روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    حكم محكمة محكمة آداب القاهرة الصادر فى سنة 85 بمصادرة كتاب الف ليلة وقضاء الاستئناف بالالغاء والبراءة

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    حكم محكمة محكمة آداب القاهرة الصادر فى سنة 85 بمصادرة كتاب الف ليلة وقضاء الاستئناف بالالغاء والبراءة Empty حكم محكمة محكمة آداب القاهرة الصادر فى سنة 85 بمصادرة كتاب الف ليلة وقضاء الاستئناف بالالغاء والبراءة

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأربعاء مايو 05, 2010 4:07 pm

    محكمة آداب القاهرة
    حكم باسم الشعب
    بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الموافق 19/5/1985
    برئاسة السيد الأستاذ «أحمد الحسيني» رئيس المحكمة
    وحضور الأستاذ «جمال عزت» وكيل النيابة
    و«عمر حسن محمد» أمين السر
    في القضية رقم 1142 سنة 1985 آداب القاهرة
    ضد حسين محمد صبيح
    المحكمة
    بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع المرافعة الشفوية من حيث إن النيابة العامة قد اتهمت المتهم بأنه في يوم 4/3/1985 بدائرة قسم الجمالية محافظة القاهرة.
    1- صنع وحاز بقصد الإتجار والتوزيع والعرض مطبوعات منافية للآداب العامة «مُؤلَّف «ألف ليلة وليلة» ومُؤلَّف «تسهيل المنافع» وذلك علي النحو المبين بالأوراق.
    2- استعمل الأكلاشيهات المضبوطة في نشاطه الإجرامي سالف الذكر كما أن المطبوعات المضبوطة تعد حيازتها أو بيعها أو عرضها جريمة علي النحو المبين بالأوراق وطلبت عقابه بمقتضي نص المادتين 30،178/1 عقوبات المعدلة بالقانون 29 سنة 1982.
    وقائع الدعوي
    وحيث إن واقعة الدعوي - حسبما يبين من محاضر الضبط والتحقيقات وسائر الأوراق - توجز فيهما أثبته الرائد «علي السبكي» بإدارة رعاية الأحداث في محضر الضبط المؤرخ 4/3/1985 الساعة 5.45 م من ورود معلومات تفيد قيام «مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأولاده» الكائنة بميدان الأزهر بالقاهرة بطبع وترويج نسخ من كتاب «ألف ليلة وليلة» تحوي قصصا وألفاظا خادشة للحياء وخارجة عن الآداب العامة، وأنه بإجراء التحريات السرية حول هذه المعلومات تبين صحتها حيث حصل علي نسخة من الكتاب المذكور بشرائها من المكتبة سالفة الذكر الكائنة بالعقار 180 وقف خيري بميدان الأزهر. وبفحصها تبين له أنها تحتوي قصصاً وألفاظاً وصورا مرسومة مخلة بالآداب العامة وخادشة للحياء ومنافية لأخلاق المجتمع المصري مما يدعو النشء للانحراف والفساد ويقع تحت طائلة نص المادة 178 عقوبات كما تبين له أن مدير ومالك المكتبة والمطبعة هو «حسين محمد صبيح» وأن طبع هذه النسخ يتم في داخل المطبعة الموجودة بالمكتبة المذكورة وأنه توجد كميات كبيرة من هذه النسخ بمخازن المكتبة بنفس العنوان.
    والنسخة مكونة من أربعة مجلدات وأنه قد تحرر محضر تحريات بذلك في 4/3/1985 الساعة 9ص عرض علي السيد الأستاذ مدير نيابة الآداب بالقاهرة حيث أذن في ذات التاريخ الساعة 11ص بتفتيش مكتبة ومطبعة المتهم لضبط جميع النسخ الموجودة من مؤلف «ألف ليلة وليلة» وضبط جميع ما يخالف نص المادة 178 عقوبات. وكذا ضبط جميع الأكلاشيهات الخاصة بطبع ذلك المؤلف وجميع النسخ الموجودة منه من جميع أماكن التوزيع سواء المكتبات أو الباعة وكذا ضبط المتهم.
    وأضاف أنه نفاذا لهذا الإذن توجه الساعة 1.30م نفس اليوم بصحبة قوة حيث تقابل مع المتهم داخل المكتبة حيث أحاطه علما بشخصيته ومأموريته وقام بضبط أربع نسخ من الكتاب موضوعة علي أحد الأرفف بالمكتبة واصطحبه إلي المخازن حيث تم ضبط عدد 1890 كتاباً بداخل المخزن الواقع بداخل المكتبة كما اصطحبه إلي حجرة حفظ الأكلاشيهات حيث تم ضبط 1280 أكلاشيهاً خاصًا بطبع كتاب ألف ليلة وليلة وأنه أثناء التفتيش بحثا عن نسخ الكتاب المطلوب ضبطه استرعي انتباهه كتاب عنوانه «تسهيل المنافع» وبتصفحه تبين أنه يحوي فصولاً في أوقات الجماع وكيفيته وضرره وقام بضبط 175 نسخة منه وأنه بسؤال المتهم قرر له أنه يقوم بطبع كتاب «ألف ليلة وليلة» ولا يعلم أن به شيئا مخلا بالآداب ولا توجد تعليمات بعدم طبعه وهو من كتب التراث القديم وأن كثيرا من المطابع تقوم بطبعه وبيعه.
    تحقيقات ومحاكمة
    وإذ باشرت النيابة العامة تحقيق الواقعة في 5/3/1985 أثبت المحقق إطلاعه علي نسخة من كتاب «ألف ليلة وليلة» المضبوط وكذا كتاب «تسهيل المنافع» وتبين أن كُلاَّ» منها يحوي العديد من الألفاظ والعبارات المنافية للآداب وحين سئل المتهم قرر أنه يقوم بطبع كتاب «ألف ليلة وليلة» ولا يعلم أنها منافية للآداب إذ إنها من التراث وأنه لم يقرأ ذلك الكتاب وعلل ما هو موجود في الصفحتين 34،35 من الجزء الأول بأنها طبعة قديمة وأنه عدلها من نسخ أخري كما أن كتاب «تسهيل المنافع» من كتب التراث أيضا.
    وحيث إنه بجلسة المحاكمة 31/3/1985 شرحت النيابة العامة ظروف الدعوي وطلبت توقيع أقصي العقوبة علي المتهم ومصادرة النسخ والأكلاشيهات المطبوعة وقدم وكيلها صورة ضوئية لصفحات من مؤلف «ألف ليلة وليلة» الصادر عن «دار ومطابع الشعب» و«المركز العربي الحديث للنشر والتوزيع» وبرقية مرسلة من المواطن «أحمد عبداللطيف العباد» ومقالة الكاتب «عبداللطيف فايد» بجريدة الجمهورية.
    وحضر الأستاذ/ «فريد السيد حجاج المحامي» وقرر أنه يدعي مدنيا قبل المتهم بمبلغ 51 جنيها علي سبيل التعويض المؤقت لما أصابه من أضرار أدبية وشرح ظروف الدعوي وصمم علي طلباته وانضم إليه آخرون.
    كما حضر المتهم بوكيل عنه وشرح ظروف الدعوي ودفع بعدم قبول الادعاء المدني لانعدام الضرر المباشر وقدم حافظة مستندات وطلب ندب خبير في الدعوي بصفة احتياطية وأصليا ببراءة المتهم مما أسند إليه.
    والمحكمة قررت حجز الدعوي للحكم بجلسة 21/4/1985 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء في أسبوع.. وقد وردت إلي المحكمة خلال الأجل المضروب مذكرة من النيابة العامة صممت فيها علي طلباتها وكذا مذكرة من المدعي بالحق المدني صمم فيها عن طلباته مذكرة من وكيل المتهم صمم فيها الدفع المبدي منه وعلي براءة المتهم واحتياطيا ندب خبير في الدعوي.
    وحيث إن المحكمة قررت مد أجل الحكم لجلسة اليوم (19/5/1985) لاستكمال الاطلاع.
    أركان الجريمة
    وحيث إنه عن موضوع الاتهام وقد نصت المادة 178 ع المعدلة بالقانون رقم 29 سنة 1982 في فقرتها الأولي علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنتين وبغرامة لا تقل عن 20 جنيهاً ولا تتجاوز 500 جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين، كل من صنع أو حاز بقصد الإتجار أو التوزيع أو الإيجار أو اللصق أو لعرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات أو صورا محظورة أو منقوشة أو رسوما يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية أو غير ذلك من الأشياء أو الصور عامة إذا كانت منافية للآداب العامة.
    وأركان هذه الجريمة اثنان:
    الأول الركن المادة.
    والثاني: الركن المعنوي.
    والركن المادي يتكون من عنصرين:
    أ- فعل مادي وهو أحد الأفعال الواردة علي سبيل التمثيل بالنص ومنها:
    1- صناعة وتغيير عمل أو خلق وكذا التقليد أو النقل عن شيء آخر لأي من الأشياء المذكورة في النص.
    2- الحيازة بقصد الإتجار لأي من الأشياء المذكورة في النص وبذلك يخرج عن نطاق النص الحيازة لذات الشخص وبصفة خاصة له دون غيره من الأفراد أياً كانت صلته بهم والحيازة هنا تكون للإتجار وتتحقق الحيازة حتي ولو لم يتم البيع فعلا طالما أنها كانت بقصد الإتجار.
    3- التوزيع وهو النشر أو الإذاعة أو إعطاء الأشياء المذكورة بالنص للغير بغير تمييز حتي ولو كان بالمجان ويتم التوزيع حتي ولو لم يوجد إلا عدد واحد يسلم لشخص واحد.
    ب- أن يكون ما سبق من أفعال منافية للآداب العامة ويعد انتهاكا لها. والمقصود بانتهاك حرمة الشيء هو تناوله بما لا يحل والذهاب بما له من حرمة، كذلك هو نقض العرض وتحقيق انتهاك حرمة الآداب العامة بإتيان الفعل المادي ماسا بأسس الكرامة الأدبية للجماعة، وأركان حسن سلوكهم ودعائم سموها المعنوي ويمثل هذا الانتهاك الاستهانة بالمبادئ الأخلاقية وتقويض القواعد التي تواضعت عليها الجماعة وقضي بأن الآداب العامة ترادف الحياء وتشمل بدون شك كل ما شأنه حفظ كرامة الشعب والمساعدة علي حسن سلوكه ورقي أخلاقه وهي بذلك تتضمن قواعد النظام العام الذي هو العلاقة الظاهرة علي وجودها (نقض جلسة 11/6/1910 المجموعة الرسمية 11ص 288) وتقدير ذلك يخضع لقاضي الموضوع في ضوء العادات الشائعة وتقاليد البيئة الاجتماعية وعلي هدي من مستوي الأخلاق العامة بحيث يكون المرجع هو النظر إلي الشعور العام في البيئة الاجتماعية.
    والركن المعنوي أو القصد الجنائي في هذه الجريمة هو قصد عام يكفي لشواذه مجرد ارتكابه الفعل المادي مع الإحاطة بمدي مخالفته للآداب العامة (يراجع الموسوعة الشاملة في الجرائم المخلة بالآداب العامة للأستاذ/ معوض عبدالتواب طبعة 1983 ص272 وما بعدها).
    ألفاظ سوقية
    وحيث إنه لما كان ما تقدم وقد أسندت النيابة العامة للمتهم أنه صنع وحاز بقصد الإتجار والتوزيع والعرض مطبوعات منافية للآداب «مُؤَلَّف «ألف ليلة وليلة» ومُؤَلَّف «تسهيل المنافع» كما أنه استعمل الأكلاشيهات المضبوطة في نشاطه الإجرامي سالف الذكر.
    وحيث إن المحكمة قد تبينت من الاطلاع علي نسخ مؤلف «ألف ليلة وليلة» المضبوطة بحوزة المتهم أنها تحوي العديد من الروايات عن كيفية اجتماع الجنسين ووصف لشذوذ بين النساء ومع الحيوانات وألفاظ جنسية سوقية بذيئة مخلة بالآداب العامة.
    في الجزء الأول الصفحات من 33 إلي 35 و72 و128 و148 و153 و154 و167 و182 و183 و265 و285 و286.
    وفي الجزء الثاني صفحات 110، 247، 248، 313.
    وفي الجزء الثالث صفحات 211، 246، 248، 315، 316.
    وفي الجزء الرابع صفحات 5، 63، 64، 92، 97، 213.
    وذلك علي سبيل المثال:
    كما تبين للمحكمة أن كتاب «تسهيل المنافع» قد ورد فيه من الصفحات رقم 114 إلي 120 تفصيلات عن الجماع وأوقاته وكيفيته.
    وحيث أن دفاع المتهم قد انصب علي أن الكتاب الأول «ألف ليلة وليلة» من كتب التراث التي يقوم بطبعها منذ أمد طويل وأنه لم يضف إليها أو يحذف منها شيئاً باعتبار أن التراث يجب المحافظة عليه ونشره كما هو وحجته في ذلك أن الكتاب مطبوع بطريقة التصوير الزنكوغراف نقلا عن النسخ الحكومية وليس مطبوعا بطريقة تجميع الحروف بدليل خط الأكلاشيهات الخاصة بها.
    وحيث إن ما ذهب إليه دفاع المتهم يتناقض مع ما قرره المتهم بتحقيقات النيابة العامة إذ قرر المتهم بالتحقيقات عند مواجهته بالألفاظ البذيئة الواردة في الصحفتين 34،35 من الجزء الأول بأنها طبعة قديمة وأنه عدلها من نسخ أخري.
    وقد تبينت المحكمة من الاطلاع علي سائر النسخ المضبوطة بحوزة المتهم أن هناك طبعتين من الجزئين الأول والرابع.
    فبالنسبة للجزء الأول عدّل المتهم حال الطبع «حكاية الحمال مع البنات» الواردة بالصفحات من 31 إلي 35 وحذف منها الألفاظ السوقية البذيئة وإن كان هذا الجزء قد تضمن سائر الألفاظ والروايات المخلة بالآداب الأخري سالفة البيان.
    وبالنسبة للجزء الرابع فقد عدل المتهم الصفحة رقم 213 بحذف أبيات الشعر الفاضح التي وردت في نهاية الليلة 946 وإن كان قد احتفظ ببقية ما تضمنته الطبعة السابقة من ألفاظ خارجة بذيئة وروايات جنسية منافية للآداب العامة.
    وحيث إنه لما كان ذلك كان المتهم يحاج بأن النسخ المضبوطة لديه من مؤلف «ألف ليلة وليلة» وقد قام بنقلها عن الأصل وأن هذا المؤلف من التراث الذي لا يملك الإضافة إليه أو الحذف منه وقد ثبت للمحكمة من واقع النسخ المضبوطة خلاف ذلك وأن المتهم قد قام بالحذف بعد أن تبين له منافاة بعض الألفاظ للآداب وفقا لما قرره بالتحقيقات فإن مقولة الحفاظ علي التراث تكون دفاعا واهيا أراد بها المتهم دفع الاتهام عن نفسه ونفي الجريمة قبله رغم ثبوتها في حقه.
    وحيث إن المحكمة وهي في سبيل إقامة قضاتها في هذه الدعوي تقرر أنه أيا كان وجه الرأي في مؤلف «ألف ليلة وليلة» وقيمته الأدبية فإن ذلك يخرج عن اختصاص هذه المحكمة ويتجادل فيه أصحاب الرأي ويكون مجاله الندوات الأدبية أما اختصاص هذه المحكمة فيتحدد بالطبعة المضبوطة من ذلك المؤلف وما إذا كانت هذه الطبعة تحوي عبارات وألفاظاً منافية للآداب العامة من عدمه.
    وحيث إن المحكمة تنوه إلي أن كون كتاب معين من التراث لا يرقي به إلي مصاف الكتب المقدسة التي لا يجوز المساس بها أو التي تجعله يتأبي علي القانون طالما طرح للتداول بين الناس وبدون تمييز ولقد نجحت شرطة الأحداث ونيابة الآداب فيما ذهبا إليه من المطالبة بإعمال حكم القانون علي النسخ المضبوطة.... منذ سنين عديدة بعض دور النشر التي قامت بتهذيب وتنقيح مؤلف «ألف ليلة وليلة» من الشوائب بشطب العبارات التي تخدش الحياء من هذه النسخ وطبعتها طبعات نظيفة طرحت في الأسواق أليس أدل علي ذلك ما ورد في مقدمة مؤلف ألف ليلة وليلة طبعة «دار الشعب» التي تولي إعدادها الكاتب «رشدي صالح»: عهدت إلي «دار الشعب» أن أتولي إعداد مجموعة «ألف ليلة وليلة» لتصدر في طبعة جديدة تستطيع أن تدخل كل بيت فيقبل علي قراءتها من لم يقرأها من الأدباء ويجد فيها الأبناء حكايات ممتعة ذات قيمة ويجد فيها المثقف ما يغريه بأن يضمها إلي مكتبته ويحتفظ بها ضمن مراجعه ولست أستكثر علي «ألف ليلة وليلة» أن تصل بطبعاتها الجديدة إلي هذا المستوي لكن حظ «ألف ليلة» لم تكن «كذا» دائما علي هذا القدر من الاهتمام الجاد فما أكثر ما هبطت بها الطبعات التجارية والأذواق السوقية إلي حيث اعتبرتها مجموعة من الحكايات المثيرة أو الفاضحة التي يقرؤها الصغار - خلف ظهور آبائهم - والتي لا ينبغي لمثقف يحترم ثقافته أن يطيل النظر فيها وساعد علي هذا الهبوط ظهور بعض الأعمال الخطية الرديئة التي نسبها أصحابها إلي «ألف ليلة وليلة» وهي أبعد ما تكون عنها سواء في مغزاها أو تكوينها أو مستواها الفني.
    الطبعات السابقة
    وأما بالنسبة لنشر «ألف ليلة وليلة» عن المطابع العربية فكانت طبعة بولاق لها عام 1256 (ملحوظة من الناشر: الصحيح عام 1252 هـ أي عام 1835 ميلادية) هجرية ثم كانت طبعة بيروت عام 1881 ثم توالت طباعتها في قرننا العشرين تحكمها سوق التجارة فلا تخلو من أخطاء مطبعية كثيرة ولا تسلم من تزييف «كذا» في أسماء الأعلام ولا تخلو كذلك من الإضافات التي أظن أنها أدخلت عليها أو زيدت لإثارة شهية القارئ كما يظن الناشرون ولكن هبوط الطبعات التجارية واضطرابها قد قابله في أوروبا ظهور طبعات جيدة وكتب مستندة إلي قصص «ألف ليلة» ممتازة في طبعاتها وترجمتها وكان ذلك ما يدعو المعنيين بالتراث الشعبي إلي الأسف.
    وعندما عهدت إلي «دار الشعب» بإعداد هذه الطبعة رأيت أن أحافظ قدر الاستطاعة علي الروح الأصلية فلا أحذف من الحكايات - بغرض الاختصار - ولا أعيد تنسيق وتبويب النوادربغرض التركيز بل أترك القصة تتنوع إلي النوادر تستطرد إلي الثقافة الجانبية وقد أُسقط بعض عباراتها وألفاظها التي تخدش الآداب وهذا وحده مدار الحذف.
    ملحوظة من الناشر: إلي هنا انتهي الاقتباس من مقدمة «رشدي صالح»
    وكذلك أيضا، ما ورد في طبعة «المركز العربي الحديث للنشر والتوزيع» من مؤلف «ألف ليلة وليلة» من تنويه في مقدمة الجزء الأول «تمت مراجعة قصة «ألف ليلة وليلة بمعرفة «المركز العربي الحديث للنشر والتوزيع» وتم استئصال الألفاظ غير المهذبة التي كانت تحتوي النسخ القديمة - كما تم تهذيب الأسلوب بحيث يكون في متناول الفهم مع مراعاة احتفاظ القصص بجاذبيتها المعروفة».
    الهدف ليس نشر التراث
    وحيث إنه لما كان ما تقدم وكانت النسخ المضبوطة من مؤلف «ألف ليلة وليلة» قد طبعت وأعدت للبيع للجمهور ولم تكن نسخاً محفوظة في إحدي المكتبات العامة لتكون تحت يد الباحثين المتخصصين في شئون التراث والمؤرخين للحركة الأدبية بما مرت به من مراحل تطور فإن المحكمة والحال كذلك تقرر أن هدف المتهم من طبع ونشر هذا المؤلف بصورته التي ضبطت نسخه والذي يحوي العديد من روايات كيفية اجتماع الجنسين والألفاظ الجنسية الصريحة السوقية البذيئة والأشعار المكشوفة الفاضحة وليس هو نشر التراث بل هدفه تحقيق أكبر عائد من الأرباح الشخصية مستغلا في ذلك اسم التراث وليس أدل علي ذلك قيامه بطبع طبعتين مختلفتين من نفس المؤلف وفقا لما سلف بيانه وكذلك الحال بالنسبة لكتاب «تسهيل المنافع».
    وحيث إنه لما كان ذلك وكانت محكمة النقض قد قضت بأن: «الكتب التي تحوي روايات لكيفية اجتماع الجنسين وما يحدثه ذلك من اللذة كالأقاصيص الموضوعة لبيان ما تفعله العاهرات في التفريط في أعراضهن وكيف يعرضن سلعتهن وكيف يتلذذن بالرجال ويتلذذ الرجال بهن، هذه الكتب يعتبر نشرها انتهاكا لحرمة الآداب وحسن الأخلاق لما فيه من الإغراء بالعهر خروجا علي عاطفة الحياء وهدما لقواعد الآداب العامة المصطلح عليها والتي تقضي بأن اجتماع الجنسين يجب أن يكون سريا وأن تكتم أخباره.
    ولا يفيد في هذا الصدد القول بأن الأخلاق تطورت في مصر بحيث أصبح مثل تلك الكتب لا ينافي الآداب العامة استنادا علي ما يجري في المراقص ودور السينما وشواطئ الاستحمام لأنه مهما قَلَّت عاطفة الحياء بين الناس فإنه لا يجوز للقضاء التراخي في تثبيت الفضيلة وفي تطبيق القانون (نقض جلسة 26/11/1933 الطعن 2481 لسنة 3م مجموعة الربع قرن ص292).
    وحيث إنه لما كان ما تقدم فإن التهمة تكون ثابتة قبل المتهم مما ورد بمحضر التحريات وتأيد بواقعة الضبط وتأكد مما حوته النسخ المضبوطة لديه وكذا الأكلاشيهات وقيامه بطبع طبعتين مختلفين من المؤلف الواحد أسقط من إحداهما الألفاظ المخلة بالآداب.. ومن ثم تقضي المحكمة بإدانته عملا بنص مادة الاتهام والمادة 304/2/ أ.ج.
    أقصي غرامة
    وحيث إنه في مجال تقدير العقوبة فإن المحكمة تقضي بتوقيع أقصي عقوبة الغرامة علي المتهم وتستعمل الرخصة المخولة لها قانونا في القضاء بها بدلا من عقوبة الحبس مراعاة لكبر سن المتهم وعدم سابقة ضبطه في وقائع مماثلة، كما تقضي بمصادرة جميع النسخ المضبوطة لديه من مؤلف «ألف ليلة وليلة» وتسهيل المنافع وكذا الأكلاشيهات المضبوطة عملا بنص المادة 30 من قانون العقوبات مع إلزامه بالمصروفات الجنائية.
    وحيث إنه عن الدعوي المدنية وقد طلب المدعي بالحق المدني القضاء له بالتعويض المؤقت - قبل المتهم عن الأضرار الأدبية التي أصابته من جراء نشر المتهم للعبارات والألفاظ المخلة بالآداب في مؤلف «ألف ليلة وليلة».
    فإنه لما كان من المقرر أنه يشترط لقبول الدعوي المدنية أمام المحاكم الجنائية أن يكون الضرر المطلوب التعويض عنه ناشئا مباشرة عن الفعل المكون للجريمة المرفوعة بها الدعوي الجنائية - أما إذا كان ناشئا عن فعل آخر فلا تصح المطالبة بتعويضه أمام المحاكم الجنائية «نقض 17/12/1945 الطعن 1495 لسنة 15 ق. ص 602 قاعدة/ 15» وأن القرار الذي يصلح أساسا للمطالبة بتعويض أمام المحاكم الجنائية يجب أن يكون ناشئا مباشرة عن الجريمة فإذا كان نتيجة لظروف خارجة عن الجريمة ولو متصلا بواقعتها فلا تجوز المطالبة بتعويض عنه أمام تلك المحاكم سواء بطريقة تدخل المجني عليه في الدعوي المقامة من النيابة أو يرفعه الدعوي مباشرة فيه (نقض 20/3/1944 الطعن 475 لسنة 14 ق ص 602 قاعدة/ 63) فإنه لما كان ذلك وكان المدعي بالحق الذي لم يصبه ضرر مباشر عن الفعل المكون للجريمة المنسوبة للمتهم - وهي صنع والحيازة بقصد الإتجار للمؤلف المضبوط - دائما الضرر المدعي به قد نشأ عن قراءة المدعي بالحق المدني للطبعة التي أصدرها المتهم والتي تحوي عبارات وألفاظاً منافية للآداب ومن ثم فإن دعواه المدنية قبل المتهم تكون غير مقبولة أمام المحاكم الجنائية وتقضي المحكمة بعدم قبول الدعوي المدنية وبإلزام رافعها المصروفات ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
    فلهذه الأسباب
    حكمت المحكمة حضوريا اعتباريا.
    أولا: بتغريم المتهم خمسمائة جنيه ومصادرة النسخ والأكلاشيهات المضبوطة والمصروفات الجنائية.
    ثانيا: عدم قبول الدعوي المدنية وألزمت رافعها المصروفات ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
    وفي 30 يناير 1986 حكمت محكمة شمال القاهرة بجلسة الجنح والمخالفات المستأنفة برئاسة القاضي «سيد محمود يوسف» وحضور القاضيين مصطفي عطية وعبدالله لبيب خلف بإلغاء الحكم الصادر بتغريم صاحب كشك الكتب علي سور الأزبكية وبمصادرة النسخ التي ضبطت لديه، وفي الجلسة نفسها قضت المحكمة نفسها ببراءة الناشر «محمد علي صبيح» مما أسند إليه.


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 7:48 pm