ليكن الأمر واضحا للجميع، لا توجد مقايضة بين اتخاذ الإجراءات الفعالة لمكافحة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان. بل على عكس ذلك، أعتقد أنه سيتبين لنا على المدى الطويل أن حقوق الإنسان، إضافة إلى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، هي أفضل سبل الوقاية من الإرهاب. وإذا كانت مسؤولية حماية حقوق الإنسان لا يقع معظمها بالطبع على كاهل هذا المجلس - فإنها من مسؤولية هيئات الأمم المتحدة الأخرى التي لا ينبغي لكم تكرار عملها. ومن الضروري أخذ خبرة هذه الهيئات في الاعتبار والحرص على ألا تفضي التدابير التي تتخذونها إلى النيل من حقوق الإنسان دون مبرر أو إلى منح الآخرين ذريعة للقيام بذلك“.
كوفي عنان
الامين العام للامم المتحدة
المقدمة
كان تدخل المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب ضروريا بسبب اتساع حدود الإرهاب وتجاوزه الحدود الوطنية ، اذ لا ينكر ان ظاهرة الإرهاب هي ظاهرة عالمية لا يمكن للجهود الوطنية ان تفلح لوحدها في مكافحة هذه الظاهرة .
وقد كشفت التحقيقات الدولية على ان الشبكات الإرهابية ليس لها موطن محدد بل تمتد خلاياها لتشمل العديد من الدول وفي العديد من القارات .
ودور التعاون الدولي كان دوراً حيوياً وفعالاً ، لم يقتصر على مكافحة الإرهاب كجريمة ومعاقبة مرتكبيها ، بل اتخذ طابعاً اوسع اشتمل بالبحث عن أسباب الإرهاب ودعوة الدول الى معالجة تلك الأسباب كما ان المجتمع الدولي لم يغفل حقيقة ان مكافحة الإرهاب قد تستغل لتقييد الحريات والنيل من حقوق الإنسان، ولهذا فإننا سنعالج هذا الموضوع بثلاثة مباحث :
نتناول في الأول منها آليات التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب ونبحث في الثاني معالجة اسباب الإرهاب وفي الثالث حماية حقوق الإنسان .
المبحث الاول :
اليات التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب
..زادت المعاناة من الإرهاب في الوقت الحالي بحيث اصبحث مشكلة عالمية شاملة تهدد الامن والسلم الدوليين والاستقرار العالمي وطالما ان المشكلة تتصف بالشمولية فالحلخزمز يفترض ان يكون شمولياً ايضا يتم من خلال تظافر الجهود الدولية . و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يدين في مادته الثلاثين الإرهاب الدولي "أي حكم في الإعلان لا يمكن تفسيره على أنه يعطي لأية دولة أو فرد أو مجموعة من الأفراد أي حق في القيام بنشاط أو عمل يهدف إلى تحطيم الحقوق والحريات الواردة في الإعلان .."وهذا الحكم تتضمنه المادة الخامسة من كل من ميثاق الحقوق الاقتصادية ، والاجتماعية والثقافية ، ومن ميثاق الحقوق المدنية ، اللتين أقرتهما الأمم المتحدة عام 1966.
ومنذ عام 1972 اسست الامم المتحدة لجنة خاصة بمسألة مكافحة الارهاب الدولية.
وبعد احداث سسبتمبر اصبحت مكافحة الارهاب من أولويات المجتمع الدولي وعلى اساس ان ارهاب هذه الفترة اصبح اكثر شمولية وعمومية من ذي قبل .
و في 28 سبتمبر عام 2001 اجيز قرار 1373 فى مجلس الامن الدولى الذي يطالب جميع الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، بتقديم تقرير مفصل بجميع المعطيات المتوفرة لديها عن الارهاب إلى لجنة مكافحة الإرهاب . وتأسيس لجنة خاصة تتكون من خبراء مكافحة الارهاب واعضاء سكرتارية الامم المتحدة تقدم تأييدا واستشارات لضمان وضع القرارات موضع التنفيذ وهذه اللجنة لجنة مكافحة الإرهاب تتألف من 15 عضوا لرصد تنفيذ القرار.
لقد كان الإرهاب مدرجاً على جدول أعمال الأمم المتحدة منذ عقود. وقد وُضعت ثلاث عشرة اتفاقيات دولية في إطار نظام الأمم المتحدة المتعلق بأنشطة إرهابية محددة. ودأبت الدول الأعضاء من خلال الجمعية العامة على زيادة تنسيق جهودها في مجال مكافحة الإرهاب ومواصلة أعمالها المتعلقة بوضع قواعد قانونية. وكان مجلس الأمن نشطاً أيضاً في مكافحة الإرهاب من خلال إصدار قرارات ومن خلال إنشاء هيئات فرعية عديدة. وفي الوقت نفسه شارك عدد من برامج منظومة الأمم المتحدة ومكاتبها ووكالاتها في تدابير تطبيقية محددة مضادة للإرهاب توفر مزيداً من المساعدة للدول الأعضاء في جهودها. وتوطيداً وتحسيناً لهذه الأنشطة بدأت الدول الأعضاء مرحلة جديدة في جهودها الرامية إلى مكافحة الإرهاب بالاتفاق على استراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب. وتمثل هذه الاستراتيجية، التي اعتُمدت في 8 أيلول/سبتمبر 2006 وأُطلقت رسمياً في 19 أيلول/سبتمبر 2006، المرة الأولى التي تتفق فيها البلدان في مختلف أنحاء العالم على نهج استراتيجي موحد لمكافحة الإرهاب. وتشكل الاستراتيجية أساساً لخطة عمل محددة هي: التصدي للأوضاع التي تفضي إلى انتشار الإرهاب؛ ومنع الإرهاب ومكافحته؛ واتخاذ تدابير لبناء قدرة الدول على مكافحة الإرهاب؛ وتعزيز دور الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب؛ وكفالة احترام حقوق الإنسان في سياق التصدي للإرهاب. وتستند الاستراتيجية إلى توافق الآراء الفريد الذي توصل إليه قادة العالم في مؤتمر قمتهم الذي عقد في أيلول/سبتمبر 2005، وهو إدانة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره[1].