الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،
الشبه التي تثار حول هذا الدين وأحكامه الشرعية كثيرة جدا ، ومن هذه الشبه ما كان منبعه تحكيم الأهواء والشهوات وكذلك الحقد والحسد على هذا الدين وأهله من أتباع منهج السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، ومنها ما كان بقصد الدفاع عنه لاعتقادات مختلفة أساسها الحمية ونصرة الدين وأهله 0
وأستأنس في هذا المقام بكلام مبدع للشيخ " مقبل بن هادي الوادعي – حفظه الله – حيث يقول : ( فليست السلفية بالادعاءات ، ولكنها استسلام لله ، وقبول ما جاء عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم 0 وبعض الصحابة رضوان الله عليهم عند أن أنزل الله سبحانه وتعالى : ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِى أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) ( سورة البقرة – الآية 284 ) ، شق عليهم ذلك فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " لا تقولوا كما قال أهل الكتاب سمعنا وعصينا ولكن قولوا سمعنا وأطعنا " 0 فلما أذعن القوم أنزل الله في أثرها : ( ءامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) إلى قوله : } لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) ( سورة البقرة – الأية 285 ، 286 ) إلى آخر السورة ) ( ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر – ص 29 ) 0
وقبل أن أذكر أقوال العلماء في هذه المسألة أسوق بعض الأحاديث الدالة على حادثة سحر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي على النحو التالي :
* ثبت من حديث عائشة - رضي الله عنها – أنها قالت : ( سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله 0 حتى إذا كان ذات يوم - أو ذات ليلة - وهو عندي ، لكنه دعا ودعا ثم قال : ( يا عائشة ، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان ، فقعد أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ؟ قال : مطبوب – أي مسحور - ، قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم ، قال : في أي شيء ؟ قال : في مشط ومشاطة ، وجف طلع نخلة ذكر 0 قال : وأين هو ؟ قال في بئر ذروان فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه 0 فجاء فقال : يا عائشة ، كأن ماءها نقاعة الحناء ، وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين – أي كونها وحشة المنظر - ، قلت : يا رسول الله أفلا استخرجته ؟ قال : قد عافاني الله ، فكرهت أن أثير على الناس فيه شرا 0 فأمر بها فدفنت ) ( متفق عليه ) ، وقد روي مثل ذلك الحديث عن أم المؤمنين - رضي الله عنها - بأسانيد مختلفة 0
* عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن – قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا – فقال : يا عائشة : أعلمت إن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ، أتاني رجلان ، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب 0 قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقاً 0 قال : وفيم ؟ قال : في مشط ومشاقة – أي ما يغزل من الكتان - 0 قال وأين ؟ قال : في جف طلعة ذكر تحت رعوفة – أي حجر في أسفل البئر - في بئر ذروان ، قال : فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه ، فقال : هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين0 قال : فاستخرج 0 قال : فقلت : أفلا أي تنشرت ، فقال : أما والله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد منه شراً ) ( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الطب ( 50 ) – برقم 5766 ) 0
النشرة : ( نشر ما طوى الساحر وتفريقه ، وهي عبارة عن الرقية التي بها تحل عقدة الرجل عن مباشرة الأهل ) ( أنظر شرح الكرماني على صحيح البخاري – 41 / 21 ) 0
أضواء على الحديث :
( لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي الحجة ودخل المحرم من سنة سبع ، جاءت رؤساء اليهود إلى لبيد بن الأعصم ، وكان حليفاً لبني زريق ، وكان ساحراً ، فقالوا له : يا ابن الأعصم أنت أسحرنا ، وقد سحرنا محمداً فلم نصنع شيئاً ، ونحن نجعل لك جعلاً على أن تسحره لنا سحراً ينكؤه – أي يوجعه - ، فجعلوا له ثلاثة دنانير ، وقد ساعد اليهود على تدبير مكيدتهم أن غلاماً من اليهود كان يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة من أسنان مشطه وأعطاها اليهود الذين قاموا بدورهم بإعطاء ذلك لابن الأعصم فتولى سحر الرسول صلى الله عليه وسلم ثم دس السحر في بئر لبني زريق يقال له ذروان ، فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتثر – أي تساقط - شعر رأسه ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، وجعل يدور ولا يدري ما عراه ، فيبنما هو نائم إذ أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال أحدهما للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب ؟ قال : من طبه 0 قال : لبيد بن الأعصم ، قال : وبم طبه ؟ قال : بمشط ومشاطة ، قال : وأين هو ؟ ، قال : في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان ، فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم مذعوراً ، وقال يا عائشة : أما شعرت إن الله أخبرني بدائي ثم بعث رسول الله علياً والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف ، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه ، وإذا فيه وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى المعوذتين ، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة ، فقام كأنما نشط من عقال ، وجعل جبريل يقول : باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعين ، الله يشفيك ، فقالوا يا رسول الله أفلا نأخذ الخبيث نقتله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنا فقد عافاني الله وشفاني وخشيت أن أثير على الناس منه شراً وأمر بها فدفنت ) ( أنظر بتصرف : زاد المسير – 271 ، 272 / 9 ، الجامع لأحكام القرآن – 254 / 20 ، فتح الباري – 226 / 10 ، المجموع شرح المهذب للنوي – 242 ، 243 / 19 ، أسباب النزول للشيخ أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري – 346 ، 347 – أنظر صحيح البخاري بشرح الكرماني – 21 / 43 ) 0
قال ابن حجر في الفتح : ( ومن رواية عمرة عن عائشة " فنزل رجل فاستخرجه " وفيه من الزيادة أنه وجد في الطلعة تمثالاً من شمع – تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم – وإذا فيه إبر مغروزة ، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة ، فنزل جبريل بالمعوذتين فكلما قرأ آية انحلت عقدة ، وكلما نزع إبرة وجد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ألماً ثم يجد بعدها راحة – فتح الباري – 10 / 230 ) 0
تلك هي حادثة سحر الرسول صلى الله عليه وسلم كما ثبتت في الأحاديث المروية الصحيحة ، وكما بينها علماء الأمة الأجلاء 0
وقد ذهب الفريق الأول وهم المبتدعة إلى إنكار سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أن ذلك يحط من منصب النبوة ويشكك فيه ، وقد ساقوا بعض الأقاويل الواهية كإنكار حديث الآحاد ونحو ذلك من ترهات وأباطيل 0
وأنقل بعض أقوال أهل العلم ممن كذب بهذا الحديث ، وردوه ردا منكرا بدعوى أنه مناقض لكتاب الله الذي برأ الرسول صلى الله عليه وسلم من السحر :
* قال الجصاص : ( زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر ، وأن السحر عمل فيه ، حتى قال فيه : إنه يتخيل لي أني أقول الشيء وأفعله ، ولم أقله ولم أفعله ، وأن امرأة يهودية سحرته في جف طلعة ومشط ومشاقة ، حتى أتاه جبريل – عليه السلام – فأخبره أنها سحرته في جف طلعة ، وهو تحت راعوفة البئر 0 فاستخرج وزال عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العارض ، وقد قال الله تعالى مكذبا للكفار فيما ادعوه من ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال جل من قائل : ( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا ) ( سورة الفرقان – الآية 8 ) 0
ثم قال : ( ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين تلعبا بالحشو الطغام ، واستجرارا لهم إلى القول بإبطال معجزات الأنبياء عليهم السلام ، والقدح فيها ) ( أحكام القرآن – 1 / 49 ) 0
الشبه التي تثار حول هذا الدين وأحكامه الشرعية كثيرة جدا ، ومن هذه الشبه ما كان منبعه تحكيم الأهواء والشهوات وكذلك الحقد والحسد على هذا الدين وأهله من أتباع منهج السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، ومنها ما كان بقصد الدفاع عنه لاعتقادات مختلفة أساسها الحمية ونصرة الدين وأهله 0
وأستأنس في هذا المقام بكلام مبدع للشيخ " مقبل بن هادي الوادعي – حفظه الله – حيث يقول : ( فليست السلفية بالادعاءات ، ولكنها استسلام لله ، وقبول ما جاء عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم 0 وبعض الصحابة رضوان الله عليهم عند أن أنزل الله سبحانه وتعالى : ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِى أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) ( سورة البقرة – الآية 284 ) ، شق عليهم ذلك فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " لا تقولوا كما قال أهل الكتاب سمعنا وعصينا ولكن قولوا سمعنا وأطعنا " 0 فلما أذعن القوم أنزل الله في أثرها : ( ءامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) إلى قوله : } لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) ( سورة البقرة – الأية 285 ، 286 ) إلى آخر السورة ) ( ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر – ص 29 ) 0
وقبل أن أذكر أقوال العلماء في هذه المسألة أسوق بعض الأحاديث الدالة على حادثة سحر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي على النحو التالي :
* ثبت من حديث عائشة - رضي الله عنها – أنها قالت : ( سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله 0 حتى إذا كان ذات يوم - أو ذات ليلة - وهو عندي ، لكنه دعا ودعا ثم قال : ( يا عائشة ، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان ، فقعد أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ؟ قال : مطبوب – أي مسحور - ، قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم ، قال : في أي شيء ؟ قال : في مشط ومشاطة ، وجف طلع نخلة ذكر 0 قال : وأين هو ؟ قال في بئر ذروان فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه 0 فجاء فقال : يا عائشة ، كأن ماءها نقاعة الحناء ، وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين – أي كونها وحشة المنظر - ، قلت : يا رسول الله أفلا استخرجته ؟ قال : قد عافاني الله ، فكرهت أن أثير على الناس فيه شرا 0 فأمر بها فدفنت ) ( متفق عليه ) ، وقد روي مثل ذلك الحديث عن أم المؤمنين - رضي الله عنها - بأسانيد مختلفة 0
* عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن – قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا – فقال : يا عائشة : أعلمت إن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ، أتاني رجلان ، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب 0 قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقاً 0 قال : وفيم ؟ قال : في مشط ومشاقة – أي ما يغزل من الكتان - 0 قال وأين ؟ قال : في جف طلعة ذكر تحت رعوفة – أي حجر في أسفل البئر - في بئر ذروان ، قال : فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه ، فقال : هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين0 قال : فاستخرج 0 قال : فقلت : أفلا أي تنشرت ، فقال : أما والله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد منه شراً ) ( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الطب ( 50 ) – برقم 5766 ) 0
النشرة : ( نشر ما طوى الساحر وتفريقه ، وهي عبارة عن الرقية التي بها تحل عقدة الرجل عن مباشرة الأهل ) ( أنظر شرح الكرماني على صحيح البخاري – 41 / 21 ) 0
أضواء على الحديث :
( لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي الحجة ودخل المحرم من سنة سبع ، جاءت رؤساء اليهود إلى لبيد بن الأعصم ، وكان حليفاً لبني زريق ، وكان ساحراً ، فقالوا له : يا ابن الأعصم أنت أسحرنا ، وقد سحرنا محمداً فلم نصنع شيئاً ، ونحن نجعل لك جعلاً على أن تسحره لنا سحراً ينكؤه – أي يوجعه - ، فجعلوا له ثلاثة دنانير ، وقد ساعد اليهود على تدبير مكيدتهم أن غلاماً من اليهود كان يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة من أسنان مشطه وأعطاها اليهود الذين قاموا بدورهم بإعطاء ذلك لابن الأعصم فتولى سحر الرسول صلى الله عليه وسلم ثم دس السحر في بئر لبني زريق يقال له ذروان ، فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتثر – أي تساقط - شعر رأسه ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، وجعل يدور ولا يدري ما عراه ، فيبنما هو نائم إذ أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال أحدهما للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب ؟ قال : من طبه 0 قال : لبيد بن الأعصم ، قال : وبم طبه ؟ قال : بمشط ومشاطة ، قال : وأين هو ؟ ، قال : في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان ، فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم مذعوراً ، وقال يا عائشة : أما شعرت إن الله أخبرني بدائي ثم بعث رسول الله علياً والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف ، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه ، وإذا فيه وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى المعوذتين ، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة ، فقام كأنما نشط من عقال ، وجعل جبريل يقول : باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعين ، الله يشفيك ، فقالوا يا رسول الله أفلا نأخذ الخبيث نقتله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنا فقد عافاني الله وشفاني وخشيت أن أثير على الناس منه شراً وأمر بها فدفنت ) ( أنظر بتصرف : زاد المسير – 271 ، 272 / 9 ، الجامع لأحكام القرآن – 254 / 20 ، فتح الباري – 226 / 10 ، المجموع شرح المهذب للنوي – 242 ، 243 / 19 ، أسباب النزول للشيخ أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري – 346 ، 347 – أنظر صحيح البخاري بشرح الكرماني – 21 / 43 ) 0
قال ابن حجر في الفتح : ( ومن رواية عمرة عن عائشة " فنزل رجل فاستخرجه " وفيه من الزيادة أنه وجد في الطلعة تمثالاً من شمع – تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم – وإذا فيه إبر مغروزة ، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة ، فنزل جبريل بالمعوذتين فكلما قرأ آية انحلت عقدة ، وكلما نزع إبرة وجد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ألماً ثم يجد بعدها راحة – فتح الباري – 10 / 230 ) 0
تلك هي حادثة سحر الرسول صلى الله عليه وسلم كما ثبتت في الأحاديث المروية الصحيحة ، وكما بينها علماء الأمة الأجلاء 0
وقد ذهب الفريق الأول وهم المبتدعة إلى إنكار سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أن ذلك يحط من منصب النبوة ويشكك فيه ، وقد ساقوا بعض الأقاويل الواهية كإنكار حديث الآحاد ونحو ذلك من ترهات وأباطيل 0
وأنقل بعض أقوال أهل العلم ممن كذب بهذا الحديث ، وردوه ردا منكرا بدعوى أنه مناقض لكتاب الله الذي برأ الرسول صلى الله عليه وسلم من السحر :
* قال الجصاص : ( زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر ، وأن السحر عمل فيه ، حتى قال فيه : إنه يتخيل لي أني أقول الشيء وأفعله ، ولم أقله ولم أفعله ، وأن امرأة يهودية سحرته في جف طلعة ومشط ومشاقة ، حتى أتاه جبريل – عليه السلام – فأخبره أنها سحرته في جف طلعة ، وهو تحت راعوفة البئر 0 فاستخرج وزال عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العارض ، وقد قال الله تعالى مكذبا للكفار فيما ادعوه من ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال جل من قائل : ( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا ) ( سورة الفرقان – الآية 8 ) 0
ثم قال : ( ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين تلعبا بالحشو الطغام ، واستجرارا لهم إلى القول بإبطال معجزات الأنبياء عليهم السلام ، والقدح فيها ) ( أحكام القرآن – 1 / 49 ) 0