شهدت الساحة السياسية والانتخابية خلال الساعات الأخيرة جدلاً كبيراً حول استغلال أضاحي العيد في أغراض انتخابية، واتفق العديدون علي أنها نوع موسمي من الرشاوي الانتخابية وشراء الأصوات بكيلو لحمة ضاني هذه المرة، رغم أن الناس تري فيها فرصة ليكون هذا العيد أكثر دسامة من أي عيد أضحي لم يتزامن مع الانتخابات
فمن جانبه اعتبر رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أن ما يقدمه المرشحون من لحوم وذبائح في عيد الأضحي رشاوي انتخابية، وأضاف إن لم يكونوا مرشحين لما فعلوا ذلك، وقد تؤدي هذه الرشاوي إلي التأثير في الناخب وإن كان لا يمكن التيقن بذلك إلا أنها غير مقبولة.
وتابع: من الواجب أن يحاسب القانون من يفعل ذلك لأنها صورة من صور الرشوة المرفوضة في الانتخابات.
ويري حلمي سالم رئيس حزب الأحرار: رغم علم المواطنين بأن ما يقوم به المرشحون من توزيع اللحوم والهدايا يعد رشوة بهدف كسب أصواتهم إلا أنهم اعتادوا علي ذلك في مواسم محددة وأصبحوا يعتبرونها نوعا من «العيدية» دون تفكير في العواقب.
ولفت سالم إلي أن هذه التصرفات لا يستطيع أن يقوم بها سوي مرشحي الحزب الوطني نظرا لقدراتهم المادية العالية وهو ما يضر الأحزاب المعارضة التي لا تستطيع مجاراتهم وتعتمد علي محاولة رفع وعي المواطنين.
واعتبر د. عبدالمعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الأضاحي التي يذبحها المرشح قبل الانتخابات نوع من الرشاوي الانتخابية، ما لم يكن اعتاد علي ذلك وأضاف بيومي: من يفعل ذلك ليس له أجر في الآخرة بل إن الله سيحاسبه علي هذه الرشاوي خاصة أنه لولا الانتخابات ما كان قد أقبل علي هذا وكما قال النبي صلي الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات ولكل أمرئ ما نوي».
وتابع بيومي: الأصل أن تكون الأضحية لوجه الله خالصة لا تخالطها نوايا أخري حتي يكون المسلم نقيا.
وإنما ما يحدث من ذبح من أجل الأصوات هو شراء للذمم والضمائر وهو ذنب كبير.
من جانبه يميز الدكتور رأفت عثمان أستاذ الفقة المقارن والعميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بين من يقدم الأضحية ومن يأخذ في الحكم موضحا أن المرشح يجوز له تقديم لحوم الأضاحي للناخبين فهذا يدخل من باب الهبة التي يقصد منها التودد واستمالة قلب من تعطي له وهذا مباح أما الآخذ- كما يقول عثمان - فهو إن كان سيعطي صوته لهذا المرشح فلا حرج أن يأخذ اللحوم، أما لو كان قد قرر عدم إعطاء صوته لهذا المرشح فيحرم الأخذ منه لأنه سيكون أخذها بغير حق.
فيما أكد حسين عبدالرازق عضو المجلس الرئاسي بحزب التجمع أن ما يقوم به بعض المرشحين من توزيع اللحوم والسلع هو نوع من الرشاوي الانتخابية ويعود بالسلب علي جميع الأحزاب السياسية بما فيها الحزب الوطني، لأنه يضطر إلي ترشيح النماذج التي تتمتع بقدرات مالية دون النظر لقدرتهم علي العطاء السياسي.
وقال عبدالرازق إن هذه التصرفات ليست لها علاقة بعمل النائب الحقيقي ولكنها نابعة من كون الانتخابات النيابية في مصر تعتمد علي العلاقات الشخصية والانتماءات والخدمات وليس علي البرامج السياسية والأحزاب.
ووصف د. نبيل عبدالفتاح بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إقدام بعض المرشحين علي توزيع لحوم الأضاحي للناخبين بأنه جزء من الميراث السلبي في النظام الانتخابي المصري الذي يعتمد علي بناء أواصر بين المرشح والناخب وذلك من خلال مخاطبة الغرائز والاحتياجات الدونية.
وأضاف عبدالفتاح: في هذا الإطار نجد أنفسنا لسنا بإزاء معارك سياسية بل معارك حول بطون وغرائز الناخبين الذين يعانون مشاكل في توفير الاحتياجات الأساسية وبدلا من أن تقدم حلول لها يتم استغلالها بهذه الطريقة.
واعتبر أن استمرار هذه الأساليب يدفع بمستوي الوعي السياسي للخلف وبدلا من أن تكون الانتخابات ممارسة سياسية تعمل علي زيادة هذا الوعي يحدث العكس تماما.
ونبه عبدالفتاح علي خطورة ترسيخ هذه الممارسات لثقافة التسول والانتهازية وخلق مناخ اجتماعي فاسد لا يعترف بقيم المنافسة والشفافية بل يؤمن بمبدأ الانتهازية والاستغلال.
وتتفق معه مارجريت عازر رئيس لجنة الانتخابات بحزب الوفد قائلة: مادام اقتصر الأمر علي موسم الانتخابات فقط فينطبق عليها مصطلح الرشاوي التي تهدف لشراء أصوات الفقراء، مؤكدة أن المواطن المصري عليه أن يتفهم الأمر ولا يبيع صوته مقابل لحمة أو بطاطين أو سكر أو زيت وعليه أيضا أن يعلم أهمية صوته الانتخابي.
من جهته قال وجيه أنور مرشح منشية ناصر والجمالية إن توزيع الأضحية علي الناخبين يعد نوعا من الرشوة المقننة إلا أن توزيع الأضحية بأسعار منخفضة وضع آخر لا علاقة له بالرشوة.
وأضاف إن طبيعة الناس في الدوائر الشعبية تكون في احتياج للخدمات أكثر من السلع الغذائية وإن كانت لها احتياجاتها أيضا من هذه السلع ولكنها تبحث أكثر عن الخدمات.