حين كانت التربية تحصر هدفها في تلقين التلاميذ المواد الدراسية وتمكينهم من اتقنها ، كانت الإدارة المدرسية عملا آليا “روتينيا” ينبغي التمسك بحرفيتها والتقيد بنصوصها !! فكانت الإدارة تعني الاهتمام بالنواحي الإدارية ولهذا كانت هي نفسها غاية من الغايات..!!
وبعد أن أصبحت التربية تهدف إلى تكوين الشخصية ، وإعداد الأفراد للحياة السليمة في مجتمع صحي سليم .. تغير معنى الإدارة المدرسية فأصبحت عملية إنسانية تهدف إلى توفير الوسائل والإمكانات ، وتهيئة جميع الظروف التي تساعد على تحقيق الأهداف التربوية والاجتماعية التي انشأت المدرسة من أجلها … وغدت الإدارة المدرسية وسيلة موجهة إلى تحقيق الأهداف التربوية الاجتماعية تحقيقا وظيفيا.
وهذا التغيير في معنى الإدارة المدرسية حملها رسالة ذات شقين :- الشق الأول يتعلق بالأعمال الإدارية أما الثاني فيرتبط بالنواحى الفنية وهو أهم القسمين لأن الأعمال الإدارية يمكن أن يعهد بها إلى بعض الموظفين الإداريين يصرفونها وينجزون ما يحتاج إلى الإنجاز منه.!!
أما النواحي الفنية فتحتاج إلى الخبرة والحنكة والدراية وإلى كل صفات القيادة الحكيمة في كل ما يتصل بأمور التلاميذ والمعلمين وأولياء الأمور وما يربط المدرسة بالمجتمع من علاقات ، وما يرتبط بالمناهج، وأنواع النشاط التربوي، وطرق التدريس ، والوسائل والأدوات المعينة عليه ، والإشراف التربوي .. وكل ما يتصل بأمور التربية والدراسات النفسية ، وما توصلت إليه من نتائج عن طبيعة الطفل وأهميته وأنه كائن إيجابي نشيط هى التي وجهت اهتمام التربية إلى دراسة الفروق الفردية والاهتمام بمراعاتها وأن النظر إلى التربية على أنها عملية نمو في جميع جوانب الشخصية ، من عقلية وجسمية وعاطفية ووجدانية وروحية وخلقية .. وليست مجرد نقل للتراث الثقافي في معزل عن المجتمع ، وبعيدا عن الاحتكاك بأفراده ، كما أصبح مطلوبا من التربية أن تعنى بدراسة المجتمع وأن تعمل على حل مشكلاته وتحقيق أهدافه ، وأن تهتم بتقريب المدرسة والمجتمع أحدهما من الآخر.
كان طبيعيا إذا – لكي تقوم المدرسة برسالتها الجديدة – أن يتحول اهتمام الإدارة المدرسية إلى تحقيق هذه الأهداف ، وأن يكون الجزء الأكبر والأهم من وظيفتها هو “الإشراف التربوي”.
وعلى المعلم ألا يكون سلبيا أمام المنهج الذي يدرسه ، بل يجب أن يسجل نقاط الضعف التي عليه والجوانب التي يعتقد أنه أهملها ويناقشها مع زملاءه ، ويقوم برفعها إلى إدارة المدرسة ، وهي بدورها ترفعها إلى إدارة التعليم.
وعلى المعلم ايضا الاهتمام بالاختبارات الدورية والشهرية وأهدافها ودراسة ومناقشة نتائجها ، وعلى المعلم ألا يدع تدني مستوى الطلاب يؤثر عليه نفسيا ويسبب له الإحباط بل يجب أن يكون دافعا له ليضاعف من جهده ويبحث في الأسباب ويجد لها العلاج المناسب، وعلى المعلم أن يعي جيدا أن التثقيف الشخصي في شتى العلوم غاية في الأهمية وذلك للرفع من مستواه الثقافي.
يسري الجوهري