ليس هناك بلد عربي واحد يخلو من جماعة إسلامية متطرفة, مهما اختلفت المسميات وتنوعت القيادات والزعامات قررنا في عرضنا لنزعات التطرف الإيديولوجي الإسلامي وتعويقها للنمو الديموقراطي
أن الحكومات الغربية ليست هي القوي الوحيدة التي تمارس السياسة. ذلك أن هناك تحركات إسلامية متعددة معارضة للدولة العربية المدنية الراهنة, وهي تحاول الانقلاب عليها وفرض نموذج الدولة الدينية الذي يقوم علي أساس رفض النظم السياسية الوضعية الراهنة, وتطبيق الشريعة الإسلامية وفق منظور رجعي ومحافظ لا علاقة له بالعصر الذي نعيشه, وما يقتضيه ذلك من تغيير الدساتير القائمة.
ومنذ فترة قريبة صرح المرشد العام الحالي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر إلي ضرورة تغيير الدستور المصري وإعادة صياغته علي هدي التوجيهات القرآنية.
وفي مناسبة اجتماعية صرح المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في حشد من قيادات المعارضة المصرية قائلا: الدولة نحن أصحابها, أما النظام أو يقصد النظام المصري الحالي, فيجب إزاحته وتغييره بأي صورة ممكنة.
وهذا التصريح يعد بذاته دعوة للقيام بانقلاب علي النظام السياسي الراهن مهما كانت الوسيلة, أي سواء سلما أو باستخدام العنف, لأن الدولة كما زعم هي دولتهم!
ويمكن القول إن هذه الحركات السياسية الإسلامية المتطرفة حاولت من قبل عن طريق الإرهاب الصريح تحقيق هذا الانقلاب السياسي, إلا أنها فشلت فشلا ذريعا لأن الحكومات العربية نجحت في القضاء علي منابع الإرهاب وتصفية الجماعات الإرهابية.
غير أن الجماعات الإسلامية المتطرفة عادت من جديد مستثمرة في ذلك موجة الإصلاح الديموقراطي في عديد من البلاد العربية, لممارسة العنف الفكري ضد الدولة العربية الراهنة تحت شعار الإسلام هو الحل.
بل ونجحت بعض هذه الحركات المتطرفة مثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر في أن ينجح منها86 عضوا في مجلس الشعب الذي انتهت مدته, وتحاول هذه الجماعة في الوقت الحاضر اقامة التحالفات المتنوعة مع حركات المعارضة المختلفة مثل الجمعية الوطنية للتغيير التي سبق أن رأسها قبل أن تتفكك وتنقسم إلي شراذم متفرقة الدكتور محمد البرادعي الذي طرح نفسه فجأة علي الساحة السياسية المصرية باعتباره مرشحا محتملا في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وقد وضعت جماعة الإخوان المسلمين كتائبها المنظمة في سبيل جمع توقيعات علي بيان التغيير الذي دعا البرادعي الناس للتوقيع عليه, لكي تثبت أنها أقوي جماعات المعارضة المصرية تنظيما, بالرغم من إفلاسها الفكري لأنها لا تمتلك مشروعا متكاملا للنهضة, وفشلها السياسي بعد أن سحبت مشروعها لإقامة حزب سياسي تبين للناس جميعا أنه ليس سوي وسيلة لإقامة دولة دينية يقودها مجلس أعلي للفقهاء!
وهذا ما دعانا في تحليلنا ونقدنا لهذا المشروع الخطير أنه تطبيق لمبدأ ولاية الفقيه علي الطريقة السنية علي غرار مبدأ ولاية الفقيه المطبق في إيران علي الطريقة الشيعية!
ونحتاج لدراسة الحركات الإسلامية المتطرفة في مجال بحث دورها المعوق للإصلاح الديموقراطي, أن نرسم لها خريطة معرفية لكي نحدد صورها وأنماطها المتعددة في المشرق والمغرب والخليج.
ويمكن القول إنه ليس هناك بلد عربي واحد يخلو من جماعة إسلامية متطرفة, مهما اختلفت المسميات وتنوعت القيادات والزعامات.
ونلاحظ أن الخطاب الإسلامي المتطرف الذي تروج له هذه الجماعات له سمات متشابهة في كل العالم العربي, وهو يبدأ عادة بنقد الوضع الراهن في المجتمعات العربية علي أساس أنه مضاد لتعاليم الإسلام. وقد تتفاوت هذه الخطابات في درجة تطرفها, فهي أحيانا تحاول النفاذ للوعي العام عن طريق استنكار الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية الراهنة وتدعو من بعد إلي تطبيق شعار الإسلام هو الحل, أي هو البديل عن كل الممارسات السائدة مهما كانت دستورية وديموقراطية وممثلة لمصلحة الشعوب.
غير أن هناك خطابات إسلامية أخري متطرفة لا تتواني عن تكفير المجتمع والدولة ذاتها علي غرار الأوصاف التي سبق لمنظر العنف الإسلامي الشهير سيد قطب ـ إحد قادة الإخوان المسلمين في مصر ـ أن ذكرها في كتابه الشهير معالم علي الطريق.
وهناك محاولات متعددة قام بها عدد من الباحثين العرب والأجانب لرسم خريطة الحركات الإسلامية المتطرفة المعاصرة.
غير أنه يلفت النظر في هذا الصدد الكتاب المهم الذي أصدره مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة بعنوان دليل الحركات الإسلامية في العالم, والذي رأس تحريره ضياء رشوان وقام بتنسيقه محمد فايز فرحات الذي صدر عام.2006
وتلفت النظر المقدمة التي حررها ضياء رشوان التي أشار فيها بذكاء إلي خطورة التعميمات السائدة في حقل البحث العلمي حول هذه الجماعات.
بحيث ـ كما يقرر بدت في النهاية وكأنها تأخذ أحد شكلين: إما أنها حركات وجماعات منفصلة عن بعضها البعض ولا توجد بينها علاقات أو خصائص مشتركة, أو أنها تتسم بنفس الخصائص العملية والأفكار النظرية بما يضعها جميعا ضمن كتلة صماء هي الحركات الإرهابية العنيفة حسب المصطلحات التي سادت بعد هجمات سبتمبر.
ولذلك كان ضروريا رسم خريطة أدق لهذه الحركات الإسلامية علي مستوي العالم بما يساعد علي فهم دقيق لأفكارها وأفعالها ومواقفها, مما قد يسمح بالتنبؤ بسلوكها السياسي في المستقبل.
وقد درس هذا الدليل للحركات الإسلامية جماعة الإخوان المسلمين في مصر, وحزب العدالة والتنمية في تركيا, كنموذجين للحركات السياسية الاجتماعية ذات البرامج التي تسعي للوصول إلي الحكم بالطرق السلمية, كما درس حركة المقاومة الإسلامية( حماس) وجماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية كنموذج لحركات التحرر الوطني المسلحة الإسلامية.
وبالإضافة إلي ذلك درس تنظيم قاعدة الجهاد باعتباره النموذج الأبرز حاليا للحركات الإسلامية الجهادية دولية المجال والجماعة الإسلامية في أندونيسيا كنموذج مثالي للحركات الإسلامية الجهادية المحلية ذات الطابع الإقليمي, وأخيرا دراسة جماعة الجهاد المصرية.
ومن الواضح من العرض السابق التعدد الشديد في أنماط الحركات الإسلامية وتنوعها, فمنها حركات دولية النشاط وأخري إقليمية وثالثة محلية.
ويبقي السؤال الذي أثاره من قبل ضياء رشوان هل هي جماعات منفصلة عن بعضها أم أنها متشابهة تصدر عن رؤية للعالم. تتشكل من مفردات متماثلة؟
يجيب كتاب دليل الحركات الإسلامية في العالم بصورة علمية في ضوء دراسة تحليلية لأفكار ورؤي الحركات الإسلامية في القسم الثاني من الكتاب.
غير أن هذا العنوان لا يعكس للأسف المضمون.. وذلك لأنه عني بالتحليل الدقيق لخطاب أسامة بن لادن باعتباره دراسة حالة متعمقة وركز من بعد ذلك علي رؤي حسن الترابي الزعيم الديني السوداني المعروف وعلي عبدالقادر بن عبدالعزيز( سيد إمام الشريف) المصري زعيم حركة الجهاد.
وبالرغم من قيمة دراسات الحالة هذه, فإنها لا تساعدنا علي فهم أفكار ورؤي الحركات الإسلامية التي تحتل الأسس الإيديولوجية التي قامت عليها هذه الحركات منذ إنشاء الشيخ حسن البنا لحركة الإخوان المسلمين في مصر عام1928 حتي نشوء حركة العدل والإحسان في المغرب, والجماعة الإسلامية في الجزائر علي سبيل المثال.
ونقصد بالأسس الإيديولوجية الحاكمة المنطلقات الكبري التي قامت علي أساسها هذه الحركات الإسلامية المتنوعة, ولو درسنا هذه الحركات لاكتشفنا أنها ليست حركات منفصلة, بل إنها في الواقع تنويعات علي لحن واحد.
وهذا اللحن الواحد يتمثل في الرفض القاطع لنموذج المجتمع السائد في البلاد التي قامت فيها هذه الحركات, كالمجتمع المصري والمجتمع المغربي والمجتمع الجزائري.
واتهام هذه المجتمعات بأنها كافرة أو جاهلية وإن لم تستخدم كل هذه الجماعات هذه الأوصاف علي وجه التحديد. وبناء علي هذا الرفض والاتهام فإن خطاب هذه الجماعات يدعو إلي الانقلاب علي النظام السياسي القائم, كما حاولت جماعة الإخوان المسلمين أن تفعل ضد النظام الملكي الليبرالي الذي كان سائدا في مصر منذ صدور دستور1923 حتي ثورة يوليو1952, وذلك من خلال التنظيم السري للجماعة الذي قام بسلسلة من الاعتبارات لبعض القادة السياسيين مثل النقراشي باشا رئيس الوزراء ولبعض رجال القضاء الذين حاكموا أعضاء من الجماعة وأدانوهم مثل المستشار الخازندار.
ومعني ذلك أن كل هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة ـ في تقديرنا ـ تقوم ممارساتها علي ثلاثية أساسية مفرداتها هي: رفض المجتمع القائم, واتهامه بعدم التطابق مع الشريعة الإسلامية, وأهم من ذلك ضرورة القيام بانقلاب لإزاحة الأنظمة السياسية العلمانية والديموقراطية وتأسيس الدولة الدينية.هذا فرض تقدمه وتحتاج لإثباته أو نفيه أن تجري دراسة حالات لجماعات إسلامية متطرفة في المشرق والمغرب والخليج لكي نخلص إلي نتيجة أساسية هي هل هذا الغرض صحيح أم أنه فرض زائف لم تؤيده الأدلة والبراهين؟
بقلم: السيد يسين
أن الحكومات الغربية ليست هي القوي الوحيدة التي تمارس السياسة. ذلك أن هناك تحركات إسلامية متعددة معارضة للدولة العربية المدنية الراهنة, وهي تحاول الانقلاب عليها وفرض نموذج الدولة الدينية الذي يقوم علي أساس رفض النظم السياسية الوضعية الراهنة, وتطبيق الشريعة الإسلامية وفق منظور رجعي ومحافظ لا علاقة له بالعصر الذي نعيشه, وما يقتضيه ذلك من تغيير الدساتير القائمة.
ومنذ فترة قريبة صرح المرشد العام الحالي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر إلي ضرورة تغيير الدستور المصري وإعادة صياغته علي هدي التوجيهات القرآنية.
وفي مناسبة اجتماعية صرح المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في حشد من قيادات المعارضة المصرية قائلا: الدولة نحن أصحابها, أما النظام أو يقصد النظام المصري الحالي, فيجب إزاحته وتغييره بأي صورة ممكنة.
وهذا التصريح يعد بذاته دعوة للقيام بانقلاب علي النظام السياسي الراهن مهما كانت الوسيلة, أي سواء سلما أو باستخدام العنف, لأن الدولة كما زعم هي دولتهم!
ويمكن القول إن هذه الحركات السياسية الإسلامية المتطرفة حاولت من قبل عن طريق الإرهاب الصريح تحقيق هذا الانقلاب السياسي, إلا أنها فشلت فشلا ذريعا لأن الحكومات العربية نجحت في القضاء علي منابع الإرهاب وتصفية الجماعات الإرهابية.
غير أن الجماعات الإسلامية المتطرفة عادت من جديد مستثمرة في ذلك موجة الإصلاح الديموقراطي في عديد من البلاد العربية, لممارسة العنف الفكري ضد الدولة العربية الراهنة تحت شعار الإسلام هو الحل.
بل ونجحت بعض هذه الحركات المتطرفة مثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر في أن ينجح منها86 عضوا في مجلس الشعب الذي انتهت مدته, وتحاول هذه الجماعة في الوقت الحاضر اقامة التحالفات المتنوعة مع حركات المعارضة المختلفة مثل الجمعية الوطنية للتغيير التي سبق أن رأسها قبل أن تتفكك وتنقسم إلي شراذم متفرقة الدكتور محمد البرادعي الذي طرح نفسه فجأة علي الساحة السياسية المصرية باعتباره مرشحا محتملا في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وقد وضعت جماعة الإخوان المسلمين كتائبها المنظمة في سبيل جمع توقيعات علي بيان التغيير الذي دعا البرادعي الناس للتوقيع عليه, لكي تثبت أنها أقوي جماعات المعارضة المصرية تنظيما, بالرغم من إفلاسها الفكري لأنها لا تمتلك مشروعا متكاملا للنهضة, وفشلها السياسي بعد أن سحبت مشروعها لإقامة حزب سياسي تبين للناس جميعا أنه ليس سوي وسيلة لإقامة دولة دينية يقودها مجلس أعلي للفقهاء!
وهذا ما دعانا في تحليلنا ونقدنا لهذا المشروع الخطير أنه تطبيق لمبدأ ولاية الفقيه علي الطريقة السنية علي غرار مبدأ ولاية الفقيه المطبق في إيران علي الطريقة الشيعية!
ونحتاج لدراسة الحركات الإسلامية المتطرفة في مجال بحث دورها المعوق للإصلاح الديموقراطي, أن نرسم لها خريطة معرفية لكي نحدد صورها وأنماطها المتعددة في المشرق والمغرب والخليج.
ويمكن القول إنه ليس هناك بلد عربي واحد يخلو من جماعة إسلامية متطرفة, مهما اختلفت المسميات وتنوعت القيادات والزعامات.
ونلاحظ أن الخطاب الإسلامي المتطرف الذي تروج له هذه الجماعات له سمات متشابهة في كل العالم العربي, وهو يبدأ عادة بنقد الوضع الراهن في المجتمعات العربية علي أساس أنه مضاد لتعاليم الإسلام. وقد تتفاوت هذه الخطابات في درجة تطرفها, فهي أحيانا تحاول النفاذ للوعي العام عن طريق استنكار الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية الراهنة وتدعو من بعد إلي تطبيق شعار الإسلام هو الحل, أي هو البديل عن كل الممارسات السائدة مهما كانت دستورية وديموقراطية وممثلة لمصلحة الشعوب.
غير أن هناك خطابات إسلامية أخري متطرفة لا تتواني عن تكفير المجتمع والدولة ذاتها علي غرار الأوصاف التي سبق لمنظر العنف الإسلامي الشهير سيد قطب ـ إحد قادة الإخوان المسلمين في مصر ـ أن ذكرها في كتابه الشهير معالم علي الطريق.
وهناك محاولات متعددة قام بها عدد من الباحثين العرب والأجانب لرسم خريطة الحركات الإسلامية المتطرفة المعاصرة.
غير أنه يلفت النظر في هذا الصدد الكتاب المهم الذي أصدره مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة بعنوان دليل الحركات الإسلامية في العالم, والذي رأس تحريره ضياء رشوان وقام بتنسيقه محمد فايز فرحات الذي صدر عام.2006
وتلفت النظر المقدمة التي حررها ضياء رشوان التي أشار فيها بذكاء إلي خطورة التعميمات السائدة في حقل البحث العلمي حول هذه الجماعات.
بحيث ـ كما يقرر بدت في النهاية وكأنها تأخذ أحد شكلين: إما أنها حركات وجماعات منفصلة عن بعضها البعض ولا توجد بينها علاقات أو خصائص مشتركة, أو أنها تتسم بنفس الخصائص العملية والأفكار النظرية بما يضعها جميعا ضمن كتلة صماء هي الحركات الإرهابية العنيفة حسب المصطلحات التي سادت بعد هجمات سبتمبر.
ولذلك كان ضروريا رسم خريطة أدق لهذه الحركات الإسلامية علي مستوي العالم بما يساعد علي فهم دقيق لأفكارها وأفعالها ومواقفها, مما قد يسمح بالتنبؤ بسلوكها السياسي في المستقبل.
وقد درس هذا الدليل للحركات الإسلامية جماعة الإخوان المسلمين في مصر, وحزب العدالة والتنمية في تركيا, كنموذجين للحركات السياسية الاجتماعية ذات البرامج التي تسعي للوصول إلي الحكم بالطرق السلمية, كما درس حركة المقاومة الإسلامية( حماس) وجماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية كنموذج لحركات التحرر الوطني المسلحة الإسلامية.
وبالإضافة إلي ذلك درس تنظيم قاعدة الجهاد باعتباره النموذج الأبرز حاليا للحركات الإسلامية الجهادية دولية المجال والجماعة الإسلامية في أندونيسيا كنموذج مثالي للحركات الإسلامية الجهادية المحلية ذات الطابع الإقليمي, وأخيرا دراسة جماعة الجهاد المصرية.
ومن الواضح من العرض السابق التعدد الشديد في أنماط الحركات الإسلامية وتنوعها, فمنها حركات دولية النشاط وأخري إقليمية وثالثة محلية.
ويبقي السؤال الذي أثاره من قبل ضياء رشوان هل هي جماعات منفصلة عن بعضها أم أنها متشابهة تصدر عن رؤية للعالم. تتشكل من مفردات متماثلة؟
يجيب كتاب دليل الحركات الإسلامية في العالم بصورة علمية في ضوء دراسة تحليلية لأفكار ورؤي الحركات الإسلامية في القسم الثاني من الكتاب.
غير أن هذا العنوان لا يعكس للأسف المضمون.. وذلك لأنه عني بالتحليل الدقيق لخطاب أسامة بن لادن باعتباره دراسة حالة متعمقة وركز من بعد ذلك علي رؤي حسن الترابي الزعيم الديني السوداني المعروف وعلي عبدالقادر بن عبدالعزيز( سيد إمام الشريف) المصري زعيم حركة الجهاد.
وبالرغم من قيمة دراسات الحالة هذه, فإنها لا تساعدنا علي فهم أفكار ورؤي الحركات الإسلامية التي تحتل الأسس الإيديولوجية التي قامت عليها هذه الحركات منذ إنشاء الشيخ حسن البنا لحركة الإخوان المسلمين في مصر عام1928 حتي نشوء حركة العدل والإحسان في المغرب, والجماعة الإسلامية في الجزائر علي سبيل المثال.
ونقصد بالأسس الإيديولوجية الحاكمة المنطلقات الكبري التي قامت علي أساسها هذه الحركات الإسلامية المتنوعة, ولو درسنا هذه الحركات لاكتشفنا أنها ليست حركات منفصلة, بل إنها في الواقع تنويعات علي لحن واحد.
وهذا اللحن الواحد يتمثل في الرفض القاطع لنموذج المجتمع السائد في البلاد التي قامت فيها هذه الحركات, كالمجتمع المصري والمجتمع المغربي والمجتمع الجزائري.
واتهام هذه المجتمعات بأنها كافرة أو جاهلية وإن لم تستخدم كل هذه الجماعات هذه الأوصاف علي وجه التحديد. وبناء علي هذا الرفض والاتهام فإن خطاب هذه الجماعات يدعو إلي الانقلاب علي النظام السياسي القائم, كما حاولت جماعة الإخوان المسلمين أن تفعل ضد النظام الملكي الليبرالي الذي كان سائدا في مصر منذ صدور دستور1923 حتي ثورة يوليو1952, وذلك من خلال التنظيم السري للجماعة الذي قام بسلسلة من الاعتبارات لبعض القادة السياسيين مثل النقراشي باشا رئيس الوزراء ولبعض رجال القضاء الذين حاكموا أعضاء من الجماعة وأدانوهم مثل المستشار الخازندار.
ومعني ذلك أن كل هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة ـ في تقديرنا ـ تقوم ممارساتها علي ثلاثية أساسية مفرداتها هي: رفض المجتمع القائم, واتهامه بعدم التطابق مع الشريعة الإسلامية, وأهم من ذلك ضرورة القيام بانقلاب لإزاحة الأنظمة السياسية العلمانية والديموقراطية وتأسيس الدولة الدينية.هذا فرض تقدمه وتحتاج لإثباته أو نفيه أن تجري دراسة حالات لجماعات إسلامية متطرفة في المشرق والمغرب والخليج لكي نخلص إلي نتيجة أساسية هي هل هذا الغرض صحيح أم أنه فرض زائف لم تؤيده الأدلة والبراهين؟
بقلم: السيد يسين