لقد اهتم الإسلام في تشريعاته ومبادئه وتعاليمه جل الاهتمام بأحوال الأسرة وحقوقها وواجباتها.
ولقد أراد ديننا الإسلامي العظيم للأسرة أن تنعم بالحياة الوادعة وأن يكون شعارها الذي تبنى عليه الأسر {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} [سورة الروم الآية 21].
في ظل هذه الآية الكريمة جعل الله ميثاق الأسرة هو المودة والرحمة.
والإسلام أعطى الزوج الحق في أن يكون هو المسؤول عن البيت ومسؤول عن زوجته وأولاده ومسؤول عن الإنفاق عليهم لقوله تعالى: (الرجالُ قَوَّامونَ على النساءِ بما فَضَّلَ اللهُ بعضَهم على بعضٍ وبما أنْفَقوا مِن أموالِهم) (النساء: 34) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكل راعٍ مسؤول عن رعيته.. " فالزوج وهو رب الأسرة هو المسؤول عنها.
وإن الإسلام نَظَّم حقوقًا على الزوج لزوجته، وهذه الحقوق منها حقوق مالية، وهي المَهْر والنفقة، وحقوق غيرُ مالية، وهي عدم الإضرار بالزوجة والمعاملة بالمعروف، وأوجب على الزوجة حق الطاعة ، ولكنه مقيد بالمعروف "فإنه لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق" فلو أَمرها بمعصية وجب عليها أن تخالفه.
ومن طاعتها لزوجها ألا تصوم نافلة إلا بإذنه، وألا تَخْرج من بيتها إلا بإذنه .
صحيح أن سفر الزوجة بدون إذن الزوج لا تجوز شرعًا أصلاً ولا خلاف عليها والسماح لها بالسفر من غير إذن الزوج فيه اسقاط صريح لحق الزوج فى القوامة وخروج على النص الحاسم وهو قوله تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [ النساء الآية 34] .
والزوجة فى عصمة رجل هو الزوج فلا تخضع إلا لأوامره ، والأصل فى عقد الزواج وما يترتب عليه من حقوق للزوج على زوجته هو الطاعة ، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن حق الزوج على زوجته فقال:"السمع والطاعة".
والأصل المقرر فى الشريعة الإسلامية " ألا تسافر المرأة وحدها ، بل يجب أن تكون فى صحبة زوج أو محرم لها " وليس مرجع هذا إلى اتهام للمرأة أو سوء ظن بها لكن حسن الرعاية والحماية لها ، والتكريم والحفاظ عليها من التعرض للمشاكل والمضايقات .
ودليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"لا تسافر المرأة إلا مع محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأنه رغم صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بالغاء قرار وزير الداخلية المصري بشأن اعتبار موافقة الزوج على سفر زوجته للخارج شرطاً جوهرياً لمنحها جواز السفر وقرار رئىس الجمهورية بتفويض وزير الداخلية سلطة تحديد شروط منح جواز السفر للمواطنين أو رفض استخراج جوازات لهم أو تجديدها أو سحبها لا يصادر حق الزوج في منع زوجته من السفر إلى الخارج، حيث أن هذا الحق قررته الشريعة الاسلامية وهو حق قانوني ودستوري منذ عام 1971 حيث ينص الدستور على أن الشريعة الاسلامية مصدر أساسي من مصادر التشريع. فالذي تم إلغاءه هو الإدراج على القوائم إداريا وإستخراج جواز السفر وليس حق الزوج في منع زوجته من السفر.
وقانوناً ليس من حق المرأة أن تسافر دون اذن زوجها وللزوج أن يطلب منعها من السفر وليس وزير الداخلية. فقانون الأحوال الشخصية والشريعة نصت صراحة على ضرورة حصول المرأة على موافقة زوجها إذا رغبت في السفر. وهذا حق للزوج طالما في حدود المشروعية دون تعسف الزوج في استعمال حقوقه.
فحق الزوج في منع زوجته أو ما يسمى حق الاحتباس الذي أعطاه الدين للزوج, فقط أصبح يطبق عن طريق القضاء، بحكم من محكمة الأحوال الشخصية (قاضي الأمور الوقتية) , بمنع الزوجة من السفر بعد ان كان هذا الحق مطلقا في يد الرجل•• حتى لا يلجأ الزوج للطريق الإدراي لمنع الزوجة من السفر دون علمها ودون حكم محكمة ينص على ذلك •
وعليه فهي لا تسافر إلا بإذنه, ولكن وحيث أن عَقْد الزواج شريعة المُتعاقدَين، وبمقتضى هذا العقد يترتب عليه حقوق وواجبات مُتبادَلة بالنسبة لكلا الزوجين. وبمقتضى هذا العقد فإن الزوجة مُحْتَبَسَة لحق الزوج في مقابل الإنفاق عليها بجميع أنواعه التي تجب عليه، وعليها الطاعة والاحتباس له في مقابل ذلك، وهذا هو الأصل، لكن يجوز اشتراط الزوجة لنفسها في عقد الزواج من الإذن ما يحله الله، كخروجها لطلب العلم أو العمل أو السفر للعمل أو العلم، فإذا ما وافق الزوج على هذا الشرط يلتزم به ويجب عليه الوفاء به، لقوله تعالى: (يا أيُّها الذين آمنوا أوْفُوا بالعقود).
وهذا الشرط إما أن يكون صريحًا أو ضمنا، فالصريح هو المذكور بالعقد ولا يحتاج إلى إذن جديد. أما الضمني فكما إذا تزوجها وهي تعمل أو كانت طالبة وتسافر، ومدوَن بالعقد أنها تسافر، ولم يشترط الزوج في العقد عدم خروجها وسفرها للعمل أو للعلم إلا بإذنه، أو المنع من السفر والاحتباس في منزله لطاعته، وكان العمل الذي ستسافر إليه مفروضا عليها، وفيه نفع للصالح العام، ولم يكن فيه إضرار بالأسرة أو المجتمع، فإنه بمقتضى هذا الإذن الضمني يكون لها حق الخروج بدون إذنه؛ لأن الإذن في هذه الحالة ضمني وعرفي، والمعروف عرفا كالمشروط شرطا، يجب الوفاء به شرعا.
فإن منع هذا الإذن كان متعسفا في استعمال الحق، فلها أن تلجأ إلى القاضي لمنع الضرر عنها بمقتضى هذا التعسف وطلب الإذن بالخروج أو السفر من القاضي؛ وذلك لأن القاضيَ ولي من لا ولي له.
وإذن للقاضي رخصةٌ قائمة على الضرورة الشرعية، والرخصة والضرورة تقدَر بقدرها.
فإذا ما استعمل الزوج حقه في أنها لا تسافر إلا بإذنه، وأساء استعمال هذا الحق وكان متعسفا فلها الحق أن تلجأ للقضاء لمنع هذا الضرر عنها بمقتضى هذا التعسف غيرِ المشروع من الزوج، ولها أن تطلب الإذن لها من القاضي بالسفر؛ لأن القاضي ولي من لا ولي له شرعا
وإذا تحصل الزوج على قرار بمنها من السفر دون مسوغ شرعي فلها أن تتظلم منه على أساس ان القرار المطعون عليه خلا من الاسباب التي تبرره مما يفقده المشروعية ويجعل الزوج متعسف في اصداره ولا يستهدف المحافظة علي الأسرة والامن والنظام العام وان تنفيذ القرار يؤدي الي الاضرار بالزوجة لان طبيعة عملها تستدعي دوام سفرها للخارج
وهذا الإستعمال للحق لا تسأل عنه الزوجة حيث أن المساءلة عن استعمال حق التقاضى أو الدفاع فى الدعوى . مناطه
القاعدة:
نصت المادتان الرابعة والخامسة من التقنين المدنى على أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير وأن استعمال الحق لا يكون غير مشروع الا اذا لم يقصد به سوى الاضرار بالغير وهو ما لا يتحقق الا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق ، وحقا التقاضى والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكا أو ذودا عن حق يدعيه لنفسه الا اذا ثبت انحرافه عن الحق المباح الى اللدد فى الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتةاء الاضرار بالخصم . واذ كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر فى نسبة الخطأ الى الطاعن الى ما لا يكفى لاثبات انحرافه عن حقه المكفول فى التقاضى والدفاع الى الكيد والعنت واللدد في الخصومة فانه يكون فضلا عما شابه من القصور قد أخطأ في تطبيق القانون .
( الطعون رقم 438 لسنة 43 ق جلسة 1977/3/28 س 28 ص 812)
( الطعون1834 و 1849 و 1949 و 1999 لسنة 51 ق جلسة 1982/12/30س 1279 ص 33 )
فمن حق الزوج منع الزوجة من السفر بمفردها خارج البلاد دون تعسف في إستعمال هذا الحق والمنع من التنقل لا يملكه اليوم إلا قاض ومن حق الزوجة التظلم من ذلك بشرط التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع, ومساواتها بالرجل دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية القطعية الثبوت والدلالة باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع وفقا للمادة الثانية من الدستور.
ويكون الترجيح بترتيب المصالح ودفع الضرر, والتوفيق بين جميع هذه الحقوق.. حق المواطن من ناحية, وحق المجتمع من ناحية أخري.
وبناء على ذلك قضت محكمة القضاء الإداري بمنح مضيفة جوية جواز سفرها, والسماح لها بالسفر. وكانت قد اشترطت علي زوجها استمرارها في عملها خلال الزواج, وسفرها للخارج. ووافق الزوج بدليل موافقته علي استخراج جواز السفر, ونشبت خلافات بين الزوجين, وغادرت الزوجة منزل الزوجية, وأسرع الزوج إلي مصلحة الجوازات والجنسية يطلب سحب جواز سفرها, وسحبته المصلحة, وعاد إليها الجواز مرة أخري استنادا إلي حكم المحكمة الدستورية العليا.
وقد نظم القانون رقم(1) لسنة2000 في شأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية قد نظم أمر منازعات السفر باعتبارها من مسائل الأحوال الشخصية. وهذا القانون.. تمت مراجعته من قسم التشريع بمجلس الدولة ومجمع البحوث الإسلامية وفضيلة شيخ الأزهر. ونص هذا القانون علي اختصاص قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية دون غيره بإصدار أمر علي عريضة في المنازعات حول السفر إلي الخارج بعد سماع أقوال ذوي الشأن. معني هذا.. أن من حق الزوج أو الزوجة اللجوء إلي القاضي المختص للحصول علي أمر علي عريضة لمنع الطرف الآخر من السفر في حالة وجود سبب قوي لذلك. وليس من بين مواد هذا القانون رقم(1) لسنة2000 ما يمنح الزوج حقا مطلقا في منع الزوجة من السفر بدليل أن القاضي لا يصدر الأمر إلا بعد سماع أقوال ذوي الشأن, ومنهم الزوجة.
قانون 1 لسنة 2000 مادة 1 اصدار
........... ..... ..
5- المنازعات حول السفر الى الخارج بعد سماع اقوال ذوى الشان .
وهناك أيضا.. الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا في جلسة3 مايو1997. وأكد الحكم حق الزوجة في الخروج إلي العمل بموافقة زوجها الصريحة أو الضمنية. ورتب علي خروجها دون ذلك الإذن سقوط نفقتها, واعتبارها ناشزا
يمكن القول إن العلاقة الزوجية لا تستقيم بالإكراه على فعل شيء أو المنع من فعل شيء. فيجب النظر للأمر من جميع الجوانب فهناك جانب اجتماعي، فهناك نساء لهن ظروف خاصة تستدعي السفر للخارج وأحياناً يقف الزوج حائلاً أمام سفرها.
وقد تبين هذه الأحكام خروج الزوجة للعمل والسفر دون إذن وشروطه فيقاس عليها حالات المشروعية والتعسف
أحكام خروج الزوجة من مسكن الزوجية دون إذن أو موافقة زوجها للعمل المشروع . م1ق 25 لسنة 1920 المعدل ب ق 100 لسنة 1985 . انتفاء حق الزوج في منع زوجته من الخروج للعمل المشروع . قوامه . ثبوت رضائه الصريح أو الضمني أو توافر ضرورة ماسه للمال . شرطه . ألا يتنافى الخروج مصلحة الأسرة أو تنشئة الصغار ورعايتهم أو تسئ الزوجة استعمالها حقها في العمل . عودة حق الزوج في المنع عند انتفاء هذه الشروط واعتبار المنع استعمالا مشروعا للحق . عله ذلك
( الطعن رقم 1302 لسنة 73 ق – جلسة 14/12/2004 )
المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1920 بشأن أحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 قد نظمت أحكام خروج الزوجة من مسكن الزوجية – دون إذن زوجها وموافقته – للعمل المشروع وقد استقر الفقه والقضاء على وجود عدد من الحالات ليس للزوج فيها منع زوجته من الخروج للعمل المشروع تقوم في مجموعها على فكره ثبوت رضائه الصريح أو الضمني بهذا العمل أو توافر حالة ضرورة ماسة للمال إلا أنه يشترط لذلك ألا يكون خروج الزوجة مناف لمصلحة الأسرة أو تنشئة الأولاد الصغار ورعايتهم أو تسئ الزوجة استعمالها حقها في العمل حيث يعود للزوج في هذه الحالات الحق في منع الزوجة من الخروج للعمل رغم سبق رضائه الصريح أو الضمني ، وإذا ما خالفته الزوجة في ذلك تسقط نفقتها . وهى أحكام وإن قننها المشرع بمناسبة تنظيمه لأحكام النفقة الزوجية إلا أنها تعد تطبيقا هاما لمفهوم حق الزوج في منع زوجته من العمل المشروع وحدود هذا الحق وضوابطه ، بحيث يكون استعمال الزوج لحقه في منع زوجته من العمل استعمالا مشروعا إذا ما أدعى أن هذا العمل مناف لمصلحة الأسرة وتربيه الأولاد وأثبت ذلك ، باعتبار أن الحرص على مصلحة الأسرة بوصفها اللبنة الأولى في المجتمع وتربيه الأبناء – ورعايتهم والعناية بهم وتنشئتهم على تعاليم الدين وثوابته والخلق القويم وضوابطه وحمايتهم من مخاطر الانحراف والمفاسد والبعد عن جادة الصواب خاصة في السنوات الأولى لحياتهم التي تؤثر في تكوين شخصايتهم ونظرتهم للأمور – مقدم على المصلحة الخاصة للزوجة في العمل داخل البلاد أو خارجها .
قيام وزاره الداخلية بسحب جواز سفر المطعون ضدها بناء على طلب الطاعن حال قيام الزوجة بينهما استنادا للمادة الثالثة من قرار وزير الداخلية بتنظيم منح وتجديد جوازات سفر الزوجات قبل القضاء بسقوطها بحكم المحكمة الدستورية العليا تمسك الطاعن بأن فعله كان استخداما لحقه كزوج للمحافظة على كيان الأسرة ورعاية المطعون ضدها لابنتهما التي لم تجاوز احداهما العاشرة من عمرها دفاع جوهري إلتفات الحكم المطعون فيه عنه وعدم بحثه وتمحيصه والفطنة لدلالته قصور
(الطعن رقم 1302 لسنة 73 ق – جلسة 14/12/2004)
لما كان الثابت بالأوراق أن وزاره الداخلية قامت بسحب جواز سفر المطعون ضدها بناءا على طلب الطاعن حال قيام الزوجية بينهما الأمر الذي حال بين المطعون ضدها وبين السفر للعمل خارج البلاد ، وكان استنادا إلى حكم المادة الثالثة من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996 فيما تضمنته من تنظيم منح وتجديد جوازات سفر الزوجات قبل القضاء بسقوطها بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 4/1/2000 في القضية رقم 243 لسنة 21 ق دستوريه ، وأن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه استخدم حقه كزوج وراع لأسرته لمنع المطعون ضدها (حال قيام الزوجية بينهما) من السفر للعمل خارج البلاد حماية لكيان هذه الأٍسرة ولتراعى ابنتيهما خاصة وأن إحداهما لم تجاوز العاشرة من عمرها وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه في البحث والتمحيص ويفطن لدلالته مع انه دفاع جوهري من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوبا بالقصور
علني أكن وفيت ووضحت متى يكون إستعمال الزوج لحقه فى المنع مشروعاً وهو يقوم على المحافظة على كيان الأسرة ورعاية الأطفال ومتى يكون متعسفاً عندما لا يكون هناك ضرر على الأسرة ولا المجتمع وتتوافر ضرورة لهذا السفر
عدل سابقا من قبل محمد راضى مسعود في الأحد أكتوبر 03, 2010 2:00 pm عدل 1 مرات