روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

2 مشترك

    رجائى عطية يكتب: ماذا جرى فى نهر العدالة؟! (١-٣)>>المقالات الثلاث

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    رجائى عطية يكتب: ماذا جرى فى نهر العدالة؟! (١-٣)>>المقالات الثلاث Empty رجائى عطية يكتب: ماذا جرى فى نهر العدالة؟! (١-٣)>>المقالات الثلاث

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الخميس يونيو 24, 2010 4:12 pm






    ٢٤/ ٦/ ٢٠١٠

    هذه خواطر قديمة، جرت حولها سطور كتبتها من نحو ثلاثة أعوام، استجدت الحاجة لإعادة الحديث فيها، مقرونة بتساؤل ملح: ماذا جرى فى نهر العدالة، وما الذى أصاب العلاقة بين أضلاع المثلث الذهبى: القضاء والنيابة العامة والمحاماة، وإلام يرجع الشرخ الأخير الذى يتوجب علينا جميعا أن نوافيه بالترميم السريع والعلاج الصادق، لتعود العدالة جارية فى نهرها بسفنها الثلاث متجهة إلى غايتها السامية فى إحقاق الحق وإرساء قيم العدل والحرية الكرامة؟

    إن مهمة العدالة مهمة بالغة السمو، بالغة الخطر أيضاً.. إلى إقامتها تعزى استقامة الأحـوال، وإلى غيابهـا يرتد كل جنوح وانحـراف، وكل غضب وانفعال، وجموح وثورة.. لن يخطئك حين تراجع سيرة فـرد، أو جماعة، أو دراسة حدث، أن تدرك أن الانفعال الذى قدم له أو أسلس إليه، هـو غياب عدل،
    قد يرده البعض إلى قصور القانون، أو إلى غلبة القوة والأقوياء، أو إلى اختلال الميزان أو الموازين، أو إلى ضياع البوصلة، أو إلى قصور رسالة العدالة عن القيام بواجباتها وتحقيق غاياتهـا، وقد يرد البعض هذا القصور إلى قصور أفـراد أو جماعات أو فئات، وقد يرده آخرون إلى اختلاف الحظوظ والمقادير وهى إلى العشوائية أقرب، وقد يجمح آخرون كأنهم ـ فى جموحهم ـ يعاتبون السماء على عدالة غائبة تركت الإنسان نهباً لجنوح الجانحين وطغيان الشر والأشرار، وغلبة الأثرة على الإيثار،
    وانعدام أو تواضع الحظوظ إزاء أخرى مفتوحة على الواسع، أو إلى نازلات لا يفهم عجز الإنسان لها حكمة أو غاية، فيسوقه هذا وذاك إلى مضاضة وضيق، ثم إلى اعتراض وشرود، ثم إلى جنوح وغضب، ثم إلى التهاب وثورة وجموح! هذه كلها مظاهر يلمسها المراقب المتأمل المتدبر، ويلمس معها تفاوتاً صعوداً وهبوطاً، كماً وكيفاً، تبعاً لأسباب الاعتراض من ناحية، وتكوين نسيج الجانح من ناحية أخرى. لذلك فغياب العدل هو مقدمة لتداعيات بالغة الجسامة، بالغة الخطر، لا يُعلم متى وكيف تتراجع وتنحسر إلاّ أن يدركها الله عز وجل بلطفه ورحمته!
    وخطير على العدالة، ليس فقط أن تضيع موازينها بين الناس، وإنما أيضاً أن تهتز بوصلتها بين أركان الثلاثى القائم على تحقيقها ورعايتها والعناية بها وبذل قصارى المستطاع للنهوض برسالتها.. تختلف الأدوار فى محاريب القضاء.. نعم، تنشد النيابة غير ما تنشده المحاماة، وتفترق بكليهما السبل بين سعى إلى الإثبات، وسعى آخر إلى الدرء والإبراء، وبين هذه وتلك يقف القضاء ممسكاً بالميزان، ساعياً إلى العدل الذى يُرمز إليه بفتاة معصوبة العينين، لا تميز ولا تفـرق ولا تستهدف إلاّ غايتها الكبرى فى إحقاق الحق..
    هذه الغاية لا يسع النيابة ولا يسع المحامـاة، إلاّ أن تقرّا بأنها هـى هـى غايتهمـا أو غاية كل منهما، وأن الاختلاف الواسع ــ أحياناً ــ فيما بين أدائهما، هو اختلاف فى النظر والرؤية، وفى الطريق والوسيلة، ولكنهما يجتمعان فى النهاية على طلب الحق.. هذا الذى ينشده القضاء ويسعى إلى إقراره!

    هذا الاتفاق النظرى تعترضه ولا شك عوارض، يرجع بعضها إلى اختلاف المواقف، بيد أن هناك عوامل مضافة بالإيجاب أو بالسلب تؤثر بالضرورة على قدرة أركان هذا الثلاثى على «التناغم» المحقق للتعاون الحقيقى للوصول إلى الغاية.. لن يستطيع أى ركن من أركان هذا المثلث أن ينصف من نفسه، وأن يؤدى بروح التعاون لا التنافر ناهيك عن التعادى، ما لم يستطع أن يقدر تقديراً ما رؤية ونظر الآخرين،
    وما لم يتسع صدره وفهمه إلى إدراك أن مهمة الأركان الثلاثة لازمة لزوم وجوب لرسالة القضاء، وأن أداء هذه المهمة وإن نهض أساساً على قدرة كل ركن على بذل ما عليه من جانبه، إلاّ أنها رهينة أيضاً بواجب كل منها فى الإقرار بحق باقى الأركان الثلاثة فى ممارسة دوره وإبراز رأيه من وجهة نظره التى يقر النظام القضائى نفسه بجدواها ولزومها، وإلاّ ما قامت الخصومة القضائية على هذا الثلاثى الذى لا يغنى أحدهم عن الآخر!
    تضيع البوصلة من المحامى إذا ضاق بالنيابة ودورها، أو سارع إليه سـوء الظـن أو سوء الفهـم، فيحسبهـا ضده، ولا يدرك أن مهمتها لا تتعلق بشخصه، ولا تترصده عنية، وإنما هى تدافع ـ وبوجهة نظرها ـ عن حق المجتمع فى أن يُصَان له أمانه، وفى أن تكون جادة أمينة على فعاليات منتجة لمحاصرة الجريمة وإثبات أدلتها والوصول إلى معاقبة الجانى أو الجناة فيها!

    وتضيع البوصلة من النيابة، إذا عدت المحاماة تطفلاً على الدعوى أو عليها، أو صنفتها على أنها مجرد تعطيل للإجراءات أو تسويغ للباطل وإنكار للحق ومن ثمّ حماية أو تشجيع على الانحراف والفساد..
    وتضيع البوصلة من النيابة أكثر، حين تصرفها السلطة التى تملك مقاليدها عن تقدير المحامى كزميل معهد وحامل رسالة وصاحب دور عليها أن تنظر إليه باحترام، وأن تعينه على القيام بمهمته الثقيلة وهو يقف إلى جوار متهم أحاطت به وحاصرته ظروف صعبة لا قدرة له على مواجهتها بغير متخصص عالـم عارف بعلمه، جامع لخبراته، مالك لنواصيه، مخلص لرسالته.. وأن تدرك أن هذه الملكات الواجبة فى المحامى ليست تحدياً للنيابة ولا لقدرات النيابة أو القضاء، وإنما هى أقدار ومهام وأنصبة موزعة فى محراب العدالة على كلٍ أن ينهض بنصيبه منها دون أن يتبرم بأداء وسعى الآخرين!

    وتضيع البوصلة من القضاء إذا لم يستوعب، بسعة صدر وتمام ثقة وقوة يقين، أنه فوق هذه وتلك بالمنصة العالية التى يرتقيها وبالعدالة السامقـة التى يتغياها ويسعى إليها ولا يصرفها عنه صارف.. فإذا كانت «الندية» هى قوام تقارع الحجج بين النيابة والمحاماة، باعتبارهما يمثلان الاتهام والدفاع، فإن السمو السامق هو عدة ومهجة القاضى والقضاء باعتباره سلطـة الحكـم الموكول إليهـا الموازنة «العاقلة» «الواعية» «الفاهمة» «المعتدلة» «المتجردة» «المنصفة» بين هؤلاء وأولاء.. وأنهـا تفقد دورها السامق إذا صنفت نفسها بين الأخصام، ولـم تدرك أنها عالية على القمـة هناك.. إليهـا «الحكم» و«الفصل»، وأن هذا لم يُجعل لها إلاّ لكونها أسمق وأعلى وأكثر تجرداً وآمن حرصاً على العدل ممن قد يصرفهم تقارع الحجج وزهو النجاح عن إدراك غاية ومكنون وجوهـر العدالة..
    لا يستطيع القاضى ـ وهو الموكول إليه الحكم بالعدل ـ أن يسير بدعواه إلى مرساها إذا ضاق صدره مهما اشتط أو طال الأداء، أو إذا ضاق صبره عن الاستماع، أو إذا ظن أنه يستغنى بعلمه عن الإنصات، أو إذا سمح بترك أى انطباع يسرى ـ خطأ أو صواباً ـ بأنه صاحب ميل أو أنه طرف من أطراف الخصومة، أو أنه يعتبر سعى النيابة أو اجتهاد المحاماة انتقاصا من وقته أو من قدرته على الفهـم والتقدير والموازنة..

    هذه قدرات مفترضة فيه، وإلاّ ما وَلِىَ المنصة العالية، ودورهـا آتٍ لا ريب فيه حين ينطق حكمـه فاصلاً بالعدل بين ما سمعه من حجج وأدلة وبراهين الخصوم.. هذا هو فصل الخطاب الذى انعقد وينعقد للقضاء، أما ميزان الذهب فى بيان وتقدير دور ومكانة كل ضلع من أضلاع هذا المثلث الذهبى، فدعونا نلتق وإياه مع عبدالعزيز باشا فهمى، شيخ القضاة والمحامين، فى كلمته الضافية التى افتتح بها حفل إنشاء محكمة النقض والإبرام المصرية فى ٥ نوفمبر ١٩٣١.

    نقلا عن : جريدة المصرى اليوم


    عدل سابقا من قبل محمد راضى مسعود في السبت يونيو 26, 2010 2:08 pm عدل 1 مرات
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    رجائى عطية يكتب: ماذا جرى فى نهر العدالة؟! (١-٣)>>المقالات الثلاث Empty رد: رجائى عطية يكتب: ماذا جرى فى نهر العدالة؟! (١-٣)>>المقالات الثلاث

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت يونيو 26, 2010 2:05 pm

    رجائى عطية يكتب:ماذا جرى فى نهر العدالة؟! (٢-٣)

    ٢٥/ ٦/ ٢٠١٠

    فى تأبينه للراحل العظيم عبدالعزيز باشا فهمى، قطب المحاماة، وقطب القضاء، وقطب السياسة والوطنية، وقطب الفكر والأدب والثقافة، وقطب الإصلاح، وقطب مجمع اللغة العربية، وقف الأستاذ الكبير عبدالرزاق السنهورى يقول: «إن الرجل الذى نؤبنه كان يمثل جيلاً كاملاً، بما ينطوى عليه هذا الجيل من علم ووطنية وأدب وثقافة وتفكير!».

    هذا الاتساع الذى جعل عبدالعزيز فهمى ممثلاً لجيل بأكمله، مرده إلى تعددية وموسوعية فى نسيجه بوأته الصدارة فى كل ما تولاه أو اضطلع به، تقلبت حياته بين المحاماة فعرفته محامياً جليلاً وثانياً للنقباء العظام فى زمن العلم والجلال والوقار، وبين القضاء فصار أول رئيس لمحكمة النقض لدى إنشائها عام ١٩٣١، وبين السياسة والوطنية فرأته مصر أحد ثلاثة يقابلون المعتمد البريطانى يطالبون باستقلال مصر ويفجرون ثورة ١٩١٩، وفى الوزارة والسلطة التشريعية ومجمع الخالدين، عرفته مصر والعالم مناضلاً لإلغاء الامتيازات الأجنبية، وعضواً بارزاً فى لجنة وضع الدستور، وقاضياً عظيماً لم يجاره أحد فى صياغته الرائعة للأحكام والمبادئ، ونصيراً للحرية فقدم استقالته كوزير للحقانية انتصاراً لحق على عبدالرازق فى التعبير عما يراه فى كتابه «الإسلام وأصول الحكم»، ومساهماً لافتا فى مجمع اللغة العربية لا يثنيه شىء عن إبداء ما يراه كفيلاً بالتحديث أو التجديد مهما اختلف معه الناس!

    هذه التعددية التى دانت لشيخ القضاة والمحامين، مع توحد الشخصية، ومع الثقافة العريضة، والأفق الأعرض، هى التى تحدث بها عبدالعزيز فهمى يوم افتتاح أعمال محكمة النقض فى نوفمبر ١٩٣١، فجمع فيها جمع العارف المقدر لكل من المحاماة والنيابة والقضاء، فى عمق فكر واتساع أفق لا انحياز فيه، حتى استطاع وهو يتبوأ موقع قاضى القضاة، ويترأس أول رئاسة لمحكمة النقض أن يطرى المحاماة بأكثر مما أطراها به أعظم المحامين،

    ويبدأ كلمته بدرس للقضاة لا يتصدى لإلقائه إلا مثل هذا الأب الموسوعى العريض.. لا يستنكف الإشارة إلى أن الخطأ فى القضاء وارد، لا يعز عليه بشر، فيقول للسامعين من كبار رجال القضاء: «هذه المحكمة التى أنشئت لتلافى الأخطاء القانونية فى الأحكام النهائية، كان وجودها أمراً ضرورياً جداً، فإنه لا يوجد أى قاض يستطيع أن يدعى لنفسه العصمة من الخطأ، ولقد حاول الشارع المصرى أن يتلافى بعض ما قد كان يقع من الخطأ فى المسائل القانونية فأنشأ نظام الدوائر المجتمعة، ولكنه كما تعلمون حضراتكم، كان قاصراً جداً، لا يتعرض للأحكام النهائية بشىء، ولا يمسها أدنى مساس،

    بل كان مقصوراً على ناحية من نواحى التقويم والإرشاد فى المبادئ القانونية دون أن يصلح من الأحكام ذاتها، وقد سارت محكمة استئناف مصر الأهلية زمناً طويلاً على هذا النظام، حتى أنشئت محكمة استئناف أسيوط فأصبح غير واف بالغرض وأصبح من الضرورات القصوى إيجاد نظام النقض والإبرام الذى هو وحده الكفيل بتحرى أوجه الصواب فيما يتعلق بالأحكام النهائية وإصلاح الخطأ فيها، لأنه يؤثر فى تلك الأحكام ويبين ما بها من الأغلاط القانونية، ويدعو إلى إعادة الإجراءات فى القضايا الصادرة فيها، فنحن مغتبطون بهذا النظام، ونحمد الله تعالى على أنه أنشئ الآن».

    من اللافت أن قاضى القضاة، عبدالعزيز باشا فهمى، هذا الموسوعى العريض، ورئيس محكمة النقض، لم ينس وهو يبدى فخره بعظماء القضاء، أن يقرن قوله بالتأكيد على عظمة المحاماة وإجلاله واحترامه العميق للمحامين، فيقول: «وإن سرورى يا حضرات القضاة وافتخارى بكم ليس يعدله إلا إعجابى وافتخارى بحضرات إخوانى المحامين الذين أعتبرهم كما تعتبرونهم أنتم عماد القضاء وسناده، أليس عملهم هو غذاء القضاء الذى يحييه؟

    ولئن كان على القضاة مشقة فى البحث للمقارنة والمفاضلة والترجيح فإن على المحامين مشقة كبرى فى البحث للإبداع والتأسيس، وليت شعرى أى المشقتين أبلغ عناءً وأشد نصباً؟ لا شك أن عناء المحامين فى عملهم عناء بالغ جداً لا يقل ألبتة عن عناء القضاة فى عملهم، بل اسمحوا لى أن أقول إن عناء المحامى- ولا ينبئك مثل خبير- أشد فى أحوال كثيرة من عناء القاضى، لأن المبدع غير المرجح»!

    لا يترك الموسوعى العريض، هذا التكريم للمحاماة مجدولاً بتكريم القضاء، إلا ويركز على أواصر العلاقة والتعاون الذى ينبغى أن يكون بينهم، فيقول «هذا يا إخوانى المحامين نظرنا إليكم، ورجاؤنا فيكم أن تكونوا دائماً عند حسن الظن بكم، وإن تقديرنا لمجهوداتكم الشاقة جعلنا جميعاً، نحن القضاة، نأخذ على أنفسنا أن نيسر عليكم سبيل السير فى عملكم، وإن أى فرصة تمكننا من تيسير السير عليكم لا نتركها إلا انتهزناها فى حدود القانون ومصلحة المتقاضين،

    ذلك بأن هذا التيسير عليكم تيسير على القضاة أيضاً، إذ القاضى قد تشغله الفكرة القانونية فيبيت لها ليالى موخوزاً مؤرقاً مثل شوك القتاد، يتمنى لو يجد من يعينه على حل مشكلها، وإن له لخير معين فى المحامى المكمل الذى لا يخلط بين واجب مهنته الشريفة وبين نزوات الهوى ونزعاته ولا يشوب عمله بما ليس من شأنه- إذا كان هذا ظناً بكم ورجاءنا فيكم فأرجو أن تكونوا دائماً عند حسن الظن بكم، وتقدروا تلك المسؤولية التى عليكم، كما يقدر القضاة مسؤوليتهم!..

    وأظننى إذ ذكرت إخوانى القضاة والإعجاب بهم، أنى أدمج مع القضاة حضرات إخوانى وزملائى النائب العمومى ورجاله، فإنهم هم أيضاً سيكون لهم إن شاء الله القدح المعلى فيما يتعلق بإحقاق الحق فى المبادئ القانونية.. نحن إذن نفتخر بالمحامين وبالنيابة وبالقضاة جميعاً»!

    هذه الكلمات العميقة المضيئة ظلت تعبر دهوراً عن العلاقة المتينة القائمة على الاحترام والتقدير المتبادل لأضلاع المثلث الذهبى فى أداء كل لدوره الواجب فى محراب العدالة.. هذه العدالة التى أنيطت برسل القضاء الذين فى كنفهم وكنف عدلهم وسعة صدرهم وعقلهم تسعى النيابة وتسعى المحاماة.. وفى رحابهم ترجو العدالة أن يأتى الانتصار لها بكلمة الحق التى بها تنطق ألسنة القضاة ومهجهم وضمائرهم! لقد كان عبدالعزيز فهمى تعبيراً حياً نابضاً عن جيله فى عصر جميل مضى، فهل نتقدم إليه؟!.

    rattia@ragaiattia.com
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    رجائى عطية يكتب: ماذا جرى فى نهر العدالة؟! (١-٣)>>المقالات الثلاث Empty رد: رجائى عطية يكتب: ماذا جرى فى نهر العدالة؟! (١-٣)>>المقالات الثلاث

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت يونيو 26, 2010 2:07 pm

    ماذا جرى فى نهر العدالة؟ (٣-٣)

    بقلم رجائى عطية ٢٦/ ٦/ ٢٠١٠

    لا يملك المطلع على الكتاب الذهبى للمحاكم الأهلية من عام ١٨٨٣ حتى ١٩٣٣ والمطبوع بمجلديه الكبيرين سنة ١٩٣٧- لا يملك أن يفارقه إعجابه بهذا العمل العظيم اللافت، بدءاً بالطباعة الفاخرة على الورق المصقول الفاخر، وفنون الخط العربى البديعة، وانتهاءً بكل ما حواه وحفظه للأجيال بتسجيله المميز الدقيق والمشفوع بالصور النفيسة لصفحات وأعلام القضاء المصرى فى ذلك الزمان..

    هؤلاء الذين تسلموا الأمانة فى زمن مثخن بآفات كثيرة ليضعوا لبنات أساس عريض ويثابروا فى جد وإخلاص على استكمال البناء ليسلموا للأجيال التالية راية للقضاء جديرة به وبمصر فى تطلعها إلى مستقبل مزهر.. فلا يكاد المطالع للكتاب يمضى مع آيات عديدة جديرة فيه بالإعجاب، حتى يلفته بقوة ما كانت عليه العلاقة القائمة على التقدير المتبادل البالغ بين القضاء وبين المحاماة ..

    كلاهما متجاوران سـواء فى الاحتفال بافتتاح محكمة استئناف أسيوط فى ١٠/٣/١٩٢٦ الذى خطب فيه من رجال المحاماة حضرة صاحب العزة الأستاذ إبراهيم الهلباوى المحامى الكبير وحضرة الأستاذ ناشـد حنا نقيب محامى أسيوط وحضره المحامون مع القضاة، أم فى الاحتفال بإنشاء محكمـة النقض فـى ٥/١١/١٩٣١ الذى فيه اطـرى قاضى القضاة عبدالعزيز باشا فهمى المحاماة إطراء العارف المقدر الحفيظ على هذه الصلة القائمة على التقدير المتبادل .. ثم لا يكاد يفرغ المتأمل من الالتفات إلى هذه الملحوظة ـ حتى يدرك أن الأمر لم ينحصر فـى مجاملات أو تشارك فـى احتفالات،

    وإنمـا صارا فيه- القضاء والمحاماة- شريكين قسيمين أو يكادان فى تدبيج الكتاب الذهبى نفسه عن المحاكم الأهلية، فيكتب- إلى جوار القضاة- صاحب العزة عزيز خانكى بك المحامى عن التشريع والقضاء قبل وبعد إنشاء المحاكم الأهلية، مثلما يكتب عن المحاماة قبل إنشاء المحاكم الأهلية، ويكتب عنها بعد إنشائها صاحب العزة توفيق دوس باشا المحامى، ثم يكتب صاحب العزة إبراهيم الهلباوى المحامى عن أعلام القضاء: الأستاذ الإمام محمد عبده الذى أمضى فى القضاء سبع سنوات من عام ١٨٨٨ حتى عين مفتيا للديار المصرية فى ٥/٦/١٨٩٩، وعن الأستاذين القاضيين الكبيرين حسن باشا عاصم وقاسم أمين صاحب «تحرير المرأة» و«المرأة الجديد»، وكما يكتب صاحب العزة مصطفى بك محمد عن المجالس الحسبية وصاحب السعادة أمين أنيس باشـا عن محكمة النقض والإبرام، وصاحب العزة كامل مرسى بك (باشا فيما بعد) عميد كلية الحقوق عن الكلية، وصاحب العزة صليب سامى بك (باشا فيما بعد) عن إدارة قضايا الحكومة التى يرأسها ـ نرى الأستاذ زكى عريبى المحامى يكتب عن لغة الأحكام - نعم الأحكام- إلى جوار كتابته عن لغة المرافعات..

    هذا التجاور يحس القارئ بمنابعه ورسوخه حين يرى كثيرا من رجال القانون قد تقلبوا ذهابا وإيابا بين القضاء والمحاماة كسعد زغلول ومحمد لبيب عطية وحامد فهمى وسيد مصطفى وسليمان حافظ وأحمد نشأت ومصطفى مرعى وغيرهم، وحين يرى أن منصب وزير العـدل أو الحقانية فيما سلف- لـم يكـن قصرا على رجـال القضاء، فشغله محامون قضاة وقضاة محامون قبل كثير من تعيين الرئيس جمال عبدالناصر للمحامى فتحى الشرقاوى وزيرا للعدل فـى الستينيات..

    لم يكن ذلك التعانق رضوخا أو استجابة لنص- قائم الآن ولكنه معطل- يخصص نسبة للمحامين فى تعيينات القضاء، وإنما صدى لاقتناع عميق متغلغل فى نسيج رجال ذلك الزمان الذين آمنوا بأن رسالة العدالة تضم الجميع فى حناياها بتآخٍ وتقدير متبادل.

    إذن لم يكن حديث عبدالعزيز باشا فهمى فى حفل إنشاء محكمة النقض- مجرد كلمات طلية لزوم الاحتفال والمجاملات، وإنما كان تعبيرا صادقا عن حالة حقيقية نجح بها هؤلاء الأسلاف العظام فى الخروج من «زقاق» «الانحياز» الفئوى إلى باحة الرؤية الشاملة التى تدرك أن رسالة العدالة جديرة بأن تؤلف بين الساعين فى محرابها وأن تجمعهم- مهما اختلفت مواقفهم وأطروحاتهم- على غاية واحدة، وألا يخل اختلاف المواقع أو الأدوار بإحساس الجميع بأنهم ينتمون إلى أسرة واحدة وتجمعهم- رغم اختلاف الرؤى- غاية واحدة..

    فنرى فى مجلدى الكتاب الذهبى للمحاكم الأهلية- كيف أن رجال القضاء ورجال المحاماة قد انصرفـوا جميعـا إلى همهـم فى خدمة العدالة بلا تحوصل أو تمحور أو انحياز، ونعجب لهـم وبهم وهم يتبادلون المواقع بلا حساسية، فيتحدث قاضى القضاة والقضاة عن المحاماة والمحامين، ويتحدث المحامون عن القضاء والقضاة والمحاكم الأهلية والحسبية.

    ومع أن الكتاب الضافى هو للمحاكم الأهلية وعنها، بما يغرى بأن يقتصر التناول والحديث فيه على المحاكم والقضاء والقضاة، فإننا نرى أن الكتاب الذهبى يفسح المجال- راغباً مرحباً بالمحاماة وقضاياها وبنائها وسبلهـا.. يكتب الأستاذ زكى عريبى المحامى عن لغة المرافعـات، ويفسـح الكتاب للمحامى النابغة أحمد رشـدى ليتحـدث عن «المحاماة كما يعرفها».. فيورد- فيما يورد- عن دراسة المحامى وثقافته الواجبة «إن من التزيد فى الكلام أن يقال إن على المحامى أن يتفقه فى القوانين فهما واستذكاراً، فما ينبغى أن يكون المحامى شيئا إذا لم يكن كذلك.

    أما أن يصبح محاميا حقا فذلك يوم لا يفوته النصيب المسعف من كل علم بينه وبين عمله صلة تكاد لا تنقطع. إنه لا محيص له من أن يصيب حظا وافرا من الفقه الشرعى والتاريخ والمنطق وعلم الاجتماع وعلم النفس وآداب البحث والمناظرة، إلى حظ موات من مبادئ العلوم الطبية والميكانيكية، وليس ذلك بعجيب ولا هو بمستكثر.. إن ضرورة العمل وحسن أدائه أصبحا يقتضيان من المحامى أن يختزن فى وعاء قلبه من المعارف ما لا يتأدى التوفيق فى المرافعة وبحث القضايا إلا به.

    أليس مما يشين المحامى أن يكون لقضيته اتصال بفن من الفنون، وأن تنضاف إلى أسانيدها تقارير خبراء فنيين ثم يقف هنالك زائغ البصر عاجـزاً عـن تفلية هذه التقارير ليميط ما فيهـا من باطل أو ليقيم ما بها من حق؟!».. ثم فى سلاسة حانية، وبصيرة نافذة، يوصى المحامين بوصاياه النفيسة وبفنون المرافعة من حصاد تجربته الطويلة المتميزة.

    ومن اللافت أن هؤلاء الأسلاف قد بنوا هذا البناء قبل أن يدين لهم ما دان لنا اليوم من المعارف والعلوم والثقافة مما كان محل سعى وطلب ومجاهـدة للتحصيل فـى زمن هؤلاء الأسلاف الذين وضعوا الأساس، فلم يكـن فى قبضتهم ومتناولهم ما صار سهل المنال ميسور التحصيل فى مصادر عديدة تزايدت فى زماننا مبوبة ومفهرسة فى المجموعات والمراجـع وشبكات الإنترنت.. وتراكمت إلى جوار المعارف- التقاليد- التى صارت دستوراً مكتوبا وغير مكتوب، ومع ذلك فإن جعبة اليوم خلت من كثير مما ضربه الأسلاف من أمثال وخطوه وحفروه من قيم وتقاليد ومبادئ.. كانت جعبة الماضى فـى هـذا الجانب أكثر ثـراء وبعـداً عـن الكبوات..

    وربما كان مرجع هذا إلى موجـة الإنشـاء والتأسيس وما يصاحب هذا عادة من همم ماضية وجد خالص تستلزمه الآمال الكبار فى البناء!! وهذا قريب من دورات الحضارات التى تصاحبها إيجابيات فى مرحلة البناء والتكوين والاندفـاع، ثم سرعـان ما يصيبها التراخى ثم الوهن والتحلل والتفكك بما يصاحبه من ميل كل فئة إلى «التمحور» الذى يسلس- وربما باللا وعى- إلى الانحيازات الفئوية التى تعطل فى الواقع رسالة العدالة، وتحل سلبيات ناحرة محل إيجابيات ثرية معطاءة كان حريا بالحاضر أن يضيف إليها لا أن ينحر منها!!

    rattia@ragaiattia.Com
    http://www.almasryalyoum.com/multimedia/video
    avatar
    على راضى مسعود
    .
    .


    عدد المساهمات : 2
    نقاط : 3
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 09/04/2010

    رجائى عطية يكتب: ماذا جرى فى نهر العدالة؟! (١-٣)>>المقالات الثلاث Empty رد: رجائى عطية يكتب: ماذا جرى فى نهر العدالة؟! (١-٣)>>المقالات الثلاث

    مُساهمة من طرف على راضى مسعود الأربعاء يونيو 30, 2010 12:18 pm

    بالله عليكم الم تخسر نقابة المحامين هذا الفارس ليكون نقيبا لها فكم نادينا وطالبنا بان نقف مع هذا الفارس ليكون نقيبا للمحامين و خير ممثل للمحاماه والمحامين ولكن.......لا تعليق

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 8:13 am