مسألة تعامل القاضي مع روح القانون مسألة غاية في الأهمية ..
ولكني أود أولاً أن أشير إلي نقيض عبارة (التعامل مع روح القانون) ..
وأقول أن النقيض لذلك تماماً هو (تطبيق النصوص بحرفية) ..
كما تعلم أن الكثير من النصوص القانونية ، هي نصوص وضعية من
صنع البشر ، فيما عدا النصوص المتعلقة بجرائم الحدود ، وأيضاً
يمكن أن نقول بأن بعض النصوص الوضعية ، مأخوذة من إجماع
الصحابة ، والقياس وخلافه من مصادر التشريع ..
لذلك فإن النصوص الوضعية ، لا تخلو من المآخذ ، ولا يمكن بأي حال من
الأحوال أن تغطي كافة جوانب الحياة ، حتي تلك التي قد تثور في المستقبل ..
علي ذلك ، كانت ضرورة أن تتوفر فيمن يطبق هذه القوانين بعضاً من سعة
الأفق ، والذكاء والحكمة .. فإن لم تتوفر فيه بعضاً من تلك الصفات ، كان ذلك
سبباً في ضياع الحقوق ، وإنتشار الفساد ، وتفشي الظلم ..
سأورد لك مثالاً بسيطاً لحالة واحدة ، النظرة الأولي فيها ، تكون للتعامل مع النصوص
بحرفية ، والنظرة الثانية ، هي النظرة المطلوبة ، ألا وهي اتعامل مع روح النص .
وإليك المثال :
تنص المادة 33 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983 علي الآتي :
33- (1) ما لم ينص على غير ذلك، ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بعريضة واضحة ومختصرة وبعدد كاف من الصور على أن يرفق معها:-
(أ) كشف بالمستندات التي يعتمد عليها في الدعوى مع إرفاقها أو إرفاق صور منها.
(ب) كشف بأسماء الشهود الذين تعتمد عليهم الدعوى وعناوينهم وملخص بيناتهم.
(2) لا يسمح بتقديم أي مستندات أو سماع أي شهود لا يقدم بهم كشف وفق حكم البند (1).
فيما يتعلق بالنص (باللون الأحمر) ، فإننا إذا إتبعنا طرقة التعامل مع النصوص بحرفية ، فإننا سنمنع أي
مدعي من تقديم أي مستند لم يقدمه لنا أول مرة عندما أتي لتصريح العريضة ..
وسنقول وقتها أن القانون نص علي ذلك ، ونحن بصدد تطبيق القانون وليس الخروج عليه ..
وبالتالي نكون قد حرمنا المدعي من تقديم مستنداته التي لم يكن في وسعه الحصول عليها
في ذلك الوقت ، وربما كانت هذه المستندات ، هي أهم ما يعتمد عليه المدعي في دعواه ، وليس
لديه بينة أخري خلافها ، وبهذه النظرة فإننا نكون قد حرمناه من تقديم بينته بسبب أننا طبقنا النص بحرفية .
النظرة الثانية وهي النظرة السليمة والعادلة ، فإننا سنقبل من المدعي تقديم المستند حتي في مرحلة سماع
أقوال الأطراف ، وسنقول وقتها أن القانون ( أي الإجراءات المدنية) ، هو قانون إجرائي بحت ، والقصد منه تنظيم
سير الإجراءات ، وليس إجهاض العدالة ، وسنقول أيضاً ، بأن الإجراء الشكلي (الإجراءات المدنية) ، لا يمكن
أن يطغي علي الموضوع (إثبات الحق امدعى به) ، وصحيح أننا سنسمح بتقديم المستند في مرحلة متأخرة .. ولكننا سنكون
وقتها قد طبقنا روح النص ، فوصلنا إلي الغاية التي ينشدها كل إنسان ، وهي تحقيق العدالة .
نعم .....كلنا بشر معرضون للخطأ والصواب ولا كمال مطلق إلا لله سبحانه وتعالى .
والمشرع أيضاً يتيح مساحة لمن يود أن ينآى بنفسه عن القصور الذي قد يعتور النصوص بشئ من النقص .
والقاضي عندما يخطئ لا يكون قد قصد ضياع الحق بقدر ما أنه يكون قد إجتهد عندما لا يسعفه نص والخطأ في الإجتهاد لا ينفي حسن القصد عندما لا يكن هناك غرض شخصي . ( ولا يعلم ما تخفي الصدور إلا علاّم الغيوب ) .ومن قصد إعطاء حقٍ لغير أهله فقد ظلم نفسه ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
وطالما هناك عدة درجات للتقاضي فالضمانات متاحة لتحقيق العدالة في معظم الأحيان . والقضاء الواقف ( المحاماه ) هو أحد ضمانات تحقيق العدالة بحكم أنه هو العون الحقيقي للقضاء الجالس .
علي ذلك ، كانت ضرورة أن تتوفر فيمن يطبق هذه القوانين بعضاً من سعة الأفق ، والذكاء والحكمة .. فإن لم تتوفر فيه بعضاً من تلك الصفات ، كان ذلك سبباً في ضياع الحقوق ، وإنتشار الفساد ، وتفشي الظلم .. ) .
ولكني أود أولاً أن أشير إلي نقيض عبارة (التعامل مع روح القانون) ..
وأقول أن النقيض لذلك تماماً هو (تطبيق النصوص بحرفية) ..
كما تعلم أن الكثير من النصوص القانونية ، هي نصوص وضعية من
صنع البشر ، فيما عدا النصوص المتعلقة بجرائم الحدود ، وأيضاً
يمكن أن نقول بأن بعض النصوص الوضعية ، مأخوذة من إجماع
الصحابة ، والقياس وخلافه من مصادر التشريع ..
لذلك فإن النصوص الوضعية ، لا تخلو من المآخذ ، ولا يمكن بأي حال من
الأحوال أن تغطي كافة جوانب الحياة ، حتي تلك التي قد تثور في المستقبل ..
علي ذلك ، كانت ضرورة أن تتوفر فيمن يطبق هذه القوانين بعضاً من سعة
الأفق ، والذكاء والحكمة .. فإن لم تتوفر فيه بعضاً من تلك الصفات ، كان ذلك
سبباً في ضياع الحقوق ، وإنتشار الفساد ، وتفشي الظلم ..
سأورد لك مثالاً بسيطاً لحالة واحدة ، النظرة الأولي فيها ، تكون للتعامل مع النصوص
بحرفية ، والنظرة الثانية ، هي النظرة المطلوبة ، ألا وهي اتعامل مع روح النص .
وإليك المثال :
تنص المادة 33 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983 علي الآتي :
33- (1) ما لم ينص على غير ذلك، ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بعريضة واضحة ومختصرة وبعدد كاف من الصور على أن يرفق معها:-
(أ) كشف بالمستندات التي يعتمد عليها في الدعوى مع إرفاقها أو إرفاق صور منها.
(ب) كشف بأسماء الشهود الذين تعتمد عليهم الدعوى وعناوينهم وملخص بيناتهم.
(2) لا يسمح بتقديم أي مستندات أو سماع أي شهود لا يقدم بهم كشف وفق حكم البند (1).
فيما يتعلق بالنص (باللون الأحمر) ، فإننا إذا إتبعنا طرقة التعامل مع النصوص بحرفية ، فإننا سنمنع أي
مدعي من تقديم أي مستند لم يقدمه لنا أول مرة عندما أتي لتصريح العريضة ..
وسنقول وقتها أن القانون نص علي ذلك ، ونحن بصدد تطبيق القانون وليس الخروج عليه ..
وبالتالي نكون قد حرمنا المدعي من تقديم مستنداته التي لم يكن في وسعه الحصول عليها
في ذلك الوقت ، وربما كانت هذه المستندات ، هي أهم ما يعتمد عليه المدعي في دعواه ، وليس
لديه بينة أخري خلافها ، وبهذه النظرة فإننا نكون قد حرمناه من تقديم بينته بسبب أننا طبقنا النص بحرفية .
النظرة الثانية وهي النظرة السليمة والعادلة ، فإننا سنقبل من المدعي تقديم المستند حتي في مرحلة سماع
أقوال الأطراف ، وسنقول وقتها أن القانون ( أي الإجراءات المدنية) ، هو قانون إجرائي بحت ، والقصد منه تنظيم
سير الإجراءات ، وليس إجهاض العدالة ، وسنقول أيضاً ، بأن الإجراء الشكلي (الإجراءات المدنية) ، لا يمكن
أن يطغي علي الموضوع (إثبات الحق امدعى به) ، وصحيح أننا سنسمح بتقديم المستند في مرحلة متأخرة .. ولكننا سنكون
وقتها قد طبقنا روح النص ، فوصلنا إلي الغاية التي ينشدها كل إنسان ، وهي تحقيق العدالة .
نعم .....كلنا بشر معرضون للخطأ والصواب ولا كمال مطلق إلا لله سبحانه وتعالى .
والمشرع أيضاً يتيح مساحة لمن يود أن ينآى بنفسه عن القصور الذي قد يعتور النصوص بشئ من النقص .
والقاضي عندما يخطئ لا يكون قد قصد ضياع الحق بقدر ما أنه يكون قد إجتهد عندما لا يسعفه نص والخطأ في الإجتهاد لا ينفي حسن القصد عندما لا يكن هناك غرض شخصي . ( ولا يعلم ما تخفي الصدور إلا علاّم الغيوب ) .ومن قصد إعطاء حقٍ لغير أهله فقد ظلم نفسه ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
وطالما هناك عدة درجات للتقاضي فالضمانات متاحة لتحقيق العدالة في معظم الأحيان . والقضاء الواقف ( المحاماه ) هو أحد ضمانات تحقيق العدالة بحكم أنه هو العون الحقيقي للقضاء الجالس .
علي ذلك ، كانت ضرورة أن تتوفر فيمن يطبق هذه القوانين بعضاً من سعة الأفق ، والذكاء والحكمة .. فإن لم تتوفر فيه بعضاً من تلك الصفات ، كان ذلك سبباً في ضياع الحقوق ، وإنتشار الفساد ، وتفشي الظلم .. ) .