من طرف 
بقلم ـ أحمد خفاجي:
الملاحظة التي أسجلها علي معظم البرامج السياسيه المطروحه في مصر
والتي أتيح لي الإطلاع علي بعضها , أنها إنشائية في الغالب , كما
أنها لا تطرح حلولا واضحة لمشكلة التخلف والفقر , بل تطرح أمالا
ووعودا يتفق عليها المصريون , مثل سنهتم بالتعليم وسنطور البحث
العلمي وسنحقق العداله الإجتماعيه , وسنوفر مستلزمات الزراعه وندعمها
, وسنرشد الإستيراد وسنحمي الصناعه الوطنيه ...إلخ ,دون أن تقدم
أدوات تحقيق ذلك وقد تنفرد البرامج الإسلاميه ببنود إضافيه مثل
التخلص التدريجي من الربا دون أن يشرحو لنا كيفية تحقيق ذلك أيضا .
نحن في حاجة إلي أفكار واضحه ومحدده من أجل تحقيق النهضه ,
وعلينا صياغة هذه الأفكار بشكل لا يحتمل العديد من التفسيرات ولا
يكون من أهدافه دغدغة المشاعر وطلب الإستحسان من الجماهير , يجب
أن تكون الفكره علمية قدر المستطاع وعملية حتي تتوفر لها إمكانية
التحقق.
تُطرح فكرة الضرائب التصاعديه كأداة من أدوات تحقيق العداله
الإجتماعيه , تتبناها البرامج السياسيه للأحزاب والقوي السياسيه
وتُطبق علي أرض الواقع حيث يدفع المواطنون نسبة من دخلهم كضرائب
للحكومه , و تتزايد هذه النسبه مع تزايد الدخل ووصوله إلي شرائح
مرتفعه.
الملاحظ أن العداله الإجتماعيه لم تحققها الضرائب التصاعديه في
النظام الرأسمالي وهي الحجه التي يعتمد عليها مروجو الأفكار
الإشتراكيه.
الضرائب التصاعديه تزيد من مدخلات الضرائب للحكومه وقت تطبيقها (
إذا ما تم القياس والمقارنه في مدة عام أو عامين ) ولكنها لا
ترفع الحصيله الضريبيه إذا كان القياس لمدة عشر سنوات لأن تصاعد
نسبة الضرائب المحصله من أرباح الأنشطه الإقتصاديه تعاقب المنتجين
علي زيادة إنتاجهم بتقليل نسبة ما يخصهم من زيادته حتي يصبح من
مصلحة دافعي الضرائب التوقف عن العمل وتحقيق إضافات إلي الأرباح
عندما يصلون إلي شريحة ضريبية عاليه أو يدفعهم إلي التهرب الضريبي
.
إذن الضريبه التصاعديه ليست إلا عقابا للمنتجين المجتهدين
والمواطنيين الذين يعملون بجد ولساعات طويله أو هي مفسدة لهم
تضطرهم للتلاعب والتهرب.
يغفل المُنظرون للضرائب التصاعديه عن أن محصلة الضرائب المتصاعده
تذهب إلي خزانة الحكومه وليس إلي جيوب الطبقات الفقيره , وقد كتبت
في السابق عن أن الحكومه مؤسسة ذات ميل طبيعي للفساد وهي في
أغلب الحالات لا توظف الأموال توظيفا صحيحا وعندما نجعل منها
أداة وحيده لتحقيق العداله الإجتماعيه فإن العداله الإجتماعيه لن
تتحقق
نحن أمام مسارين للأرباح المتصاعده , المسار الأول أن نترك معظم
هذه الأموال في أيدي أصحابها ليعيدو إستثمارها في إقتصاد الدوله
وفتح مشاريع جديده وتوفير وظائف للفقراء وزيادة الناتج القومي
وليستمتعو بمزايا العمل الجاد المربح , المسار الثاني أن تستولي
الحكومه علي معظم الأرباح المتصاعده فتثبط المجتهدين والمنتجين
فيتوقفو عن زيادة أرباحهم ولا تمنح هذه الأموال للفقراء بل
تنفقها في ما لا ينفع الوطن أو المواطن وهذه طبيعة من طبائع كل
الحكومات ,التي جاءت بتزوير الإنتخابات أو التي جاءت بإنتخابات حره
ونزيهه مع فارق درجة الفساد بين هذه وتلك.
أدعو إلي تطبيق نسبه ضريبيه واحده تطبق علي جميع الدخول بعد
إستثناء المبالغ الأولي المعفاه من الضرائب حسب عدد أفراد الأسره
وإستخدام أدوات أخري لتحقيق العداله الإجتماعيه ورفع مستوي الطبقات
الفقيره.
لماذا أفضل هذه الفكره ؟؟
لأن النهضه تتحقق عندما نحقق هدفين في ان واحد
الهدف الأول: النجاح في صناعة الثروه وإمتلاك أدوات تحقيق ذلك
الهدف الثاني : عدالة توزيع الثروة
الضرائب التصاعديه تعمل في الإتجاه المعاكس للهدف الأول ولا تحقق
الهدف الثاني بل تنافيه إذ أنها تأخذ من عرق المجتهدين وتعطي
للبيروقراطيه الكسوله التي لا تنتج شيئا ولا تحقق العداله
الإجتماعيه.
هذا الإستنتاج يؤدي إلي سؤال مهم , كيف نحقق العداله الإجتماعيه إذن؟؟
هذا ما سوف نتناوله في مقال الثلاثاء القادم , شرفونا بالمتابعه
