الإدارة المركزية واللامركزية
(مسألة) إن الحكم قد يكون مركزياً، وقد يكون لا مركزياً، كما أن الإدارة بصورة عامة، الشاملة لإدارة المؤسسات، تشتمل على القسمين المذكورين أيضاً، ونشير هنا إلى تفصيل الكلام حول ذلك بصورة متوسطة، وإلاّ فتفصيل الكلام بصورة مسهبة، بحاجة إلى مجلد، أحياناً يكون ضخماً، إذا أرادنا بيان كل الخصوصيات المرتبطة بذلك.
وعلى أي حال، فالمركزية واللامركزية ترتبط أساساً بدرجة تفويض السلطة، واتخاذ القرارات في أي تنظيم من التنظيمات، فإذا لم يكن هناك تفويض للسلطة إلى المستويات الإدارية الأقل، في أي تنظيم من التنظيمات الإدارية في الدولة، أو غير الدولة، فإن هذا التنظيم يوصف بأنه تنظيم (مركزي) أما إذا كان هناك تفويض كامل لهذه السلطة، فإن هذا التنظيم يوصف في هذه الحالة (باللامركزي) وفي مجال تطبيق هذا المفهوم على مستوى وحدات الجهاز الإداري للدولة، فإن النظام المركزي، أو اللامركزي الإداري يكون له أهمية كبيرة بالنسبة لتنظيم العلاقة التي تنشأ بين التنظيمات، التي يكون لها سلطات في مثل الوزارات، وبين الفروع التابعة لها في المناطق المحلية المختلفة، فإن درجة المركزية أو اللامركزية، تتوقف على مدى رجوع المحليات إلى الوزارات للتصرف في الموضوعات المختلفة المتعلقة بتلك المحليات، وفي مدى سيطرة الوزارات على كل قرار يصدر من المحليات، والموافقة عليه بواسطة السلطة المركزية للعاصمة، وهناك الكثير من العوامل، التي تؤثر بشكل واضح على درجة تفويض السلطة، وتطبيق نظام اللامركزية الإدارية بالمحافظات، أو بالوحدات الإدارية، أو بالولايات في الحكومات الاتحادية، كما سنتكلم عنها بعد لأي (منها) على سبيل المثال، درجة الحاجة إلى السرعة في اتخاذ القرارات، ودرجة استقرار ونجاح وفاعلية المجالس، واللجان المحلية، ودرجة الرغبة في انجاز الأعمال المطلوبة بعيداً عن التعقيدات المكتبية لصانعي القرارات في الحكومة المركزية، وظهور الكثير من تعقد العلاقات في وحدات الجهاز الإداري للدولة، وتطبيق سياسة اللامركزية، يحقق الكثير من المزايا، لعل أهمها أنها ممارسة فعلية لمبدأ الاستشارية السياسية، التي تقوم على أساس اشتراك المواطنين لإدارة شؤونهم، والمشاركة في صنع القرار بأنفسهم، وهذا ما يعبّر عنه في السياسات الحديثة (بالديمقراطية) فإنها تعبير عن نظام متكامل في الدولة، فيه سلطة مطلقة للفرد يستمدها من شخصيته في السيطرة والتحكم في إتخاذ القرارات، فإن النظام الديمقراطي السياسي، يمنح الفرد السلطة عن طريق الآخرين، الذين يمنحونه هذه السلطة، ولذلك فهي ذلك النظام الذي يستطيع من خلاله المواطنون تحقيق أهدافهم، عن طريق الحكم بواسطة الشعب، ومن أجل الشعب.
لكن في الحكم الإسلامي كما عرفت، ليس حكم الشعب، وإنما حكم الله يتجلى في تطبيق الفقهاء له، فيكون المجلس، مجلس تأطير التشريع، ويوصف أي نظام بأنه استشاري (ديمقراطي) بعد توفر شروط ومعايير معينة، تتمثل في أهمية توفر مبدأ السيادة الشعبية الممثلة في وجود حرية للمواطنين في اختيار ممثليهم، وفي حرية المعارضة، وفي حرية التعبير عن الرأي، وفي الأخذ برأي الأغلبية، وفي وجود رقابة شعبية على صانعي القرارات، أو مؤطري القرارات ـ فإن نقل السلطات إلى المحليات، ومنح المحافظين كافة السلطات والمسؤوليات، دون الرجوع إلى سلطة مركزية في العاصمة، واختيار المحافظين من أبناء المحافظات، أو ما أشبه من الوحدات الإدارية أو الحكومات المحلية، هو تطبيق عملي للاستشارية بمفهومها الشامل، لما في ذلك النظام من توفر للمبادئ التي تكفل له أعلى درجة من الاستشارية، التي تمدّ السلطة في صنع القرار من أبناء الشعب مباشرة بالمحافظات، دون الرجوع إلى السلطة المركزية، وهذا كما هو بالنسبة إلى المجال السياسي كذلك بالنسبة إلى سائر المجالات، كالمجال الاقتصادي، فإن هذا النظام يعد دعامة أساسية للنهوض الاقتصادي والاجتماعي للمحافظات أو الحكومات المحلية، أو ما أشبه ذلك، من خلال الاهتمام بالتنمية الإقليمية، وتطوير أداء الخدمات، وتحقيق برامج الأمن الغذائي وما أشبه ذلك، من سائر ما يكون مقوماً للحكم الشعبي، فإن هذا النظام هو في الحقيقة أقدر على التعرّف على الاحتياجات الحقيقية لكل محافظة، وتنسيق العمل داخلها، وتوجيه الجهود نحو إشباع رغبات واحتياجات المواطنين بها، والتيسير عليهم، والبدء في مرحلة جديدة من العمل، ولزيادة الإنتاج لتحقيق النمو والتقدم والرخاء.
ومن الواضح، أنه يجب أن يكون هناك تدعيم من الحكومة المحلية، أو المحافظة للحكم المركزي وبالعكس، فإن اللازم أن يقوم الطرفان على أساس تنسيق السياسة العامة بين الحكومة المركزية والمحليات، والتي تهدف في النهاية إلى تحقيق خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، والوصول إلى أقصى كفاءة ممكنة.
منقول
(مسألة) إن الحكم قد يكون مركزياً، وقد يكون لا مركزياً، كما أن الإدارة بصورة عامة، الشاملة لإدارة المؤسسات، تشتمل على القسمين المذكورين أيضاً، ونشير هنا إلى تفصيل الكلام حول ذلك بصورة متوسطة، وإلاّ فتفصيل الكلام بصورة مسهبة، بحاجة إلى مجلد، أحياناً يكون ضخماً، إذا أرادنا بيان كل الخصوصيات المرتبطة بذلك.
وعلى أي حال، فالمركزية واللامركزية ترتبط أساساً بدرجة تفويض السلطة، واتخاذ القرارات في أي تنظيم من التنظيمات، فإذا لم يكن هناك تفويض للسلطة إلى المستويات الإدارية الأقل، في أي تنظيم من التنظيمات الإدارية في الدولة، أو غير الدولة، فإن هذا التنظيم يوصف بأنه تنظيم (مركزي) أما إذا كان هناك تفويض كامل لهذه السلطة، فإن هذا التنظيم يوصف في هذه الحالة (باللامركزي) وفي مجال تطبيق هذا المفهوم على مستوى وحدات الجهاز الإداري للدولة، فإن النظام المركزي، أو اللامركزي الإداري يكون له أهمية كبيرة بالنسبة لتنظيم العلاقة التي تنشأ بين التنظيمات، التي يكون لها سلطات في مثل الوزارات، وبين الفروع التابعة لها في المناطق المحلية المختلفة، فإن درجة المركزية أو اللامركزية، تتوقف على مدى رجوع المحليات إلى الوزارات للتصرف في الموضوعات المختلفة المتعلقة بتلك المحليات، وفي مدى سيطرة الوزارات على كل قرار يصدر من المحليات، والموافقة عليه بواسطة السلطة المركزية للعاصمة، وهناك الكثير من العوامل، التي تؤثر بشكل واضح على درجة تفويض السلطة، وتطبيق نظام اللامركزية الإدارية بالمحافظات، أو بالوحدات الإدارية، أو بالولايات في الحكومات الاتحادية، كما سنتكلم عنها بعد لأي (منها) على سبيل المثال، درجة الحاجة إلى السرعة في اتخاذ القرارات، ودرجة استقرار ونجاح وفاعلية المجالس، واللجان المحلية، ودرجة الرغبة في انجاز الأعمال المطلوبة بعيداً عن التعقيدات المكتبية لصانعي القرارات في الحكومة المركزية، وظهور الكثير من تعقد العلاقات في وحدات الجهاز الإداري للدولة، وتطبيق سياسة اللامركزية، يحقق الكثير من المزايا، لعل أهمها أنها ممارسة فعلية لمبدأ الاستشارية السياسية، التي تقوم على أساس اشتراك المواطنين لإدارة شؤونهم، والمشاركة في صنع القرار بأنفسهم، وهذا ما يعبّر عنه في السياسات الحديثة (بالديمقراطية) فإنها تعبير عن نظام متكامل في الدولة، فيه سلطة مطلقة للفرد يستمدها من شخصيته في السيطرة والتحكم في إتخاذ القرارات، فإن النظام الديمقراطي السياسي، يمنح الفرد السلطة عن طريق الآخرين، الذين يمنحونه هذه السلطة، ولذلك فهي ذلك النظام الذي يستطيع من خلاله المواطنون تحقيق أهدافهم، عن طريق الحكم بواسطة الشعب، ومن أجل الشعب.
لكن في الحكم الإسلامي كما عرفت، ليس حكم الشعب، وإنما حكم الله يتجلى في تطبيق الفقهاء له، فيكون المجلس، مجلس تأطير التشريع، ويوصف أي نظام بأنه استشاري (ديمقراطي) بعد توفر شروط ومعايير معينة، تتمثل في أهمية توفر مبدأ السيادة الشعبية الممثلة في وجود حرية للمواطنين في اختيار ممثليهم، وفي حرية المعارضة، وفي حرية التعبير عن الرأي، وفي الأخذ برأي الأغلبية، وفي وجود رقابة شعبية على صانعي القرارات، أو مؤطري القرارات ـ فإن نقل السلطات إلى المحليات، ومنح المحافظين كافة السلطات والمسؤوليات، دون الرجوع إلى سلطة مركزية في العاصمة، واختيار المحافظين من أبناء المحافظات، أو ما أشبه من الوحدات الإدارية أو الحكومات المحلية، هو تطبيق عملي للاستشارية بمفهومها الشامل، لما في ذلك النظام من توفر للمبادئ التي تكفل له أعلى درجة من الاستشارية، التي تمدّ السلطة في صنع القرار من أبناء الشعب مباشرة بالمحافظات، دون الرجوع إلى السلطة المركزية، وهذا كما هو بالنسبة إلى المجال السياسي كذلك بالنسبة إلى سائر المجالات، كالمجال الاقتصادي، فإن هذا النظام يعد دعامة أساسية للنهوض الاقتصادي والاجتماعي للمحافظات أو الحكومات المحلية، أو ما أشبه ذلك، من خلال الاهتمام بالتنمية الإقليمية، وتطوير أداء الخدمات، وتحقيق برامج الأمن الغذائي وما أشبه ذلك، من سائر ما يكون مقوماً للحكم الشعبي، فإن هذا النظام هو في الحقيقة أقدر على التعرّف على الاحتياجات الحقيقية لكل محافظة، وتنسيق العمل داخلها، وتوجيه الجهود نحو إشباع رغبات واحتياجات المواطنين بها، والتيسير عليهم، والبدء في مرحلة جديدة من العمل، ولزيادة الإنتاج لتحقيق النمو والتقدم والرخاء.
ومن الواضح، أنه يجب أن يكون هناك تدعيم من الحكومة المحلية، أو المحافظة للحكم المركزي وبالعكس، فإن اللازم أن يقوم الطرفان على أساس تنسيق السياسة العامة بين الحكومة المركزية والمحليات، والتي تهدف في النهاية إلى تحقيق خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، والوصول إلى أقصى كفاءة ممكنة.
منقول