة بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة ، فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أنه إذا كان الشرط المقرر لقبول دعوى الإلغاء أن يكون للمدعي مصلحة قانونية في رفعها ، فإنه لا يلزم أن يمس القرار المطلوب إلغاؤه حقاً ثابتاً للمدعي على سبيل الاستئثار والانفراد ، وإنما يكفي أن يكون المدعي في حالة قانونية خاصة من شأنها أن تجعل القرار مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية له ولو شاركه فيها غيره ، كما استقر قضاؤها على أن شرط الصفة في دعوى الإلغاء يندمج في شرط المصلحة ، فتتوافر الصفة كلما كانت هناك مصلحة شخصية مباشرة ، مادية أو أدبية ، حالة أو محتملة لرافع الدعوى .
(يراجع : حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1299 لسنة 34 ق.ع - جلسة 18/3/1989 إصدار المكتب الفني السنة الرابعة والثلاثون الجزء الثاني صـ 746 ، وكذا حكمها في الطعن رقم 4496 لسنة 57 ق.ع - جلسة 23/11/2010)
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم ، فان القرار المطعون فيه الصادر عن النقابة بإضافته شرط الاشتغال الفعلي لاستمرار القيد بكافة جداولها ولتعديله وتقييد إثباته كذلك بكيفية معينة يكون قد أثر في المراكز القانونية لكافة المحامين ، مما يقيم لهم مصلحة قانونية في طلب إلغائه ، حتى وإن توافر في بعضهم شروط تجديد الاشتراك المقررة لعام 2017 ، بحسبان القرار المطعون فيه – وهو قرار تنظيمي – يسري بالنسبة للمستقبل ، بما قد يمس من مراكزهم القانونية المستقبلية – إذا لم تتوافر في شأنهم الشروط المقررة قانوناً ، وبالتالي تقوم لتلك الطائفة ممن لم يمسهم القرار في وقت إقامة الدعوى مصلحة محتملة في المستقبل لطلب إلغائه ، وهي المصلحة التي تكفي لقبول الطلبات المقدمة منهم في شأن وقف تنفيذ ذلك القرار ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع الماثل ، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق ، ويغدو من المتعين أيضاً رفض ذلك الوجه من أوجه الطعن .
ومن حيث إنه عن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، فإن المادة (12) من دستور جمهورية مصر العربية المعدل تنص على أن : " العمل حق ، وواجب ، وشرف تكفله الدولة . ولا يجوز إلزام أي مواطن بالعمل جبراً ، إلا بمقتضى قانون ، ولأداء خدمة عامة ، لمدة محددة ، وبمقابل عادل ، ودون إخلال بالحقوق الأساسية للمكلفين بالعمل " .
وتنص المادة (76) من ذلك الدستور على أن : " إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون . وتكون لها الشخصية الاعتبارية ، وتمارس نشاطها بحرية ، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم ، وحماية مصالحهم وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات ، ولا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي ، ولا يجوز إنشاء أي منها بالهيئات النظامية " .
وتنص المادة (77) من الدستور ذاته على أن : " ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي ، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها ، وطريقة قيد أعضائها ، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني ، وفقاً لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية .......... " .
وتنص المادة (98) من ذات الدستور على أن : " حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول . واستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع .......... " .
وتنص المادة (198) من الدستور ذاته على أن : " المحاماة مهنة حرة ، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة ، وسيادة القانون ، وكفالة حق الدفاع ، ويمارسها المحامي مستقلاً .......... " .
ومن حيث إن المادة الأولى من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 تنص على أن : " المحاماة مهنة حرة .......... ويمارس مهنة المحاماة المحامون وحدهم في استقلال .......... " .
وتنص المادة الثانية من ذلك القانون على أن : " يعد محامياً كل من يقيد بجداول المحامين التي ينظمها هذا القانون .......... " .
وتنص المادة الثالثة من ذات القانون على أن : " .......... ويعد من أعمال المحاماة :
الحضور عن ذوي الشأن أمام المحاكم وهيئات التحكيم والجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي وجهات التحقيق الجنائي والإداري ودوائر الشرطة والدفاع عنهم في الدعاوى التي ترفع منهم أو عليهم والقيام بأعمال المرافعات والإجراءات القضائية المتصلة بذلك .
إبداء الرأي والمشورة القانونية فيما يطلب من المحامي .
صياغة العقود واتخاذ الإجراءات اللازمة لشهرها أو توثيقها .
وتعد أيضاً من أعمال المحاماة بالنسبة لمحامي الإدارات القانونية في الجهات المنصوص عليها في هذا القانـون ، فحص الشكـاوي وإجراء التحقيقات الإدارية وصياغة اللـوائح والقـرارات الداخلية لهذه الجهات " .
وتنص المادة السادسة من القانون سالف البيان على أن : " يعتبر المحامي الذي يلتحق بمكتب محام ولو لم يكن شريكاً له فيه ، ممارساً لمهنة حرة ويعتبر ما يحصل عليه أتعاباً عن عمله " .
وتنص المادة العاشرة من القانون المشار إليه على أن : " للمحامين المشتغلين جدول عام تقيد فيه أسماؤهم ومحال إقامتهم ومقار ممارستهم المهنية . ويلحق بكل جدول الجداول الآتية :
جدول للمحامين تحت التمرين .
جدول للمحامين أمام المحاكم الابتدائية وتعتبر المحاكم الإدارية معادلة للمحاكم الابتدائية .
جدول للمحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف . وتعتبر محاكم القضاء الإداري معادلة لمحاكم الاستئناف .
جدول للمحامين المقبولين أمام محكمة النقض وتعتبر المحاكم الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا معادلة لمحكمة النقض .
جدول للمحامين غير المشتغلين .
كما ينشأ جدول خاص للمحامين بالقطاع العام والهيئات العامة والمؤسسات الصحفية تبين به أسماؤهم ومحال إقامتهم واسم الجهة التي يعملون بها " .
وتنص المادة (12) من القانون ذاته على أن : " يعهد بالجدول العام والجداول المنصوص عليها في المادة (10) إلي لجنة قبول المحامين المنصوص عليها في المادة (16) وتتولى هذه اللجنة مراجعة هذه الجداول سنوياً والتثبت من مطابقة البيانات الواردة بها لقرارات لجان القبول ، وبحث حالات المقيدين بها الذين تقتضي حالاتهم نقل أسمائهم إلي جدول غير المشتغلين وإصدار القرار اللازم في هذا الشأن " .
وتنص المادة (13) من ذات القانون – والمستبدلة بالقانـون رقم 197 لسنه 2008 – على أنه : " يشترط فيمن يطلب قيد اسمه في الجدول العام أن يكون :
متمتعاً بالجنسية المصرية ..........
متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة .
حائزاً علي شهادة الحقوق من إحدى كليات الحقوق في الجامعات المصرية أو شهادة من إحدى الجامعات الأجنبية وتعتبر معادلة لها طبقاً لأحكام القوانين واللوائح المعمول بها في مصر .
ألا يكون قد سبق إدانته بحكم نهائي في جناية ماسة بالشرف أو الأمانة أو بعقوبة جناية ، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره .
أن يكون محمود السيرة ، حسن السمعة ، أهلاً للاحترام الواجب للمهنة ، وألا تكون قد صدرت ضده أحكام تأديبية أو انتهت علاقته بوظيفته أو مهنته أو انقطعت صلته بها لأسباب ماسة بصلاحيته للوظيفة التي كان يشغلها .
اجتياز الكشف الطبي بإحدى المستشفيات التي يقررها مجلس النقابة ، للتأكد من صلاحيته لممارسة المهنة ويضع مجلس النقابة بالاتفاق مع وزير الصحة القواعد التنظيمية لذلك .
أن يسدد رسوم القيد والاشتراك السنوي .
ألا تقوم بشأنه حالة من حالات عدم جواز الجمع الواردة في المادة التالية .
ويجب لاستمرار القيد في الجداول توافر الشروط سالفة الذكر عدا البند رقم 6 من هذه المادة ، ويسقط القيد بقوة القانون من تاريخ افتقاد أي من هذه الشروط دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من لجنة القيد ، ويجب الإخطار بهذا الإجراء بكتاب موصى عليه ، وإخطار النقابة الفرعية المختصة " .
هيئة مفوضي الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى (حقوق وحريات)
تقرير مفوض الدولة
في الطعن رقم 42619 لسنة 63 ق.ع
المقام من
نقيب المحامين بصفته
ضــــــــــــــــد
أحمد عبد الله محمد ناجي
رانيا سعيد صلاح سيف النصر
طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية)
في الدعوى رقم 12937 لسنة 71 ق بجلسة 28/2/2017
الإجــــــراءات
بتاريخ 4/3/2017 أودع وكيل الطاعن المحامي بالنقض قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن الماثل قيد بجدولها بالرقم المبين بصدر هذا التقرير ، طعناً في الحكم المشار إليه بعاليه والقاضي منطوقه " بقبول الدعوى شكلاً ، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وما يترتب على ذلك من آثار ، وألزمت النقابة المدعى عليها مصروفات الشق العاجل ، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع " .
وطلبت النقابة الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وتحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة أصلياً : بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ريثما يتم الفصل في الموضوع والإحالة إلى دائرة الموضوع ، وإحتياطياً : بوقف تنفيذ الحكم ووقف الطعن تعليقاً وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر في دستورية المواد 13 ، 33 خاصة أن هناك عدة طعون على المواد 19 ، 36 ، 44 وجميعها متعلقة بذات الموضوع .
ومن حيث إنه لم يتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المقرر قانوناً .
الوقــــــائع
وتتحصل في أنه بتاريخ 27/11/2016 أقام المطعون ضدهما دعواهما بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة وطلبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً ، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه باشتراط شروط لمنح بطاقة العضوية ، وما يترتب على ذلك من آثار أبرزها المنع من مزاولة المهنة ، وفي الموضوع بإلغاء ذلك القرار ، وذكرا شرحاً لدعواهما أن نقيب المحامين في إطار ضبطه لجداول النقابة وتأكيد الخدمة النقابية فقط للمحامين المشتغلين فعلياً قرر ضرورة استيفاء دليل الاشتغال لجميع المحامين عند تجديد بطاقة العضوية السنوية أو عند تعديل القيد بتقديم ما يلي : (1) بالنسبة للسادة المحامين الذين استخرجوا بطاقة علاج عن عام 2016 وقدموا دليل الاشتغال فيها يكتفي بتقديم توكيلين وما يفيد استخدامهما عن عامي (2015/2016) . (2) بالنسبة للسادة المحامين الذين لم يقدموا دليل الاشتغال في عام 2016 ضرورة تقديم أربعة توكيلات مرفق بها دليل استخدام هذه التوكيلات فعلياً عن أعوام (2013/2014/2015/2016) . (3) يطبق عند تعديل القيد حكم أي من الفقرتين السابقتين حسب الأحوال . (4) يسري هذا القرار اعتباراً من السبت 12/11/2016 على جميع الحالات سالفة البيان . (5) تستقبل النقابة طلبات استخراج بطاقة العضوية عن عام 2017 اعتباراً من السبت 12/11/2016 ولا تسلم البطاقة إلا اعتباراً من عام 2017 (6) يتمتع صاحب التجديد المستوفي للشروط السابقة بحق الاشتراك في العلاج وفي كافة الخدمات التي تقدمها النقابة مع احتساب تلك السنوات للمعاشات أول بأول . وأضافا أن استمرار القيد بجدول المحامين المشتغلين وعدم الاستبعاد منه رهين باستمرار أداء الاشتراكات السنوية وعدم صدور قرار بمجازاة المحامي بمحو اسمه من الجدول أو منعه من مزاولة العمل لإخلاله بواجباته المهنية ، وليس لعدم مزاولة المهنة لأن عدم المزاولة لا يبرر نقل المحامي إلى جدول غير المشتغلين ما لم يطلب المحامي نفسه ذلك – وفقاً لحكم المادة 63 من قانون المحاماة ، فضلاً عن أن القرار المطعون فيه لم يراعي المراكز القانونية المتباينة للمحامين المقيدين بالجداول المختلفة ، بالإضافة إلى عدم قيامه على سببه الصحيح من القانون وصدوره مشوباً بعيب الانحراف في استعمال السلطة ، مما حدا بهما إلى إقامة الدعوى محل الطعن الماثل بُغية القضاء لهما بالطلبات سـالفة البيـان .
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسات المحكمة على النحو المبين بمحاضرها ، وقدم خلالها الحاضر عن المدعين حافظتي مستندات وثلاث مذكرات دفاع ، كما قدم الحاضر عن نقابة المحامين ثلاث حوافظ مستندات ، وبجلسة 28/2/2017 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه .
وشيدت المحكمة قضاءها – بعد رفضها الدفوع المبداة أمامها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبعدم قبولها لانتفاء القرار الإداري ولانتفاء المصلحة ، وبعد استعراضها لنصوص المواد 76 ، 77 ، 98 ، 198 من الدستور والمواد 1 ، 2 ، 3 ، 10 ، 12 ، 13 ، 16 ، 30 ، 31 ، 35 ، 39 من قانون المحاماة رقم 17 لسنه 1983 – على أن البادي من ظاهر الأوراق أن النقابة المدعى عليها أفصحت في صدر قرارها المطعون فيه أنه صدر بناء على المادة الثالثة عشر من قانون المحاماة بغرض تنقية جدول المحامين ، والتي بينت الشروط المتطلبة لقيد المحامي بالجدول العام للنقابة ، وهي شروط عامة سنها القانون على نحو منضبط لا يجوز للنقابة تعدي تخومها بدعوى إعادة تنظيمها ، وإذ خلت تلك الشروط من شرط الاشتغال الفعلي للمحامي على النحو الذي صدر به القرار المطعون فيه ، كما أن صدور القرار المطعون فيه من نقيب المحامين بإلزام طالبي تجديد الاشتراك السنوي بتقديم ما يفيد الاشتغال الفعلي يمثل تدخلاً منه في أعمال كل من لجنة القبول ومجلس النقابة وهو ما يجعل القرار المطعون فيه صادراً من غير مختص بإصداره ، كما أن البند الأول والثاني من هذا القرار تضمن إلزام كل المحامين بتقديم عدد من التوكيلات يصل إلى أربعة توكيلات وحصر أعمال المحاماة في طائفة واحدة هي الأعمال النيابية عن ذوي الشأن أمام المحاكم وغيرها من الجهات التي يستلزم الحضور أمامها صدور وكالة موثقة من ذوي الشأن للمحامي ، وذلك بالمخالفة لنص المادة الثالثة من قانون المحاماة والتي لم تحصر أعمال المحاماة في الأعمال النيابية عن ذوي الشأن إنما تمتد كذلك إلى الاستشارات القانونية وصياغة العقود ، وهي في الأهمية ذاتها وتأخذ حكمها ولا تستلزم لمباشرتها تحرير توكيل لمباشرتها ، كما يخالف هذان البندان ما نصت عليه المادة السادسة من قانون المحاماة من أن المحامي الذي يلتحق بمكتب محام ولو لم يكن شريكاً له فيه ممارساً لمهنة حرة ، ويعتبر ما يحصل عليه أتعاباً عن عمله ، وكذلك ما توجبه القوانين في نصوص أخرى متفرقة من قيام المحكمة بندب محام من الجدول لمباشرة دعوى مدنية أو جنائية دون صدور توكيل له ، بالإضافة إلى أن هناك محامون يعملون لحساب شركات خاصة ويمثلونها وليس لهم سوى وكالة واحدة صادره عن الشركة طوال مدة عملهم بالشركة ، ففي جميع الأحوال السابقة وغيرها يتم مباشرة أعمال المحاماة مباشرة فعلياً بدون شرط حصول المحامي على توكيل من ذوي الشأن ، ومن ثم يغدو حصر أعمال المحاماة فيما يصدر في التوكيلات الصادرة من ذوي الشأن دون غير ذلك من الأعمال آنفة الذكر حصراً في غير محله ومخالفاً للقانون ، كما أن البند الثالث من القرار المطعون فيه ألزم تقديم هذه التوكيلات عند تعديل القيد بجدول المحامين بالرغم من أن المشرع لم يفرض نمطاً واحداً لمفهوم الاشتغال عند طلب تعديل القيد ولم يستلزم دائماً صدور توكيل من ذوي الشأن لإثبات هذا الاشتغال ، فالمحامي إذا لم يتقدم بطلب لتعديل قيده في الجدول فإنه يظل مقيداً في الجدول بدرجة قيده ويجدد اشتراكه بهذا الحال ذاته ويستمر قيده في درجته حتى المعاش ، ولو أراد المشرع أن يحدد الاشتغال في أعمال المحاماة والتدرج في القيد والانتقال بجداولها من درجة إلى الدرجة الأعلى بنمط واحد من الأعمال وجعله بالاشتغال الفعلي - على النحو المقرر في القيد أمام محاكم الاستئناف - لما أعوزه النص على ذلك ، بل إنه حتى في أعمال الاستئناف كان قانون المحاماة أكثر تحوطاً من ذلك وأجاز إثبات الاشتغال بأن يقيد المحامي حضوره بالجلسات إذا لزم الأمر دون أن يتطلب صدور توكيل له باسمه طالما أجازت نصوص قانون المحاماة نيابة المحامين عن بعضهم في مباشرة الدعاوى ، كما أن المشرع حدد طريقة أداء الاشتراكات بالنقابة وميعاد تجديدها السنوي وجزاء التأخر أو التخلف عن سدادها وألزم المحامي بأدائها وألزم النقابة بتحصيلها منه دون اشتراط شروط أخرى عند التقدم لسدادها ، فدفع الاشتراك آثر من آثار القيد بجداول النقابة ولا يجوز الامتناع عن تجديد الاشتراك سواء بالنسبة للمحامي أو للنقابة ، فيكفي ثبوت القيد في أحد جداول المشتغلين حتى يقوم المحامي بتجديد الاشتراك بالجدول ذاته والحفاظ على الأقدمية والمعاش دون تطلب شروط أخرى عند التجديد طالما لم يثبت اعتزال المحامي لمهنة المحاماة أو اشتغاله بعمل آخر غير المحاماة أو صدور قرار بمجازاته بمحو اسمه من الجدول ومنعه من مزاولة العمل وذلك لإخلاله بواجبات مهنته ، بالإضافة إلى أن المشرع أورد في تنظيمه القانوني لصندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للمحامين دعماً مالياً لهذه الصندوق وأجاز فرض رسوم ودمغات تحصل لصالحه وجعلها إحدى موارده بهدف حماية المصالح الاجتماعية والأغراض التي يحرص المشرع ويستهدفها منه ، وهو ما يستلزم من القائمين على شئون النقابة والصندوق عدم إصدار قرار يمس هذه الحقوق أو يؤثر على استحقاقها إلا في إطار النصوص التي حددت كيفية استحقاقها وأحوال انتقاصها وليس من بين هذه الحالات إلزام المحامي تقديم توكيلات دالة على اشتغاله بمهنة المحاماة على النحو السابق بيانه ، وإلا كان ذلك إهداراً للتنظيم القانوني الذي أورده المشرع في هذا الشأن ، ولا سيما أن عدم تجديد الاشتراك للمحامي المقيد بجدول المشتغلين في ميعاده ودون أن يقوم به سبب من أسباب الانتقال إلى جدول غير المشتغلين يكون حائلاً دون ممارسة مهنة المحاماة وهي أساساً مهنة حرة لا يجوز تعطيل ممارستها إلا أن يقوم سند للنقابة في محامي معين يفقده الحق في ممارسته أو أن يصدر قراراً تأديبياً بمنعه منها ، مما يضحى القرار المطعون فيه - بحسب الظاهر من الأوراق - صادراً من غير مختص ومخالفاً للقانون ، مرجح الإلغاء عند نظر الموضوع ، الأمر الذي يتوافر معه ركن الجدية المبرر لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال ، فإن عدم تجديد الاشتراك في النقابة يمس الحق في العمل ومزاولة مهنة المحاماة وهو من الحقوق الدستورية والمساس بها يلحق أضرار بأصحابها يتعذر تداركها إذا ما قضى بإلغاء القرار المطعون فيه عند نظر الموضوع ، الأمر الذي يتوافر معه ركن الاستعجال المبرر لطلب وقف القرار المطعون فيه ، وإذ استقام طلب وقف التنفيذ على ركني الجدية والاستعجال ، فمن ثم تقضي المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار ، وخلصت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه .
ومن حيث أن مبنى الطعن المطروح يقوم علي مخالفة الحكم المطعون فيه للدستور والقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية :
أولاً : أخطأت محكمة أول درجة في تكييف طلبات المطعون ضدهما على نحو مغاير لطلباتهم وأضافت إليها ما لم يطلبوه من استحقاقهم الخدمة العلاجية والمعاش كآثر من آثار القرار الخاص بتجديد القيد بالرغم من أن حقيقة طلباتهم تكمن في الطعن على نصوص المواد 3 ، 12 ، 13 ، 16 من قانون المحاماة ، وهي بهذا المعنى ليست طعناً على قرار إداري صادر من مجلس النقابة وإنما هي طعن على نصوص قانونية تختص بنظر الطعن عليها المحكمة الدستورية العليا حال وجود شبهة تتعلق بإتفاقها مع أحكام الدستور .
ثانياً : أخطأت محكمة أول درجة في الرد على الدفعين بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبانتفاء شرط المصلحة لدى المطعون ضدهما ، فالضوابط التي حواها القرار المطعون فيه للتوكيلات الدالة على الاشتغال الفعلي بمهنة المحاماة ليست واحدة بالنسبة للمحامين على النحو الذي ذكره الحكم المطعون فيه ولكنها متباينة باختلاف عمل المحامي ودرجة قيده ، كما أن إدعاء المحكمة بأن هذا القرار يمس جموع المحامين فيه مخالفة للحقيقة والواقع ولا سند له من الأوراق ؛ فالمحامي الجزئي أو الابتدائي أو المحامي الذي قبل الضوابط آنفة الذكر والتزم بها وقام بسداد اشتراكه ليس من المخاطبين بهذا القرار ، بالإضافة إلى أن الهدف من صدور هذا القرار التثبت من بيانات المحامي وعدم فقدانه شرط من شروط ممارسة مهنة المحاماة عند تجديد قيده بالنقابة ، وهو ما تختص به محكمة استئناف القاهرة على النحو الثابت بالمواد 19 ، 33 ، 36 من قانون المحاماة .
ثالثاً : شاب الحكم المطعون فيه فساد في الاستدلال وخطأ في التسبيب استناداً إلى أن لجنة القبول بالنقابة التي يرأسها نقيب المحامين والمنصوص عليها في المادة السادسة عشر من قانون المحاماة قامت بحصر وبحث أعمال المحاماة الواردة بالمادة الثالثة وذلك بهدف ضبط ومراجعة الجداول سنوياً للثبت من مطابقة البيانات الواردة بها لقراراتها وقامت أيضاً ببحث حالات المقيدين بها الذين تقتضي حالاتهم نقل أسمائهم إلى جدول غير المشتغلين وإصدار القرارات اللازمة في هذا الشأن وقد عرضت هذه الأعمال بعد ذلك على مجلس النقابة العامة الذي يرأسه النقيب العام والذي قام باعتمادها وإقرارها إلا أن الحكم خالف ذلك وشيد قضائه على أن النقابة لم تراعي هذه الأعمال وقامت بحصرها في تقديم توكيلات كدليل على ممارسة المهنة وذلك لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالرغم من أن النقابة تعتد بأي عمل يندرج تحت وصف المادة الثالثة من قانون المحاماة يقدم إليها كدليل على ممارسة المحامي للمهنة ولكن النقابة رغبة منها في التسهيل على المحامين ارتأت أن أسرع وسيلة يمكن تقديمها كدليل على ممارسة المهنة هي سندات الوكالة رغبة منها في تحقيق غاية أن يكون المحامي ممارساً فعلياً لمهنة المحاماة لكون المحامون الممارسون للمهنة هم الذين يقوموا بتمويل صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية على النحو الذي نص عليه قانون المحاماة بجعل الاشتغال وممارسة المهنة شرطاً أساسياً في القيد والترشح للانتخابات النقابية ، كما أنه شرط أساسي لاستحقاق المحامي للمعاش على النحو الوارد بالمواد 31 ، 35 ، 132 ، 133 ، 152 ، 181 ، 196 منه .
رابعاً : أخطأت محكمة أول درجة في تطبيق القانون استناداً إلى أن أي طلب يتعلق بمعاش المحامين أو علاجهم يختص به صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية والذي يمثله قانوناً أمام القضاء نقيب المحامين ، وهو ما كان يتعين معه على المطعون ضدهما اختصام نقيب المحامين بصفته الممثل القانوني للصندوق في الدعوى المطعون في حكمها لما لهذا الصندوق من شخصية الاعتبارية مستقلة عن نقابة المحامين دون أن ينال من ذلك قيامهما باختصام نقيب المحامين في تلك الدعوى لان اختصامه كان بصفته نقيباً للمحامين وليس بصفته الممثل القانوني للصندوق ، بالإضافة إلى أن استحقاق المحامي للمعاش والعلاج وإن كان من الحقوق المقررة قانوناً له إلا أن اعتبارات العدالة توجب أن يكون استحقاقه للمحامي الممارس للمهنة ممارسة فعلية وليس للمنتسب اليها ، ولا سيما أن القانون أناط باللجنة التي تدير الصندوق سنوياً أن تعد موازنة تقديرية للسنة القادمة من حيث استحقاق المعاش المقرر صرفة في الميعاد ، وكان يتعين على الحكم المطعون فيه إعداد تنظيم دقيق لحق المحامي في استحقاق المعاش وحقه في العلاج بإلزام وزارة المالية بتحمل تكاليف المعاش والعلاج مع الصندوق ؛ خاصة وأن موارد الصندوق من دمغات وأتعاب محاماة يمولها المحامون الممارسين لمهنة المحاماة ممارسة فعلية فقط ، كما أخطأت المحكمة عند تشييد قضاءها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لصدوره من غير مختص (نقيب المحامين) وانعقاد الاختصاص بإصداره للجنة القبول ومجلس نقابة المحامين متناسياً أن تشكيل لجنة القبول ومجلس النقابة يكون برئاسة نقيب المحامين وأنهما كي يباشرا عملها ويصدرا قراراتهما التي أوكلها إياهما القانون إنما تصدر وتوقع برئاسة النقيب .
خامساً : أن الأحكام الصادرة من القضاء الإداري متضاربة حول الجهة القضائية المختصة بالطعن على القرار المطعون فيه ، الأمر الذي كان يتعين معه على محكمة أول درجة أن توقف الفصل في الدعوى وتحيلها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المادتين 13 ، 33 من قانون المحاماة ، وخلصت النقابة الطاعنة إلى طلب الحكم بطلباتها سالفة البيان .
الــرأي الـقـانـوني
من حيث إن النقابة الطاعنة تطلب الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أصلياً : برفض طلب وقف التنفيذ القرار المطعون فيه ، واحتياطياً : بوقف نظر الطعن وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر في مدى دستورية نص المادتين رقمي 13 ، 33 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 ، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات عن درجتي التقاضي .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الحاضر عن النقابة الطاعنة بتقرير الطعن بشأن عدم دستورية نص المادتين رقمي 13 ، 33 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 ، فإن المحكمة الدستورية العليا قد تواتر قضاؤها على أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع ، فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون عليه قد طبق أصلاً على المدعي ، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه ، أو كان قد أفاد من مزاياه ، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه ، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية ، ذلك أن إبطال النص في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية ، عما كان عليه عند رفعها .
(يراجع كمثال لذلك : حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 45 لسنة 28 قضائية . دستورية - جلسة 7/6/2009 ، وحكمها كذلك في القضية رقم 96 لسنة 28 قضائية . دستورية - جلسة 2/3/2008)
ومن حيث إن الثابت من مطالعة تقرير الطعن أن النقابة الطاعنة لم توجه أي مطاعن إلى نص المادة (13) من القانون المشار إليها – أحد المادتين محل الدفع بعدم الدستورية ، إذ أوردتها بختام طلباتها بتقرير الطعن دون أن تبين ما يثور حولها من شبهات بشأن عدم دستوريتها ، وإزاء ذلك وفي ضوء عدم اشتمال ذلك الشق من المادة المشار إليها والمطبق على النزاع الماثل على أية عيوب تتعلق بدستوريته ، مما لا مناص معه من رفض الدفع المثار في شأن نص المادة (13) المشار إليها ، وأما بشأن ما أثارته النقابة الطاعنة بتقرير الطعن بخصوص عدم دستورية نص المادة (33) من قانون المحاماة فيما تضمنته من تخويل محكمة استئناف القاهرة الاختصاص بالفصل في طعن صاحب الشأن على قرار لجنة قبول المحامين برفض طلب قيده بجدول المحامين أمام المحاكم الابتدائية ، فإنه – وبغض النظر عما يثور حول ذلك النص من شبهة تتعلق بمدى دستوريته – يلزم التحقق ابتداءً من أن النص المشار إليه في شقه المتعلق بإسناد أمر الفصل في قرارات لجنة قبول المحامين برفض القيد بجدول المحامين أمام المحاكم الابتدائية لمحكمة استئناف القاهرة لازم للفصل في الدعوى محل الطعن من عدمه ، ولما كان موضوع الدعوى متعلق بقرار تنظيمي صادر عن نقابة المحامين بإضافة شروط للقيد بجداول النقابة ، مما يخرج عن اختصاص محكمة استئناف القاهرة الوارد بالمادة (33) المشار إليها ، وفي ضوء ذلك وفي ظل خلو قانون المحاماة من أي نص آخر يخول الاختصاص بنظر الدعوى محل الطعن لجهة قضائية أخرى خلاف محاكم مجلس الدولة ، وبالتالي فلا يكون ما تضمنته المادة (33) المشار إليها بشأن اختصاص محكمة استئناف القاهرة بحائل دون الفصل في النزاع الماثل ، ومن ثم يتعين رفض الدفع المثار بشأن عدم دستورية المادتين (13 ، 33) من قانون المحاماة المشار إليهما ، مع الإكتفاء بذكر ذلك في الأسباب دون المنطوق ، وهو ما نرى التقرير به .
ومن حيث إنه عن شكل الطعن ، فإن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 28/2/2017 ، وأودع تقرير الطعن فيه بتاريخ 4/3/2017 ، وبالتالي فإن الطعن يكون قد تم خلال الميعاد المقرر بموجب نص المادة (44) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 ، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى المقررة قانوناً ، فمن ثم يتعين التقرير بقبوله شكلاً .
ومن حيث إن بحث موضوع الطعن يغني عن نظر طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه .
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن ، فإن النقابة الطاعنة أقامت ضمن أسباب طعنها أن محكمة أول درجة خرجت عن مقصود المطعون ضدهما من طلباتهما أمام محكمة أول درجة ، إذ جاوزت تلك الطلبات إلى القضاء بما لم يطلبه الخصوم .
ومن حيث إن المقرر بقضاء المحكمة الإدارية العليا أن تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها هو من تصريف محكمة الموضوع تجريه وفقاً لما هو مقرر من أن القاضي الإداري يهيمن على الدعوى الإدارية وله فيها دور إيجابي يحقق من خلاله مبدأ المشروعية وسيادة القانون ، ولذلك فإنه يستخلص مما يطرح عليه من أوراق ومستندات ودفاع طلبات الخصوم فيها وما يستهدفونه من إقامة الدعوى دون توقف على حرفية الألفاظ التي تستخدم في إبداء تلك الطلبات ودون تحريف لها أو قضاء بما لم يطلبوا أو يهدفون إلى تحقيقه والعبرة دائماً بالمقاصد والمعاني وليست بالألفاظ والمباني .
(يراجع : حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 4011 لسنة 50 ق.ع - جلسة 5/12/2006)
ومن حيث إن طلبات المطعون ضدهما أمام محكمة أول درجة قد انصبت على الطعن في القرار الصادر عن نقابة المحامين بإضافة شرط الاشتغال الفعلي بالمحاماة لاستمرار القيد بجداول النقابة ولتعديله وتقييد إثبات ذلك الشرط بكيفية معينة ، وإذ قامت محكمة أول درجة بتكييف طلبات المطعون ضدهما على أنها تستهدف وقف تنفيذ القرار الصادر من نقابة المحامين بعدم تجديد بطاقة العضوية إلا بعد تقديم عدد معين من التوكيلات كدليل اشتغال فعلي بالمحاماة لاستمرار القيد أو تعديله ، كما ربطت المحكمة بين وقف تنفيذ ذلك القرار وبين الحق في الاستفادة من الخدمات النقابية ومنها الرعاية الصحية والمعاش ، بحسبان أن القرار المطعون فيه ذاته – في بنده السادس – هو من ربط بين إثبات شرط الاشتغال بالمحاماة بالكيفية السابقة وبين الاستفادة من الخدمات النقابية ، وبالتالي تكون محكمة أول درجة قد أعملت صحيح حكم القانون حين أسقطت ذلك الربط كآثر من آثار وقف تنفيذ القرار الصادر بإضافة شرط الاشتغال الفعلي بالمحاماة لاستمرار القيد بجداول النقابة ولتعديله وتقييد إثبات ذلك الشرط بكيفية معينة ، وبالتالي يكون ما تضمنه تقرير الطعن في هذا الشأن في غير محله من القانون ، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه في هذا الصدد .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من الحاضر عن النقابة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى ، فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن القرار الذي لا يستظل بنص قانوني خاص ينيط الاختصاص بنظر الطعن فيه إلى جهة قضائية معينة ، فإن الاختصاص يرتد - والحال كلك - إلى محاكم مجلس الدولة صاحبة الاختصاص العام والأصيل في نظر المنازعات الإدارية والقاضي الطبيعي لها .
(يراجع : حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 778 لسنة 37 ق.ع - جلسة 24/3/1996)
ومن حيث إن قانون المحاماة أناط بمحكمة استئناف القاهرة الاختصاص بنظر الطعون المقامة من ذوي الشأن على قرارات لجنة قبول المحامين في شأن القيد بالجدول العام للمحامين وجدول المحامين أمام المحاكم الابتدائية وجدول المحامين أمام محاكم الاستئناف – وذلك على النحو الذي نظمه المشرع بالمواد (19 ، 33 ، 36) من قانون المحاماة ، كما منح الاختصاص كذلك لمحكمة استئناف القاهرة في منازعات أخرى أوردها حصراً بالمادتين (115 ، 134) من القانون المشار إليه ، كما أناط المشرع بعض المنازعات الأخرى الواردة بالقانون بالدائرة الجنائية بمحكمة النقض ، إذ أوسد إليها الاختصاص بنظر الطعون على قرارات النقل إلى جدول غير المشتغلين أو على إسقاط العضوية عن أي من أعضاء مجلس النقابة – على النحو الوارد بالمادتين (44 ، 141) من قانون المحاماة المشار إليه ، كما جعل محكمة النقض هي المختصة بالمنازعات الواردة بالمادتين (115 ، 135 مكرر) من قانون المحاماة ، ولما كانت نقابة المحامين وهي إحدى النقابات المهنية تعد من أشخاص القانون العام ، وعلى ذلك فإن ما تصدره مجالس إدارات هذه النقابات هي في الأصل قرارات إدارية يختص بنظر الطعن عليها والتعويض عنها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بحسبانه صاحب الولاية العامة بنظر الطعون في القرارات الإدارية وسائر المنازعات الإدارية باستثناء الحالات التي أفردها المشرع بنص خاص أناط به نوع معين من هذه القرارات أو المنازعات لجهة قضائية أخرى – على النحو المشار إليه ، ومن ثم فإن القرار الصادر من مجلس إدارة النقابة غير مستظل بنص خاص ينيط الاختصاص به لجهة قضائية معينة على النحو سالف البيان ، فيُرجع في شأنه إلى الأصل العام وهو اختصاص محاكم مجلس الدولة صاحبة الولاية العامة في المنازعات الإدارية ، ولما كان موضوع الدعوى محل الطعن الماثل لم يرد به نص خاص يوسد الاختصاص بالفصل فيه إلى جهة قضائية أخرى ، فيكون الفصل فيه داخلاً في اختصاص محكمة القضاء الإداري ، وإذ قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى ، فإنها تكون قد أصابت صحيح حكم القانون فيما قضت به ، ويتعين بالتالي رفض ذلك الوجه من أوجه الطعن .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من النقابة الطاعنة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري ، فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن القرار الإداري النهائي الذي يدخل في ولاية محاكم مجلس الدولة هو القرار الذي يستكمل مقومات القرار الإداري بمفهومه المستقر عليه والذي يصدر إفصاحاً من جهة الإدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرداتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً ، مستهدفاً تحقيق المصلحة العامة ، ومن ثم فإن من أركان القرار الإداري أن يكون له محل وهو المركز القانوني الذي تتجه إرادة مصدر القرار إلى إحداثه ، والآثر القانوني الذي يترتب عليه يقوم مباشرة وفي الحال وهذا الآثر هو إنشاء حالة قانونية جديدة أو تعديل في مركز قانوني قائم أو إلغاؤه .
(يراجع : حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4358 لسنة 37 ق.ع جلسة 3/5/1992 ، مشار إليه بكتاب تطور قضاء الإلغاء ودور القاضي الإداري في حماية الحقوق والحريات العامة وحقوق الإنسان للمستشار الدكتور / محمد ماهر أبو العينين - الجزء الأول - صـ 185)
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد تضمن إفصاح من نقابة المحامين بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح بإضافة شروط لاستمرار القيد بجداول النقابة المختلفة وتعديله – على النحو الذي سيرد تفصيلاً ، بما يمس المراكز القانونية لكافة المحامين ، ومن ثم يتوافر في القرار المطعون فيه كافة الشروط التي تطلبها القانون في شأن القرارات الإدارية ، ويكون ما قامت به محكمة أول درجة حين قضت برفض الدفع المشار إليه قد أصابت صحيح حكم القانون ، وهو ما يلزم معه الالتفات عن ذلك الوجه من أوجه الطعن .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من الحاضر عن النقابة بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة ، فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أنه إذا كان الشرط المقرر لقبول دعوى الإلغاء أن يكون للمدعي مصلحة قانونية في رفعها ، فإنه لا يلزم أن يمس القرار المطلوب إلغاؤه حقاً ثابتاً للمدعي على سبيل الاستئثار والانفراد ، وإنما يكفي أن يكون المدعي في حالة قانونية خاصة من شأنها أن تجعل القرار مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية له ولو شاركه فيها غيره ، كما استقر قضاؤها على أن شرط الصفة في دعوى الإلغاء يندمج في شرط المصلحة ، فتتوافر الصفة كلما كانت هناك مصلحة شخصية مباشرة ، مادية أو أدبية ، حالة أو محتملة لرافع الدعوى .
(يراجع : حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1299 لسنة 34 ق.ع - جلسة 18/3/1989 إصدار المكتب الفني السنة الرابعة والثلاثون الجزء الثاني صـ 746 ، وكذا حكمها في الطعن رقم 4496 لسنة 57 ق.ع - جلسة 23/11/2010)
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم ، فان القرار المطعون فيه الصادر عن النقابة بإضافته شرط الاشتغال الفعلي لاستمرار القيد بكافة جداولها ولتعديله وتقييد إثباته كذلك بكيفية معينة يكون قد أثر في المراكز القانونية لكافة المحامين ، مما يقيم لهم مصلحة قانونية في طلب إلغائه ، حتى وإن توافر في بعضهم شروط تجديد الاشتراك المقررة لعام 2017 ، بحسبان القرار المطعون فيه – وهو قرار تنظيمي – يسري بالنسبة للمستقبل ، بما قد يمس من مراكزهم القانونية المستقبلية – إذا لم تتوافر في شأنهم الشروط المقررة قانوناً ، وبالتالي تقوم لتلك الطائفة ممن لم يمسهم القرار في وقت إقامة الدعوى مصلحة محتملة في المستقبل لطلب إلغائه ، وهي المصلحة التي تكفي لقبول الطلبات المقدمة منهم في شأن وقف تنفيذ ذلك القرار ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع الماثل ، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق ، ويغدو من المتعين أيضاً رفض ذلك الوجه من أوجه الطعن .
ومن حيث إنه عن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، فإن المادة (12) من دستور جمهورية مصر العربية المعدل تنص على أن : " العمل حق ، وواجب ، وشرف تكفله الدولة . ولا يجوز إلزام أي مواطن بالعمل جبراً ، إلا بمقتضى قانون ، ولأداء خدمة عامة ، لمدة محددة ، وبمقابل عادل ، ودون إخلال بالحقوق الأساسية للمكلفين بالعمل " .
وتنص المادة (76) من ذلك الدستور على أن : " إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون . وتكون لها الشخصية الاعتبارية ، وتمارس نشاطها بحرية ، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم ، وحماية مصالحهم وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات ، ولا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي ، ولا يجوز إنشاء أي منها بالهيئات النظامية " .
وتنص المادة (77) من الدستور ذاته على أن : " ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي ، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها ، وطريقة قيد أعضائها ، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني ، وفقاً لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية .......... " .
وتنص المادة (98) من ذات الدستور على أن : " حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول . واستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع .......... " .
وتنص المادة (198) من الدستور ذاته على أن : " المحاماة مهنة حرة ، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة ، وسيادة القانون ، وكفالة حق الدفاع ، ويمارسها المحامي مستقلاً .......... " .
ومن حيث إن المادة الأولى من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 تنص على أن : " المحاماة مهنة حرة .......... ويمارس مهنة المحاماة المحامون وحدهم في استقلال .......... " .
وتنص المادة الثانية من ذلك القانون على أن : " يعد محامياً كل من يقيد بجداول المحامين التي ينظمها هذا القانون .......... " .
وتنص المادة الثالثة من ذات القانون على أن : " .......... ويعد من أعمال المحاماة :
الحضور عن ذوي الشأن أمام المحاكم وهيئات التحكيم والجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي وجهات التحقيق الجنائي والإداري ودوائر الشرطة والدفاع عنهم في الدعاوى التي ترفع منهم أو عليهم والقيام بأعمال المرافعات والإجراءات القضائية المتصلة بذلك .
إبداء الرأي والمشورة القانونية فيما يطلب من المحامي .
صياغة العقود واتخاذ الإجراءات اللازمة لشهرها أو توثيقها .
وتعد أيضاً من أعمال المحاماة بالنسبة لمحامي الإدارات القانونية في الجهات المنصوص عليها في هذا القانـون ، فحص الشكـاوي وإجراء التحقيقات الإدارية وصياغة اللـوائح والقـرارات الداخلية لهذه الجهات " .
وتنص المادة السادسة من القانون سالف البيان على أن : " يعتبر المحامي الذي يلتحق بمكتب محام ولو لم يكن شريكاً له فيه ، ممارساً لمهنة حرة ويعتبر ما يحصل عليه أتعاباً عن عمله " .
وتنص المادة العاشرة من القانون المشار إليه على أن : " للمحامين المشتغلين جدول عام تقيد فيه أسماؤهم ومحال إقامتهم ومقار ممارستهم المهنية . ويلحق بكل جدول الجداول الآتية :
جدول للمحامين تحت التمرين .
جدول للمحامين أمام المحاكم الابتدائية وتعتبر المحاكم الإدارية معادلة للمحاكم الابتدائية .
جدول للمحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف . وتعتبر محاكم القضاء الإداري معادلة لمحاكم الاستئناف .
جدول للمحامين المقبولين أمام محكمة النقض وتعتبر المحاكم الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا معادلة لمحكمة النقض .
جدول للمحامين غير المشتغلين .
كما ينشأ جدول خاص للمحامين بالقطاع العام والهيئات العامة والمؤسسات الصحفية تبين به أسماؤهم ومحال إقامتهم واسم الجهة التي يعملون بها " .
وتنص المادة (12) من القانون ذاته على أن : " يعهد بالجدول العام والجداول المنصوص عليها في المادة (10) إلي لجنة قبول المحامين المنصوص عليها في المادة (16) وتتولى هذه اللجنة مراجعة هذه الجداول سنوياً والتثبت من مطابقة البيانات الواردة بها لقرارات لجان القبول ، وبحث حالات المقيدين بها الذين تقتضي حالاتهم نقل أسمائهم إلي جدول غير المشتغلين وإصدار القرار اللازم في هذا الشأن " .
وتنص المادة (13) من ذات القانون – والمستبدلة بالقانـون رقم 197 لسنه 2008 – على أنه : " يشترط فيمن يطلب قيد اسمه في الجدول العام أن يكون :
متمتعاً بالجنسية المصرية ..........
متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة .
حائزاً علي شهادة الحقوق من إحدى كليات الحقوق في الجامعات المصرية أو شهادة من إحدى الجامعات الأجنبية وتعتبر معادلة لها طبقاً لأحكام القوانين واللوائح المعمول بها في مصر .
ألا يكون قد سبق إدانته بحكم نهائي في جناية ماسة بالشرف أو الأمانة أو بعقوبة جناية ، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره .
أن يكون محمود السيرة ، حسن السمعة ، أهلاً للاحترام الواجب للمهنة ، وألا تكون قد صدرت ضده أحكام تأديبية أو انتهت علاقته بوظيفته أو مهنته أو انقطعت صلته بها لأسباب ماسة بصلاحيته للوظيفة التي كان يشغلها .
اجتياز الكشف الطبي بإحدى المستشفيات التي يقررها مجلس النقابة ، للتأكد من صلاحيته لممارسة المهنة ويضع مجلس النقابة بالاتفاق مع وزير الصحة القواعد التنظيمية لذلك .
أن يسدد رسوم القيد والاشتراك السنوي .
ألا تقوم بشأنه حالة من حالات عدم جواز الجمع الواردة في المادة التالية .
ويجب لاستمرار القيد في الجداول توافر الشروط سالفة الذكر عدا البند رقم 6 من هذه المادة ، ويسقط القيد بقوة القانون من تاريخ افتقاد أي من هذه الشروط دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من لجنة القيد ، ويجب الإخطار بهذا الإجراء بكتاب موصى عليه ، وإخطار النقابة الفرعية المختصة " .