أصول التكييف فى المواد الجنائية
عند عرض الواقعة على النيابة العامة بعد انتهاء الأستدلالات والتحقيقات تقوم النيابة العام بتكييف الواقعة المطروحة ووصفها وقيدها طبقا لنصوص التحريم المناسبة , ومن هنا يتضح اهمية التكييف الصحيح لواقعة الدعوى لأن التكييف غير الصحيح يؤدى الى خطأ فى تطبيق القانون ومن هنا تبدو اهمية التكييف بالنسبة للمحقق والقاضى والخصوم فى الدعوى الجنائية .
اهمية التكييف :
التكييف qualification مشكلة ملحة تفرض نفسها على المحقق والقاضى والباحث فى مختلف فروع القانون مكرر ففى نطاق القانون الجنائى يتعين وصف الفعل الذى ارتكبه المتهم لمعرفة ما اذا كان يعتبر من قبيل السرقة او خيانة الامانة او اختلاس الأموال الأميرية ..الخ
التكييف على هذا النحو اذن هو تحليل للوقائع والتصرفات القانونية تمهيدا لأعطائها وصفها الحق ووضعها فى المكان الملائم من بين التقسيمات السائدة فى فرع معين من فروع القانون .
وتبدو بذلك اهمية التكييف فى مجال القانون الجنائى بوصفة عملية اولية ولازمة لانخضاع التصرفات او الواقعة القانونية محل النزاع للنص القانونى الذى يحكم هذا التصرف او تلك الواقعه ومن هنا كان الخطأ فى التكيف مسألة قانونية تخضع دائما لرقابة محكمة النقض .
التكييف القانونى والتشخيص الطبى :
والتكييف وفقا للمعنى الذى حددناه فى اطار العلوم القانونية قريب الشبه الى حد كبير بالتشخيص فى مجال الطب . فاذا كان من اليسير على طالب كلية الطب ان يفرق بوضوح بين العلاج المقرر لمرض معين . والعلاج الذى يتعين اتباعه لمرض اخر فان تشخيص حالة المريض وما اذا كان يشكو من هذا المرض او ذاك هو امر لا يسهل عل المبتدئ تبينه فى جميع الاحوال , ورغم ما لهذه المسألة من اهمية جوهرية غير خافية بوصفها مسألة اولية لازمة لتحديد العلاج الصحيح .
وهكذا يبدو انه اذا كان من اليسير فى مجال العلوم الطبية الاحاطة بانواع الامراض المختلفة والطرق المقررة لعلاج كل منها , فان تشخيص حالة المريض المطروحة على بساط البحث ليست بمثل هذه السهولة . ففى هذا التشخيص تتمثل القدرة الحقيقية للطبيب الكفء والتى تميزه عن غيره من الأطباء .
والامر لا يختلف كثيرا فى مجال العلوم القانونية . فقد يسهل على الكثيرين الاحاطة بالاحكام التى يتضمنها قانون معين . فطالب كلية الحقوق يعرف جيدا الاحكام الخاصة بكل من عقد البيع وعقد الايجار او عقد الهبة مثلا اما ادراك التكييف الحق والوصف السليم للعقد محل البحث فهى عملية ذهنية تحتاج الى خبرة خاصة وبصيرة نافذة . وبالاضافة الى ماتتطلبة من حاسة قانونية مرهفة .
وعلى هذا النحو يمكن القول بأن القدرة على التكييف السليم فى نطاق القانون , اسوة بالتشخيص الصحيح فى مجال الطب للنبوغ فى كل من هذين الفرعين من فروع المعرفة , بالاضافة الى كونها الاساس الذى لا غنى عنه لحسن تطبيق ما يتضمنه كل من الفرعين السابقين من احكام . ومع ذلك فان عملية التشخيص فى الطب تبدو اكثر سهولة ويسرا بالمقارنة بالتكييف فى مجال القانون اذ يستطيع الطبيب ان يستعين فى تشخيصه للمرض بوسائل مادية ومعملية يمكن عن طريقها القطع بسلامة التشخيص المبدئى الذى انتهى اليه فهو يستطيع مثلا ان يتأكد من حقيقة حالة المريض عن طريق الأشعة والفحوص المعملية بل والعمليات الجراحية التى تهدف الى مجرد الكشف عن حقيقة الداء وكل هذه الوسائل لا يملكها الباحث القانونى والذى تعد عملية التكييف بالنسبة له عملية محض تجريدية وذهنية ولهذا فهو لايستطيع ابداء الجزم بسلامة التكييف الذى انتهى اليه بصفة مطلقة وهذا هو شأن كافة العلوم الاجتماعية والتى تعد حقائقها نسبية الى حد بعيد .
كيف يقوم المحقق والقاضى بتكييف الواقعة :
ان الدعوى تعتبر امام المحكمة خليطا من الواقع والقانون والقاضى عند تطبيقه للقانون لا يجد نفسه امام نصوص تحتاج الى التفسير والتطبيق وانما يصادف مجموعة من الوقائع يتوقع على تحديدها اختيار القاعدة القانونية وهو ايضا فى تفسيره للواقعة وتطبيقها لا يضع بحثا قانونيا مجردا وانما يفصل فى دعوى محددة لها ظروفها الخاصة ووقائعها الذاتية مما يؤثر فى تحديد كلمة القانون واذا كان الامر كذلك خليطا من الواقع والقانون وظروف خاصة بكل دعوى فأن القاضى يحتاج كل الاحتياج الى ممارسة نشاط فكرى يتصف بالمنطق حتى يحسم هذا الأمر فالقاضى متى اتم فهم الواقع فى الدعوى فانه يبحث عن ما يجب تطبيقه اى تنزيله من احكام القانون على هذا الواقع ولما كانت احكام القانون مطلقات وعموميات تتناول انواعا واعدادا من الحودث لا تنحصر وكانت هذه الحوادث لا تقوم الا معينه لكل معنى منها خصوصية ليست فى غيره فلا سبيل لتنزيل تلك الاحكام على هذه الحوادث الا بعد معرفة ان ذلك المعنى يشمل ذلك المطلق او ذلك العام .
وقد يكون صعبا وكله على كل حال فيه نظر واجتهاد وهذا الاجتهاد هوما اسماه القانون فى حاصل فهم الواقع فى الدعوى الى حكم القانون او وضعه تحت عموم القاعده القانونية المنطبقة فتكييف القانون حادثا او امرا اوعقدا او تصرفا ً هو تسميته اياه باسم قانونى يحصل به لمسمى هذا الاسم من احكام واثار قانونية فتكييف ما يقع فى اخذ مال الغير بغير حق هو تسميته بانه سرقة او تبديد او خيانة امانه او نصب ليطبق على الأخذ مادة العقوبه التى يستحقها على فعلته .
وتظهر اهمية وخطورة دور القاضى فى هذا المجال لم يجر فى وضع الالفاظ القانونية على وتيرة واحدة فهو يصفها مكتفيا فيها بما ترسمه عند السامع او القارئ من صور المعانى كسوقه جريمة هتك عرض والسب والافتراء والفاظ السب وغير ذلك .
انواع التكيف :
ومفاد ما تقدم ان التكييف عملية يجريها الخصوم والمحقق والقاضى فى كل نزاع يعرض لهما ويعبر عنه باصطلاح الوصف القانونى ويقصد به تحديد انتهاء ظاهرة الى فكرة قانونية معينة وهو عصب العمل القاضى اذ يخرج عن نطاق الاعمال المادية التى يباشرها القاضى وتقع فى مجال اعماله الفنية وينقسم التكيف من حيث الموضوع الى التكييف للواقعة qualification fait وصفها بأنها عمد او ضرب افضى الى موت وتكيف للجريمة qualification d" Inlruction اعتبارها مخالفة او جنحة او جناية كما ينقسم التكييف من حيث المضمون الى ايجابى وهو اعتبار واقعة ما جريمة وسلبى وهو اخراج الواقعة من نطاق التجريم ويتم التكييف فى ضوء القانون الواجب التطبيق فما دامت الواقعة تخضع للقانون الوطنى فأن تكيفها يتم فى ضوء نصوصه بعكس ما اذا خضع للقانون الاجنبى فانه طبقا له . ولا يتقيد القاضى فى تكييفه للواقعه برأى الخصوم او اتفاقاتهم فهو صاحب السلطه فى صدده وكل ما تقيد به نصوص القانون وقاعدة احترام قانون الدفاع وفى مباشرته لهذه السلطة قد يستبعد عنصرا تمسك به الخصوم او يضيف عنصرا لم يتمسكوا به ولكنه يقف عند تكييف الوقائع المطروحه عليه سواء وردت فى محاضر الاستدلالات او التحقيق الابتدائى او النهائى او فى محاضر اعمال الخبراء المنتدبين فى الدعوى دون غير ذلك من الوقائع , والتكييف ينصب على الوقائع الموضوعه كتكييف واقعه بأنها سرقة او تبديد كما يرد ايضا على الوقائع الاجرائيه كما اذا انتهت المحكمة الى ان الواقعة قبض وليست مجرد استيقاف .
محكمة النقض المصرية والرقابه على التكييف :
لم تتردد محكمة النقض فى مصر فى فرض رقابتها على التكييف الذى تجريه محاكم الموضوع سواء فى مجال الوقائع الموضوعيه او الاجرائيه فقد راقبت محكمة النقض ما اسند الى المتهم من واقعة حصوله على مال بالتهديد وخلصت الى ان ملكيته لهذا المال تنفى عنه سلوك المجرم كما راقبت محكمة الموضوع فى ما خلصت اليه من تقديم بلاغ فى حق وكيل النيابة ينسب اليه فى حصوله على مبلغ مقابل حفظ جناية اختلاس يعد بلاغاً كاذباً كما راقبت تكييف تقليد علامة تجارية وانتهت الى ان الجريمة تتحقق متى توافرت اوجه الشبه بين العلامة الصحيحة وتلك المقلدة كما الغت حكماً لمحكمة الموضوع قضى ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية قبله في ما اسند اليه من واقعة تقليد العلامات التجارية واستندت الى انه متى اثبت الحكم ان المتهم استعمل زجاجات فارغة تحمل علامة شركة الكوكاولا المسجلة فان ذلك يوفر الجريمه المنصوص عليها فى القانون ايا كان لون المياه المعبئة فيها او نوعها كما قضت ايضا بأنه متى ثبت لمحكمةالموضوع ان المتهم ضرب المجنى عليه بسكين عدة طعنات قاصدا قتله فانه يكون قد ارتكب جريمة القتل العمد 13 .
كما قضت بان جريمة الفعل الفاضح تتحقق متى صدر من المتهم اى من الافعال المنافية للاداب فى الطريق العام وان قيام المتهم بعلاج المجنى عليه بغير تصريح له بذلك مما ترتب عليه المساس بسلامته يوفر جريمة احداث الجرح العمد المنصوص عليها فى المادة 242وقضت ايضا بان اعطاء شيك بدون رصيد الى المستفيد يحقق الجريمة المنصوص عليها فى المادة 337 عقوبات طالما كان المتهم بعدم وجود رصيد .
ومن ناحية اخرى استقرت محكمة النقض على رقابتها على الوقائع الاجرائية
فقضت بأن مشاهدة شخص يسير فى الطريق فى ساعة متأخرة من الليل ومطالبته بتقديم بطاقته الشخصية لا يعد قبضا بل مجرد استيفاء كما قضت بأنه اذا ابلغ مأمور الضبط ان المتهم يتجر فى المخدرات فتوجه إليه وما ان شاهده الاخير حتى جرى محاولاً الهرب فذلك لا يعد من حالات التلبس وأن مجرد ارتباك الشخص ووضعه يده فى جيبه مخرجاً لفافه غير واضحه لا يعد تلبثا ً وان تلفت الشخص يمينا ويساراً وارتباكه عند رؤية رجل الشرطه لا يعد من حالات التلبس كما راقبت تكيف الحكم الصادر وما اذا كان حضوريا او غيابيا فقضت بأن العبره فى وصف الحكم بانه حضورى اوغيابى هى بحقيقة الواقع بصرف النظر عن ما تقول المحكمة عنه.
نطاق التكييف الخاضع لرقابة محكمةالنقض
لا تقف رقابة النقض للتكييف على مسائل دون غيرها فكل مسألة كيفتها محكمة الموضوع تخضع لرقابة النقض فالرقابة تنصب على تكييف محكمة الموضوع لطلبات الخصوم ودفعوعهم كما تنصب على وقائع الدعوى سواء فى ذلك ما تعلق منه بموضوعها او اجرائاتها ومثال ذلك الأولى تكييف شروط التجريم او موانع العقاب او اسباب الاباحة ومثال الثانية وصف اجراء معين بانه استيقاف او قبض او تكييف اجراء بانه مجرد دخول منزل او تفتيش . وقد ترد نقابة النقض على تكييف واقعة طبيبعة ترتب اثاراُ قانونية كما ترد على واقعة ايرادية مثال الأولى تكييف حالة بأنها جنون ينفى مسؤلية الجانى ومثال الثانية اجراء بانه ترك الخصومة واخيرا فقد تنصب رقابة النقض على تكييف الجريمة ذاتها وما اذا كانت تعد مخالفة او جنحة او جناية .
حدود رقابة محكمة النقض على التكييف :
عنيت محكمة النقض بوضع روابط رقابتها على التكييف فهى تراقب ما انتهت اليه محاكم الموضوع من وقائع وامور حاذت قوة الشئ المحكوم فيه دون غيره ذلك من الوقائع الثابته فى التحقيقات وبداهة تلتزم محكمة النقض بالأصول والقواعد العامة والمعايير التى تحكم فكرة التكييف بوجه عام .
المشكلات العمليه فى تكييف الواقعه فى القانون الجنائى.
الاثار الاجرائية لتكييف الواقعة .
للتفرقة بين الجنايات والمخالفات اثاراً هامة فى نطاق القانون الاجرائى لا الموضوعى فحسب بل ان اهم اثار هذه التفرقه واجدرها بالذكر تظهر هنا بوجه خاص فمنها .
اولاً : ضمانات التحقيق الأبتدائى فهى فى الجنايات تختلف عنها فى الجنح والمخالفات فمثلا لا يجرى استجواب المتهم فى جناية او مواجهته بالشهود او باقى المتهمين الا فى حضور محامية او بعد دعوته للحضور ( 124.125اجراءات ) حين لا يلزم ذلك فى الجنح والمخالفات ومثلا يجوز القبض على المتهم فى جميع الجنايات لمجرد توافر دلائل كافية قبله حين لايجوز فى الجنح الا عند التلبس او فى جنح وارده على سبيل الحصر متى توافرت الدلائل الكافية ولا يجوز فى المخالفات اصلا ( م 34,35اجراءات )
ولا يجوز تفتيش شخص المتهم الا عند القبض القانونى الصحيح عليه طبقا لهذه المغايره ( م46/1اجراءات )
ولا يجوز تفتيش المنازل الا فى الجنايات والجنح دون المخالفات وبناءاً على توافر دلائل كافية (م90) كما ان الحبس الاحتياطى يجوز فى جميع الجنايات بعد توافر مبرراته وفى جنح بشروط خاصة حين لا يجوز فى المخالفات ( م34/1) .
ثانياً: نجد ان اجراءات الاحالة الى محكمة الموضوع تختلف فى الجنايات من جانب عنها فى الجنح والمخالفات من جانب اخر ,فمثلا لا تحال الجنايات الى محاكم الجنايات الا عن طريق المحامى العام بحسب الاصل ذلك حين تحال الجنح والمخالفات الى محكمة الموضوع بناءاً على امر يصدر من قاضى التحقيق او مستشار الاحالة بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل احد اعضاء النيابة العامة ( م232اجراءات معدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 )
ثالثاً : ان الجنايات لا تحال الى محكمة الجنايات الا بعد تحقيقها بمعرفة احدى سلطات التحقيق بالمعنى الضيق فلا تكفى فى ذلك مجرد الاستدلالات حين انها قد تكفى فى الجنح والمخالفات .
رابعاً: ان الجنايات لا تعرف نظام الادعاء المباشر حين تعرفه الجنح والمخالفات بشروط معينة ( راجع م 232,233 ) وترتب على ذلك ان احوال سقوط الحق فى اختيار الطريق الجنائى بعد المدنى تختلف فى الجنايات عنها فى الجنح والمخالفات .
خامساً : ان الاختصاص فى الجنايات لمحاكم الجنايات فلا اختصاص لهذه بنظر الجنح الا فى احوال استثنائية ذلك حين ان الاختصاص بالجنح والمخالفات هو للمحاكم الجزئية فلا اختصاص لهذه بنظر الجنايات .
سادسا : ان قواعد المحاكمة فى الجنايات تختلف عنها فى الجنح والمخالفات بما فى ذلك ضمانات هذه المحاكم وترتيب اجراءاتها بما يضيق المقام عن تفصيله ويكفى ان نشير هنا الى ان حضور مدافع عن المتهم . وجوبى فى الجنايات جوازى فى ماعداها .
وانه يجب على المتهم فى جنايه او جنحة معاقب عليها بالحبس ان يحضر بنفسه اما فى الجنح الاخرى والمخالفات فيجوز له ان ينيب عنه وكيلاً لتقديم دفاعه وهذا مع عدم الاخلال بما للمحكمة من الحق فى ان تأمره بحضوره شخصياً ( م 237 اجراءات ) .
سابعا :- ان الاوامر الجنائية غير جائزة فى الجنايات جائزه فى الجنح والمخالفات فقط وفى نطاق معين .
ثامناُ :- ان طرق الطعن تختلف فى الجنايات عنها فى الجنح والمخالفات فحين تنظر الأولى بالنسبة للموضوع على درجة واحدة تنظر الثانية على درجتين بحسب الاصل اما بالنسبه للقانون فتنظر الجنايات على درجتين والجنح على ثلاث والمخالفات على درجتين فقط اذ اجاز استئنافها . ذلك ان الطعن بالنقض يجوز بالنسبة لاحكام محاكم الجنايات جميعا وبالنسبة لاحكام محاكم الجنح المستأنفه فى جنح دون المخالفات كما نجد ان احكام المحاكم الجزئية والاستثنائية تخضع لنظام المعارضة فى الاحكام وكذلك احكام محاكم الجنايات فى الجنح والمخالفات عندما تنظرها استثناء كما فى احوال الخطأ فى الوصف والارتباط حين لا تخضع لهذا النظام احكام محاكم الجنايات فى الجنايات بل يبطل الحكم الغيابى من طلقاء نفسه بمجرد عهو د المتهم او القبض عليه ( م 395 ) بما يترتب على ذلك من نتيجه خطيره هى جواز الحكم على المتهم وعقوبه اشد من تلك السابق الحكم بها حين لا يجوز ذلك عند المعارضه من المتهم فى احكام الجنح والمخالفات .
تاسعاً : - ان مدد تقادم الدعوى عشر سنوات الجنايات وثلاثه للجنح وسنه واحده للمخالفات ( م 15 اجراءات )
عاشرا:- ان مدد تقادم العقوبه عشرون سنة للجنايات ( وثلاثون اذا كانت الاعدام ) حين انها خمس سنين فقط للجنح وسنتان للمخالفات ( م 528 اجراءات )
حادى عشر:- ان القانون قد فرق بين الجنايات والجنح والمخالفات فيما يتعلق بأثر الحكم غيابيا بالعقوبه من حيث نظام التقاضى نفسه لا مدته فحسب .ففى الجنايات تكون العقوبه المحكوم بها غيابيا ولو كانت مجرد الحبس خاضعة لوقت الحكم بها لنظام سقوط العقوبه بالتقاضى اسوه بالاحكام الحضوريه فلا يجوز من ثم الحكم بانقضاء الدعوى بالتقادم فى جنايه صدر فيها حكم غيابى اما فى الجنح والمخالفات فان الحكم الغيابى فيها – مادام لم يعلن للمحكموم عليه – هو مجرد اجراء من اجراءات الدعوى لا يترتب عليه الا قطع مدة تقادم الدعوى العموميه وتبدا من تاريخ صدوره مدة هذا التقادم .
ثانى عشر:- ان التصرف فى الجنايات بالأمر فيها بأن لا وجه لاقامتها لا يكون الا من المحامى العام او من يقوم مقامه دون غيره من وكلاء النيابه او مساعديها ( م 209اجراءات ) والا كان باطلاً حين يجوز صدور الامر بأن لا وجه لاقامة الدعوى فى الجنح والمخالفات من اى عضو من اعضاء النيابة .
ثالث عشر:- ان رد الاعتبار القضائى يتطلب ان يكون قد انقضى من تاريخ تنفيذ العقوبة او صدور العفو عنها بست سنين اذا كانت عقوبه جنائية وثلاث اذا كانت عقوبة جنحة ( م537/ثانيا اجراءات ) .
كما تتفاوت مدد رد الاعتبار بحكم القانون طبقا لما كانت العقوبة المحكوم بها هى عقوبة جناية او عقوبة جنحة ( 550 اجارءات ) .
التكييف بين القانونين الموضوعى والاجرائى
هكذا تظهر لهذا التوزيع الثلاثى للجرائم فى تشريعنا المصرى نتائج هامة فى القانون الاجرائى فضلا عن النتائج التى لمسناها فى نطاق الموضوع القانونى فيما سبق على انه من الملاحظ ان تكييف الواقعه على نحو معين يرتب من تلقاء نفسه جميع النتائج الموضوعيه والاجرائية المترتبة على هذا التكيف فلا توجد طريقتان له احداهما موضوعية والاخرى اجرائية كما لا توجد بالتالى حدود فاصلة بين نطاق كل من القانونين فى الاثار المترتبة عليه وقد اضطرت بعض المحاكم الى تكييف الواقعه فى القانون الموضوعى على نحو معين مترتب على هذا التكييف ما اقتضته الحال من اثار اجرائية كما ان بعضها الآخر استدل بخضوع الواقعة لقاعدة اجرائية معينة او عدم خضوعها – على حقيقة وصفها فى تقدير القانون الموضوعى ومن ذلك ان بعض الاحكام استدل فى تكييف الجرائم المقترنه بالاعذار القانونية المخففة بنوع المحاكم المختصة بنظرها ومدى جواز التجنيح فيها عندما كان جائزاً كما استدل بعضها الاخر بنفس هذه الاعتبارات على تكييف الواقعة فى العود المتكرر.
هذا من جانب ومن جانب اخر فان بعض القواعد الوارده بين نصوص الاجراءات الجنائية مثل تقادم الدعوى والعقوبة هى فى حقيقتها قواعد موضوعية او ذات موضوعية ولذا تلحق بها فى كثير من الاحيان خصوصا عند تعديل النص والبحث فى سريانه بأسر رجعى ومبدأ هذا السريان فتقادم الدعوى يشبه فى اثاره الى حد بعيد حكم البراءة بل ان المحاكم فى العمل تقضى عادة بالبراءة لمجرد هذا الانقضاء لا بسقوط الدعوى فحسب كما ان تقادم العقوبة يولد اثاراً تشبه اثار العفو عنها ولذا كان خطأحكم الموضوع فى هذا الشأن يعادل الخطأ فى القانون من حيث أثاره فمحكمة النقض تصحح الخطأ وتحكم طبقاً للقانون – اذا تحققت من الانقضاء – ولا يعاد البطلان فى الحكم او الاجراءات فلا تعاد المحاكمة من جديد اما نفس المحكمة التى اصدرت الحكم المنقوض مشكلة من قضاة اخرين .
عند عرض الواقعة على النيابة العامة بعد انتهاء الأستدلالات والتحقيقات تقوم النيابة العام بتكييف الواقعة المطروحة ووصفها وقيدها طبقا لنصوص التحريم المناسبة , ومن هنا يتضح اهمية التكييف الصحيح لواقعة الدعوى لأن التكييف غير الصحيح يؤدى الى خطأ فى تطبيق القانون ومن هنا تبدو اهمية التكييف بالنسبة للمحقق والقاضى والخصوم فى الدعوى الجنائية .
اهمية التكييف :
التكييف qualification مشكلة ملحة تفرض نفسها على المحقق والقاضى والباحث فى مختلف فروع القانون مكرر ففى نطاق القانون الجنائى يتعين وصف الفعل الذى ارتكبه المتهم لمعرفة ما اذا كان يعتبر من قبيل السرقة او خيانة الامانة او اختلاس الأموال الأميرية ..الخ
التكييف على هذا النحو اذن هو تحليل للوقائع والتصرفات القانونية تمهيدا لأعطائها وصفها الحق ووضعها فى المكان الملائم من بين التقسيمات السائدة فى فرع معين من فروع القانون .
وتبدو بذلك اهمية التكييف فى مجال القانون الجنائى بوصفة عملية اولية ولازمة لانخضاع التصرفات او الواقعة القانونية محل النزاع للنص القانونى الذى يحكم هذا التصرف او تلك الواقعه ومن هنا كان الخطأ فى التكيف مسألة قانونية تخضع دائما لرقابة محكمة النقض .
التكييف القانونى والتشخيص الطبى :
والتكييف وفقا للمعنى الذى حددناه فى اطار العلوم القانونية قريب الشبه الى حد كبير بالتشخيص فى مجال الطب . فاذا كان من اليسير على طالب كلية الطب ان يفرق بوضوح بين العلاج المقرر لمرض معين . والعلاج الذى يتعين اتباعه لمرض اخر فان تشخيص حالة المريض وما اذا كان يشكو من هذا المرض او ذاك هو امر لا يسهل عل المبتدئ تبينه فى جميع الاحوال , ورغم ما لهذه المسألة من اهمية جوهرية غير خافية بوصفها مسألة اولية لازمة لتحديد العلاج الصحيح .
وهكذا يبدو انه اذا كان من اليسير فى مجال العلوم الطبية الاحاطة بانواع الامراض المختلفة والطرق المقررة لعلاج كل منها , فان تشخيص حالة المريض المطروحة على بساط البحث ليست بمثل هذه السهولة . ففى هذا التشخيص تتمثل القدرة الحقيقية للطبيب الكفء والتى تميزه عن غيره من الأطباء .
والامر لا يختلف كثيرا فى مجال العلوم القانونية . فقد يسهل على الكثيرين الاحاطة بالاحكام التى يتضمنها قانون معين . فطالب كلية الحقوق يعرف جيدا الاحكام الخاصة بكل من عقد البيع وعقد الايجار او عقد الهبة مثلا اما ادراك التكييف الحق والوصف السليم للعقد محل البحث فهى عملية ذهنية تحتاج الى خبرة خاصة وبصيرة نافذة . وبالاضافة الى ماتتطلبة من حاسة قانونية مرهفة .
وعلى هذا النحو يمكن القول بأن القدرة على التكييف السليم فى نطاق القانون , اسوة بالتشخيص الصحيح فى مجال الطب للنبوغ فى كل من هذين الفرعين من فروع المعرفة , بالاضافة الى كونها الاساس الذى لا غنى عنه لحسن تطبيق ما يتضمنه كل من الفرعين السابقين من احكام . ومع ذلك فان عملية التشخيص فى الطب تبدو اكثر سهولة ويسرا بالمقارنة بالتكييف فى مجال القانون اذ يستطيع الطبيب ان يستعين فى تشخيصه للمرض بوسائل مادية ومعملية يمكن عن طريقها القطع بسلامة التشخيص المبدئى الذى انتهى اليه فهو يستطيع مثلا ان يتأكد من حقيقة حالة المريض عن طريق الأشعة والفحوص المعملية بل والعمليات الجراحية التى تهدف الى مجرد الكشف عن حقيقة الداء وكل هذه الوسائل لا يملكها الباحث القانونى والذى تعد عملية التكييف بالنسبة له عملية محض تجريدية وذهنية ولهذا فهو لايستطيع ابداء الجزم بسلامة التكييف الذى انتهى اليه بصفة مطلقة وهذا هو شأن كافة العلوم الاجتماعية والتى تعد حقائقها نسبية الى حد بعيد .
كيف يقوم المحقق والقاضى بتكييف الواقعة :
ان الدعوى تعتبر امام المحكمة خليطا من الواقع والقانون والقاضى عند تطبيقه للقانون لا يجد نفسه امام نصوص تحتاج الى التفسير والتطبيق وانما يصادف مجموعة من الوقائع يتوقع على تحديدها اختيار القاعدة القانونية وهو ايضا فى تفسيره للواقعة وتطبيقها لا يضع بحثا قانونيا مجردا وانما يفصل فى دعوى محددة لها ظروفها الخاصة ووقائعها الذاتية مما يؤثر فى تحديد كلمة القانون واذا كان الامر كذلك خليطا من الواقع والقانون وظروف خاصة بكل دعوى فأن القاضى يحتاج كل الاحتياج الى ممارسة نشاط فكرى يتصف بالمنطق حتى يحسم هذا الأمر فالقاضى متى اتم فهم الواقع فى الدعوى فانه يبحث عن ما يجب تطبيقه اى تنزيله من احكام القانون على هذا الواقع ولما كانت احكام القانون مطلقات وعموميات تتناول انواعا واعدادا من الحودث لا تنحصر وكانت هذه الحوادث لا تقوم الا معينه لكل معنى منها خصوصية ليست فى غيره فلا سبيل لتنزيل تلك الاحكام على هذه الحوادث الا بعد معرفة ان ذلك المعنى يشمل ذلك المطلق او ذلك العام .
وقد يكون صعبا وكله على كل حال فيه نظر واجتهاد وهذا الاجتهاد هوما اسماه القانون فى حاصل فهم الواقع فى الدعوى الى حكم القانون او وضعه تحت عموم القاعده القانونية المنطبقة فتكييف القانون حادثا او امرا اوعقدا او تصرفا ً هو تسميته اياه باسم قانونى يحصل به لمسمى هذا الاسم من احكام واثار قانونية فتكييف ما يقع فى اخذ مال الغير بغير حق هو تسميته بانه سرقة او تبديد او خيانة امانه او نصب ليطبق على الأخذ مادة العقوبه التى يستحقها على فعلته .
وتظهر اهمية وخطورة دور القاضى فى هذا المجال لم يجر فى وضع الالفاظ القانونية على وتيرة واحدة فهو يصفها مكتفيا فيها بما ترسمه عند السامع او القارئ من صور المعانى كسوقه جريمة هتك عرض والسب والافتراء والفاظ السب وغير ذلك .
انواع التكيف :
ومفاد ما تقدم ان التكييف عملية يجريها الخصوم والمحقق والقاضى فى كل نزاع يعرض لهما ويعبر عنه باصطلاح الوصف القانونى ويقصد به تحديد انتهاء ظاهرة الى فكرة قانونية معينة وهو عصب العمل القاضى اذ يخرج عن نطاق الاعمال المادية التى يباشرها القاضى وتقع فى مجال اعماله الفنية وينقسم التكيف من حيث الموضوع الى التكييف للواقعة qualification fait وصفها بأنها عمد او ضرب افضى الى موت وتكيف للجريمة qualification d" Inlruction اعتبارها مخالفة او جنحة او جناية كما ينقسم التكييف من حيث المضمون الى ايجابى وهو اعتبار واقعة ما جريمة وسلبى وهو اخراج الواقعة من نطاق التجريم ويتم التكييف فى ضوء القانون الواجب التطبيق فما دامت الواقعة تخضع للقانون الوطنى فأن تكيفها يتم فى ضوء نصوصه بعكس ما اذا خضع للقانون الاجنبى فانه طبقا له . ولا يتقيد القاضى فى تكييفه للواقعه برأى الخصوم او اتفاقاتهم فهو صاحب السلطه فى صدده وكل ما تقيد به نصوص القانون وقاعدة احترام قانون الدفاع وفى مباشرته لهذه السلطة قد يستبعد عنصرا تمسك به الخصوم او يضيف عنصرا لم يتمسكوا به ولكنه يقف عند تكييف الوقائع المطروحه عليه سواء وردت فى محاضر الاستدلالات او التحقيق الابتدائى او النهائى او فى محاضر اعمال الخبراء المنتدبين فى الدعوى دون غير ذلك من الوقائع , والتكييف ينصب على الوقائع الموضوعه كتكييف واقعه بأنها سرقة او تبديد كما يرد ايضا على الوقائع الاجرائيه كما اذا انتهت المحكمة الى ان الواقعة قبض وليست مجرد استيقاف .
محكمة النقض المصرية والرقابه على التكييف :
لم تتردد محكمة النقض فى مصر فى فرض رقابتها على التكييف الذى تجريه محاكم الموضوع سواء فى مجال الوقائع الموضوعيه او الاجرائيه فقد راقبت محكمة النقض ما اسند الى المتهم من واقعة حصوله على مال بالتهديد وخلصت الى ان ملكيته لهذا المال تنفى عنه سلوك المجرم كما راقبت محكمة الموضوع فى ما خلصت اليه من تقديم بلاغ فى حق وكيل النيابة ينسب اليه فى حصوله على مبلغ مقابل حفظ جناية اختلاس يعد بلاغاً كاذباً كما راقبت تكييف تقليد علامة تجارية وانتهت الى ان الجريمة تتحقق متى توافرت اوجه الشبه بين العلامة الصحيحة وتلك المقلدة كما الغت حكماً لمحكمة الموضوع قضى ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية قبله في ما اسند اليه من واقعة تقليد العلامات التجارية واستندت الى انه متى اثبت الحكم ان المتهم استعمل زجاجات فارغة تحمل علامة شركة الكوكاولا المسجلة فان ذلك يوفر الجريمه المنصوص عليها فى القانون ايا كان لون المياه المعبئة فيها او نوعها كما قضت ايضا بأنه متى ثبت لمحكمةالموضوع ان المتهم ضرب المجنى عليه بسكين عدة طعنات قاصدا قتله فانه يكون قد ارتكب جريمة القتل العمد 13 .
كما قضت بان جريمة الفعل الفاضح تتحقق متى صدر من المتهم اى من الافعال المنافية للاداب فى الطريق العام وان قيام المتهم بعلاج المجنى عليه بغير تصريح له بذلك مما ترتب عليه المساس بسلامته يوفر جريمة احداث الجرح العمد المنصوص عليها فى المادة 242وقضت ايضا بان اعطاء شيك بدون رصيد الى المستفيد يحقق الجريمة المنصوص عليها فى المادة 337 عقوبات طالما كان المتهم بعدم وجود رصيد .
ومن ناحية اخرى استقرت محكمة النقض على رقابتها على الوقائع الاجرائية
فقضت بأن مشاهدة شخص يسير فى الطريق فى ساعة متأخرة من الليل ومطالبته بتقديم بطاقته الشخصية لا يعد قبضا بل مجرد استيفاء كما قضت بأنه اذا ابلغ مأمور الضبط ان المتهم يتجر فى المخدرات فتوجه إليه وما ان شاهده الاخير حتى جرى محاولاً الهرب فذلك لا يعد من حالات التلبس وأن مجرد ارتباك الشخص ووضعه يده فى جيبه مخرجاً لفافه غير واضحه لا يعد تلبثا ً وان تلفت الشخص يمينا ويساراً وارتباكه عند رؤية رجل الشرطه لا يعد من حالات التلبس كما راقبت تكيف الحكم الصادر وما اذا كان حضوريا او غيابيا فقضت بأن العبره فى وصف الحكم بانه حضورى اوغيابى هى بحقيقة الواقع بصرف النظر عن ما تقول المحكمة عنه.
نطاق التكييف الخاضع لرقابة محكمةالنقض
لا تقف رقابة النقض للتكييف على مسائل دون غيرها فكل مسألة كيفتها محكمة الموضوع تخضع لرقابة النقض فالرقابة تنصب على تكييف محكمة الموضوع لطلبات الخصوم ودفعوعهم كما تنصب على وقائع الدعوى سواء فى ذلك ما تعلق منه بموضوعها او اجرائاتها ومثال ذلك الأولى تكييف شروط التجريم او موانع العقاب او اسباب الاباحة ومثال الثانية وصف اجراء معين بانه استيقاف او قبض او تكييف اجراء بانه مجرد دخول منزل او تفتيش . وقد ترد نقابة النقض على تكييف واقعة طبيبعة ترتب اثاراُ قانونية كما ترد على واقعة ايرادية مثال الأولى تكييف حالة بأنها جنون ينفى مسؤلية الجانى ومثال الثانية اجراء بانه ترك الخصومة واخيرا فقد تنصب رقابة النقض على تكييف الجريمة ذاتها وما اذا كانت تعد مخالفة او جنحة او جناية .
حدود رقابة محكمة النقض على التكييف :
عنيت محكمة النقض بوضع روابط رقابتها على التكييف فهى تراقب ما انتهت اليه محاكم الموضوع من وقائع وامور حاذت قوة الشئ المحكوم فيه دون غيره ذلك من الوقائع الثابته فى التحقيقات وبداهة تلتزم محكمة النقض بالأصول والقواعد العامة والمعايير التى تحكم فكرة التكييف بوجه عام .
المشكلات العمليه فى تكييف الواقعه فى القانون الجنائى.
الاثار الاجرائية لتكييف الواقعة .
للتفرقة بين الجنايات والمخالفات اثاراً هامة فى نطاق القانون الاجرائى لا الموضوعى فحسب بل ان اهم اثار هذه التفرقه واجدرها بالذكر تظهر هنا بوجه خاص فمنها .
اولاً : ضمانات التحقيق الأبتدائى فهى فى الجنايات تختلف عنها فى الجنح والمخالفات فمثلا لا يجرى استجواب المتهم فى جناية او مواجهته بالشهود او باقى المتهمين الا فى حضور محامية او بعد دعوته للحضور ( 124.125اجراءات ) حين لا يلزم ذلك فى الجنح والمخالفات ومثلا يجوز القبض على المتهم فى جميع الجنايات لمجرد توافر دلائل كافية قبله حين لايجوز فى الجنح الا عند التلبس او فى جنح وارده على سبيل الحصر متى توافرت الدلائل الكافية ولا يجوز فى المخالفات اصلا ( م 34,35اجراءات )
ولا يجوز تفتيش شخص المتهم الا عند القبض القانونى الصحيح عليه طبقا لهذه المغايره ( م46/1اجراءات )
ولا يجوز تفتيش المنازل الا فى الجنايات والجنح دون المخالفات وبناءاً على توافر دلائل كافية (م90) كما ان الحبس الاحتياطى يجوز فى جميع الجنايات بعد توافر مبرراته وفى جنح بشروط خاصة حين لا يجوز فى المخالفات ( م34/1) .
ثانياً: نجد ان اجراءات الاحالة الى محكمة الموضوع تختلف فى الجنايات من جانب عنها فى الجنح والمخالفات من جانب اخر ,فمثلا لا تحال الجنايات الى محاكم الجنايات الا عن طريق المحامى العام بحسب الاصل ذلك حين تحال الجنح والمخالفات الى محكمة الموضوع بناءاً على امر يصدر من قاضى التحقيق او مستشار الاحالة بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل احد اعضاء النيابة العامة ( م232اجراءات معدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 )
ثالثاً : ان الجنايات لا تحال الى محكمة الجنايات الا بعد تحقيقها بمعرفة احدى سلطات التحقيق بالمعنى الضيق فلا تكفى فى ذلك مجرد الاستدلالات حين انها قد تكفى فى الجنح والمخالفات .
رابعاً: ان الجنايات لا تعرف نظام الادعاء المباشر حين تعرفه الجنح والمخالفات بشروط معينة ( راجع م 232,233 ) وترتب على ذلك ان احوال سقوط الحق فى اختيار الطريق الجنائى بعد المدنى تختلف فى الجنايات عنها فى الجنح والمخالفات .
خامساً : ان الاختصاص فى الجنايات لمحاكم الجنايات فلا اختصاص لهذه بنظر الجنح الا فى احوال استثنائية ذلك حين ان الاختصاص بالجنح والمخالفات هو للمحاكم الجزئية فلا اختصاص لهذه بنظر الجنايات .
سادسا : ان قواعد المحاكمة فى الجنايات تختلف عنها فى الجنح والمخالفات بما فى ذلك ضمانات هذه المحاكم وترتيب اجراءاتها بما يضيق المقام عن تفصيله ويكفى ان نشير هنا الى ان حضور مدافع عن المتهم . وجوبى فى الجنايات جوازى فى ماعداها .
وانه يجب على المتهم فى جنايه او جنحة معاقب عليها بالحبس ان يحضر بنفسه اما فى الجنح الاخرى والمخالفات فيجوز له ان ينيب عنه وكيلاً لتقديم دفاعه وهذا مع عدم الاخلال بما للمحكمة من الحق فى ان تأمره بحضوره شخصياً ( م 237 اجراءات ) .
سابعا :- ان الاوامر الجنائية غير جائزة فى الجنايات جائزه فى الجنح والمخالفات فقط وفى نطاق معين .
ثامناُ :- ان طرق الطعن تختلف فى الجنايات عنها فى الجنح والمخالفات فحين تنظر الأولى بالنسبة للموضوع على درجة واحدة تنظر الثانية على درجتين بحسب الاصل اما بالنسبه للقانون فتنظر الجنايات على درجتين والجنح على ثلاث والمخالفات على درجتين فقط اذ اجاز استئنافها . ذلك ان الطعن بالنقض يجوز بالنسبة لاحكام محاكم الجنايات جميعا وبالنسبة لاحكام محاكم الجنح المستأنفه فى جنح دون المخالفات كما نجد ان احكام المحاكم الجزئية والاستثنائية تخضع لنظام المعارضة فى الاحكام وكذلك احكام محاكم الجنايات فى الجنح والمخالفات عندما تنظرها استثناء كما فى احوال الخطأ فى الوصف والارتباط حين لا تخضع لهذا النظام احكام محاكم الجنايات فى الجنايات بل يبطل الحكم الغيابى من طلقاء نفسه بمجرد عهو د المتهم او القبض عليه ( م 395 ) بما يترتب على ذلك من نتيجه خطيره هى جواز الحكم على المتهم وعقوبه اشد من تلك السابق الحكم بها حين لا يجوز ذلك عند المعارضه من المتهم فى احكام الجنح والمخالفات .
تاسعاً : - ان مدد تقادم الدعوى عشر سنوات الجنايات وثلاثه للجنح وسنه واحده للمخالفات ( م 15 اجراءات )
عاشرا:- ان مدد تقادم العقوبه عشرون سنة للجنايات ( وثلاثون اذا كانت الاعدام ) حين انها خمس سنين فقط للجنح وسنتان للمخالفات ( م 528 اجراءات )
حادى عشر:- ان القانون قد فرق بين الجنايات والجنح والمخالفات فيما يتعلق بأثر الحكم غيابيا بالعقوبه من حيث نظام التقاضى نفسه لا مدته فحسب .ففى الجنايات تكون العقوبه المحكوم بها غيابيا ولو كانت مجرد الحبس خاضعة لوقت الحكم بها لنظام سقوط العقوبه بالتقاضى اسوه بالاحكام الحضوريه فلا يجوز من ثم الحكم بانقضاء الدعوى بالتقادم فى جنايه صدر فيها حكم غيابى اما فى الجنح والمخالفات فان الحكم الغيابى فيها – مادام لم يعلن للمحكموم عليه – هو مجرد اجراء من اجراءات الدعوى لا يترتب عليه الا قطع مدة تقادم الدعوى العموميه وتبدا من تاريخ صدوره مدة هذا التقادم .
ثانى عشر:- ان التصرف فى الجنايات بالأمر فيها بأن لا وجه لاقامتها لا يكون الا من المحامى العام او من يقوم مقامه دون غيره من وكلاء النيابه او مساعديها ( م 209اجراءات ) والا كان باطلاً حين يجوز صدور الامر بأن لا وجه لاقامة الدعوى فى الجنح والمخالفات من اى عضو من اعضاء النيابة .
ثالث عشر:- ان رد الاعتبار القضائى يتطلب ان يكون قد انقضى من تاريخ تنفيذ العقوبة او صدور العفو عنها بست سنين اذا كانت عقوبه جنائية وثلاث اذا كانت عقوبة جنحة ( م537/ثانيا اجراءات ) .
كما تتفاوت مدد رد الاعتبار بحكم القانون طبقا لما كانت العقوبة المحكوم بها هى عقوبة جناية او عقوبة جنحة ( 550 اجارءات ) .
التكييف بين القانونين الموضوعى والاجرائى
هكذا تظهر لهذا التوزيع الثلاثى للجرائم فى تشريعنا المصرى نتائج هامة فى القانون الاجرائى فضلا عن النتائج التى لمسناها فى نطاق الموضوع القانونى فيما سبق على انه من الملاحظ ان تكييف الواقعه على نحو معين يرتب من تلقاء نفسه جميع النتائج الموضوعيه والاجرائية المترتبة على هذا التكيف فلا توجد طريقتان له احداهما موضوعية والاخرى اجرائية كما لا توجد بالتالى حدود فاصلة بين نطاق كل من القانونين فى الاثار المترتبة عليه وقد اضطرت بعض المحاكم الى تكييف الواقعه فى القانون الموضوعى على نحو معين مترتب على هذا التكييف ما اقتضته الحال من اثار اجرائية كما ان بعضها الآخر استدل بخضوع الواقعة لقاعدة اجرائية معينة او عدم خضوعها – على حقيقة وصفها فى تقدير القانون الموضوعى ومن ذلك ان بعض الاحكام استدل فى تكييف الجرائم المقترنه بالاعذار القانونية المخففة بنوع المحاكم المختصة بنظرها ومدى جواز التجنيح فيها عندما كان جائزاً كما استدل بعضها الاخر بنفس هذه الاعتبارات على تكييف الواقعة فى العود المتكرر.
هذا من جانب ومن جانب اخر فان بعض القواعد الوارده بين نصوص الاجراءات الجنائية مثل تقادم الدعوى والعقوبة هى فى حقيقتها قواعد موضوعية او ذات موضوعية ولذا تلحق بها فى كثير من الاحيان خصوصا عند تعديل النص والبحث فى سريانه بأسر رجعى ومبدأ هذا السريان فتقادم الدعوى يشبه فى اثاره الى حد بعيد حكم البراءة بل ان المحاكم فى العمل تقضى عادة بالبراءة لمجرد هذا الانقضاء لا بسقوط الدعوى فحسب كما ان تقادم العقوبة يولد اثاراً تشبه اثار العفو عنها ولذا كان خطأحكم الموضوع فى هذا الشأن يعادل الخطأ فى القانون من حيث أثاره فمحكمة النقض تصحح الخطأ وتحكم طبقاً للقانون – اذا تحققت من الانقضاء – ولا يعاد البطلان فى الحكم او الاجراءات فلا تعاد المحاكمة من جديد اما نفس المحكمة التى اصدرت الحكم المنقوض مشكلة من قضاة اخرين .