ثار التساؤل عما إذا كان يجوز تقديم مذكرات دفاع عن المتهم أمام محكمة الجنايات من عدمه ، و ذلك بمناسبة رفض إحدى دوائر محكمة الجنايات قبول مذكرة مقدمه من محام عن متهم في إحدى القضايا ، و رغم أن الموضوع المثار لا يمثل أهمية كبيرة بالنسبة لغيره من أوجه الدفاع أمام محكمة الجنايات ، إلا أنه نظراً لدقته و طرحه للمناقشة ، فقد رأيت الإدلاء فيه بدلوي ، رغم أني - كما أعد نفسي - لست أهلاً لذلك ، و ذلك وفقاً لما يلي :
1- القاعدة المتفق عليها شرعاً و قانوناً أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص بالحظر، وقانون الإجراءات الجنائية لم يرد به – يقيناً – نص يمنع تقديم مذكرات الدفاع أمام محكمة الجنايات .
2- بل على العكس من ذلك ، ففي نصوص القانون المذكور ما يشير إلى جواز تقديم مثل تلك المذكرات ، ذلك أن المادة ( 381 ) منه – و الواردة في الفصل الثاني المعنون : "في الإجراءات أمام محكمة الجنايات " من الباب الثالث : في محاكم الجنايات – تنص على أنه : ( تتبع أمام محكمة الجنايات الأحكام المقررة في الجنح و المخالفات ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ). فهذا النص يمثل ذات مضمون القاعدة المشار إليها سلفاً ، و إن كان نطاق و مجال تطبيقه أمام محكمة الجنايات ، فقد وضع الأصل الذي يجب اتباعه في شأن الإجراءات التي يعمل بها أمام محكمة الجنايات ، و هو سريان جميع الأحكام المقررة أمام محكمة الجنح و المخالفات ، فيما عدا ما ينص القانون عليه من إجراءات خاصة بمحكمة الجنايات ، فإذا نظم القانون إجراء ما أمام محكمة الجنايات و كان هذا التظيم على خلاف التنظيم القانوني لذات الإجراء أمام محكمكة الجنح و المخالفات ، فهنا تتبع محكمة الجنايات التنظيم الذي نص القانون على اتباعه أمامها ، و ليس المتبع أمام محكمة الجنح و المخالفات ، و لما كان ذلك ، و كان قانون الإجراءات الجنائية في تنظيمه للإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنح و المخالفات قد خلا من نص يحظر على المتهم أو محاميه تقديم مذكرات بالدفاع أمامها أو يمنعها من قبولها ، و كان جواز تقديم تلك المذكرات أمامها أصبح معلوماً من القانون و الواقع و العرف القضائي بالضرورة ، و تقديمها يكون من تلقاء نفس المتهم و محاميه أو المحكمة ذاتها ، باعتباره أمراً متروكاً لتقدير كل منهم لموقفه و مدى احتياجه إلى تقديمها ، و كان القانون المذكور لم يورد في نصوصه – سواء المتعلقة بالإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنايات أو في باقي نصوصه الأخرى – أية حظر على تقديم تلك المذكرات ، فإن تقديمها يضحى جائزاً و مباحاً ، و لو أراد المشرع المنع لما أعجزه النص على ذلك .
3- و مما يؤكد ذلك ، أن قانون الإجراءات الجنائية في الفصل السادس منه – من الباب الثاني – بشأن نظر الدعوى و ترتيب الإجراءات في الجلسة أمام محكمة الجنح و المخالفات نص في المادة رقم 275- و هي من النصوص التي تطبق أمام محكمة الجنايات -على أنه : ( بعد سماع شهادة شهود الإثبات و شهود النفي يجوز للنيابة العامة و للمتهم و لكل من باقي الخصوم في الدعوى أن يتكلم . و في كل الأحوال يكون المتهم آخر من يتكلم . و للمحكمة أن تمنع المتهم أو محاميه من الإسترسال في المرافعة إذا خرج عن موضوع الدعوى أو كرر أقواله .....).
و بهذا النص يصبح لزاماً على المحكمة أن تفسح لكل خصم مجال المدافعة بما يراه من وجوه الدفاع ، و لم يورد القانون أي قيد على هذا المبدأ سوى حق المحكمة في أن تمنع المتهم أو محاميه من الإسترسال في المرافعة ، أي أنه لم يمنع المحكمة من قبول مذكرات الدفاع ، كما يلاحظ أنه لم ينص على الإكتفاء بالمرافعة الشفوية دون تقديم مذكرات ، فالمرافعة الشفوية و تلك التحريرية يكمل بعضها بعضا، و هما مشتركان في الهدف ، و هو مساعدة المتهم في محنته بتجلية كل وجه من أوجه الدفاع المؤيدة لموقف المتهم ، و إذا كانت المرافعة الشفوية هي الأساس في المجال الجنائي ، إلا أن ذلك لا يعني أنها تجب المرافعة التحريرية ، و إنما كانت المرافعة الشفوية هي الأساس لأنها تمثل ضماناً للوصول بالقاضي إلى أكبر قدر ممكن من الإحساس بالقضية و لبها و مقاطع الفصل فيها ، من خلال سماع المتهم و محاميه و النيابة العامة و باقي الخصوم و كذا الشهود و مناقشتهم و معاينة الأدلة ، إثباتاً و نفياً ، وصولاً لرأي تقتنع به المحكمة في إطار القانون ، لكون القاضي الجنائي أصلاً قاضي اقتناع ، و الأدلة في المجال الجنائي – أساساً – أدلة إقناعية ، فلا يكفي إذن مجرد اتهام أو دفاع مسطور بالأوراق ، إذ أنه لوحدث اعتماد على اطلاع القاضي و إلمامه بملف القضية و أوراقها ، دون تمثيل للقضية أمامه بأسلوب يطرق سمعه و يكون ملء بصره ، يخشى حينئذ أن يكون قد اطلع على أوراق القضية و دفاع الخصوم اطلاعاً ناقصاً و ألا يكون قد أحاط بها كل الإحاطة قبل أن يصدر فيها حكمه ، فإذن تلك العلة لا تحول دون تقديم المذكرات ، لكون تلك المذكرات تدعيم و تفصيل للمرافعة الشفوية ، و إذا كانت المرافعة التحريرية وحدها لا تكفي في المجال الجنائي إلا أنهاغير ممنوعة بجانب المرافعة الشفوية، فيجوز أن يجتمع الإثنان معا ، لكن الممنوع هو الإكتفاء بالمرافعة التحريرية .
و قد قضت محكمة النقض بأن : " لا يصح أن يجبر الخصوم – في المواد الجنائية – على الإكتفاء بالمذكرات في دفاعهم " نقض في 29/10/1945 – المحاماة س 27 رقم 347 ص 728 – وارد بمؤلف المستشارالدكتور / حسن علام – قانون الإجراءات الجنائية و قانون حالات و إجراءات الطعن بالنقض –ص 456 .
4- أن حق الدفاع – أصالة أو وكالة – حق دستوري ، و رغم اشتمال هذه الضمانة على حق الإستعانة بمحام يتولى مسئولية الدفاع عن المتهم ، إلا أن الدستور حرص على النص على أن : ( و كل متهم في جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه ) ، و إذ كان المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن : ( ضمانة الدفاع التي كفلها الدستور بنص المادة 69 لا يمكن فصلها أو عزلها عن حق التقاضي ، ذلك أنهما يتكاملان و يعملان معاً في دائرة الترضية القضائية التي يعتبر اجتناؤها غاية نهائية للخصومة القضائية ، فلا قيمة لحق التقاضي ما لم يكن متسانداً لضمانة الدفاع )، و كان المقرر كذلك في قضاء ذات المحكمة : ( أن المحامين جميعهم شركاء للسلطة القضائية – على تعدد تنظيماتها – في سعيها للوصول إلى الحقيقة و التماس الوسائل القانونية التي تعينها على تحريها) ، وإذ كانت العدالة الحقة و الناجزة تستوجب ذلك كله ، فإنه لن يضيرها إجازة تقديم تلك المذكرات أمام محكمة الجنايات باعتبارها وسيلة من وسائل إظهار الحقيقة و أداء أمانة الدفاع ، و لن تخسر المحكمة شيئاً بقبولها إياها ، بل إن تقديمها يعد أمراً هاما، ذلك أن القضايا التي تنظرها محكمة الجنايات تعد من أخطر القضايا و أهمها ، سواء من حيث نوع تلك القضايا أو من حيث أثرها العقابي الشديد على المتهمين فيها ، و دل على ذلك تشكيل تلك المحكمة و الإجراءات المتبعة لنظر تلك القضايا ....، فضلاً عن أنه ليس كل المحامين الذين يحق لهم قانوناً المثول أمام محكمةالجنايات في مستوى واحد من حيث القدرة على الترافع و الإقناع الشفوي ، و قد نجد محام لا يستطيع الإحاطة – شفوياً – بكل الموضوع ، فهنا يكون من باب العدالة و تحقيقاً لوظيفة القضاء و ضمانة الدفاع السماح بتقديم تلك المذكرات لاستكمال ما فات المرافعة الشفوية من دفاع أو إستدراك ما شابها من قصور، و حتى يقوم حكم المحكمة على الجزم و اليقين .
5- من المقرر في الفقه الجنائي أن : " للخصوم – سواء كانت النياية العامة أو المتهم أو المدعي بالحقوق المدنية أو المسئول عنها – حق المرافعة الشفوية و تفنيد أدلة الإثبات و النفي ، على أن يكون المتهم آخر من يتكلم . و يجوز تقديم مذكرات كتابية لتدعيم المرافعة الشفوية . و يجب على المحكمة أن تستجيب لحق الخصوم في المرافعة و إلا أخلت بحق الدفاع " . الدكتور/ عبد الحكم فودة – المستشار و وكيل التفتيش القضائي سابقاً – محكمة الجنايات دراسة لنشاطها و دور الدفاع أمامها – طبعة 1992 – ص 80 .
6- الواقع العملي أمام محكمة الجنايات يشهد على صحة جوازتقديم المتهم مذكرات دفاعه أمامها، و يكفي في ذلك متابعة مجريات الأمور في القضايا المختلفة التي تنظرها ، حيث تقدم مذكرات تبلغ صفحاتها المائة أو تزيد كثيرا و تقبلها المحكمة ، رغم أن الدفاع فيها يكون قد أخذ قسطه الوافر في مرافعته الشفوية ، بل ورغم وجود أكثر من محام عن ذات المتهم .
و الأمر تبعاً لما تقدم يكون أمراً جائزاً .
هذا جهيد متواضع
و للجميع دعوات بالتوفيق و السداد
أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية
1- القاعدة المتفق عليها شرعاً و قانوناً أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص بالحظر، وقانون الإجراءات الجنائية لم يرد به – يقيناً – نص يمنع تقديم مذكرات الدفاع أمام محكمة الجنايات .
2- بل على العكس من ذلك ، ففي نصوص القانون المذكور ما يشير إلى جواز تقديم مثل تلك المذكرات ، ذلك أن المادة ( 381 ) منه – و الواردة في الفصل الثاني المعنون : "في الإجراءات أمام محكمة الجنايات " من الباب الثالث : في محاكم الجنايات – تنص على أنه : ( تتبع أمام محكمة الجنايات الأحكام المقررة في الجنح و المخالفات ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ). فهذا النص يمثل ذات مضمون القاعدة المشار إليها سلفاً ، و إن كان نطاق و مجال تطبيقه أمام محكمة الجنايات ، فقد وضع الأصل الذي يجب اتباعه في شأن الإجراءات التي يعمل بها أمام محكمة الجنايات ، و هو سريان جميع الأحكام المقررة أمام محكمة الجنح و المخالفات ، فيما عدا ما ينص القانون عليه من إجراءات خاصة بمحكمة الجنايات ، فإذا نظم القانون إجراء ما أمام محكمة الجنايات و كان هذا التظيم على خلاف التنظيم القانوني لذات الإجراء أمام محكمكة الجنح و المخالفات ، فهنا تتبع محكمة الجنايات التنظيم الذي نص القانون على اتباعه أمامها ، و ليس المتبع أمام محكمة الجنح و المخالفات ، و لما كان ذلك ، و كان قانون الإجراءات الجنائية في تنظيمه للإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنح و المخالفات قد خلا من نص يحظر على المتهم أو محاميه تقديم مذكرات بالدفاع أمامها أو يمنعها من قبولها ، و كان جواز تقديم تلك المذكرات أمامها أصبح معلوماً من القانون و الواقع و العرف القضائي بالضرورة ، و تقديمها يكون من تلقاء نفس المتهم و محاميه أو المحكمة ذاتها ، باعتباره أمراً متروكاً لتقدير كل منهم لموقفه و مدى احتياجه إلى تقديمها ، و كان القانون المذكور لم يورد في نصوصه – سواء المتعلقة بالإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنايات أو في باقي نصوصه الأخرى – أية حظر على تقديم تلك المذكرات ، فإن تقديمها يضحى جائزاً و مباحاً ، و لو أراد المشرع المنع لما أعجزه النص على ذلك .
3- و مما يؤكد ذلك ، أن قانون الإجراءات الجنائية في الفصل السادس منه – من الباب الثاني – بشأن نظر الدعوى و ترتيب الإجراءات في الجلسة أمام محكمة الجنح و المخالفات نص في المادة رقم 275- و هي من النصوص التي تطبق أمام محكمة الجنايات -على أنه : ( بعد سماع شهادة شهود الإثبات و شهود النفي يجوز للنيابة العامة و للمتهم و لكل من باقي الخصوم في الدعوى أن يتكلم . و في كل الأحوال يكون المتهم آخر من يتكلم . و للمحكمة أن تمنع المتهم أو محاميه من الإسترسال في المرافعة إذا خرج عن موضوع الدعوى أو كرر أقواله .....).
و بهذا النص يصبح لزاماً على المحكمة أن تفسح لكل خصم مجال المدافعة بما يراه من وجوه الدفاع ، و لم يورد القانون أي قيد على هذا المبدأ سوى حق المحكمة في أن تمنع المتهم أو محاميه من الإسترسال في المرافعة ، أي أنه لم يمنع المحكمة من قبول مذكرات الدفاع ، كما يلاحظ أنه لم ينص على الإكتفاء بالمرافعة الشفوية دون تقديم مذكرات ، فالمرافعة الشفوية و تلك التحريرية يكمل بعضها بعضا، و هما مشتركان في الهدف ، و هو مساعدة المتهم في محنته بتجلية كل وجه من أوجه الدفاع المؤيدة لموقف المتهم ، و إذا كانت المرافعة الشفوية هي الأساس في المجال الجنائي ، إلا أن ذلك لا يعني أنها تجب المرافعة التحريرية ، و إنما كانت المرافعة الشفوية هي الأساس لأنها تمثل ضماناً للوصول بالقاضي إلى أكبر قدر ممكن من الإحساس بالقضية و لبها و مقاطع الفصل فيها ، من خلال سماع المتهم و محاميه و النيابة العامة و باقي الخصوم و كذا الشهود و مناقشتهم و معاينة الأدلة ، إثباتاً و نفياً ، وصولاً لرأي تقتنع به المحكمة في إطار القانون ، لكون القاضي الجنائي أصلاً قاضي اقتناع ، و الأدلة في المجال الجنائي – أساساً – أدلة إقناعية ، فلا يكفي إذن مجرد اتهام أو دفاع مسطور بالأوراق ، إذ أنه لوحدث اعتماد على اطلاع القاضي و إلمامه بملف القضية و أوراقها ، دون تمثيل للقضية أمامه بأسلوب يطرق سمعه و يكون ملء بصره ، يخشى حينئذ أن يكون قد اطلع على أوراق القضية و دفاع الخصوم اطلاعاً ناقصاً و ألا يكون قد أحاط بها كل الإحاطة قبل أن يصدر فيها حكمه ، فإذن تلك العلة لا تحول دون تقديم المذكرات ، لكون تلك المذكرات تدعيم و تفصيل للمرافعة الشفوية ، و إذا كانت المرافعة التحريرية وحدها لا تكفي في المجال الجنائي إلا أنهاغير ممنوعة بجانب المرافعة الشفوية، فيجوز أن يجتمع الإثنان معا ، لكن الممنوع هو الإكتفاء بالمرافعة التحريرية .
و قد قضت محكمة النقض بأن : " لا يصح أن يجبر الخصوم – في المواد الجنائية – على الإكتفاء بالمذكرات في دفاعهم " نقض في 29/10/1945 – المحاماة س 27 رقم 347 ص 728 – وارد بمؤلف المستشارالدكتور / حسن علام – قانون الإجراءات الجنائية و قانون حالات و إجراءات الطعن بالنقض –ص 456 .
4- أن حق الدفاع – أصالة أو وكالة – حق دستوري ، و رغم اشتمال هذه الضمانة على حق الإستعانة بمحام يتولى مسئولية الدفاع عن المتهم ، إلا أن الدستور حرص على النص على أن : ( و كل متهم في جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه ) ، و إذ كان المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن : ( ضمانة الدفاع التي كفلها الدستور بنص المادة 69 لا يمكن فصلها أو عزلها عن حق التقاضي ، ذلك أنهما يتكاملان و يعملان معاً في دائرة الترضية القضائية التي يعتبر اجتناؤها غاية نهائية للخصومة القضائية ، فلا قيمة لحق التقاضي ما لم يكن متسانداً لضمانة الدفاع )، و كان المقرر كذلك في قضاء ذات المحكمة : ( أن المحامين جميعهم شركاء للسلطة القضائية – على تعدد تنظيماتها – في سعيها للوصول إلى الحقيقة و التماس الوسائل القانونية التي تعينها على تحريها) ، وإذ كانت العدالة الحقة و الناجزة تستوجب ذلك كله ، فإنه لن يضيرها إجازة تقديم تلك المذكرات أمام محكمة الجنايات باعتبارها وسيلة من وسائل إظهار الحقيقة و أداء أمانة الدفاع ، و لن تخسر المحكمة شيئاً بقبولها إياها ، بل إن تقديمها يعد أمراً هاما، ذلك أن القضايا التي تنظرها محكمة الجنايات تعد من أخطر القضايا و أهمها ، سواء من حيث نوع تلك القضايا أو من حيث أثرها العقابي الشديد على المتهمين فيها ، و دل على ذلك تشكيل تلك المحكمة و الإجراءات المتبعة لنظر تلك القضايا ....، فضلاً عن أنه ليس كل المحامين الذين يحق لهم قانوناً المثول أمام محكمةالجنايات في مستوى واحد من حيث القدرة على الترافع و الإقناع الشفوي ، و قد نجد محام لا يستطيع الإحاطة – شفوياً – بكل الموضوع ، فهنا يكون من باب العدالة و تحقيقاً لوظيفة القضاء و ضمانة الدفاع السماح بتقديم تلك المذكرات لاستكمال ما فات المرافعة الشفوية من دفاع أو إستدراك ما شابها من قصور، و حتى يقوم حكم المحكمة على الجزم و اليقين .
5- من المقرر في الفقه الجنائي أن : " للخصوم – سواء كانت النياية العامة أو المتهم أو المدعي بالحقوق المدنية أو المسئول عنها – حق المرافعة الشفوية و تفنيد أدلة الإثبات و النفي ، على أن يكون المتهم آخر من يتكلم . و يجوز تقديم مذكرات كتابية لتدعيم المرافعة الشفوية . و يجب على المحكمة أن تستجيب لحق الخصوم في المرافعة و إلا أخلت بحق الدفاع " . الدكتور/ عبد الحكم فودة – المستشار و وكيل التفتيش القضائي سابقاً – محكمة الجنايات دراسة لنشاطها و دور الدفاع أمامها – طبعة 1992 – ص 80 .
6- الواقع العملي أمام محكمة الجنايات يشهد على صحة جوازتقديم المتهم مذكرات دفاعه أمامها، و يكفي في ذلك متابعة مجريات الأمور في القضايا المختلفة التي تنظرها ، حيث تقدم مذكرات تبلغ صفحاتها المائة أو تزيد كثيرا و تقبلها المحكمة ، رغم أن الدفاع فيها يكون قد أخذ قسطه الوافر في مرافعته الشفوية ، بل ورغم وجود أكثر من محام عن ذات المتهم .
و الأمر تبعاً لما تقدم يكون أمراً جائزاً .
هذا جهيد متواضع
و للجميع دعوات بالتوفيق و السداد
أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية