بقلم : فريديريك بورنان
يوم 28 نوفمبر الجاري، يُـدلي السويسريون برأيهم حول مبادرة أطلقها اليمين المحافظ، تدعو إلى طردٍ آلي للمجرمين الأجانب، وهو ما يتعارض مع اتفاق حرية تنقُّـل الأشخاص المُـبرم بين برن وبروكسل. في المقابل، لا يعاني المُـقترح الحكومي المضاد، المعروض على تصويت الناخبين أيضا من هذه السلبية.
بعدَ أن حصُـلت على حوالي 211000 توقيعا (أكثر من ضِـعف العدد المطلوب قانونيا)، ستُـعرض المبادرة الشعبية، التي تحمل عنوان "من أجل طرد أجانب مجرمين"، التي أطلقها حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي)، يوم 28 نوفمبر على تصويت الناخبين، طِـبقا لآليات الديمقراطية المباشرة المعمول بها في سويسرا.
وإذا ما صحّـت نتائج استطلاعات الرأي، التي أجرِيَـت قبل انطلاق الحملة الانتخابية، التي تسبِـق موعد التصويت، فإن هذا التشدّد الإضافي تُـجاه الأجانب المقيمين في سويسرا، يتوفّـر على حظوظ جيدة للنجاح.
في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر، صرّح جاك دوفاتفيل، السفير السويسري لدى الإتحاد الأوروبي، في أعقاب جلسة استماع من طرف لجنة الخبراء، التابعة لمجلس الإتحاد الأوروبي، أن "هذه المبادرة، التي تضع حرية التنقّـل مجدّدا موضِـع تساؤل، تُـثير الإنشغال داخل الاتحاد الأوروبي".
في الوقت نفسه، تستعِـدّ لجنة الخبراء هذه، لتقديم الخلاصات التي توصّـلت إليها حول علاقات الاتحاد الأوروبي مع سويسرا وبقية الدول الأعضاء في الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر (EFTA) في شهر ديسمبر القادم.
واقعيا، يدعو نصّ المبادرة إلى طردٍ آلي للمجرم، دون إجراء تقييم لوضعيته الخاصة. وفي صورة تطبيق هذا الإجراء على مواطنين من الاتحاد الأوروبي، فإنه سيكون مُـنتهِـكا للاتفاق المتعلِّـق بحرية تنقّـل الأشخاص، المُـبرم بين برن وبروكسل في عام 1999.
هذا التقييم تؤكِّـده كريستين كَـدّوس، مديرة مركز الأبحاث القانونية الأوروبية في جامعة جنيف، وتوضِّـح أن "طردَ مواطنين من الاتحاد الأوروبي، يعني تقليصا لحرية التنقّـل. إن قرارا من هذا القبيل، لا يُـمكن أن يُـتّـخذ، إلا إذا كان مؤسَّـسا على مبرِّرات، تتعلّـق بأمن الدولة أو بالأمن العام، مثلما تنُـصّ على ذلك المعاهدات الأوروبية واتفاقية حرية تنقّـل الأشخاص بين سويسرا والاتحاد الأوروبي".
وتُـضيف الأستاذة الجامعية لمادة القانون الأوروبي، "يُـمكن للدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي أو لسويسرا، اتِّـخاذ قرارات بالطرد، لكن مع مراعاة الوضعية الخاصة بكل فرد معنِـيّ (بالقرارات)، حيث يتعلّـق الأمر بتحديد ما إذا كان الأمن أو النظام العام القومي في هذه الحالة أو تلك، مقدَّما على المصلحة الفردية للشخص المعنِـي، كي يتمتّـع بالحقوق (المترتِّبة) عن حرية التنقّـل".
لهذا السبب تحديدا، قامت الحكومة السويسرية ببلورة مشروع مُـضادّ، يُـوسِّـع دائرة الأسباب المُـؤدية إلى الطرد، مقارنة بما هو منصوص عليه في القانون الحالي، بل إن قائمة الجرائم الموجِـبة لاتخاذ قرار بالطَّـرد، أكثر اتساعا في المشروع الحكومي مما يقترحه حزب الشعب. وطِـبقا لكريستين كَـدّوس، فإنه ينُـصّ على التثبُّـت من الوضعية الفردية للشخص المُـدان، مع احترام الإتفاقيات الدولية، التي صادقت عليها سويسرا قبل اتِّـخاذ قرار بالطرد أو لا.
ولكن، كيف ستردّ بروكسل الفِـعل في صورة نجاح مبادرة حزب الشعب؟ تردّ كريستين كدّوس على هذا السؤال بالقول: "الجواب قانوني وسياسي في نفس الوقت. فمن الناحية القانونية، يجب أن تُـسوّى الخلافات بين سويسرا والإتحاد الأوروبي في إطار اللجنة المُـشتركة سويسرا – الإتحاد الأوروبي".
ولكن إذا لم تنجح هذه الهيئة في تسوية الخلاف؟ تُـجيب السيدة كدّوس: "في هذه الحالة، وإذا ما اعتُـبِـر الخلاف أساسيا، فإن أحد الأطراف المتعاقِـدة، يُـمكن أن يضع حدّا – في نهاية المطاف – للإتفاق حول حرية تنقّـل الأشخاص، وتبعا لذلك، لبقية الاتفاقيات الثنائية من الحِـزمة الأولى، المُـبرمة بين سويسرا والاتحاد الأوروبي، نظرا لأنها مُـرتبِـطة جميعا ببَـند المِـقصلة"، (أي أن إلغاء اتفاق واحد منها، يُـلغي بقية الاتفاقيات بصفة آلية - التحرير).
احتمال اللجوء إلى "بند المِـقصلة"، لا يبدو مثيرا للمخاوف لدى رابطة أرباب العمل السويسريين Economiesuisse. يُـضاف إلى ذلك، أن مبادرة حزب الشعب ستُـواجِـه - حتى في صورة موافقة الناخبين عليها - مسارا تشريعيا طويلا، حسب تأكيد عضو في الرابطة طلب عدم ذكر اسمه.
وتبعا لذلك، قررت الرابطة رسميا عدم الإنخراط في تمويل الحملة المضادة لمقترح حزب الشعب السويسري أو إصدار توصية برفضها إلى الناخبين. وترى الرابطة – بالاستناد إلى قانونها الأساسي – أن محاور الاهتمام في التصويت القادم، تتعلّـق أساسا بالأمن العام والقانون الجنائي، ولا تشمل القطاع الاقتصادي، لكنها تعتبِـر أنه، بإمكان الفاعلين الإقتصاديين - إن رغبوا في ذلك - اتخاذ موقف من المبادرة الداعية إلى طرد آلي للمجرمين الأجانب.
في هذا السياق، أوصى "اتحاد الأعراف السويسريين" بالتصويت لفائدة المقترح المضاد، الذي تقدّمت به الحكومة الفدرالية، بحُـكم أنه يراعي الالتزامات الدولية لسويسرا، ومن ضمنها الإتفاقيات المُـبرمة مع الاتحاد الأوروبي. وهذا الموقف يـُشاطره الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين)، الذي يُـعتبر الحليف التقليدي لأوساط المال والأعمال في الكنفدرالية.
في السياق نفسه، تُـضيف كريستين كدّوس "من المحتمل أن تُـشكِّـل هذه المبادرة تهديدا للاقتصاد السويسري، وذلك بالرغم من أن المراحل الفاصلة بين التصويت ونهاية الاتفاق، عديدة وتوفِّـر إمكانيات متعدِّدة لتسويات سياسية. ومهما يكُـن من أمر، فإن إلغاء الاتفاق الخاص بحرية تنقل الأشخاص، سيكون (إن حدث) نتيجة لقرار سياسي من جانب الإتحاد الأوروبي".
في المقابل، يُـذكِّـر الخبير السياسي روني شفوك، أن سويسرا تسعى في الوقت الحاضر لإبرام اتفاقيات ثنائية جديدة، كما ترغَـب في أن لا تُـلزِمها بروكسل باعتماد آلي للتشريعات الأوروبية في هذه الاتفاقيات الجديدة. هذا في الوقت الذي تحرِص فيه بروكسل بشدّة على هذه المسألة.
ويُـشير هذا الخبير في المسائل الأوروبية إلى أنه "في صورة نجاح المبادرة، فقد تُـستَـخدَم كمبرِّر، إذا ما أرادت المفوضية الأوروبية أو الدول الأعضاء في الاتحاد، ممارسة ضغط على سويسرا في إطار المناقشات الحالية"، ولكن، بالنظر إلى أن عددا متزايِـدا من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، يشهَـد تصاعُـدا للتيارات الشعبوية والمناهضة للأجانب، فمن غير المؤكّـد أن ترغب في تلقين دروس لسويسرا، على حد رأي روني شفوك.
وفي صورة إدراج هذه المخالفة للإتفاق حول حرية تنقل الأشخاص في القانون التطبيقي للمبادرة المثيرة للجدل، فقد يؤدي ذلك، برأي شفوك، إلى "تسهيل إنشاء آلية قانونية لحلّ الخلافات، وهي قضية مطروحة على طاولة اللجنة المُـشتركة سويسرا – الاتحاد الأوروبي".
يوم 28 نوفمبر الجاري، يُـدلي السويسريون برأيهم حول مبادرة أطلقها اليمين المحافظ، تدعو إلى طردٍ آلي للمجرمين الأجانب، وهو ما يتعارض مع اتفاق حرية تنقُّـل الأشخاص المُـبرم بين برن وبروكسل. في المقابل، لا يعاني المُـقترح الحكومي المضاد، المعروض على تصويت الناخبين أيضا من هذه السلبية.
بعدَ أن حصُـلت على حوالي 211000 توقيعا (أكثر من ضِـعف العدد المطلوب قانونيا)، ستُـعرض المبادرة الشعبية، التي تحمل عنوان "من أجل طرد أجانب مجرمين"، التي أطلقها حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي)، يوم 28 نوفمبر على تصويت الناخبين، طِـبقا لآليات الديمقراطية المباشرة المعمول بها في سويسرا.
وإذا ما صحّـت نتائج استطلاعات الرأي، التي أجرِيَـت قبل انطلاق الحملة الانتخابية، التي تسبِـق موعد التصويت، فإن هذا التشدّد الإضافي تُـجاه الأجانب المقيمين في سويسرا، يتوفّـر على حظوظ جيدة للنجاح.
في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر، صرّح جاك دوفاتفيل، السفير السويسري لدى الإتحاد الأوروبي، في أعقاب جلسة استماع من طرف لجنة الخبراء، التابعة لمجلس الإتحاد الأوروبي، أن "هذه المبادرة، التي تضع حرية التنقّـل مجدّدا موضِـع تساؤل، تُـثير الإنشغال داخل الاتحاد الأوروبي".
في الوقت نفسه، تستعِـدّ لجنة الخبراء هذه، لتقديم الخلاصات التي توصّـلت إليها حول علاقات الاتحاد الأوروبي مع سويسرا وبقية الدول الأعضاء في الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر (EFTA) في شهر ديسمبر القادم.
واقعيا، يدعو نصّ المبادرة إلى طردٍ آلي للمجرم، دون إجراء تقييم لوضعيته الخاصة. وفي صورة تطبيق هذا الإجراء على مواطنين من الاتحاد الأوروبي، فإنه سيكون مُـنتهِـكا للاتفاق المتعلِّـق بحرية تنقّـل الأشخاص، المُـبرم بين برن وبروكسل في عام 1999.
هذا التقييم تؤكِّـده كريستين كَـدّوس، مديرة مركز الأبحاث القانونية الأوروبية في جامعة جنيف، وتوضِّـح أن "طردَ مواطنين من الاتحاد الأوروبي، يعني تقليصا لحرية التنقّـل. إن قرارا من هذا القبيل، لا يُـمكن أن يُـتّـخذ، إلا إذا كان مؤسَّـسا على مبرِّرات، تتعلّـق بأمن الدولة أو بالأمن العام، مثلما تنُـصّ على ذلك المعاهدات الأوروبية واتفاقية حرية تنقّـل الأشخاص بين سويسرا والاتحاد الأوروبي".
وتُـضيف الأستاذة الجامعية لمادة القانون الأوروبي، "يُـمكن للدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي أو لسويسرا، اتِّـخاذ قرارات بالطرد، لكن مع مراعاة الوضعية الخاصة بكل فرد معنِـيّ (بالقرارات)، حيث يتعلّـق الأمر بتحديد ما إذا كان الأمن أو النظام العام القومي في هذه الحالة أو تلك، مقدَّما على المصلحة الفردية للشخص المعنِـي، كي يتمتّـع بالحقوق (المترتِّبة) عن حرية التنقّـل".
لهذا السبب تحديدا، قامت الحكومة السويسرية ببلورة مشروع مُـضادّ، يُـوسِّـع دائرة الأسباب المُـؤدية إلى الطرد، مقارنة بما هو منصوص عليه في القانون الحالي، بل إن قائمة الجرائم الموجِـبة لاتخاذ قرار بالطَّـرد، أكثر اتساعا في المشروع الحكومي مما يقترحه حزب الشعب. وطِـبقا لكريستين كَـدّوس، فإنه ينُـصّ على التثبُّـت من الوضعية الفردية للشخص المُـدان، مع احترام الإتفاقيات الدولية، التي صادقت عليها سويسرا قبل اتِّـخاذ قرار بالطرد أو لا.
ولكن، كيف ستردّ بروكسل الفِـعل في صورة نجاح مبادرة حزب الشعب؟ تردّ كريستين كدّوس على هذا السؤال بالقول: "الجواب قانوني وسياسي في نفس الوقت. فمن الناحية القانونية، يجب أن تُـسوّى الخلافات بين سويسرا والإتحاد الأوروبي في إطار اللجنة المُـشتركة سويسرا – الإتحاد الأوروبي".
ولكن إذا لم تنجح هذه الهيئة في تسوية الخلاف؟ تُـجيب السيدة كدّوس: "في هذه الحالة، وإذا ما اعتُـبِـر الخلاف أساسيا، فإن أحد الأطراف المتعاقِـدة، يُـمكن أن يضع حدّا – في نهاية المطاف – للإتفاق حول حرية تنقّـل الأشخاص، وتبعا لذلك، لبقية الاتفاقيات الثنائية من الحِـزمة الأولى، المُـبرمة بين سويسرا والاتحاد الأوروبي، نظرا لأنها مُـرتبِـطة جميعا ببَـند المِـقصلة"، (أي أن إلغاء اتفاق واحد منها، يُـلغي بقية الاتفاقيات بصفة آلية - التحرير).
احتمال اللجوء إلى "بند المِـقصلة"، لا يبدو مثيرا للمخاوف لدى رابطة أرباب العمل السويسريين Economiesuisse. يُـضاف إلى ذلك، أن مبادرة حزب الشعب ستُـواجِـه - حتى في صورة موافقة الناخبين عليها - مسارا تشريعيا طويلا، حسب تأكيد عضو في الرابطة طلب عدم ذكر اسمه.
وتبعا لذلك، قررت الرابطة رسميا عدم الإنخراط في تمويل الحملة المضادة لمقترح حزب الشعب السويسري أو إصدار توصية برفضها إلى الناخبين. وترى الرابطة – بالاستناد إلى قانونها الأساسي – أن محاور الاهتمام في التصويت القادم، تتعلّـق أساسا بالأمن العام والقانون الجنائي، ولا تشمل القطاع الاقتصادي، لكنها تعتبِـر أنه، بإمكان الفاعلين الإقتصاديين - إن رغبوا في ذلك - اتخاذ موقف من المبادرة الداعية إلى طرد آلي للمجرمين الأجانب.
في هذا السياق، أوصى "اتحاد الأعراف السويسريين" بالتصويت لفائدة المقترح المضاد، الذي تقدّمت به الحكومة الفدرالية، بحُـكم أنه يراعي الالتزامات الدولية لسويسرا، ومن ضمنها الإتفاقيات المُـبرمة مع الاتحاد الأوروبي. وهذا الموقف يـُشاطره الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين)، الذي يُـعتبر الحليف التقليدي لأوساط المال والأعمال في الكنفدرالية.
في السياق نفسه، تُـضيف كريستين كدّوس "من المحتمل أن تُـشكِّـل هذه المبادرة تهديدا للاقتصاد السويسري، وذلك بالرغم من أن المراحل الفاصلة بين التصويت ونهاية الاتفاق، عديدة وتوفِّـر إمكانيات متعدِّدة لتسويات سياسية. ومهما يكُـن من أمر، فإن إلغاء الاتفاق الخاص بحرية تنقل الأشخاص، سيكون (إن حدث) نتيجة لقرار سياسي من جانب الإتحاد الأوروبي".
في المقابل، يُـذكِّـر الخبير السياسي روني شفوك، أن سويسرا تسعى في الوقت الحاضر لإبرام اتفاقيات ثنائية جديدة، كما ترغَـب في أن لا تُـلزِمها بروكسل باعتماد آلي للتشريعات الأوروبية في هذه الاتفاقيات الجديدة. هذا في الوقت الذي تحرِص فيه بروكسل بشدّة على هذه المسألة.
ويُـشير هذا الخبير في المسائل الأوروبية إلى أنه "في صورة نجاح المبادرة، فقد تُـستَـخدَم كمبرِّر، إذا ما أرادت المفوضية الأوروبية أو الدول الأعضاء في الاتحاد، ممارسة ضغط على سويسرا في إطار المناقشات الحالية"، ولكن، بالنظر إلى أن عددا متزايِـدا من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، يشهَـد تصاعُـدا للتيارات الشعبوية والمناهضة للأجانب، فمن غير المؤكّـد أن ترغب في تلقين دروس لسويسرا، على حد رأي روني شفوك.
وفي صورة إدراج هذه المخالفة للإتفاق حول حرية تنقل الأشخاص في القانون التطبيقي للمبادرة المثيرة للجدل، فقد يؤدي ذلك، برأي شفوك، إلى "تسهيل إنشاء آلية قانونية لحلّ الخلافات، وهي قضية مطروحة على طاولة اللجنة المُـشتركة سويسرا – الاتحاد الأوروبي".